نفط مجبول بالدم والدموع!
امين قمورية
الاتحاد الاوروبي “حن” قلبه فجأة على الشعب السوري، تذكر بعد ثلاث سنوات من الحرب الدائرة هناك، ان المدنيين السوريين يعانون نقصا في الحاجات الاساسية، وان الثوار يحتاجون الى الموارد المالية، وان الاقتصاد يجب ان يستعيد نشاطه وعافيته. لم يجد طريقة لتقديم المساعدة سوى رفع الحظر المفروض على النفط السوري لمساعدة المعارضة التي تسيطر على جزء من الابار والحقول.
ليته لم يفعل، فالتساهل الغربي مع النفط ليس من شأنه الا استدراج التشكيك في النية من وراء ذلك، فالنفط في ذاكرة الشعوب العربية لا يعني لا الرخاء ولا الرفاه بل يعني جشع الحكام ووضع اليد الاجنبية على الثروات المحلية. وليس من شأنه سوى التذكير بان الغرب معني بمصالحه الاقتصادية والسياسية وليس بحقوق الإنسان وحرياته.
قال المجتمعون في لوكسمبور انهم بخطوتهم هذه يظهرون دعما للمعارضة السورية وسحبا اضافيا من شرعية النظام الحاكم. لكن القرار لايمت الى العاطفة بصلة ولا احد يعتقد انه يستهدف مساعدة المعارضة اقتصاديا أو حتى سياسيا. انه وصفة مثالية لتسعير القتال وفتح جبهات جديدة. فالحقول النفطية المعنية صارت اشبه بغابة من المسلحين المتعددي الفصيل والانتماء والتوجه. كل يوم تتوالى الانباء عن قتال واقتتال بين الافرقاء في المناطق المتاخمة للحدود العراقية من اجل السيطرة على المنشآت النفطية، مرة بين “النصرة” والعشائر ومرة بين “الحر” والاكراد ومرات بين العصابات المسلحة على انواعها. فكيف يكون الحال بعد تدفق الدولارات والاوروات على الجيوب المحلية وازقة دير الزور؟
وفي غياب الغطاء الجوي يصير تصدير النفط أشبه بالعملية الانتحارية بل ربما كان القرار الأوروبي دعوة تحريض غير مباشرة للنظام لقصف الآبار والمصافي مما يستدعي ردا دوليا لاغراض لا علاقة لها بمصالح السوريين. بل ان تعامل الجهات الدولية مع “الحكومة الموقتة” التي يفترض انها الجهة المكلفة ادارة المنشآت النفطية في مناطق نفوذها، من دون سحب الاعتراف بالنظام، يكرس واقعا تقسيم سوريا من طريق التعامل مع جهتين رسميتين في آن واحد.
كان أولى بالاتحاد الاوروبي تحويل الأموال السورية المنهوبة والمكدسة والارصدة المجمدة للنظام في المصارف الاوروبية لتمويل المعارضة السورية وتزويدها ما تحتاج اليه من مواد إغاثية وإنسانية بل حتى معدات دفاعية.
في زمن هيمنة النظام الامني، كان السوري يسمع عن انتاج دولته من النفط لكنه لا يعرف شيئا عن عائداته التي ملأت جيوب النافذين وافراد العائلة الحاكمة. اما في زمن الثورة، فانه سيرى نفطا لكنه على الارجح سيكون نفطا مجبولا بالدم والدموع.
النهار