صفحات العالم

2015 لن يكون عام موت “داعش”/ حـازم الأميـن

 

 

ثمّة من غامر بالقول إنّ عام 2015 سيكون عام نهاية تنظيم “داعش”، أو بداية نهايته على الأقل. ويُخاطِب هذا التوقّع ميلاً شائعاً يرى أن هذا التنظيم لا مكان له في هذا الزمن، وأنّ ظهوره ليس سوى شططاً عابراً وخطأ سيتولى العالم تصويبه.

في العادة لست متشائماً، وهذا عيب لطالما تسبّب بإخفاقات في التوقّع وفي الانتظار. لكنّني في ما يخص “داعش” أجدني متشائماً. “داعش” لم يولد ليموت بهذه السرعة. “داعش” استحقاق سياسي ومذهبي واجتماعي وديني، ومَن هذا حاله في منطقتنا لا يموت بهذه السهولة.

أرى أنّ عام 2015 لن يكون عام موت “داعش”، لا بل أعتقد أننا سنشهد مزيداً من الازدهار له. هذا ليس توقعاً فحسب، انه قياس ومقارنة وتلمس.

قياس على شروط هزيمة التنظيم التي لم تنعقد بعد، ومقارنة مع ولادات مشابهة شهدتها مجتمعاتنا، وتلمّس لوقائع تجري اليوم، ذاك أن “داعش” لم يُمنَ بهزيمة واحدة حتى الآن، على رغم ما يُسطره الجيش العراقي من بيانات

التنظيم في مرحلة صعوده. جاذبيته انتقلت من مرحلتها الطفلية إلى مرحلة الفتوّة الأولى. وهو إذ افترق عن “القاعدة” بكونه تنظيماً أهلياً غير نخبوي، جعل من ذلك ميزة تصاعدية، فكلما زاد الاحتقان الأهلي والطائفي كلما توسعت فرص التنظيم في اقتطاع مساحات نفوذ إضافية.

القول إن عام 2015 هو عام موت “داعش”، يجب أن ينطوي على قناعة بأن في هذا العام سنشهد أفولاً للمشاعر الطائفية! من يجرؤ على هذا التوقع؟ فالحقيقة أن المرء يميل إلى أن عام 2005 سيشهد مزيداً من استعار المشاعر الطائفية، ما يعني أن “داعش” مرشح لأن يفتح المزيد من المدن وربما من الدول. اليمن بعيد مثلاً عن متناوله، لكن “القاعدة” هناك تتولى مهمة مواجهة أهلية، فوحدها من يقاتل الحوثيين الذين سيطروا على صنعاء، وبهذه المهمة تُخاطب “القاعدة” أكثر من 80 في المئة من اليمنيين. إذاً سنكون في اليمن أمام نسخة معدلة عن “داعش”، لكنها تملك الكثير من خصائصها.

و”داعش” الكائن الفتيّ يستعين في صعوده بكل شيء. أصغر خطأ في أبعد دولة في العالم يمكن أن يصب عند “داعش”. مزيج من أمراض وإخفاقات وأخطاء يرى أصحابها في كل العالم أن “داعش” هو الملاذ. أحزاب مُجتثة وعشائر محبطة ودول فاشلة وسجون بغيضة، كلها اعتبرت أن “داعش” مصفاة خيباتها.

لا أثر لشيء يدعو إلى التفاؤل أيها المتفائلون. فربما تمكنت طائرة أميركية مَن قتل أبو بكر البغدادي، لكن لا يبدو أن ذلك سيكون مؤثراً في مستقبل التنظيم. فالرجل “خليفة” تافه ولا قيمة لكاريزماه في صعود التنظيم. وقد يقتل الجيش العراقي آلافاً من عناصر التنظيم، وهذا الأمر أيضاً لن يكون جزءاً من حسابات الربح والخسارة لديه، ذاك أن جُثث عناصره ليست أكثر من أثر لرجال مجهولين.

الأهم من كل هذا هو أن “داعش” سيتحول في عام 2015 إلى القوة الوحيدة تقريباً في مواجهة النفوذ الايراني في المنطقة كلها. وعلينا أن نتخيل قدرته في هذه الحال على أن يكون قوة كبرى.

موقع لبنان ناو

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى