المناهج المدرسية في مناطق سيطرة “داعش”: تعليم العنف والتطرف
نشر موقع “إن بي سي” الإخباري صوراً من كتب تعليمية كان يعتمدها تنظيم “داعش” في مدارسه، أثرت على نفسية الأطفال وسلوكهم وجعلت منهم أفراداً غير متعاطفين، يحملون مشاعر الكره وعدوانيين، وخضعوا لتعاليم تجعل منهم إرهابيين.
وأوضحت أم شاهد، وهي سورية تعيش حالياً في تركيا لموقع “أن بي سي”، أن طفليها درسا في مدارس يديرها تنظيم “داعش” الإرهابي في سورية، مشيرة إلى أنها لا تزال تشعر بعدم الراحة إزاء ابنها. وقالت: “يبلغ من العمر 13 عاماً الآن، وما زلت لا أثق به”.
وقال والد شاهد البالغ من العمر 39 عاماً إنه أجبر على إرسال أبنائه علي ومحمد إلى مدرسة “داعش”. مضيفا “بعد عام واحد كان لدي انتحاريان في المنزل”، موضحاً أن ابنه علي تعلّم العدّ من واحد إلى عشرة باستخدام رصاصات فارغة. وأضاف “كل الذي تعلموه كان له صلة بالقنابل والبنادق، وكيف تصبح مقاتلا”.
وأكد أحد المدرسين الذي لم يرغب بالإفصاح عن اسمه، لاعتبارات أمنية، أنه اضطر لتدريس دعاية “داعش”. وقال: “كنت أدرس التلاميذ ليصبحوا إرهابيين في المستقبل”، موضحا أن “داعش” فرض نظامه التعليمي في مناطق سيطرته في مايو / أيار 2015. وتابع “كانت مناهجه مجرد غسل دماغ للطلاب”.
وأوضح المدرس (34 عاماً) أنه مارس التعليم في إحدى مدارس “داعش” في منطقة ريفية في وادي الفرات. وقال: “كان المسلحون يضعون كاميرات مراقبة في معظم الفصول الدراسية”.
وقدم المدرس للموقع الإخباري “أن بي سي” نسخة من كتاب الرياضيات الذي يتضمن شروحات تعتمد صور البنادق والرصاص والدبابات في توضيح مبادئ الحساب. كما شرح الكتاب في أحد الدروس كيفية استخدام أدوات الجر وظرف المكان باللغة الإنجليزية بالاستدلال على المركبات العسكرية، أما تعليم الوقت فكان عبر ساعة مثبتة على حزمة متفجرات.
وقال المعلم، الذي يعيش الآن في تركيا، إنه شهد كيف زادت العدوانية لدى تلامذته وتشبعوا بمشاعر الكره التي اكتسبوها من مناهج التنظيم المتطرف.
ويرى محللون أن التحدي الآن يكمن في القدرة على تطبيع حياة هؤلاء الأطفال حتى يتمكنوا من محو آثار التلقين السابق، وتعلم التكيف والانخراط بالمجتمع.
وتقول الخبيرة بتطرف الأطفال في ظل “داعش”، في معهد توني بلير للتغيير العالمي ومقره لندن، “إن داعش استثمر جهوده لجعل الأطفال جهاديين، وقيادة التنظيم المركزية كانت تأمل في تكوين أطفال دارسين لحكم الخلافة ويحملون رؤية زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي”.
تابعت “إن الأطفال الذين نشأوا على المناهج الدراسية لداعش تعرضوا للعنف ولأيديولوجية مدمرة ومتطرفة”، معتبرة أنهم بحاجة ماسة للدعم النفسي لحمايتهم كونهم كانوا شهوداً على تلك الممارسات وخاضعين للأفكار المتطرفة، إضافة إلى بيئة حاضنة وآمنة.
وأيدت ميستي بوسويل، المدافعة الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط لإنقاذ الطفولة، ما سبق، مضيفة أن “العديد من الأطفال كانوا يعيشون منغلقين تماماً في عالم داعش”.
وأوضحت أن الأبحاث التي أجرتها جمعيتها الخيرية بين الأطفال الذين عاشوا في ظل المسلحين في مدينة الموصل العراقية كانوا فاقدي القدرة على التعاطف، أو إبداء مشاعر عاطفية.
مناهج داعش الدراسية: أرسم عبوة ناسفة وكم كافرا قتلت (العربي الجديد)
وأشارت بوسويل إلى أنهم “كانوا يشعرون كأنهم بحالة خدر، ولم يتمكنوا حقاً من التفكير في مستقبلهم”، لافتة إلى أن كثيراً من هؤلاء الأطفال يعانون من الكوابيس، ويمكن أن يصبحوا عدوانيين.
ورأت بوسويل أنه من الممكن لهؤلاء الأطفال أن يعيشوا حياة طبيعية، لكنها اعتبرت أن الأمر يحتاج إلى سنوات من الدعم والمساعدة، وإلى برامج تحفزهم على التعبير عن ذواتهم، والحديث عن تجاربهم مع التنظيم المتطرف. في حين يحتاج بعضهم الآخر إلى المشورة المكثفة لاجتياز تبعات التجربة.
وأوضحت أن الحاجة الآن ملحة لإيجاد أماكن آمنة للأطفال للتعلم واللعب بعد تدمير العديد من المباني المدرسية في سورية.
وقالت تمارا كومر، المتحدثة باسم “يونيسيف”، إن الأطفال بحاجة للعودة إلى المدارس، التي لا بد أن تترافق مع دعم نفسي ومجتمعي يمكنهم من الخروج من دائرة الصدمة.
واعتبرت أنه لا يزال من المبكر الحديث عن عودة الأطفال إلى سابق عهدهم، حتى مع انهيار التنظيم وما يسمى بالخلافة، لأن الحرب مزقت سورية.
وأعربت كومر “عن أسفها على وقوع الأطفال ضحايا العنف المستمر، في حرب لا يد لهم فيها”.
العربي الجديد