صفحات المستقبل

المناورة الأسدية للاستمرار في مواجهة الثورة السورية


بصراحة لم أكن أتوقع أبداً قبول السلطات السورية لبنود الجامعة العربية بدون أي تحفظات. فمن عادة النظام الأسدي المماطلة بأكبر وقت متاح له. فلو تحفظ على بعض البنود لإضطرت الجامعة العربية لإعادة معاجتها و بالتالي يكون النظام قد كسب وقتاً إضافياً للاستمرار في قمع الشعب السوري.

أنا على يقين تام بأن اتفاق الجامهة العربية مناورة لكسب الوقت للاستمرار بالعمليات الأمنية في أنحاء البلاد فيمكننا الاستدلال على ذلك من التالي:

     1) لجوء النظام الأسدي للكذب مراراً و تكراراً فبشار الأسد شخصياً كذب على عدة جهات أبرزها:

ñ     الشعب السوري عندما أنهى العمل بقانون الطوارئ لكنه عملياً أعلن حرباً على المدن السورية فقامت قواته النظامية و غير النظامية باقتحامها و محاصرتها.

ñ     الأمين العام للأمم المتحدة عندما قال له بأن العمليات العسكرية قد انتهت و هي حتى تاريخ هذه المقالة لم تنتهي.

ñ     كذبه على الدبلوماسيين الأتراك مما دفع رئيس الوزراء التركي بنعته بالكاذب في محضر رسمي.

فإن كان رأس النظام عفن فما بالك بأزلامه.

2)     استلهام النظام السوري من النظام اليمني عندما قام علي عبد الله صالح بقبول مبادرة مجلس التعاون الخليجي و أعلن رغبته بالتنحي دون أن ينفذ أي شيء جديد على أرض الواقع. و مازالت الأزمة اليمنية قائمة على حالها.

3)     التجربة المصرية تمنع الأسد من التحدث عن أي بديل أخر غيره. فما بالك دفعه للخوض في مفاوضات مع المعارضة الشريفة طبعاً و ليست الصورية تمكن الشعب من الاتيان بنظام جديد (سواء على أساس انتخاب أو قيادة مؤقتة كما حدث في مصر) قيادةً تقوم لاحقاً بمحاكمة رموز النظام الحالي لإرضاء الشعب السوري المنتفض. كما حدث مع حسني مبارك و رموز النظام المصري السابق.

4)     على فرض قام النظام السوري بوقف العمليات الأمنية فستقوم كل المدن السورية المنتفضة أصلاً بالتظاهر محفزة و مشجعة بذلك مدينتي دمشق و حلب على الانتفاض. وبذلك تكون نهاية نظام الأسد و النظام طبعاً لا يريد ذلك.

5)     لن يفرج النظام عن المعتقلين لأنهم سيستقبلوا استقبال أبطال مشجعين بذلك الأخرين على  البسالة. ربما سيقوم بإطلاق سراح بعضهم كتعبير عن حسن نية، و لكن إن عاود هولاء الشرفاء إلى مزاولة نشاطهم خصوصاً بعد أن أصبحوا رموزاًً كبيرة بنظر محيطهم فسيقوم النظام بمحاولة إعتقالهم مرة أخرى.

6)     إن النظام يركز على عدم الاعتراف بالمعارضة الشريفة و تحركاتها على الأرض، فإذا قبل بها فجأة ألا يدل ذلك على أن النظام كان مخطئاً منذ البداية في التعامل معهم؟ و بالتالي يجب محاسبة صانعي القرار الذين أودوا بحياة الألاف و اعتقال الألاف!

7)     الأسرة الأسدية تفتقد للرؤية السياسية في التعامل مع أي أزمة داخلية و ليست أصلاً من طبيعته. فهي تعودت على أن تواجه أي تحدي سياسي داخلي بعقلية أمنية. ناهيك على أن المناصب الحساسة مسيطر عليها من قبل شخصيات أمنية بامتياز ( حتى على مستوى محافظ أحياناً ) و ليست مدنية قابلة للنقاش و تقبل رأي الأخر. هكذا عقلية لن تتفير في ليلة و ضحاها خصوصاً أن النظام قد عمد على ترسيخها على مدى عقود.

هنالك حتماً أسبابأً أخرى قوية تدفع بالنظام للعدول عن تنفيذ بنود المبادرة العربية لم أتطرق إليها. سأتركها لكم لتذكروها في التعليقات.

أما توقعي عما سيقوم به النظام بعد أيام قليلة:

سيقول “نحن حاولنا التوقف عن الحملة الأمنية لكن العصابات المسلحة و المؤامرة الكونية لم تنتهي و بالتالي نحن مجبرين على التصدي لها …….” إلخ من النفاق المعهود من النظام و وسائل إعلامه. و بالتالي ستعود الأمور إلى عادتها (تيتي تيتي متل ما رحتي متل ما جيتي).

أستبعد جداً أن يقوم بتنفيذ المبادرة العربية بحذافيرها. أتمنى أن أكون مخطئاً في هذا التقدير. لكن إن قام فعلاً في تنفيذها فسيترتب على ذلك تبعات لا رجعة فيها تؤدي بمحصلتها إلى نهايته. و لا أحد يقوم بتعليق حبل مشنقته.

في كلا الحالتين أرى النظام الأسدي هو الخاسر. سواء قبل أم لم يقبل نفذ أم لم ينفذ. المسألة برأيي فقط مسألة شراء وقت لا أكثر و لا أقل و مرة أخرى أتمنى أن أكون مخطئاً في ذلك لأنه في كل يوم يراوغ فيه النظام يدفع الشعب السوري الثمن.

فشهداء الثورة السورية سيزداد إلى أن تقوم الجامعة العربية بخطوتها التالية بعد 14 يوم ( 15 شهيد يومياً كأقل تقدير وسطي) بمقدار 210 شهيد.

و النصر و الحرية لشعبنا الأبي.

سليمان المالكي

http://the-syrian.com/archives/51311

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى