و هكذا سيبقى العهد.. حتّى آخر معتقل !
كانت ، و على مدى أعوام ، قضيّة معتقلي الرأي من إحدى أكثر القضايا التي كتبت ُ عنها في هذه المدونة و اليوم ، إبان تسمية الجمعه لهذا الإسبوع بإسم جمعه معتقلي الثورة ، أشعر أنني أريد ُ أن أملأ الفضاء بالحديث عنهم و لا أعرف من أين أبدأ.
لا أستطيع ُ أن أكتب عن قضيّة المعتقلين بشكل ٍ حياديّ ، فأنا ، بشكل ٍ أو آخر ، أعتبر ُ قضية معتقلي الرأي قضية شخصية حتى و إن لم أكن أعرف ُ عن هؤولاء المعتقلن سوى أسمائهم أو ربما في بعض الحالات أرقامهم ليس أكثر.
على الرغم من أنّ فكرة الإعتقال لم تكن غريبة ً لكنّ أحدا ً لم يكن يتكلّم بها على مدى سنين في سوريا . في منتدى أخوية سوريا ، كانت المرّة الأولى التي حرقت هذه القضيّة أصابعي . كنت ُ في السادسة عشر من العمر ، و على تلك الزاوية من المراهقة تقاطعت الطرق لألتقي بهم ، أوائل المعتقلين ، كانوا مجرّد أسماء وهميّة قرأت ُ كتاباتها -التي لم توهن نفسيتي أبداً – ، كانوا مجموعه من الأحرف ليس أكثر ، مجموعه من الأحرف التي أرادوا شنقها بالظلام. هناك كانت أوّل مرّة أتقاسم ُ المكان مع شخص ٍ ما عاد يملأ من المكان سوى ذاكرة و قبو و ظلمة تدعى المعتقل . و منذ ُ ذلك الحين و حتى هذه اللحظه ، مازلت ُ غير قادرة على فهم فكرة الإعتقال !
فهؤلاء المعتقلين ، السابقيين و الحاليين ، ما قبل الثورة و ما بعدها ، هم الشهود الحق على الجريمة ، هم الذين لم يرحلوا مع الشهداء و لم يبقوا معنا ، خطّ الوصل الذي يشدّ النظام به على رقابنا و يشدّ على رقابهم بنا، ولكن هيهات أن نقطع هذا الخط . فالمعتقلين ، جميعا ً ، لنا . سيعودون إلينا و إلى هذه الفسحة من الأرض التي تنتظرهم لتغسل عنهم كلّ الألم و تشكرهم ، سوريا بإنتظاركم !
يقول بعض المتبحرين في العلوم الفلسفية في الشرق أنّ كلّ شيء في الحياة يفضي إلى دائرة . كلّ الأشياء تنتهي دائما ً بالمكان الذي بدأت منه ُ . هذه الثورة بدأت من أجل المعتقلين ، سواء اعتقال أطفال درعا أو أعتصام أهالي المعتقلين في دمشق ، و نحن ُ إذ نتظاهر و نكتب و نغنّي و نرسم و نصوّر لأجلهم اليوم ، أرغب ُ بالإيمان حقّا ً بنظرية “ الحياة دائرة” و أتمنى فعلا ً أن نصل إليهم و نغني و نحتفل معاً بأقرب وقت و من ثمّ نعلن ُ كلّ المعتقلات متاحف للثورة. فأنا و معي كــُثر ٌ نحلم بأننا في يوم من الأيام سنستطيع ُ في سوريا أن نزور كلّ المعتقلات بعد أن تصبح متاحف و مراسم يشترط بكلّ من يدخل عليها أن يؤدي القسم أنه ُ لن يكرر التاريخ.
أخيرا ً ، “مافي حبوس تساع كلّ الناس .. بيعتقلوا كتير ، و بيبقت كتير و باللي بيبقوا رح بنكمّل ! “
، هكذا كان العهد ، و هكذا سيبقى .. حتّى آخر معتقل !
http://www.freesham.com/2012/01/blog-post_20.html