في انتظار الإسلام المعتدل/ محمد ابرهيم
في موازاة الحرب “الجوية” على “داعش” ما زال الغرب، على لسان زعيمه باراك أوباما، يعتبر أن المشكلة هي في الأنظمة العربية التي أنتجت “داعش” بمزيج من السياسات المذهبية، وسياسات الإقصاء السياسية والاقتصادية بحق الأجيال الشابة.
قبل سنوات قليلة كانت الترجمة العملية لهذه النظرية هي المراهنة على الإسلام المعتدل الذي يسمح وصوله إلى السلطة ببلورة اتجاهه الديموقراطي. وكان لهذا الإسلام المعتدل اسم هو “الإخوان المسلمون”. وكان امتداد هؤلاء عبر الأقطار العربية دافعا إضافيا “لتمكينهم”، وفق التعبير الشائع في لغة “تمكين المجتمع المدني” الغربية، خصوصا أن هذا الامتداد يجد عمقا طبيعيا في “إخوان” تركيا الذين يمكن اعتبارهم بمثابة “المرشد الأعلى” لحركة نقل العالم العربي من عصور الاستبداد إلى عصر الديموقراطية.
بعد التجربة المصرية خبا الاسم، اسم الإخوان المسلمين، في النظرية الأميركية، لكن بقي اعتبار أنه لا بد من وجود إسلام معتدل، إن لم يكن اليوم، فإن الصراع نفسه الذي يطحن المنطقة، لا بد وان ينتج قواه ولو مستقبلا. وهنا يسعف الأكاديميون النظرية بالعودة إلى تاريخ الديموقراطية في أوروبا والمدى الزمني الطويل الذي اقتضاه ترسيخها.
ترجمة هذا الكلام هي أنه في موازاة الحرب على “داعش” لا أمل بإعادة الشرعية، الغربية، للأنظمة التي اجتاحها “الربيع العربي” باسم الديموقراطية الوشيكة، آنذاك. لا في سوريا حيث بقايا النظام صامدة، ولو على قاعدة مذهبية ضيقة. ولا في اليمن حيث يُتهم علي عبدالله صالح بأنه لا يزال يدير “اللعبة” لإثبات أن لا يمن واحدا بدون عودته. ولا في ليبيا حيث يرشِّح الجيش نفسه للعب دور الموحّد، ولو بالاستناد إلى شرعية خارجية. وحتى الحل “العسكري” المصري ما زال يفتقر إلى شرعية أميركية كاملة نظرا إلى اشتباكه المستمر مع الاسلام المعتدل، ولو سابقا.
في اللوحة، النظرية، الغربية يبقى ناقصا موقع النظام العراقي الذي يحظى بدعم دولي شامل دون أن تنطبق عليه، حتى الآن، مواصفات النظام الذي لا يمارس سياسة مذهبية. مثلما يبقى ناقصا موقع باقي الأنظمة العربية التي لم تتأثر بموجات “الربيع”، والتي إذا كانت لا تمارس سياسة مذهبية بعينها، ليست معروفة بقدرتها على استيعاب طموحات الأجيال الشابة.
في هذه الأثناء وتيرة الحوار المرعي دوليا بين المكونات المجتمعية في كل من سوريا واليمن وليبيا، مع قرار غربي بعدم إجازة تدخل خارجي، إلا ربما في الحالة اليمنية في حال كان مجلس التعاون الخليجي مستعدا، تعني عمليا تعليق دولها إلى أجل غير مسمى، ومنح “داعش” و”القاعدة”، مدى حيويا ضاغطا حتى! على الأنظمة التي نجت من “الربيع” حتى الآن!
النهار