نساء سوريا.. ميثاق من ورق!/ دينا أبي صعب
صورة نظيفة عن سوريا، قدمتها “نساء سوريا” في ختام مؤتمرهن في مقر الأمم المتحدة في جنيف ،الاثنين، بعد يومين من الاجتماعات مع المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي، الذي أعلن مراراً عن نيته إشراك النساء السوريات في الحل السياسي، إن من خلال المشاركة مباشرة في مؤتمر “جنيف 2″، في فترة لاحقة إن لم يكن في الجلسات الأولى، أو من خلال الضغط على مرجعيات الطرفين السوريين لتبني مطالب المرأة السورية وإشراكها في الحل السياسي.
لكن الإبراهيمي رغم ذلك، لم يحسم هذه المشاركة بعد، وينتظر أن يُعلن عن هذا الموضوع في اجتماع يضم النساء إلى الإبراهيمي الثلاثاء، إذ قالت المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة فومزايل ملامبو نجوكا، في مؤتمر صحافي عقب المؤتمر، إن أربع ممثلات انتخبن من أصل نحو خمسين عن المجموعات النسائية السورية سيلتقين بالابراهيمي الثلاثاء للحديث عن كيفية تنفيذ مطالبهن.
وتبدو المطالب التي قدمتها نساء سوريا مثالية عامة، وسامية، منفصلة عن الواقع السوري الدموي الحالي بما فيه من عنف وأحقاد متراكمة بناها الاعتقال والتهجير والقتل الدمار الذي مارسه النظام السوري بشكل ممنهج، وترجمتها المعارضة بأطيافها المختلفة عبر خلافاتها المستمرة، توجهت بها نساء سوريا عبر وثيقة أعلن عنها الاثنين إلى دول العالم والأطراف المتصارعة، تدعو إلى “تجاوز الخلافات والتوصل إلى اتفاق يضمن الحرية والتعدد والديموقراطية واحترام حقوق الإنسان في سوريا، بما فيها حقوق النساء والمساواة مع الرجل”.
وتضمنت الوثيقة التي قدمت خلال المؤتمر بنوداً عديدة، طالبت النساء بضمها إلى مطالب السوريين المرجوة من خلال مؤتمر “جنيف 2″، الذي قد لا يكون آخر مسارات التسوية المرتقبة بين الطرفين السوريين.
يمكن اختصار هذه البنود بنقاط عديدة، أهمها: فك الحصار عن المناطق المحاصرة وإدخال المساعدات الإنسانية والطبية، والقيام بإجراءات تتضمن وقف العنف الممارس على النساء والأطفال، ولا سيما الاغتصاب، ووقف الاعتقالات والإجراءات التعسفية بحق المدنيين، بما فيها منع السفر، وضمان عودة آمنة للمهجرين إلى مناطقهم، والمطالبة برفع العقوبات الدولية.
كما توجهت النساء إلى المتحاورين في مؤتمر “جنيف 2” المنتظر عقده في 22 من الشهر الحالي، بالمطالبة بالعمل لتأسيس دولة مدنية عادلة تمثل كل الشرائح السورية، ولا تقوم على أي تسوية سياسية يكون أساسها طائفيا أو مذهبيا أو عرقيا، وأن يضمن الدستور المساواة بين النساء والرجال وحقوق المواطنة المنوعة للشعب السوري أمام القانون.
وتحدثت باسم نساء سوريا الناشطات، صباح الحلاق، وكفاح علي ديب، ورفيف جويجاتي، ودلشاد ايو، حيث تم اختيارهن من بين نحو خمسين سيدة من داخل سوريا وخارجها. النساء “لم يتخذن طرفاً في الصراع السوري” على ما صرحت ديب، مساويات بذلك بين النظام والمعارضة لناحية العنف المرتكب بحق ملايين السوريين، وبدت السيدات بعيدات كلياً عن واقع الحياة السورية اليومية، وعن مدى قسوة المعاناة والتهجير والحصار والقتل والاعتقال والاغتصاب، وبدت نظرتهن، عن بعد، حيال ما يجري، عاملاً سلبياً في إيصال صورة قاتمة لا يمكن التعامل معها بحياد.
من جهة ثانية، بدت دلشاد أيو دخيلة على الملف السوري، عندما طالبت الصحافيين “بالدخول إلى مناطقنا والتزام الحياد”، إذ من غير المنصف بحق الصحافيين وضعهم في موقع المقصّر، وخصوصاً بعد توثيق عشرات حالات القتل المتعمد والاعتقال بحقهم من قبل القوات النظامية والمعارضة على السواء، ما دفع العشرات منهم إلى الهرب خارج مساحات القتال أو التزام الصمت. وفي هذا الخصوص قالت ديب خلال كلمتها إن معدل الوفاة في بعض السجون مثل فرع الامن العسكري 215 في دمشق بلغ 30 يومياً وأن الوفيات في معظم الأحيان تكون نتيجة التعذيب أو سوء التغذية، معتبرة أن اكثر القضايا إلحاحاً هي “الإفراج عن المعتقلين”.
هذه المطالب إلى جانب بث شعارات عامة بعيدة عن الوقائع اليومية والتجارب الخاصة على شاكلة “لا يمكننا الصمت أكثر عن الواقع السوري، بما فيه من موت ودمار وتجويع وتهجير وترويع وخطف”، جعلت من الرسالة التي عرضتها السيدات أشبه بقراءة تقرير رسمي ممل، إن حث على شيء فهو يحث على النظر إلى الساعة بانتظار انتهاء المؤتمر.
المدن