أحداث السبت 24 حزيران 2017
القوات النظامية تتقدم نحو نفط دير الزور
موسكو – رائد جبر , لندن – «الحياة»
أعلن «التحالف الدولي» بقيادة الولايات المتحدة عودة التنسيق مع روسيا بعد أربعة أيام من تعليقه احتجاجاً على إسقاط طائرة حربية سورية في 18 حزيران (يونيو) الجاري. وجاء الإعلان عن استئناف التنسيق مع شن وزارة الدفاع الروسية هجوماً صاروخياً «مكثفاً» و «مباغتاً» استهدف تجهيزات ومخازن «تنظيم داعش» في محافظة حماة. وأفاد خبراء عسكريون بأن الضربة تأتي في سياق «تحضيرات لرسم ملامح مناطق خفض التوتر» خلال الجولة الجديدة من المفاوضات في آستانة بداية الشهر المقبل.
وتزامن القصف الروسي مع تحذير لواشنطن من تداعيات «التصرفات الأحادية» في سورية والدعوة إلى «الالتزام بما تم التفاهم عليه في آستانة». وأفادت وزارة الدفاع الروسية بأن إطلاق الصواريخ على أهداف «داعش» تم من فرقاطتين حربيتين وغواصة تابعة لها في البحر المتوسط. وقالت الوزارة إنها أبلغت قيادات الجيشين التركي والإسرائيلي «عبر قنوات الاتصال وبمهلة كافية عن عملية إطلاق الصواريخ»، من دون أن تذكر الولايات المتحدة.
وجاء في بيان صدر عن وزارة الدفاع الروسية، أن السفينتين الحربيتين «أميرال إيسن» و «أميرال غريغوروفيتش» وغواصة «كراسنودار» في شرق المتوسط، أطلقت ستة صواريخ من طراز «كاليبر» على مواقع قيادية ومخازن أسلحة في محافظة حماة. وأضاف البيان: «ساهم عامل المفاجأة بعد الضربة الصاروخية الكبيرة في تدمير نقاط قيادة ومخازن كبيرة للأسلحة والذخائر» التابعة لـ «داعش» في منطقة عقيربات في محافظة حماة.
وقالت مصادر عسكرية إن «داعش» كان يقوم بنقل عناصره إلى محافظة حماة خلال الليل ويستخدم المباني الكبيرة نقاطاً للقيادة ومخابئ للأسلحة، كجزء من جهوده للخروج من الرقة إلى تدمر في البادية السورية. وفي 31 أيار (مايو)، أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن غارات جوية لها من هذا النوع استهدفت مواقع بالقرب من تدمر.
ميدانياً، تقدمت القوات النظامية داخل محافظة دير الزور التي تقع في معظمها تحت سيطرة «داعش» بعدما استعادت عشرات الكيلومترات في المنطقة الحدودية مع العراق.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن القوات النظامية وعناصر من «حركة النجباء العراقية» والمسلحين الموالين من جنسيات لبنانية وإيرانية وأفغانية دخلوا محافظة دير الزور من أقصى الجهة الجنوبية الشرقية بالقرب من الحدود العراقية، مشيراً إلى توغلهم مسافة ثمانية كيلومترات في المحافظة. وهذا التقدم الاستراتيجي مكن القوات النظامية وحلفاءها من توسيع نطاق سيطرتهم وتواجدهم على الحدود السورية- العراقية. وباتت القوات النظامية تبعد «نحو 12 كيلومتراً عن محطة ضخ (تي تو) على خط النفط الممتد من العراق إلى حمص والساحل السوري»، وفق «المرصد».
وتهدف القوات النظامية إلى استعادة محافظة دير الزور وتسعى إلى دخولها من ثلاث جهات هي جنوب محافظة الرقة (المحاذية لدير الزور من الغرب)، والبادية جنوباً، فضلاً عن المنطقة الحدودية من الجهة الجنوبية الغربية.
واشتعلت في الآونة الأخيرة الحملة التي تخوضها القوات النظامية للسيطرة على منطقة البادية التي تربط وسط البلاد بالحدود العراقية والأردنية.
وحققت القوات النظامية تقدماً كبيراً أتاح لها في العاشر من حزيران (يونيو) الوصول إلى الحدود مع العراق للمرة الأولى منذ عام 2015. وواصلت القوات النظامية تقدمها لتسيطر، وفق المرصد، «بغطاء جوي روسي على نحو 85 كيلومتراً من الحدود العراقية- السورية» من محافظة حمص (وسط) وصولاً إلى محافظة دير الزور.
وتسيطر القوات النظامية حالياً على مناطق واسعة في ريف الرقة الغربي وجنوبها الغربي ويفترض أن تتقدم من هناك أكثر للدخول إلى محافظة دير الزور من الجهة الغربية.
ويتزامن تقدم القوات النظامية تجاه دير الزور وريفها مع تقدم مماثل لميليشيات «الحشد الشعبي» العراقي على الجانب العراقي، قبالة معبر القائم الحدودي في مدينة البوكمال جنوب دير الزور.
في موازاة ذلك، أكدت «قوات الشهيد أحمد العبدو» التابعة لـ «الجيش السوري الحر» استمرار المعارك مع القوات النظامية في منطقة بئر القصب في ناحية الضمير (41 كيلومتراً شمال شرقي دمشق)، نافيةً الأنباء التي تحدثت عن سيطرتهم عليها. وقال عضو المكتب الإعلامي لـ «قوات العبدو»، إن «النظام خسر خمس دبابات وعربتي شيلكا، خلال المواجهات».
لافروف: وضع المنطقة بعيد من الاستقرار جنبلاط: التسوية تتطلب موافقة الجميع
بيروت – «الحياة»
التقى أمس، وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ورئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط في موسكو. وأكد الوزير الروسي أن هذا اللقاء أصبح «الأول بينهما منذ نحو سنتين»، معتبراً «أن الوضع في الشرق الأوسط شهد خلال هذه الفترة تغيرات كثيرة، لكنه لا يزال بعيداً من الاستقرار». وأشار إلى «بروز بعض النزعات الإيجابية، بينها التأثير الإيجابي للاتفاق السياسي في لبنان العام الماضي والذي سمح بانتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية وتعيين سعد الحريري في منصب رئيس الوزراء». وعبر عن سروره «لتقدم لبنان في طريق استعادة الاستقرار».
وشارك جنبلاط في الاجتماع نجله تيمور والنائب وائل أبو فاعور والقيادي حليم بو فخر الدين، إضافة إلى سفير لبنان لدى موسكو شوقي بو نصّار. وشارك عن الجانب الروسي نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف وديبلوماسيون روس.
وأكد جنبلاط أن «لبنان يقدر الجهود الروسية لتسوية الأزمة السورية بالوسائل السياسية»، لكنه لفت إلى أنه «من الضروري أن تحظى هذه الجهود بدعم جميع القوى الدولية». وقال: «هذه الجهود لن تستكمل ولن تختتم في شكل إيجابي إلا إذا توافق عليها جميع شركاء روسيا لكن إذا كانت هناك دول لا تريد هذا الجهد الذي تقوم به روسيا للتسوية السياسية في سورية وفي المنطقة فالأزمة ستستمر وستطول».
وأضاف: «نرى أيضاً في المناطق الآمنة في سورية، ربما، هناك إمكان الاتفاق على عودة قسم من المهجرين السوريين المشردين في لبنان وفي الأردن وفي تركيا».
ولفت إلى أن الحزب التقدمي الاشتراكي «أيد الحل الانتقالي في سورية عندما طرحه مؤتمر جنيف. ونتمنى أن تبقى (مبادرة جنيف) الأساس للانتقال السياسي في سورية للوصول إلى الحل السياسي».
وعمّا إذا كان إنشاء مناطق آمنة في سورية يساعد في عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم، قال جنبلاط: «سنرى إذا كانت هذه المناطق الآمنة تشكل المجال لعودة اللاجئين، وسنرى إذا كانت هذه المناطق الآمنة يمكن أن تتوسع وتصبح كل سورية آمنة. لكن لا بد من الحل السياسي». وأوضح: «لست متفائلاً ولا غير متفائل، أقول: سنرى».
رئيس قرغيزستان ينفي إجراء محادثات لإرسال قوات إلى سوريا
(رويترز): نقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن رئيس قرغيزستان ألمظ بك أتامباييف، قوله السبت إنه لم يجر أي مفاوضات لإرسال قوات لحفظ السلام إلى سوريا خلال زيارته لموسكو.
وفي الأسبوع الماضي قال رئيس لجنة الدفاع بمجلس النواب الروسي، إن هناك محادثات لانضمام قوات من قازاخستان وقرغيزستان لعملية لحفظ السلام تقودها روسيا في سوريا. ونفت قازاخستان مشاركتها في تلك المحادثات.
وقال أتامباييف للصحافيين إنه لم يناقش الأمر “على الإطلاق”، خلال اجتماعات مصغرة أو خلال مأدبة عشاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأضاف أن مثل هذه الخطوة، حتى إذا طرحت للمناقشة، ستحتاج إلى قرار من الأمم المتحدة ضمن موافقات أخرى.
الجيش الأمريكي: خط الاتصال مع روسيا فوق سوريا مفتوح
(رويترز): قال الجيش الأمريكي إن خط الاتصال مع روسيا بشأن مناطق “عدم الاشتباك”، والذي يهدف إلى تفادي أي تصادم عارض فوق سوريا ،”يعمل” حتى بعدما هددت موسكو بقطعه بسبب قيام واشنطن بإسقاط طائرة عسكرية سورية يوم الأحد الماضي.
وقال الكولونيل رايان ديلون وهو متحدث باسم التحالف بقيادة الولايات المتحدة، خلال مؤتمر صحافي بمقر وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) الجمعة “خط عدم الاشتباك مفتوح ويعمل”.
والتصريحات هي أحدث مؤشر على تخفيف محتمل للتوتر في أعقاب إسقاط الطائرة السورية.
كانت موسكو قالت يوم الاثنين، إنها ستتعامل مع طائرات التحالف التي تحلق غربي نهر الفرات في سوريا، كأهداف محتملة وستتعقبها بأنظمة الصواريخ والطائرات العسكرية.
لكن البنتاغون قال فيما بعد إنه ليست هناك أي تحركات روسية في سوريا تثير قلقه.
الائتلاف السوري المعارض يحذر من حرب أهلية في الرقة… ومجلس «قسد» يعتبره «هذياناً»
عبد الرزاق النبهان
حلب ـ «القدس العربي» : حذّر «الائتلاف الوطني لقوى الثورة في المعارضة السورية» خلال ورشة عمل عقدها في مدينة اسطنبول التركية في21 حزيران/ يونيو الجاري، من تداعيات أي حل يستثني مشاركته فى إدراة مدينة الرقة، الأمر الذي قد يمهد إلى حرب أهلية بعد طرد تنظيم الدولة.
وقال رئيس الائتلاف السوري المعارض رياض سيف: إن الائتلاف الوطني هو الجهة الوحيدة المخولة إدارة الرقة من الناحية الشرعية وذلك بناءً على تكليف عربي ودولي، معتبراً أن أي حل آخر يفرض بالإكراه سيكون قنبلة موقوتة وبداية تمهد لقيام حرب أهلية في المنطقة.
وأكد على أن تمكين أهل الرقة من إدارة مدينتهم تحت إشراف الحكومة المؤقتة هو الحل الأمثل، لتدارك الضرر الذي حصل من تكليف وحدات الحماية الكردية «PYD» بتحرير الرقة واستبعاد فصائل الجيش السوري الحر المعتدلة، التي كانت قادرة على تنفيذ المهمة لو أنها تلقت بعض الدعم من دول أصدقاء الشعب السوري وفق كلامه.
و وصف الرئيس المشترك لـ»مجلس سوريا الديمقراطية» رياض درار تصريحات الائتلاف الوطني، بشأن وقوع حرب أهلية في حال لم تستلم إدراة مدينة الرقة، بأنه «هذيان»، معتبراً أن الناس في الرقة يسعون جاهدين لترتيب الأمور بعد التحرير وصارت لديهم قوات أمنية مدربة. وأضاف خلال لقائه مع «القدس العربي»: «إن أعضاء الائتلاف كعادتهم يرون الإعلام وسيلة حرب وتحريض في حين لو نزلوا إلى الأرض قليلاً لربما احترمهم السامع، لكنهم يصرحون بما لا يعلمون»، وفق قوله. وحسب درار، فإن «قوات سوريا الديمقراطية» ستسلم الرقة لأهلها الذين صمدوا وساهموا في التحرير، وإذا رغب الائتلاف بالعودة إلى الرقة سيرحب بهم أبناء الرقة وسيضعونهم في مقرات مناسبة وليقودوا المعارضة من الرقة وليس من اسطنبول، فنحن نريد لطريقهم إلى الرقة أن يمر عبر ادلب.
وأشار إلى أن «مجلس سوريا الديمقراطية» هو جسم سياسي سيعمل بدلالة سوريا كلها، وسيستمر عبر قوات سوريا بمطاردة الارهاب والقضاء على تنظيم «داعش»، وسيعمل من أجل السلم الأهلي والسعي للحل السياسي ولن نهدد أحداً ونطالب بالعودة إلى التعقل والتوقف عن التهديدات فالعنتريات لا تخدم قضيتنا.
يذكر أن قوات سوريا الديمقراطية التي تشكل الوحدات الكردية الغالبية العظمى فيها كانت قد أعلنت في 18 نيسان/ أبريل الماضي، عن تشكيل «مجلس الرقة المدني»، لإدارة المدينة بعد انتزاع السيطرة عليها من تنظيم الدولة، وهو الأمر الذي لاقى رفضاً واسعاً من أهالي مدينة الرقة الذين عبّروا عن مخاوفهم من أن يمهد تشكيل المجلس المدني لهيمنة الوحدات الكردية على المدينة.
مصادر من المعارضة: إدلب بداية جديدة لرسم خريطة الطريق السورية
هبة محمد
دمشق ـ «القدس العربي»: أثار القرار الدولي بنشر قوات تركية وروسية في شمال سوريا في إطار اتفاق «تخفيف التوتر»، الذي توسطت موسكو سبل التوصل إليه، لرسم خريطة جديدة للمنطقة، العديد من التساؤلات لدى أطياف المعارضة السورية، التي رأت ان القرار جاء لمحاولة إعادة تعويم النظام السوري وعلى رأسه بشار الأسد.
وتساءل البعض عن انعدام الدور العربي الذي كان سبباً في القرارت الدولية، إضافة الى رغبة من أمريكا وروسيا والدول الأوربية بعدم تأمين مصالح تركيا بتركها منفردة شمال سوريا، مما دعاهم الى فرض الصديق اللدود روسيا، كي تحافظ على المصالح الغربية والأمريكية في المنطقة حفاظا على الأكراد وضمانا بعدم تغلل تركيا في سوريا.
وفي هذا الصدد، رأى المحلل السياسي جلال سلمي في تصريح خاص لـ«القدس العربي»، أن روسيا هي صاحبة السبق في تطبيق رؤيتها في سوريا ككل، رؤية طبقت في الشيشان سابقا وعرفت باسم الشيشنة، وتقوم هذه الرؤية على تحقيق التوافق مع أحد أطراف النزاع الاقوى على حساب الأطراف الاخرى، بشكل يجعل كفة الميزان ترجح لصالح روسيا في نهاية المطاف، بحيث يصبح هناك ما يعرف باسم «الوكلاء» أو « الشركاء» الذين يديرون المناطق المتنازع عليها تحت اللواء الأعلى لروسيا، مضيفا أن مآل ادلب سيكون شيشان أو داغستان جديدة، ورويدا رويدا قد تتجه نحو الهيمنة الروسية الكاملة.
وعن رفض الدول نشر قوات تركية فقط، رأى سلمي أن السبب في نجاعة القوى العظمى»روسيا» في استتباب الأمن مقارنة بالدول ما دون ذلك «تركيا» واستتباب الأمن وضمان الحل، إضافة الى الهيمنة الروسية العظيمة على مسار الحل السياسي لروسيا، وهو ما شكل اداة ضغط على الدول الاخرى لجعلها في الشمال إلى جانب تركيا، وتغير اجندة تركيا والدول الاخرى من إسقاط النظام إلى إرجاع الاستقرار في سوريا بأسرع وقت ممكن، ثم الحاجة إلى وجود حائل يكبح جماح أي تحرك لإيران وميليشياتها في سوريا، وروسيا الخيار الأمثل لذلك، بحسب رأيه.
ونفى أن تتحول ادلب الى محرقة للثوار، قائلاً ان هناك توافقا على مستوى دولي، أي انه توجد إمكانية لتصفية الشمل الفصائلي للثوار، واستيعابهم في إطار جيش يتم تاسيسه بالتوافق، ويبدو أن الصدام سيكون بين المعتدلين والجهاديين، وان تحقق هذا السيناريو تصبح روسيا الدولة التي حققت ما تريد من حل في سوريا.
وأضاف سلمي: لروسيا رؤية توسطية في الحل تهدف إلى كسب المواقف المتوافقة معها قدر الإمكان، وهذا ما جعل الدول توافق على وجودها في إدلب ودرعا، لتكون ضامنة قوية ضد الرؤية الإيرانية القائمة على الحل الصفري الذي يعني الاشتباك حتى القضاء على الطرف الآخر.
وقال الخبير العسكري فايز الأسمر في تصريح خاص لـ«القدس العربي»: إن امريكا إلى الآن ليست لديها رؤية واضحة تجاه الملف السوري، واصفاً خطواتها بـAمرحلة شد وجذب مع موسكو التي تحاول إعادة تعويم نظام الأسد». وقال: إن أمريكا إلى الآن المنتصر والفاعل في هذا الملف، أما الاردن فيريد تأمين حدوده الشمالية، وإبعاد ميليشيا ايران وحزب الله عنها، بغض النظر إن كان النظام أو المعارضة هو من سيؤمن هذه الحدود.
وأشار إلى أن تركيا تريد تأمين حدودها الجنوبية من «قسد» وإجهاض مشروع تواصل كانتوناتهم، فتارة تقترب من موسكو وأخرى من أمريكا لإعطائهم الكرت الاخضر لأعمالها في الأراضي السورية.
فيما ذهب الناشط السياسي درويش خلفية في اتصال هاتفي مع «القدس العربي» إلى أن هذا السيناريو الذي رسمه الروس يساهم في خفض التوتر حتى 50% وبذلك تصبح العملية السياسية قابلة للحياة، ولكن للآن لم نشاهد فعالية لوجود الشرطة العسكرية الروسية في حلب لحماية المدنيين من الشبيحة وإجرامهم، وكذلك لم نشهد ردعاً للفصائل المسيئة للمواطنين من قبل الجيش التركي في مناطق درع الفرات.
وتابع: بعد خسارة عدد من المناطق المحررة من قبل الجيش الحر لصالح النظام وحلفائه وكذلك لقوات سوريا الديمقراطية «قسد»، بدأنا نسمع تصريحات معاكسة لما أطلقت في بداية الثورة، من قبل رؤساء عدة دول غربية وعربية حول رحيل الأسد وعدم ثقتهم بالبديل إن وجد.
وآخر التصريحات لإبراهيم كالن المتحدث الرئاسة التركية، حيث قال توجد آلية جديدة لوجود قوات عدة دول دولية وإقليمية مع طرح روسيا دخول قوات قرغيزية وكازاخستانية، وتساءل المتحدث، هل هي قوات حفظ سلام أم قوات ردع أم ماذا؟ وهل تواجدها على الأراضي السورية سيسهم في الحد من إجرام الأسد وحلفائه؟ أسئلة تحتاج جواباً من الروس والأمريكان بالدرجة الأولى ومن الدول الإقليمية ثانياً، حيث لا دور للنظام والمعارضة على حد سواء في هذه الأطروحات.
سوريا: إقليم جنوبي برعاية أمريكية والأردن يرحب بعودة «رموز الدولة» من دون ميليشيات طائفية
بسام البدارين
عمان ـ «القدس العربي» : مع الإعلان التركي الرسمي عن «تفاهمات» لها علاقة بمحاصصة جيوسياسية للأقاليم والأرض في سوريا، كشف الأتراك عن اتفاق مع روسيا على «وجود عسكري» مشترك في منطقة إدلب تحت عنوان مطاردة الإرهاب.
من شأن الاتفاق الروسي التركي أن يحافظ أولا على مستويات تنسيقية متقدمة من الحوار بين موسكو وأنقرة، وأن يظهر ثانيا روسيا بموقع المبادرة والقادرة على إنجاز تفاهمات جيوسياسية على الأرض. ثالثا وهو الأهم بشأن هذا الإتفاق أنه يدفع تركيا إلى الاسترخاء قليلا بسبب حساسيتها المفرطة من التفاهمات الأمريكية مع قوات كردية تتولى الآن تحرير محافظة الرقة، وبصورة تجعل موسكو طرفا في أي مشروع مستقبلي لمنع إقامة دولة كردية في أطراف جنوبي تركيا. تضمن الإعلان التركي معلومتين إضافيتين في السياق نفسه، بعنوان التفاهم بين روسيا وإيران على تأمين وحماية حوض ومحيط دمشق العاصمة، ووجود مشروع مماثل عن تفاهم أردني ـ أمريكي مماثل في محيط درعا.
الإجراء الروسي ـ التركي يشجع الأردن على المضي قدما في مشروع «مناطق منخفضة التوتر» في محيط الحدود الأردنية السورية.
تزامن كل ذلك مع مستجدين في غاية الأهمية ميدانيا، فالأمريكيون دخلوا بقوة من أجل الأردن وإسرائيل في مثلث التنف الصحراوي بين العراق وسوريا، ودخلوا عسكريا هذه المرة، والمفاوضات بدأت فعلا عبر الروس مع العاصمة الأردنية عمان بعنوان «إعادة فتح معبر نصيب» الحدودي بين البلدين، و»تمكين» رموز الدولة السورية من العودة لمعابر درعا الأصيلة والقديمة.
الانطباع اليوم في عمان أن هذه التفاهمات لا يمكنها الولادة من دون تنشيط غرفة التنسيق الأمريكية الروسية، وعبر الأردن تحديدا. المستجد الثاني المهم أردنيا على الأقل، هو ما يتحدث عنه الروس وحلفاؤهم في الجيش السوري النظامي عن «استمرار دخول أسلحة وذخيرة عبر الأردن للمقاتلين المعارضين في جنوب درعا»، وهو ما كشفه الباحث المتخصص في جنوب سوريا صلاح ملكاوي، الأمر الذي يعتقد أنه قاد إلى»إحباط» هجوم كاسح وثقيل لإخضاع درعا الأسبوع الماضي.
عمان هنا تحديدا رفعت شعارا ملموسا خلف الكواليس وأعلنت أنها ستواصل تقديم الدعم العسكري لمجموعات في المعارضة السورية ما دام الجيش السوري مصرا على العودة لدرعا بمعية «ميليشيات طائفية» يتوجس منها الأردن ولا يريدها في مسافة تقل عن 30 كيلومترا من منطقة درعا البلد.
يعني ذلك أن الأردن أبلغ كل الأطراف بموقفه الميداني، وعلى قاعدة الموافقة على عودة الجيش النظامي السوري بغطاء روسي لكن من دون ميليشيات غير سورية، وهو مطلب تدعمه، كما علمت «القدس العربي»، إسرائيل من وراء حجاب، ويعتبره الأردنيون مطلبا أساسيا لتقديم مساعدتهم اللوجستية لما يسمى بالمناطق منخفضة التوتر.
وعلى هذا الأساس برزت تفاهمات ميدانية برعاية ضابط الاتصال الروسي في الأردن في منطقة درعا، تحت ستار «تمديد الهدنة» بعد فشل الجيش السوري بالحسم ضد مقاتلي ريف درعا ووسطها.
الأمريكيون تحرزوا قبل ذلك، وأعلنوا أنهم لا يريدون مشاهدة ميليشيات «الحشد الشيعي» العراقية لمسافة تقل عن 30 كيلومترا أيضا في محيط قاعدتهم العسكرية في التنف، وهو مطلب قلده الأردنيون في درعا، وللحصول عليه ناوروا في إيصال ذخيرة ساهمت في صمود المقاتلين في درعا. عمان تقول إنها تريد عودة الجيش النظامي السوري من دون ميليشيات، ولا تدعم «هزيمة مجانية» للمعارضة المقاتلة المقربة منها من دون «تسوية سياسية» تسمح أولا بعودة لاجئين إلى درعا بصفتها منطقة «منخفضة التوتر»، وتضمن ثانيا عدم وجود مقاتلين لـ»حزب الله» أو للحرس الثوري في «الجوار».
بالنسبة لأوساط القرار الأردنية العميقة بدأ فعلا بتوافق الأطراف الأساسية ترسيم عملية «الأقاليم» بإعادة رسم خريطة الأقاليم وفقا للتقاسم الذي أعلنت عنه تركيا عمليا.
العملية واستنادا إلى مصدر أردني مغرق في الإطلاع تحدثت له «القدس العربي» ستؤسس لمنطقة منخفضة التوتر في إدلب ومحيطها بنفوذ عسكري تركي، وستضمن لإيران نفوذها في وسط دمشق والساحل، وللأكراد إقليمهم في القامشلي وبعض مناطق الرقة، وستبقى درعا بالنتيجة كإقليم جنوبي مستقل بصورة تحافظ على المصالح الأردنية وبوجود عسكري «أمريكي ودولي» ألمحت له مرجعيات أردنية في اجتماع خاص قبل عشرة أيام.
تلك التفاصيل تعني رسم لوحة جديدة للوضع السوري المعقد وبتوافقات إقليمية ودولية لها علاقة أيضا بتقاسم حصص «إعادة الإعمار». الاستحقاق السياسي يعني ببساطة اليوم تدشين الخطوات الأولى لتأسيس«سوريا الفدرالية»، وبلعبة بدا فعليا أن الجميع يحتاط ويشارك فيها.
صراع على مناطق “خفض التصعيد” في سورية/ عدنان علي
تتكثف المفاوضات والاتصالات بين الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة في المشهد السوري، من أجل رسم وتحديد الحدود الدقيقة لاتفاق مناطق “خفض التصعيد”، الموقع في الرابع من مايو/ أيار الماضي في أستانة، عاصمة كازاخستان. ويتخلل ذلك تصعيد ميداني من جانب حلف النظام – إيران، المدعوم من روسيا، في بعض المناطق بهدف التأثير على سير هذه المفاوضات، أو محاولات فرض بعض الوقائع بالقوة، وذلك قبل انعقاد الجولة المقبلة من مفاوضات أستانة المقررة في 3 و4 الشهر المقبل، وقبل الموعد المحدد للانتهاء من ترسيم حدود “مناطق خفض التصعيد” في الرابع من الشهر المقبل.
وبعد أن كشفت أنقرة، أول من أمس، تفاصيل المناقشات الجارية حول خريطة الوجود العسكري الأجنبي في سورية، في إطار اتفاقية مناطق “خفض التصعيد”، والتي تضمنت نشر قوات تركية وروسية في إدلب ومحيطها، وأخرى روسية وإيرانية على أطراف العاصمة دمشق، على أن تنتشر قوات أردنية وأميركية جنوبي البلاد، تشير مصادر عدة إلى أن المفاوضات الجارية في عمان، بين روسيا وأميركا والأردن، منذ منتصف الشهر الماضي، والمكملة للتفاهمات التركية الروسية بهذا الشأن، تتجه إلى الاتفاق على مذكرة تفاهم بشأن “المنطقة الآمنة” في الجنوب، إذ يسعى الأردن لإبعاد المليشيات، التي تدعمها إيران، عن حدوده مسافة 30 كيلومتراً على الأقل، بينما يتم العمل على رسم خطوط التماس قرب حدود العراق. وتشير المصادر إلى أن التفاهمات في عمان تتضمن أيضاً وقف إطلاق نار بين قوات النظام والمعارضة، وتجميد القصف والغارات على مناطق المعارضة، إضافة إلى إدخال مساعدات إنسانية، وتسهيل عودة اللاجئين من الأردن. ونقلت وكالة أنباء النظام (سانا) عن نائب وزير خارجية النظام السوري، فيصل المقداد، قوله إن “سورية جاهزة للجولات المقبلة من مساري أستانة وجنيف الشهر المقبل، انطلاقاً من الحفاظ على سيادتها ووحدتها والحرص على حقن دماء أبنائها”. وأضاف إن “سورية تدقق في كل حرف يتعلق بها، ولن تسمح بتمرير أي شيء يمكن لأعداء سورية أن يستفيدوا منه”.
ويشمل اتفاق “مناطق خفض التصعيد” في سورية، الذي جرى التوقيع عليه من جانب كل من روسيا وتركيا وإيران مطلع الشهر الماضي، إدلب وشمال حمص وريف دمشق والجنوب السوري. وبعد شهر ونصف الشهر من توقيع الاتفاق، أثيرت تساؤلات جدية حول مصيره، وما إذا كان لا يزال ساري المفعول فعلاً، في ضوء الهجوم الشامل الذي يشنه النظام منذ مطلع يونيو/ حزيران الحالي على مدينة درعا المشمولة بالاتفاق، ومحاولاته المتكررة لاقتحام حي جوبر ومناطق في الغوطة الشرقية، مشمولة بالاتفاق أيضاً، فضلاً عن المعارك والمناوشات شبه اليومية في ريف حماة الشمالي، والقصف على ريف حمص الشمالي… إلخ. وبعد استقدامه تعزيزات كبيرة اعتباراً من نهاية الشهر الماضي إلى محافظة درعا، شملت قوات النخبة في الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد، شقيق رئيس النظام، بقيادة العقيد غياث دلة، فضلاً عن مئات من مقاتلي المليشيات، فضلاً عن مشاركة “حزب الله” اللبناني، شن النظام السوري حملات قصف عنيفة على المحافظة، ألقى خلالها أكثر من 700 برميل متفجر على الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة في المدينة، بالإضافة إلى إطلاق عدد مماثل من صواريخ “فيل” محلية الصنع، فضلاً عن أكثر من 200 غارة جوية ألقيت خلالها مئات الصواريخ والقذائف، منها 100 صاروخ تحتوي مادة النابالم الحارقة. وتوج النظام هجماته على المدينة خلال اليومين الماضيين بهجوم واسع على قاعدة الدفاع الجوي، الواقعة على بعد نحو أربعة كيلومترات جنوب غرب درعا البلد، إضافة إلى تلة الثعيلية، غرب حي المنشية، والتي تبعد نحو كيلومتر واحد عن معبر درعا القديم. واستطاعت قواته أن تقطع لساعات ريفي درعا الشرقي والغربي بعضهما عن بعض، بعد أن سيطرت نارياً على الطريق الحربي، محدثة خرقاً كبيراً على جبهة المعارك جنوب حي المنشية. لكن فصائل المعارضة سرعان ما استعادت زمام المبادرة، وأعادت فرض سيطرتها على القاعدة، موقعة عشرات القتلى والجرحى في صفوف قوات النظام، فضلاً عن أسر عدد منهم وتدمير والاستيلاء على عدد من الآليات. لكن قوات النظام، التي لم تبال بهلاك عناصرها في القاعدة الجوية، شنت هجمات جديدة من محور صوامع الحبوب في منطقة غرز، حققت خلالها تقدماً ملحوظاً، وكادت أن تصل إلى صوامع الحبوب، قبل أن تستدرك قوات المعارضة الموقف وتصد الهجوم، مدمرة دبابتين، إضافة إلى قتل وإصابة عدد من عناصر القوات المهاجمة، مجبرة إياها على التراجع. وذكر المكتب الإعلامي لغرفة عمليات “البنيان المرصوص”، التي تضم فصائل عاملة في منطقة حوران، جنوب سورية، أن مجموعة كاملة تابعة لـ”الفرقة الرابعة” العاملة في صفوف قوات النظام، وقعت في كمين محكم أثناء محاولتها التسلل إلى خط النار، شرقي مخيم درعا.
وإضافة إلى جبهة درعا، كثفت قوات النظام، منذ مطلع يونيو/ حزيران الحالي هجماتها وعمليات القصف على حي جوبر في العاصمة دمشق، الذي يعتبر من الناحية العسكرية امتداداً للغوطة الشرقية المحاصرة من جانب قوات النظام، والمشمولة باتفاق “خفض التصعيد”. وفي أحدث هجمات قوات النظام والمليشيات على الحي، أعلن “فيلق الرحمن”، التابع للجيش السوري الحر، أنه تصدى لمحاولة قوات النظام والمليشيات احتلال حي جوبر، آخر معاقل المعارضة في شرقي العاصمة دمشق. وقال الناشط الإعلامي، محمد الدمشقي، لـ”العربي الجديد”، إن الهجمات على الحي تعتبر الأعنف حتى الآن، لكنها جميعاً باءت بالفشل، وأسفرت عن مقتل العشرات من قوات النظام والمليشيات المساندة لها.
واللافت أن هذه العمليات العسكرية ضد بعض المناطق المشمولة باتفاق “خفض التصعيد” تتم بمشاركة من سلاح الجو الروسي، ما يشير إلى توافق بين النظام وايران وروسيا على أن التقدم في درعا بات ضرورياً بالنسبة لإيران وروسيا للوصول إلى الحدود مع الأردن، بالتزامن مع استعداداتهما لخوض معركة السيطرة على شرق سورية والحدود العراقية، والتي تتطلب منع فصائل المعارضة من السيطرة على البادية السورية، وهذا ما يفسر المشاركة الفاعلة للمليشيات التي تديرها إيران في هذه المعارك، فضلاً عن مشاركة “حزب الله” اللبناني، الذي خسر في الأيام الأخيرة العشرات من مقاتليه على جبهات درعا المختلفة. وفي هذا الإطار، يقول اللواء المنشق محمد حاج علي، لـ”العربي الجديد”، إن “اتفاق خفض التصعيد يحتاج إلى تسوية أوضاع بعض المناطق لربط مناطق سيطرة النظام مع دول الجوار، العراق والأردن، وإذا لم يتم هذا الأمر، ستبقى مسألة خفض التصعيد تراوح مكانها”. ورأى أن “الدور الروسي سيظل يساند النظام للوصول إلى ممرات آمنة إلى دول الجوار، على اعتبار أن هذه المناطق، التي تسمى بمنخفضة التوتر، قد تكون مناطق تقسيم مستقبلي، لذلك يستميت النظام للوصول إلى ممرات آمنة إلى دول الجوار”. وبالنسبة إلى منطقتي جوبر والغوطة، قرب دمشق، وهل السيطرة عليهما خيار استراتيجي للنظام في هذه المرحلة أم يمكنه أن يصبر عليهما بعض الوقت، قال حاج علي: “تقديري أن الأولوية الآن للوصول إلى حدود الدول المجاورة، أما منطقة الغوطة الشرقية، ومنها جوبر، فستكون الهدف اللاحق لقوات النظام وروسيا”.
وفي إطار سعيها للوصول إلى الحدود مع الأردن والعراق، حققت قوات النظام والمليشيات تقدماً كبيراً على حساب فصائل “الجيش الحر” في البادية السورية، وسط تغطية جوية روسية مكثفة. وذكرت وسائل إعلام النظام أن “الجيش السوري وحلفاءه سيطروا على منطقة بير القصب، والمناطق المحيطة بها جنوب شرق مدينة دمشق، في عملية عسكرية خاطفة على ثلاثة محاور”. غير أن مصادر المعارضة تؤكد تواصل المعارك في تلك المنطقة، في محاولة من فصائل المعارضة لاستعادة ما خسرته. وكانت قوات النظام حققت مطلع يونيو تقدماً على حساب فصائل المعارضة، المتمثلة بـ”جيش أسود الشرقية”، و”قوات أحمد العبدو”، وسيطرت على تل دكوة الاستراتيجي، حيث يخوض الفصيلان، بدعم محدود من جانب التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، معارك ضد قوات النظام والمليشيات في إطار معركة “الأرض لنا”. ومع سيطرتها على بير القصب، تكون قوات النظام أمنت محطة تشرين الحرارية بشكل كامل، لتنقل معاركها إلى عمق البادية السورية. وكانت تلك القوات سيطرت أيضاً على منطقة العليانية والكتيبة المهجورة، بعد تقدم سابق باتجاه معبر التنف الحدودي، بالرغم من التحذيرات الأميركية لها من عواقب التقدم باتجاه التنف، وهي تحذيرات ترافقت عدة مرات مع استهداف لأرتال النظام والمليشيات المتقدمة، إضافة إلى إسقاط طائرتين للنظام، واحدة حربية وأخرى من دون طيار. لكن كل ذلك لم يحد من تصميم إيران، التي توجّه قوات النظام، على الوصول إلى الحدود العراقية والالتقاء مع قوات “الحشد الشعبي” القادمة من الطرف العراقي للحدود، بغية تأمين الوصل الاستراتيجي بين طهران والبحر المتوسط عبر العراق وسورية.
العربي الجديد
رضوان زيادة المعارض السوري الذي تضطهده أميركا
أُبلغت السلطات الاميركية المعارض السوري رضوان زيادة بأنه لا يستطيع الحصول على اللجوء السياسي في الولايات المتحدة الأميركية، بسبب تنظيمه مجموعة مؤتمرات في اسطنبول امتدت من تشرين الثاني/نوفمبر 2012 إلى أيار/مايو 2013 حول التحوّل الديموقراطي في سوريا، بحسب صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية.
وخلال تلك المؤتمرات، قام “المركز السوري للدراسات السياسية والإستراتيجية” الذي يشغل زيادة منصب المدير التنفيذي فيه، بدفع مصاريف الرحلات الجوية وتكاليف الإقامة لضباط في الجيش السوري الحر وسياسيين في جماعة الإخوان المسلمين، مستعملاً تمويلاً من الحكومة الكندية.
زيادة البالغ من العمر 41 عاماً، والبارز في معارضته للرئيس السوري بشار الأسد، حصل على منح في جامعات هارفارد وجورج تاون والمعهد الأميركي للسلام. كما أنّه أدلى بشهادته أمام الكونغرس وقام بتأليف كتب وخدم لفترة قصيرة كمتحدث بإسم المجموعات المعارضة السورية التي دعمتها الولايات المتحدة.
زيادة وزوجته سوزان الجيلاتي لهما أطفال ولدوا في الولايات المتحدة ويعيشان هناك منذ 10 سنوات عبر تجديد إقاماتهم التي تنتهي مهلة الأخيرة منها في الربيع المقبل. “حالياً، لا يمكنني حتّى التخطيط للمستقبل. ماذا سيحدث؟”، يقول زيادة. ويضيف “لديّ ثلاثة أطفال يحملون الجنسية الأميركية. أحب الولايات المتحدة وقمت بزيارة جميع الولايات الخمسين وجميع المكتبات الرئاسية”.
عودة زيادة إلى سوريا غير ممكنة لأن هناك مذكرة توقيف بحقه من حكومة الأسد منذ عام 2008 كما قامت”داعش” بوضعه على لائحة السوريين المحكومين بالقتل.
وجاء في الرسالة التي تلقاها زيادة من وكالة الهجرة الأميركية عند إبلاغه برفض طلب لجوئه “بما أنّ كلاً من الجيش السوري الحر والإخوان المسلمين استعملوا الأسلحة لتهديد أمن مسؤولين في الحكومة السورية، فإن المجموعتين قامتا بأعمال إرهابية تضعهم ضمن خانة المجموعات الإرهابية غير المخصصة (مفهوم تم إدراجه بعد أحداث 11 أيلول 2001) في الفترة التي قدّمت فيها الدعم المادي. لذلك فإنّك ارتبطت في نشاطات إرهابية”.
من المعروف أن المخابرات المركزية الأميركية (CIA) قامت بتقديم رواتب وأسلحة ومستلزمات أخرى لبعض فصائل الجيش الحر، كما أنّ وزارة الخارجية قدّمت المساعدة لهم. وكذلك، يقول السفير الأميركي السابق في سوريا روبرت فورد، إن كلاً من هيلاري كلينتون وجون كيري، قابلا سابقاً وفودا ضمت أعضاء من الإخوان الملسمين.
وأدلى زيادة بشهادات عن تجربته في سوريا عندما تقدّم بطلب اللجوء السياسي الأساسي. ويقول إنّه تمت مساءلته مراراً من قبل المخابرات السورية وهو كان يحرر مجلة سياسية تم توقيفها بقرار من الحكومة، كما أنشأ مركزاً لحقوق الإنسان في دمشق وقام بزيارة الولايات المتحدة في 2006 بدعوة من برنامج وزارة الخارجية للزوّار الدوليين. بعد عودته إلى سوريا تم إستدعاؤه للتحقيق من قبل السلطات ومُنع بعدها من السفر إلى الخارج. في 2007 وبذريعة شراء دواء لوالده المريض، حصل على إذن للسفر إلى الأردن ليوم واحد فاستطاع الهرب من هناك مع زوجته إلى الولايات المتحدة، بعدما كان قد حصل بالسر على تأشيرة من السفارة الأميركية في دمشق.
في 2008 منعت الحكومة السورية أمّه وإخوانه من مغادرة البلاد، وعند بداية الثورة السورية في 2011 تم القبض على أخيه الذي لم يكن ناشطاً سياسياً. أحد أقربائه تم قتله في مجزرة في داريا. قامت أمّه وإخوانه بالهروب عندما استطاعوا إلى الأردن ومن ثم تركيا وبعدها إلى السعودية.
حتّى الآن تمّت مقابلة زيادة ومحاميه أربع مرات. وكالة الهجرة أفادت أن شهاداته مقنعة وكافية لحصوله على لجوء سياسي ولكن دعمه للجيش الحر والإخوان يحرمه منه. يعتقد زيادة أن الكثيرين من السوريين سيعانون من هذه المشكلة وسيتلقون هذه الرسالة السياسية. ويقول”إن ذلك يوضّح مدى تخلّي حكومة الولايات المتحدة عن السوريين”.
الحدود السورية العراقية: الممر الإيراني أمر واقع/ منير الربيع
لا يزال الالتباس يرافق التطورات العسكرية على الحدود السورية العراقية. يصرّ حزب الله على أنه استطاع وصل البلدين وتأمين ممر إستراتيجي من طهران إلى بيروت، بعكس الادعاءات الأميركية بأنها ستقطع الطريق وستضع حدّاً لسيطرة إيران عليه. من أربعة محاور تشنّ القوات الإيرانية وحزب الله والجيش السوري حملات العسكرية باتجاه الشرق السوري، أهمها من ريف حمص في اتجاه البادية، وكان آخرها، الكمين الذي تعرض له حزب الله من قبل تنظيم داعش، وأدى إلى مقتل عنصرين من الحزب وأسر عنصر ثالث، ما لبث التنظيم أن أعدمه. في موازاة ذلك، بدأ النظام السوري وحزب الله حملة عسكرية واسعة على درعا، وبحسب ما تقول مصادر متابعة فإن هذه المعركة لن تتوقف، وهي ستفرض شروطاً جديدة من جانب النظام وحلفائه على طاولة المفاوضات في آستانة 7.
يعلم حزب الله أن هناك مناقشات دولية تجري لأجل تثبيت مناطق النفوذ في سوريا. ويعتبر أن منطقة النفوذ الإيراني أصبحت مؤمنة ولا يمكن لأحد إزاحة إيران عن الساحة السورية. ويربط هذا الكلام، بما يُحكى عن ترتيب دولي للوضع في درعا بالتنسيق بين الأردن والولايات المتحدة، وترتيب الوضع في شمال سوريا وتحديداً في إدلب بين الأتراك والروس. وتقسيم مناطق النفوذ هذا، سينعكس إيجاباً على التوجه الإيراني في سوريا، خصوصاً في ضوء ما تعتبره المصادر تقاسماً للنفوذ والمناطق على الحدود السورية العراقية بين طهران وواشنطن برعاية روسية.
وهنا تعتبر المصادر أن الإستراتيجية الأميركية غير الواضحة في سوريا، أدت إلى سيطرت إيران على المناطق المشتركة بين سوريا والعراق، فيما واشنطن تحاول فرض شروط على الإيرانيين وحلفائهم، ولاسيما عدم الإقتراب إلى معبري التنف والزكف، اللذين تم تحويلهما إلى قاعدتين عسكريتين أميركيتين. أما المناطق الأخرى فلا يبدو أن هناك مسعى أميركياً لمواجهة إيران فيها.
لا شك في أن الإيرانيين يبالغون بهذا التهليل للسيطرة على ذلك الممر، ولفوائدها الإستراتيجية، لكن مما لا شك فيه أيضاً أنه لا يمكن للإيرانيين السيطرة على هذه المنطقة وتوفير الممر من دون توافق روسي أميركي، ومن دون توفير غطاء جوي روسي للقوات الإيرانية التي تريد الاحتفاظ بذلك الممر. لأن الأهم من ذلك، ليس الإلتقاء بين حدود البلدين، إنما هو تثبيت المواقع وجعل هذه المنطقة والممر آمنين وثابتين وغير معرّضين للنيران. وتشير المصادر إلى أن الغاية من السيطرة على هذا الممر، ليست تمرير الأسلحة إلى لبنان، إذ لم يعتمد الإيرانيون المناطق البرية لتمرير الأسلحة والأموال لحزب الله في لبنان. وحين كانت تمر المساعدات العسكرية إلى حزب الله، كانت تصل جواً إلى سوريا ومنها إلى لبنان، خصوصاً في ظل حكم صدام حسين. إنما الهدف من ذلك معنوي وسياسي، وربما إقتصادي يتعلق بالنفط الإيراني في المرحلة المستقبلية.
هي حرب الرسائل. الرسالة الآن، معنوية إلى حد كبير، لتأكيد أن الهلال الإيراني أصبح ثابتاً، رغم كل المواجهات، ورسالة إلى الدول العربية والخليجية خصوصاً بأن محاولات إزاحة إيران من سوريا وفيها ستبوء بالفشل، وبأن طهران تسيطر على ثلاث دول عربية. الضربة الأميركية لإسقاط المقاتلة السورية في دير الزور، هي رسالة أميركية ضد روسيا رداً على الهجوم في درعا، والرد الروسي جاء بتعليق العمل بالإتفاقية الأمنية مع الأميركيين في سوريا. ما دفع واشنطن إلى اتخاذ موقف متراجع.
أحد الخطوط الحمراء التي تضعها واشنطن بوجه إيران أيضاً، وعلى قاعدة تقاسم مناطق النفوذ، هي الرقة، المعقل الرئيسي لتنظيم داعش. بالتالي، هناك رفض أميركي لأن ترث إيران وحلفاؤها مناطق سيطرة التنظيم. وتقول المصادر: “فيما كان داعش يمتلك السيطرة على أكبر مساحة جغرافية في سوريا، تريد القوات الموالية لواشنطن تجاوز هذه البقعة. ما قد يعني لروسيا وإيران احتمال تقلّص مناطق نفوذهما، إذ ما زالا يعتبران أنه يجب إنتظار إتضاح السياسة الأميركية في سوريا، وأن سنة 2017 هي سنة إنهاء داعش، أما سنة 2018 فسنة إنهاء النفوذ الإيراني في المنطقة.
يستند من يعتبر أن واشنطن ستعمل في الفترة المقبلة على إضعاف النفوذ الإيراني في سوريا، إلى المشاورات الأميركية الروسية. ويقولون إنه رغم الإيحاء بأن التفاهم الأميركي الروسي يصب في خانة الوجود الإيراني ومصلحته، إلا أن ذلك سيكون مرحلياً. أما في المستقبل فإن ما تريده واشنطن هو استقرار النفوذ الروسي في غرب سوريا، وتحديداً في الساحل. ولكن، وفق ما يقول مطلعون على الأجواء الأميركية، فإن واشنطن لن ترضى بأن تحتفظ إيران بمناطق نفوذها. لكن ذلك لا يبدو واقعياً حتى الآن في الميدان.
المدن
“أحرار الشام” وعلم الثورة: العودة عن الخطأ؟/ عقيل حسين
لم يكن مفاجأة كبيرة بالنسبة للكثيرين، ظهور علم الثورة السورية إلى جانب قائد “حركة أحرار الشام الإسلامية” علي العمر “أبو عمار” خلال كلمته التي ألقاها الخميس، بمناسبة قرب حلول عيد الفطر، وذلك بعد العديد من الخطوات التي اتخذتها الحركة مؤخراً، واعتبرت أنها تصب في سياق المزيد من التماهي مع الثورة. المفاجئ كان تعجيل “الحركة” بهذه الخطوة؛ تبنى علم الثورة، التي غطت على كلمة قائدها تماماً، والتي جاءت قبل ثلاثة أيام على الأقل من موعدها المفترض، بعدما سربت “الحركة” معلومات عن أن عيد الفطر سيكون المناسبة التي ستتبنى فيها رفع علم الثورة، وذلك بعد يوم واحد فقط من إصدار “المجلس الشرعي” فيها، الأربعاء، بياناً أكد فيه على مشروعية رفع هذا العلم.
تمهيد كان لا بد منه في النهاية، حتى وإن كان الجميع تقريباً يرى أن “حركة أحرار الشام” بوضعها الحالي اليوم، وخاصة على صعيد الجبهة الداخلية، جاهزة تماماً لإنجاز هذه الخطوة من دون أي محاذير.
ولا يتعلق الأمر هنا برحيل الفريق المتشدد من قيادة “الحركة” سابقاً، وانضمامه إلى “هيئة تحرير الشام” مطلع العام 2017، بعد سلسلة من الصدامات مع “الفريق الثوري”. صدامات كادت أن تعصف بالحركة طيلة العام 2016. ويتعلق الأمر أيضاً بتوفر القابلية الكاملة لدى قواعد “الحركة” التي تبدو منسجمة اليوم بشكل عام، بحسب المراقبين، بل وحتى الرغبة الجامحة داخلها، باتخاذ هذا القرار، الذي جاء بالنسبة للكثيرين متأخراً.
والقول الأخير لا يبدو مبالغاً فيه بالنظر إلى مسار تطور”الحركة” والتحولات التي عاشتها منذ العام 2013، إذ قاد الجزء الأكبر من قادتها المؤسسين مراجعات فكرية عميقة، كان من أبرز مخرجاتها، فتح باب “الحركة” واسعاً أمام انضمام الكوادر من مختلف الفئات الشعبية إليها، بعدما كانت مقتصرة على أصحاب الفكر السلفي الحركي، معلنة بذلك الانتقال من الحالة النخبوية إلى الحالة الشعبية.
شهدت “الحركة” منذ ذلك التاريخ اقبالاً استثنائياً على الالتحاق بها من جانب الأفراد، وكذلك المجموعات الصغيرة غير المؤدلجة، ما أدى لبعض الآثار السلبية عليها في ذلك الوقت، وفي مقدمتها التضخم العددي على حساب امكانيات التسليح والتمويل، وكذلك رفع العديد من مرجعيات التيار السلفي الجهادي الغطاء عن “الحركة” تباعاً ومع كل خطوة تغيير كانت تتخذها في هذا الطريق، وصولاً إلى إخراجها بشكل نهائي تقريباً من دائرة السلفية، مع مغادرة فريق قائد “الحركة” السابق هاشم الشيخ إلى “هيئة تحرير الشام”.
وما بين المشهدين، كانت “حركة أحرار الشام” قد قطعت بنفسها خطوات عديدة أخرى نحو الخروج من دائرة المنهج السلفي الجهادي النخبوي، وهو التحول الذي كان قد وصفه القيادي السابق فيها، الراحل أبو يزن الشامي، بأنه يمثل “الخروج من ضيق المنهج إلى سعة الدين”. إذ رفعت “الحركة” شعار “مشروع أمة” مع تشكيلها “الجبهة الإسلامية” نهاية العام 2013، بالتشارك مع فصائل سلفية أخرى تنتمي لمدارس مختلفة، وأهمها “جيش الإسلام” و”لواء التوحيد” و”لواء صقور الشام”. ووقّعت الجبهة على “وثيقة الثورة السورية” الصادرة عن فصائل متعددة في أيار/مايو 2014، كما اعتمدت “مبادئ الثورة الخمس” التي أقرها “المجلس الإسلامي السوري” نهاية العام 2015. وثيقة ومبادئ أعاد قائد “الحركة” في كلمته التأكيد على التزام الحركة بها.
لاحقاً، رفعت “حركة أحرار الشام” شعار “ثورة شعب” بدلاً عن شعار “مشروع أمة”، وذلك بعد انفراط عقد “الجبهة الإسلامية”. وهما الشعاران اللذان أرادت “الحركة” بقيادتها الراحلة القوية والتي اغتيل أعضاؤها الخمسون في حادث غامض في ريف إدلب في أيلول/سبتمبر 2014، التأكيد من خلالهما على تبني الإصلاحات التي نادت بها. وفي مقدمة ذلك، التخفف من الجهاد المعولم لصالح “الجهاد المحلي”، إلى جانب توسيع القاعدة الشعبية والانفتاح على الجماهير، في تجليات صريحة، كما يرى الكثيرون، لمبادئ “الحركة السرورية” وتعاليم مؤسسها، هذه الحركة التي لطالما اعتبرت منذ ظهورها حتى رحيل مؤسسها الشيخ سرور زين العابدين في تشرين الثاني/نوفمبر عام 2016، أنها تجمع بين العقيدة السلفية والحركية الاخوانية.
كما استفادت “أحرار الشام” من التعاطف والدعم الشعبي الذي حظيت به في المرحلة التي أعقبت اغتيال القادة المؤسسين، إذ اعتبرها الكثيرون، بمن فيهم معارضو التيار الإسلامي داخل قوى الثورة والمعارضة، أنها تشكل ملاذاً جيداً في النهاية للشباب المعارض الذي تأثر بموجة صعود التيار الجهادي وأسلمة الثورة، في مقابل العمل الواسع على استقطابهم من قبل تنظيمي “القاعدة” و”الدولة الإسلامية”.
عامل قوة لطالما استفادت منه “الحركة” إلى حد اتهامها أخيراً بالانتهازية في التعامل معه، خاصة مع انضمام الغالبية العظمى من مقاتلي فصائل “الجيش الحر” التي قامت “جبهة النصرة” على مدار عامين ونصف، منذ نهاية العام 2014 حتى بداية العام 2017 بتفكيكها في الشمال. ما حدا بالكثيرين إلى التوجس من أن تكون “حركة أحرار الشام” بالفعل، جزءاً من خطة شاملة لانهاء “الجيش الحر”، تحت ترهيب عصا “النصرة/فتح الشام” وترغيب الحماية التي توفرها “الحركة” لهم.
هواجس بلغت ذروتها في الأشهر الأخيرة، وتحديداً منذ شباط/فبراير 2017، مع تمكن “جبهة فتح الشام” من اجبار فصائل “جيش المجاهدين” و”تجمع فاستقم”، و”لواء صقور الشام”، وفرع “جيش الإسلام” في الشمال، على حل نفسها والانضمام إلى “حركة أحرار الشام”، لتفادي الهجوم الشامل الذي أعلنته “الجبهة” ضد هذه الفصائل، قبيل أسبوع فقط من تشكيلها مع قوى مقاتلة أخرى “هيئة تحرير الشام”.
هواجس عمقها أكثر الغياب شبه الكامل لقيادة “الحركة” عن مسرح الأحداث طيلة الأشهر الخمسة الماضية، ومن ثم تصاعد الحديث عن تجاهل “أحرار الشام” لأهم بنود اتفاق الانضمام الموقع مع تلك الفصائل، وهي البنود التي تتعلق بإعادة هيكلة “الحركة”، وإجراء تغييرات تضمن المزيد من الانفتاح على الثورة، وفي مقدمتها رفع علم الثورة، والعمل على تشكيل جيش وطني وفق اسس احترافية. وتأخر تنفيذ هذا الاتفاق على الرغم من رحيل الفريق الذي كان يعارض مثل هذا التغييرات، ويعتبرها تنازلات تسقط “الحركة” وتخرجها عن مبادئها غير القابلة للمساس بها.
لكن الإجراءات الثلاثة السريعة والمتلاحقة التي أعلنت عنها “حركة أحرار الشام” مؤخراً، والتي بدأت مطلع الاسبوع الماضي بإعلان “الهيئة القضائية” فيها اعتماد “مدونة القانون العربي الموحد” في محاكمها، أعادت للكثيرين الثقة بمضي “الحركة” في طريق الإصلاح المنشود، قبل أن ترفع وللمرة الأولى علم الثورة بشكل رسمي أخيراً.
والقول هنا “بشكل رسمي”، ليس من دون دلالات، إذ لطالما ظهر العديد من قادة “الحركة” خلال العامين الماضيين، حتى في ظل وجود الفريق الآخر الرافض لذلك حينها، وهم يحملون علم الثورة. كما أن الكثيرين من كوادر “أحرار الشام” وعناصرها، كانوا وعلى الدوام من المدافعين عن تبني هذا العلم، الذي طالما رفعوه من دون تحفظ، بل وكانوا يضغطون على قيادة “الحركة” لاعتماده بشكل رسمي.
ضغوط ومطالبات زادت بشكل واضح بعد قرار “جيش الإسلام”، السلفي أيضاً، تبني علم الثورة في شباط/فبرير 2017، وهي أسبقية تعتبر منطقية بالنظر إلى طبيعة كلا الفصيلين الفكرية، وتركيبتهما البنوية كذلك، إذ ظل “جيش الإسلام” أكثر تماسكاً وانسجاماً على الدوام، مقابل التصدعات والصراعات التي ظلت تعاني منها “أحرار الشام” خلال العامين والنصف الماضيين، وكذلك انتماء “جيش الاسلام” إلى المدرسة “السلفية العلمية” التي تعتبر أقل تحفظاً من المدرسة السلفية التي انبثقت عنها بالأساس “حركة أحرار الشام” وهي ” السلفية الجهادية”.
خطوة “حركة أحرار الشام” هذه، ومن قبلها “جيش الإسلام”، ورغم الترحيب الواسع بها، إلا أن التيار السلفي الجهادي، وكما هو متوقع، رأى فيها، فضلاً عن مخالفتها للشرع، استجابة لإملاءات وضغوط خارجية. بينما يؤكد مقربون من الفصيلين ممن يدافعون عن هذا الخيار، أنها بالعكس تماماً، تحولات تأتي على خلاف إرادة القوى المتحكمة بالملف السوري بمختلف توجهاتها، ويدلّون على ذلك بالإشارة إلى اغتيال كل القادة الذين بادروا في إطلاق العنان لهذه التحولات الفكرية والسياسية، مثلما ما حدث مع قادة “أحرار الشام” الراحلين، الذين دفعوا ثمن توجههم لاعادة بناء “الحركة” وفق تصورات جريئة وغير مسبوقة داخل التيار الجهادي. وهو ما لا تريده بأي حال تلك الدول والقوى الكبرى المتنفذة، التي أرادت على الدوام صبغ الثورة السورية بطابع الإرهاب. وهو الأمر ذاته الذي حصل مع مؤسس وقائد “جيش الإسلام” الراحل زهران علوش، الذي يقول أصحاب وجهة النظر هذه، إنه لم يتم استهدافه بشكل مباشر وقتله، إلا بعد إعلانه إطلاق إصلاحات فكرية ومنهجية داخل “جيش الإسلام”.
ويرى هؤلاء أيضاً، أن جميع التنظيمات الإسلامية المقاتلة في صفوف المعارضة السورية، والتي تنتمي لتيارات ومشارب مختلفة، إنما ارتكبت خطأ كبيراً في الأساس، عندما انقلبت على محددات وخطاب ورمزيات الثورة الشعبية، والتي انطلقت من دون خلفيات سياسية أو إيديولوجية محددة، ومن ثم عززت هذا الخطأ، عندما ظنت أنها تستطيع بالأدلجة حشد عدد أكبر من العناصر، بدليل تخلي الآلاف من مقاتلي “الجيش الحر” عن السلاح ومغادرة الساحة، نتيجة لفرض الأسلمة على الثورة بهذه الطريقة، ما أدى إلى نتائج كارثية على الصعيد العسكري.
لكن الأهم، أن هذه الفصائل سقطت في فخ مزاودات التيار السلفي الجهادي، خاصة بين عامي 2013-2014، ما جعلها تتبنى خطاباً وممارسات غير متوقعة، الأمر الذي زاد من طينها بلة، وجعلها تصعد شجرة عالية لم تعد قادرة على البقاء فوقها، ولم تعد قادرة على النزول عنها في الوقت نفسه، بسهولة. الأمر الذي جعلها تتأخر جداً في اتخاذ مثل هذه القرارات، التي ما كان يجب أن يجعل منها استحقاقاً بالأصل لولا السقوط في هذا الفخ.
لكن “زمن المزاودات قد ولى، وصار من الماضي”، هذا ما أكده قائد “حركة أحرار الشام” في كلمته الأخيرة التي رافقه فيها علم للثورة للمرة الأولى، مضيفاً “أن الشعب السوري قد عانى من المزاودات”، في خطوة تستبق ردود الفعل الرافضة لهذا القرار، وتؤكد على أنه قرار استراتيجي محسوم بالنسبة لقيادة “الحركة”، التي لا يخفي اليوم، حتى المشككون بها والقائلون بضعفها، أنها اتخذت القرارات الأصعب على الإطلاق، بانتظار النتائج التطبيقية لهذه القرارات، على أمل ألا يكون قد فات وقتها.
المدن
صواريخ إيران على سوريا تخفق في تغيير توازنات الأزمة/ محمد عباس ناجي
القاهرة – دخل الانخراط الإيراني في الصراع السوري مرحلة جديدة مع إطلاق القوة الجوفضائية التابعة للحرس الثوري ستة صواريخ متوسطة المدى على مواقع قالت طهران إنها تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية في مدينة دير الزور السورية في 18 يونيو 2017.
ورغم أن إيران زعمت أن تلك الضربات، التي استخدمت فيها صواريخ من طراز “ذو الفقار” و”قيام”، جاءت ردا على الهجمات التي أعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عنها واستهدفت الملحق الإداري التابع لمجلس الشورى الإسلامي وضريح الخميني في 7 يونيو 2017، فإن ذلك لا ينفي أن ثمة رسائل عديدة سعت إيران إلى توجيهها إلى قوى إقليمية ودولية معنية بتطورات الصراع في سوريا والدور الإقليمي لإيران ونفي علاقتها بتنظيم داعش.
ويكمن أحد أهداف النظام الإيراني من وراء هذه الخطوة في احتواء الانتقادات التي تعرضت لها في الفترة الماضية، بسبب القصور الأمني الذي كشفت عنه العمليات التي وقعت في العاصمة طهران وداخل إحدى أهم المؤسسات السياسية في النظام وهي مجلس الشورى، إلى جانب ضريح مؤسس الجمهورية آية الله الخميني الذي يحظى بمكانة خاصة داخل إيران.
وحرص الحرس الثوري على إصدار بيان في 21 يونيو 2017، أشار فيه إلى أن الضربات الصاروخية، التي وجهت بالتنسيق مع عناصر فيلق القدس الذي يقوده الجنرال قاسم سليماني حققت نتائج بارزة وأسفرت، حسب ما جاء في البيان، عن مقتل 170 من قادة وكوادر داعش وتدمير عدد كبير من معداته العسكرية.
وربما تكون الرسالة الأهم موجهة إلى الرئيس حسن روحاني الذي سعى الباسدران من خلال تلك الضربات إلى تأكيد استقلاليته عن سياسة الأخير، لا سيما وأنه يتلقى تعليماته من المرشد الأعلى للجمهورية مباشرة، وهو ما بدا جليا في تأكيد الحرس، في البيان السابق، على أن القائد العام للقوات المسلحة – في إشارة إلى خامنئي- أشرف بالكامل على عملية ليلة القدر، وهو الاسم الذي أطلقه على تلك الضربات.
تشير الضربات إلى أن إيران بدأت في الاستعداد للتصعيد المتوقع مع الولايات المتحدة المرحلة القادمة، والذي لن يقتصر على الاتفاق النووي فقط، وإنما سيمتد أيضا إلى الملفات الإقليمية، على رأسها الملف السوري، في ضوء الاهتمام الخاص الذي تبديه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بوجود إيران في سوريا ودعمها المتواصل لنظام الأسد، الذي ترى أنه أحد أسباب إطالة أمد تلك الأزمة دون وصولها إلى حل.
تحديات جديدة
أعقب الضربات إصدار مجلس الشيوخ الأميركي في 15 يونيو 2017 قانون “مواجهة أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار 2017” الذي ينتظر تصويت مجلس النواب وتوقيع الرئيس ترامب عليه ليتحول إلى قانون ملزم، وهو احتمال قائم بقوة في ظل التوجهات السلبية التي يتبناها ترامب والجمهوريون إزاء الاتفاق النووي، الذي يبدو أن استمرار العمل به سوف يواجه تحديات عديدة خلال المرحلة القادمة، بعد أن كلف الرئيس ترامب الوكالات التابعة لمجلس الأمن القومي بإجراء عملية مراجعة للاتفاق لدراسة مدى توافقه مع المصالح الأميركية.
ويتمثل أحد أهداف تلك الضربات الصاروخية في تأكيد أن البرنامج الصاروخي الإيراني سوف يبقى في رؤية طهران خارج نطاق المفاوضات مع القوى الدولية، حتى لو أدى ذلك إلى تصعيد حدة التوتر في العلاقات مع الأخيرة والتأثير سلبيا على الاتفاق النووي.
وتدعي إيران أن قرار مجلس الأمن رقم 2231 الذي صدر بعد التوصل إلى الاتفاق النووي في 20 يوليو 2015، لا يفرض قيودا على برنامجها الصاروخي بذريعة أن صواريخها الباليستية ليست مخصصة لحمل أسلحة نووية، وهي النوعية التي طالب القرار الأممي بوقف الأنشطة الخاصة بتطويرها، ما يعني أن إيران دائما ما تبحث عن “ثغرات” للالتفاف على أي التزامات دولية قد تقيّد أنشطتها النووية. وتزامنت الضربات الصاروخية مع قيام واشنطن بإسقاط مقاتلة سوخوي 22 تابعة للنظام السوري كانت تلقي قنابل في ريف الرقة الجنوبي بالقرب من المنطقة التي تتواجد فيها قوات سوريا الديمقراطية، وهي الميليشيا الكردية العربية التي تتلقى دعما من جانب واشنطن في إطار الحرب على تنظيم داعش.
واعتبرت إيران أن هذه الخطوة التي اتخذتها واشنطن تؤشر إلى اتجاهها نحو العمل على وضع عقبات أمام الجهود التي تبذلها طهران والنظام السوري والميليشيات الطائفية الموالية لها – في سوريا أو العراق- من أجل تأسيس ممر استراتيجي يصل بين إيران وسوريا عبر العراق، خاصة وأن تلك الخطوة لم تكن الأولى من نوعها، وسبق أن قامت الولايات المتحدة بقصف رتل عسكري تابع لإحدى تلك الميليشيات بالقرب من قاعدة التنف التي يستخدمها التحالف الدولي ضد داعش.
وحاولت إيران الإيحاء بالعمل على تأسيس هذا الممر الذي يعتبر محورا رئيسيا في استراتيجيتها القائمة على مواصلة دعم النظام السوري والحلفاء الآخرين من التنظيمات الإرهابية على غرار حزب الله والضغط على إسرائيل من خلال الوصول إلى ساحل البحر المتوسط.
ولم يكن اختيار إيران لمدينة دير الزور تحديدا لتوجيه هذه الضربات مصادفة، ليس فقط لأنها ربما تصبح المعقل البديل لتنظيم داعش بعد تعرضه لضربات قوية من التحالف الدولي وأطراف أخرى في كل من الموصل والرقة، بل إنها تسعى إلى كسب أهمية استراتيجية من خلال هذه المدينة كونها تقع على الطريق الرئيسي الذي تسعى طهران إلى تأسيسه، وربما يكون محورا للصراع بينها وبين الولايات المتحدة في المرحلة القادمة.
رغم ما يبدو على السطح من وجود تنسيق عالي المستوي بين إيران وروسيا في التعامل مع التطورات الميدانية والسياسية في سوريا، فإن هذا لا ينفي أن طهران لديها مخاوف عديدة من الدور الذي تقوم به موسكو في الأزمة السورية.
وهو ما يسير عكس الانتقادات التي وجهتها موسكو لواشنطن مؤخرا عقب إسقاط مقاتلة النظام السوري وتهديدها باعتبار أي أجسام طائرة في مناطق عمل قواتها الجوية في سوريا أهدافا مع تجميد العمل بمذكرة سلامة الطيران الموقعة مع واشنطن.
ساهمت روسيا، منذ رفع مستوى انخراطها عسكريا في الصراع في سبتمبر 2015، في تغيير توازنات القوى على الأرض وتعزيز موقع النظام السوري في المفاوضات التي أجريت مع قوى المعارضة في جنيف وأستانة، وقلّص هذا الدور، إلى حد ما، من نفوذ إيران ودفع قوى إقليمية ودولية عديدة إلى محاولة الوصول إلى تفاهمات مع موسكو في سوريا وتجاهل الدور الذي تقوم به إيران على الأرض، باعتبار أن تلك التفاهمات يمكن أن تدفع موسكو إلى كبح جماح إيران وحلفائها في سوريا، وتقييد قدرتهم على إجراء تغييرات في مسار الصراع.
لذلك لا تبدي إيران ارتياحا إزاء إصرار موسكو على التوصل إلى تفاهمات مع تركيا تحديدا. وزادت مخاوفها من إمكانية اتجاه موسكو إلى تكرار السياسة نفسها مع الولايات المتحدة بعد اتساع نطاق تدخلها في الصراع مع تولي إدارة ترامب مهامها في 20 يناير 2017.
سعت إيران عبر الضربات الصاروخية الأخيرة إلى تأكيد نفوذها على الأرض داخل سوريا وقدرتها على عرقلة أي ترتيبات سياسية وأمنية يمكن أن تصل إليها القوى الأخرى المعنية بالأزمة ولا تتوافق مع مصالحها، حتى لو كانت روسيا ذاتها.
وحاولت إيران توجيه رسالة بأن حرصها على التنسيق مع روسيا في سوريا لا يعني تطابق المصالح، في ظل تباين الأهمية الاستراتيجية التي تحظى بها سوريا لدى كل منهما وبروز خلافات جوهرية في مواقف الدولتين تجاه التطورات التي يشهدها الصراع، على غرار الدور الذي من المفترض أن تقوم به الميليشيات الموالية لإيران على الأرض، والذي لا يبدو أنه يحظى بدعم كامل من جانب موسكو.
يمكن القول إن الضربات الصاروخية التي أطلقها الحرس الثوري على مدينة دير الزور السورية تمثل بداية لمرحلة جديدة من التصعيد في سوريا، لا سيما في ظل تطلع الكثير من القوى المعنية بتطورات الصراع السوري إلى رسم حدود جديدة للنفوذ على ضوء المعطيات التي تفرضها توازنات القوى على الأرض، فضلا عن تشابك الملفات الإقليمية المختلفة بشكل قد يؤدي إلى تداعيات على مسار الصراع في سوريا، على غرار الاتفاق النووي الذي سيواجه اختبارات صعبة في الفترة القادمة.
رئيس تحرير دورية مختارات إيرانية
العرب
هل تتخلى واشنطن عن الأكراد بعد الرقة
أرسلت الولايات المتحدة إشارات إيجابية لأنقرة توحي بأخذها في الاعتبار مخاوفها حيال أكراد سوريا، بيد أن أنقرة لا تبدي ثقة في النوايا الأميركية، ويشاطرها الكثير من المحللين في الأمر، حيث يشككون في إمكانية أن تتخلى واشنطن عن الأكراد الحليف الاستراتيجي الذي يسيطر على مساحات واسعة واستراتيجية في سوريا.
الغبار لم تغب بعد
دمشق – أبدت تركيا حذرا في التعاطي مع المزاج الأميركي الحالي الميال إلى التهدئة معها، وهو ما ترجمه اتخاذ واشنطن جملة من الخطوات مؤخرا، من قبيل إعطاء أنقرة لائحة بالأسلحة الأميركية المقدمة إلى وحدات حماية الشعب الكردي، والتعهد الأميركي باستعادة تلك الأسلحة بعد انتهاء معركة الرقة.
وأظهر وزير الدفاع التركي فكري أشيق الجمعة ترحيبا باهتا بالخطوات الأميركية، محذرا في الآن نفسه من أن بلاده سترد على أي محاولات تنطوي على تهديد من قبل وحدات حماية الشعب الكردي لأمنها.
وتعتبر الوحدات، الذراع العسكرية للاتحاد الديمقراطي الكردي، العمود الفقري لتحالف قوات سوريا الديمقراطية الذي يخوض معركة حاسمة اليوم في مدينة الرقة (شمال شرق سوريا) لطرد تنظيم الدولة الإسلامية.
وتلقى الوحدات الكردية دعما كبيرا من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، الأمر الذي تسبب في بلوغ العلاقات الأميركية التركية درجة كبيرة من الفتور.
وهناك قناعة تركية سائدة بأن وحدات حماية الشعب هي امتداد لحزب العمال الكردستاني، الذي يقود حملة للانفصال في جنوب شرق تركيا.
وترى أنقرة أن تمكين الوحدات في شمال سوريا سيعني بالضرورة تهيئة الظروف لتحقيق الحلم الكردي بالانفصال وتشكيل دولتهم العتيدة.
وقال أشيق لتلفزيون “إن.تي.في” إن الرسالة التي تلقاها من نظيره الأميركي جيمس ماتيس المتعلقة بالأسلحة التي أعطتها الولايات المتحدة للوحدات “خطوة إيجابية” لكن “التنفيذ ضروري”.
وسبق وأن صرح مسؤولون أتراك بأن الإمدادات للوحدات انتهى بها الحال في الماضي إلى أيدي حزب العمال الكردستاني ووصفوا أي سلاح يمنح لها بأنه تهديد لأمن تركيا. وحذر أشيق من الرد على أي عمل للوحدات الكردية.
وقال “سيتم الرد على أي خطوة لوحدات حماية الشعب تجاه تركيا على الفور”. وأضاف “يتم بالفعل تقييم التهديدات التي قد تظهر بعد عملية الرقة. سنتخذ خطوات من شأنها تأمين الحدود بالكامل… ومن حق تركيا القضاء على التهديدات الإرهابية على حدودها”.
وبدأت معركة استعادة الرقة قبل أسبوعين لتزيد الضغط على تنظيم الدولة الإسلامية الذي يواجه هزيمة في الموصل معقله الرئيسي في العراق.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان الأربعاء إن تركيا أرسلت تعزيزات باتجاه مناطق إلى الجنوب من مدينة أعزاز الخاضعة لسيطرة مقاتلين من المعارضة السورية تدعمهم أنقرة.
وتسيطر وحدات حماية الشعب الكردية على مناطق إلى الجنوب من أعزاز السورية.
وفي أغسطس من العام الماضي بدأت تركيا هجوما في شمال سوريا وأرسلت دبابات وأسلحة عبر الحدود لدعم مقاتلي المعارضة السورية الذين يقاتلون الدولة الإسلامية ووحدات حماية الشعب.
هذا الهجوم انتهى دون تحقيق أنقرة لأي من أهدافها وعلى رأسها تحجيم النفوذ الكردي على حدودها الممتدة مع سوريا، بسبب ضغوط أميركية وروسية، واضطرت أنقرة إلى الإعلان عن نهاية العملية التي أطلقت عليها “درع الفرات” في مارس الماضي، إلا أنها أبدت نية في استئنافها في حال حاولت الوحدات الكردية ضرب أمنها.
المساعي التركية لاستهداف الأكراد لم تتوقف، ففي أبريل قامت القوات التركية بقصف مواقع للأكراد في الحسكة في أقصى شمال سوريا، في محاولة جديدة لجس نبض الولايات المتحدة، التي سارعت إلى التنديد بالعملية، مقدمة على نشر قوات لها على الحدود السورية التركية.
أنقرة استلمت الرسالة، فخيرت الركون إلى التهدئة في انتظار المتغيرات على الساحة السورية، التي قد تضطر الولايات المتحدة إلى العودة إليها وهو ما عبر عنه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حين مغادرته واشنطن بعد لقاء عاصف مع نظيره الأميركي دونالد ترامب في 16 مايو الماضي، “سيأتون إلينا لأنهم سيحتاجوننا”، في إشارة إلى الأميركيين.
ويرى مراقبون أن تصريح أردوغان كان في محله لجهة سعي واشنطن اليوم إلى ترطيب الأجواء مع تركيا.
ويربط المراقبون هذا التغير الأميركي المسجل تجاه أنقرة والذي وصفوه بـ”التكتيكي”، برغبة واشنطن في تخفيف وطأة التقارب التركي الروسي، والذي بلغ أشواطا متقدمة ترجمته بداية العمل على الأرض لتنفيذ اتفاق تخفيف التصعيد الموقع في أستانة 4.
وكشف إبراهيم قالين المتحدث باسم الرئيس التركي مؤخرا أن أنقرة وموسكو قد تنشران قوات تابعة لهما في ريف إدلب (شمال غرب) تنفيذا لمذكرة مناطق تخفيف التوتر، فيما ستكون معظم القوات في محيط دمشق روسية وإيرانية.
وتسعى الولايات المتحدة إلى تسجيل موقع مؤثر لها في هذا الاتفاق عبر تولي مهمة الإشراف الكامل على الجنوب السوري، وذكر قالين “يجري حاليا العمل على آلية خاصة بريف درعا جنوب سوريا تعتمد على قوات أميركية وأردنية”.
ويرى خبراء أن هذه التفاهمات الجارية، تدفع واشنطن نحو السعي إلى تحسين علاقتها مع أنقرة ولكن دون أن يعني ذلك التخلي عن الحليف الأساسي وحدات حماية الشعب التي تقتطع مساحات واسعة لها في شمال سوريا وشرقها (تسيطر على أكثر من 20 بالمئة من مساحة سوريا).
وقال مدير المركز الكردي للدراسات نواف خليل لـ“العرب” أعتقد أن “الأمر لا يتعدى المغازلة لأن الواقع على الأرض يشي بعكس ما تتمناه الحكومة التركية التي لم تلب الإدارة الأميركية السابقة والحالية أيا من مطالبها المتعلقة بالعلاقة مع الأكراد”.
وأوضح أن “الولايات المتحدة تسمع تركيا ما تريد لكنها تفعل في النهاية ما يخدم مصالحها، وهذا لا يعني أن الأكراد إذا صحت تصريحات أشيق سيكونون سعداء في ظل اشتداد حملة الرقة ومحاولات النظام السوري من جهة وتركيا من جهة أخرى ضربهم”.
العرب