صفحات العالم

موقف غير مبرر من اللاجئين السوريين


عدنان حسين

مثلي ومثل عشرات الآلاف من العراقيين الذين فروا منذ النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي من قمع نظام صدام حسين وحروبه، وجد رئيس الوزراء نوري المالكي ( يومها كان يُعرف باسم جواد أو أبو إسراء المالكي) ملاذاً آمناً في سوريا لسنوات عدة. ولولا ذلك ربما واجه هو، ونحن جميعاً، مصاعب جمة في إيجاد البديل.

 بعيداً عن الدوافع السياسية للتسهيلات التي قدّمتها السلطات السورية لنا للإقامة في دمشق وسائر المدن، في ظل الخلاف الطاحن بين النظامين البعثيين في ذلك الزمن، فان الشعب السوري قبل بنا وانفتح علينا وتفهم وضعنا ما سمح لنا بالاندماج السريع في مجتمعه، مع أن أغلبية السوريين كانت على غير وفاق مع نظام حافظ الأسد، فيما بدونا للبعض كما لو اننا على وئام مع ذلك النظام.

كان من اللازم أن يضع رئيس الوزراء في باله هذه الحقيقة وهو يتخذ القرار بعدم السماح للاجئين السورين الفارين من أعمال العنف بين قوات الحكومة السورية وقوات المعارضة.

نحن ذهبنا الى سوريا بصفتنا معارضيين سياسييين، أما السوريون المحتاجون الآن الى ملاذ في العراق فلا علاقة لهم بالسياسة .. انهم ضحايا إنسانيون لصراع بين طرفين سياسيين ربما لا يميل الى أي منهما هؤلاء اللاجئون. وبالتالي فان لاجئي اليوم السوريين أولى منا نحن لاجئو العراق السابقون بالرعاية والعناية للأسباب والدواعي الإنسانية.

موقف الحكومة المعتذر عن عدم استقبال اللاجئين السوريين يفتقد الى اللياقة والكياسة السياسية، فضلاً عن عدم إنسانيته.. وفضلاً أيضاً عن عدم أخلاقيته، وهذا بالذات لأن هذا الموقف يُظهر العراقيين في موقف الناكر للجميل.

من وجهة نظر سياسية بحتة، في الإمكان أن نتقبل على مضض الذرائع التي قدمتها الحكومة لتبرير موقفها حيال الأحداث الجارية منذ ستة عشر شهراً، ولكن كيف لنا أن نستسيغ ما أعلنه الناطق باسم الحكومة عن “عدم القدرة على إغاثة أي شخص(سوري) لأنه لا توجد لدينا أية خدمات لاستقبال أي عدد من اللاجئين السوريين.. لدينا حدود برية صحراوية قاحلة لا يمكن توفير الخدمات فيها”.

بصراحة هذه حجة متهافتة، فقبل عشرين سنة أقامت السعودية مثلا مخيمات في الصحراء للاجئين العراقيين الفارين من قمع نظام صدام العام 1991.. كانت تجربة قاسية جداً للعراقيين، لكن تلك المخيمات حفظت حيوات عشرات الالاف منهم. كما ان مناطق الحدود بيننا وبين سوريا لا تُعدم وجود المدن والبلدات عند منطقة ربيعة في الشمال ووادي نهر الفرات في الجنوب.

كان يمكن للحكومة، ولم يزل في إمكانها، أن تنسق مع الامم المتحدة والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين لإقامة مخيمات في هاتين المنطقتين.

وعدا عن جانبها الإنساني، فان خطوة كهذه من جانب الحكومة كانت ستخفف من آثار الموقف الخاطيء الذي اتخذته هذه الحكومة تجاه الأحداث في سوريا منذ البداية.

 المدى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى