صفحات العالم

نظام الأسد لا يزال مفيداً


    غسان حجار

لم يعد ممكناً النظام السوري ان يستمر طويلاً، لكن هل يعني هذا ان دنو أجله بات حتمياً؟ ثمة تناقض في النظرة الى الأمر، وثمة تقاطع مصالح وتضارب مصالح يمدان عمره بالمزيد من الأيام والأشهر، وربما الى سنة.

والنظام، بعلم أكيد منه، أو بغير وعي رغبة في انقاذ نفسه، يخدم كثيرين، ودولاً وأنظمة، في طليعتها اسرائيل، التي طالما هدد بها السوري وبعض حلفائه، من يعارضونه في الداخل اللبناني، فإذا بالنظام اليوم يقتل من السوريين في سنة ما عجزت عنه اسرائيل في أعوام كثيرة، واذ به يمذهب الصراع والقتل بين علوي وسني وشيعي يناصر الأول ويُقتل معه، ليخدم مخططات اسرائيل في التقسيم الطائفي والشرذمة المذهبية القاتلة.

والمصالح التي يخدمها النظام السوري، اضافة الى اسرائيل، مصالح ايران، اذ يجعلها المحور الأساس في المواجهة مع المجتمع الدولي، وبالتالي تملك التفاوض عنه، ومعه، وتمسك بحق الفيتو أمام كل حل لا توافق عليه، وهي في كل ما يحصل حمت ظهرها، ووفرت غطاء لذراعها اللبنانية أي “حزب الله”.

والى إيران المستفيدة من آلة القتل البعيدة من أرضها وناسها، يفيد محور الاعتدال العربي – الخليجي، ومعه المجتمع الدولي، من استعمال نظام الأسد، في محاربة “القاعدة” وفي تصفية التنظيمات السنية المتشددة، والإرهابية أحياناً، على أرض سوريا، اذ يقاتل النظام السوري تلك الجماعات دفاعاً عن نفسه، وعن كل المجتمع الدولي. ولعل هذا الجانب في مواجهة “الإرهاب” محور التقاء أميركي – روسي خفي، يطيل عمر النظام لكي يحصد المزيد من تنظيم “القاعدة” الذي نقل مقاتليه من العراق الى سوريا.

والى المصالح الكبرى للدول، ثمة مصالح أخرى لمافيات تجارة السلاح و”كارتلات” النفط، والشركات الاستثمارية الكبرى التي تدير العالم وتؤثر في سياساته وتضغط حالياً على الانتخابات الأميركية المقبلة، فالنظام السوري، بحروبه المستمرة والمتفاقمة يوماً بعد آخر، حرك سوق السلاح، فزاد الطلب وارتفعت الأسعار بشكل كبير. وهو يعد الأرضية، المدمرة كلياً، والمناسبة تماماً لشركات استثمار النفط، وللإنشاءات في الجسور والطرق والمدارس والمستشفيات، بما يحرك الاقتصاد العالمي الذي يعاني ركوداً.

هذه العوامل النفعية مجتمعة تدفع ذوي الشأن، مجتمعين أو منفصلين، الى عدم التعجيل في رحيل الأسد، وهي، أي المصالح عينها، تتقدم العلاقة بروسيا والصين وإيران، لأن البعد الاستراتيجي لسياسات هذه الدول يتجاوز الروابط التاريخية، وثمة بالتأكيد في داخل هذه الأنظمة من يرصد حركة التغيير في سوريا، ويتابع يومياً لضمان وصول نظام “صديق” يؤمن استمرار المصالح، ويؤدي الى تقاسم جبنة الأسد…ولكن من دونه.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى