إيلي عبدوصفحات الثقافة

مهرجان “الموبايل السوري”: أفلام تشبه ذاك الخوف/ إيلي عبدو

  رفع منظمو مهرجان “سوريا لأفلام الموبايل” 2014  شعار “في البدء كانت الكاميرا” لإعلان نشاطهم الذي انطلق في 15 آذار الجاري تزامناً مع ذكرى الثورة، ليستمر حتى الخامس من آب المقبل. ويسعى المهرجان إلى استقطاب أكبر عدد من الأفلام التي تم تصويرها عبر عدسة الموبايل خلال أحداث الثورة، ليجري عرضها على لجنة من المتخصصين السينمائيين وانتقاء الأفضل منها، تمهيداً لتنظيم عروض حية للأفلام الفائزة في المناطق السورية “المحررة”.

 السبب الأبرز الذي شكل دافعاً لتنظيم هذا النشاط هو “الثورة السورية نفسها”، حسبما يؤكد أحد منظمي المهرجان (رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية)، مشيراً إلى أن هذه الثورة “فتحت المجال واسعاً أمام استخدام كاميرا الموبايل بعدما كان مقتصراً في السابق على الاستخدام الترفيهي أو الفني التجريبي، لكن مع ظروف الثورة السورية، وتحديداً خلال عامها الأول، ظهر استخدام إضافي للهواتف المحمولة، تجلى في النشر والتوثيق لخدمة أهداف الثورة عبر توثيق التظاهرات والحراك الشعبي وصولاً إلى جرائم النظام وانتهاكاته”.

 ويضيف الناشط المهتم بالتوثيق البصري أن “هذه الاستخدامات طارئة على كاميرا الموبايل في سوريا وخارج سوريا أيضاً، ورغم أن أوروبا عرفت “مهرجانات” لأفلام الموبايل، أحدها أطلق مبكراً منذ العام ٢٠٠٤ في فرنسا مثلاً، إلا أن مصطلح “الموبايل السوري” غير مألوف ومفاجئ، فضلاً عن كونه يقترح احتمالات كثيرة حول ماهية الفيلم وأهدافه وطرق صناعته، ويثير أسئلة أكثر من كونه يطرح أجوبة”.

 نوعية الأفلام التي أعلن المهرجان، المنظم للمرة الأولى في سوريا، استقبالها، لا تقتصر على الصحافي والتوثيقي المباشر. بل تجاوزت ذلك إلى دعوة المشاركين إلى إرسال أفلام تسجيلية وتجريبية وروائية. والهدف، بحسب أحد منظمي المهرجان هو “فتح الباب على مصراعيه لاستقبال كافة الاقتراحات الفنية بكاميرا الموبايل. فالمهرجان يرحب بكل التجارب الفنية المنسجمة مع الشروط المعلن عنها وهي في معظمها تقنية أكثر منها فنية. الهدف الأساس من المهرجان هو التشجيع على حرية القول والتعبير، أياً كان وبأي وسيلة أو قالب فني”.

 لكن، من سيختار الأفلام الجيدة؟ وبأي معايير ستقيّم؟ يوضح الناشط: “ستكون هناك عملية اختيار على مرحلتين، المرحلة الأولى يتولاها الفريق الإداري وهي مرحلة “تقنية” أكثر منها فنية، تتعلق باستبعاد الأفلام التي لا تتلائم مع الشروط المعلنة، كاستبعاد الأفلام ذات الطابع العنصري، أو الأفلام الرديئة تقنياً لدرجة كبيرة، والأفلام المختارة في هذه المرحلة ستعرض في المناطق السورية المحررة خلال الأسبوع الأول من شهر أيلول، كما ستقدم في عواصم عدة وفضاءات ثقافية وسينمائية”. ويتابع: “في المرحلة الثانية، سيطلب من لجنة التحكيم أن تشاهد هذه الأفلام وتقدم تقييمها لكل فيلم، وبالتالي هذه اللجنة هي من سيرشح الفائزين من ضمن الأفلام المعروضة. أما الإعلان عن أعضاء اللجنة فسيتم أثناء اعلان النتائج، وستضم سينمائيين وفنانين وصحافيين وناشطين عرباً وأجانب”.

 ويعتبر الناشط المسؤول عن استلام الأفلام المرسلة إلى إدراة المهرجان، أنه من المبكر الحديث عن مستوى الأفلام المقدّمة حتى الآن، موضحاً في الوقت نفسه أن “عدداً من الأشخاص بدأ يرسل استفسارات تقنية حول آليات التصوير، خصوصاً أن جزءاً من فريق المهرجان متخصص في تقديم الاستشارات التقنية، ومنها التزود بالبرامج اللازمة للاستخدام الاحترافي للموبايل، كبرامج المونتاج والمكساج المناسبة”.

 ولا يجد الناشط أي مشكلة في انخفاض مستوى الحرفية التقنية للأفلام المرجح أن تصل إلى المراحل المتقدمة، مؤكداً أن “العناصر البصرية الجديدة التي اقترحتها كاميرات الموبايل، وتحديداً “الموبايل السوري” شرعنت صورة منخفضة الدقة، أو صوتاً سيئاً، أو مشهداً مهزوزاً وغيرها من العناصر التي ساهمت في إعادة خلق علاقة جديدة بين الشكل والمضمون”. ويضيف: “هل من الممكن أن نصور مشهد سقوط برميل في حلب بكاميرا عالية الدقة وبثبات مذهل؟ نعم ذلك ممكن، لكن خوفنا يشبه الحدث أكثر، خوفنا كمخرجين أو مصورين وراء الكاميرا، هذا الخوف يولد اهتزاز الكاميرا، ولأننا غير مجهزين دائماً بالمعدات اللازمة، سنستخدم وسيطاً نملكه دائماً، وهو كاميرا الموبايل، ولأننا خائفون من الموت، قد نصرخ أو نتنفس بصوت عال، أو نبكي.. ذلك هو جوهر سينما الموبايل، فهي لا تقف في موقع الند مع التصوير التقليدي بكاميرات دقيقة، بل هي تقدم اقتراحاً مغايراً. هذا المقترح جدير بتسليط الضوء عليه، ومن هنا جاءت فكرة المهرجان”.

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى