صفحات العالم

هل تعود روسيا وتوافق على حل يمني في سوريا؟


    اميل خوري

أسئلة كثيرة تطرح ولا يعرف الجواب عنها حتى الآن، منها: ماذا بعد تصويت الجمعية العمومية للامم المتحدة بغالبية واسعة على قرار يطالب الحكومة السورية بسحب قواتها المسلحة من المدن ودعوة كل اطراف النزاع الى وقف العنف وتهيئة الظروف لاطلاق عملية انتقالية للسلطة، وما معنى ان يصير البحث في خَلَف للمبعوث الاممي العربي كوفي أنان الذي استقال عندما تبين له انه بات من المتعذر عليه تنفيذ خطته ذات النقاط الست، وماذا بعدما فشلت جامعة الدول العربية وبعدها مجلس الامن في حل الازمة السورية المتفاقمة وارتفاع منسوب الدم نتيجة الحرب المستعرة بين جيش النظام و”الجيش السوري الحر”؟ هل يكون ذلك بداية حرب أهلية على غرار ما حصل في لبنان سابقاً ولم تتوقف الا بتدخل عسكري سوري حظي بموافقة اميركية وعربية وعدم ممانعة اسرائيلية، وبالتوصل الى اتفاق سياسي عرف باتفاق الطائف، وهل يواجه الوضع في سوريا “اللبننة” التي تحوّل الحرب فيها حرب الآخرين على ارضها بعد عسكرة المعارضة، ام يواجه “العرقنة” اي الفوضى ام حلاً شبيهاً بالحل في اليمن؟

في معلومات لمصادر ديبلوماسية ان اتصالات ولقاءات سوف تعقد مع روسيا للتشاور في مرحلة ما بعد قرار الجمعية العمومية للامم المتحدة قبل العودة مرة جديدة الى مجلس الامن لاتخاذ قرار حول الوضع المأسوي في سوريا لاخراجها منه، وذلك بتخيير الدول المساندة للنظام السوري بين الاتفاق على صيغة لتغيير هذا النظام او تحمل مسؤولية قيام حرب داخلية في سوريا قد تمتد ليس الى دول الجوار فحسب بل ربما الى كل دول المنطقة فتقرر ليس مصير سوريا فقط بل مصير المحور الايراني في المنطقة. وعلى رغم ان الجميع يحذرون من عواقب هذه الحرب ويدعون الى العمل على تلافيها مخافة ان تنتهي بتفكيك دول المنطقة وتقسيمها، فلا اتفاق حتى الآن بينهم على صيغة حل تخرج سوريا من حرب مدمرة بسبب تضارب المصالح وصراع النفوذ.

ومن الآن الى ان تتظهر هذه الصورة، لا بد من أن تكون روسيا قد حددت موقفها، فإما يتم التوصل الى صيغة حل سياسي للأزمة السورية تصدر عن مجلس الأمن، او لا يتم التوصل اليها للاسباب التي حالت حتى الآن دون ذلك، او تواصل دول الغرب إحراج روسيا امام الرأي العام العالمي فتطرح على مجلس الامن حلاً للأزمة السورية حتى وإن كانت متأكدة مسبقاً من مواجهة “فيتو” روسي للمرة الرابعة، ولكي تحمّلها عندئذ مسؤولية قيام حرب داخلية في سوريا وما لها من عواقب داخل سوريا وخارجها.

الى ذلك، يمكن القول ان الازمة السورية دخلت مرحلتها الحاسمة، فإما ان يتم التوصل الى حل سياسي لها بموافقة دولية وعربية، وإما يصبح الحل العسكري هو الحل الذي لا مفر منه. وهذا الحل العسكري اما يبقى داخلياً بحتاً لا تدخّل خارجياً فيه، حتى وإن طال، كما حصل في لبنان، الى ان يصير اتفاق دولي وعربي على حل كما حصل ايضا في لبنان بالتوصل الى اتفاق الطائف، وإما ان ترى الدول المعنية بوضع سوريا انه لا بد من تدخل عسكري لوقف حرب الاستنزاف السورية الداخلية قبل ان تمتد شرارتها الى دول الجوار وربما الى دول المنطقة كلها، وعندها فإن هذا التدخل يكون حاسماً اذا لم يقابله تدخل آخر داعم للنظام في سوريا في حربه ضد الثائرين عليه، فتقع عندئذ حرب عالمية ثالثة انطلاقاً من الشرق الاوسط كما اندلعت الحرب العالمية الثانية انطلاقاً من اوروبا.

لكن اوساطاً سياسية وديبلوماسية مراقبة تستبعد ذلك لأنه اذا كان من تدخل عسكري خارجي فإنه لن يكون تدخلاً مباشراً بل غير مباشر بحيث تمد الدول المساندة لمعارضي النظام في سوريا هؤلاء بالمساعدات المالية والاسلحة، فيما تمد الدول المساندة للنظام بمثل هذه المساعدات الى ان يتغلب طرف على آخر، او يتعب الطرفان المتحاربان ويصيران مستعدين للقبول بحل ما. وتعتقد الاوساط نفسها ان روسيا لا يناسبها استمرار العنف في سوريا لئلا ينتهي الى تقسيم تنتقل عدواه الى غير دولة فتكون اسرائيل هي المستفيدة منه كونها صاحبة هذا المخطط من زمن بعيد.

هذا الوضع المقلق قد يجعل روسيا تعيد النظر في موقفها، فتعود الى الحل اليمني. والايام المقبلة هي التي ستجيب عن هذه الاسئلة.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى