أمزجة التعب/ عبد الوهاب الملوح
من المُمكن الآن ترتيب أمزجة التَّعب :
ثمّة سيدة في الممرِّ ترتق ذاكرة البيتِ؛
ثمَّة منعطفات مرايا مبلَّلة بمياه معلَّقة في الكلام الذي لم تقله ا لمقاعد ُ؛
ثمَّة أيضا موانئُ تبتكر البحر، توفد زرقته سفنا تعتق الضوء.
ثمَّة حاجة لانتشال البكاء من الوهم،
ليس البكاء مشقَّة عداد مشنقة من الدموع!
من الصعب تربية الحزن
ثمَّة حاجة لهشاشة أغنية تنقذ الحزن من
مهن ٍ في البكاء …
من الصعب (والليل أرجوحة للفداحة)
أن يكتفوا بالصدى عوضا عن الانشغال
بما يتوهج من شجر في السكوت ..
من الصعب (والصمت تربية للحديقة في ساحة القلب)
أن يدركوا أرض لوعاتهم ..
هكذا سيمر ُّ
العابرُ، المتملِّي، المُتمنِّي، المتمعِّن، المتمكِّنُ، المُتمشِّي، المتمرِّدُ ؛ المتلذِذُ، المتلحِّفُ، المتلبِّسُ، المتلهِّي؛ الْمُتوهِّجُ، المُتوهِّمُ، المُتودِّدُ، المُتوحِّدُ، المُتوقِّفُ في حشود خطاه؛ في شرود لفتاته، بين حُشود صمته؛ مُتحالفا مع شجونه، مُتحاملا ضد وعوده، مُتحفظا على جهوده؛ جهودُ المنفيِّ بين هوامشه، المنسيِّ في هواجسه، المتعرِّي في قمصانه، المنتهّي قبل بداياته.
تبًّا لآياته.
عالقٌ في قيعان دواة بلا حبر عمره حبر في دواة الأمل البذيء المتحامل على العرق القديم المتدفق من التعب كالتعب البريء، كالحجر في كفِّ الأرض الحزينة على مصائره، كالأرض مرتوقة بالدموع منذ الأزل بخيطان الدموع، مشدودة إلى عِرْق صلب من عرق يشبه منيَّ الشجر، يشبه طين السماء، يشبه توحم الخلنج في قيعان المحيطات
ويتعب لمجرد عبوره النهار وتتعب الشوارع؛
لن تقول النوافذ شيئا… كانت الغرف في صدره تبحث لها عن بنائين جدد وتبحث لها عن هواء خارج المناخ
شاعر تونسي
القدس العربي