صفحات الحوار

د. برهان غليون: ان هدف المجلس الوطني نزع أي شرعية من النظام…


الضمان الأكبر للطائفة العلوية مشاركتها في الثورة

نيويورك – راغدة درغام

قال رئيس المجلس الوطني السوري المعارض برهان غليون ان نائب الرئيس فاروق الشرع لن يكون رئيساً لنظام، انما سيكون غطاء لنقل السلطة فحسب. وأشار في حديث مطول الى «الحياة» الى ان اي مفاوضات قد تجرى في موسكو، يجب ان تركز على نقل السلطة فقط، متحدثاً عن ان الاسلوب الوحيد لعدم تهميش الطائفة العلوية في سورية تقتضي مشاركتها في الثورة.

وقال ان المجلس سيقبل بحوار الإيرانيين «إذا أصدروا بياناً اعترفوا فيه بحقوق الشعب السوري وبنظام ديموقراطي في دمشق وبالتخلص من الديكتاتورية الراهنة». وتوقع ان يتحدث «حزب الله» بلغة مختلفة أيضاً كلياً بعدما يسقط نظام الأسد (الرئيس السوري) لأن ليس لديه اي حلول غير التعاون والتنسيق مع سورية إذا أراد أن يكون فعلاً قوة إيجابية في المنطقة وليس قوة تخريب (…). وشدد على انه يجب ان تكون هناك منظمات نسائية قوية، ولا يمكن النساء أن يأخذن دورهن ومكانهن فقط بالدعاء ولا التمني!

وفي ما يأتي نص الحديث:

> لنبدأ بمحادثات نيويورك، طبعاً أحطتم هذه المحادثات ومشاركتكم على هامش مجلس الأمن بأهمية بالغة. هل أفرطتم في هذه الأهمية؟

– أود أن أقول في البداية، نحن كمجلس وطني وكشعب سوري ليس لدينا رهان على قرارات، سواء في مجلس الأمن أو خارج مجلس الأمن، أو حتى في الجامعة العربية. ليست هناك ثورة تراهن على قرار. رهاننا هو على الشعب نفسه وعلى استمرار الثورة وعلى تصميم الشباب وقدرتهم على التضحية التي أظهروها حتى الآن وكانت غير مسبوقة في تاريخ الثورات السلمية. إنما لا ينبغي أن نتجاهل أيضاً المعركة التي تدور على الصعيد الدولي التي تتعلق بنزع الشرعية الكاملة عن هذا النظام. نريد أن نحقق كسباً هنا لنقضي على آخر أمل عند بشار الأسد ليبقى في السلطة ونُسرّع خروجه منها. هذا هو هدف قرار مجلس الأمن. لذلك أعطيناه أهمية لنضيف كسباً جديداً إلى المكاسب التي يحققها شعبنا في الشوارع والأحياء والمدن، التي يُطرد فيها اليوم الشبيحة وقوات الأمن من أحياء كثيرة.

> حتى الأمين العام لجامعة الدول العربية قال إنكم تتمسكون بمجلس الأمن بنوع من الوهم وكأنه العصا السحرية. بماذا تردون على ذلك؟

– نرد على ذلك بأن هذا كلام غير صحيح ونحن لم نعط أهمية كبيرة لأي قرار، لا في الجامعة العربية ولا في مجلس الأمن. لكن عندما تكون هناك معركة سياسية، لا ننسحب منها. هذه المعركة السياسية تكمِّل معركتنا الحقيقية التي نخوضها على أرض سورية. نحن لا نخوض معارك في المؤسسات الدولية فحسب، نحن معركة رئيسة على الأرض، وأعتقد أن وجودنا وواجبنا كمجلس وطني أن نخوض هذه المعركة السياسية وأن نغذي الثورة على الأرض ونعطي التضحيات التي قام بها الشباب أفقاً سياسياً دولياً كبيراً.

> اجتمعت مع السفير الروسي فيتالي تشوركين. روسيا تدعوكم إلى الحوار وأنتم ترفضون. ماذا حدث بينكما عندما اجتمعتما للبحث في مشروع القرار المطروح في مجلس الأمن أيضاً؟

– موقفنا واضح من البداية. نريد لروسيا أن تُغيّر موقفها تجاه أي قرار يتعلق بإدانة العنف الذي يرتكبه النظام ضد الشعب السوري والاعتراف بحقوق الشعب السوري. نريدها أن تعترف بأن الشعب السوري له حقوق الحرية والكرامة والديموقراطية. هم يتقدمون قليلاً. كانوا في البداية يتحدثون عن النظام السوري بأنه مؤامرة أجنبية وعن عصابات… إلخ. للمرة الاولى منذ فترة بدأوا يتكلمون من خلال حوارنا معهم ومناقشاتنا معهم عن حقوق لشعب. يقولون إنهم يعترفون الآن بروايتنا أن هناك شعباً يكافح من أجل حقوقه وحرياته، لكن هم يريدون الحل بطريقة الحوار.

> هذا الحوار الذي دعوا إليه ترفضونه. ماذا بعد ذلك؟ أنتم ترفضون الحوار الذي تدعو إليه دولة كبرى في يدها حق الفيتو لإحباط قرار يصدر عن مجلس الأمن.

– لا… نحن لم نرفض الحوار مع الروس، قلنا لهم هذا محاولة لكسب الوقت وقطع الطريق على القرار الذي سيصوت عليه في مجلس الأمن. لا يمكن أن نكون اليوم هنا من أجل دعم قرار خطة الجامعة العربية وتبني مجلس الأمن لخطة الجامعة العربية ونترك هذا كله ونذهب إلى روسيا من أجل أن نحاور النظام. طبعاً قلنا لهم إن هذا الكلام ليس له معنى.

> هكذا قلت لتشوركين؟ وكيف رد عليك؟

– لم يكن هناك رد، لكن قلت له إذا كانت روسيا مستعدة لأن تمرر قرار مجلس الأمن ولا تضع الفيتو عليه، يمكن أن تكون هناك مفاوضات، بعض جلسات المفاوضات في موسكو على نقل السلطة كما تقتضي الخطة العربية. ليس لدينا مشكلة مع المكان. عندنا مشكلة مع شروط المبادرة. أية مبادرة وبأية شروط يجب ان تحقق نقل السلطة إلى الشعب.

> دعني أفهمك تماماً. تحدثت مع السفير الروسي في إمكانية إيجاد مخرج أو صيغة تجمع بين موافقتهم على مشروع القرار المطروح في مجلس الأمن، وبين توجهكم إلى موسكو لإجراء الحوار؟

– أولاً، ليس هناك حوار. هناك مفاوضات حول نقل السلطة وهذا ما تقوله خطة العمل العربية. خطة العمل العربية تقول أن يفوض الأسد صلاحياته لنائب الرئيس، ونائب الرئيس يبدأ مفاوضات لتشكيل حكومة انتقالية بعد أن يقف القتل ويطلق سراح المعتلقين إلخ، وتبدأ المناقشات من أجل نقل السلطة إلى حكومة منتخبة. هذا ليس حواراً مع النظام. انه مفاوضات على إجراءات نقل السلطة.

> ماذا إذا رفض الروس السماح لمجلس الأمن بتبني القرار؟ ماذا سيكون لديكم بعدما رفضتم الطروحات الروسية إذا أفشلت روسيا مشروع القرار؟ ما هي خياراتكم؟

– كان هدفنا من النقاش ألا تُفشِل القرار. الآن، إذا أفشلت روسيا القرار، ستضع نفسها أولاً في موقف حرج تجاه الشعب وسيرفع الشباب السوريون في الشوارع شعارات بأن روسيا عدوة العرب، عدوة السوريين، عدوة الشعب السوري. آمل ألا يحدث هذا. لكن إذا حدث، رهاننا، كما ذكرت منذ البداية، ليس على قرار مجلس الأمن. سنستمر في التظاهرات، سنستمر في الصراع مع النظام. الذي سيقضي على النظام السوري ليس مجلس الأمن انما الشعب السوري نفسه. لكن نريد من مجلس الأمن أن يعترف بحق هذا الشعب في أن يكافح هذا النظام الظالم.

> أنت اجتمعت أيضاً مع جيفري فيلتمان، ماذا قدم لكم من ضمانات باستمرار دعم الولايات المتحدة لكم، علماً أن الأوروبيين وكذلك الولايات المتحدة يقولون: نحن لا نستطيع أن نقف أمام العرب في مشروع قرار يواجه الفيتو. بمعنى أنهم يختبئون قليلاً وراء المبادرة العربية. يبدو أن هناك خوفاً من مواجهة مع روسيا في مجلس الأمن، ماذا قال لك فيلتمان في هذا الإطار؟

– لم نبحث أبداً مع الأميركيين، لا فيلتمان ولا هوف، في موضوع الدعم، ولا في موضوع من سيدعم من، وما هو مصير الثورة. نحن نخوض ثورتنا بأنفسنا، ونحن نقرر. بحثنا مع الأميركيين، بحثوا معنا بالأحرى، الخيارات الممكنة في مجلس الأمن. وهناك خياران. أنا قلت إن هناك خيارين، الخيار الأول هو أن نتصلب مثلاً ونرفض أي نقاش مع الروس ونقبل الفيتو، وستكون هناك نتائج أن نقبل حق النقض الروسي، أي نستسلم في المعركة ونقول خلاص ليس هناك إلا حق النقض. وفي هذه الحالة طبعاً سنعطي النظام فرصة، على الأقل أسبوعين أو ثلاثة، ليعتقد أنه طليق اليدين في القتل وانتهاك حقوق الناس وفي الوقت نفسه أن يصدر عن هذا إحباط. أو أن نحاول ِإقناع الدول الأخرى، الهند وباكستان وجنوب أفريقيا، وأن نقوم بضغوط كبيرة جداً على روسيا بالتعاون مع الدول العربية والأميركيين والغربيين من أجل استصدار قرار توافق عليه روسيا مع تعديلات لا تمس، مع تنقيحات لغوية تحفظ ماء وجه الروس، ولكن لا تمس مضمون الوثيقة. هذا هو ما ناقشناه.

> ماذا عما ناقشته مع فيلتمان، إضافة إلى موضوع مجلس الأمن، عن الدعم الأميركي لكم، أوجه الدعم، كيفية المضي إلى الأمام، الخوف من تسليح الثورة، دعم تسلح الثورة السورية وما قد تؤدي إليه ربما من حرب أهلية، لا سمح الله؟

– لم نطلب من الأميركيين أي دعم، ولم نبحث معهم في أي دعم. نحن طلبنا من الاتحاد الأوروبي، من مدام آشتون بالذات، تأسيس صندوق للدعم المادي والإنساني للشعب السوري وهو ما نطلبه من العرب ونطلبه من الأميركيين وجميع الناس الآخرين. سياستنا الأساسية هي الاعتماد على النفس وما نريده هو أن تسهل الأطراف الأخرى الدفاع عن حقوقنا، واتخاذ موقف سياسي يضمن حقوق الشعب السوري في المؤسسات الدولية. ولا أعتقد أن لدى الأميركيين رغبة في التقدم أكثر من ذلك.

> دعني أبقى في موضوع تسلح الثورة، أتخشى أن تكون أنت كجزء من المجلس الوطني السوري مسؤولاً عن تدهور الأمور إلى حرب أهلية؟

– إذا كان هناك مسؤول عن تدهور الأمور نحو حرب أهلية فهو النظام ونحن قلنا أكثر من مرة وحذرنا النظام من أن الاستخدام الهمجي والوحشي للعنف ضد الشعب سيقود إلى نزاعات وسيقود إلى خروج فرق وجنود كثيرين ينشقون عن الجيش ويؤسسون جيشا في المقابل، وتكون هذه هي بداية الصراع أيضاً في سورية. أنا أعتقد أن هناك الآن معارك تدور في الأحياء وفي المدن السورية بين الجيش السوري الحر وبين الجيش النظامي. هذا ليس نحن الذين نُسأل عنه، الذي يُسأل عنه هو النظام السوري. بالعكس، نحن نعمل من أجل إخماد أية توترات طائفية أو أي حرب أهلية. دورنا الرئيس السياسي هو أن نجنّب سورية الحرب الأهلية والحروب الداخلية والحروب الطائفية، ونحن في إطار خلق أطر أيضاً من أجل امتصاص التوترات والتناقضات ولم الجراح. ونحن نقول دورنا لم الجراح وليس نكأها.

> ماذا تعني بالأطر؟

– أعني المؤسسات للعدالة والمصالحة، تجمع رجال دين من كل الطوائف، تجمع شخصيات ثقافية تتدخل من أجل قطع الطريق على أي حرائق أو على أي نزاعات طائفية.

> برهان غليون، في صميمك هل تشعر أن هناك خطراً حقيقياً آتياً إلى سورية من حرب أهلية مدمرة، أو حرب أهلية على أي حال؟

– أنا أعتقد أن التوترات الطائفية اصبحت توترات قوية جداً، وأن صدامات هنا وهناك ستقع. لا بد من أن نكون واقعيين. لكن أنا مؤمن إيماناً عميقاً بأن الشعب السوري ضد أي حرب طائفية ولن يدخل في حرب طائفية، والدليل على ذلك أن النظام بدفعه الشعب السوري نحو حرب طائفية، استراتيجية خاصة به، فشل حتى الآن. وسيفشل. لكن الخطر سيبقى في أن استمرار النظام في هذه السياسة سيدمر مؤسسات البلاد، سيدمر اقتصاد البلاد، سيدمر النسيج الاجتماعي والمجتمع المدني، وسيضع سورية في حالة حقيقة من التفكك والفوضى خطيرة جداً. هذا شيء آخر.

> وعندئذ؟

– وعندئذ، يجب على النخبة السورية أن تعمل من أجل إعادة بناء هذه الدولة وإعادة بناء هذا المجتمع وهذا الشعب. وهذا سيكون تحدياً كبيراً للنخبة الديموقراطية السورية الجديدة.

> دعني أستوضحك في أمر. أنتم مع المبادرة العربية وأتى هنا نبيل العربي وحمد بن جاسم وأوضحا لمجلس الأمن أن هذه المبادرة لا تنطوي، ومشروع القرار لا ينطوي، على المطالبة بتنحي الرئيس السوري بشار الأسد. أنتم تدعمون هذه المبادرة. إذاً أنتم لا تطالبون بتنحي بشار الأسد؟

– نحن نطالب بتنحي بشار الأسد من دون تردد وبوضوح.

> ولكن كيف ذلك؟

– سألنا الأمين العام نبيل العربي السؤال نفسه وقال انه ينبغي أن نأخذ الجملة كما هي، وهذا الغموض هو نفسه مقصود، أنتم تفسرونه كما تشاؤون، وهم يفسرونه كما يشاؤون. نحن نقرأ في هذا تخلي الرئيس عن صلاحياته وسلطاته.

> حسناً، إذاً هذا تنحي الرئيس وليس تنحي النظام.

– تنحي الرئيس. أما النظام فهو تفكك الآن. ها هو النظام، مؤسسات النظام، من حزب إلى أمن، في طريقه إلى أن يتفكك. ما يحدث في سورية هو أن النظام يتهاوى قبل أن يتهاوى الرئيس. لذلك تجدين أنصار الرئيس والاستخبارات والأمن يتمسكون بصورة الرئيس وبوجوده كما لو كان هو الضامن الوحيد لهذا النظام. حقيقة، ان النظام كُسر. ليس لدي خوف كما هو الحال في بعض الدول الأخرى من أن النظام يبقى والرئيس يزول. لم يعد في سورية نظام. هناك فوضى وهناك رئيس يدافع عن هذه الفوضى ويستخدمها ليبقى في السلطة.

> نائب الرئيس، فاروق الشرع كان في موسكو في الفترة الأخيرة.

– لم يتأكد أنه ذهب إلى موسكو. نُشر خبر، لكن لم يتأكد أنه ذهب فعلاً.

> هل سألت تشوركن عن ذلك؟

– لا، لم أسأله، لم يخطر لي. لم يكن هذا همي الحقيقي، لكن أعتقد أنه لم يتأكد خبر ذهابه.

> هل تثقون به كما هو وارد في المبادرة العربية اقتراح تفويضه عندما يتخلى الرئيس عن الصلاحيات إلى نائب رئيسه. هل لديكم ثقة في فاروق الشرع؟

– فاروق الشرع لن يكون رئيساً لنظام، انما سيكون غطاء لنقل السلطة فحسب. لن يكون رئيساً، هو مجرد وسيلة لتخريج إنهاء النظام.

> أعذرني على الصراحة في هذا السؤال، لأنه لحد ما قوي جداً، ولكن يتردد أن الإخوان المسلمين استخدموك كوجه وأنك تخدم، إن كان عمداً أو قصداً، هذه الجبهة باختيارهم وأنت مُسيّر بهم؟

– أنا دائماً قلت إنني لن أعمل في أي إطار سياسي منذ بداية الثورة إلا إذا وجدت أن هناك حداً أدنى من التوازن، والتوازن الذي أعنيه هو التوازن بين التيارات. الرأي السياسي الموجود اليوم في سورية، والرأي الإسلامي أحدها، وهناك أيضاً آراء أخرى، للعلمانيين والمدنيين. أنا أعتقد أن هذا التوازن لا يزال موجوداً وإن لم يوجد فلا بد من خلقه، وأنا مؤمن حقيقة بأن أحداً لا يستطيع أن يلعب على الشعب السوري ويترك الآخرين يستخدمون هذا أو ذاك. أنا أمثل وأعُبر عن تيار قوي جداً في سورية وليس ضعيفاً وهو تيار الإجماع، تيار التوافق، تيار التفاهم بين جميع التيارات ولن أزيح عن هذا التيار.

> شاهدنا ماذا حصل في الدول الأخرى حيث حدث التغيير. ذهب الشباب والنساء إلى الميادين لإسقاط الأنظمة، ثم جاء الإخوان المسلمون واستفادوا استفادة فظيعة، وكذلك السلفيون، استفادوا وتقريباً صادروا الثورة عبر صناديق الاقتراع، وبذلك انحسر دور المرأة وانحسر دور الشباب. ما هو صمام الأمان الذي يضمن أن ذلك لن يحدث في سورية؟

– صمام الأمان أولاً هو الشعب السوري.

> هكذا قيل عن الشعوب الأخرى.

– ببساطة، لا يمكن مقارنة وضع الإخوان المسلمين في مصر مثلاً بوضع الإخوان المسلمين في سورية. ذلك أن الإخوان المسلمين في مصر بقوا حزباً متماسكاً قوياً خلال كل الفترة السابقة، بينما في سورية تكاد منظمة الإخوان المسلمين تكون معدومة. فهم الآن يعيدون بناء صفوفهم، ربما من خلال الثورة، لكن أيضاً شباب الثورة – ولو كانوا مسلمين ومتدينين وهذا طبيعي عند كل الشعوب العربية ليسوا أصحاب خيار إخواني إسلامي أو إخوانجي. لا أنا أعتقد ذلك لأنه، أولاً في سورية رأي عام مدني عميق وقوي جداً مدعم أيضاً بوجود نسبة كبيرة من الأقليات المستحيل أن يوصفوا بأي خيار إخواني، وهذا شيء أكيد. وفي الوقت نفسه الإخوان نفسهم لا يبدون حقيقة اليوم نزوعاً قوياً نحو حكم إسلامي أحادي إنما ينادون بالتعامل مع القوى الأخرى ومع حكومة ديموقراطية، وليس من مصلحتهم أيضاً أن يلعبوا ورقة السيطرة، لا على الثورة، ولا بعد الثورة. وأنا أعتقد انهم سيخسرون خسارة مطلقة لو لعبوا ذلك. الرأي العام السوري يطمح إلى الحرية ولا يطمح إلى ديكتاتورية جديدة.

> كأنكم في حاجة إلى صمام أمان، وإلى ضمانات، من يعمل معكم من أجلها؟ هناك خوف حقيقي، نظراً لوجود أكثر من مذهب وأكثر من طائفة وأكثر من أقلية في سورية، والخوف حقيقي. هل من ضمانات تُقدم للطائفة العلوية؟ هل من ضمانات تُقدم بألا يسيطر ويهيمن الإخوان المسلمون على الساحة في سورية وما إلى ذلك من أبعاد. حدثني عن هذا، محلياً، وفي إطار العلاقة الإيرانية – التركية أيضاً نظراً للمد والجزر بين الدولتين الكبيرتين اقليمياً يقود إحداهما الشيعة والأخرى السُنّة.

– أنا لا أعتقد أن التنافس التركي – الإيراني هو تنافس طائفي في الأصل إنما هو تنافس استراتيجي بين دولتين قويتين في منطقة الشرق الأوسط، وسورية موقع استراتيجي حساس من الطراز الأول، وشيء طبيعي أن يكون هناك تنازع عليها بين قوتين سياسيتين كبيرتين. موضوع الطوائف قضية أخرى. أنا أعتقد أن أهم وأكبر ضمان لعدم تهميش أي طائفة هو مشاركة الطائفة في هذه للثورة. وأنا، أكثر من ذلك أقول، ليس في سورية طوائف بالفعل، ليس في سورية طوائف بمعنى، ليس في سورية طوائف على الطريقة اللبنانية بعصبيات خاصة مغلقة على نفسها. سورية ليست مجتمعاً تعيش جنباً إلى جنب فيه طوائف متميزة ومختلفة ومتناحرة. سورية هي شعب وطني، هي شعب مواطنين. هناك المسلمون والمسيحيون مثلما هناك اليساريون والليبراليون ولن ندخل في إطار تكوين طوائف وعصبيات.

> نسمع أن في إيران توجهين، أحدهما يأخذ حسابه بمعنى ربما يحدث تغييراً في النظام في سورية ويريد أن يكون على قرب منكم، والتيار الآخر يشارك ميدانياً في دعم النظام في سورية. ماذا لديكم من علاقات الآن؟ حدثني عن ذلك.

– مع الإيرانيين؟

> نعم

– لا، ليس لدينا أي علاقة مع الإيرانيين كمجلس وطني وأنا أقول لك إن الإيرانيين حاولوا أن يبنوا علاقات ويفتحوا باب الحوار، وقلنا لهم نحن مستعدون لأي حوار مع أي دولة أخرى، ونحن نعترف بوجود إيران كدولة كبيرة في المنطقة. لكن قلنا لن نتحاور مع طرف يعلن العداء لشعبنا. نتحاور مع الإيرانيين إذا أصدروا غداً بياناً اعترفوا فيه بحقوق الشعب السوري بنظام ديموقراطي وبالتخلص من الديكتاتورية الراهنة. عندئذ نفتح حواراً حول ضمان مصالح الإيرانيين أو غير الإيرانيين وما هي هذه المصالح.

> كيف تتوقع أن تكون ردود الفعل من لبنان، من «حزب الله» مثلاً في هذه الفترة الانتقالية، إذا حدث وسقط النظام. كيف تتوقعون أن تكون تلك العلاقة، وهي متوترة الآن، بينكم وبين «حزب الله»؟

– «حزب الله»، كما تعلمين، قوة سياسية ويفكر تفكيراً سياسياً. وإذا لاحظت، بين الخطاب الأخير لنصر الله والخطابات الأولى كان هناك فرق كبير. في الخطابات الأولى كان يقول مؤامرة أميركية، وهذه مؤامرة أجنبية وعصابات وإلى آخره (كلام النظام نفسه) واتهمني بأنني أريد قطع العلاقات مع «حزب الله»… إلخ. وهذا تزوير. أنا قلت إن «حزب الله» بعد التغيير في سورية لن يكون كما هو قبل التغيير. والآن، حتى قبل أن يسقط النظام نهائياً، ان «حزب الله» أصبح اليوم يتحدث بلغة غير اللغة التي كان يتحدث بها منذ شهرين. وسيتحدث لغة مختلفة أيضاً كلياً بعدما يسقط نظام الأسد لأن ليس لديه اي حلول من التعاون والتنسيق مع سورية إذا أراد أن يكون فعلاً قوة إيجابية في المنطقة وليس قوة تخريب (…).

> جاركم الآخر، العراق، ليس مرتاحاً إلى عملية التغيير في سورية، وهو طبعاً على مقربة، أو على قرب سياسياً أيضاً وليس ميدانياً مع إيران، كيف ينعكس ذلك عليكم؟ هل تشعرون أن العراق يعرقل مسيرتكم؟ أم أنه في الواقع يتحدث بلغة ولا يدعمكم بالأحرى، ولكنه لا يؤذيكم ميدانياً؟

– العراق اليوم ليس عراقاً واحداً. أنا أتصور أن هناك بالتأكيد أطرافاً عراقية تريد دعم النظام السوري بقوة، ربما هي أطراف طائفية، ربما أطراف سياسية، لكن بما يتعلق بالمالكي نفسه، رئيس الوزراء الراهن، أرسل رسائل عدة بأنه يريد دعوتنا إلى لقاء وهو مستعد لإعلان دعمه للشعب السوري. ونحن قلنا ننتظر إعلان هذا الدعم وليس لدينا مانع من أن نذهب إلى بغداد ونلتقي الحكومة العراقية ونحدد أطر علاقات جديدة بين العراق الراهن وبين سورية الديموقراطية المقبلة.

> هل اتفقتم على موعد؟

– لم نتفق بعد على موعد، لكن أنا أنتظر أن تتضح الأوضاع في العراق في شكل أكثر، والآن تعلمين أن هناك أزمة سياسية في العراق، ونحن لا نريد أن ندخل في هذه الأزمة.

> من سيعترف بكم بوصفكم المجلس الوطني السوري قريباً؟ من هي الدول التي ستعترف بكم؟

– العالم كله اعترف بنا. نحن في مجلس الأمن قابلنا جميع السفراء وممثلي الدول وقابلنا مجموعة كبيرة من وزراء الخارجية والعالم كله يقول إن المعارضة السورية هي المجلس الوطني السوري بالدرجة الرئيسة على الأقل. اننا لا نحتاج الى أكثر من ذلك حتى ندعم شعبنا على الساحة الدولية، ندعم ثورتنا ونعطيها عنواناً وأفقاً سياسياً إلى جانب العمل البطولي الذي يقوم به الشباب على الأرض.

> الاعتراف بكم كبديل من النظام، هذا هو سؤالي.

– الأفكار التي تُقال عادة من أن الدول لا تعترف بمجلس، بهذا المعنى، ليس له موقع على أرض البلاد نفسها. هذه سابقة لم تحصل أن يُعترف كبديل لدولة بمجلس ليس له قدم على أرض البلاد. نحن لسنا بحاجة لذلك. نحن أداة لدعم الثورة السورية، ولسنا بديلاً للنظام. نحن لسنا بديل النظام. البديل للنظام سيكون من داخل سورية وبالانتخابات، وبمؤسسات جديدة.

> اجتمعت مع وكيل الأمين العام أو مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية.

– لأن الأمين العام كان غائباً.

> هل حدث ذلك بتكليف من بان كي مون؟

– نعم.

> ماذا طلبتم؟ وعلى ماذا حصلتم في هذا اللقاء؟

– في الحقيقة طلبنا أن تلعب الأمم المتحدة دوراً أكبر على المستوى الإنساني وعلى المستوى الإغاثي في الوضع السوري، ولحسن الحظ أن مساعد الأمين العام كان صديقاًً لي من أميركا اللاتينية، كنت تعرفت اليه في الجامعة وأيضاً عندما كنا نحرر تقارير التنمية الإنسانية للمنطقة العربية وتحدثنا عن كل ما يخص تطور الحياة السياسية في سورية، وتطور الثورة السورية. وعدونا بأن تعمل الأمم المتحدة على تقديم إغاثة نوعية لسورية والشعب السوري في المرحلة الراهنة. وهذا ما كنا نلحّ عليه. كان يهمنا أيضاً أن يعّين الأمين العام، وهذا ما طلبناه، مبعوثاً شخصياً من أجل متابعة الأوضاع السورية معنا، ومن أجل نقل كل المعلومات حول الأوضاع ومطالب الشعب السوري أيضاً من الأمم المتحدة.

> وهل وعدكم بذلك؟

– سيدرس الموضوع.

> أنتم طلبتم من مجلس الأمن أن يكون لكم حضور في مداولات عند تناول مجلس الأمن الملف السوري. ماذا تعنون بذلك، ماذا تقصدون؟ أن تؤخذوا في الاعتبار؟ بأي صفة قانونية؟

– بصفة مراقب. لكن يبدو أن هذه أيضاً سابقة لم تحصل، وقالوا إن حضور مجلس الأمن يقتصر على الدول ولا يمكن أن تدخل فيه منظمات غير حكومية.

> لنعد مرة أخرى إلى موضوع الإسلاميين والمرأة. تجربة المرأة العربية في مصر وتونس وليبيا واليمن أن الثورة أتت بمشاركة المرأة والشباب ميدانياً لكن عندما حدث التغيير في صناديق الاقتراع، عُزلت المرأة وأتت الشعارات على حساب حقوقها. ماذا لديك، برهان غليون، من ضمانات لهذه المرأة السورية التي تشارككم الآن في نضالكم، لا سيما أن حظوظ الإخوان المسلمين ترتفع وليس في قيادة المجلس الوطني السوري سوى إمرأة، لكن إمرأة واحدة فقط. ماذا تفعلون؟

– الانتقال نحو نظام ديموقراطي ومجتمع ديموقراطي ليس ثمرة ناضجة جاهزة. انه ليس أمراً جاهزا، بل هو معركة.

> لماذا لا تبدأون بمشاركة المرأة في صنع القرار الآن؟

– المعركة ينبغي أن يخوضها الشعب نفسه، تخوضها فئات من الشعب، ونحن سنخوضها. لا يمكن أن نصنع التاريخ كبيوت مسبقة الصنع. الثورات ليست بيوت مسبقة الصنع. لا بد للشعب من أن يتنظم، لا بد للنساء من ان يتنظمن. يجب ان تكون هناك منظمات نسائية قوية، ولا يمكن النساء أن يأخذن دورهن ومكانهن فقط بالدعاء ولا التمني.

> ماذا يمنعكم كمجلس وطني سوري من أن يكون بينكم نساء، بمعنى ان نصفكم رجال ونصفكم نساء، ماذا يمنعكم من ذلك؟

– تمنعنا البنية التقليدية والهشة والفقيرة لتنظيمات سياسية بقيت 50 سنة تحت الأرض. وتحت الأرض، ان النساء قليلات جداً تحت الأرض. الناس الذين ظلوا يقاتلون 40 سنة و 50 سنة من حكم ديكتاتوري تعسفي مطلق ادى الى تحّول الأحزاب إلى مجتمعات رجالية. هذا واقع لا بد من أن نأخذه في الاعتبار. الآن، وقت العمل والتآلف، طبعاً غالبية الأعضاء، هم من الأحزاب المتآلفة وكلهم رجال، لسوء الحظ. لكن هذا واقع. لا ينبغي أن ننفي الواقع. ينبغي أن نغيّره. ينبغي أن نناضل من أجل تغييره، ونحن نناضل داخل المجلس الوطني من أجل تغييره. ولكن الأساس ان المجتمع ينبغي ان يناضل من أجل تغيير وضع المرأة. وأنا لا أترك مناسبة من دون أن أعبّر عن رأيي في هذا الموضوع وضرورة أن تعطى المرأة حظاً أكبر بكثير.

> الموضوع ليس عن حظ. الموضوع أن للمرأة الحق في المشاركة في صنع القرار، لا سيما عندما تكون هناك ثورة. إنه ليس هدية لها. أنتم في المجلس الوطني السوري لديكم بالتأكيد فرص في أن تكون بينكم أكثر من إمرأة وها أنتم تكتفون بحفنة من النساء.

– يا أختي، الأحزاب السورية ليس فيها نساء. هذا تحليل الواقع، لكن هذا ليس مبرراً لاستبعاد المرأة. هذا المفهوم نعرفه. إن الواقع شيء لا نريده ولا ينبغي أن يختلف عن الواقع الراهن.

> ما هي طموحاتك الشخصية؟

– طموحاتي الشخصية أن تحقق الثورة السورية حقيقة أهدافها ثم أعود أنا مواطناً عادياً تماماً، ويمكن أن أعود الى جامعتي أو لا أعود. لكن على الأغلب أرجع الى جامعتي كمثقف وأكاديمي وأعبّر وأكتب في هذه التجربة التي أنا فخور حقيقة بأنني إشارك فيها وأنني فخور بما يقوم به الشعب السوري.

> «الجيش السوري الحر» يحصل على دعم وسلاح، وهناك تسليح للثورة. من يمدّكم بهذه الأسلحة؟ كيف يأتي إليكم السلاح؟ هل هو عبر السوق السوداء فقط أم عبر الحدود التركية-السورية؟

– لا هذا ولا ذاك. معلوماتي، وهذا ليس دعاية، أن معظم الأسلحة التي يستخدمها الجيش الحر هي أسلحة سورية، يعني هي مأخوذة من الجيش السوري وأحياناً من مستودعات الشعب السوري، وأحياناً من الجنود السوريين المنشقّين. يمكن أن يكون فيه بعض، كما فهمت، بعض تسريب من لبنان أو من غير لبنان لبعض الأسلحة لكن في شكل محدود. ليس هذا هو الحاسم، الحاسم حقيقة هو تفكك السيطرة داخل الجيش السوري. الناس يشترون «بواريد» سورية، يسيطرون على مخازن سلاح ويستخدمونها

> أتخشى من تسليح الثورة السورية؟

– أنا لا أخشى من تسليح. أنا أعتقد أن هذا التسلح، التسلح بمعنى الجنود المنشقين، الذين يحمون التظاهرات كانوا ضرورة حتمية بسبب غياب أي حماية للمدنيين. هم قاموا بجزء من المهمة التي فشل المجتمع الدولي في أن يؤمّنها للمحتجين المسالمين والمدنيين. إنما ما أخشاه ليس هذا. ما أخشاه هو ألا يحصل تجميع وتنظيم لهذه القوة العسكرية الجديدة في شكل أن تكون خاضعة لقرار سياسي، في شكل أن تكون حركتها منظمة، في شكل ألا تكون في المستقبل – بعد سقوط النظام – قوى مسلحة لا تخضع لإرادة سياسية منظمة. هذا خطر لأنه سيدفعنا إلى وضع من الفوضى. لذلك نحن حريصون في المجلس الوطني على أن نقيم علاقات مع الجيش الحر، وعلى أن نساعد هذا الجيش الحر كي ينتظم في هرمية عسكرية وأن تؤمّن له وسائل الحياة الكريمة لجنوده وأعضائه في شكل يكونون حقيقة نواة للجيش السوري الوطني المقبل وليس مليشيات يمكن أن تتصادم في ما بينها في المستقبل. هذا هو المطلوب.

الحياة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى