صفحات العالم

وفقا لكيلو: الحرب أو الأسد


عبد الرحمن الراشد

الناشط السياسي السوري ميشيل كيلو يرى أن البديل المتاح الآن لنظام بشار الأسد في سوريا واحد من اثنين؛ «حرب داخلية ثم إقليمية ضارية ومديدة، أو صدام دولي بين القوى العظمى». هذا ما كتبه في مقاله أمس في «الشرق الأوسط»، وتعكسه تصريحاته الأخيرة. ويأتي تحليله في نفس الاستنتاج الذي كتبه كوفي أنان، المندوب الأممي، في تقريره، ولنتذكر أنه بدأ مهمته في فبراير (شباط) الماضي بنفس الاستنتاج، حتى قبل أن يزور دمشق، معلنا أن حربا أهلية على الأبواب. لكن نعرف أن الذي رشح أنان هو الفريق الموالي للنظام السوري، الروس والأمين العام للجامعة العربية. ولهذا جاء تقريره ليرضي النظام السوري وحلفاءه. ولا أستطيع أن أقول الشيء نفسه عن ابن اللاذقية، كيلو، فهو مناضل دفع الثمن لمعارضته النظام سنين في الحبس، واستمر وفيا لمواقفه السياسية، لكن بالتأكيد أختلف معه في اختصار الخيارات إلى اثنين، إما النظام أو الحرب. وأعتقد أنه لو سئل السوريون اليوم فإن إسقاط النظام بالنسبة لهم هو خيارهم الوحيد، وطريقه طويل ومعبد بالآلام.

كما أن محاولة اختصار ما يحدث في سوريا بأنه صراع بين السعودية وقطر وتركيا ضد إيران وروسيا فيه إساءة للشعب السوري الذي تظاهر عاري الصدر عاما كاملا دون أن يتسلم من أحد رصاصة أو دواء أو دولارا. ما يحدث في سوريا لم تخترعه السعودية أو قطر بل انتفاضة حقيقية ضد نظام بشع. تمثل صراعا بين غالبية الشعب السوري ونظام الأسد ومن يؤيده، انتفاضة طبيعية على أقسى الديكتاتوريات في العالم. نظام غير قابل للتليين أو الإصلاح، وكل ما يقال عن انتخابات وإصلاحات يعرف السوريون أنها أكاذيب. وبالتالي أمامهم خياران، استمرار المواجهة سنين عديدة أو سنوات أقل، لكن في النهاية سيعجز النظام عن الصمود أمام كراهية الناس له ورغبتهم في إزاحته.

وإذا كان كيلو يرى مستقبل الثورة حربا أهلية تتحول إلى إقليمية، وأظنه يعني أن سقوط النظام سيؤدي لاحقا إلى ظهور دويلات في سوريا ومعارك محلية وإقليمية بسببها، فالسؤال لماذا يكون هذا خيارا سيئا إذا كان البديل أسوأ، وهو بقاء نظام الأسد يحكم كل سوريا؟

ما يقوله كيلو وأنان ولافروف والصالحي ونبيل العربي كلها استنتاجات تنتهي بجملة واحدة: المحافظة على النظام. السؤال المرعب الذي يخوف النظام به الآخرين: ماذا سيحدث لاحقا؟ لكن دعونا نسأل كل الأسئلة الصحيحة حتى نصل إلى الإجابات الصحيحة. مثلا، ما هو المحتمل تحقيقه لحل الأزمة؟ مثلا، هل يمكن للأسد أن يتنحى ويتم نقل السلطة سلميا، كما حدث في اليمن؟ الإجابة: لا، بكل تأكيد.

هل يمكن للنظام أن يقصي الأسد ويتم تعديله من الداخل كما حدث في تونس ومصر؟ الإجابة، أيضا وقطعا: لا.

هل يمكن إسقاط نظام الأسد بالقوة داخليا؟ نعم، من خلال الانتفاضة التي تكبر مع الوقت رغم الحصار ربما بعد عام أو عامين.

هل يوجد احتمال أن تتشقق سوريا علويا وكرديا مثلا؟ نعم، الاحتمال وارد.

وهل يمكن أن تقع حرب أهلية بسببها؟ الاحتمال وارد أيضا.

نعود من البداية ونسأل، هل يمكن للسوريين أن يرجعوا إلى بيوتهم خوفا من التقسيم والحرب الأهلية؟ أستبعد تماما، لأن بقاءهم تحت نظام الأسد أسوأ من المخاطرة بحالة الحرب.

وإذا كان كيلو يظن في البداية أن إسقاط النظام كان نزهة فهو مخطئ، وإذا كان يعتقد اليوم أن العودة للعيش تحت حكم الأسد مثل العودة للبيت بعد ليلة في السينما، فهو أيضا مخطئ. لهذا دعونا نفكر في كيفية حل ينهي النظام وليس يبقي النظام، سلما ما أمكن، أو غير ذلك.

الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى