صفحات العالم

سوريا والتدخّل الغربي


من الأضمن للمواطن المدني، غير المسلح، ان يكون مقيما في بنغازي بدل حماه.

الليبيون استفادوا من حماية الأسرة الدولية، فيما السوريون يتعرضون منذ أشهر لمجازر وتعذيب واعتقال وبأعداد تتجاوز الآلاف، تحت نظر العالم بأكمله.

قد تبدو المقارنة بين المسألتين الليبية والسورية تبسيطية، ونحن نعلم الاسباب التي تجعل هذا العالم يكيل بمكيالين؛ وبعض هذه الاسباب لا تنقصها الوجاهة.

فلسوريا بُعد جيو سياسي لا تعرفه بلاد القذافي، وتوازنها يهم القوتين الاقليميتين الأعظم في المنطقة، أي ايران واسرائيل.

ما يجعل المبادرة الى التدخل في شؤونها امرا عسيرا.

يبقى ان السوريين يتحدون يوما بعد آخر، وبشجاعة رائعة، نظاما وعائلة مستعدين للقيام بأي شيء مقابل بقائهما على قيد الحياة.

بشار الأسد جعل الخوف الأداة النهائية لحكمه، كما تدلّ على ذلك الحالة الرهيبة التي تصفها الروائية السورية سمر يزبك لدى تناولها زنزانات الطاغية.

ولكن السوريين مستمرون في التظاهر بالقدر الذي يبدو رفضهم مطلقا لهذا النظام الفاسد والتوتاليتاري الذي اذلهم.

فيما في ليبيا الأمر مختلف؛ حيث المجلس الوطني الانتقالي ما زالت تنقصه المصداقية، على الرغم من الاعتراف الدولي به، فيما المعارضون السوريون يبدون حسا سياسيا رفيعا ومطابقا للواقع.

والمعارضون السوريون ايضا يشكلون بديلا حقيقيا في وجه نظام مدان، ومنبوذ من قبل البلدان المجاورة له، وكذلك من بعض الدول العربية الأخرى.

اذا كان التدخل الدولي يحرف إنطلاق المعارضة عن هدفها، فهذا لا يعني بأنه يجب عدم القيام بأي شيء.

على الأسرة الدولية ان تعزل بشار الأسد على الرغم من الدعم الذي يتلقاه من حلفائه الروس والصينيين.

على الأسرة الدولية أيضا ان تُفهمه بأنه، من الآن فصاعدا، معرّض لمحاكمة دولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية.

على الأسرة الدولية ان تعترف بشرعية المعارضة السورية.

[بقلم فرنسوا سرجان (افتتاحية “ليبراسيون 14 آب 2001)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى