هل تقف قطر خلف محاولة اغتيال رياض الأسعد؟
ناديـن العلـي
تعتقد شخصيات سورية معارضة أنّ تعيين غسان هيتو الأسبوع الماضي رئيسًا للحكومة الانتقالية الخاصة بـ”الإئتلاف الوطني السوري”، تولّت قطر تنسيقه بهدف تأمين هيمنتها على حساب المعارضة السورية بأكملها. اليوم يواجه هذا التحرّك معارضة تسبّب انقساماً وطنياً واسعاً.
عدد من أعضاء الإئتلاف قاموا بالانسحاب منه خلال الانتخابات، في حين علّق آخرون مشاركتهم فيه. وفي أول هذا الأسبوع أعلن رئيس الإئتلاف أحمد معاذ الخطيب استقالته. مرة أخرى تُواجِه المعارضة السورية مأزقاً نتيجة هذا الصراع على السلطة، والفوضى تلوح في الأفق، فيما يُمعِن القادة التفكير في اتفاق ممكن لإنهاء السعير السياسي الحالي.
عندما أعلن رئيس الإئتلاف أحمد معاذ الخطيب استقالته الأحد الماضي، اتّهم علناً بلداناً بأنّها تريد السيطرة على المعارضة السورية.
ورغم أنّه لم يشر صراحةً الى قطر، يعتقد كثيرون أنّه كان يتّهم هذا البلد الخليجي بمحاولة السيطرة على المعارضة من خلال تقوية الإسلاميين على نظرائهم في الإئتلاف، ومن خلال فرض انتخاب غسان هيتو رئيس وزراء للحكومة الانتقالية.
يؤكّد الناشط السوري وعضو الإئتلاف الوطني السوري، غسان ياسين، لموقع “NOW” على اتّهامه قطر بالوقوف وراء تعيين هيتو رئيس وزراء للحكومة الانتقالية، لكي تزيد من سيطرتها على القرار السياسي للمعارضة السورية. ويقول: “المعارضة تبقى ضعيفة بسبب وجودها المحدود في داخل سوريا وعدم قدرتها على إدارة المناطق المحررة بشكل فعّال. للأسف يستمر الأصدقاء باستغلال هذا الضعف لتأمين مصالحهم الخاصة قبل سقوط بشار الأسد”. ويتابع قائلاً إنّ لكل من السعودية وقطر “أشخاصاً محسوبين عليهم” في المعارضة والأزمة الحالية ليست سوى نتيجة خلافات طاحنة في داخلها.
ورغم أنّ معاذ الخطيب كان يُعتبر شخصية تحظى بإجماع الإئتلاف، يشرح خبراء أنّه كان يفتقر الى دعم مكوّنات مهمة في الإئتلاف، لا سيّما المجموعات الإسلامية مثل “الإخوان المسلمين” ومن يعملون بقيادة مصطفى صباغ من الدوحة.
عن ذلك يقول عمرو العظم، البروفسور المساعد في تاريخ الشرق الأوسط وعضو منظمة “اليوم التالي” السورية، إنّ الخلافات بين الأعضاء حول التفاوض مع النظام أو عدم التفاوض معه بدأت بالبروز في وقت مبكر، واستمرت بالتزايد لحين تشكيل الحكومة الانتقالية.
ويضيف العظم: “اتفق مختلف الناخبين على تشكيل حكومة انتقالية، ولكن لأسباب مختلفة أراد صباغ الحصول على السلطة، والإخوان المسلمون استعادة السلطة التي فقدوها، وسعى الليبراليون الى منع تنفيذ اتفاق جنيف الذي يفرض اشتمال بقايا النظام [في الحكومة]. فتلاقى الإخوان المسلمون وصباغ وهكذا استبعدوا الليبراليين الذين يمثلهم الخطيب”.
بدوره عبّر “الجيش السوري الحر” كذلك عن عدم ارتياحه لانتخاب هيتو. وقال المنسق الإعلامي والسياسي للجيش السوري الحر لؤي المقداد لـ NOW إنّ المجلس العسكري يرفض الاعتراف برئيس وزراء يُختار بواسطة الاقتراع، وليس على قاعدة القرار التوافقي. “لا يسعى الجيش السوري الحر الى لعب أي دور سياسي”، يشدّد المقداد، “نحن نعتقد بأن الإئتلاف هو العمود الفقري لنا، ولذلك نعارض التحرّك هذا لأنه يتسبب بانقسامات لا تخدم مصلحتنا”.
ورغم قراره بالاستقالة، وافق الخطيب على تمثيل المعارضة السورية في قمة الجامعة العربية في الدوحة، لكنه لم يوافق على العودة عن استقالته.
ويشرح العظم أنه قبل القمة العربية حصل الخطيب على ضمانات بأنّ يستمر الإئتلاف بتمثيل المعارضة سياسياً، وبأن يدير كافة العلاقات الدولية في حين تتولى الحكومة الشؤون التنفيذية. “دلّت استقالة الخطيب على بداية أزمة ما”، يقول، “ولكن بما أنّ خطابه لم يذكر شيئاً من هذا القبيل فهذا يعني بأنّ اتفاقاً يجري”.
ويشرح الناشط السوري ماهر إسبر بأنّ محادثات تحصل بين فريقين مهمين، واحد يمثّل الرأي الإسلامي وآخر يمثّل الرأي الليبرالي الحر بقيادة الخطيب، وهو يسعى اليوم الى ضم مجموعات ديمقراطية أخرى.
وبينما كانت الدول العربية مجتمعة، يقول إسبر، أصدرت مجموعة تضم أكثر من 25 ناشطاً ليبرالياً مؤثّراً برئاسة ميشال كيلو، بياناً تحث فيه على التخلّي عن الحكومة الانتقالية وعلى تشكيل هيئة تنفيذية عوضاً عنها أو حكومة متوافق عليها يتم اختيارها من قبل مختلف الفئات. “ومن المتوقّع أن تدعو هذه المجموعة كذلك الى إعادة تنظيم الإئتلاف، وإلى ضم المزيد من الأعضاء إليه بحيث يبقى بعيداً عن سيطرة أي طرف واحد أو تيار واحد عليه”.
في محادثة له مع “NOW”، أكّد المتحدّث بإسم الجماعة الإسلامية محمد سارنيني أنّ الجانبين يتّجهان الى توسيع الإئتلاف على أمل أن يكتسب المزيد من الشرعية. وهو يعتقد بأنّ الأحداث الأخيرة، مثل الحصول على مقعد في الجامعة العربية وفتح سفارة في قطر “مشجّعة”. وبالنسبة للأزمة المتعلقة بالحكومة الانتقالية، يعتقد أنّ من خلال “اختيار أعضائها بالإجماع سوف تُحّل”.
ميشال كيلو يرى أن “الإخوان المسلمين في وضع حرج جداً”، ويقول “هم يواجهون معارضة أقوى وسوف يحاولون احتوائها من خلال القيام بتنازلات تكتيكية، ولكنّي لا أعتقد بأن أي خطوة سوف يأخذونها سوف تقلب موازين الأمور لصالحنا”.
ويؤكّد العظم على النقطة التي أثارها كيلو ويقول إنّه رغم أن الجبهة الإسلامية تفكّر بإجراء هذه التغييرات، فإنّها لا تضمن بأنهم لن يستمروا بالسعي الى الحصول على دور سياسي. “إنّهم يتواصلون مع السوريين ويناقشون الحصص في الحكومة. أعلم أنّهم يريدون الحصول على وزير للخارجية. إذا كان نطاق حكمهم في الداخل، فلماذا يريدون وزيراً للخارجية؟.
ويوافق إسبر على ذلك، ويضيف بأنّه على الرغم من أنّ الإئتلاف يسعى الى الاستقلالية، فهذا لا يعني بأنّه سيحصل عليها. “سوف يستمر الصراع على السلطة”، ويرى أن “محاولة اغتيال رياض الأسعد (قائد الجيش السوري الحر) ليست سوى البداية”. ورغم أن المقداد يتهم نظام الأسد بمحاولة اغتيال رئيس الجيش السوري الحر، فإنّ إسبر لا يوافقه الرأي. “يقف خلف هذا الاعتداء مجموعات مدعومة من قطر ضمن الجيش السوري الحر. فالجيش السوري الحر يتمتّع بإستقلال في اتخاذ القرارت، وقطر لا يروق لها ذلك”.
موقع لبنان الآن