صفحات العالم

معركة الحسم في حلب


رأي القدس

بات الكثيرون يلجأون الى الصحف وبعض محطات التلفزة الغربية للحصول على صورة شبه محايدة عن تطورات الاوضاع في سورية في ظل غرق معظم محطات التلفزة العربية في تقديم تغطيات احادية الجانب، تتضمن تقارير مبالغا فيها لصالح هذا الطرف او ذاك.

لا شك ان الموضوع السوري، وبعد 19 شهرا من الانتفاضة الشعبية السلمية التي تحولت الى ثورة مسلحة، ما زال الاكثر اهمية على لائحة الاولويات الاعلامية، واذا كان الاهتمام قد تراجع قليلا، ولايام معدودة، بسبب ظهور افلام ورسوم مسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، الا انه عاد ليحتل المرتبة الاولى بعد تصاعد وتيرة اعمال القتل والتدمير التي تستهدف مناطق مدنية يتمترس فيها مقاتلو الجيش السوري الحر ويلجأ النظام الى قصفها بالطائرات، او حدوث تفجيرات ناجمة عن عمليات للجهاديين الاسلاميين المتشددين في قلب العاصمة دمشق، وتستهدف مقر قيادة الجيش مثلما حدث يوم امس الاول.

مراسل صحيفة ‘التايمز’ البريطانية في حلب تحدث عن تدمير اكثر من ستين في المئة من المدينة، وازدحام المستشفيات بجثث القتلى، وينقل عن اطباء قولهم انهم كانوا يسيرون فوق اجساد الجرحى في الممرات وهم يتوجهون الى غرف العمليات.

الاخطر من ذلك نقله صورة قاتمة عن حالة الخذلان التي يشعر بها المدنيون المشردون المدمرة بيوتهم من ناحية، وعناصر الجيش السوري الحر. الخذلان من الغرب الذي وعدهم بالدعم والمساندة والتدخل عسكريا لحمايتهم ثم تخلى عنهم كليا ليواجهوا مصيرهم بانفسهم.

حتى ان بعض الاهالي في المدينة المعادين للنظام، وحسب قول المراسل، باتوا يؤمنون بالنظرية التي تقول ان الهدف من هذه الحرب هو تدمير سورية وتمزيق جيشها واضعافه حتى تظل اسرائيل قوية.

ليون بانيتا وزير الدفاع الامريكي اكد هذا الانطباع يوم امس عندما قال في مؤتمر صحافي ان التدخل العسكري الامريكي الاحادي في سورية سيكون ‘خطأ فادحا’، وان الضغط الدبلوماسي والاقتصادي الدولي على الرئيس الاسد حتى يتنحى هو الطريق الافضل للتعاطي مع الوضع في سورية.

الشغل الشاغل للمسؤولين الامريكيين وعلى رأسهم بانيتا، هو الاسلحة الكيماوية السورية، وكيفية تأمينها ومنع وصولها الى ايد جهادية متشددة في حال انهيار النظام السوري.

بمعنى آخر ان ما يخشاه الامريكيون ليس استخدام النظام لهذه الاسلحة ضد الثوار الذين يريدون اسقاطه بالقوة العسكرية، وانما ضد اسرائيل، خاصة اذا جرى ارسال شحنات من هذه الاسلحة الى ميليشيا حزب الله في لبنان.

الازمة الدموية في سورية ستطول في ظل تراجع الاهتمام الدولي، وغياب المبادرات السلمية للحل السياسي، وعجز الطرفين، الحكومة والمعارضة، عن حسم الامور لصالحهما عسكريا على الارض.

سورية تتعرض للتدمير، وشعبها للتشريد، والحرب الاهلية التي تتبلور عناصرها شهرا بعد شهر باتت تهدد المنطقة برمتها، في عمليات الاستقطاب والتحريض الطائفي المسعورة.

معركة حلب الحاسمة التي اشعل فتيلها الجيش السوري الحر يوم امس الاول، وترجمها الى صدامات شرسة مع قوات النظام في محاولة للسيطرة على المدينة لتحويلها الى ملاذ آمن قد تعطي مؤشرا لما يمكن ان يكون عليه الحال في الاشهر القادمة ولا بد من انتظار نتائجها.

القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى