صفحات العالم

متى يستحي لافروف؟!

راجح الخوري

لم يعد السؤال متى يتعب سيرغي لافروف من ذرف دموع التماسيح على السوريين المذبوحين، بل الى متى يمكن الدول العربية ان تصمت عن هذا الانحياز الروسي البشع الى النظام السوري، وخصوصاً بعدما تعمّدت موسكو منذ بداية الازمة إفشال كل محاولات الحلول، فدعمت الحل العسكري، واقامت له جسراً جوياً وبحرياً يمد النظام بالاسلحة، واشترت له الوقت، تلو الوقت عبر تعطيل مجلس الامن ومنع الشرعية الدولية من القيام بما يساعد على وقف المأساة.

لست ادري كيف يستطيع لافروف الزعم ان ليس لبلاده اهدافاً استراتيجية في سوريا، وانها لا تتصارع مع القوى الاخرى الكبرى هناك، فقبل اشهر قليلة افهمنا فلاديمير بوتين ما معناه ان سوريا هي المنصة الرئيسة التي عادت روسيا لتطل من خلالها على حقبة “الاستقطاب الثنائي”، وعلى امتداد الازمة كررت موسكو القول، انها لن تسمح بسقوط بشار الاسد، بعدما كانت قد افشلت “المبادرة العربية” عندما جاء لافروف الى القاهرة رافضاً الاتجاه الى حل على الطريقة اليمنية لانهاء الصراع، ومنذ ذلك الحين تتولى روسيا رعاية المذبحة ميدانياً وسياسياً.

ليس مفهوما كيف يمكن لافروف ان يبدأ جملته بالقول “ان روسيا لا تتدخل في النزاع السوري ولا تنظر الى السوريين على انهم قسمان”، وهذه كذبة سخيفة طبعاً، ثم ينهيها بالقول ان موسكو تدين بشكل صريح وغير مشروط كل الاعمال الارهابية التي تستهدف المدنيين، وخصوصاً الجرائم المرتكبة بدافع الكراهية الدينية او الطائفية، ولكأن قصف النظام الاحياء والبيوت بصواريخ سكود وبالطائرات الروسية وبالأسلحة الكيماوية ليس من الاعمال الارهابية. لكنها ازدواجية المعايير تأتي من دولة كبيرة تقول انها “لا تستطيع التغاضي عن جرائم الجماعات الارهابية بحق المدنيين”، بينما تقوم منذ البداية بتغطية جرائم النظام ضد المدنيين لا بل تشجعه وتدعمه فيها.

وعندما يتحدث لافروف عن مؤتمر جنيف كفرصة للتسوية، ينسى انه تمسك دائماً بمبدأ وضع القاتل والقتيل وجهاً لوجه، بعدما اصر على بقاء الاسد، معتبراً المعارضين السوريين مجموعات من الارهابيين والتكفيريين يجب القضاء عليهم، وتسهيلاً للقضاء على هؤلاء لم تتوان روسيا اول من امس عن تعطيل صدور بيان رئاسي من مجلس الامن يدعو الحكومة السورية الى تسهيل وصول المساعدات الانسانية فوراً الى مدينة حمص لإغاثة المدنيين المحاصرين فيها.

موسكو لا تتدخل في الصراع، لكنها تعطل صدور بيان يعبر عن القلق البالغ حيال مصير 2500 مدني محاصرين في حمص، وترفض الدعوة الى ايصال المساعدات الانسانية اليهم، وهو ما كانت فعلته قبل اجتياح القصير، لأن دورها هو رعاية المقتلة السورية… لكن السؤال يبقى لماذا الصمت العربي عن القباحة الروسية؟!

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى