صفحات العالم

هَمُّ الحدود… وَهمُّ موسكو!

    الياس الديري

نادراً ما استطاعت قضية، أو أزمة، أو حرب اهلية، جمع “شمل” اميركا وروسيا في موقف واحد، على رأي واحد، في اتجاه واحد. لذا يبدو لقاء “الضدّين” في نطاق الحرب السورية المدمّرة كأنه استثناء، بل حدثٌ جديرٌ بلفتة خاصة…

فهل التفجيرات الدمشقيّة الأخيرة، والمناوشات الصاروخيّة المفاجئة بين “حزب الله” و”الجيش السوري الحر”، وعبر الحدود والقرى اللبنانية – السورية، هي الدلالات الميدانيّة التي تسبق عادة مواعيد الدخول في صلب الحلول والحوارات والمخارج السلميّة المحتملة؟

الكلام الصادر عن اجتماعات القاهرة في هذا الخصوص، والكلام الآخر المنسوب الى رئيس الحكومة الروسيّة دمتري ميدفيديف،  يُبرزان إشارات ومواقف واستعدادات روسيّة جديدة على جانب من الأهمية، وجديرة بالتأمّل، ومحاولة اكتشاف ما خلف أكمتها.

فإلى جانب الموافقة على “ألا يكون الرئيس بشار الأسد طرفاً في أيّة تسوية مرتقبة أو محتملة”، أكّد ميدفيديف في تصريح جديد له “أنّ الهم الأوّل والأساسي بالنسبة إلى روسيا يتمثّل في الدرجة الأولى بإحلال السلام في سوريا، وليس مصير بشّار الأسد”.

إلا أنّ هذه التطوّرات التي لا تزال تعبّر عن تمنيات، أو توجّهات في أفضل الحالات، قد تشكّل منطلقاً وأساساً لبدايات لا بد من ولوجها… تمهيداً لبلوغ الأهداف المرجوّة: أيّ، التسوية السلمية التي تضع حداً لأخطر حرب عرفتها سوريا في تاريخها الحديث كما القديم.

إلى ذلك، وفي السياق ذاته إنما من الزاوية اللبنانية، أو مما تشهده الحدود اللبنانية – السورية من تطوّرات ميدانيّة “مصوْرَخَة”، لم يعد السؤال السياسي الأبرز، لبنانياً، محصوراً في نطاق قانون الانتخاب… وما إذا كان الاستحقاق النيابي سيُرجأ أو يُستبدل بالتمديد، بل تقدمه وبأشواط بعيدة، إقليمياً ودولياً، الشق الأمني وخفاياه ونيّات مَن هم خلفه، وأبعاده الداخلية المفتوحة على كل الاحتمالات… واعتبار مسؤولين كبار أن ما يجري على الحدود أمر في منتهى الخطورة، يجب استدراكه عاجلاً وسريعاً.

وخصوصاً بعدما أُدخل “حزب الله” وسلاحه و”جنوده”، ولسبب لا يزال ملتبساً، في صميم الأزمة العسكرية – السياسيّة – الإقليميّة – الكبرى التي تجتاح حربها المدمّرة كل المناطق والمدن والحدود السورية، وبشراسة غير مسبوقة.

لا شكّ في أن هذا التطور، الذي اختلفت الآراء فيه والتفسيرات له، قد أدخل الوضع اللبناني في مأزق جديد لا يزال في بداياته، ولا يزال من السابق لأوانه التورّط في أية تقديرات أو تحليلات، في انتظار نتائج الاتصالات والمساعي التي تُبذل على مختلف الصعد، لبنانياً، وإقليمياً ودولياً.

ومما ضاعف معيار القلق لدى اللبنانيين إعلان الناطق باسم “الجيش السوري الحر” أن “حزب الله أصبح عدواً وجزءاً من المعركة”.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى