هل يَنقُص حلفاء الأسد أكثر؟
سركيس نعوم
تناقص عدد حلفاء النظام السوري كثيراً في الاشهر الاخيرة. فعربياً، شهدت جامعة الدول العربية في بداية اهتمامها بالأزمة السورية الخطيرة، اجماعاً على صحة المطالب التي يرفعها ثوارها كما على عدالتها، وفي مقدمها تنفيذ إصلاحات جدية تؤدي الى تداول للسلطة والى اقامة نظام ديموقراطي يحترم الحريات العامة وحقوق الانسان. وفي آخر اجتماع لها على مستوى وزراء الخارجية كان هناك توافق إجماعي على طلب الثوار السوريين تنحي الرئيس وتنفيذ إصلاحات وإجراء انتخابات حرة. كما كان هناك توافق شبه إجماعي على إشراك مجلس الامن في مسؤولية ايجاد حل للأزمة في سوريا، في حال فشلت الجامعة في توفير الظروف الملائمة لتنفيذ الحل العربي لها. وذلك يعني ان الدول السبع التي تباينت وجهات نظرها مع غالبية اعضاء الجامعة لم تكن في اعماقها ضد الثورة السورية ومع القمع السوري لها، بل كانت تعكس رغبة بعض هذه الدول في عدم التورط مباشرة في ما يجري داخل سوريا تلافياً لتدخل الاخيرة في شؤونها، وهي قادرة على ذلك. كما كانت تعكس خوف البعض الآخر ان يعدي نجاح ثوار سوريا شعوبَها، وان يدفعها الى التحرك تخلصاً من انظمتها الديكتاتورية والفاسدة. ورد الفعل السوري السلبي (النظام) على القرارات الأخيرة لجامعة الدول العربية يعكس اعترافاً منه بخسارة العرب، وباستعدادهم لمساعدة الثوار بكل الوسائل ومنها المجتمع الدولي. وعلى الصعيد الاقليمي صارت الجمهورية الاسلامية الايرانية الحليف الاستراتيجي الوحيد لنظام الأسد، وخصوصاً بعدما خسر تركيا التي كان يعوّل عليها للقيام بأدوار إقليمية مهمة والتي تحوّلت مؤيدة للثائرين عليه. طبعاً لا يعني ذلك ان سوريا الأسد صارت قريبة من السقوط جراء ذلك، فإيران اصبحت ومن زمان قوة عظمى في المنطقة، بل القوة العظمى، ذلك ان الدول الاخرى القوية وفي مقدمها تركيا يشكّل الغرب بحلف شمال الاطلسي جزءاً اساسياً من قوتها. في حين ان القوة الايرانية ذاتية ومتطورة وقد تصبح نووية، وواجهت بنجاح حتى الآن على الاقل حلفاء اميركا في الشرق الاوسط بل اميركا نفسها. علماً انه لا يزال مبكراً الحكم على نتيجة المواجهة مع اميركا وذلك انطلاقاً من اقتناع بأن الدول العظمى في العالم تخسر معارك لكنها تربح الحرب. وهذا أمر لم يبدُ يوماً متيسراً للقوى الاقليمية الكبرى او حتى العظمى. إلا أن رد فعل ايران هذه على قرارات جامعة الدول العربية اخيراً، بل على مبادرتها المُجَدَّدَة التي تطلب “تنحِّياً” وإن غير رسمي لحليفها الرئيس بشار الأسد، لم يكن رافضاً لها مثل رد فعله هو وحكومته. فقد اعتبر الناطق باسم وزارة الخارجية في طهران “عناصر تقرير لجنة المراقبين العرب عن سوريا فنية ومتوازنة نسبياً”. وقال “انه مع المبادرة الجديدة للجامعة تتوافر الارادة اللازمة والكافية لتنفيذ الاصلاحات في سوريا التي التزم الرئيس السوري تنفيذها في خطابه قبل 15 يوماً”. طبعاً لا يعني ذلك ان ايران الاسلامية ستختلف مع سوريا الاسد. لكنه يعني انها لن تسقط معها إذا وصلت الى هذه المرحلة، وانها ربما تنصحها بالتجاوب للتوصل الى تسوية مشابهة للتسوية اليمنية أي تضحي برأس النظام وتسمح باستمرار بعضه من خلال الامن والعسكر ولكن مع تداول ما للسلطة. اما على الصعيد الدولي فقد فاجأ رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي والموفد الخاص للرئيس ميدفيديف ميخائيل مارغيلوف، السوريين والعرب والعالم بقوله: “ليس في وسع روسيا ان تفعل المزيد للاسد” الذي عليه ان يقرأ الموقف بوضوح، وهو ان الاصلاحات وإنهاء العنف هو ما ينبغي ان تفعله القيادات السورية اليوم. وطبعاً لا يعني ذلك ان روسيا ستتخلى عن الاسد ونظامه. لكنه يعني انها غير مستعدة للتضحية بمصالحها من اجلهما وخصوصاً اذا ادى تشددهما ورفضهما كل شيء الى حرب مذهبية لا يمكن حصرها داخل حدود سوريا فقط.
هل يقرأ نظام الاسد المواقف العربية والاقليمية والدولية بعقلٍ واعٍ او بعقلٍ “أُمنياتي”؟ لا احد يعرف الجواب.
النهار