مهمّة الابراهيمي تواجه عدم توافر الإرادة الدولية والسورية
ثريا شاهين
تزداد يوماً بعد يوم التعقيدات التي تواجه مهمة الموفد الدولي والعربي لحل الأزمة في سوريا الاخضر الابراهيمي. وأبرز التعقيدات الوضع على الأرض، ومواقف الدول التي لا يبدو أنّ هناك تعديلات فيها، ولو أنّ الغرب كان يأمل في تغيير روسيا الاتحادية موقفها، لكنه الآن لا يتوقع تغييراً على الإطلاق في هذا المجال، وثمة يأس دولي من استمرار الموقف الروسي على هذا النحو وفقاً لمصادر ديبلوماسية غربية.
وأفادت المصادر أنّ الابراهيمي لن يزور بيروت خلال جولته الحالية التي تشمل عدداً من دول المنطقة، وإن كانت لديه اهتمامات متّصلة بشؤون النازحين السوريين، وضرورة إبقاء لبنان نفسه بعيداً عن تداعيات الأزمة السورية.
وكان الابراهيمي عقد لقاءات في نيويورك مع مسؤولي الدول الكبرى ولم يضع أفكاراً بعد لخطته المنتظرة حول حل الوضع السوري، لكن جرت جوجلة لبعض الأفكار التي كان يتم التداول بها بعيداً عن الأضواء، وهي نفسها الأفكار التي يتم التداول بها خلال الجولة الحالية، إنما ليس هناك من اتجاهات واضحة، نظراً إلى صعوبة الموقف على الأرض، وما يمكن أن يقبل به الأطراف وما يمكن ألاّ يقبلوا به. ثم هناك الصراع الدولي الذي تجسّده الأزمة السورية، وحيث أنّ مواقف الدول الغربية لن تتغيّر فجأة، وكذلك الموقف الروسي. وباتت المواعيد التي يتم تسريبها لإمكان تدخل دولي في الموضوع السوري شبه مشكلة، في ظل عدم توافر الإرادة السياسية، وهنا تكمن المشكلة في حد ذاتها، لأنّه من الأهمية بمكان تأمين غطاء سياسي، وإرادة سياسية من الأطراف على الأرض، ومن الدول ذات الاهتمام بالشأن السوري. وقد ترك لبنان 18 سنة لدى حصول أحداث الـ1975 فيه من دون توقيت للحل ومن دون إرادة سياسية كمظلة للضغط في اتجاه الحل. ولن تتغير مواقف الدول فجأة إلاّ إذا طرأ حسم عسكري مهم على الأرض يؤدي إلى تغيير المعادلة.
حتى أنّ الولايات المتحدة لن تتدخّل عسكرياً أو تقوم بجمع قوّة دولية للتدخّل، لكنها تقوم فقط بالتنسيق مع المعارضة حيال الوضع السوري. ولفتت المصادر إلى أنّه بعيد الانتخابات الأميركية الرئاسية قد لا يحصل أي تدخّل فعلي وهذا الأمر ليس مضموناً، إلاّ إذا استجدّ وضع يفرض التدخل من خلاله نفسه على القرارات الدولية. ولاحظت أن فكرة إرسال قوات عربية إلى سوريا تراجعت كثيراً. وهي كانت فكرة قطرية، وتحوّلها إلى فكرة قيد الدرس الفعلي يحتاج إلى قرار أميركي أوروبي يحسم الأمر في هذا الاتجاه. مع الإشارة إلى أن العرب بإمكانهم تمويل أي خطة تدخّل في سوريا، لكنهم لا يشاركون فيها.
وقالت أوساط ديبلوماسية قريبة من موسكو، إنّها تؤيد استمرارية مهمة الابراهيمي لأنّها استمرارية لمهمة سلفه كوفي أنان، وتدخل في إطارها. ولاحظت أن أي اتفاق أو تفاهم أميركي روسي حول سوريا لم يحصل خلال اللقاءات بين الطرفين على هامش افتتاح أعمال الدورة 67 للجمعية العامة للأمم المتحدة.
ويتبيّن للروس أنّه من الصعب تغيير الموقف الغربي وهو ثابت، وهم مستاؤون من القتل والتدمير في سوريا، لكنهم يعتقدون أن ليس النظام وحده مَن يتحمّل المسؤولية، بل أيضاً المعارضة المسلحة التي تطلب الحماية الخارجية، حتى أنه في المعارضة ليس واضحاً مَن يمون فيها على مَن. وأشارت الأوساط إلى أن هناك تفاوتاً في وجهات النظر الغربية الروسية حول الحل في سوريا. فالغرب يقول إن وثيقة جنيف “أصبحت وراءنا”، وبالتالي، يريد تنحي الرئيس السوري بشار الأسد ثم إقامة حوار. أما روسيا فلا زالت تتمسك بالوثيقة والقرارين 2041 و2042 اللذين تعتبرهما أساساً لأي حوار، ومن ثم بعد الحوار، يكون هناك انتظار لما قد يحصل. ولا تزال روسيا تتمسك بموقفها لأنها تعتبر أن سوريا ليست ليبيا، بل دولة محورية، إذا ما سقط نظامها، سيكون للأمر تداعيات على المنطقة برمتها، وروسيا تؤيد أن تتضمن خطة الابراهيمي المبادئ والقواعد التي تم الاتفاق عليها سواء في القرارين 2041 و2042 أو في وثيقة جنيف، ومع ذلك تعترف موسكو بصعوبة مهمته على الرغم من تأييدها لها.
ولاحظت أن الابراهيمي في البداية طرح الأمور بشكل صريح وما لبث أن صمت، من أجل أن يتعرف الى المواقف الدولية والعربية الخاصة بالموضوع السوري تمهيداً لتقديم أفكاره واقتراحاته.
المستقبل