نعم بدأت معركة دمشق
علي حماده
قد لا يكون مطار دمشق سقط، وقد لا يسقط بهذه السرعة التي يظنها البعض، ولكن مجرد توقف حركة الملاحة فيه، وانقطاع خدمة الانترنت والاتصالات الخليوية بشكل كامل عن سوريا، مؤشر لتداعي قدرة النظام على التحكم والسيطرة، وتأمين مناطق آمنة حتى في قلب العاصمة دمشق. اكثر من ذلك، وهنا الاهم، يسري في دمشق مناخ نهاية نظام. ففي معلومات يتداولها مصرفيون لبنانيون شديدو الاطلاع على الاوضاع السورية، فإن دمشق كلها تعيش على وقع معلومات عن قرب مغادرة بشار العاصمة بعدما بدأت تضيق عليه الدائرة، ومع اقتراب نار الثورة من المركز. وتشير المعلومات الى ان العدة اعدت كي ينتقل بشار الى منطقة الساحل وربما الى اللاذقية نفسها. طبعا هذا لا يعني ان القتال سيتوقف بالضرورة في دمشق حيث يحتفظ النظام بصفوة من قواته وبكم هائل من السلاح والذخيرة والقدرات النارية.
في لقاء جمع ديبلوماسيين غربيين في باريس بدبلوماسي لبناني، كان حديث عن ان معركة دمشق أزفت، وان ثمة تعجيلا لوتيرة الهجوم على النظام في كل مكان، بصرف نظر عن مهمة المبعوث الاممي- العربي الاخضر الابرهيمي الذي يبدو في هذه المرحلة اقرب الى استاذ جامعي منه الى ديبلوماسي ممارس. فالمرحلة الراهنة هي للقتال لا شيء غيره. وبحسب ما نقل الينا من مضمون اللقاء الباريسي، فإن معركة دمشق الكبرى هي في طور الانطلاق، وما يحصل حول المطار لا ينفصل عن مسار المعركة الكبرى لاسقاط بشار في العاصمة. وعليه ثمة تقديرات استخباراتية اوروبية تفيد ان النظام لن يستمر اكثر من بضعة اسابيع مقبلة. فالخروج من العاصمة معناه سقوط الشرعية وحتى لو لجأ الرئيس السوري الى اللاذقية فسوف يتم الاعلان عن سقوط النظام رسميا بمجرد سقوط العاصمة، ولو استمر القتال في امكنة اخرى.
في مكان آخر، كان لديبلوماسي اممي كبير زار العاصمة الفرنسية اخيرا كلام عن الموقف الروسي، قال: “ان الموقف الروسي يشهد بدايات تحول لكنه غير كاف، فقد ادركوا انهم تورطوا في معركة خاسرة في سوريا، وسوف يخسرونها حتما”. اضاف: “لقد ارتكب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خطأ كبيرا عندما اتخذ موقفا متصلبا الى جانب نظام بشار الاسد، واغلق ابواب مجلس الامن. واليوم ما عدنا في حاجة الى مجلس الامن لأن الموقف يتطور على الارض في اتجاه سقوط النظام. وكلما تسارعت وتيرة سقوطه امكنت اعادة السيطرة على الارض، وتعويم مؤسسات الدولة وحفظ الامن في المرحلة اللاحقة”.
في مطلق الاحوال، فإن المشهد العام واضح. لم يعد أحد في العالم يتحدث عن تسويات. الكل يتحدث عن سقوط النظام بأسرع مما كان متوقعا. وبناء على ما تقدم، ليس صحيحا ان المعركة في سوريا طويلة. من هنا يمكن القول ان معركة دمشق قد بدأت فعلا.
النهار