نقاط قطرية على حروف كيري!
راجح الخوري
مرة ثانية بدا جون كيري وكأنه وزير خارجية دولة من العالم الثالث عندما وقف الى جانب نظيره القطري الشيخ حمد بن جاسم ليقدم اجابات فيها الكثير من المراوغة المتصلة بتسليح المعارضة السورية ومن الاوهام المتصلة باعلان جنيف !
جاء ذلك بعد محادثات صريحة مع المسؤولين القطريين الذين يدعمون الثورة ضد بشار الاسد الذي يريد إيهام واشنطن بأنه يقاتل “الارهابيين” وهو ما دفع الشيخ حمد الى القول “هو الارهابي لأنه هو من بدأ بقتل شعبه”. لكن كيري لزم الحرص على التدقيق في نوعية الاسلحة التي ترسل الى الثوار وفي “الايدي المعتدلة” التي تتسلمها متناسياً أمرين: اولاً ان عدد القتلى تجاوز الـ80ـ الفاً والنظام يواصل قصف المدن بالطائرات وصواريخ “سكود”، وهو ما قال الشيخ حمد انه يذكر بأهوال الحرب العالمية الثانية. وثانياً وهو الأهم ان التغاضي الاميركي الطويل عن القتل وحمامات الدم والانحياز الروسي الاعمى الى النظام، كانا السبب الرئيسي الذي ادى الى ظهور عناصر التطرف في بعض الاماكن .
وهنا كان لا بد من ان يضع الشيخ حمد نقاط المرارة العربية على حروف التغاضي الاميركي عن فصول المذبحة وكذلك على حماقة “الفيتو” الروسي، فقال: “لو عمل الجميع بشكل جدي منذ بداية الازمة لزال النظام. وانه كلما طالت الازمة سنجد اطرافاً متطرفة تدخل فيها، ونحن لا نريد لهذه الاطراف ان تكسب بل نريد للاعتدال ان يكسب”.
واذا كان من المضحك ان يستعير كيري كلاماً منسياً طالما كرره باراك اوباما فيقول “ان الاسد فقد شرعيته بقتله المواطنين وتدمير البلاد” فمن المثير لا بل من المعيب ان يقع في تناقض محيّر عندما يشدد على “ضرورة الوقوف ضد الايرانيين و”حزب الله” اللذين يمدان يد العون لنظام الاسد”، ثم يدعو بعد لحظة الى احياء اعلان جنيف قائلاً: “يمكن الايرانيين والروس والاسد ايضاً ان يدعموا هذا الاعلان” !
هنا ايضاً كان لا بد من ان يضع الشيخ حمد النقاط على “حروف جنيف” فقال انه كان من اعضاء اللجنة التي صاغت اعلان جنيف وكان الامر واضحاً في مسألة نقل السلطة عبر حكومة انتقالية تكون لها صلاحيات كاملة، وهنا وقع الخلاف حول تفسير نقل السلطة… لربما اراد الشيخ حمد تذكير كيري بأن سلفه هيلاري كلينتون عارضت التفسير الروسي الذي يريد ابقاء الاسد في السلطة الى سنة 2014، لكن الاهم ان النظام بالاستناد الى دعم روسيا وايران والى التغاضي الاميركي، جعل من تفسير الاعلان مدخلاً لكسب الوقت في رهان واضح على الحل العسكري وهو راكم المأساة الى هذا الحد المرعب !
في النهاية لم يقدم لنا المستر كيري غير تسريحته العالية وصوته الخفيض وابتسامته الحائرة.
النهار