الاسلحة الكيمياوية السورية مرة اخرى
رأي القدس
يطل علينا موضوع الاسلحة الكيماوية السورية من حين الى آخر، خاصة على لسان المسؤولين الاسرائيليين والامريكيين معا. مما يعكس قلق هؤلاء العميق وخوفهم من امرين اثنين:
‘ الاول: ان يتم نقل هذه الاسلحة الى حزب الله الحليف الاوثق للنظام السوري في لبنان.
‘ الثاني: ان تتسرب هذه الاسلحة في حال سقوط النظام الى الجماعات الاسلامية الجهادية التي باتت تتواجد بقوة على الارض السورية خاصة في منطقة حلب وادلب وريف دمشق.
الصحف الاسرائيلية سربت انباء يوم امس مفادها ان الاجهزة العسكرية والامنية الاسرائيلية تراقب على مدار الساعة مخازن هذه الاسلحة، وتتحدث عن احتمالات قيام طائرات حربية اسرائيلية بقصف اي محاولة لنقلها الى حزب الله في لبنان.
كل هذه التهديدات تقوم على افتراض اساسي ان اسرائيل تعرف جيدا مكان وجود مخزون هذه الاسلحة، وهو افتراض قابل للجدل، فمن قال ان جميع هذه الاسلحة موجودة في مكان واحد، او بضعة امكنة معروفة جميعا للاستخبارات الاسرائيلية او الامريكية؟
واذا افترضنا ان هناك نية فعلا لدى القيادة السورية لنقل هذه الاسلحة او جزء منها الى حزب الله في لبنان، فمن المحتمل ان تكون اقدمت على هذه الخطوة قبل عام او عامين او ثلاثة؟
ملف الاسلحة الكيمياوية السورية طفا الى العلن في الاشهر العشرين الماضية:
‘ المرة الاولى: عندما استضاف الاردن مناورات ‘الاسد المتأهب’ قرب حدود سورية الشرقية الجنوبية مع الاردن بقيادة الولايات المتحدة الامريكية ومشاركة 19 دولة من بينها الدولة المضيفة، وكان الهدف من هذه المناورات التدخل للاستيلاء على هذه الاسلحة.
‘ المرة الثانية: عندما فاجأ الدكتور جهاد مقدسي العالم باسره عندما كشف في مؤتمر صحافي عن امتلاك بلاده هذه الاسلحة وتأكيده بانها لن تستخدمها ضد مواطنيها ولكنها لن تتورع عن استخدامها في حال تعرضها لعدوان خارجي.
الدكتور مقدسي رجل يزن كلماته بعناية ليس باعتباره متحدثا باسم وزارة الخارجية السورية، وانما لانه دبلوماسي منضبط، ينفذ الاوامر التي تعطى له بحذافيرها، وقد لعب دورا نشطا في الدفاع عن حكومته عندما كان يعمل كملحق اعلامي في سفارة سورية لندن.
بمعنى آخر لا بد ان هناك من افراد القيادة، من اوعز له بعقد المؤتمر الصحافي المذكور اولا، وتسريب هذه المعلومات ذات الطابع التهديدي المحسوب بعناية ثانيا.
السيد حسن نصر الله الذي وصفته الصحافة الاسرائيلية بانه بارع جدا في ادارة الحرب النفسية المؤثرة ضد اسرائيل ورأيها العام، اكد ان مقاتلي الحزب لن يستخدموا اسلحة كيماوية في الرد على اي عدوان اسرائيلي لاسباب شرعية.
فتوى السيد نصر الله التي اطلقها في مقابلة مع قناة ‘الميادين’ الفضائية جاءت مفاجئة، وخارج السياق، وكأنه اراد ان يوصل من خلالها رسالة للقيادة الاسرائيلية لا بد انها تعكف حاليا على محاولة فهم معانيها وفك شفرتها. ولكنها رسالة ملغومة في جميع الاحوال.
القيادة الاسرائيلية قلقة جدا، بل مرعوبة، من هذه الاسلحة، بدليل مناقشتها اكثر من مرة اثناء المجلس الوزاري المصغر الذي يتخذ قرارات الحرب. فهل تقدم على مغامرة عسكرية في سورية في محاولة للاستيلاء على هذه الاسلحة او معظمها في ضربة استباقية؟
السيد نصر الله اجاب على هذا السؤال بشكل مبطن عندما قال ان حزبه، وربما سورية، قادران على امتصاص الضربة الاولى ثم بعد ذلك القيام بالرد الموجع. نأمل ان يكون كلامه دقيقا، مثلما كان الحال في حرب عام 2006 عندما صمد الحزب 34 يوما والحق خسائر كبيرة بالدبابات الاسرائيلية المهاجمة.
القدس العربي