صفحات الناس

سوريا: النظام يحاول استرضاء اهل السويداء/ جهاد اليازجي

 

 

 

تحاول وسائل إعلام النظام الرسمية تسليط الضوء على الاستثمارات الاقتصادية والاجتماعية التي تقوم بها الحكومة في محافظة السويداء الجنوبية، بهدف الحد من النقمة المتزايدة، على النظام، لدى سكان تلك المحافظة.

في عددها الصادر في الثلاثين من الشهر الماضي، نشرت “صحيفة تشرين” مقالاً مفاده إن الحكومة قد انفقت خلال العام الماضي، قرابة 6 مليارات ليرة سورية، (أي حوالي 30 مليون دولار) على قطاعات المياه، الصحة والكهرباء في المحافظة. إلا أنّ معظم ما أنفق من أموال، كان في واقع الأمر، عبارة عن الدعم الحكومي لقطاع الكهرباء، ولم يكن مخصصاً للقيام بإستثمارات جديدة.

تداولت وسائل الاعلام الحكومية، خلال الاسبوعين الماضيين، العديد من “القصص” المشابهة. فعلى سبيل المثال، قال مسؤول حكومي في 28 كانون الثاني الماضي أن الحكومة انفقت العام الماضي قرابة 70 مليون ليرة سورية، أي ما يعادل 350 ألف دولار، في قطاع البنية التحتية للمياه في السويداء. كما أعلَمَنا قبل ذلك بأسبوع واحد أن مبلغ 20 مليون ليرة سورية، أي ما يعادل 100 ألف دولار، قد تم انفاقه كتعويض عن الخسائر الناجمة عن موجة البرد الاخيرة، والتي لحقت بحوالي 1430 مزارع من مزارعي المحافظة. وفي الأثناء، أعلن أيضا عن تقديم مبلغ 70 مليون ليرة لدعم اصحاب المشاريع الصغيرة.

حاولت الحكومة، ومنذ اندلاع الثورة، استرضاء مؤيديها، وخصوصاً في المناطق الساحلية، من طريق اعلانها الدائم عبر وسائل الاعلام عن مشاريع مختلفة تنوي اقامتها في طرطوس واللاذقية، وبدرجة أقل في مناطق البلاد الأخرى. ولكن، وبالرغم من ذلك، فإنّ القليل من هذه المشاريع قد دخل حيز التنفيذ بسبب الضغوط المالية القاسية التي تتعرض لها الحكومة. اضافة الى ذلك، ونتيجة ارتفاع عدد القتلى في صفوف الشباب، اضطرت الحكومة الى استخدام وسائل الاعلام لتوجيه رسائل مفادها أن الحكومة تعتني بعائلات القتلى. إذ أنها قامت مؤخرا، على سبيل المثال، بالإعلان عن تخصيص 50% من فرص العمل التي يطلبها القطاع العام، لأفراد “عائلات الشهداء”.

كان ذكر السويداء في وسائل الاعلام، حتى الآونة الأخيرة، يتردد أقل من غيرها من محافظات سوريا، لأن قلة من ابنائها كانوا يشاركون في الحرب، إضافة إلى أن عدد سكانها وحجمها الاقتصادي أقل بكثير مقارنة بمحافظتي اللاذقية وطرطوس. إلا أن ارتفاع عدد قتلى الحرب في السويداء، والشعور السائد في المحافظة بأنها تحظى بإمتيازات أقل مقارنة بمحافظات أخرى، أديا الى تزايد القلق بين سكانها، وتنامي حالات الامتناع عن ارسال المزيد من الشباب للقتال الى جانب النظام.

مازال من المبكر تقييم تأثير التحولات الاخيرة في مزاج سكان السويداء. ولكن الواضح، ان الحكومة تلاقي، في محاولاتها استرضاء سكان السويداء، نوعين من العقبات. تتمثل الاولى في نقص الحاد للموارد المالية، وبالتالي فانه من المستبعد جدا أن يكون بمقدورها تأمين فوائد اقتصادية ذات قيمة للمنطقة. وتتمثل العقبة الثانية في ان المنافع الاقتصادية قد تكون محفزة، ولكنها لن تكون في حد ذاتها كافية لإقناع المواطنين بجدوى القتال.

يمكن أن يكون سكان السويداء، في هذه المرحلة من الحرب، مهتمين بالفوائد الاقتصادية، إلا أنهم قد يكونون مهتمين أكثر بأمنهم وبحياة ابنائهم.

المدن

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى