النظام السوري يحجز على أموال “نشطاء فيسبوك”/ عدنان عبد الرزاق
مرة جديدة، يعود نظام بشار الاسد وفي جعبته أدوات مبتكرة لمعاقبة مواطنيه، فبعد قرارات سابقة في الشهر الفائت تتعلق بالحجز على أموال القيادات السياسية المعارضة بحجة العبث بأمن وسلامة البلاد، أصدرت وزارة المال السورية قرارات جديدة تتعلق بحجز أموال نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” بتهمة كتابة تدوينات تطال النظام.
وأصدر وزير المالية السوري قرارات تتعلق بحجز الأموال المنقولة وغير المنقولة العائدة لبعض المواطنين بتهمة القدح والذم، ونشر تعليقات مسيئة لسورية على الانترنت، بالاضافة الى نشر مقالات معادية للنظام، والتحريض بقيام أعمال إرهابية.
والحجز الاحتياطي هو منع المدين من التصرف بماله أو جزء منه مؤقتاً حتى انتهاء المنازعة أو الدعوى القضائية، بحسب القانون السوري.
الكلمة في زمن الممانعة
وأفادت وزارة المالية أن قرارات الحجز الإحتياطي هي بحق “من تورط بالموقف أو الكلمة” إدراكاً من الدولة السورية بأن للكلمة تأثيراً تدميرياً لا يقل عن العبوات الناسفة وقذائف الهاون.
وقال الإعلامي السوري علي سفر:” إن القرارات الجديدة لا تختلف في مضمونها عن قرارات سابقة، اتخذتها وزارة المالية السورية، فقد تم اعتقال الآلاف من السوريين بسبب الكتابة على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، منذ بداية الثورة، مشيراً الى أن الاعتقالات بدأت قبل الثورة بسبب التدوين، حيث نتذكر اعتقال المدون الراحل، كريم عربجي، والمدونة طل الملوحي.”
ويضيف سفر لـ “العربي الجديد”:” المفاجأة في هذه القرارات الجديدة، أن النظام الذي ادعى رئيسه، قبل أيام، أنه سيبدأ مرحلة جديدة في سورية، يقنن العقوبة لتصبح مصادرة أملاك امراً مشروعاً، فنظام صادر حياة ملايين السوريين، لن يخجل من مصادرة أملاك بعض الناشطين على (فيسبوك)”.
ويرى سفر أن القرار هو استكمال لمنظومة القمع، التي فرضها النظام عبر قانون مكافحة الإرهاب، فهناك العديد من النشطاء، الذين تم اعتقالهم بتهمة التحريض على الارهاب بسبب كتابات على فيسبوك.
من جهته، يقول رئيس تجمع السوريين الأحرار، غزوان قرنفل، في حديث مع “العربي الجديد”: لا تستند هذه القرارات الى أي مسوّغ قانوني وشرعي، فهي لم تصدر عن نظام غير شرعي وحسب، بل لا يوجد قانون حقيقي يجيز للسلطة أن تتعسف بمصادرة أموال الناس لمجرد إبداء رأيهم، فنظام الاسد، الذي انتهك حقوق وحياة السوريين، من الطبيعي أن ينتهك أموالهم.”
وحول الطعن بالقرارات لاحقاً لاستعادة حقوق المحجوز على أموالهم، شدد قرنفل على:” ان القرار قابل لإقامة دعوى أمام القضاء الاداري لإبطاله، لكن البنية القانونية في سورية غير مستقلة كونها خاضعة لوزارة العدل، وهذه الاخيرة لن تخالف سياق النظام الذي ينتهج سرقة أموال المواطنين، وسرقة حرياتهم.”
وسبق للنظام السوري أن اعتقل نشطاء وإعلاميين، لمجرد مخالفتهم “القرار الأمني”، أو إبدائهم رأياً يدين القتل ورمي البراميل المتفجرة فوق بيوت المدنيين، لكنها المرة الأولى التي يحجز خلالها على أموال من يدون آراءه على شبكة التواصل الاجتماعية.
وفي هذا الاطار تقول الإعلامية الناشطة في مجال حقوق الإنسان، خولة دنيا :” سبق ورأينا القرارات الصادرة بالحجز على أموال وممتلكات المعارضين السياسيين، وأعضاء الائتلاف والمجلس الوطني السوري، فقد بيع بعضها في المزاد العلني وأخذ الثمن (لصالح الجمهورية العربية السورية)، ولكن بعد خطاب القسم في الايام السابقة، والذي بشّر بمزيد من انسداد الأفق لأي حل، وتمسك النظام بالسلطة، دون النظر للعواقب المأساوية على حياة السوريين، تأتي هذه القرارات منسجمة مع التوجه الجديد، بمنع الكلام ومصادرة أموال من يكتب ولو على صفحات فيسبوك.”
وتضيف دنيا لـ “العربي الجديد”:” ضرب نظام بشار الأسد بأبسط مبادئ حقوق الإنسان، وفتح الباب لمزيد من الانتهاكات بحق السوريين، وليس فقط المعارضين، لأن القرارات، التي اتخذها النظام، تطال جميع المواطنين.”
يذكر أن النظام السوري طبق الحجز الاحتياطي على أموال وممتلكات معظم المعارضة السورية، كان آخرها، الشهر الفائت، بحق رئيس الائتلاف السابق، أحمد معاذ الخطيب، ورئيس المجلس الوطني، جورج صبرا، ونائبي رئيس الائتلاف السابقين، رياض سيف، وسهير الأتاسي، وعضو الهيئة السياسية السابق، ميشيل كيلو .
وباع في المزاد العلني ممتلكات فراس طلاس، ابن وزير الدفاع الأسبق، وممتلكات وزير الثقافة السابق، رياض نعسان آغا، الذي وصف في حديث سابق لـ “العربي الجديد” مرسوم العفو، الذي أصدره بشار الأسد، بـ “الكذبة الكبيرة”.
العربي الجديد