صفحات العالم

الفيصل وكيري وأميركا المتوارية!

    راجح الخوري

قمة الاثارة جاءت من المؤتمر الصحافي المشترك بين الامير سعود الفيصل وجون كيري وقد ركّز على الموضوعين الاكثر خطورة وسخونة واللذين شكلا محور محادثات كيري في جولته الخليجية اي الازمة السورية والمسألة النووية الايرانية.

التدقيق في أبعاد ما سمعناه يكشف ان كل ما قاله كيري يؤكد ان السياسة الاميركية في المنطقة تتسلل الى الظل مستعيدة روح “مبدأ مونرو”، وان كل ما قاله الفيصل كان لتعرية هذا التسلل والاضاءة عليه ليس لأن المسألة تتعلق بدور اميركا بل لأنها تتعلق بالأمن والاستقرار في هذه المنطقة الحيوية من العالم التي طالما اعتبرتها واشنطن ضرورية لأمنها القومي!

في المسألة السورية كان مثيراً للاشمئزاز ان يحاول كيري بيع الكلمات الفارغة “سنواصل مع اصدقائنا تمكين المعارضة السورية كما فعلنا في روما، لكننا نأمل في حل سلمي ونتمسك بالحذر من ان يصل السلاح الى الايدي الخطأ لا الى المعتدلين”، وهكذا عندما تحدث الفيصل بدا واضحاً ان الانهيارات الداخلية راحت تجتاح كيري”ان ما يحدث في سوريا يعد قتلاً للأبرياء. لا يجوز الصمت عن المجزرة. لدينا واجب اخلاقي ان نحمي هذا الشعب. لم نسمع في التاريخ ان يقوم نظام باستخدام اسلحة استراتيجية وصواريخ لضرب شعبه من الاطفال والنساء والعجّز”!

اما عندما اكمل الفيصل بالقول: “امام كل هذا نحن نتحدث عن توفير الغذاء ونتجادل في ذلك”، فلا بد من ان يكون كيري أحس بأنه وزير خارجية دويلة في مجاهل العالم الثالث لا اقوى دولة في العالم ترفع لواء الديموقراطية وحقوق الانسان لكنها تتعامى عن مذبحة قتل فيها حتى الآن اكثر من 80 الفاً ودمرت سوريا!

اما في المسألة النووية الايرانية فقد كان مثيراً للسخرية ان يحاول كيري التلويح بالعصا الغليظة لمنع طهران من امتلاك السلاح النووي، وخصوصاً ان جولة المفاوضات الاخيرة بين مجموعة (5 +1) والايرانيين في آلماآتا كشفت ان الاجتماعات لم تؤد الى اي نتيجة لأن طهران تدرك ان رفضها العروض حقق لها المكاسب دائماً في حين يواصل الغرب التلويح بتخفيف العقوبات بحجة السعي الى دفع عجلة المفاوضات.

فعندما يقول كيري ان البرنامج النووي الايراني يشكل تحدياً وان المحادثات مع طهران لن تستمر الى ما لانهاية ونحن لن نقبل التأخير، يبدو مراوغاً مكشوفاً على الاقل بالنسبة الى صحيفة “الواشنطن بوست”، التي تتحدث عن “سذاجة” المفاوضين الغربيين الذين يواصلون علك الصوف مع ايران التي لم ترد بعد على مقترح القوى الست وانها تكسب مزيداً من الوقت. وهكذا جاء تعليق الفيصل فيصلاً بقوله ان التفاوض ليس المخادعة والتلاعب، فايران لم تثبت جديتها وهي تفاوض لكسب الوقت واستمرار التفاوض بهذه الطريقة سيضعنا في النهاية امام سلاح نووي!

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى