أحداث وتقارير اخبارية

أحداث الأحد، 30 أيلول 2012


أسواق حلب التراثية تتحول جمراً وركاماً

لندن، نيويورك، بيروت، دمشق – «الحياة»، أ ب، رويترز، أ ف ب

حولت المعارك الطاحنة بين قوات النظام والمعارضة أسواق حلب التراثية إلى كتل من النار والركام والجمر بعد قصف مُركز من الجيش لمواقع المعارضين فيها. ولم يبق، بعد معارك ليل الجمعة – السبت، أي اثر لتلك الأسواق التي وصفتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «يونيسكو» بأنها «تحفة التحف»، سوى أطلال كان الدخان يتصاعد منها وسط لهيب من ألسنة النيران و «كأن هولاكو مر فيها» كما قال مراسلون شاهدوا فيلماً بثه هواة سوريون على الإنترنت عن الأسواق الأثرية.

وقال شخص يدعى أحمد الحلبي في اتصال من حلب مع وكالة «أسوشيتد برس» إنها «كارثة كبرى» النيران لا تزال مشتعلة وتهدد الأسواق الباقية وضواحيها.

وتمتد الأسواق على طول كيلومترات وتصل إلى قلعة حلب التي تعود إلى أيام الآراميين والسلاجقة وخضعت لصلاح الدين في القرن الثاني عشر.

وتنضم «الأسواق الضحية» إلى عشرات من المواقع الأثرية والمساجد والكنائس والمتاحف التي تضررت في حلب وقبلها في حمص وحماة.

وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان: «لا نعرف من أحرق الأسواق وكل ما تأكدنا منه أن ما يصل إلى 200 محل احترقت بالكامل». لكن ناشطين قالوا إن الحريق ربما بدأ جراء قصف وإطلاق نيران شرس الجمعة وأشاروا إلى أن ما بين 700 وألف متجر دمرت حتى الآن.

وتعتقد «يونسكو» أن خمسة من المواقع الستة الأثرية في سورية، وبينها مدينة تدمر الصحراوية القديمة وقلعة الحصن وأجزاء من دمشق القديمة، تأثرت بالقتال. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن قوات الأسد ومقاتلي المعارضة ينحون باللائمة على بعضهم البعض في اندلاع الحريق.

وشهدت حلب اشتباكات متقطعة صباح أمس في أحياء باب أنطاكية والجلوم وباب جنين ومحيط حيي الشيخ خضر وبستان الباشا وحي الميدان وحي الإذاعة الذي تعرض للقصف»، بحسب المرصد. كما وقعت «اشتباكات عنيفة في حي صلاح الدين اثر الهجوم الذي نفذه مقاتلون من الكتائب الثائرة المقاتلة على نقطة عسكرية للقوات النظامية للحي».

ووقعت اشتباكات فجر أمس في أحياء الصاخور (شرق) وبستان القصر والكلاسة في جنوب غربي المدينة التي شهدت ليل الجمعة – السبت اشتباكات مع محاولة مقاتلي المعارضة التقدم على عدد من المحاور، منها الوسط حيث «دارت اشتباكات عنيفة في الأعظمية والسبع بحرات ودوار الجندول»، بحسب المرصد.

وأفاد ناشطون أيضاً بوقوع اشتباكات شرسة عند باب أنطاكية وهو بوابة حجرية تؤدي إلى مدينة حلب القديمة وتقع على طرق التجارة القديمة. وقال مقاتلون من المعارضة إنهم سيطروا على البوابة إلا أن بعض المعارضين قالوا إن القتال مستمر ولم يسيطر أي من الجانبين على البوابة بعد. وقال ناشط: «لم يحقق أحد مكاسب بحق هنا… الوضع قتال وقتال وناس تهرب في فزع». وأضاف أن الجثث ملقاة في الشوارع والسكان لا يخرجون لنقلها خوفاً من القناصة.

وشهدت أحياء في العاصمة السورية اشتباكات أمس، خصوصاً في جنوبها، تزامناً مع تصعيد القوات النظامية هجماتها على مناطق في ريف دمشق قريبة من شرق العاصمة، فيما شهدت أحياء عدة في حلب اشتباكات بين القوات النظامية والمقاتلين المعارضين أدت إلى احتراق أجزاء من سوق المدينة الذي تدرجه الأمم المتحدة على لائحة التراث العالمي.

وأكد المرصد السوري أن «اشتباكات عنيفة اندلعت بين القوات النظامية ومقاتلي الكتائب الثائرة في حي العسالي» جنوب دمشق. وكان حي التضامن في جنوب العاصمة شهد أيضاً اشتباكات مماثلة صباح أمس «تبعها انتشار للقوات النظامية في الحي وحملة مداهمات».

وقال عبدالرحمن إن استمرار الاشتباكات في الأحياء الجنوبية للعاصمة يدل على أن المقاتلين المعارضين «يحاولون أن يثبتوا للنظام أنهم قادرون على التحرك في دمشق على رغم الحملات الأمنية، وأن النظام غير قادر على إنهاء وجودهم».

وعلى رغم إعلان القوات النظامية في تموز (يوليو) الماضي سيطرتها على مجمل أحياء العاصمة، لا يزال بعضها، خصوصاً في الجنوب، يشهد اشتباكات في جيوب مقاومة للمقاتلين المعارضين. كما شهدت الأطراف الشمالية والشرقية للعاصمة قصفاً ومداهمات نفذتها القوات النظامية، إذ تعرض حي القابون (شمال) «لحملة هدم للمنازل من قبل القوات النظامية»، التي قامت أيضاً بحملة «دهم واعتقالات عشوائية في منطقة بساتين برزة (شمال)»، بحسب المرصد الذي أشار إلى أن حي برزة شهد «حال نزوح بين الأهالي خلال الاقتحام» صباح أمس.

وأشارت «الهيئة العامة للثورة السورية» إلى «اقتحام الحي بالدبابات من قبل قوات الأمن والشبيحة وكسر أقفال أحد المحال التجارية مقابل جامع السلام وسرقتها بالتزامن مع حركة نزوح للأهالي».

ولفت المرصد إلى تعرض «بلدات ومدن حرستا وحوش عرب ورنكوس والغوطة الشرقية للقصف من قبل القوات النظامية» التي شنت أيضاً حملات دهم في هذه المناطق «رافقها تحليق للطيران المروحي وموجة نزوح كبيرة للسكان من المدينة». وأشار عبدالرحمن إلى أن القوات النظامية صعدت من حملتها في هذه المناطق بعدما «عزز مقاتلو الكتائب الثائرة وجودهم فيها».

وكانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ترأست اجتماعاً مصغراً لمجموعة «أصدقاء الشعب السوري» في نيويورك الجمعة بمشاركة الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي وقادة دول أخرى، فيما تقرر أن الاجتماع المقبل لمجموعة «أصدقاء الشعب السوري» سيعقد في المغرب في 1 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.

وبعد الاجتماع شدد رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية حمد بن جاسم على «الإلحاح الكبير على إيجاد حل سريع لهذه القضية، وعدم الاستمرار بالوضع الحزين للشعب السوري»، مضيفاً: «أبلغنا أصدقاءنا بأنه لا بد من عمل ما يجب عمله لإنهاء هذا الوضع». وشارك رئيس «المجلس الوطني السوري» المعارض عبد الباسط سيدا في الاجتماع على رأس وفد من المعارضة السورية.

ومن المقرر أن يلقي وزير الخارجية السوري وليد المعلم كلمة سورية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الاثنين بعدما أجرى لقاءات ثنائية شملت وزراء خارجية روسيا وإيران والجزائر.

وقال وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد آل نهيان إن النظام السوري «فقد شرعيته بسبب ممارسته القتل والتشريد والعنف ضد شعبه»، داعياً المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته الإنسانية والسياسية للتوصل إلى «انتقال منظم للسلطة» في سورية.

ودعا الوزير إيران، في كلمة أمام الجمعية العامة، إلى التعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتبديد المخاوف والشكوك حول برنامجها النووي بما يحقق حلاً سلمياً يبعد التوتر عن المنطقة».

كما طالب المجتمع الدولي بحض إيران على «التجاوب مع الدعوة إلى تسوية عادلة لقضية احتلالها الجزر الإماراتية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى».

وقال علي أكبر ولايتي، مستشار الشؤون الخارجية للزعيم الروحي الإيراني علي خامنئي إن الرئيس بشار الأسد «سيدحر الانتفاضة عليه محققاً نصراً على الولايات المتحدة وحلفائها في خطوة ستكون أيضاً نصراً لإيران».

ونقلت وكالة «أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية» عن ولايتي قوله: «انتصار حكومة سورية على المعارضين في الداخل وأميركا وأنصارهم الغربيين والعرب الآخرين يعد انتصاراً للجمهورية الإسلامية الإيرانية». وأضاف أن الهجمات التي شنتها المعارضة في الآونة الأخيرة لم تضعف الحكومة السورية وقال: «انتصار الحكومة السورية أكيد». وقال: «موقف الحكومة السورية مستقر وبعض التفجيرات والاغتيالات لا يمكنها أن تسقط النظام».وفي دبي بثت محطة «العربية الحدث»، أمس مجموعة جديدة من وثائق سرية مسربة. وكشفت الحلقة الأولى خبايا وأسرار إسقاط الطائرة التركية في 22 حزيران (يونيو) الماضي ومقتل طياريها الاثنين بنيران سورية خلال تواجدها فوق المياه الإقليمية على الحدود البحرية بين البلدين.

وكانت الخارجية السورية قالت إن الطائرة التركية اخترقت المجال الجوي لسورية فتصدت لها المضادات الأرضية، بينما سارعت فرق الإنقاذ التركية للبحث عن جثتي الطيارين.

وكشفت الوثائق أن الأوامر بإسقاط الطائرة صدرت من القاعدة البحرية الروسية في طرطوس، وأن الطيارين لم يقتلا بل تم القبض عليهما حيين.

وعقب ذلك أصدر الرئيس السوري أمراً بوضع الطيارين التركيين تحت تصرف فرع العمليات الخارجية، وفق بروتوكول أسرى الحرب، وذلك للحصول على أية معلومات لديهما حول ماهية دعم الحكومة التركية لـ «الجيش الحر»، بحسب ما أشارت إليه الوثيقة السرية التي تحمل عنوان «تركيا… الطياران الأسيران».

وفي الوثيقة نفسها أيضاً، وافق الرئيس الأسد على درس اقتراح اللواء بسام (الذي لم يتضح اسمه الثاني بالوثيقة) بنقل الطيارين التركيين إلى الأراضي اللبنانية للبقاء في عهدة «حزب الله» للاستفادة منهما في وقت لاحق.

وفي الوثيقة الثالثة، كما ذكرت «العربية»، والتي تحمل في طياتها 3 نقاط مهمة أولها، أنه «وبناءً على نصائح ومعلومات من القيادة الروسية بضرورة إحراج الدولة التركية بعدما ثبت دعمها الجيش الحر، أمر الرئيس الأسد بالتخلص من الطيارين التركيين المحتجزين لدى فرع العمليات بطريقة طبيعية وإعادة جثمانيهما بعد تصفيتهما إلى مكان سقوط الطائرة في المياه الدولية».

وكانت النقطة الثانية مطالبة الحكومة السورية بالإسراع إلى تقديم اعتذار رسمي للحكومة التركية عن إسقاط الطائرة لإحراج الحكومة التركية وكسب تأييد الرأي العام الدولي.

وفي النقطة الثالثة، وبموازاة هذا الاعتذار، أمر الرئيس الأسد بتحريك حزب العمال الكردستاني على الحدود التركية للقيام بأعمال عسكرية ضد الجيش التركي كرسالة تحذيرية (كما يظهر بالوثيقة) للحكومة التركية بمدى خطورة الوضع في حال استمر دعمها للجيش الحر.

زيباري لـ«الحياة»: أقترح على السوريين معارضةً ونظاماً عقْدَ مؤتمر في دولة محايدة للبدء بعملية الانتقال السياسي

نيويورك – راغدة درغام

دعا وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري الأطراف السورية (الحكومة والمعارضة) الى عقد مؤتمر في دولة محايدة للبدء بعملية الانتقال السياسي ضمن أطر زمنية محددة.

وأوضح زيباري في حوار مع «الحياة» في نيويورك، بعد تمثيله بغداد في اجتماع «أصدقاء الشعب السوري»، أنه اقترح عقد مؤتمر «جنيف 2» للبحث في آليات تطبيق «البيان» الذي اتُّفق عليه في اجتماع «مجموعة العمل من أجل سورية» في 30 حزيران (يونيو) الماضي. وطالب الممثلَ الخاص الأخضر الإبراهيمي بالإسراع في طرح خطة عمل، بعد أن «حان الوقت ليبدأ بعض الخطوات، إذ لا يكفيه الاستماع والناس تذبح يومياً».

وأكد أن العراق طلب من إيران «وقف استخدام أجوائه لشحن أسلحة الى سورية»، وأكد أن بعض الطائرات الإيرانية ستبدأ بالهبوط في المطارات العراقية للتفتيش». وهنا نص الحوار:

 تردد أن الولايات المتحدة أبلغتكم بوضوح أنها غير راضية عن سماحكم لإيران بتزويد النظام السوري بكل ما يريده من أسلحة وعتاد وطائرات، وأنكم لا توقفونها. هل هذا ما يحدث؟ هل تحدثت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون معكم في الموضوع؟

– الجانب الأميركي أثار هذا الموضوع هنا في نيويورك وعبر الوفود التي جاءت إلى بغداد أخيراً، بناء على معلومات استخبارية، وهو يشكّ في أنها تحمل مواد وأسلحة وذخائر، وأكد أن هذا خرق لقرار مجلس الأمن تحت الفصل السابع، وطالب الحكومة العراقية بوقف هذه الرحلات. وأبلغْنا الجانب الإيراني بضرورة وقف الرحلات، ووقف تسليح النظام أو أي جهة في النزاع وتمويلهما، وأكدنا أن العراق لا يقبل أن يكون معبراً أو ممراً لهذا، وأن تُستخدم أراضيه أو مياهه أو أجواؤه للتسليح والتمويل. لسنا مع عسكرة النزاع، لا مع تسليح النظام ولا مع تسليح المعارضة. وأوضحنا للجانب الأميركي أن قدرات العراق الدفاعية الجوية محدودة، ونحن في مرحلة بناء هذه القدرات. اشترينا طائرات F16 وأنظمة للدفاع الجوي لمنع انتهاك أجوائنا، وأكدنا للسيدة كلينتون وللمسؤولين الأميركيين أن الحكومة عازمة على إنزال الطائرات وإجراء كشف عشوائي.

 تقصد الطائرات الإيرانية؟

– نعم، طُلب منها الهبوط لإجراء عمليات كشف والتحقق من حمولتها، لكن قلنا للجانب الأميركي والأطراف الأخرى إنه إذا كان هناك قرار ملزم من مجلس الأمن، وطالما أن قدرات العراق غير موجودة أو غير مكتملة لحد الآن، فإن الدول التي لديها القابلية والقادرة هي من يقوم بالردع أو المنع.

 ماذا كان الرد الأميركي؟ هل هناك إجراءات يمكن الأميركيين أن يتخذوها في مجلس الأمن؟

– لم يعطونا أجوبة، طلبنا منهم أدلة ومعلومات استخبارية دقيقة عن حمولة طائرات النقل هذه (الإيرانية)، وإلى الآن لم يُشرِكونا في هذه المعلومات، وقالوا إنهم يتابعونها من خلال راداراتهم والأقمار الاصطناعية. هي شبهة، ولا تنسي أن العلاقات الإيرانية-السورية متشعبة، وتشمل مناحي الحياة الاقتصادية والزراعية والتقنية والتسليحية والدفاعية، لذلك من الصعب التصور أن كل هذا هو نقل للسلاح وللأموال.

 هل تشك في تلك الشبهة، حتى بعد أن قال الإيرانيون إن لديهم حرساً ثورياً في سورية؟

– إيران لديها موقف علني وثابت من أعلى المستويات حول سياستها ودعمها حكومة الرئيس بشار الأسد.

 ولكن كيف تتحققون من حمولة الطائرات؟

– قبل أيام كانت هناك طائرة كورية شمالية تريد عبور الأجواء، وتولدت لدينا شبهة قوية بمسارها وتوجهاتها وبروتوكولها، لذلك لم نعطها الإذن بالمرور.

 هل أنتم قادرون على ذلك مع إيران؟

– في آذار (مارس) بدأت هذه الرحلات الجوية، وطلبنا من الإيرانيين وقفها، وبعد أيام توقفت فعلاً، واستؤنفت في أواخر تموز (يوليو). قالوا إن هذه الرحلات ليست فيها أسلحة ولا عتاد، وأنها تنقل حُجّاجاً أو زوّاراً أو مسائل أخرى، لكن للتحقق من حمولتها، سنطلب هبوط هذه الطائرات.

 قريباً؟ يعني أنتم وافقتم واتفقتم مع الأميركيين على ذلك؟

– أبلغناهم، والأميركيون لم يعطونا أي معلومات دقيقة أو تفصيلية.

 أنتم متهمون بأنكم تدعمون النظام في دمشق وتقفون ضد المعارضة. هل هناك رأيان في العراق؟ تحدثْتَ مرةً بلغة صارمة جداً ضد النظام، ولكن توقفتَ عن ذلك، وقيل يومها إنك عبّرت عن رأيك الشخصي وليس رأي الحكومة.

– هذا الاتهام ليس مقبولاً بالنسبة إلينا، لا تنسي أن العراق حاول عام 2009 وبذل جهوداً كبيرة لتحميل النظام السوري مسؤولية دعم الأعمال الإرهابية والتفجيرات التي حصلت في بغداد. لم يدعمنا أي طرف، كل ما قامت به الأمم المتحدة أنها أرسلت أوسكار فرنانديز مرة إلى بغداد، وبعدها لم يعُد، ولم ير أحد تقريرَه. موقف العراق متزن وينبع من مصالحه، وليس مسألة شخصية لهذا المسؤول أو ذاك. إعلان بغداد الذي اتفقنا عليه يدعم المطالب المشروعة للشعب السوري في الحرية والديموقراطية وبناء مستقبله وتقرير مصيره بنفسه من دون تدخل خارجي.

 ماذا تعني بذلك؟ أنتم وصلتم إلى الحكم بمساعدة تدخل خارجي، أميركي بالذات؟

– صحيح، لكن الظروف اختلفت حالياً، ليس هناك تدخل خارجي. لا لفرض نظام على الشعب السوري، هو الذي يختار ويقرر مصيره بنفسه.

 للتوضيح، أطحتم نظام الرئيس الراحل صدام حسين بفضل تدخل عسكري أميركي. كيف لكم أن تقفوا ضد التدخل في سورية؟

– هذا شيء يتعلق بالمعارضة السورية، لسنا أوصياء عليها، لكن ليس لأي جهة أن تتدخل في أي نظام يختاره السوريون. كان همُّ المعارضة العراقية بعدما فشلنا في إطاحة صدام حسين في انتفاضة 1991، كسْبَ أكبر دعم دولي لإسقاط النظام. نحن الذين حاولنا جلب هذا الدعم لإسقاطه. حالياً (المعارضة في) الدول، من ليبيا إلى سورية إلى دول أخرى، تطالب بتدخل دولي، لكن هذا التدخل غير متوافر.

 هناك قرار عربي بمرحلة انتقالية. الموقف العربي يدعو إلى ضرورة تنحي النظام.

– لا. نحن نختلف مع هذا.

 لماذا؟

– هذا لا بد أن يكون جزءاً من عملية الانتقال السياسي، ولا يحصل بالتمني بل بالواقع. هذا لا بد أن يكون في إطار العملية السياسية، بمعنى أن السوريين هم الذين يقررونه.

 هذا معناه أنه كان على صدام حسين أن يبقى كجزء من العملية السياسية؟

– دعيني أساعدك في توضيح هذه المسائل. حتى عندما كان صدام حسين موجوداً وفي أقوى مواقعه وفي أقصى درجات عنجهيته ووحشيته، كانت أطراف من المعارضة تتفاوض معه. عندما كان صدام حسين في أوج قوته، نحن في المعارضة طلبنا إجراء انتخابات بإشراف دولي.

 هل تعتقد أن موقف المعارضة السورية خطأ؟

– الإطلاقية في المواقف، إما كل شيء أو لا شيء، غير مقبولة. إذا كنت تريدين عملية سياسية، انتقالاً سياسياً، تفاوضاً، لا بد من وجود طرف آخر، مع من تتحاورين؟

 إذن أنتم على خلاف مع الموقف العربي.

– لا، تحفظنا أكثر من مرة على الموقف العربي.

 يقال إنكم تتصرفون بازدواجية في هذه المسألة، وإن ما حصلتم عليه لا تريدونه للسوريين، لأنكم ترون أن المصلحة العراقية مع إيران.

– إطلاقاً، نحن مع مصلحة العراق.

 وهل مصلحة العراق مع إيران؟

– نحن مع مصلحة العراق ولسنا مع مصلحة إيران أو سورية أو أميركا أو روسيا، وننطلق من هنا. ليس هناك أي ازدواجية في موقفنا، نحن دائما نُثمِّن جهود الدول التي ساعدت في تحرير العراق من الديكتاتورية، ولكننا كنا واقعيين من أول يوم، ونبهنا كل إخواننا وزملائنا العرب الذين كانوا يحاولون إيجاد تغطية عربية من خلال هذه القرارات للتشجيع على تدخل دولي. نبهناهم إلى أن الظروف الدولية تغيرت، وأن هذا التدخل الدولي لن يحصل. عندما كان العراق رئيسَ دورة الجامعة العربية، طالبنا في المجلس الوزاري (العربي) بهذا الشيء. ليس لدينا ازدواجية. ليس هناك قرار من قرارات جامعة الدول العربية طالب بالتدخل الأجنبي في العراق.

 كيف تمكن مساعدة سورية على الخروج من هذا الوضع؟ وكيف ترون دوركم في هذه المسألة؟ هل في حماية النظام؟

– أبداً، نحن لسنا حماة لأي نظام من الأنظمة، ولسنا مع هذا الطرف ولا ذاك. نحن مع ما يريده الشعب السوري.

 هذه كلمة عامة، الشعب السوري منقسم، وهذه مظلة تقفون تحتها.

– نحن (المعارضة العراقية) كنا منقسمين، لكن توحدنا على أهداف ومبادئ ورؤية، وحالياً المعارضة العراقية هي الحاكمة.

 ما رأيكم في ما يقوم به النظام في دمشق؟

– العراق ساهم في كل الاجتماعات والمؤتمرات التي تتعلق بالوضع في سورية، وصوَّتَ وأيَّد كل القرارات التي دانت انتهاكات حقوق الإنسان، ووقف مع حقوق الشعب السوري في الجمعية العامة ومجلس حقوق الإنسان. العراق موجود اليوم في اجتماع أصدقاء سورية وطرح رؤيته. كثير من الدول حالياً أصبحت أقرب إلى رؤيتنا من الشعارات ومن التمني والرغبات والتفكير الرغبوي.

 ما هي رؤية العراق؟

– أولاً، المفروض أن يكون هناك وقف لإطلاق النار، من دونه صعب جداً البدء في أي عملية. على مبعوث الأمم المتحدة الجديد الأخضر الإبراهيمي أن يدعو إلى مؤتمر للقوى الحقيقية الممثِّلة للشعب السوري، وبمشاركة ممثلي النظام في بلد محايد، ثم تبدأ عملية الانتقال السياسي بوضع سقوف زمنية لما يجب أن تكون عليه الأمور.

 أي بلد محايد؟

– جنيف، السويد، النروج. المهم خارج المنطقة، لأن فيها استقطاباً. والنقطة الأخرى هي أن مرجعية جنيف يجب أن تكون المرجعية التي تحكم هذا الموضوع.

 مرجعية جنيف مُختلَف عليها جذرياً؟

– أبداً، أنا كنت عضواً في (اجتماع) جنيف، والخطوط الإرشادية اتُّفق عليها بالإجماع، خصوصاً من أعضاء مجلس الأمن الخمسة الدائمي العضوية، وهم أصحاب الشأن.

 علامَ تم الاتفاق؟

– على عملية الانتقال السياسي وطرق معالجة الأزمة وتحقيق التحالف أو التوافق الدولي بعد إعلان روسيا والصين فيتوين.

 وبعد ذلك أُعلنت الفيتو الثالثة بعدما اختلف الروس مع الآخرين على تفسير جنيف.

– أنا أعرف التفاصيل ربما أكثر من أي أحد آخر، لأنني كنت موجوداً وحاضراً. ما حدث هو أن بعض الأطراف لم يلتزم ما اتُّفق عليه في جنيف.

 من تعني؟

– لا أريد أن أسمي. ما اقترحناه على الوزير (الخارجية الروسي سيرغي) لافروف اليوم، أنه ربما هناك ضرورة لعقد «جنيف 2» لأجل تفعيل آليات ما اتُفق عليه وتنفيذه، وليس لفتح النقاش مرة أخرى أو لإصدار وثيقة ختامية، بل للبحث في آليات تنفيذ وثيقة جنيف، ليكون دعماً للمؤتمر الذي سوف يدعو إليه الأخضر الإبراهيمي.

 هل فكرتكم قائمة على عملية سياسية انتقالية بمشاركة الأسد، أم عبر تسليم الأسد مهامه -كما جاء في الاقتراح العربي- إلى نائبه مثلاً؟

– أن يُمثَّل الأسد بممثلين عن الحكومة السورية أو يفوِّض صلاحياته إلى وزير أو مسؤول إو إلى نائبه… نحن ملتزمون كل هذه القرارات ومتمسكون بها، لكن لا بد أن يكون لهم (النظام السوري) حضور أيضاً، لأن هناك نزاعاً وخلافاً، وهناك طرفان.

 خطة كوفي أنان انطلقت من وقف النار وسحب الآليات العسكرية من الأماكن المكتظة، وهذا لم يحدث. تلك كانت النقطة الأولى من النقاط الست، أين الجديد؟

– نحن لم نخترع البارود، ولكن لم نذهب إلى المريخ كالآخرين. ما حصل في جنيف أو مع كوفي أنان، أنه كان هناك جانب أمني، عناصر بناء الثقة، النقاط الست التي طرحها، لكن لم يواكَب هذا بجهد سياسي وعملية سياسية، لذلك فشلت المهمة، وقد قالها الرجل بأمانة، قال أنا فشلت.

 ماذا قال لافروف عندما عرضت عليه هذه الفكرة؟

– لم يعارضها وتقبَّلَها، والدعوة هي إلى جنيف ثان في سبيل وضع آليات تنفيذ ما اتفق عليه.

 وماذا قال عن فكرة وقف النار والحوار؟ هل هذا أيضاً هو الموقف الروسي؟

– هناك الموقف الأميركي، والموقف العربي أيضاً، اقرئي القرارات العربية.

 لماذا لم تطرح ذلك على كلينتون؟

– أيضاً أتصور أن هناك استجابة لديها.

 أثناء هذه الدورة (في الأمم المتحدة) هل طرحتم هذه المبادرة؟

– نعم، طرحناها على عدد من الأطراف الأساسية، وهناك تقبل لهذا التوجه، واليوم (الجمعة) أطراف من المعارضة السورية كانوا موجودين أيضاً ورحبوا بمهمة الإبراهيمي.

 قلت إن مهمة الإبراهيمي الآن مختلفة. هل هي مختلفة عن تصوره لمهمته؟

– لا، هو رجل يقول إن مهمته شبه مستحيلة وصعبة ويريد أن يستمع، ولكن حان الوقت لأن يبدأ ببعض الخطوات، لا يكفيه الاستماع والناس تذبح وتقتل يومياًَ وتترك ديارها وتسعى إلى اللجوء والنزوح. هذا لم يعد مقبولاً، وعلى الإبراهيمي الإسراع في التحرك في اتجاه طرح خطة.

 وهل بحثتم رؤيتكم معه؟

– نعم، وكان متفهماً جداً وطلب دعم العراق مهمتَه. الإشكالية التي يقع فيها الكثيرون، أن هناك تفكيراً مقولباً عن الموقف العراقي بأنه يقبل أي شيء تفعله إيران، وهذا غير صحيح. أنا كوزير خارجية أنفي ذلك، صحيح أن للعراق، اتصالات مع الحكومة (السورية)، وسفارتنا قائمة وموجودة، ولكن لدينا اتصالات في الوقت نفسه مع المعارضة، التي بعثت بوفود إلى بغداد. نحن نجتمع بهم ونلتقي معهم ونريد أن يكون موقفنا متوازناً ليكون لنا تأثير. إذا أصبحنا طرفاً في النزاع نفقد هذا التأثير.

 لكن أنتم جزء من الجسم العربي، لماذا تنفصلون عنه؟ انفصالكم عن الجسم العربي في هذا الأمر يعطي إيران الزخم.

– أبداً، نحن شاركنا وساهمنا وأيدنا كل القرارات التي اتخذها العرب، وسواء بتحفظنا أو امتناعنا تواصلنا معهم، لكن عندنا رأي في هذا الموضوع. عندما تقول الدول العربية وبعض الإخوة الوزراء العرب إن النظام سوف يسقط بعد أسبوعين أو شهر نقول لهم لا، أنت مخطئ، لن يسقط.

 متى سيسقط النظام؟

– لا نعرف، ليس لدينا الكرة السحرية.

 كيف تقرأون دينامية الصراع؟

– ما زالت لدى النظام القدرة على الاستمرار، لكنه يشكو صعوبات حقيقية، وأهمها في الجانب الاقتصادي والاحتياط النقدي، لا الأمني.

 ألا تساعده إيران؟

– لا أعلم، فوفق معلوماتنا أن الاحتياط وصل إلى مستويات متدنية، 5 إلى 6 بليون دولار، ولا يزال يُستنزَف، هو انخفض من 18 أو 20 بليوناً. كثير من المحللين أو المراقبين يعتقدون أن بإمكانه الاستمرار فترة أخرى، ثلاثة أشهر أو أربعة ربما من دون مشاكل، لكنه فقد السيطرة على كثير من المناطق، والعنف والقتال يجري حالياً لأن العملية أصبحت الآن في قلب دمشق، المربع الأمني، في داخل دمشق، ولدينا معلومات ومعرفة بحكم علاقتنا وعملنا مع الوضع السوري في كل هذه السنوات، لدينا خبرة ومعرفة بالوضع السوري الداخلي وبالمعارضة وبتفكير النظام وتحركاته، وأيضاً بالسياسة الدولية وبالمواقف الدولية.

 إذن ماذا تتوقعون؟

– لم نتوقع أي فترة زمنية، هذه عملية تعتمد على موازين القوى على الأرض، على قدرة النظام على الاستمرار.

 هل رفعت تركيا سقف التوقعات؟

– نعم، رفعتها في بداية الأزمة وبعدها، ولكن لم يؤد ذلك إلى أي نتيجة، والموقف التركي كان مربوطاً بقرارات مجلس الأمن أو بالأطلسي، وقد نبهنا في وقتها إلى أن تركيا لن تتصرف لوحدها، وهذا ما حصل.

 تقصد أن تركيا بدأت في رفع السقف، ثم التردد؟

– يجب أن تسألي الجانب التركي.

 ننتقل الآن إلى المناطق الآمنة، الممرات الإنسانية، حظر الطيران، كل ذلك برز على أساس أن تركيا ستقوم بالمهمة بموافقة الأطلسي ضمناً؟

– لم يحدث أي شيء من ذلك.

 لماذا؟

– يجب أن تسألي الجانب التركي. تركيا لا تستطيع أن تتحرك وحدها.

 تقصد من دون الولايات المتحدة؟

– الولايات المتحدة والأطلسي أيضاً.

 تقصد أن كل شيء توقف فعلاً بسبب القرار الأميركي؟

– ليس شرطاً. في ليبيا كنت أيضاً طرفاً في المحادثات والمؤتمرات، والذين أخذوا القرار في ليبيا ليس الولايات المتحدة بل القادة الأوروبيون، ساركوزي وكاميرون.

«الحرائر» يلتحقن بالمعارضة المسلحة رغم معارضة عائلاتهن

حلب (سورية) – ا ف ب

في مستشفى ميداني في حلب لا ينفك الجرحى يتوافدون، رجال، نساء، وحتى أطفال، الجميع مضرج بالدماء بينما ينهمك الأطباء والمقاتلون المعارضون في إيجاد سرير لهذا ونقل ذاك بعدما لفظ أنفاسه الأخيرة. وفي وسط كل هذه المعمعة تقف لين تصور بكاميرا ما يجري، والابتسامة لا تفارق وجهها.

وهذه الناشطة البالغة من العمر 29 عاماً تصور كل شيء، تتنقل بين الحمالات بمنتهى الرشاقة والكاميرا لا تفارق يدها. في القاعة-المستشفى يجلس المقاتلون المعارضون في الزوايا الأربع يراقبون كل ما يجري على وقع نحيب قريبات الجرحى والقتلى في حين تتبعثر أكياس الدم في كل مكان وحتى على الأرض.

وتتحدر لين من مدينة حلب، العاصمة الاقتصادية للبلاد وكبرى مدن شمالها والتي تشهد منذ أكثر من شهرين معارك طاحنة بين قوات الرئيس بشار الأسد ومقاتلين معارضين، وقد قررت هذه الشابة الانضمام إلى «الثورة» التي بدأت انتفاضة سلمية قبل 18 شهراً وتحولت نزاعاً مسلحاً.

ولين واحدة من «الحرائر»، وهي التسمية التي يطلقها المعارضون على الشابات والنساء اللواتي التحقن بالانتفاضة وأصبحن ناشطات في صفوف «الثورة السورية».

في البداية اقتصر نشاط لين على المشاركة في التظاهرات المطالبة بإسقاط نظام الأسد، رغماً عن إرادة والديها. وفي هذا تقول: «لا يخيفهما إلا شيء واحد، ما يفعلونه بالفتيات»، في إشارة الى جرائم الاغتصاب التي تقول المعارضة إن قوات الاسد وميليشيات الشبيحة الموالية لها ترتكبها بحق المعارضات او نساء المعارضين وبناتهم.

ومع الوقت انخرطت لين أكثر في «جهود الثورة»، فراحت تخيط مع زميلات لها أعلام المعارضة، التي اتخذت علم سورية ما بعد الاستقلال رمزاً لها، وكانت تساعد أيضاً في كتابة الشعارات على اللافتات التي يرفعها المتظاهرون في مسيراتهم وتجمعاتهم المستمرة يومياً رغم القصف والمعارك.

وحين وصلت المعارك الى حلب انتقلت لين إلى مساعدة الممرضات بعدما خضعت لدورة تدريبية سريعة في الإسعافات الأولية. وتقول: «هناك الكثير من الناشطات ولا سيما في حلب. في بعض الأيام يكون في المستشفى نساء أكثر من الرجال». ولوحظ خلال جولة على عدد من المستشفيات الميدانية في حلب وجود العديد من المتطوعات اللواتي يساعدن الأطباء.

وتضيف أنها وعلى غرار الكثيرات من رفيقاتها اختارت القلم سلاحاً لها، فهي تدون على مفكرة صغيرة أرقاماً وأسماء وتواريخ وتوثق بواسطة الكاميرا التي لا تفارقها أبداً صور الضحايا. وتوضح وقد ارتدت معطفاً طويلاً أسود وغطت رأسها بحجاب من اللون ذاته: «أحصي القتلى. أنا مكلفة بإعداد قائمة بأسماء القتلى والجرحى وبحفظ صور لهم».

وبفضل لين وأمثالها من الناشطين والناشطات، يمكن يومياً منظمات حقوقية وأهلية، مثل «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، إحصاء القتلى والجرحى الذين يسقطون في النزاع وإبلاغها إلى وسائل الإعلام الدولية، في حين لا تسمح السلطات السورية لمراسليها بحرية التنقل لتغطية النزاع.

وهؤلاء الناشطات يأتين من القرى المحيطة بحلب رغماً عن إرادة أهلهن في غالب الأحيان نظراً إلى أن المجتمعات في هذه القرى محافظة جداً. وهؤلاء الفتيات ينمن ويصحين ويعملن في المستشفيات ويتنقلن تحت القصف من مستشفى إلى آخر. واليوم تتلقى لين مساعدة من ناشطة انضمت لتوها إلى صفوف «الحرائر» وتطلق على نفسها اسم «أم سهير».

وخلف الحجاب الأسود الذي يغطي رأس هذه الشابة السورية وبعضاً من ذقنها، ترتسم على محياها ابتسامة كلما ذكرت كلمة «الثورة». وتقول أم سهير بنبرة ملؤها الثقة بالنفس: «سنفعل كل ما في وسعنا فعله من أجل الثورة. إذا اضطرنا الأمر سنحمل السلاح ونذهب إلى الجبهة من أجل وطننا».

الجيش الحر يقاتل على 4 جبهات بحلب.. ويطلق «معركة فك الحصار» عن أحياء حمص

مصدر قيادي لـ «الشرق الأوسط»: معركة حمص تهدف لفتح قناة في حي باب هود لإغاثة السكان

لندن: «الشرق الأوسط» بيروت: نذير رضا

بينما واصلت كتائب الجيش السوري الحر القتال على أربع جبهات مفتوحة في مدينة حلب، التي أعلنت القيادة عن معركة الحسم فيها قبل يومين، كانت مدينة حمص تشهد «أول حراك جدي لفك الحصار عنها»، بحسب مصدر قيادي معارض، حيث اشتبك الثوار مع الجيش النظامي في منطقة باب هود، في معركة «تهدف إلى فتح ثغرة للحي بغية إدخال الغذاء والدواء إلى المحاصرين في الداخل».

ووصف مصدر قيادي في الجيش السوري الحر الوضع في حلب بـ«الجيد»، مشيرا في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن كتائب الجيش الحر في المدينة «تخوض القتال على أربع جبهات، هي جبهات حي السبيل ومنطقة البريد وحي الإذاعة، فضلا عن معركة الأحياء المتاخمة لحي صلاح الدين».

وبرز تطور كبير على صعيد معركة حلب، بحسب المصدر العسكري، الذي تحدث عن انشقاق كبير في قاعدة الراموسة العسكرية في المدينة، التي تضم ضباطا واختصاصيين في سلاح المدفعية، موضحا أن 300 عسكري من القاعدة أعلنوا انشقاقهم وانضموا للثوار.

وتشهد مدينة حلب قتالا عنيفا بين المقاتلين النظاميين والمعارضين منذ يوم الخميس الماضي، وتطور الوضع أمس بشكل غير مسبوق. وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى اشتباكات عنيفة بين الجيش السوري ومقاتلي المعارضة اندلعت صباح أمس في حي صلاح الدين في حلب، بعدما هاجم الجيش الحر ثكنة عسكرية فيه. أما لجان التنسيق المحلية، فأفادت بقصف الطيران الحربي أحياء الإذاعة وكرم الجبل والشعار والكلاسة.

من جهته، أعلن الجيش الحر سيطرته على حي الشيخ مقصود، فيما شهد حي النيرب قصفا بالصواريخ والهاون من قبل قوات النظام، كما تعرض حي الباب لقصف بالرشاشات الثقيلة من الجو. هذا، وأشار ناشطون إلى «تعرض حي كرم الجبل إلى قصف منذ ساعات الفجر الأولى، وتدمير عدة منازل في شارع البرغل». وأتى ذلك، بعدما أعلن الجيش الحر أول من أمس سيطرته كليا أو جزئيا على أحياء جديدة بالمدينة، بينها باب أنطاكية والعامرية عقب مواجهات وصفت بغير المسبوقة.

وتداول سوريون في حلب صورا فوتوغرافية تظهر حجم الدمار الهائل الذي لحق بمبان تاريخية أثرية، ويوم أمس توج هذا الدمار بإحراق أسواق حلب الشهيرة، وقالت مصادر محلية في حلب إن الأهالي كافحوا للتغلب على حريق كبير نشب بأسواق المدينة القديمة جراء الاشتباكات العنيفة التي شهدتها بين مقاتلي الجيش الحر وقوات النظام. وأكد ناشط حلبي أن النيران أتت على القسم الأكبر من المحلات القديمة. التي عادة تبيع الصابون والزيوت والأقمشة.. إلخ من منتجات الصناعات التقليدية التي تشتهر بها حلب، والتي هي مواد سريعة الاشتعال. وأضاف الناشط أن «السكان وجدوا صعوبة بالوصول إلى مكان الحريق لإنقاذ السوق بسبب نشر النظام للقناصة» وأظهرت مقاطع فيديو سحب الدخان الأسود تغطي سماء المدينة، وقال نشطاء إن الحريق شب في السوق جراء قصف وإطلاق النار الكثيف أثناء الاشتباكات، ويقدر عدد المحلات المتضررة بأكثر من ألف محل في السوق العتيقة. وهذه السوق التاريخية الثانية في البلاد التي تتعرض للقصف والتدمير بعد أسواق حمص القديمة والتي يتجاوز عمرها الخمسة قرون. كما أن مدينة حلب تتنافس مع العاصمة دمشق على لقب أقدم مدينة مأهولة في العالم، وقد أدرجتها اليونيسكو ضمن المواقع الأثرية في العالم والمعرضة للخطر الآن جراء القتال. وبحسب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) أن خمسة من المواقع الستة الأثرية في سوريا وبينها مدينة «تدمر» الصحراوية القديمة وقلعة الحصن وأجزاء من دمشق القديمة تأثرت بالقتال.

وبينما يتهم النظام «المجموعات الإرهابية» بإشعال الحرائق في حلب قال ناشطون إن اشتباكات شرسة جرت عند باب أنطاكية الواقع على طرق التجارة التاريخية والمؤدي إلى مدينة حلب القديمة. وأكدوا سيطرة مقاتلي الجيش الحر على البوابة إلا أن نشطاء آخرين أكدوا أن الاشتباكات لم تحسم بعد.

وفي ريف حلب قال شهود عيان إن طائرة قصفت بصاروخين منزلا تجمع فيه عدد من النازحين الفارين من المعارك في مدينة إعزاز. وترافقت غارات الطيران الحربي، مع قصف الجيش النظامي لبلدة الإبزمو وعدة قرى بريف حلب. وسقط قتلى وجرحى في قصف جوي ومدفعي على حلب وريفها. مع العلم أن الجيش الحر أعلن قبل يومين بدء معركة الحسم بالمدينة.

وفي حصيلة أولية لعدد قتلى يوم أمس (السبت) قالت الهيئة العامة للثورة السورية إن 51 شخصا على الأقل قتلوا في أنحاء سوريا وسط استمرار الغارات الجوية على دير الزور ودرعا وإدلب وريف حلب.

وفي ريف حلب أفاد المرصد عن «اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومقاتلي الكتائب الثائرة في بلدة خان العسل ومحيط مطار كويرس العسكري، أدى إلى إعطاب عربة للقوات النظامية في محيط المطار».

من جهتها، أعلنت لجان التنسيق المحلية عن وقوع عشرات الجرحى أمس جراء قصف قوات النظام بعشرات قذائف الهاون من المطار العسكري على الأحياء. كذلك، ذكرت أن عشرات الجرحى سقطوا «جراء قصف قوات النظام على فرن الذرة في حي الصاخور». كما أفادت لجان التنسيق بتعرض حي كرم الجبل لقصف عنيف، أسفر عن سقوط ثلاثة قتلى وعدد من الجرحى نتيجة تهدم بناء من 4 طوابق فوق ساكنيه. وذكرت أن قصفا برشاشات الطيران المروحي تعرض له حي الميدان من الطائرات التي تحلق في سماء حيي الميدان وسليمان الحلبي.

ومن الميدان، أكد مصدر قيادي في الجيش الحر لـ«الشرق الأوسط» أن المقاتلين المعارضين «حققوا انتصارات كبيرة، منها تحرير مناطق شاملة في حلب». وأشار إلى أن «مقاتلي النظام هم بحكم المجبرين على الصمود والقتال، لذلك يعلنون انشقاقهم عن النظام فور وصول قوات الجيش الحر إلى مراكزهم».

وإذ لفت المصدر إلى أن «الأجهزة الأمنية المشاركة في عمليات حلب، هي وحدات من الحرس الجمهوري بمؤازرة من فرع الأمن السياسي»، أشار إلى «زيادة عدد الإعدامات الميدانية بحق المسلحين والشباب والمدنيين بشكل غير مسبوق، منهم 25 شخصا أعدموا في منطقة الراشدية أول من أمس». وأضاف: «يبدو من هذه التصرفات أن الجيش النظامي في حلب، بات بلا مرجعية، ويبدو أن الضباط باتوا معزولين عن إشراف القيادة، أما العناصر فقد منحوا الحرية الكاملة مما يدفعهم إلى تنفيذ الإعدامات الميدانية».

وأشار المصدر نفسه إلى «تفجير 3 مستشفيات في حلب، اثنان منها مستشفيات ميدانية، بالإضافة إلى مستشفى خاص، وذلك عبر قصفها بالبراميل المتفجرة».

من جهة ثانية، دخلت مدينة حمص في تطور استثنائي أمس، حين أعلن الثوار فيها إطلاق «عملية فك الحصار» عنها، بعد أربعة أشهر من حصار حي باب هود وحي باب عمرو.

وأشار مصدر عسكري بارز في الجيش الحر لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «المرحلة الماضية، شهدت حشدا كبيرا لطاقات الجيش الحر إلى المنطقتين المحاصرتين، إثر فشل المجتمع الدولي في فك الحصار عن المدينة منذ 4 أشهر». وأضاف: «إزاء ما حدث، وبعدما بتنا على قناعة بأن الجيش النظامي ينوي إبادة السكان جوعا، وجدنا أنفسنا مضطرين لفتح قناة صغيرة في جدار حي باب هود، بغية إيصال المواد الإغاثية إلى السكان المحاصرين في الداخل».

وإذ أكد المصدر أن «الهدف الأساسي من المعركة هو إدخال الطعام والغذاء إلى السكان»، أشار إلى وجود «ما يزيد على 60 سيدة مع أطفالهن داخل حي باب هود محاصرات، ويفتقدن إلى الطعام والدواء وحليب الأطفال»، متهما النظام بأنه «ينوي ارتكاب إبادة جماعية في حمص، عبر القتل جوعا». وقال المصدر الذي وصف العملية التي تم إطلاقها أمس لفك الحصار عن الحي بـ«المحفوفة بالمخاطر»، أن «قوام الحشود العسكرية النظامية التي تحاصر حي باب عمرو، تكفي لاجتياح مدينة». وأوضح أن مخاطر العملية «تنبع من كون آمر عملية باب هود في الجيش النظامي أنذر الأهالي في اجتماع مع ممثلين عنهم بأنه إذا تم إطلاق طلقة أو قذيفة من بناية، فإنه لن يكون هناك من داع لوجودها»، مشيرا إلى أن تلك الإنذارات الجدية «جعلت عملية فك الحصار عن الحيين حذرة إلى حد كبير».

إلى ذلك، لم يتسن لـ«الشرق الأوسط» التثبت من صحة الخبر الذي جاء حول أن «الطيارين التركيين سقطا حيين، والأسد أمر بقتلهما»، وشكك الناطق بلسان الخارجية التركية، سلجوق أونال، في دقة التقارير التي صدرت حول الموضوع، معتبرا أنها «تحتاج إلى تدقيق أكبر للتأكد من صحتها»، متسائلا في اتصال مع «الشرق الأوسط» عن قدرة الجيش السوري على تحديد مكان الحطام لرمي الجثتين قربه، خصوصا أن الغواصة الأميركية «نوتيلوس» التي وجدت الجثتين عثرت عليهما قرب الحطام.

حرب شوارع في دمشق وقوات النظام تقصف حي السيدة زينب بالهاون

الجيش الحر يتحدث عن استخدام النظام براميل متفجرة تحتوي مواد كيماوية في قصف دمشق

بيروت: يوسف دياب

يوم دام جديد، عاشته سوريا، حصد عشرات الضحايا في كل المحافظات، خصوصا في العاصمة دمشق وريفها التي سددت أمس فاتورة مرتفعة من الأرواح، خصوصا مع تنفيذ عملية إعدام ميداني لثمانية أشخاص من عائلة واحدة قتلوا ذبحا وأمام أعين الناس في قدسيا في ريف دمشق.

وأكد الناشط في دمشق فارس درويش أن «الجيش الحر والثوار خاضوا معارك ضارية من الجيش النظامي وقوات الأمن والشبيحة في حي التضامن في العاصمة»، مشيرا إلى أن «الاشتباكات امتدت إلى جنوب غربي العاصمة وكانت المواجهات أشبه بحرب شوارع»، لافتا إلى أن منطقة السيدة زينب في ريف دمشق قصفت بمدافع الهاون، كما سمعت أصوات خمسة انفجارات قوية جدا هزت مخيم خان الشيخ في ريف دمشق، مصدرها الجهة الجنوبية الشرقية للمخيم على طريق نستله مقابل بنايات الضباط.

في هذا الوقت كشف مصدر قيادي في الجيش الحر رفض ذكر اسمه، عن أن «قوات النظام خففت من استخدام الصواريخ والمدفعية الثقيلة في قصف أحياء العاصمة دمشق». وأكد القيادي لـ«الشرق الأوسط» أن النظام «استعاض عن هذه الأسلحة ببراميل متفجرة تلقيها الحوامات (طائرات هليكوبتر) على الأحياء والمناطق الخارجة عن سيطرة القوات النظامية، يعتقد أنها تحتوي مواد كيميائية، ومرد ذلك إلى انبعاث روائح سامة تصيب باختناق». وأوضح المصدر أنه «في المناطق التي ألقيت عليها هذه البراميل لوحظ إصابة أعداد كبيرة من المواطنين بطفح جلدي، واحمرار شديد في عيون الأطفال مع حرارة شديدة». ورأى أن «هذا مؤشر على أن النظام قد يستعمل كل ما تبقى له من أوراق، ومنها المحرمة دوليا ضد شعبه».

أما المرصد السوري لحقوق الإنسان فأشار إلى «تجدد الاشتباكات صباحا (أمس) في حي التضامن جنوب دمشق». وقال المرصد في بيان له: «إن قوات نظامية اقتحمت الحي عقب الاشتباكات ونفذت حملة اعتقالات، كما قصف الجيش السوري أحياء بالعاصمة بينها منطقة السيدة زينب، واقتحم حي برزة وأحرق محال تجارية فيه»، موضحا أن «الطيران الحربي قصف فجرا بلدة موحسن بدير الزور، مما أدى إلى مقتل أربعة مدنيين بينهم سيدة وابنتها». في حين كشفت عضو مجلس قيادة الثورة بدمشق ديما الشامي في تصريح لها عن أن «شبيحة النظام السوري ارتكبوا مجزرة جديدة في قدسيا بريف دمشق، حيث أعدموا عائلة بأكملها ميدانيا أمام أعين الناس». وقالت: «إن عناصر مسلحين تابعين للنظام السوري ذبحوا بدم بارد ثمانية أشخاص بينهم إخوة وزوجان». وأكدت أن «الجيش يقتحم المدن والأحياء بالدبابات، كما أنه قام بتسليح شباب صغار لا تتعدى أعمارهم 15 سنة يظهرون وهم يحملون الرشاشات ومختلف الأسلحة»، مشيرة إلى «أعمال طائفية يقوم بها هؤلاء عناصر الشبيحة».

في المقابل أفادت قناة «الدنيا» السورية القريبة جدا من النظام، بأن «وحدة من الجيش السوري عثرت خلال ملاحقتها لفلول الإرهابيين على ذخائر وأسلحة متنوعة وضعت في نفق للصرف الصحي في بساتين القابون بريف دمشق». ونقلت عن مصدر عسكري قوله إنه «تم العثور في حي القابون على مدفع هاون و28 قذيفة تابعة له و33 قذيفة (آر بي جي) وذخائر متنوعة».

ترحيب بإعلان تشكيل «القيادة المشتركة للمجالس العسكرية الثورية»

المقداد لـ «الشرق الأوسط» : ينقصنا الكثير للتفاعل على الأرض وتلبية احتياجات الناس والمقاتلين

بيروت: نذير رضا

رحب معارضون سوريون بإعلان تشكيل «القيادة المشتركة للمجالس العسكرية الثورية» التي تضم جانبا كبيرا من القوى الفاعلة على الأرض في مختلف المحافظات السورية، وذلك بحضور عدد من القيادات السياسية والروحية للثورة في الداخل والخارج.

وأكد الناطق باسم المجلس العسكري الأعلى للجيش السوري الحر، لؤي المقداد، ترحيب المعارضة السورية «بأي جهد لتوحيد الكتائب والمجالس العسكرية في الداخل»، متمنيا على جميع الفصائل والكتائب «التعاون في ما بينها بشكل وثيق بغية تحقيق النصر على النظام».

وإذ شدد المقداد في اتصال مع «الشرق الأوسط» على أهمية «التواصل بين الكتائب المقاتلة والقادة الميدانيين»، أشار إلى أنه «ما زال ينقصنا الكثير للتفاعل على الأرض وتلبية احتياجات الناس والثوار المقاتلين في الداخل»، مجددا تأكيده «اننا نضع يدنا بيد جميع المساهمين ببذل جهود وطنية لتحرير سوريا من النظام». ودعا إلى «تفعيل التنسيق بين جميع الكتائب المقاتلة لتحقيق النصر»، مشددا على وجوب «ألا تكون الخطوات الآيلة لتوحيد الصفوف مجرد إعلانات للظهور في الإعلام من غير فعالية تُذكر على الأرض».

وتشكلت القيادة المشتركة، بحسب بيانها الأول، وفق هيكلية تعتمد على ثلاثة مستويات رئيسية للقيادة تتكون من القيادة العامة، ومكتب التنسيق والارتباط، والمجالس العسكرية لكل المحافظات السورية. ودعت القيادة المشتركة كل القوى الثورية والعسكرية في سوريا للانضمام إليها والعمل المشترك من أجل «خدمة الثورة والشعب وإسقاط النظام».

وعن عمل مكتب التنسيق والارتباط، أوضح مصدر قيادي في الجيش السوري الحر لـ«الشرق الأوسط» أن مهمته «الربط بين جميع القوى العاملة على الأرض من جهة، والربط بين هذه القوى والقيادة العامة»، مشيرا إلى أن «العمل العسكري على الأرض يحتاج إلى تواصل دائم، مما يجعل مهمة مكتب التنسيق والارتباط فاعلة». ولفت المصدر القيادي إلى أن جهود توحيد الصف العسكري في الداخل «تأتي نتيجة التطورات المستمرة على صعيد العمل العسكري، ونشاط الثورة الدائم لجهة انضمام مقاتلين جدد ومنشقين عن الجيش النظامي».

من جهته، أشار رئيس مكتب التنسيق والارتباط في القيادة المشتركة للمجالس العسكرية الثورية، ماهر النعيمي، إلى أن القيادة المشتركة «تهدف إلى بناء عمل مؤسساتي متكامل يحتضن كل أطياف الشعب السوري وصولا إلى دولة حرة مدنية»، موضحا في حديث لقناة «الجزيرة» أن «الخطط العسكرية سيتم إعدادها عبر قيادة مركزية وقيادات فرعية في كل المحافظات لإنهاء النظام القائم مهما كلف الثمن».

وأكد النعيمي أن المجالس الثورية العسكرية التي انضمت إلى التشكيل الجديد «تمثل كل المحافظات السورية»، مشيرا إلى أن «ما لا يقل عن 80 في المائة من الحراك العسكري والقوى الفاعلة على الأرض انضموا إلى القيادة المشتركة». وأعلن أن «القيادة الجديدة مفتوحة لكل الفصائل لمواجهة النظام»، مشددا على وجوب التوحد والتنسيق بين القوى المختلفة «لتصبح كل القوى العسكرية والثورية صفا واحدا على الأرض». وأضاف «القيادة الجديدة تتسع لكل القوى الثورية والعسكرية، والأبواب مفتوحة لكل الضباط وصف الجنود للانضمام إلى تلك المجالس للدفاع عن أبناء الشعب وإسقاط النظام».

الأكراد يستعدون لممارسة الحكم الذاتي في سوريا بعد الأسد

يجهزون أنفسهم للقتال الذي يتوقعونه قريبا.. وصراع محتمل على السلطة والأرض

دهوك (العراق): تيم أرانغو*

في طريق متفرع من الطريق السريع الذي يمتد غرب هذه المدينة وعلى أجزاء من التلال الوعرة تحت ضوء القمر، يتدرب بضعة مئات من الأكراد السوريين استعدادا للمعركة، حيث يسيرون وسط الأحراش ويتدربون على السلاح. الرجال هنا، وأكثرهم من المنشقين عن الجيش السوري, يعيشون في منازل متنقلة بيضاء في معسكر على التل، لا يوجدون من أجل الانضمام إلى الثورة المسلحة ضد نظام الرئيس بشار الأسد، بل يستعدون للقتال الذي يتوقعونه قريبا عقب سقوط الأسد وحدوث اضطرابات في أنحاء سوريا بسبب الصراع على السلطة والأرض. يريد هؤلاء الرجال منطقة كردية تتمتع بالحكم الذاتي على أرض لا تزال سورية حتى هذه اللحظة، وهو ما يرونه خطوة باتجاه تحقيق حلم يراودهم منذ قرون يتمثل في جمع الأقليات الكردية في العراق وتركيا وإيران تحت راية دولة مستقلة. مع ذلك، تنذر هذه الرغبة في إعادة الحقوق لشعب عانى من ظلم تاريخي وتشتت عبر أجيال، برد فعل عنيف من قبل هذه الدول. لقد أبدوا عزمهم على القيام بخطوات جذرية، حتى لا يخسروا الأرض ويحصل عليها إقليم كردستان. وتم اتخاذ الخطوة الأولى بالفعل، حيث قدم أكراد العراق للجماعة المسلحة المستقبلية ملجأ آمنا وتدريبا وأسلحة. وقال محمود صابر، وهو واحد من بين عدد من أفراد المعارضة الكردية السورية الذين يعملون في العراق: «إنهم يتدربون للمرحلة التي تعقب سقوط النظام، استغلالا لما سيعقبه من فراغ أمني بعد انهيار نظام الأسد».

ومع تسليح الأكراد لأنفسهم استعدادا لقتال ربما يتبين أنه حاسم في تكوين سوريا ما بعد الثورة، يضاف عنصر آخر من عناصر تأجيج الصراع في سوريا، حيث يشير ذلك إلى أن انهيار النظام لن يؤدي إلى سلام، بل ينذر بحرب طائفية شاملة قد تمتد إلى دول الجوار.

وعلى خلفية الحرب الأهلية المشتعلة، اتخذ أكراد سوريا بالفعل خطوة تجاه الحكم الذاتي في الأراضي السورية، ليس بفضل حملهم للسلاح ضد النظام، لكن لأن النظام ترك السلطة في المناطق الكردية للأكراد مما سمح لهم بالتقدم خطوة نحو الحكم الذاتي. وترفرف الأعلام الكردية على مبان كانت تابعة للحكومة السورية في السابق في تلك المناطق، وتم فتح المدارس التي بدأت تعلم الطلبة اللغة الكردية، وهو أمر كانت يمنعه نظام الأسد. وقال صالح محمد رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني، الذي تنظر إليه جماعات كردية أخرى بريبة كبيرة لعلاقته بحزب العمال الكردستاني: «نحن ننظم مجتمعنا؛ المجتمع الكردي».

وتعد الولايات المتحدة وأوروبا حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية، وقد صعّد من هجماته التي تقوم على الكرّ والفرّ في تركيا خلال الفترة الأخيرة. ويقول الأكراد إنهم مستعدون للقتال في حال حاول النظام استعادة المدن الكردية أو في حال محاولة الجيش السوري الحر، الذي يهيمن عليه السنة، الذين يسعون لإسقاط النظام، التحرك باتجاه المناطق الكردية. وقال محمود: «نحن بالطبع سندافع عن أنفسنا. بحسب التقاليد الكردية، لدينا أسلحة في منازلنا. وينبغي أن يكون بداخل كل منزل سلاح خاص به». ويقود خطى محاولات الأكراد السوريين بشكل كبير مسعود برزاني، رئيس إقليم كردستان، الذي يقدم نموذجا لأكراد سوريا لما يتمتع به من حكم ذاتي ورخاء نسبي.

وتقوم وحدة قوات كردية عراقية خاصة لها علاقة بحزب بارزاني بتدريب الرجال في المعسكر وتزويدهم بالأسلحة. وسعى بارزاني للقيام بدور صنّاع الحكام فيما يتعلق بأكراد سوريا من خلال توحيد الفصائل المختلفة، مثلما فعل في المشهد السياسي بالعراق الذي يتسم بتعدد الطوائف والأعراق، فقد توصل في يوليو (تموز) إلى اتفاق ينظم أكثر من 12 حزبا تحت لواء المجلس الكردي الأعلى، ويعمل معه مسؤولون من مكتب في أربيل في مجمع لمختلف الأغراض يسمى «القرية الإيطالية».

الأكراد، الذين حُرموا من حقوقهم بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية على أيدي قائد تركي تلو الآخر، وعانوا من خيانة الحلفاء الذين وعدوهم بالاستقلال بعد الحرب العالمية الأولى، عازمون هذه المرة على استغلال فرصة الربيع العربي وتطويع التاريخ لإرادتهم.

وأثارت الحرب تطلعات السورية الأكراد لدولة يحلمون بها منذ قرون. لقد ظلت هذه الأحلام مؤجلة منذ تقسيم الدول الغربية المنتصرة في الحرب العالمية الأولى للأرض بشكل عشوائي ورسمها حدودا جديدة للشرق الأوسط، مما قسم الأكراد بين 4 دول هي تركيا والعراق وسوريا وإيران.

وقال كاوا عزيزي، أستاذ السياسة والسياسي المعارض الكردي: «إنها لحظة تاريخية ينبغي أن يستغلها الأكراد من أجل تحقيق التغيير». ويعمل عزيزي في أربيل عاصمة إقليم كردستان، التي تعد الآن مركزا للمسلحين الأكراد والنشطاء المدنيين. وعندما اندلعت الثورة منذ 18 شهرا، شعر بعض المراقبين بالقلق من دعم الأكراد للأسد مقابل الحصول على المزيد من الحقوق والحكم الذاتي.

ورأى الكثيرون أن الأكراد يقفون على الحياد في انتظار اختيار الجانب الذي سينحازون إليه. ويفنّد الكثير من الأكراد هذا التحليل بقولهم إنهم لطالما كرهوا الأسد. وبتخلي نظام الأسد عن السيطرة في المدن الكردية، أصبح قادرا على تركيز أسلحته الثقيلة في القتال مع المعارضة التي يقودها السنة. وأثارت هذه الخطوة عداء لتركيا، التي تدعم المعارضة، لكنها تشعر بالقلق من أن يمنح إقامة منطقة حكم ذاتي للأكراد في سوريا مركزا يشنّ منه الأكراد المتمردين هجمات على تركيا بحرية.

وكان رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، قد اقترح أن يكون لتركيا الحق في التدخل في المناطق الكردية بسوريا في حالات تهديد الأمن التركي.

وبدا أكراد سوريا، الذين ينقسمون إلى عدد من الفصائل مختلفة التوجهات، متفقين على الأقل في معارضتهم لنظام الأسد، لكنهم يتشككون في طموحات الجيش السوري الحر. وقال عزيزي عن الجيش السوري الحر: «قبل كل شيء، إنهم جميعا من العرب».

وفي الوقت الذي لا يدور فيه قتال في المدن الكردية السورية، وعلى الرغم من تأكيد المسؤولين، الذين أُجريت معهم مقابلة في العراق، على هدوء تلك المناطق، يتدفق لاجئون أكراد بشكل مستمر على شمال العراق. ويقول اللاجئون إن أفراد أجهزة الاستخبارات التابعة للنظام لا تزال تتحرش بالأكراد وتهددهم بالأذى إذا لم ينضموا إلى جيش النظام. ويدفع نقص المواد الغذائية والطبية اللاجئين إلى مغادرة البلاد. ويضم معسكر دوميز للاجئين بالقرب من دهوك نحو 2500 شخص، ويصل إليه من 150 إلى 200 لاجئا جديدا كل يوم. وقال جوان سليمان، الذي يبلغ من العمر 32 عاما، ويقيم في المعسكر منذ أبريل (نيسان): «المكان الوحيد الذي يمكن أن نذهب إليه هو كردستان العراق». ويجني سليمان رزقه من بيع الوجبات الخفيفة والسجائر للمقيمين في المعسكر. ويعلق في منزله، وهو عبارة عن طبقة رقيقة من الخراسانة وله سطح خيمة، لوحة لوالد بارزاني الراحل، الملا مصطفى بارزاني، وهو قائد عسكري كردي وزعيم سياسي شهير.

وأخذ سليمان يوضح، وهو يرتشف عصير الخوخ ويدخن السيجارة تلو الأخرى، أن الأكراد لم يتخذوا أبدا موقفا محايدا في الثورة السورية. وقال: «لقد عانينا كثيرا، لكن حان الوقت الآن لاتخاذ موقف وانتزاع دولتنا حتى نحصل على حقوقنا».

ولا يوجد الجيش السوري بشكل كبير في المناطق الكردية، وفي ظل تركيزه حاليا على سوريا، يعترف القادة الأكراد بتطلعهم لإقامة دولة مستقلة تجمع الأكراد المتشتتين في تركيا وسوريا وإيران والعراق، لكنهم يقولون إنهم سيسعون إلى الاستقلال داخل سوريا الموحدة كخطوة مؤقتة. ولم تصبح معاناة الأكراد والظلم الواقع عليهم في الشرق الأوسط ماضيا تماما، لكنها فقط إرهاصات لما يحدث حاليا.

وتعود الجذور التاريخية لما تعرضوا له من ظلم إلى قرون والأعمال البطولية للقائد المسلم الكردي صلاح الدين، أول سلاطين مصر، الذي انتصر على الصليبيين في القرن الثاني عشر، كما يرى بعض الأكراد. ويعتقد بعض الأكراد أن ما حدث في القرن العشرين من منع الحلفاء إقامة دولة كردية بعد الحرب العالمية الأولى، ومن دعم المجتمع الدولي للحكام العرب المستبدين الذين تعاملوا مع الأكراد باعتبارهم مواطنين درجة ثانية، ومن سياسات تجبر الأكراد على مغادرة أراضيهم وإعادة توطين العرب محلهم، ومن إبادة لهم بالأسلحة الكيميائية على أيدي صدام حسين، كرد على انتصارات صلاح الدين.

يقول عزيزي: «إن الغرب يعاقبنا على ما فعل هو. أعتقد أن مرحلة العقاب انتهت».

* شارك دريد عدنان وأحد صحافيي «نيويورك تايمز» في العراق في إعداد هذا التقرير من دهوك وأربيل

 126 قتيلا وقصف واشتباكات بأنحاء سوريا

                                            صعدت قوات النظام السوري من هجماتها على مناطق في ريف دمشق، وشهدت أحياء في جنوب العاصمة اشتباكات مع الجيش السوري الحر، في حين استمر القصف والاشتباكات في أحياء عدة من حلب. وبلغت حصيلة قتلى السبت بحسب لجان التنسيق المحلية 126 شخصا على الأقل، معظمهم في دمشق وريفها ودير الزور.

وقال ناشطون إن من بين القتلى ثمانية أشخاص أعدمهم عناصر الأمن والشبيحة ذبحاً بالسكاكين في بلدة قدسيا بريف دمشق. كما أعدمت القوات ذاتها خمسة أشخاص ميدانياً في معربة بريف دمشق.

وعقب اقتحام جيش النظام حي ركن الدين في دمشق جرت اشتباكات عنيفة مع الجيش الحر، وأفادت شبكة شام الإخبارية بوقوع اشتباكات عنيفة بين الجيشين في حي العسالي جنوب دمشق، بعدما شهد حي التضامن في جنوب العاصمة اشتباكات مماثلة صباحا، تبعها انتشار لقوات النظام في الحي وحملة مداهمات.

كما شهدت الأطراف الشمالية والشرقية من العاصمة قصفا ومداهمات نفذتها قوات النظام، إذ تعرض حي القابون لحملة هدم منازل من قبل قوات النظام التي قامت أيضا بحملة دهم واعتقالات عشوائية في منطقة بساتين برزة، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي أفاد بأن حي برزة يشهد حالة نزوح بين الأهالي خلال الاقتحام.

وشهد ريف دمشق اشتباكات عنيفة بين الجيش الحر وجيش النظام في مدينة قدسيا، كما تجدد القصف بالمدفعية الثقيلة على مدينة معضمية الشام، في حين قصف الطيران المروحي بلدات النشابية ودير سلمان وأحمدية في الغوطة الشرقية، وشنت قوات النظام حملات دهم واعتقال في مدينة قطنا.

وفي حمص تجدد القصف بالمدفعية الثقيلة والهاون على أحياء دير بعلبة وجوبر والسلطانية والخالدية وجورة الشياح وأحياء حمص القديمة. كما تجدد القصف بالمدفعية وراجمات الصواريخ على مدن القصير وتلبيسة والرستن وبلدات البويضة الشرقية بريف القصير والغنطو.

وفي حماة تواصل القصف العنيف بالمدفعية الثقيلة على بلدة الحواش في سهل الغاب وبلدة عقيربات بريف حماة الشرقي.

