صفحات المستقبل

حذاري ايها السوريون من الديكتاتورية الجديدة الاخونجية


الحديث الاكثر تناقلا الآن هو “الاحزاب الاسلامية” وهناك شبه اجماع على انها كالأحزاب الأخرى يحق لها الترشح والاشتراك في السلطة وأنه قد حان الوقت لانتقالها من العمل السري إلى العلن و استلام السلطة أيضا, كما أصبح الحال الآن,مبدئيا, في مصر وتونس والمغرب (ليبيا حالة مختلفة). والأحزاب الإسلامية في نفس الوقت غيرت خطابها السياسي وتعمل جاهدة الآن (وإلى حد كبير نجحت) في أن تظهر نفسها على انها تتقبل الآخر وتؤمن بالديموقراطية. فقد غيرت وجهة نظرها ” الكلاسيكية” عن مفهوم الدولة الاسلامية وتخلت عن حلمها التاريخي ورغبتها بإعادة احياء الخلافة أو الدولة الاسلامية بالمعنى التقليدي الجامد للكلمة. بل ذهبوا ابعد من ذلك باعلانهم مرارا و تكرارا انهم قبلو مفهوم الدولة المدنية “بمرجعية اسلامية” تحافظ على تقاليد وهوية “الأمة”.

 بادئ ذي البدئ على كل متطلع على تاريخ الاخوان يجب أن يعلم انهم تنظيم سياسي بحت وليس ديني وبالتالي هو لا يختلف عن اي حزب آخر, فالقول لا يتطابق بالضرورة بالفعل, والتصريحات والمواقف تتغير بحسب الظروف الداخلية والاقليمية والعالمية, والخطاب السياسي ممكن ان ينقلب يمين ويسار وشمال وجنوب بحسب المصالح في مكان وزمان معينين, أليست السياسة “اللعبة القذرة”؟ وانا شخصيا اعتبر أن الاخوان هو أكثر التنظيمات السياسية “ميكافيلية” في المنطقة اليوم, والغاية تبرر الوسيلة بلا منازع بالنسبة لهم, ففي الثمانينيات لجأو للعنف, وبعد حافظ الاسد تحالفو مع خدام, وانتهى حلفهم معه لعدم تلاقي المصالح فقط, واليوم هم الحزب الوحيد الذي صرح بكل صراحة أنه وبحسب تعبير البينوني “يفضل تدخل عسكري عربي وتركي في البداية ومن ثم تدخل اجنبي ان لزم الامر”, مع ان “المجلس الوطني” الذي هم جزء منه (وهناك من يقول انهم من صنعه) لم يصرح بكل صراحة انه يؤيد التدخل العسكري الاجنبي, وبحسب عبيدة نحاس ,لأن مضاره اكثر من منافعه من حيث الخسائر في الارواح والخسائر المادية والتوازن الاجتماعي الداخلي الذي قد يتزعع. عدا عن ذكر تحالف الإخوان مع المجلس العسكري في مصر (مجلس حسني مبارك) وعدم مشاركتهم بمليونية الحفاظ على الثورة, وليس ذلك فقط بل قاموا بالتشويش عليها بمليونية تحرير القدس أو ما شابه ذلك.

من المهم أن نعلم أن الأيديولوجية السياسية شيء, وآليات العمل والنشاط السياسي شيء آخر. و من لا يؤمن بالديموقراطية والمساواة ويستخدم الوسائل الديموقراطية للوصول للسلطة ما هو إلا طاغية لكنه وصل إلى السلطة بالإنتخاب بدل من الدبابة.

الديمقراطية تعرضت لسوء فهم كبير في بلادنا على أنها فقط “حكم الأكثرية” وكأن هذه الأكثرية هي لعنة على بقية فئات الشعب. الديموقراطية هي قيادة الأكثرية السياسية ومشاركتها للأقلية السياسية ومراعاتها لحقوق وواجبات تنطبق بالتساوي على الجميع بما فيها هي نفسها كأكثرية سياسية مسؤولة في عهد ما على التطبيق العادل للقوانين. فإذاً الديموقراطية ليست فقط صندوق إقتراع يفوز به ٥١% و يُسحق الآخرون، هي ثقافة قبول للآخر والحفاظ على الأقلية السياسية. فالأقليات والأكثريات تكون به (النظام الديموقراطي) أغلبية وأكثرية متحركة وغير ثابتة (دينية أو قومية أو عشائرية)، وعدم تحقق هذا الشرط يجعل من الديموقراطية اداة لإنهاء الديموقراطية والعودة إلى الشمولية.

كمثال، هتلر والنازيين حصلو على الأغلبية في البرلمان عن طريق الانتخاب ، وبعد فوزهم انقلب هتلر على الحكم وألغيَ الانتخاب والبرلمان والديموقراطية. فهل كان لهم حق الترشّح بالأساس؟؟!!

و هناك مثال الإسلاميون والبشيرفي السودان وهي حالة مطابقة تماما للحالة السابقة.

الاقتراع هو فقط الجانب الاجرائي في الديموقراطية والدولة التي تَحصُر الديموقراطية بصندوق تلقَّم به أوراق لا يمكن أن تكون دولة ديموقراطية والأمثلة صارخة في منطقتنا, لبنان البلد الطائفي الذي تتحدّد فيه الأكثريات والأقليات على أساس طائفي وقبلي. وأيضا هناك اسرائيل التي لديها انتخاب لكن فوز هذا أو ذاك في الإنتخابات لا يغير شيء في عنصرية الدولة واضطهادها “للأقلية” الغير يهودية.

“إن كثرة العدد أو قِلّته (عن أتباع الأديان والمذاهب والطوائف والإثنيّات) لا يجوز أن ينتج منهما أي نتيجة سياسية, ولا يجوز كذلك أن ينتج منهما زيادة أونقصان بالحقوق والواجبات.” (جاد الكريم الجباعي)

و من يتابع تصريحات زهير سالم وغيره من الإسلاميين يفهم بالظبط ما قصدته, فأدوات الإخوان للممارسة العمل السياسي قد تغيرت والآن أصبحو يقبلو بالإقتراع, الذي هو مخالف لمبادئهم تمام الاختلاف وبل هو كفر, فالديمقراطية هي حكم الشعب لنفسه وبرأيهم الحكم لله وحده. وهنا تكمن “ظلامية” ايديولوجيتهم السياسية التي لم تتغير لكن اللأدوات تغيرت من العنف إلى الإقتراع.

لتقريب الفكرة, هل هناك من يخالفني الرأي بأننا (العالم العربي) مستهدفون بثرواتنا وموقعنا؟ هل أحد يتوقع من فرنسا أن تحضر جيشها وتحتل بلد عربي من جديد؟ أم أن الاسلوب والأدوات قد تغيرت لكن هدفهم بقي نفسه, السيطرة على ثروات العالم العربي.

لماذا أقول ما أقول في الإخوان؟ الرجاء النظر بهذا الرابط و قراءة المقابلة جيدا:

http://www.metransparent.com/spip.php?page=article&id_article=17075&lang=ar

من لا يؤمن بالوطن هو بالضرورة لا يؤمن بالمواطنة التي هي أساس المساوة داخل أي وطن(بلد), و “الأمة الإسلامية” أو “الأمة العربية” أو “الأمة الكردية” …الخ شيء والمواطنة والوطن شيء آخر. حتى أن زهير سالم قد صرح بعد خطاب برهان غليون عند تأسيس المجلس “لدى الإخوان تحفظات على بيان غليون وماهية الدولة تحددها صناديق الإقتراع”. لا يوجد شيء في علم الاجتماع اسمه “دولة مدنية بمرجعية دينية”, ما هذا التخريف؟! المرجعية الدينية موجودة للمواطنين باي حال من الأحوال ولكن لبناء دولة الحرية لا يجب أن يخلط الخاص (الدين) بالعام (الدولة), ويصبح القانون تمييزي ويحدد من حرية الفكر بحسب الحدود التي يرسمها “رهباننا ” الاشاوس, ويصبح القانون مقدس وبالتالي جامد غير قابل للتغيير بحسب متطلبات الوقت والمكان, و تصبح مخالفة القانون معصية لله (بمعنى من يمثل المرجعية للرغبات الإلهية على أرض من علماء ورجال دين) . فبالتالي “مدنية” الدولة التي يتكلم عنها الإخوان ليست إلا عكس العسكرية أي Civil

كالحالة الإيرانية, كل الأدوات الديموقراطية  الجمهورية موجودة في إيران, برلمان وتصويت ورئيس وزراء ورئيس جمهورية. لكن يَكمُن التعطيل في أن السلطة الدينية فوق كل هذا. حتى أنها تستطيع أن تتدخّل بأبسط تفاصيل الحياة. هل هوالمقصود حكم الله (وهي بالحقيقة ممن يظن نفسه أو اختير ليكون نائبا عن الله, بما أن الله لا يمكن أن يحكم بشكل مباشر) أو حكم الشعب لنفسه؟ لأن المفهومين متناقضين أشد التناقض.

من لم يرى حتى الآن الدعم السياسي الأمريكي والتركي للإخوان, والدعم العسكري التركي لهم, و الدعم المالي الخليجي لهم, والدعم الإعلامي من الجزيرة وغيرها فهو مخطئ تماما.  اتمنى منكم قراءة هذا الرابط من قناة العربية وليس من أي مصدر آخر.

http://www.alarabiya.net/articles/2011/12/07/181226.html

تقديس الإخوان لعقيدتهم السياسية لا يختلف عن تقديس البعثيين لعقيدتهم السياسية بأنهم الأجدر بقيادة المجتمع والدولة, فإنهم في الباطن يفكرون بنفس الأسلوب تماما. تقديس الشيء (بالمعنى والمنحى السياسي) لا يؤدي إلا إلى الانحياز والشموليّة. فيُنَصّبون أنفسهم حماة للنص وحرّاس للفضيلة ويختارون أنفسهم ليختاروا هم بالنيابة عن الآخرين ما هو “أنفع وأطهر ومحرم ومحلل” لهم.

و إذا اتفقنا أن المرجعية دينية, فمن هي هذه المرجعية و كيف نتفق عليها؟ خصوصا أن الفهم للدين مختلف حتى بين أعضاء العائلة الواحدة في كثير من الأحيان.

أعتقد أن الإخوان إنتقلوا من أسلوب التغيير الجذري بالقوة إلى الأسلوب الذي اشبهه أنا بالاسلوب الصهيوني. وهو خطة الخمسين أو المئة عام بالسيطرة على مرافق الدولة وتديينها شيئا فشيئا و استخدام المال والإعلام في التطبيع التدريجي لفكرهم السياسي.  وفرض آراءهم بقوة الشارع  وليس بقوة السلاح, فلا استغرب أن يطرحو غدا مشروع قانون لمعاقبة من يدخن علنا في رمضان مثلا أو من”يكفر” علنا, و بعد ذلك “هيك الاكترية بدا!!”, النقطة ليست إن كان التصويت بالأغلبية على القانون بقدر ما أن هكذا قانون لا يجوز طرحه للتصويت. وما قصدته بقوة الشارع, كعندما نزل السلفيين إلى دور السينما “للتعبير عن استنكارهم لوجودها” باسم حرية التعبير؟! كيف هذا؟ هذه ليست حرية تعبير بقدرما هي فرض الآراء الشخصية على الآخرين, مماثل تماما لحالة وهمية بأن ينزل متظاهرون إلى أمام الجوامع والكنائس والتعبيرعن استنكارهم “لهذا الفعل المشين المتخلف من قبل المصلين”!!

وبالتالي تكون عندها حرية تعبيروسيلة لإنهاء حرية التعبير.

و اريد أن أذكر أن هذا النوع من الأحزاب السياسية خطر على حرية المسلمين أكثر من غير المسلمين, لأنه بالنسبة للإسلاميين الدين كالسجن الذي أنت ولدت فيه و إن تخليت عنه أو لم تتقيد به تصبح بحكم المرتد, وأنا شخصيا ليس عندي مشكلة بان أكون “كافر” او ما إلى ذلك بنظر أي كان فهذا شأنه\ها, لكن القانون ليس له علاقة بي أو بأي حالة أخرى. على الأحزاب الدينية الدخول في الحياة السياسية الديموقراطية فقط تحت ظل الحقوق والواجبات التي يتمتع بها اي حزب في هكذا نظام، وأن يحترم هذه الأسُس ولا يعمل على إلغائها أو تجاهلها أو القفز فوقها.  كالأحزاب المسيحية المحافظة في اوروبا. عملوا مجبرين ضمن الحدود الديموقراطية وفوزهم بالانتخابات لا يعطيهم الحق بقلب النظام إلى مسيحي أو فرض آرائهم على الآخرين. لكن يحق لهم طرح مشاريع برأيهم مهمة، كإعادة الصليب الى المدارس. لا يمكن لأي دولة أن تغير الدستور كل أربع سنوات. والمثال التركي نجح ليس لأن أوردوغان إنسان منفتح بقدر ما أن أساس الدولة التركية العلماني المحمي من الجيش هو الذي فرض عليه هذه الحدود الديمقراطية. و بتنويه لموضوع آخر (يناقش بغير وقت) علينا الانتباه بشدة لطبيعة “المجلس العسكري السوري” و كيف تكوّن. و على سيرة اردوغان احب أن اذكركم برد فعل إخوان مصر حين قال لهم:”أنا لست علماني, لكن على الدولة أن تكون علمانية تقف مسافة واحدة من كل الأديان والمعتقدات”.

يجب أن لا نسمح لأحد أن ينقلنا من دكتاتورية إلى دكتاتورية أخرى, فالاسلاميون يستخدمون الدين على اساس أنه الوسيلة الأسرع للتسويق وخصوصا بعد فشل احزاب القرن الماضي اليسارية الماركسية والقومجية فشل ذريع وميول الناس أكثر إلى الدين.

جورج السوري كانون الأول2011

http://the-syrian.com/archives/56439

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى