صفحات الحوار

ناندا محمد: السفر لمرة واحدة وسيلة للتخلص من المعارضين

أورينت نت – حوار: فرحان مطر – القاهرة

الفنانة السورية ناندا محمد واحدة من الفنانات السوريات اللواتي اخترن الوقوف إلى جانب قضية الشعب في ثورته من أجل الحرية، وهي تعيش الآن في مصر مع زوجها المصري وقد أرغمت على الخروج منذ بداية العام الجاري.

ناندا محمد من مواليد دمشق – خريجة المعهد العالي للفنون المسرحية، قامت بأداء الكثير من الأدوار في المسرح داخل سوريا وفي أوروبا أيضاً، ومن آخر أعمالها في دمشق: مونودراما امرأة وحيدة، وفي أوروبا: ألف ليلة وليلة، وقد عملت في العديد من الأعمال التلفزيونية ومن أهمها مسلسل: (عصي الدمع) الذي ترشحت فيه لجائزة أفضل ممثلة – دور ثاني في مهرجان أدونيا للدراما السورية 2005.

في حوارنا التالي معها نقترب أكثر مما يدور في داخلها من أفكار وهي التي تتابع بألم ما يحدث لأهلنا في سوريا في ظل هذا الكابوس الطويل.

* الفنانة ناندا محمد كيف اتخذت قرار الخروج من سوريا؟!.. ولماذا؟!.. ألم يعد البقاء في سوريا ممكناً؟!..

– لم أكن أخطط للخروج من سوريا والاستقرار خارجها.. الذي حدث أنني سافرت سنة 2011 للعمل في مسرحية بعنوان ألف ليلة وليلة من اخراج الإنكليزي Tim supple وكانت البروفات في المغرب ومن ثم التزمت بعروضها في كندا ومهرجان أدنبرة المسرحي حتى نهاية الـ 2011 . في هذه المسرحية تعرفت على عازف الكمان المصري محمد سامي، واتفقنا على الزواج، وفعلا تم الزواج في بداية الـ 2012 وطبعاً لم نجرِ أي حفلة عرس لأن الظروف في سوريا لا تناسب – من وجهة نظري – أي شكل من أشكال الفرح والاحتفال.

بعد زواجنا بشهر سافرت إلى سوريا في شهر شباط وفور وصولي إلى المطار أوقفت هناك وتم توقيعي على ورقة وأخبروني بضرورة مراجعة المخابرات العامة في كفرسوسة، وهناك حققوا معي، وأبلغوني أنني ممنوعة من السفر، وأن أمر المنع قد صدر وأنا خارج سوريا!!! كل هذا طبعاً كان بسبب صفحتي على الفيسبوك وما أكتبه منذ أول لحظة من بداية الثورة وحتى الآن، موقفي لم ولن يتغير ، وهو ليس جديد.

بقيت في سوريا شهر ونصف ومن ثم سمحوا لي بالسفر لمرة واحدة، أي أن منع السفر لا يزال موجوداً، وهذا يعني أنني لو رجعت إلى سوريا الآن لن أستطيع مغادرتها مرة أخرى، وهو أسلوب اتبعوه مع كثير من الفنانين المعارضين، يمنعونك من السفر ثم يسمحوا لك بالسفر لمرة واحدة فقط كي يتخلصوا منك بسهولة ويظهروا أنفسهم وكأنهم ” حضاريين”، لم أتحدث عن قصة منعي من السفر سابقاً إلا فيما ندر، لأنني أدرك أنها قصة أقل من عادية، مقارنة مع ما يمارس من اضطهاد وعنف وقتل من قبل النظام السوري على شعب سوريا، وهذه هي المرة الأولى التي أتحدث عنها في وسائل الإعلام، والسبب سؤالك لي إن كان البقاء في سوريا ممكناً؟!.. بالنسبة لي، وإن كان هذا قد يبدو أنانياً، لا أستطيع العودة إلى سوريا وأنا أعلم أنني سأحتجز هناك، وزوجي بعيد عني، ربما لو لم أكن متزوجة لاخترت خيار البقاء في سوريا، على الرغم من أنه خيار صعب جداً الآن، ولكن لدي الكثير من الأصدقاء الذين اختاروا البقاء في سوريا وأنا أحترم جداً خيارهم الجريء والحقيقي هذا وبنفس الوقت أتفهم ظرف أي سوري يختار الخروج من سوريا الآن.

* كيف تعيشين حياتك الآن بعيداً عن سوريا..هل من مشاريع عمل جديدة..ماذا عن هذا البعد القسري؟!.. وهل من دور تقومين به – كفنانة سورية – في مصر، وعلى أي صعيد؟!.

– كان من الصعب جداً البدء في تكوين حياة جديدة في مكان جديد، كل شيء مختلف..العمل..الأصدقاء..الأهل..تفاصيل الحياة وكل شيء اعتدت عليه لن تجده في أي مكان سوى بلدك، وما كان يزيد الصعوبة في التأقلم بالنسبة لي هو إدراكي أنني لن أستطيع العودة إلى سوريا إلا بعد سقوط النظام…

في الحقيقة أنا أشعر بغربة كبيرة، والسبب الرئيسي ما يحدث في سوريا، القتل والدمار الذي يتعرض له السوريون لايمكن أن يغيب عن تفكيري أبداً.. الخوف على الأهل والأصدقاء وكل أهل البلد هو شعور متأصل ومحفور داخلي، وهو بشكل من الأشكال يعوقني عن الانسجام مع المكان والحياة الجديدة هنا، بالرغم من أنني سعيدة مع زوجي، ولكن هذه السعادة لا تغير من حجم الألم.

التهجير الذي يمارسه النظام على الشعب السوري أخطر من التهجير الذي مارسه الإسرائيليون على الفلسطينيين.

عملي في الفن لاينفصل عن حياتي ومواقفي، وهذا ليس جديداً بالنسبة لي، خياراتي الفنية لم تتغير بعد الثورة. هذه السنة عملت في عرضين مسرحيين خارج مصر، المخرج وكامل فريق العمل سوريون، والعرضان يركزان على الثورة السورية العرض الأول بعنوان: فيك تطلع عالكاميرا؟ تم عرضه في سيؤول وبيروت والعرض الثاني بعنوان: انظروا إلى الشوارع، هكذا يبدو الأمل… وتم عرضه في ألمانيا.

بالنسبة لي من المهم والضروري والبديهي أن يكون لدي دور في الثورة، لايكفي أن يكون موقفي واضح وصريح، من الأجدى أن أقوم بدور ما، والدور الوحيد الذي أستطيع القيام به بشكل جيد هو من خلال مهنتي كممثلة، وهذا لا يعني بالطبع أن أقدم أي عمل فني لمجرد أنه يتحدث عن الثورة! بل يجب أن يكون هذا العمل ذو مستوى فني عالي، الثورة يجب أن تجبرني على خلق أشكال فنية وطرق تعبير جديدة تليق بها، وليس أن تجعلني أقدم أي شيء، فقط لأنه يتحدث عن الثورة.

هناك مشروع جديد أقوم بالعمل عليه حالياً مع المخرج السوري نضال الدبس سوف نقوم بعرضه في القاهرة في بداية العام القادم.

من جهة أخرى للأسف لم أعمل بعد في أي عمل مصري، ولكنني أتطلع للقيام بهذا حين تحين الفرصة التي تناسبني.

* كيف ترسمين ساعة العودة إلى سوريا؟!.

– أنا وزوجي ننتظر لحظة سقوط النظام حتى نعود معاً إلى هناك. هو يحب سوريا جداً ومتحمس لأن نعيش هناك.. أعتقد أن سوريا بعد الثورة ستكون بحاجة الجميع، هناك الكثير من العمل ينتظرنا، شخصياً لن أتوانى عن العودة إلى هناك والعمل هناك بكل المجالات التي أستطيع العمل فيها من أجل إعادة بناء سوريا الجديدة، هذا ما أستطيع القيام به من أجل رد الدين إلى كل الشهداء والمعتقلين والمخطوفين وأهاليهم وأي شخص سوري ضحى بحياته أو حريته من أجل حريتنا جميعاً.. أنا لا أنظّر ولا أبالغ.. أخبرك ما أشعر به تماماً.. العمل في سوريا بعد الثورة هو أقل مايمكنني عمله لبلدي الذي أعشقه.. لكل واحد منا دور ما، ومن لم يقم بدوره كاملاً أثناء الثورة لديه الوقت الكافي بعد الثورة لكي يقوم به..قد يبدو هذا الكلام ساذجاً أمام المجازر والقصف الذي تتعرض له البلاد والتهجير والقتل والتهجير.

بالفعل الوضع قاسي وغير مقبول على الإطلاق، ولا يبدو أن أي حكومة أو سلطة في العالم من مصلحتها أن ينتهي حكم آل الأسد في سوريا.

الكثيرون متشائمون الآن من مستقبل سوريا.. أنا لست متشائمة.. حزينة نعم ولكن لست متشائمة، السوريون أثبتوا أنهم متفردون في شجاعتهم وإصرارهم.. وهذا يعطيني القوة والتفاؤل بالمستقبل، بالرغم من كل الحزن والتعب.

موقع أورينت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى