صفحات الناس

النائب نجدت أنزور/ معن البياري

لم تكن المذيعة في فضائية الميادين، ضياء شمس (تُحْسَد على اسمها)، تمزح، وهي تهنّئ نجدت أنزور بفوزه بمقعدٍ نيابيٍّ في انتخابات مجلس الشعب السوري، قبل أيام. فأمارات الجديّة كانت باديةً عليها، وهي تفتتح مقابلتها مع المذكور، هي من بيروت وهو من دمشق، بهذه التهنئة، قبل أن “تدردش” معه عمّا سيقوم به وقد صار نائباً منتخباً. كان يردّ، محافظاً على تقطيبته التقليدية، مشدّداً على ما يُنيط به نفسَه منذ سنوات، أي توعية الأجيال العربية بمخاطر التكفيريين. ومعلومٌ أن أنزور لم يعد ذلك المخرج التلفزيوني اللافت، لمّا صعد اسمُه مخرج أعمالٍ دراميةٍ ناجحةٍ ونابهة، في النصف الأول من التسعينيات، فقد انعطف، تالياً، إلى أعمالٍ رتيبةٍ وفقيرة، وأخرى ضعيفةٍ ورديئة، اعتدى في مسلسلٍ ركيكٍ منها على سيرة محمود درويش. ثم انتهى إلى حاله الراهن، شبّيحاً نِحريراً، غضنفراً هُماماً، في مناصرة نظام القتل في دمشق، بزعم الحفاظ على سورية من المتآمرين والأعداء. وفي غضون عمله الوطني هذا، أنجز مسلسلاً أو أكثر عن الإرهاب الذي يستهدف سورية وشعبها، وهذا موضوعٌ لا يملّ من الثرثرة فيه، وفيلماً عن عبد العزيز آل سعود، سمّاه “ملك الرمال”، لم يتوفّر المزاج (ولا الوقت) لكاتب هذه السطور لمشاهدته، لكن ما نُشر عنه يُنبئ بما فيه، وقد أفاد صاحبه بأنه قصد فيه التأشير إلى “جذور الإرهاب”.

كما كانت ضياء شمس (يا لإسمها) جديّةً في تهنئة ضيفها بذلك الفوز (المؤزّر؟) في الانتخابات إيّاها، كان الأخير مفرطاً في جديّته أيضاً، (تُساعده تقاسيمُه في ذلك)، وهو يؤشّر عَرَضاً إلى قيامه بحملةٍ انتخابية في حلب. وللحق، يُعاب على السلطة هناك جحودُها تجاه صاحب “الحور العين”، فهو يستحقّ ما هو أرفع من مقعدٍ نيابي، خصوصاً وأن أفكاره غزيرة في توعية السوريين بأخطار الفكر التكفيري، وفي وجوب تحديث مناهج التعليم، وفي التعريف بالفهم الصحيح للإسلام. عدا عن أن في أرشيفه مآثر معلومة في دعم الوطن السوري الواحد، وهو الذي ما انفكّ يقول إن الجيش السوري الوطني الباسل هو الأمل الوحيد للخلاص. ولا يُنسى موقفه الجذري، قبل أن تطرأ “داعش” وأشباهُها، وقبل أن ينشط التآمر، الوهّابي بحسبه، ضد سورية، فقد سارع إلى مطالبة شركات الإنتاج بمقاطعة الفنانين الذين وقّعوا على ما سمي “بيان الحليب” الذي دعا فيه فنانون ومثقفون سوريون إلى رفع الحصار العسكري عن درعا، في الأسبوع الخامس للهبّة السورية ربيع 2011، من أجل توفير الغذاء والدواء والحليب للناس هناك. ولمّا نشطت حملة تخوينٍ عنيفة ضدهم، كان أنزور (وهشام شربتجي وآخرون) من صناديدها، أوضح بعضهم ولاءهم للدولة والجيش والقائد بشار الأسد، وأنهم ما قصدوا سوى التنبيه إلى “وضع إنساني محدّد”.

لا يعرف مخرج الفانتازيا التاريخية السابق، منذ تشبيحه المبكّر ذاك، وصولاً إلى ظفره بالمقعد النيابي، المجاملة في الشأن الوطني، فهو لا يرى دوراً في سورية للفنانين الذين غادروها. وبارك قرار نقيب الفنانين، زهير رمضان (فاز هو الآخر بالنيابة) فصل الفنانين “ممن ساهموا في سفك الدماء”(!)، من عضوية النقابة، وقال إن الشعب كان سيقوم بذلك، لو لم يبادر النقيب إلى فصلهم. وفي واحدةٍ من وقائع تشبيحه، بزّ فيها أترابَه من أذرع النظام، الفنية والإعلامية، لمّا سأله صحافي أميركي، في فيلم وثائقي، عمّا إذا كان ضرورياً للنظام استخدامه البراميل المتفجرة، فأجاب إن المناطق التي يدّعي الغرب وجود مدنيين فيها حاضنةٌ للتطرّف، وعندما ترمي الحكومة برميلاً على منطقةٍ يعيش فيها المتطرفون مع الناس، فإنها يجب أن تفعل ذلك أو أكثر.

يقول نجدت أنزور إنه صوّر مشاهد في عملٍ له، لم يحتج لها مؤثراتٍ بصريةً وديكوراتٍ تحاكي الخراب والدمار، فقد جالت كاميراته في بعض ريف دمشق، برفقة عناصر من الجيش حامي الديار، وتيسّر له ما أراد. تُرى، هل يستحق شبّيحٌ صاعدٌ مثل هذا وصفه فناناً؟ تكفيه تهنئةٌ من قناة الميادين بعضويته في برلمان الخراب السوري.

العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى