هل حصل الاسد فعلا على الصواريخ الروسية؟
رأي القدس
هناك حرب مستعرة على الارض السورية، اطرافها عديدة، فهناك حزب الله الذي دخل الى الميدان بقوة في اكثر من جبهة واهمها جبهة القصير، وهناك جماعات اسلامية متشددة تقاتل الى جانب الجيش الحر او بموازاة معه، وهناك قوى عالمية راعية روسية وامريكية واوروبية، واخرى اقليمية مثل الاردن والسعودية وتركيا وقطر.
في موازاة هذه الحرب الفعلية التي ادت حتى الآن الى مقتل مئة الف انسان، تشتعل حرب نفسية لا تقل شراسة بين سورية النظام واسرائيل الدولة المحتلة، ومحورها الصواريخ الروسية المتطورة من طراز ‘اس 300′ المضادة للطائرات والصواريخ وتعتبر احدث ما انتجته الصناعة العسكرية الروسية في مجال الدفاع الجوي.
الرئيس بشار الاسد في لقائه مع قناة المنار اللبنانية التابعة لحزب الله، لم يقل صراحة ان سورية تسلمت هذا النوع من الصواريخ، فلم يسمّها على الاطلاق، ولكن تلميحاته توحي بذلك، كما ان تكرار نائب وزير الخارجية الروسي لاقواله بان روسيا ملتزمة بتسليم هذه الصواريخ اضاف تأكيدات ومصداقية اكبر للنظرية التي تقول ان سورية استلمتها فعلا.
الاسرائيليون سارعوا الى التأكيد بان الصواريخ المعنية لم تصل الى سورية واعتمدوا في تأكيدهم على تقارير اخبارية متضاربة في الصحافة الروسية، فبعضها قال انها لن تسلم الصواريخ لسورية قبل الخريف المقبل، اي في ايلول (سبتمبر)، بينما قال البعض الآخر ان التسليم ربما يتم في مطلع العام الجديد.
التشكيك الاسرائيلي ذهب الى ما هو ابعد من ذلك من خلال القول ان الكوادرالعسكرية السورية تحتاج الى فترة زمنية من ستة اشهر الى عام للتدريب على استخدام مثل هذه الصواريخ وتجهيزها من الناحية العملياتية.
الاسرائيليون بارعون في اثارة البلبلة وقلب الحقائق، والروس اكثر براعة في تسريب الانباء غير الدقيقة الى صحفهم، او بعضها، بهدف التضليل والتغطية على صفقات مبيعات اسلحتهم، فقد فاجأوا الاسرائيليين وحلفاءهم الامريكيين عندما قدموا انظمة دفاعية متقدمة لمصر استخدمتها بفاعلية شلت الطيران الاسرائيلي اثناء حرب عام 1973.
هناك نظريتان تترددان بقوة حول موضوع هذه الصواريخ، الاولى تقول ان سورية استلمتها فعلا، او الدفعة الاولى منها، لان الروس جادون في دعم النظام السوري والحيلولة دون سقوطه مهما كلف الامر. اما الثانية فتشكك في الالتزام الروسي بتزويد سورية بهذه الصواريخ المتطورة تماما كما فعلت مع ايران عندما تراجعت عن تسليمها لها في اللحظة الاخيرة استجابة لضغوط اسرائيلية، لان روسيا لا تريد اغضاب الطرف الاسرائيلي لوجود مليون اسرائيلي من اصل روسي يعيشون حاليا في الاراضي العربية المحتلة.
الروس اهينوا اكثر من مرة على يد امريكا والمعسكر الغربي الذي استغل ضعفهم، والمرحلة الانتقالية الصعبة التي تلت سقوط الاتحاد السوفييتي، واطاحوا بحلفائهم في العراق وليبيا، ولذلك لن يسمحوا لهم باهانتهم للمرة الثالثة في سورية وتغيير نظام الرئيس الاسد، مثلما يقولون في مجالسهم الخاصة.
نتنياهو الذي هدد وزير دفاعه موشي يعلون بقصف هذه الصواريخ الروسية في حال تسليمها لسورية وضع نفسه فوق شجرة عالية ولم يعد قادرا على النزول الى الارض، فسواء وصلت الصواريخ الروسية فعلا الى سورية او ستصلها في الاشهر الاربعة المقبلة، فان عليه ان ينفذ تهديداته، او يتجرع كأس السم المذل ويبلع تهديداته ويخسر بالتالي تفوقه الجوي، وتجول طائراته بكل حرية، ودون اي تهديد في الاجواء السورية واللبنانية مثلما عليه الحال في السنوات الثلاثين الماضية على الاقل.
ضرب الصواريخ الروسية في سورية في حال وجودها او صولها يعني الصدام بشكل مباشر مع روسيا، فوجود خبراء روس للاشراف على تشغيل هذه الصواريخ امر حتمي، ومقتل هؤلاء يعني اعلان حرب على روسيا، فهل تتحمل اسرائيل نتائجها؟
الامر المؤكد ان نتنياهو ارتكب حماقة كبرى عندما اغار على سورية ثلاث مرات في بضعة اشهر فاستثار غضب الروس ودفعهم الى المضي قدما في خططهم لتسليم سورية صواريخ اس 300، وسيرتكب حماقة اكبر اذا ما قرر ضربها.
الغرور الاسرائيلي يتآكل بسرعة قياسية، والمأزق الاسرائيلي الراهن بسبب تطورات الاوضاع السورية قد يكون اكثر خطورة من المأزق السوري نفسه.