نجاحات النظام في إدارة ذبح السوريين/ عبد السلام إسماعيل
يبدو أن النظام نجح كثيرا في تجريدنا من شعور الدهشة مما يرتكبه من مجازر مريعة في حق السوريين، ونجح أكثر في خلق شركاء له يحملون عنه كاهل بعض الجرائم المرتكبة، ويدرجهم سوريون كثر ليس بالضرورة من الموالين له في قائمة المشكوك فيهم عند وقوع أيه مجزرة، إذ لم يعد النظام هو العدو الأوحد للسوريين، وهنا يكمن نجاحه المطلق والثمين.
يدعم هذا النجاح طابور من الموالين مهمتهم إغراق الفضاء السوري في نقاشات تُعنى في تجزئة المذبحة السورية إلى مذابح متفرقة لا رابط بينها، ولا ظروف وسياقات تجمعها، كل مذبحة لها ظروفها ولها فاعليها المحتملين، النظام ليس الفاعل الوحيد وليس هو أسوأ كوابيس السوريين، هذا ما يريدون إقناعنا به، أو على الأقل جعلنا نتشكك في هذه الحقيقة البينة.
نجح النظام في تحويل بؤرة اهتمامنا من مضمون المذبحة إلى أسلوب تنفيذها، الموت يومي وكثير بما يجعله حدثا مألوفا في الحياة السورية، غير أن الموت ذبحا بالسكاكين صادم أكثر من الموت بالرصاص، البراميل المتفجرة أشد هولا وغرابة من قذائف المدفعية، الصواريخ البالستية تحمل قدرا رهيبا من الإهتمام في إزهاق أرواحنا أكثر مما تحمله قذائف الهاون العشوائية، أما السلاح الكيماوي فهو تكثيف شديد لرغبة عارمة في تعذيب الضحايا والتمثيل فيهم قبل قتلهم، هو بلورة لكافة أساليب العنف التي طبقها علينا النظام في زنازين الرعب، ثمة فارق تكنولوجي أنه لا يستنزف جهد الجلادين !
ربما مع استخدام النظام لكافة الأساليب والأشكال التي يملكها في ذبح السوريين لن يعد هناك ما يثير الدهشة. لن يكون سوى الحقد الأسود والرغبة الحالكة في الإنتقام منه وممن يشدون على يديه أو يتواطؤون معه بالصمت، سواء أكانوا فئات من السوريين أو مجتمعا دوليا، بما يزيد من خصوبة الوضع على إنتاج المزيد والمزيد من الشركاء المحتملين للنظام بما يساعده على أن يكون منبعا غير وحيد لكل الشرور التي تحيق بالسوريين.
وهو نجاح آخر يحسبه نظام بنى استراتيجيته على شعار “الأسد أو نحرق البلد” . . غير أن الأمور تسير باتجاه حرق البلد واندثاره مع الأسد أو بدونه.
الأكيد أنه احتراق مرحلي ومؤقت مهما تطاولت الأيام به . . هذا ما أؤمن به وأتمناه.
خاص – صفحات سورية –