صفحات الحوار

ميشيل كيلو: سنصلح الائتلاف شاء من شاء

 

حاوره عبد الله رجا

يعرب القيادي البارز في “الائتلاف الوطني السوري” ميشيل كيلو، عن تفاؤله بالمرحلة المقبلة على المستوى العسكري، وخصوصاً في سير الأحداث على جبهة الساحل. يقول، في حوار مع “العربي الجديد”، إن “الجيش الحر” بدأ يستعيد زمام المبادرة على الأرض، وهذا يدعم موقف المعارضة السياسية بكل تأكيد.

كما يشكك كيلو بجدوى انعقاد “جنيف 3” في هذه الفترة، مجدداً اعتبار أن الامر مرتبط بالتفاهمات الروسية ــ الأميركية، وكذلك بالوضع الميداني. وفي حين يعترف كيلو بالصدمة التي تعرض لها “الائتلاف” والشعب السوري، بعد معركة يبرود، فهو يشدد على أن “الائتلاف” بات بحاجة اليوم إلى “رسم خريطة طريق للخروج من الحالة التي يعيش فيها”. وينتقد الرجل “حجم الدور الذي يؤديه المال” في تقرير المصائر السياسية السورية داخل المعارضة، وحجم الارتباطات الداخلية والضغوط الخارجية والصراعات الدولية.

ــ تسارعت التطورات الميدانية على الأرض بعد معركة يبرود، وفتحت جبهة الساحل، ولا يزال “الجيش الحر” يتقدم في حلب، فماذا عن “الائتلاف”؟

* بالطبع ما يجري على الأرض الآن خطوات مهمة في مسار المعارضة، صحيح أن ما حصل في يبرود شكل صدمة للشعب السوري ككل، وكذلك للائتلاف، وقد انعكس ذلك على أوساط الائتلاف، إلا أن المعارك التي تجري في الساحل تشير إلى التفاؤل الميداني. ولكن هذا يتطلب في الوقت ذاته حراكاً من قبل الائتلاف، ولكي أكون واضحاً، فإن الائتلاف بحاجة اليوم إلى رسم خريطة للخروج من الحالة التي يعيش فيها، وكان من المفترض أن نخرج منها منذ وقت طويل، بعدما تراكمت الأخطاء خلال سنوات الثورة الثلاث من دون أن يفكر أحد في وضع خطة للخروج منها.

ــ لا يزال البعض عاتب عليك لأنك دخلت إلى الائتلاف لإعادة توازن المعارضة، وقلت في وقت سابق إنك اصطدمت بالبيروقراطية وبالنظام الداخلي، فهل لا تزال تواجه هذه الصعوبات؟

* دخلنا الائتلاف بعد طرح مسائل مهمة عدة، أولها مأسسة الائتلاف، ليكون مؤسسة عمل وطني تخدم الثورة ولا تخدم لا دولاً عربية ولا أحزاباً داخلية سورية، بما في ذلك التيار الديمقراطي. لم يتم الكثير من النجاح في تحقيق هذا المشروع، لأننا اصطدمنا بالعديد من الصعوبات، وأبرزها حجم الدور الذي يؤديه المال في تقرير المصائر السياسية السورية داخل المعارضة، وحجم الارتباطات الداخلية والضغوط الخارجية والصراعات الدولية التي تقرر لهذا وذاك مواقفهم وسياساتهم. وكنتُ قد قلتُ منذ بداية عمل القائمة الديمقراطية في الائتلاف إنه لا بديل عن بناء القرار الوطني السوري المستقل، لأن هذا القرار لم يكن موجوداً، إذ بعد فترة من تشكيل الائتلاف، تم تجميع الضباط في أضنة، من دون دعوة الائتلاف إلى اللقاء، ومن دون الأخذ برأيه او موافقته على تشكيل مجلس عسكري وهيئة أركان بالتعاون مع بعض الدول العربية والاجنبية. إن عدم دعوة الائتلاف كانت تعني أن ممثل السوريين السياسي قد هُمش، وأن اليد وضعت على هيئة الأركان، وصار القرار العسكري بيد دول عربية، وبالتالي خرجنا نحن كطرف سوري من المعادلة سياسياً وعسكرياً.

ثم طرحنا مشروع الحكومة التي تواجه حتى الآن عراقيل متنوعة، منها مشكلة المال والدعم. أما المسألة الثالثة، فهي الجيش، فنحن نواجه الآن أكثر من أي وقت مضى ضرورة ومهمة بناء الجيش، ونحن مصممون على إنجازها شاء من شاء وأبى من أبى.

لقد بذلنا جهداً كبيراً من أجل تحقيق هذه المهام الثلاث، ولن نتوقف عن العمل في سبيلها. وفي المحصلة، فإن أجواء الائتلاف مختلفة اليوم عن أجوائه السابقة، قبل انضمامنا إليه، عندما كان مشحوناً بالانقسام والتناحر. لقد أدّينا دوراً مهماً وفاعلاً في إرساء بعض التوافقات الضرورية داخل الائتلاف، وسنعمل دوماً على مأسسته، وقد ساهمنا في ما يتعلق بعودة المنسحبين الـ44 منه، وبقية تنظيمات المجلس الوطني.

ــ ما هو دور ميشال كيلو والقائمة الديمقراطية بشكل عام في ما يجري على الأرض وداخل الائتلاف؟

* يركز دوري كشخص وكرئيس مفترض للقائمة، على تنمية الثقة في صفوف المعارضة وبين مكوناتها داخل الائتلاف وخارجه، وفي التصدّي لمشكلة أساسية هي التراجع الميداني، الذي لا ذنب لنا فيه كتكتل ديمقراطي، لأننا لسنا عسكريين ولا نمتلك موارد مالية، بل نؤدي دوراً معنوياً على الأرض، ونحوز على ثقة مقبولة في عملنا وأشخاصنا، ونعمل بشكل دائم على رفع معنويات الناس ونقف إلى جانبهم، ونقاتل من أجل تلبية مطالبهم.

ــ في إطار الحديث عن الائتلاف وعلاقته بالمؤسسة العسكرية، كان البعض يرى تحالف أحمد الجربا مع وزير الدفاع في الحكومة المؤقتة أسعد مصطفى هو الذي أدى إلى إقالة سليم ادريس في ظروف صعبة. كما يُقال إنه كان هناك نوايا لرئيس الائتلاف لإعادة تشكيل المؤسسة العسكرية وإدارة الأركان للتمديد لمدة سنة أو ثلاث سنوات؟

* انتقدتُ منذ البداية، وبكل صراحة طريقة إقالة اللواء إدريس، وكان رأيي أنه بعد جنيف، كان يجب أن نرتقي لمستوى عالٍ من الوحدة الوطنية، كي نلاقي أي تطور يمكن أن يحصل في مواقف العالم منا، ونتفادى الهزات التي تؤثر على متانة وضعنا الداخلي. لقد كان من المفترض أن تطور المعارضة والائتلاف موقفاً مشتركاً بعد “جنيف 2″، بعدما تبين بوضوح لا شك فيه أن الروس ليسوا مع الحل السياسي ولا مع الهيئة الحاكمة الانتقالية ولا الانتقال الى نظام ديمقراطي. أما بالنسبة لما قيل حول نية الاستاذ الجربا التمديد، فأعلمكَ أنني سألتُ في إسطنبول، الشهر الماضي، الجربا بوضوح، وأمام اعضاء الهيئة السياسية وغيرهم: هل تفكر بتغيير النظام الداخلي والتمديد لنفسك كما نسمع؟ فأجاب: هذه شائعات نشرها أحد مواقع التواصل الاجتماعي، وليس لها اي أساس من الصحة على الاطلاق، وأكد أنه لا يفكر ابداً في هذه المسألة.

ــ أين أصبح التفاوض مع النظام؟

* بعد اليوم، لن يكون هناك جنيف، لأننا اكتشفنا أن النظام وروسيا لا يريدان حلاً سياسياً، ويرفضان تطبيق بنود وثيقة “جنيف 1” والقرار 2118 الذي يتحدث عن أن الحل يبدأ بتشكيل هيئة الحكم الانتقالية. بالنسبة لروسيا والنظام، يبدأ الحل بوقف إطلاق النار ومكافحة الإرهاب. بما أننا من وجهة نظرهم إرهابيون، فيريدون أن نساعدهم على مكافحتنا. من جانبنا، طالبنا بجعل تشكيل “الهيئة الحاكمة الانتقالية” بمثابة الخطوة الأولى على طريق الحل، وقلنا إنه إذا ما تم تشكيلها من الطرفين، فهذا يحتم وقف القتال بعضنا ضد بعضنا الآخر، لكوننا سنصبح شركاء في هيئة واحدة، بينما ستمكننا شراكتنا من شن حرب حقيقية على الإرهاب. والآن، ما الداعي للذهاب إلى “جنيف 2″، إذا ما كنا مختلفين إلى هذه الدرجة على كل شيء، وطالما أن الروس قد تنصلوا من توقيعهم على جنيف واحد والقرار 2118، وأعتقد أن أي حديث عن جنيف 3 أو غيره مرتبط بالتوافق الأميركي ـ الروسي.

ــ وأنت تتحدث عن الدعم وإعادة مأسسة المؤسسة العسكرية، هل تلقيتم وعوداً بالدعم لإنشاء هذه المأسسة؟

* لم يعد لدي شخصياً اية ثقة بالوعود. أعتقد أننا لسنا بحاجة إلى كميات استثنائية من المال والدعم لكي نبدأ بتشكيل نواة للجيش الوطني، التي اظن أنها تتشكل اليوم على الارض وفي ميدان القتال، وأؤمن انه بعد تشكل هذه النواة، سيكون لدينا القدرة على أن نستثمر مواردنا الوطنية لمصلحة ثورتنا، وبالتالي لن نكون بحاجة إلى مساعدات أو دعم من أحد، لأنه إذا ما نجحنا في استثمار مواردنا النفطية وحاصلاتنا الزراعية، ومواردنا الطبيعية الاخرى، فسيكون لدينا ما بين 5 و 7 مليارات دولار عوائد سنوية، وبذلك لن نعود بحاجة الى دعم من احد.

ــ أين وصلت الأزمة السورية خليجياً وأوروبياً وأميركياً وإيرانياً؟

* خليجياً، لا نستطيع إلا أن نشكرهم على ما قدموه. أما الأوروبيون، فهم قلقون جداً من الأزمة السورية، ومن مصلحتهم أن يكون هناك سوريا ديمقراطية في جوارهم، بدل أن يكون في سوريا نظام مجرم مستعد لفعل كل شيء ضد العالم، بما في ذلك استيراد منظمات ارهابية من لبنان والعراق واليمن وأي مكان في العالم ليحارب شعبه. لكن أوروبا تبدو غائبة عن الفعل، لأنها لا تملك القدرة على حل المشكلات والأزمات التي تواجهها في الداخل، فكيف تحلها خارج أراضيها؟ لكن يجدر التنويه بالموقف الفرنسي المتفرد الذي لن يتنازل عن رحيل النظام.

أما الأميركيون، فهم يديرون أزمة سوريا وأزمتهم مع إيران وروسيا في سوريا، وكذلك أزمة إسرائيل مع العرب وسوريا. وهم لم يقتنعوا حتى الآن بضرورة وضع حد للمعضلة السورية. أعتقد أن أزمتنا لن تنتهي ما لم يتم توافق أميركي مع إيران وإسرائيل على دورهما في المرحلة المقبلة، حينها ستظهر مؤشرات نهاية الأزمة. إلى ذلك، أعتقد أن الأميركيين لا مصلحة لهم في هزيمة المعارضة، التي تؤدي دوراً مهماً في تصفية حساباتهم الاقليمية والدولية. أما روسيا، فأرى أن دورها صار فرعونياً – إن صح التعبير- وأنها تستغل ما تعتقد انه غياب للدور الاميركي الفاعل.

ــ هل ترى أن سياسة واشنطن حيال سوريا تنسجم مع دورها العالمي؟

* يعتقد الرئيس الاميركي باراك أوباما أنه من الأفضل لبلاده انتهاج سياسات دفاعية، لأن وضعها الداخلي، وخصوصاً الاقتصادي، سيئ. لكنني متأكد من أن أوباما سيندم كثيراً على سياسته في سوريا، وأنه يدفع ثمنها الآن في أوكرانيا، ويمكن أن يدفع ثمنها أيضاً في أماكن أخرى عديدة، وأعلم أن هناك أوروبيين يقولون بكل صراحة: لقد دمرنا أوباما بسياساته المتخاذلة والضعيفة.

العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى