هيثم المالح: لم يَعُد سقوط النظام السوري بعيداً
“إسلام اون لاين”
أكّد المعارض السوري المحامي هيثم المالح أن النظام في سورية، لم يتقدم بأيّة خطوة حقيقية باتجاه الإصلاح، منوّهاً إلى أن رفع حالة الطوارئ لم يكُن سوى خداعاً للمواطنين.
وحول دعوة النظام إلى الحوار قال المالح، الذي يلقّب بـ”شيخ الحقوقيين السوريين” في لقاء مع “إسلام أون لاين” إنه لا يمكن إجراء هذا الحوار إلا بعد كفّ تغوّل الأجهزة الأمنية على حياة المواطنين والتدخل في شؤونهم، وكذلك إطلاق سراح معتقلي الرأي ومعتقلي الاحتجاجات كافة.
ولم يستبعد المعارض السوري أن تغيّر روسيا موقفها من نظام الأسد، وفيما إذا كان ممكناً اشتعال حرب ما مع الكيان الصهيوني قال:” لا أعتقد أن النظام في سورية يفكّر بشنّ حرب، والأسباب يعرفها هو جيداً. وفيما يلي نصّ الحوار:
حوار عبثي
* هناك تسريبات عن نيّة النظام اتخاذ خطوات إصلاحية جديدة في الأيام القادمة، قد تتمثل في إلغاء المادة الثامنة من الدستور التي تنص على أن حزب البعث هو قائد الدولة والمجتمع، فضلاً عن القانون 49 الذي ينصّ على حكومة الإعدام بحق أيّ منتسب إلى الإخوان المسلمين. ما رأيك، وبالتالي كيف تنظر إلى مجمل الخطوات الإصلاحية التي اتخذها النظام؟
– تسأل عن الزيادة في الإصلاحات، مثل إلغاء المادة الثامنة من الدستور والقانون 49، فهل كان هناك بداية لأيّ إصلاح، في رأيي لم يتقدم النظام بأيّ خطوة باتجاه الإصلاح، ودليلي على ذلك أن الرئيس أصدر مرسوماً برفع حالة الطوارئ، بينما أصدر المرسوم 55 بتعديل المادة 17 من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي سحبت البساط في التحقيق فيما يسمى جرائم أمن الدولة، من تحت النيابة العامة لتعطيها إلى ما يسمّى الضابطة العدلية وهي جهاز وزارة الداخلية وبموجب هذا التعديل يستطيع أيّ شرطي أن يوقف أيّ شخص مدة أسبوع فيما يندرج تحت هذه المادة فأيّ إصلاح هذا؟ وقد كتبت مفصّلاً حول هذا التعديل مقالاً تحت عنوان الخداع فيمكن الرجوع إليه.
* كيف تنظر إلى جلسات الحوار التي بدأت في اتّحاد الكتاب العرب بمشاركة بعض أشخاص من المعارضة؟
– في رأيي ليس هناك حوار إلا إذا بدأ بين أطراف المعارضة أنفسهم وفي جوٍّ من العلانية والشفافية، ولا يمكن أن يتم ذلك إلا بعد كف تغوّل الأجهزة الأمنية على حياة المواطنين والتدخل في شؤونهم، وكذلك إطلاق سراح معتقلي الرأي ومعتقلي الاحتجاجات كافة والسماح بهذه الاحتجاجات السلمية دون تدخل، بل وحمايتها، وإحالة المسؤولين عن جرائم القتل والتعذيب إلى القضاء بعد إيداعهم السجون، وقبل هذه الخطوات أيّ حوار يتم إنما هو حوار عبثي لا يمكن أن يفضي إلى شيء.
فرّق تسد
* يحاول النظام السوري التفرد بكل طرف من أطراف المعارضة السورية على حدة، ومن هنا نسأل عن رأيك بدعوته الأحزاب الكردية للقاء الرئيس الأسد وموافقة بعضها على اللقاء. ومن قبل جاء العفو عن المعتقلين من جماعة الإخوان المسلمين قبيل يوم من عقد مؤتمر أنطاليا؟
– إن استراتيجية هذا النظام منذ عهد الرئيس السابق حافظ الأسد كانت تقوم على قاعدة “فرّق تسد”، وكلّنا يعلم كيف تمّ تمزيق سائر الأحزاب السياسية إلى فروع بصورة أضعفت هذه الأحزاب، كما لعب النظام بورقة التفريق بين أطياف المجتمع، طائفياً وإثنياً وما شابه ذلك، وبالتالي فلا يعوّل على النظام فيما يتعلق بدعوة الأخوة الأكراد الذين رفضوا من حيث المبدأ لقاء الرئيس، أمّا مسألة العفو عن الإخوان المسلمين فهل تعلم أن أحداً منهم لا زال في السجن؟
* هذا يجرّنا إلى الحديث عن مؤتمرات المعارضة سواء في أنطاليا أو في بروكسل.. كيف تنظر إلى هذه المؤتمرات والنتائج التي صدرت عنها؟
– لقد تحدثت مباشرة مع مؤتمر أنطاليا، كما أرسلت ورقة عمل إلى مؤتمر اسطنبول، ولخّصت رأيي بأنه يحق لكل السوريين الموجودين خارج سورية والمعارضين للنظام السوري أن يجمعوا أنفسهم ويعقدوا المؤتمرات من أجل دعم الثورة السورية في الداخل سياسياً وإعلامياً ومالياً مع عدم الادّعاء بأن هذه المعارضة تمثّل الداخل، ذلك أنني أعتقد أن المعارضة الحقيقية هي الموجودة في الساحة الداخلية التي لها الدور الأول في تأسيس التحول نحو الحرية والديمقراطية في سورية.
* يقال: إن هناك نيّة لعقد مؤتمر علني للمعارضة في الداخل، ما مدى صدق هذا الكلام وماذا يمكن القول؟
– لا أعتقد أنه يمكن فعلاً عقد مؤتمر علني للمعارضة في سورية بسبب القمع الوحشي لكل حراك في الشارع السوري، ولا أدلّ على ذلك من اتساع رقعة المعتقلين الذين تجاوز عددهم حتى الآن أكثر من خمسة عشر ألف معتقل، فضلاً عن الملاحقين والمختفين عن الأنظار.
* تردّد أن بعض التنسيقيات في الداخل قد أصدرت بياناً مشتركاً أعلنت فيه العمل المشترك.. ما رأيك. وما مدى التنسيق بين رموز المعارضة في الداخل مع هؤلاء الشباب؟
– لقد اطّلعت على بيان نسب إلى التنسيقيات، وقد اجتهدوا فيما رأوه من أجل مستقبل البلد وهم يقدّمون جهدهم، ويتمّ بصورة أو بأخرى الاتصال ببعضهم والمذاكرة حول مشكلات البلد.
* ما يقال عن الانقسام الحاصل في قوات الجيش وتشكيل ما يسمّى كتيبة الضباط الأحرار.. كيف ترى هذا الأمر، وإلى أيّ حدّ يمكن المراهنة على تمرّد في الجيش وانضمام أعداد منه إلى المتظاهرين؟
– كل من يعمل على الساحة السورية في جانب المعارضة ينتظر من الجيش أن يتّخذ موقفاً كموقف الجيش المصري والتونسي، وعلى أقلّ تقدير أن يكون حيادياً، أما وأنّ بعض فرق الجيش أضحت تستعمل لقتل المدنيين وقصف بيوتهم وتدمير حياتهم، فانشقاق بعض فرق الجيش وانضمامها إلى الثورة أضحى أمراً مستحبّاً وقد يكون لا غنى عنه في الوقت الحاضر.
الضغط الدولي
* كيف ترى مواقف الدول الغربية ممّا يحدث وهل ترى أن العقوبات التي فرضتها على النظام كافية لإحداث تغيرات حقيقية في مواقفه؟
– لقد كتبت مقالاً تحت عنوان “وليد المعلم متحدثاً”، أوضحت فيه وجهه نظري حول حق الشعب في ممارسة الشكوى على النظام إلى المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة وسورية هي عضو فيها، وبالتالي فإنّ صدور قرارات من أجل التضييق على بعض عناصر النظام ضمن مفهوم القانون الدولي يعطي الثورة في الداخل بعضاً من حرّية الحركة، مع قناعتي بأنّ النظام حتى الآن لا يتبصّر بما هو مقدم عليه من كوارث ومآسي تحيط بسورية نتيجة قمعه الحراك الشعبي على الأرض.
* كيف يمكن فهم الموقف التركي من الأحداث السورية ولاسيما تصريحات غُل الأخيرة حول استعداد تركية دبلوماسياً وعسكرياً؟
– أنت تعرف أن المصالح هي التي تحرّك الدول، وتركية دولة مجاورة ولها مصالحها الحيوية في سورية. وتخشى الانفلات الأمني على حدودها، وهذا ما دفع الحكومة التركية إلى التحرّك على الشكل الذي تمّ حتى الآن وتصريحات أردوغان الأخيرة إنذار للنظام السوري.
* هل تتوقع أن يتمّ تغيير في الموقف الروسي والصيني من النظام السوري؟
– إنّ كلّ شيء ممكن، وفي الوقت الحاضر فإنّ روسيا دعت بعض المعارضين السوريين في الخارج لزيارتها وسماع أقوالهم وقد يكون هذا تمهيداً لتغيير الموقف الروسي، وقد سمعنا مندوب روسيا حين أعلن عن سبب فقدان معمر القذافي لشرعيته، أنّ سبب ذلك هو استعمال السلاح من جانب السلطة لمواجهة الشعب وقتل المدنيين، وهو السبب نفسه الموجود الآن في سورية فالسلطة بوسائلها المتعددة تقتل المدنيين وتحاصر المدن وتقصفها بالدبابات والطائرات فما الفرق بينهما؟
إضافة إلى ذلك فإنّ الموقف الأخلاقي يلزم سائر دول العالم، أن تتّخذ موقفاً في حدّه الأدنى أن تكون على حياد أمّا أن تدعم نظاماً استبدادياً قاتلاً فهو أمر غير مفهوم.
* ما الذي نريده من الغرب وأميركا في ظلّ رفض المعارضة التدخل العسكري؟
– المطلوب من سائر دول العالم ممارسة الضغط الدبلوماسي في الجانبين السياسي وحقوق الإنسان، وإنّ ما بدأته الدول الأوربية من منع سفر بعض المسؤولين السوريين يساوي تماماً ما يمارسه النظام من منع السوريين من السفر خارج بلادهم كما هو حقّهم الطبيعي.
* يلاحظ عدم إعطاء أيّ دولة عربية موقفاً من الأحداث التي تشهدها سورية بالرغم من مضيّ ثلاثة أشهر على بدايتها.. كما اعترضت منظّمة المؤتمر الإسلامي على إدانتها في مجلس الأمن.. وكيف نفهم شبكة علاقات سورية مع هذه الدول. وما الذي يمنعهم أو يخيفهم من إعطاء موقف كما حدث مع ليبيا مثلاً؟
– من المؤسف أن لا تقف الدول العربية وجامعتها ومنظمة المؤتمر الإسلامي مع الشعب السوري، وتتّخذ قراراً بإدانة النظام الليبي ولا تنتقد توأمه النظام السوري، وكما يبدو لي أنّ خدعة المقاومة، ودعمها هي ما يتستّر به النظام لاعباً بهذه الأوراق كي يستمرّ في الحكم ويعيث في الأرض فساداً ويقمع الشعب، وأنا أسأل هل إذا كان النظام مقاوماً يباح له أن يكون مفسداً في الأرض ويتعدّى على حرّيات الناس وأموالهم وأعراضهم؟
وهل يعني أنّ النظام وحده هو الذي يدعم المقاومة، بينما الشعب السوري لا يندرج تحت هذا الشعار، وفي هذا افتراءٌ كبير على شعبنا الذي قاد كل حركات التحرّر في العالم العربي ولا زال.
* لا تستبعد بعض الأطراف أن تقوم سورية بافتعال حرب بشكل ما مع “إسرائيل” كي تخرج من ورطتها الداخلية؟
– لا أعتقد أنّ النظام في سورية يفكّر بشنّ حرب، والأسباب هو يعرفها جيداً.
حاجز الخوف
* ما آفاق المستقبل برأيك وما السيناريوهات المتوقعة.. بمعنى إلى أيّ مدى يمكن أن يذهب النظام في قمعه الانتفاضة أكثر ممّا ذهب، وإلى أيّ مدى يمكن لحركة الاحتجاج أن تصمد في وجه آلة القمع الرهيبة هذه؟
– لم يعُد سقوط النظام بعيداً، والحوارات الجانبية التي تجري هنا وهناك تتّجه إلى وضع الخطوط العريضة من أجل الانتقال إلى نظام ديمقراطي يلبّي حاجات الشعب ورغباته، وطبعاً لا يمكن الإيضاح أكثر من ذلك حرصاً على السلامة العامّة. وأعتقد أنّ الشعب كسر حاجز الخوف وصمّم على انتزاع حقّه في الحرية والكرامة التي لا رجعة عنها مهما كلّف ذلك من ثمن.
* يحاول بعضهم التأكيد على وجود أطراف إيرانية ولبنانية من حزب الله تشارك في قمع التظاهرات، ما مدى معلوماتك. وهل ترى أنّه يمكن لإيران أو لـ”حزب الله” أن يتورّطا إلى هذا الحدّ؟
– باعتقادي أن النظام الإيراني يساعد النظام السوري في قمع الاحتجاجات والتصلّب في مواجهة الحراك في الشارع السوري تماماً مثلما فعل هو مع المعارضة الإيرانية، ومن مقارنة بسيطة بين ما يجري الآن في سورية وبين ما جرى ويجري على الساحة الإيرانية نجد تشابهاً كبيراً فضلاً عمّا سمعناه من إلقاء القبض على بعض عناصر غير سورية مشاركة في قمع المتظاهرين، كل ذلك يندرج في إطار مصلحة إيران التي ترى النظام السوري جسر عبور إلى القاعة الإيرانية في لبنان.