الثورة بين مطرقة المجلس الوطني وسندان المبادرة الوطني
ة
بعد إعلان رياض سيف الأخير عن ما يسمى “المبادرة الوطنية” لإنشاء حكومة سورية في المنفى زاد الجدل بشكل واضح بين الثوار والناشطين وانقسموا بين مؤيد لهذه المبادرة ومؤيد للمجلس الوطني
سنتحدث عن عدة نقاط أساسية مهمة لتوضيح عدة أمور:
أولاً:
معارضونا لا يؤمنون بالتعددية الحزبية… نعم هذا واضح جداً فالجميع يدعي أنه الممثل الوحيد للثورة بدءاً من المجلس الوطني انتهاءً بهئية التنسيق… ويتناسى الجميع التعددية الفكرية والحزبية في المجتمع السوري الواحد، نعم قد يضمن أحد هذه التشكيلات الكثير من التوجهات الفكرية ولكن من المستحيل أن يضم الجميع… لذلك نرى أنه كلما خرج تجمع سياسي جديد أو مبادرة جديدة يكون أساس نشإتها إلغاء المبادرة أو المجلس السابق وتهميشه وليس التعاون معه وهذا واضح جداً في جميع المبادرات التي خرج بها من يسمون أنفسهم “برموز” المعارضة
ثانيا:
شخصنة المبادرة والإنطلاق بها ابتداءً من رأس الهرم وهو ما يسمى صاحب المبادرة أو رئيس الحكومة “الإنتقالية”… من المعلوم آن أي بناء يبدأ من الأساس حتى الوصول إلى القمة وليس العكس… فرئيس الحكومة أو المبادرة يتم انتخابه من قبل الأعضاء والمشاركين في المشروع الجامع وليس العكس… وإلا ذهب كل معارض للبحث عن عدد من الأشخاص المؤيدين لفكره وتوجهه السياسي وعدد من الدول الخارجية الداعمة وأعلن عن مبادرة وحكومة انتقالية يكون هو رئيساً لها!! وعندها سيكون لدينا عدد من الحكومات اللامنتهية… وقد ظهر هذا الخطأ واضحاً بعد فترة من انشاء المجلس الوطني والذي تم تداركه فيما بعد وساعد هذا التدارك على استمرارية المجلس حتى الآن، كما وقع فيه الإستاذ هيثم المالح عند انشاء مشروع مجلس الأمناء, وها هو المعارض رياض سيف يقع فيه من جديد
ثالثاً:
كذبة الدعم والإعتراف الدوليين… نعم ففي ظل تكالب العالم الخارجي على الشعب السوري وعدم وجود رغبه حقيقية من أي طرف من أطراف القوة الدولية الخارجية بالمساهمة في إنها الأزمة السورية تجد أن الدول الغربية تقوم بإطلاق وعود خلبية بالإعتراف بالمجلس الجديد أو المبادرة الجديدة كممثل وحيد للشعب السوري والتعاون معه على كافة الصعد السياسية والإقتصادية وبعد فترة يكتشف أصحاب هذه المبادرة أن هذه الوعود لا تعدوا كونها كلام فارغ ونثر للرماد في العيون, وهذا ما حدث في حالة المجلس الوطني ويحدث الآن في المبادرة الوطنية والتي حرص رياض سيف فيها على التأكيد على وجود دعم خارجي واعتراف دولي سريع بالمبادوة “والذي يعني ضمنياً للمتابعين سحب الإعتراف بالمجلس الوطني”
هذه سياسة خبيثة وواضحة يمارسها الغرب ويقع ضحيتها المعارضون السوريون “ربما بسبب نقص الخبرة السياسية” وتهدف إلى إطالة أمد الثورة السورية بحجة عدم وجود بديل واضح عن النظام وعدم وحدة صفوف المعارضة
رابعاً:
المصالح…. لا يؤثر شيء في هذه الثورة أكثر من تأثير المصالح المشتركة والولاء لجهات محددة
لا يستطيع أحد أن ينكر أن الثورة تسلقها الكثيرون من أجل مصالح نفسيه ضيقة أو تمرير مشاريع خارجية ذات أبعاد مستقبلية لا يعلمها إلا الله, وقد نجح ثوار الداخل حتى هذه اللحظات بالتصدي لكثير من هذه المحاولات وايقاف كثير من الأشخاص والجهات التي تحاول شراء الولاء على الأرض برغم من الحاجة الماسة للدعم المادي
لذلك كي يكون لدينا معارضة خارجية ناجحة ومشروع وطني حقيقي نحتاج إلى أشخاص ورموز سياسية “متبوعة” وغير تابعة, أي أشخاص لهم تأثير حقيقي على ثوار الأرض بمساهماتهم ونشاطاتهم ولا يتبعون لأي جهة حزبية سياسية ولا يحاولون تنفيذ أجندات خارجية لدول بعينها
وهذا ما أراه وبكل صراحة غير متوفر في أي مبادرة أو مجلس خرجت به علينا المعارضة حتى اللحظة بالرغم من أن المجلس في الفترة الأخيرة حاول وبشكل واضح التخلص من كافة أشكال التبعية لجهة بعينها
خامساً:
التسويق الإعلامي… نعم وهو خدعة كبيرة تستخدمها أيضاً القوى الخارجية لتمرير أجنداتها الهادفة إلى إطالة أمد الثورة
فالجميع يتذكر الحملة الإعلامية الداعمة التي بدأت مع إنشاء المجلس الوطني, ثم تحولت بعد عدة شهور إلى حملة مضادة, ثم خفتت لفترة وجيزة بعد عدة إصلاحات وعملية هيكلة واسعة للمجلس… “تم أخذ المجلس كمثال لطول الفترة الزمنية”
وقد استغل الإعلام حاجة الداخل السوري ورغبته بإنهاء الثورة السورية والقضاء على نظام الأسد بأسرع فرصة ممكنة استغلالاً بشعاً في هذه الحملات سواءً كان هذا الإستغلال مع أو ضد جهة سياسية معينة, لذلك نلاحظ الزوبعة الإعلامية القوية حول أي مبادرة جديدة تطلق وما الهدف منها إلا تشتيت المعارضة والصفوف وإطالة أمد الثورة وإطالة معاناة الداخل السوري معها
سادساً:
الإتهامات المبتادلة… التخوين!! صفة مميزة بين أوساط المعارضة السورية وخصوصاً الخارجية منها
فمعظم المعارضين يرى نفسه الأجدر والأوحد والأفضل لقيادة أي تغير يحصل أو أي مجلس أو حكومة انتقالية ويسعى إلى تخوين كل من يقف في طريقه… فعلى سبيل المثال لا الحصر يقول السيد “كمال اللبواني” في لقاء مع قناة الجزيرة: (المجلس الوطني فشل في المهام الإغاثية والعسكرية)… (الانقسام الحاد بين أطياف المعارضة، الأمر الذي “يهدد بحرب حقيقية بعد سقوط النظام”)
أولاً سيدي الكريم من يخاف الإنقسام في صفوف المعارضة لا يسعى إلى تشكيل حزب جديد ومبادرة جديدة لمواجهة هذا الإنقسام, وإنما يعمل على توحيد ما هو موجود منها قدر المستطاع لتشكيل كيان جديد… ثانيا إن نجاح أي مبادرة جديدة لا يكون بانتقاد ماهو قائم وسابق واتهامه بالفشل وعدم تقديم أي شيء “بغض النظر عن صحة ما طرح بشأن المجلس الوطني من عدمه”
نعم المعارضة الخارجية تقع بأخطاء قاتلة ربما دون قصد أو بسبب عدم الخبرة الكافية… فكيف للمبادرة الجديدة أن تشكل إتحاداً مع العاملين والشرفاء في المجلس الوطني وهي تتهمه بالفشل, وكيف للمجلس أن يتفق مع البادرة الجديدة وهو يرى فيها كياناً جديداً يسعى إلى إنهاء وجوده وعمله
وقد ظهر الدور الخارجي القذر في هذه الحادثة بالذات حيث صرحت هيلاري كلينتون إن واشنطن أعدت مرشحين سوريين للانضمام إلى أي قيادة جديدة للمعارضة يمكن أن تنبثق من مؤتمر مجموعة أصدقاء سوريا المقرر انعقاده في الدوحة, فما كان من المجلس الوطني إلا أن رد على تصريحاتها، حيث قال المجلس في بيان له: إنه جاد في الحوار مع كل فصائل المعارضة بشأن المرحلة الانتقالية، وتشكيل سلطة تعبر عن كامل الطيف الوطني. ورأى أن أي حديث عن تجاوز المجلس أو تكوين أطر أخرى بديلة هو محاولة لإيذاء الثورة السورية وزرع لبذور الفرقة
لتعود كلينتون بعد أن تكتشف حجم الخطأ الذي وقت فيه من فضح لدور دول الخارج في تفريق المعارضة, وتتراجع بعد يوم وتلعق كلامها وتقول إن أمريكا لا تتدخل في شؤون المعارضة السورية… وليتها تحترم نفسها وتفعل…
نعم واشطن ومن سار على نهجها عزيزي الثائر لا يهمهم سوى “التفرقة” ومعارضون السياسيون السذج أسهل من يقع في هذا الفخ
أخيراً:
الحل… الحل لا يكون بإلغاء أي كيان سياسي موجود على الساحة, إنما بتوحيد هذه الكيانات تحت إطار كيان واحد يضم الجميع… رغم جميع محاولات القوى الخارجية منع حدوث هذا التوحيد للإستمرار باتخاذ تشتت المعارضة كشماعة لعدم دعم الثورة السورية
الحل يكون بعمل الجميع دون الإلتفات للمصالح الضيقة والذي يجب أن يكون من الأولويات والتي لا تتحقق بدونها أي مبادرة لجمع شمل المعارضة سواءً كانت الخارجية أم الداخلية
هيكلة وتنظيم الكيانات السياسية الموجودة بما يضمن إخراج العملاء والمنتفعين منها لكي تكون جاهزة لأي مشروع توحيد عام في القريب العاجل
الخروج من الأنا الشخصية المنتشرة عند معظم المعارضين, ويبدأ بها قبل كل شيء من يسمون رموز المعارضة في الخارج, فعدم اتفاقك مع فلان في الرأي لا يعني بالضروة سقوطه الأخلاقي والفكري
التذكير بالهدف العام الذي يتفق عليه الجميع وهو إسقاط النظام بأسرع وقت وتذكر أن كل ما يتم عمله الأن هو عبارة عن مرحلة انتقالية لا تقدم ولا تأخر في المستقبل السياسي للبلاد والذي ستحدده صناديق الاقتراع
في النهاية:
الثورة السورية ليست كعكة يتسابق الأشخاص للحصول على قطعة منها, إنما هي ثورة شعب لا يحق لأحد أن يسرق منها جزءً أو ينتفع من ورائها وليعلم جميع من يسمون أنفسهم بالمعارضين أن الشعب لن يقبل أن يسرق تضحياته أحد أو يتسلق على أحلامه أي شخص
وأختم بكلمات بعاميتنا البسيطة “الله يعينك يا شعب بلادي”