صفحات الناس

الفيزا» التركية للسوريين… هل هي تنظيم أم تشديد إجراءات؟/ محمد الحسين

 

 

أصبح قرار الحكومة التركية الذي تفرض فيه وللمرة الأولى، بعد انطلاق الثورة، تأشيرة دخول «فيزا» على السوريين الراغبين بالدخول إلى أراضيها، موضع جدل وأخذ ورد، بين تأكيده ونفيه، قبل أن تعلن الخارجية التركية في بيان لها تأكيد صدوره أواخر الشهر الماضي.

القرار ورغم أنه استثنى السوريين الداخلين إلى تركيا عبر منافذها البرية مع سوريا من الحصول على «الفيزا»، ليطبق على السوريين القادمين من الدول الأخرى، لاقى استهجاناً لدى الكثير من السوريين، وخاصة بعد الإعلان عن شروط التقدم للحصول على تأشيرة الدخول، والتي اعتبرها البعض شروطاً معقدة وصعبة، وخاصة لجهة المقارنة مع التسهيلات التي كانت ممنوحة للسوريين على وجه الخصوص، خلال السنوات الخمس الأخيرة.

مدحت حلاق، مدير شركة للاستشارات القانونية، يقول لـ «القدس العربي» في تصريح خاص: «الشروط التي تم الإعلان عنها تعتبر معقدة، ومنها أن يكون الجواز السفر صالحاً لمدة ستة أشهر، في حين أن تركيا كانت تسمح سابقاً حتى بجواز سفر منتهية صلاحيته، وأيضاً أن تكون هناك دعوة من كفيل تركي الجنسية، وتصريح إقامة ساري المفعول من قنصلية الدولة التي تطلب منها التأشيرة، وبيان من حساب بنكي، إضافة إلى حجز فندقي يغطي مدة الإقامة في تركيا، ودفع مبلغ 60 دولاراً تقريباً، للتأشيرة الواحدة، ونحو 200 دولار للتأشيرات المتعددة، وشروط أخرى».

ويضيف حلاق، والذي تقدم شركته خدمات الحصول على الإقامة في مدينة اسطنبول «كما أنك ربما تنتظر لفترة طويلة قد تصل لشهر حتى تتم الموافقة على الطلب، وليس كما أشيع أنه يتم الحصول عليها عبر ثلاث خطوات بثلاث دقائق من موقع إلكتروني خاص بتقديم الطلبات، كما أن الموقع المذكور، لا يمنح التأشيرة بشكل مباشر، فمثلاً للأشخاص الليبيين أو الفلسطينين، يحيلهم إلى قنصلية بلادهم، وهذا ما قد يطبق على السوريين، وبالتالي ندخل بإشكالية جديدة، كون الكثير من البلدان طردت السفير السوري وأغلقت قنصلياتها، كما أن الكثير من السوريين لا يرغبون بالتعامل مع القنصلية التي ما زالت تتبع للنظام، في ظل عدم ايجاد بديل تابع للحكومة السورية المؤقتة».

فيما يشير مروان بكو، سوري مقيم في إحدى الدول الأوربية إلى المعاناة التي سيتحمل أعباءها السوريون في أوروبا ودول الخليج وغيرهم، والذين كانوا يزورون أهاليهم المتواجدين في تركيا، أو حتى في مناطق سيطرة المعارضة داخل سوريا، حيث أنهم يتخوفون من القدوم إليها عبر مطار دمشق الدولي، عبر مطار بيروت، كي لا يتم اعتقالهم من قبل النظام، وخاصة أن بعضهم قد يكون مطلوباً للنظام.

في حين يرى مدحت حلاق في القرار أيضاً، «إجحافاً بحق السوريين، خاصة أن المعابر البرية تعتبر مغلقة، كونها لا تستطيع الدخول عبرها إلا قلة قليلة من الحالات الإنسانية، أو من المسجلين عبر قائمة الدور، والتي قد لا يأتي دور المسجل إلا بعد ثلاثة شهور وأكثر، بسبب أعداد المتقدمين الكبيرة، بالمقابل يسمح لبعض التجار، الدخول والخروج عبر بطاقة منحت لهم، من أجل شراء البضائع وإدخالها إلى سوريا»، وهذا ما رأى فيه حلاق، استثماراً تجارياً. ويرى محمود الحمام، المحامي في وزارة العدل في الحكومة السورية المؤقتة، ورئيس تيار الوعد السوري أن هدف القرار هو تنظيم تواجد السوريين على الأراضي التركية وادماجهم في النظام التركي والحد من هجرتهم لأوروبا بموجب اتفاقات مع دول الاتحاد الأوروبي، وهذا سيجعل تحرك السوريين صعباً للغاية خاصة للقادمين من دول أخرى أو الذين يريدون الانضمام لعائلاتهم المتواجدة في تركيا، وأن «القرار ما هو إلا تعهد تركي للدول الأوربية لوقف الهجرة أو التخفيف منها أو تنظيمها مقابل مكاسب سياسية واقتصادية للدولة التركية».

ويضيف «السوريون هم طالبو حماية وفارون من حرب، وواجب على جميع الدول حمايتهم وتأمين مأوى وطعام وشراب وصحة وتعليمهم، ويجب أن لا يطلب منهم أي شيء أو مبلغ أو وثيقة».

ويوافق أحمد كامل، الكاتب الصحافي السوري المقيم في اسطنبول، على ما ذهب إليه الحمام بالقول حول ان القرار هو لتنظيم الدخول إلى تركيا، وليس للحد من دخول السوريين إليها، فمن لديه إقامة تركية لا يحتاج لتأشيرة، في دخوله وخروجه من تركيا، ويرى أن «الذي أجبر تركيا على فرض التأشيرة هم أصحاب القلوب الرحيمة زعماء ألمانيا والسويد وفرنسا، وذلك للحد من ظاهرة استخدام الراغبين بالهجرة واللجوء إلى أوروبا، استخدامهم لتركيا كمنصة عبور إلى أوروبا».

ويضيف «ومع ذلك الباب مفتوح للحوار مع السلطات التركية للتأكد من عدم فرض شروط صعبة على منح التأشيرة التركية للسوريين القادمين من خارج سوريا، ولمطالبتهم بتيسير دخول السوريين إلى تركيا من سوريا عبر البر».

ويقلل سمير صالحة، الأستاذ في القانون والعلاقات الدولية في تركيا، من المخاوف التي صدرت من السوريين حول القرار، وينتقد في الوقت نفسه التصريحات والانتقادات التي أطلقها البعض تجاه تركيا «من أصحاب النوايا السيئة تجاه تركيا»، على حد وصفه، والذين كانوا ينتقدون في السابق «لماذا تركيا تفتح الحدود أمام السوريين، وأنها تساهم في تجييش الأوضاع السورية، والآن نفسهم هم من ينتقدون تركيا بفرضها تأشيرات للوافدين من الحدود الجوية والبحرية والتدقيق في المعابر البرية»، لافتاً إلى ما قدمته تركيا خلال السنوات الخمس الماضية من تسهيلات للسوريين.

ويقول في تصريح خاص لـ «القدس العربي»، «أظن أن هذا القرار ما هو إلا عملية قانونية تنظيمية اولاً تتعلق بضبط الحدود التركية السورية، وغيرها من المعابر الحدودية مع بقية الدول، وهي جزء من محاولة تنظيم قانوني مهني اجتماعي تعليمي وصحي لهؤلاء الوافدين، ومسألة تتعلق بنحو ثلاثة ملايين سوري متواجدين في الأراضي التركية، وليس للقرار أي بعد سياسي».

وينفي صالحة أن يكون هذا القرار مرتبطاً بالاتفاق الأخير بين تركيا والاتحاد الأوروبي، ويقول «هذه التدابير التركية كانت مطروحة قبل التنسيق مع الاتحاد الاوروبي».

وفي تعليقه حول الشروط المفروضة على طالبي «الفيزا» والتي وصفت بالصعبة والمعقدة ، يقول «طبعا هذه مسائل جديدة على الاخوة السوريين لكنها موجودة ومطبقة سابقاً بطريقة استقبال الوافدين إلى تركيا من جميع البلدان وليست فقط في تركيا، وهي ليست محاولة تشدد تجاه السوريين، وإنما هي جزء من العلاقات الدبلوماسية».

القدس العربي

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى