نيرودا: الطفل الحزين الذي أصبح أميرا للشعراء/ عبدالله الساورة
في كتاب المؤرخ ماريو أموريس «نيرودا أمير الشعراء» (619 صفحة/ نوفمبر/تشرين الثاني 2015) يعيد رسم وجود الطفل بابلو نيرودا الذي تحصل على جائزة نوبل للأداب.
نيرودا الطفل الخجول والتعس
الطفل الخجول ذو الأجواء التعسة والحزينة، اسمــــه الحقيقي ريكاردو إليسير نفتالي باوسالتو، المسمى بابلو نيرودا. شاعر ذو إنتاج غزير، تطرق إلى مختلف المجالات الموضوعاتية، بشكل خصب. تحول إلى واحد من الكتاب/ المفاتيح خلال القرن العشرين، الذي تجاوز حضوره الأدبي، وتحول إلى أمل اجتماعي وسياسي بالنسبة لتشيلي وأمريكا اللاتيـــنية، على الرغم من أنه ربما تجاوز شعبيته بفضل أبياته في الحب، التي لم تترك لتوحيد الأزواج، وأصبحت ملجأ ضد العاشقين في قصائده «عشرون قصيدة حب وأغنية بائسة» (1924).
في هذا الكتاب الجديد والمليء بالكثير من الحقائق والمفاجآت، يعيد المؤرخ رسم مسار الطفل الذي ولد في 12 يوليو/تموز 1904، وعن السبعين قصيدة التي كتبها في دفتره، والتي اجتازت نصف العالم حتى وصلت في ديسمبر/كانون الأول (197) ستـــوكهولم لنــيل جائـــزة نوبل للأداب، اعترافا بأعمـــال مـــثل، «إقـــامة في الأرض «، «اســبانيا في الأرض»، «بكاء عام»، « آيات الكابتن»، «العنب والرياح»، «نصب تذكاري للجزيرة السوداء».
الأمهات
كان بابلو معجبا بمعلمته وكتب عنها 17 بيتا أهداها لها، وسرعان ما تعلم من والدته وكتب عنها بشكل مفتوح. وهو شعور ظل كامنا وعميقا إلى أن كشف عنه إلى ماتليد أورتيا، الزوجة الثالثة والأخيرة لنيرودا، وتدرج في كتابه «النهر اللامرئي» وقصيدة «القمر»:
عندما ولدت أمي احتضرت (…)
كان جسدها شفافا. كان لها
تحت اللحم نجم من النجوم.
هي ماتت. وولدتُ.
لهذا حملت ُ
نهرا لامرئيا بين العروق،
أغنية لا تقهر من الشفق
تشعلني ضحكا وقشعريرة (…)
هذا القمر الأصفر لحياتي يجعلني فرعا من الموت.
بين يوليو 1917 وسبتمبر/أيلول 1923، يذكر المؤرخ أموريس أن الشاعر نشر 13 قصيدة، يوميات ومقالات في جريدة «الصباح». إضافة إلى أنه بين 1918
و1920 كتب العديد من القصائد في ثلاثة دفاتر مدرسية، حيث احتفظت اخته لورا بها حتى الأيام الأخيرة من حياته، يسرد المؤرخ.
الاسم المستعار
لم سمي بابلو نيرودا بهذا الاسم ومن اختاره؟ كتب عن هذا الكثير، يستعرض المؤرخ العديد من الإصدارات المختلفة التي أصدرها الشاعر بنفسه على طول حياته، والعديد من الباحثين مع المتغيرات وأصداؤها المختلفة، الخط الناظم بين ذلك كله أن والده كان ينظر بعين لهعدم الرضى والاستحسان لتفرغ طفله لكتابة الشعر، وكان من المقرر إرسال قصيدة له إلى إحدى المجلات وكان عليه أن يختار اسما مستعارا، فقال الشاعر إن اللقب قفز إليه من قصة قرأها للكاتب التشيلي خوان نيرودا، وهو الاسم الذي اشتهر به، ويشير الكل إلى أن بابلو خرج من أسماء عازفي الكمان بابلو ساراساتي وويلما نورمان – نيرودا.
إسبانيا والشاعر لوركا
يتذكر المؤرخ أن بابلو نيرودا في أغسطس/آب 1933، حين عين نائبا للقنصل في بونيس أيريس، بدأ في الاستمتاع بصحبة فريدريكو غارسيا لوركا، وهي من المحطات المضيئة في وجوده.
في إسبانيا قال إن حلمه القديم في الاستقرارفيها تحقق، حيث استقبل بترحاب كبير، من قبل «جيل 27».
كان لوركا يكن تقديرا كبيرا لنيرودا، كتب المؤرخ أموريس، أن الاثنين عاشا الكثير من القصص على سبيل المثال: «أنهما في سنة 1958 تمت دعوتهما إلى قرية إسبانية، وفي محطة القطار لم يجدا أي أحد في انتظارهما.
ذهب القرويون إلى استقبالهما ولم يتعرفوا على الشاعرين، لأنهم كانوا ينتظرون الشعراء بلباس مميز. وبضحكته الأندلسية قال لهم لوركا: «نحن من الشعراء السريين». مقتل الشاعر لوركا أشعل نار الحياة والشعر لنيرودا.
سنوات الاتحاد السوفييتي:
يذكر المؤرخ أموريس أن نيرودا كان واحدا من أكبر المثقفين في القرن 20، فقد انخرط في الحركة الشيوعية الدولية، وكان مدافعا عن النظام السوفييتي القديم. ففي سنة 1949، قام بأول رحلة له، وفي أواخر الستينيات تم اختياره مرشحا من طرف الحزب الشيوعي التشيلي، لكن في 30 سبتمبر1969 استقال لفائدة سلفادور أليندي.
الشاعر هرنديز والحرب
يعتقد بابلو نيرودا 1904 /1973 أن كارلوس مورلا لانش، المسؤول عن السفارة التشيلية في مدريد لم يساعد الشاعر هرنديز في الخروج من إسبانيا طيلة الحرب الأهلية في سنة 1939. وانتقل الشاعر هرنديز بين مجموعة من السجون الإسبانية بين إشبيلية، مدريد، بالنسيا، أوكانيا، وتوفي في سجن أليكانتي، لكن لم يحاول مورلا مساعدته، وهذه كانت من المطالب التي كشفها المؤرخ ماريو أموريس في بيوغرافيته حول «نيرودا أمير الشعراء».
من قتل بابلو نيرودا؟
من التقارير التي كشفها تقرير عن أسباب وفاة نيرودا يوم 23 سبتمبر 1973، كشف المؤرخ، وثيقة رسمية من وزارة الداخلية التشيلية تذكر لأول مرة إمكانية أن يكون بابلو نيرودا قد قتل. وأغلب المراجع التاريخية تذكر أن الشاعر توفي بعد معاناة طويلة مع سرطان البروستات، بينما يشير سائق الشاعر في سنة 2011 إلى حقائق مثيرة تذكر أن نيرودا نقل لعيادة سانتا ماريادي متايغو في تشيلي يوم 19 سبتمبر 1973، وفي يوم 23 من الشهر نفسه تم حقنه بحقنة قاتلة توفي على أثرها في الساعة العاشرة والنصف صباحا.
وتشير الوقائع أن سلفادور أليندي رئيس تشيلي صديق الشاعر توفي بيوم واحد قبل نيرودا، وكان هذا الأخير من المدعمين الكبار له. وحينما دخل الجنود لمنزل نيرودا سأله الجنود، نبحث عن السلاح، فأجابهم نيرودا: ليس هناك سوى سلاح الشعر.
القدس العربي