اشتباكات بحلب

وفي حلب وقعت اشتباكات عنيفة بين الجيش الحر وجيش النظام في عدة أحياء، وسط قصف عنيف بالمدفعية الثقيلة والطيران الحربي على أحياء الأنصاري شرقي والسكري والجميلة والميدان. كما تجدد القصف على مدن وبلدات الريف الشمالي.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن اشتباكات دارت صباح السبت في أحياء باب أنطاكيا والجلوم وباب جنين ومحيط حيي الشيخ خضر وبستان الباشا وحي الميدان وحي الإذاعة الذي تعرض أيضا للقصف.

كما وقعت اشتباكات عنيفة في حي صلاح الدين إثر الهجوم الذي نفذه مقاتلون من الجيش الحر على نقطة عسكرية لقوات النظام.

وفي ريف درعا اقتحم جيش النظام بلدة المزيريب وسط قصف مدفعي عنيف، في حين تجدد القصف بالمدفعية الثقيلة على مدينة بصرى الشام وبلدات حيط واليادودة وتل شهاب وطفس والكرك الشرقي، وشن جيش النظام حملات دهم واعتقال في بلدة نمر.

وفي دير الزور وقعت اشتباكات عنيفة بين الجيش الحر وجيش النظام عند دوار الموظفين وعدة أحياء أخرى، وسط قصف مدفعي على المنطقة، كما تجدد القصف من الطيران الحربي على أحياء المدينة.

تأسيس التجمع السوري للإصلاح

أعلن في القاهرة تأسيسُ “التجمع السوري للإصلاح” بمشاركة 24 حزبا وحركة إسلامية، أبرزها رابطة العلماء المسلمين وجماعة الإخوان المسلمين والتيار الوطني الديمقراطي وجماعة العلماء السوريين الأحرار.

وجاء هذا الإعلان في ختام أعمال المؤتمر التأسيسي الأول لتوحيد القوى الإسلامية والوطنية السورية يوم السبت. وقال رئيس مجلس شورى التجمع موسى الإبراهيم في البيان الختامي للمؤتمر، إن الهيئة العامة للتجمع شكلت مجلس شورى ومكتبا تنفيذيا للتواصل مع باقي أطياف المعارضة السورية.

وأوضح الإبراهيم للجزيرة أن التجمع يطمح إلى صياغة رؤية موحدة لجمع سائر العاملين في الميدان، وأكد أن الأولوية في عملهم ستكون لخدمة الثورة وتقديم خدمات للمواطنين داخل الأراضي السورية، إضافة إلى القيام بدور إعلامي في نقل معاناة الشعب السوري والسعي لتقديم رؤية لإعادة بناء سوريا بعد سقوط النظام.

كما أوضح أن التجمع سيعمل مع المجلس الوطني السوري، وعبّر عن أمله في أن يكون أداء المجلس أحسن ويسعى لتثميل جميع أطراف المعارضة بداخله. وقال إنه لا مصلحة في تشكيل حكومة انتقالية في الوقت الراهن، وطالب بتأجيل هذه الخطوة إلى ما بعد سقوط النظام.

من جانب آخر زار وفد من أعضاء المكتب التنفيذي في المجلس الوطني السوري مقرا للقيادة المشتركة للمجالس العسكرية الثورية داخل سوريا.

وقال الوفد إن هذه الزيارة تأتي في إطار الدعم والتأييد والاعتراف بالقيادة المشتركة بصفتها الممثل الوحيد للعمل العسكري داخل سوريا.

وأوضح عضو المكتب التنفيذي للمجلس الوطني سمير نشار للجزيرة أن المجلس سيسعى لدى الجهات الإقليمية والدولية لتوجيه مساعداتها إلى القيادة المشتركة باعتبارها الكيان الممثل للمقاتلين في الميدان، ووجه دعوة لجميع الضباط المنشقين المتواجدين بالخارج للدخول إلى سوريا والمساهمة في جهود الثورة.

وأُعلن الجمعة عن تشكيل القيادة المشتركة للمجالس العسكرية الثورية التي تضم نحو 80% من القوى الثورية والعسكرية العاملة على الأرض في الداخل السوري.

مرسي يؤيد من حيث المبدأ تدخلاً عسكرياً في سوريا

مستشاره سيف عبد الفتاح ربط الأمر بمعرفة حدود وأهداف هذا التحرك

العربية.نت – وكالات

في أول موقف سياسي جديد يصدر عن الرئاسة المصرية، كشف سيف عبد الفتاح مستشار الرئيس المصري محمد مرسي، أمس السبت، أن مصر مستعدة للمشاركة في تدخل عسكري عربي في سوريا لإنهاء أزمتها، مجددة موقفها الرافض للتدخل الأجنبي في سوريا.

وقال عبد الفتاح في تصريحات لوكالة أنباء “الأناضول” التركية إن “مصر تدرس المقترح القطري بشأن التدخل العسكري العربي في سوريا، وستجري اتصالات مع الدوحة وأنقرة قريبا حول هذا المقترح”.

وأشار مستشار مرسي إلى أن “القاهرة قد تدفع تركيا لتنشيط المقترح القطري ودعم التدخل العربي في سوريا”، مضيفا أن “هذا الأمر سيتطرق إليه لقاء الرئيس مرسي مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان خلال لقائهما المنتظر”.

وأضاف عبد الفتاح “نحن مستعدون من حيث المبدأ للمشاركة في التدخل العربي في سوريا، ولكن بعد التعرف على حدود وأهداف وملامح هذا التدخل”، مشددا على “تمسك مصر برفض التدخل الأجنبي في سوريا”.

وكان أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة دعا، خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الثلاثاء الماضي، إلى تدخل عربي في سوريا، مشددا على أنه “من الأفضل للدول العربية أن تتدخل انطلاقا من واجباتها الإنسانية والسياسية والعسكرية، بعد فشل مجلس الأمن في التوصل إلى موقف موحد بشأن سوريا”.

وسبق للرئيس مرسي أن طالب في أكثر من مناسبة الرئيس بشار الأسد بالرحيل عن السلطة، معتبرا أنه لا مجال للحديث عن إصلاحات في هذه الآونة، لكن التغيير ووقف النزيف.

وعن المبادرة المصرية الرباعية لحل الأزمة السورية، قال عبد الفتاح “من السابق للأوان القول إنها أخفقت، ولكن نستطيع وصفها بأنها مبادرة النفس الطويل”، مضيفاً أن “إلغاء اجتماع دول المبادرة الرباعية في نيويورك الأسبوع الماضي، لا يعني فشلها ولكن الفترة المقبلة ستشهد لقاءات ثنائية بين دول المبادرة (مصر وتركيا وإيران والسعودية) وربما نحاول أن نجعل الأمور تصل لاتفاق الحد الأدنى”.

قناص من جيش الأسد: لم يعد لدي قلب

تقرير لمراسل صحيفة “صنداي تلغراف” البريطانية يكشف حجم المعاناة

العربية.نت

نشرت صحيفة صنداي تلغراف، الأحد، تقريراً خاصاً لمراسل الصحيفة في حمص بيل نيلي، سلط فيه الضوء على “دور القناصة في الصراع الدائر في سوريا وكيف تزهق حياة العديد من الأبرياء على أيدي القناصة وبكل برودة قلب”.

ويحكي نيلي كيف التقى بأحد القناصة التابعين للجيش السوري النظامي في الخطوط الأمامية في مدينة حمص.

ويقول نيلي: “التقيت القناص الصغير السن نسبياً، وهو جندي، وأخذني إلى نقطة تمركزه في أحد البنايات في حمص، حيث يجلس هادئاً يترقب هدفه”.

ويضيف كاتب المقال أن القناص الحزين رفض الافصاح عن اسمه خوفاً من انتقام الجيش السوري الحر من عائلته.

ويواصل نيلي القول: “اتسمت ملامح القناص الذي التقيته بالصرامة، وكان هادئ الطباع وسلاحه موجهاً صوب منزل اخترقته العديد من الطلقات النارية، وعندما بدا لي أنه مستعد لإطلاق النار على هدفه غادرت المكان”.

ويضيف التقرير “خلال جولتي في حمص، التقيت أيضا بقناص في أحد شوارع المدينة بصلاح شاتور، لم يكن رجلا طاعنا في السن، إلا أنه بدا لي كذلك، ارتسمت على وجهه علامات الحزن والأسى، وقال لي إن الحياة أضحت صعبة للغاية، فهو لم يعد يحصي عدد الجيران الذين قتلوا”.

وعندما سأله نيلي عن شعوره جرّاء فقدان العديد من الأحبة والجيران، تمتم صلاح وانفجر باكياً”، ويقول: لم يعد لدي قلب، كيف سينتهي هذا.. إن الرب وحده يعلم متى”.

الطياران التركيان سقطا حيين.. والأسد أمر بقتلهما

الوثائق المسربة: قاعدة روسية أمرت بإسقاط الطائرة ودراسة اقتراح بنقل قائديها لحزب الله

العربية.نت

بثت شاشة “العربية الحدث”، اليوم السبت، مجموعة جديدة من وثائق سرية مسربة. وكشفت الحلقة الأولى خبايا وأسرار إسقاط الطائرة التركية في 22 يونيو/حزيران من العام الجاري ومقتل طياريها الاثنين بنيران سورية خلال تواجدها فوق المياه الإقليمية على الحدود البحرية بين البلدين.

وكانت الخارجية السورية قالت إن الطائرة التركية اخترقت المجال الجوي لسوريا فتصدت لها المضادات الأرضية، بينما سارعت فرق الإنقاذ التركية للبحث عن جثتي الطيارين.

وتكشف الوثائق البالغة الخطورة أن الأوامر بإسقاط الطائرة صدرت من القاعدة البحرية الروسية في طرطوس، وأن الطيارين لم يقتلا بل تم القبض عليهما.

وعقب ذلك أصدر الرئيس السوري، بشار الأسد، أمراً بوضع الطيارين التركيين تحت تصرف فرع العمليات الخارجية وفق بروتوكول أسرى الحرب، وذلك للحصول على أية معلومات لديهما حول ماهية دعم الحكومة التركية للجيش الحر، حسبما أشارت إليه الوثيقة السرية التي تحمل عنوان “تركيا.. الطياران الأسيران”.

وفي نفس الوثيقة أيضا، وافق الرئيس الأسد على دراسة مقترح اللواء بسام (الذي لم يتضح اسمه الثاني بالوثيقة) بنقل الطيارين التركيين إلى الأراضي اللبنانية للبقاء في عهدة حزب الله للاستفادة منهما في وقت لاحق.

ويُسدل الستار على قصة الطائرة التركية وخباياها بالوثيقة الثالثة، والتي تحمل في طياتها 3 نقاط هامة، أولها، أنه “وبناء على نصائح ومعلومات من القيادة الروسية بضرورة إحراج الدولة التركية بعد أن ثبت دعمها للجيش الحر، أمر الرئيس الأسد (من خلال الوثيقة المسربة) بالتخلص من الطيارين التركيين المحتجزين لدى فرع العمليات بطريقة طبيعية وإعادة جثمانيهما بعد تصفيتهما إلى مكان سقوط الطائرة في المياه الدولية”.

أما النقطة الثانية فكانت مطالبة الحكومة السورية بالإسراع إلى تقديم اعتذار رسمي للحكومة التركية عن إسقاط الطائرة لإحراج الحكومة التركية وكسب تأييد الرأي العام الدولي.

أما النقطة الثالثة، فإنه، وبموازاة هذا الاعتذار، أمر الرئيس الأسد بتحريك حزب العمال الكردستاني على الحدود التركية للقيام بأعمال عسكرية ضد الجيش التركي كرسالة تحذيرية (كما يظهر بالوثيقة) للحكومة التركية بمدى خطورة الوضع في حال استمر دعمها للجيش الحر.

وفي تعليقه على الوثيقة، أكد الدكتور حسان الشلبي، عضو المكتب السياسي في “التيار الوطني السوري” لقناة “العربية”، صدق تلك الوثائق لأنها في المقام الأول ممهورة بختم المخابرات العامة وتكشف سير المسرحية التي حاكتها الجمهورية السورية بشأن الطائرة التركية ومكان وكيفية إسقاطها. كما أن الوثائق سرية ولا يمكن تزويرها وهي تتعاطى مع أسماء محددة وأوامر مباشرة من قبل رئيس الجمهورية. وتثبت وجود مكتب إدارة مشترك روسي إيراني سوري يدير العمليات الحقيقية على الأرض، وبشار الأسد مجرد “محافظ” في ولاية إيرانية.

كما شدد على أن قرار إطلاق صاروخ غراد يتطلب قراراً من المرجع الأعلى أي من رئاسة الجمهورية. أما عن هدف النظام من أسر الضابطين فأوضح أن للأمر دافعين، الأول استقصاء المعلومات منهما لاسيما لجهة نية تركيا أو حتى الناتو القيام بأي عملية عسكرية، والدافع الثاني الابتزاز أو استعمالهما للضغط على تركيا.

إلى ذلك، أوضح أن سبب توجيه أوامر نقلهما إلى لبنان وتحديداً إلى حزب الله، يعود إلى عدم قدرة النظام على حماية أي شيء في سوريا، كما أن لبنان بعيد جغرافياً عن تركيا، فضلاً عن أن الأسد فقد الثقة بضباطه ويخشى تسرب المعلومات بأنهما لا يزالان على قيد الحياة.

وإذ لفت حسان إلى أن احتمال أن يكون تم تسليمهما إلى حزب الله أمر وارد، أكد أن الثابت أنهما كانا على قيد الحياة ثم تمت تصفيتهما وإلقائهما مكان إسقاط الطائرة لتمويه العملية وإخفاء تفاصيلها وحقيقتها، وليظهر وكأن موتهما حصل بطريقة طبيعية إثر سقوط الطائرة.

وفي هذا السياق أشار إلى أن تصفية الطائرين تعتبر جريمة جنائية وسيادية بحق تركيا.

وحول مسألة تحريك حزب العمال الكردستاني من قبل النظام السوري، كشف حسان أن الأخير يحتفظ بتلك الورقة منذ زمن بعيد، ولكن عندما وقفت تركيا إلى جانب الثورة، حاول استخدامهم، لاسيما بعد أن جس النبض في مسألة إسقاط الطائرة ورأى أن تركيا لم تأتِ برد فعل قوي.

أما عن الهدف الذي يسعى إليه الأسد من وراء الحزب الكردستاني، فلخصه بإثارة البلبلة والإرباك داخل تركيا بهدف إضعاف قدرتها على المواجهة.

حجاب: أيقنت بضرورة الرحيل بعد لقاء الأسد بالقصر

أكد أن حل الأزمة لن يكون إلا عن طريق الجيش السوري الحر

دبي – قناة العربية

في أول لقاء له بعد الانشقاق عن نظام الرئيس السوري بشار الأسد، أكد رياض حجاب، رئيس الوزراء السوري السابق، لـ”العربية”، أنه أيقن بضرورة الانشقاق والرحيل عن سوريا، عقب لقاء مع الرئيس السوري بشار الأسد في القصر الجمهوري تمسك خلاله الأخير بالحل العسكري للأزمة.

وقال حجاب إن ما قام به الأسد من “استخدام كافة الأسلحة الفتاكة ضد شعبه غير مسبوق تاريخياً، ومنها إلقاء البراميل المملوءة بالمتفجرات لحرق أكبر عدد من المواطنين”، متوقعاً أن “يستخدم الأسد السلاح الكيماوي ضد الثورة في أي لحظة”.

وقال حجاب، للزميلة جيزيل خوري في برنامج “ستوديو بيروت”، إنه لم يكن يرغب في قبول تشكيل الحكومة، ولكن مستشاري الأسد نصحوه بالقبول، موضحاً أن رفض هذا المنصب لم يكن مقبولاً في سياق التعامل مع النظام السوري الحالي.

وأوضح أنه تحدث مع الأسد لدى قبوله تكليف تشكيل الحكومة عن رؤيته لدور الحكومة في “إجراء إصلاحات على الأرض ومحاسبة مرتكبي الجرائم”، وأنه أبلغ الأسد بأنه لن يقوم إلا “بما يرضي الله ويكون في صالح الوطن وأبنائه”، وأن الأسد وافق على الاقتراحات، مشيراً إلى أن “وجود وزارة للمصالحة الوطنية في حكومته كان انعكاساً لهذه الرؤية، ومحاولة للسعي وراء بصيص من الأمل”.

وتولى حجاب رئاسة الحكومة السورية في 6 يونيو/حزيران الماضي، وانشق في 6 أغسطس/آب الماضي، أي بعد شهرين فقط. وكان يشغل منصب وزير الزراعة في الحكومة السورية السابقة.

وحول مهمة المبعوث الدولي والعربي إلى سوريا، الأخضر الإبراهيمي، قال حجاب “إن الحل لن يكون إلا عن طريق الجيش السوري الحر”.

وقلل حجاب من احتمالات قدرة المجتمع الدولي على حل الأزمة السورية بعد 19 شهراً من تفجر الصراع، مؤكد أن “الحل هو تسليح الجيش السوري الحر بأسلحة نوعية قادرة على إحداث تغيير على الأرض”.

“لا أسعى لتشكيل حكومة”

وأعلن أنه لا يسعى إلى تشكيل حكومة سورية، وليس مؤيداً لاتخاذ هذه الخطوة إلى حين توفير مناطق آمنة، تتيح لهذه الحكومة التواصل مع مجالس محلية تابعة لها في المناطق السورية لتحقيق إنجازات على الأرض.

وأفاد أنه يعمل على إيجاد مكون سياسي من خلال “توسيع إطار المجلس الوطني السوري الحالي حتى يكون قادراً على استيعاب كافة أطياف المعارضة”.

وشدد على أن النظام السوري في أسوا حالاته، وأن الوضع الاقتصادي على حافة الانهيار، وأن الدعم السوري والإيراني هو الذي أبقى النظام حتى الآن.

وأكد حجاب أنه انشق “كي لا يكون خائناً لوطنه ولشعبه، ولكي يرضي الله أولا، وحتى لا يتحمل مسؤولية إراقة قطرة دم واحدة”.

وقال إنه فوجئ يوم تشكيل حكومته بقصف محافظته “دير الزور”، رغم أنه طلب من الرئيس السوري عدم قصفها.

ثم جاءت المفاجأة التالية لحجاب – على حد تعيبره – عندما ألقى بشار كلمة عقب تشكيل الحكومة، أكد فيها أن حكومته هي حكومة حرب، ولم يشر إلى المصالحة الوطنية أو التغيير.

وأبان أن المؤسسات محيدة تماما في سوريا، وأن الأسد يخضع لتأثير أبناء خاله رامي وحافظ مخلوف أكثر، مقارنة بشقيقه ماهر قائد الفرقة الرابعة، التي تقوم بدور في قمع الثورة.

وأعلن أن توقيت انشقاقه، الذي جاء بعد أقل من شهر من تفجير وقتل أعضاء خلية الأزمة، لا علاقة له بهذا العمل النوعي.

الأسد يؤكد على الحسم العسكري

وكشف أنه تحدث كثيراً مع الرئيس السوري خلال الشهرين اللذين أمضاهما في رئاسة الحكومة، محاولاً إقناعه بأنه “لا يوجد رئيس ينتصر على شعبه”، وقال للرئيس السوري إنه لم يتوجه إلى شعبه بخطاب مباشر منذ بداية الأزمة، ولكنه لم يجد قبولاً من الأسد.

وذكر أنه بعد تفجير خلية الأزمة، بادر مع أعضاء من القيادة القطرية لحزب البعث بالاجتماع مع الأسد وإبلاغه أن الحل الأمني والعسكري لن يجلب إلا الدمار.

وقال: طلبنا مقابلة الأسد في القصر الجمهوري، قبل انشقاقي بعشرة أيام، ولكنه فاجأنا برفض التفاوض مع معارضة غير وطنية أو مع جماعات مسلحة، على حد تعبير الأسد.

وأضاف حجاب أنه عندما أبلغ الرئيس في وقت لاحق بأن روسيا وإيران تتحدثان عن ضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة، سارع بشار إلى التأكيد على ضرورة الحسم العسكري. وعلق حجاب قائلاً إنه ساعتها أيقن بضرورة الرحيل.

وشدد حجاب على أنه لم يرتب لانشقاقه مع أي دولة، ولا مع المخابرات الأمريكية، وأن أخاه الأصغر هو من رتب عملية الانشقاق مع كتائب دمشق.

وعن موقعه الحالي بين صفوف المعارضة السورية، قال إنه جندي في صفوف الثورة السورية، يسعى للتواصل مع كافة الأطياف، وتوحيد جهود المعارضة، موضحاً أنه سيتم قريباً توحيد كافة كتائب الثورة السورية تحت قيادة عسكرية موحدة. وقال إن الجيش السوري الحر سيواصل القيام بعمليات نوعية لإسقاط النظام.

وقال إن زياراته إلى ألمانيا وقطر وفرنسا والسعودية وتركيا، كان الهدف منها الحصول على دعم للثورة السورية.

ودعا حجاب المنظمات الحقوقية الدولية إلى توثيق الجرائم التي يجري ارتكابها في سوريا لتقديم مرتكبيها إلى العدالة.

الحرب تهدد “حلب التاريخية

أبوظبي – سكاي نيوز عربية

تهدد المعارك بين الجيش السوري ومقاتلي المعارضة الآثار التاريخية الثمينة لمدينة حلب في شمال سوريا، لا سيما مع تصاعد وتيرة أعمال العنف في الجزء القديم من المدينة المدرج في قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “يونسكو” منذ عام 1986.

وسلط احتراق مئات المتاجر في سوق حلب التاريخي، السبت، الضوء على الكارثة التي تهدد الآثار السورية، غداة إعلان الجيش السوري الحر بدء معركة الحسم الأخيرة في حلب.

وتعليقا على اندلاع النيران في واحد من أقدم أسواق العالم المسقوفة في العالم، كتب ناشط سوري في صفحته على الفيسبوك: “عاصمة الثقافة الإسلامية.. نيران وقودها الناس والحجارة”.

فمدينة حلب القديمة التي احتلت موقعا استراتيجيا على تقاطع طرق التجارة التاريخية بين الشرق والغرب، حافظت على تراث تاريخي استثنائي يبرِز الثقافات المتنوعة للشعوب التي استقرت فيها على مدى الآلاف من السنين.

وفي يوليو الماضي، كررت اليونسكو النداء الذي وجهته في 30 مارس 2012 إلى جميع أطراف النزاع في سوريا لحماية مواقع التراث الثقافي السوري بأشكالها كافة.

وأعربت عن بالغ قلقها إزاء التقارير التي تفيد بوقوع مواجهات عنيفة في حلب وإزاء مخاطر نهب الممتلكات الثقافية، وعمدت إلى تنبيه المنظمة العالمية للجمارك والمنظمة الدولية للشرطة الجنائية “الإنتربول” والبلدان المجاورة لسوريا إلى خطر الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية السورية.

وتقع حلب على مفترق طرق تجارية متعددة منذ الألفية الثانية قبل الميلاد، مكنها من لعب دور مميز في حركة التجارة في منطقة الشرق.

وتحتوي المدينة أكثر من 150 معلما أثريا هاما تمثل مختلف الحضارات الإنسانية والعصور، أبرزها مسجدها الكبير الذي بني في القرن الثاني عشر، وقلعة حلب الشهيرة التي تعود إلى القرن الثالث عشر.

وتعد أبواب المدينة وأسواقها من أعرق الأسواق في المنطقة، كما تحمل حلب تراثا متميزا في كافة المجالات العلمية والفنية والأدبية والثقافية، وتشتهر بكنائسها ومساجدها ومدارس العلم، فضلا عن صناعاتها المتميزة.

وعام 1986 انضمت حلب القديمة إلى السجلات الأثرية، ووضعت إشارة على صحائفها العقارية تثبيتا لعدم جواز هدمها أو تغيير معالمها أو مواصفاتها حتى من قبل بلديتها، إلا بعد أخذ موافقة الجهات الأثرية العالمية وسجلت على لائحة التراث العالمي.

ولا تهدد الحرب الدائرة في سوريا أثار حلب فقط، فاليونسكو تعتقد أن 5 من المواقع الستة الأثرية في سوريا، وبينها مدينة تدمر الصحراوية القديمة وقلعة الحصن وأجزاء من دمشق القديمة، تأثرت بالقتال.

سوريا.. 21 قتيلا والحر يأسر 40 جنديا

أبوظبي – سكاي نيوز عربية

أفاد ناشطون معارضون بمقتل 21 شخصا، الأحد، في أعمال عنف شهدتها مناطق عدة في البلاد، في حين بث ناشطون سوريون عبر الإنترنت شريطا مصورا يظهر ما وصفوه بوقوع 40 عنصرا من الجيش النظامي في أسر الجيش الحر، بعد استيلائه على مناطق في القنيطرة.

وتحدث نشطاء عن قصف عنيف شنته القوات الحكومية، فجر الأحد، على أحياء على مدينتي دير الزور وحلب.

وكشفت مصادر لـ”سكاي نيوز عربية” عن اشتعال النيران داخل مطار النيرب العسكري في ريف حلب، نتيجة تعرضه لقصف من الجيش السوري الحر.

ويأتي هذا بعد يوم من مقتل 126 شخصا معظمهم في ريف دمشق وحلب، في حين تحدث نشطاء عن “مجزرة” ارتكبتها القوات الحكومية في الغوطة الشرقية بريف دمشق راح ضحيتها 15 شخصا “أعدموا ميدانيا”.

وكانت مصادر قالت السبت إن حريقا اندلع بمئات المحلات في سوق مدينة حلب، جرّاء القصف المدفعي من قبل الجيش النظامي. وبث ناشطون شريط فيديو يظهر الحريق في بعض المحلات.

وأفاد ناشطون بوقوع اشتباكات عنيفة بين الجيشين الحر والنظامي في حيي ركن الدين والعسالي بالعاصمة دمشق.

وتعرضت مدن وبلدات شمالي ريف حلب لقصف بالمدفعية الثقيلة. وطال قصف المدفعية الثقيلة والهاون أحياء عدة في مدينة حمص، في حين تجدد القصف بالمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ على مدن عدة بريف حمص.

ودارت اشتباكات عنيفة بين الجيشين الحر والنظامي في أحياء عدة بمدينة حلب، التي تعرضت بعض أحيائها لقصف عنيف، فيما تجدد القصف بالمدفعية الثقيلة على مدينة معضمية الشام بريف دمشق.

صحف: حرب شوارع بدمشق.. ولا “هيئة للشبيحة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) — أبرزت عدة صحف عربية الأنباء الواردة من سوريا والتي أشارت إلى وجود “حرب شوارع” في دمشق، بالإضافة إلى تصريحات رئيس كتلة المستقبل اللبنانية فؤاد السنيورة، التي قال فيها إن الرئيس السوري بشار الأسد “يغرق ويغرق لبنان معه.”

فتحت عنوان “حرب شوارع في دمشق وقوات النظام تقصف حي السيدة زينب بالهاون” كتبت صحيفة القدس العربي تقول: “يوم دام جديد، عاشته سوريا، حصد عشرات الضحايا في كل المحافظات، خصوصا في العاصمة دمشق وريفها التي سددت أمس فاتورة مرتفعة من الأرواح، خصوصا مع تنفيذ عملية إعدام ميداني لثمانية أشخاص من عائلة واحدة قتلوا ذبحا وأمام أعين الناس في قدسيا في ريف دمشق.”

وأكد الناشط في دمشق فارس درويش أن “الجيش الحر والثوار خاضوا معارك ضارية من الجيش النظامي وقوات الأمن والشبيحة في حي التضامن في العاصمة”، مشيرا إلى أن “الاشتباكات امتدت إلى جنوب غربي العاصمة وكانت المواجهات أشبه بحرب شوارع”، لافتا إلى أن منطقة السيدة زينب في ريف دمشق قصفت بمدافع الهاون، بحسب الصحيفة.

وأضافت الصحيفة: “كشف مصدر قيادي في الجيش الحر رفض ذكر اسمه، عن أن قوات النظام خففت من استخدام الصواريخ والمدفعية الثقيلة في قصف أحياء العاصمة دمشق. وأكد القيادي أن النظام استعاض عن هذه الأسلحة ببراميل متفجرة تلقيها الحوامات (طائرات هليكوبتر) على الأحياء والمناطق الخارجة عن سيطرة القوات النظامية، يعتقد أنها تحتوي مواد كيميائية، ومرد ذلك إلى انبعاث روائح سامة تصيب باختناق.”

أما صحيفة “القدس العربي” فكتبت تحت عنوان “السلطات السورية تنفي إنشاء هيئة عامة لعشرات الآلاف من الشبيحة،” تقول: “نفت مصادر سورية عسكرية مطلعة أن تكون السلطات عمدت إلى إنشاء هيئة عامة للدفاع الوطني مشكلة من عشرات الآلاف من الشبيحة الداعمين للنظام.”

ونقلت مصادر إعلامية شبه رسمية إن “السلطات لا تعمل على تشكيل فرق مقاتلة نخبوية من عشرات الآلاف من الشبيحة،” وقالت المصادر السبت إن “الجيش السوري كان وما يزال مرآة لكافة أطياف الشعب السوري ولم ولن يكون الفرز انتقائيا على الإطلاق،” حسب الصحيفة.

وأوضحت المصادر السورية العسكرية أن “أبناء الوطن السوري الواحد مدركون ومتفطنون لحجم الشحن الطائفي البغيض الذي تسعى أطراف باتت مكشوفة لفرضه داخل النسيج الاجتماعي لسورية بلد التعايش.”

وقالت الصحيفة: “الشبيحة هم من الموالون للنظام وتقوم السلطات بمدهم بالسلاح والمال حتى يقاتلوا إلى جانبها في مواجهة قوى المعارضة المسلحة ومنهم من ينتمون إلى حزب البعث الحاكم بصيغة الأمر الواقع أو من العناصر الأمنية اللذين كانوا معاقبين وأعادتهم السلطات أو من أصحاب السوابق أو من جيل الشباب المتحمس أو أبناء المسؤولين والمستفيدين من النظام والمحسوبين عليه وفق ما هو متداول ومعلن.”

وفي شأن متصل، كتبت صحيفة “المستقبل” اللبنانية تحت عنوان: “السنيورة: النظام في سوريا يغرق ويحاول إغراق لبنان معه،” قائلة إن رئيس كتلة المستقبل الرئيس فؤاد السنيورة أعلن أن “النظام في سوريا يغرق ويحاول أن يُغرق لبنان معه”، معتبراً أن “التسجيلات في قضية الوزير السابق ميشال سماحة ليست إدانة لرأس المخابرات في سوريا بل لرئيس النظام السوري نفسه”. وأكد “أننا ضد أي هجوم على إيران ولكننا ضد استعمال بلدنا ساحة في أي صراع إقليمي أو دولي”.

وقال السنيورة إن “الانتفاضة في سوريا وصلت إلى حالة محزنة جداً بحيث أصبح وقوع أكثر من 150 ضحية يومياً خبراً منتظماً في نشرة الأخبار. لقد وصلت الخسائر البشرية قبل يومين إلى أعلى مستوى لها على الاطلاق مع بلوغها 380 قتيلاً،” مذكراً بأن “الانتفاضة السورية عندما بدأت كانت أكثر انتفاضات الربيع العربي سلمية، ولمدة طويلة جداً، لم يكن الشعب السوري يطلب تغيير النظام بل الإصلاحات.”

وتابع قائلا: “اليوم وعلى أبواب الحرب الأهلية تقريباً، التي سببها إصرار النظام السوري على استخدام العنف وتأجيجه لإحداث الانقسام بين مكونات الشعب السوري، فإن الفرصة تتقلص يومياً لعودة سوريا مستقرة وذات سيادة وموحدة.”

سوريا: 126 قتيلا السبت والثوار يسيطرون على أحياء حلب

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)– لقي ما لا يقل عن 126 شخصا على يد قوات الجيش النظامية في مختلف المناطق السورية بحسب ما أكدته لجان التنسيق السورية المعارضة، السبت، في الوقت الذي أكد فيه شهود عيان أن الثوار تمكنوا من فرض سيطرتهم على أحياء حلب.

وأكد أحد شهود العيان في حلب، أبو عبدالله في تصريح لـ CNN أن الثوار وعناصر الجيش الحر تمكنوا من تحرير أربعة أحياء على الأقل في اليوم الثالث من المواجهات التي دارت مع قوات الجيش النظامي والميليشيات المسلحة “الشبيحة.”

وبدورها نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا” أن قوات الجيش لا تزال تستهدف عدد من معاقل “الإرهابيين” في مدينة حلب وريفها، حيث تمكنت من قتل وجرح العشرات بالإضافة إلى إعطاب عدد من آلياتهم.

وأشارت الأرقام الصادرة عن لجان التنسيق السورية المعارضة، أن العاصمة السورية دمشق وضواحيها قدمت أكبر عدد من الضحايا بسقوط 64 قتيلا، وخصوصا في منطقة برزة، في الوقت الذي أشارت فيه وكالة الأنباء الرسمية أن أحد وحدات الجيش السوري  تمكنت من قتل العديد من “الإرهابيين” في منطقة برزة.

ويشار إلى أن CNN لا يمكنها التأكد من صحة المعلومات الميدانية نظراً لرفض السلطات السورية السماح لها بالعمل على أراضيها.

احتراق السوق القديمة في حلب مع احتدام القتال في سوريا

بيروت (رويترز) – احترقت مئات المتاجر في السوق القديمة بمدينة حلب يوم السبت في الوقت الذي يحتدم فيه القتال بين مقاتلي المعارضة وقوات الحكومة في أكبر المدن السورية مما يهدد بتدمير موقع تاريخي مسجل لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو).

وتقول جماعات للنشطاء مثل المرصد السوري لحقوق الإنسان إن الانتفاضة الشعبية التي تحولت إلى حرب اهلية أسفرت حتى الان عن سقوط أكثر من 30 ألف قتيل.

ولكن إضافة إلى الخسائر الفادحة في الأرواح أصبحت العديد من الكنوز التارخية في سوريا أيضا ضحية للانتفاضة المستمرة منذ 18 شهرا والتي حولت أجزاء في بعض المدن السورية إلى حطام.

وكان المعارضون الذين يقاتلون من أجل الاطاحة بالرئيس بشار الأسد أعلنوا يوم الخميس بدء عملية جديدة في حلب المركز التجاري الرئيسي في سوريا إلا أن أيا من الجانبين لم يحقق فيما يبدو مكاسب كبيرة.

وفي حلب قال نشطاء يتحدثون عبر موقع سكايب على الانترنت ان قناصة الجيش السوري يجعلون من الصعب الوصول إلى سوق المدينة – وهو السوق الاثري الذي يضم ممرات حجرية وواجهات خشبية في المدينة القديمة والتي كانت احد مراكز الجذب السياحي.

واظهرت المقاطع المصورة المنشورة على الانترنت سحبا سوداء كثيفة من الدخان تتصاعد في سماء المدينة.

وقال نشطاء إن الحريق ربما بدأ جراء قصف واطلاق نيران شرس يوم الجمعة وأشاروا إلى أن ما بين 700 وألف متجر دمرت حتى الآن. ويصعب التأكد من هذه الروايات لأن الحكومة تحول دون دخول وسائل الاعلام الأجنبية.

ومدينة حلب القديمة واحدة من عدد من المواقع في سوريا التي أدرجتها اليونسكو ضمن مواقع التراث العالمي المعرضة للخطر الآن جراء القتال.

وتعتقد منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) أن خمسة من المواقع الستة الاثرية في سوريا وبينها مدينة تدمر الصحراوية القديمة وقلعة الحصن وأجزاء من دمشق القديمة تأثرت بالقتال.

وقال المرصد السوري لحقوق الانسان ومقره بريطانيا إن قوات الأسد ومقاتلي المعارضة يتبادلون الاتهامات في اندلاع الحريق.

ووقعت اشتباكات عنيفة قرب عدد من المواقع العسكرية في حلب مساء يوم السبت.

وقال نشطاء ان قوات المعارضة تواجه القوات الحكومية خارج قاعدة النيرب الجوية.

وقال المرصد ان الاشتباكات قرب القاعدة الجوية التي تستخدم للتدريب المدفعي اسفرت عن اندلاع النيران في بناية قريبة وعن مقتل ثلاثة اشخاص.

وأفاد نشطاء أيضا بوقوع اشتباكات شرسة عند باب أنطاكية وهو بوابة حجرية تؤدي إلى مدينة حلب القديمة وتقع على طرق التجارة القديمة. ونجت هذه البوابة من سلسلة من الحكام على مدار تاريخ بنائها بين القرنين 12 و17 الميلاديين.

وقال مقاتلون من المعارضة إنهم سيطروا على البوابة إلا أن بعض المعارضين قالوا إن القتال مستمر ولم يسيطر أي من الجانبين على البوابة بعد.

وقال نشط جرى الاتصال به هاتفيا وطلب عدم نشر اسمه “لم يحقق أحد مكاسب بحق هنا.. الوضع قتال وقتال وناس تهرب في فزع.”

وأضاف أن الجثث ملقاة في الشوارع والسكان لا يخرجون لنقلها خوفا من القناصة.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن اكثر من 40 شخصا لقوا حتفهم في القتال في أنحاء سوريا.

ويعكس الجمود العسكري في سوريا جمودا دبلوماسيا مع تواصل الخلاف بين القوى الكبرى بشأن كيفية التصرف في مواجهة الازمة. وبينما تدعم دول غربية وعربية خليجية المعارضة يبدو اغلب الدول محجما عن التدخل بينما تدعم كل من روسيا والصين وايران الاسد.

وتحولت الانتفاضة ضد اربعة عقود من حكم اسرة الاسد والتي بدأت في مارس آذار 2011 من احتجاجات سلمية إلى تمرد مسلح تسيطر فيه المعارضة على اراض في حلب وعلى بلدات في الريف بشمال سوريا.

واقترب القتال من المناطق الحدودية السورية ووصلت بعض القذائف إلى اراضي لبنان والعراق وتركيا. وحذرت تركيا من انها ستتخذ اجراءات اذا وصل اطلاق النار إلى اراضيها مرة أخرى. وكانت قذيفة مورتر قد اصابت بلدة بجنوب شرق تركيا يوم الجمعة.

وقال مستشار للزعيم الأعلى لإيران ان الأسد سيتمكن من إخماد الانتفاضة وتحقيق نصر على الولايات المتحدة وحلفائها في خطوة ستكون ايضا نصرا لإيران.

ونقلت وكالة انباء الجمهورية الاسلامية الايرانية عن علي اكبر ولايتي قوله “انتصار حكومة سوريا على المعارضين في الداخل وامريكا وانصارهم الغربيين والعرب الآخرين يعد انتصارا للجمهورية الإسلامية الايرانية.”

واضاف “انتصار الحكومة السورية اكيد.”

وتحدث نشطاء عن اشتباكات جديدة في دمشق وبعض ضواحيها وقالوا ان قوات الامن تضرم النار في منازل بينما تحلق طائرات الهليكوبتر على ارتفاع منخفض.

وعثر على جثث 12 رجلا على الاقل في ضاحية قدسيا بشمال غرب دمشق. وظهر في مقطع مصور نشر على الانترنت عدة صفوف من الرجال -يبدو ان بعضهم تعرض لاطلاق الرصاص- مسجاة على الارض في غرفة بدت جدرانها ملطخة بالدماء.

واتهم بعض سكان دمشق القوات الحكومية باعدام اشخاص دون محاكمة في مناطق تسيطر عليها المعارضة.

وقال احد النشطاء “لا يمكنهم القبض على الجميع لذا يستخدمون اساليب القتل. يدخلون منطقة يسيطر عليها الثوار ويبحثون عن الاشخاص الذين يريدونهم ثم يقتلونهم.”

ويدافع الاسد دائما عن حملته الامنية الضارية التي يشنها ضد معارضيه ويقول ان قواته تقاتل متشددين اسلاميين يتلقون تمويلا من الخارج.

وقرأ معارض جرى الاتصال به هاتفيا رسائل نصية أرسلت إلى الهواتف المحمولة السورية منذ أن أعلن المعارضون في حلب هجومهم الجديد. وتطلب الرسائل من المعارضين الاستسلام.

وتقول احدى الرسائل “أيها المتورط بحمل السلاح ضد الدولة: من قبضوا الأموال باسمك وضعوك بين خيارين.. إما أن تقتل في مواجهة الدولة وإما أن يقتلوك للتخلص منك.. الدولة أرحم لك.. فكر وقرر.”

(إعداد ابراهيم الجارحي للنشرة العربية – تحرير أحمد حسن)

من إريكا سولومون

مستشارة في البنتاغون: 5 سيناريوهات لمستقبل الصراع السوري

ملاك حمود : السفير

تدور في الفلك السوري أسئلة عدة، أكثرها إلحاحاً: إلى أين تتجه الأزمة التي اتخذت طابعا دراماتيكيا دمويا؟

ثمانية عشر شهرا مرت على صراع، قد يؤدي إلى حرب أهلية… فالنظام والمعارضة يدوران في فلك وجودي.. إلا أن أحدا لن يستطيع إلغاء الآخر.

وفي هذا الصدد تكثر التحليلات والروايات حول مستقبل سوريا، وأحدثها تقرير لـ«مركز الأمن الأميركي الجديد»، يتحدث عن خمسة سيناريوهات لمستقبل الصراع في سوريا، أعدته المتخصصة في الشؤون الخارجية لدى وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ميليسا دالتون.

 وتبوأت دالتون عددا من المناصب في البنتاغون، بينها مستشارة سياسية لوزير الدفاع، بين العامين 2007 و2010، حيال لبنان وسوريا. وقبل عملها الحالي في وزارة الدفاع عملت كمحللة لشؤون الشرق الأوسط في وكالة الاستخبارات التابعة للبنتاغون بين العامين 2003 و2005. ودرست اللغة العربية وعلمت الانكليزية في دمشق في العام 2006.

سيناريوهات خمسة لا تخلو من الحرب الأهلية وشرذمة طرفي النزاع في لعبة اللاغالب واللا مغلوب. فبين حرص النظام على ربط «الثورة» بالجماعات «الإرهابية» المسلحة لـ«تشويهها» وقطع الدعم عنها، وبين المعارضة التي تسعى جاهدة عبر الدعم الخارجي والتنسيق الداخلي إلى محاولة الاصطفاف إلى جانب «الثورات الديموقراطية»، يفشل الطرفان في وقف إراقة الدماء.

من ناحيتها تراقب الولايات المتحدة عن بعد، رافضة أن تتدخل بشكل مباشر في النزاع القائم، والذي سيؤثر حتما على مصالحها الإستراتيجية سواء بقي الرئيس السوري بشار الأسد على رأس السلطة، أو وصلت «المعارضات»، التي لا يجمعها إلا الاسم، إلى السلطة. إلا أن التقارير تشير إلى أن أميركا متيقظة لهذه المرحلة، فقد بدأت تعد العدة لهذا اليوم الذي قد لا يكون قريباً… فالأزمة تتدحرج ككرة الثلج التي ستصل إلى دول الجوار، مهما نأت بنفسها أو حتى أخذت طرفا.

فالصراع القائم في سوريا حاليا يهدد مصالح الولايات المتحدة الإستراتيجية، وهو بذلك يترك واشنطن أمام خيارات قليلة لحماية مصالحها في المنطقة، وبالتالي يقلص نفوذها بتحديد مسار مستقبل هذا البلد. ويشير التقرير إلى أنه نظرا لهذه التحديات، فعلى أميركا اتباع إستراتيجية جديدة للتخفيف من هذه المخاطر عبر تركيز سياساتها على إدانة العنف، والتخفيف من المعاناة الإنسانية للشعب السوري.

ويرى التقرير، تحت عنوان «خمسة سيناريوهات لمستقبل سوريا»، أن الأزمة بلغت ذروتها حتى أصبح الحديث عن انتقال سلمي للسلطة «مستحيلا»، على الرغم من كل الجهود الديبلوماسية الرامية إلى إيجاد مخرج سياسي لما تعيشه البلاد من حرب استنزاف، طاولت كل بقعة أرض فيها.

ومع تصاعد حدة ودموية الصراع، الذي استقطب متطرفين مرتبطين بتنظيمات إرهابية وعمّق الانقسامات الطائفية، يتركز النقاش العام في الولايات المتحدة على سياسات محددة لمعالجته، منها تسليح المعارضة السورية مباشرة أو عبر فرض مناطق حظر جوي لدعمها لوجستيا. ويبقى سيناريو «ما بعد النزاع» غامضا، ولكنّ التقارير الحالية تشير إلى أن صناع السياسة في واشنطن يركزون على مرحلة «ما بعد الأسد» وذلك تفاديا لما واجهوه بعد غزو العراق في العام 2003.

المصالح الأميركية في سوريا

تبدو الولايات المتحدة، مع الضبابية التي تحيط بالمشهد السوري، عالقة بين إنهاء الصراع من جهة وحماية مصالحها الإستراتيجية من جهة أخرى. ويطرح التقرير بعضا من هذه المصالح التي تسعى واشنطن جاهدة لحمايتها، يتلخص أبرزها بـ:

– منع انتشار الأسلحة الكيميائية، التي قد يستخدمها النظام السوري في حال نفاد أدوات الحل، ولكن الأخطر من ذلك هو وقوعها في أيدي الإرهابيين.

– منع امتداد الصراع إلى دول الجوار، إذ أن من شأن الأزمة في سوريا أن تؤدي إلى توترات طائفية، قد تمتد إلى لبنان والعراق والأردن وتركيا عبر الحدود السورية المخترقة.

– تحجيم الدور الإيراني الذي يسعى إلى إثارة الخلاف في المنطقة عن طريق التحالف مع النظام السوري الذي مكّن طهران من استعراض قوتها في الشرق، عبر دعمها لـ«حزب الله» وبعض الفصائل الفلسطينية.

– منع الجماعات المرتبطة بتنظيم «القاعدة» من العمل بحرية داخل سوريا، بحيث تشير التقارير إلى تزايد وجودها وانخراطها في صميم الصراع السوري، والتي قد تحاول إيجاد ملاذات آمنة في المناطق التي لا تخضع لسيطرة النظام أو المعارضة.

ضمان أمن إسرائيل

إن نظاما إسلاميا في دمشق سيكون أكثر عداءً لإسرائيل، لكن نظاماً جديداً يحدّد علاقاته بإيران و«حزب الله» ويسعى إلى شراكة مع الغرب، سيكون أكثر تقبلا لاتفاقية سلام مع الدولة العبرية.

وبالرغم من أنها قدّمت مساعدات غير عسكرية للمعارضة، وسهلت تسليح عناصرها عن طريق السعودية وتركيا وقطر، فإنّ واشنطن تبدو متردّدة في الانخراط بشكل مباشر في الصراع السوري خوفا من التورط في مأزق قد يطول أمده، ما قد يعيق مخططها لإعادة التوازن الإستراتيجي نحو آسيا على المدى الطويل. أما التدخل عسكريا في سوريا فمن شأنه أن يفاقم الصراع ويشجع الجماعات المرتبطة بالتنظيمات الإرهابية على تعزيز وجودها في النسيج السوري. كما يمكن لهذا التدخل أن يؤدي إلى حرب بالوكالة مع إيران وروسيا، الأمر الذي سيقوض الجهود التي يبذلها مجلس الأمن الدولي للضغط على طهران.

ويعرض التقرير المؤلف من 12 صفحة، خمسة سيناريوهات لمستقبل سوريا، تبدأ بموت الأسد المفاجئ وتنتهي بتقسيم سوريا إلى فيدراليات طائفية بعد تفشي الحرب الأهلية في البلاد، وامتدادها على الأرجح إلى دول الجوار.

1- الموت المفاجئ للأسد

يمكن أن يكون سيناريو اغتيال الأسد على يد المعارضة أو متشددي «القاعدة»المسمار الأخير في نعش النظام، تتبعه حرب أهلية لسنوات طويلة.

وتبدأ عندها مؤسسات الدولة بالتداعي نظرا لارتباطها بالنظام السابق، ما سيقلل من فاعليتها، إضافة إلى محاولة الجيش وقوات الأمن اكتساب ثقة المدنيين مجددا. وفي هذه المرحلة لن تكون المعارضة أو حتى المجتمع الدولي على استعداد للتخطيط لانتقال سياسي والاستعداد لتنفيذ إستراتيجية جديدة فعالة.

وستحاول من جهتها كل من روسيا والصين احتواء الصدمة التي ستنتج عن مقتل الرئيس السوري، بقمعها للتمرد الذي سيلي مرحلة «ما بعد الأسد»، أو أنهما ستتبعان إستراتيجية مغايرة عبر التقرب من زعماء المعارضة الناشئة.

2- مرحلة انتقالية

في السيناريو الثاني، يتنحى الأسد إما عبر التفاوض مع المعارضة بتدخل تركي، أو بعد انقلاب عسكري. وبغض النظر عن طريقة رحيله عن السلطة فإن المرحلة الانتقالية ستعتمد في المرحلة الأولى على كبار المنشقين عن نظامه، للتعاون مع المعارضة السياسية لوضع إستراتيجية للانتقال السياسي.

وستعمل الولايات المتحدة من جهتها على تشجيع الحكومة الانتقالية على استخلاص العبر من دروس غزوها العراق، من خلال عدم حل الجيش السوري والأجهزة الأمنية. كما ستقترح واشنطن، بالطبع، المساعدة عبر التنسيق مع المسؤولين السابقين، على توفير التدريب والمساعدة لحماية مخازن الأسلحة الكيميائية.

3- عزل الأسد وسيطرة المعارضة على معظم سوريا

بعد أكثر من عام على الاقتتال بين القوات النظامية والمعارضين المسلحين تشتدّ ضراوة الحرب الأهلية، ما سيدفع ببعض كبار المسؤولين إلى الانشقاق عن النظام وإبعاد الأسد أو قتله.

وفي هذا السيناريو يزداد الخطر على مصالح الولايات المتحدة، فانشقاق بعض المسؤولين عن النظام السوري سيؤدي إلى اعتماد المعارضة بشكل أكبر على استشارة الغرب حول كيفية الإطاحة بالأسد، فيصبح الصراع أكثر دموية بين طرفي النزاع. وستحاول واشنطن حينها التنافس مع طهران للتأثير على النظام الجديد، تماما كما فعلت في العراق ولبنان.

ومع سعي المجتمع الدولي الدؤوب إلى توحيد السلطة، فانه سيواجه عقبات داخلية كبيرة تحول دون ذلك، وبخاصة أن النظام الجديد، الذي سيكون ذات غالبية سنّية، سيحاول تهميش العلويين، وخاصة البارزين منهم الذين اختاروا أن يبقوا في صف النظام المتداعي، الأمر الذي سيؤدي إلى توسع الأعمال الانتقامية لتشمل الأقليات الأخرى من الدروز والمسيحيين، التي ستعتبر متواطئة مع الموالين للنظام.

4- الأسد يحافظ على السلطة بعد حرب أهلية طويلة

في هذا السيناريو يبقى الأسد على رأس السلطة بدعم من روسيا وإيران، ولكن تضعف سيطرته على الدولة. وقد يختار في هذه المرحلة عدم استخدام المخزون الكيميائي تفاديا لرد فعل المجتمع الدولي.

ولكنّ بقاء الأسد سيضعف مصداقية الولايات المتّحدة وحلفائها، فيصبح هذا السيناريو بمثابة صفعة لثورات «الربيع العربي» والبلدان التي شهدت مراحل انتقالية عقب هذه الثورات.

5- تقسيم سوريا إلى فدراليات طائفية

تدور حرب أهلية طاحنة على مدى السنوات القليلة المقبلة فتدمر هيكل الدولة السورية، وتنحدر بذلك إلى الفوضى مع تزايد عدد القتلى من المدنيين، لتصبح المعارضة طائفية فينمو الصراع بشكل متزايد، وتزداد أعمال القتل الانتقامية. وفي هذه الحالة يكون مصير الأسد، الموت، التنحي، أو التهميش.

وهذا السيناريو هو الأخطر بالنسبة للولايات المتحدة، إذ ستضعف سيطرة الدولة على الأسلحة الكيميائية، وقد يختار أنصار النظام استخدام هذه الأسلحة لمنع تقدم المعارضة نحو المناطق التي يسيطرون عليها. كما أن هناك احتمال أن تجد هذه الأسلحة طريقها إلى المتشددين. وقد يقرر الموالون للنظام نقل الأسلحة إلى «حزب الله»، سواء كتدبير مؤقت أو كوسيلة احترازية من أي هجوم إسرائيلي محتمل على سوريا. وبناء على ما تقدم، ستجد أميركا أن من مصلحتها قيادة تدخل عسكري في سوريا لتأمين الأسلحة الكيميائية، من أجل منع تدخل إسرائيلي أحادي الجانب من شأنه أن يكون أصعب وأكثر فتكا. ويمكن أن يؤدي الصراع الذي طال أمده إلى حرب بالوكالة تخرج عن نطاق سوريا لتمتد إلى دول الجوار لا سيما العراق ولبنان.

وسيجد أكراد سوريا الفرصة المناسبة لإعلان دولتهم المستقلة أو حتى السعي إلى الانضمام لاتحاد أكراد العراق وتركيا، ما سيؤثر على استقرار الأخيرة وعلاقتها مع العراق.

من الواضح أن السيناريوهات الأميركية الخمسة، ستنعكس على المنطقة ككل، لتشمل الدول المجاورة لسوريا وحتى الحليفة لها… فتشتعل حرب إقليمية قد لا تستثني أحداً.. ومن يعلم بأي اتجاه تتدحرج الكرة؟

من هي الجماعات المسلحة التي تقاتل في سورية ؟

لم يعد سراً تواجد المسلحين او الجهاديين، الذين يقاتلون في سورية. فهذا أمر اعترفت به المعارضة، اما بشكل مباشر او غير مباشر، ناهيك عن “عجيج” السلطات السورية بذلك. لن ندخل بتفاصيل تتحدث عن أسباب دخول هؤلاء المسلحين الى سورية، لأن مسؤولية ذلك تقع على الجميع حقيقة.

وفي حال تابعنا احداث ما يجري في سورية، فأنها تقدم على أساس صراع بين مجموعات مناهضة للسلطة السورية او يمكن القول لنظام فاسد وطاغي، تتمثل بالثوار أو تحت عنوان ثورة سورية، وأخرى مؤيدة له. لكن واقع الحال المسألة اكثر تعقيدا من ذلك، لكن الأهم أن ثمن ما يحدث يدفعه الشعب السوري.. ولا أحد سواه! وبغض النظر عن الرابح او الخاسر مما يحدث، فان الجراح أحدثت شرخا في الكيان السوري ومزقته.. ومن المعروف ان المكان الذي تلطخ بالدم لا يغسل بسهولة.. لأن الشعوب تتصف بذاكرة قوية.. وهذه الذاكرة لا تمحى باعادة اعمار أو باصلاح أو حتى برحيل نظام ومجيء شريعة الله.

وفي هذا الشأن، تقول بعض المصادر الاعلامية أن هيكلية الجيش السوري الحر تتكون من منشقين عن الجيش النظامي ومجموعات مسلحة منضوية تحت اسم السلفية الجهادية وغيرها من التيارات الاسلامية. وان تشعب الجيش الحر وتباين انتماء عناصره لهذا التيار او ذاك يدل على تنوع التمويل الخارجي من سلاح ومال، الأمر الذي يكشف عن أن سورية تحولت الى ساحة صراعات لأطراف خارجية.

وكان موقع توب نيوز قد تحدث في وقت سابق عبر تقرير مفصل عن المجموعات المسلحة ونقاط ومكان انتشارها على الاراضي السورية، حيث أشار احد التقارير الى أن أول المجموعات المسلحة جاءت تحت اسم الجيش السوري الحر، وهو في الواقع أبرز جماعة مسلحة معارضة في البلاد، وقاعدته الرئيسية تقع جنوب تركيا في مقاطعة هاتاي، كما يتضمن الجيش الحر اشخاصا من الخارجين على القانون، ويتراوح عددهم في منطقة ريف دمشق من 800 حتى 1600.

أما المجموعة الثانية من حيث ثقلها المعنوي والعددي هي “جبهة النصرة لأهل الشام”، وهذه الجماعة ما هي سوى الذراع السوري لجماعة “القاعدة”، وتمتلك نفس الفكر الإرهابي لتنظيم “القاعدة” مع اختلاف التسمية، ويتزعمها أبو محمد الجولاني، وعناصرها يمتهنون القتل والذبح والتفجيرات، ويرتدي الكثير منهم السراويل الفضفاضة على الطريقة الأفغانية ولهم لحى طويلة وهم من 300 حتى 500 مسلح في دمشق وريف دمشق ومن أبرزهم وائل محمد المجدلاوي. أما جماعة “أحرار الشام” المتشددة الاصولية ولا يتجاوز عددهم 500 شخص في العاصمة وريفها. في حين ينتشر في دمشق وريفها قرابة 3000 مقاتل من كتائب “الصحابة” وكتيبة “شهداء الرازي”، التي تمركز حوالي 800 عنصر منها، بينهم عرب وأجانب، في بساتين الرازي الشهيرة، حيث وقعت اشتباكات عنيفة هناك. يليها “لواء الإسلام” مع 200 حتى 600 مسلح، وهي المجموعة التي تبنت تفجير مكتب الأمن القومي في دمشق.

اضافة الى ذلك يتواجد في سورية ما يعرف بـ”كتائب الغوطة” التي تتألف من 1600 مسلح وهي تفتقد للقيادة المركزية، ولواء “تحرير الشام” (من 200 حتى 600 مسلح) في ريف دمشق وهي عبارة عن شرذمات متفاوتة التسليح. وكتائب “الوحدة الوطنية” ــ من 300 حتى 900 مسلح في ريف دمشق وكتيبة “شهداء الثورة السورية” تتمركز في منطقة القدم بدمشق وعددها ما بين 150 حتى 700 مسلح.

إلى جانب ما تم ذكره هناك مجموعات صغيرة مثل “كتيبة شهداء المزة” وأحرار “باب سريجة” و”كتائب جيش الشام” من 300 حتى 1100 مسلح بريف دمشق. كما تم تأسيس المجلس العسكري الثوري بدمشق وريفها وقائده خالد الحبوس في منطقة داريا والصبارة.

وتنوعت الأسماء بما في ذلك “كتائب الفرقان” وقائدها محمد ماجد الخطيب الملقب: بـ”النسر الأحمر” عمل كسائس للخيل والحمير في منطقة داريا قبل أن يلتحق بصفوف المسلحين. في حين تنشط في منطقة المعضمية كتائب “أم المؤمنين” وعددها 1200 مسلح يتزعهما أسامة مرعي من أصول تركمانية ووثيق الصلة بالمخابرات التركية، وقد قُتل مؤخراً على يد الجيش النظامي، خلال قيامه بعملية لم تتكلل بالنجاح استهدفت الفرع 251 في منطقة السادات. أما كتيبة “شهداء ركن الدين” فتضم 600 مسلح قائدهم سعيد وائلي الملقب بـ”أبو رشيد”، والذي قُتل هو الآخر أثناء استهدافه لمخفر شرطة في حي ركن الدين بدمشق.

وكذلك يتواجد في سورية عدد كبير من الليبيين والسعوديين والقطرييين واليمنيين والأردنيين والعراقيين واللبنانيين أما الأتراك والشيشان والأفغان فقد تواجدوا مع المجموعات المسلحة في بساتين الرازي وحرستا والقابون ودوما والتل وعدة مناطق أخرى من ريف دمشق.

من بين المسلحين.. امرأة زعيمة!!

ولا تقتصر المعارضة المسلحة في سورية على الرجال، بل تضم ايضا “الجنس اللطيف”، واشهر النساء هي الزعيمة مرضية الحريري، التي تعتبر من أهم المرجعيات لجميع المنظمات المسلحة في دمشق وريفها، ومفتاح التواصل مع المزودين بالمال والسلاح في قطر وتركيا والسعودية، كما ان لها تأثيرا على بعض المجموعات المسلحة في حمص وريفها لعلاقتها مع عضو المجلس الثوري العسكري قاسم سعد الدين في الرستن، وهي التي توزع المتطوعين الجدد على الكتائب المناسبة لهم، وتحت يديها حوالي 18 ألف مسلح تطمح بزيادة عددهم إلى ثلاثين ألفاً من أجل إعادة السيطرة على دمشق وريفها.

هذه المرأة هي أستاذة الفلسفة في احدى ثانويات المعضمية بريف دمشق واسمها بالفعل مرضية الحريري وتحمل درجة الماجستير في الفلسفة، والتي تعرف في أوساط المجلس العسكري للعصابات المسلحة وقيادة الأخوان المسلمين والمنظمات الإرهابية وغرف عملياتها، باسم أم ملهم، وأم الحكم.

تنحدر أم ملهم من بلدة بصر الحرير في محافظة درعا، ومتزوجة من أستاذ جامعي في قسم الفلسفة بجامعة دمشق والذي ينحدر من بلدة المعضمية حيث يقيم مع زوجته أم ملهم. وعناصر الجيش الحر والمسلحون الإسلاميون الآخرون الذين قادوا المواجهات في منطقة المعضمية وجديدة عرطوز مؤخراً، كانوا يتمركزون بمنزل أم ملهم في المعضمية. تمكنت أم ملهم من إدخال مدافع هاون إلى المعضمية وقواذف من أجل قصف فرع التحقيق بالمخابرات الجوية بمطار المزة، واستهداف الطائرات الرابضة هناك، وكذلك ضاحية السومرية المجاورة له، واستهداف مقر قيادة اللواء 555 غربي المنطقة.

وقد اشار بعض الخبراء والمراقبون الى ان اعداد هؤلاء في تضاؤل وانحسار مستمر، نظرا لتكثيف الجيش النظامي من عملياته. وبينما الجيش يقصف من هنا على ايقاع “الله سورية وبشار وبس” والمسلح يطلق قذائفه من هناك وهو يصرخ “الله وأكبر” وأطراف المجتمع الدولي تكسب جولات وتصفي حسابات.. حسابات من دون شك لا تأخذ بالحسبان الشعب السوري وآلامه.. فان مسلسل القتل والعنف ما زال مستمرا..

هالة رسلان

روسيا اليوم

ديلي ستار :تدمير سوريا

ترجمة : قسم الترجمة في مركز الشرق العربي

من المفترض أن يكون الاجتماع السنوي لقادة العالم في نيويورك هذا الأسبوع فرصة لتسليط الضوء على أفضل ما يمكن للمجتمع الدولي أن يقدمه. مسئولو الأمم المتحدة و رؤساء الدول أثاروا قضايا ذات اهتمام, وتم تعبئة تحالفات من أطراف معينة من أجل فعل شيء ما لخير أعظم للإنسانية.

هذا الأسبوع, تم الترحيب بالقادة المجتمعين بسلسلة من التطورات في سوريا. لقد وصل عدد القتلى في 18 شهرا من الانتفاضة الشعبية إلى 30000 شخصا, مع عدد كبير جدا من الجرحى و المعتقلين و المشردين من بيوتهم.

إن سوريا تعتبر من أخطر الأماكن في العالم بالنسبة للصحفيين, و يوم الأربعاء الماضي شهد مقتل آخر ضحية من ضحايا العنف من الإعلاميين. لقد كان المراسل التلفزيوني أحد أكثر من 200 شخص فقدوا حياتهم في يوم واحد, و هذا هو التطور الوحيد الذي تشهده الانتفاضة السورية, والذي يتمثل في الزيادة اليومية المضطرد لعدد الضحايا.

باستثناء عدد قليل من البلدان, فإن المجتمع الدولي يقول بأنه يريد السلام و الديمقراطية في سوريا, و يريد خروج الرئيس بشار الأسد من السلطة. و هو باق على رفضه لأي شكل من أشكال التدخل ذات الجدوى من أجل الخروج بهذه النتائج.

في هذه الأثناء, فإن العديد م اللاعبين مستمرون في الحديث عن الحوار؛ وهم يدعمو مهمة مبعوث السلام الأخضر الابراهيمي, المفترض به أن يدخل الأسد في هذه العملية و هو الشخص الذي يعتقد أن نظامه يواجه “عصابات من الإرهابيين و المرتزقة”.

و لهذا, فإن المجتمع الدولي يلقي بثقله خلف “الوسائل السياسية” من أجل حل هذه الأزمة, و لكن دون وجود خطة دعم حقيقية فإن هذه العملية سوف تواجه الفشل. و كما وصف الأمر أحد قادة المتمردين, فإنه يبدو أن العالم متواطئ في المذابح, على الرغم من جميع الكلام حول الحاجة إلى دعم الشعب السوري.

و لاحتى تجار السوق السوداء قادرون على بيع السلاح الذي يحتاجه المتمردون, بسبب الضوء الأحمر من قبل السي آي أي و الموساد, كما يدعي هذا القائد. و النتيجة هي أن المتمردين قد أجبروا على سرقة ترسانة جيشهم الوطني الخاص من الأسلحة والذخيرة من أجل مواجهة الاعتداءات اليومية التي يقوم بها النظام, دون وجود أي بصيص من الأمل في استلام حتى الأسلحة اللازمة للدفاع عن أنفسهم من أجل التخفيف من وطئ الاعتداءات.

إن المفارقة هي أن الأمم المتحدة مستمرة في المضي قدما في عقد اللقاء الحضاري في نيويورك, بينما سياسات الدول الأعضاء تسلط الضوء على النفاق المثير للإشمئزاز و الفشل الدرامي لدى المجتمع الدولي في فعل أي شئ مفيد لوقف المذبحة.

إن البلد الذي يفخر بآثاره القديمة, أصبح كومة من الأنقاض الحديثة, و ليس لدى العالم أي نية لفعل أي شئ أكثر من المراقبة و الانتظار.

سوريا الأسد والجيش الحر … والكل خاسر

زاك بروفي

دمشق, سبتمبر (آي بي إس) – طابقان منهاران من قمة مبنى سكني في مدينة حلب بشمال سوريا.. ورجل وحيد يقف وسط الأنقاض على ارتفاع أربعة طوابق بعد أن إصطدم صاروخ من إحدى الطائرات المقاتلة التابعة لحكومته بالمبنى في ذلك الصباح. أمام هذا المشهد يقف الرجل مذهولاً .. يستعرض الدمار من حوله.

إلى الأسفل، بجانب حطام المبنى، تدخل مجموعة من نحو عشرة رجال في نقاش عاصف. ويصرخ أحد الرجال قائلاً، “لقد وضع الجيش السوري الحر نفسه بيننا.. وقوات النظام تقوم بقصفه. لماذا يجب أن نموت من أجل ذلك”. ويضيف، “لمدة عام ونصف عام تمكنا من العيش في سلام، ثم جاء الجيش السوري الحر.. والآن تم تدمير منطقتنا”.

إندلعت معركة السيطرة على حلب بين الجيش السوري الحر وقوى نظام الرئيس بشار الأسد جديا منذ أكثر من شهرين، وأصبحت المعارضة تسيطر الآن على ما يقرب من ثلثي المدينة.

وبينما لم تتمكن القوات الحكومية من انتزاع السيطرة مرة أخرى مما شكل ضربة خطيرة لمعنوياتها، إلا أنها شنت حملة لا هوادة فيها من القصف الجوي من طائرات الهليكوبتر والطائرات والمدفعية في محاولة لسحق المتمردين.

أرض المعركة هي مدينة ذات كثافة سكانية عالية، مما يعني أن المنازل والمصانع والمدارس والمستشفيات والمواطنين العاديين أيضا يتعرضون للموت والدمار، فلا أحد يعرف كم من المئات قتلوا. وفر أكثر من 200,000 منهم.

5قد يكون صحيحا أن قنابل نظام الأسد قد سحقت كل ما كانت تحظى به من شرعية في هذه الأنحاء، لكن الجيش السوري الحر أحيانا ما ينظر اليه على أنه دخيل وغير مرحب به. فيقول عبد القادر، وهو رجل دين إسلامي من حلب وزعيم كتيبة من 150 مقاتلاً من الجيش السوري الحر، أن الناس بدأوا الآن يلقون باللوم علينا.. وهناك ضغط كبير علينا لإنهاء هذا الوضع بسرعة..

وفي منطقة شرايعه المجاورة دمرت الغارات الجوية مربع سكني كامل. وهناك شاحنة مدفونة تحت الانقاض، وعمود كهرباء سقط وسط الشارع، في حيت يكسر صوت المياه المتساقطة من الخزان الذي انفجر على السطح الصمت الكئيب المخيم.

ويقول تاجر وهو يحاول جمع العدس المتناثر على أرضية متجره المدمر، ولا يلقي بالاً لمن حوله من الجيش السوري الحر، “لقد جئت إلى متجري هذا الصباح لأجده في هذه الحالة من الدمار. فماذا أقول!”.

أما خليل، المقاتل في الجيش السوري الحر، فيقول أنه مما لا شك فيه أن معظم الناس يرحبون بنا ويدعموننا .. لكن الصحيح أيضا أن الكثيرون لا يريدوننا هنا.. انهم يريدون الأكل والشرب والنوم فقط.. ولا يفهمون المعركة التي نخوضها ضد هذه الديكتاتورية..

ومثل العديد من المقاتلين، خليل هو من خارج حلب، وقد أصابه الإحباط من جراء الإستقبال الذي يختلط الترحيب فيه بالرفض.

هذا ويعود الصراع على المدينة التي كانت تعد العمود الفقري للتجارة والتصنيع في الإقتصاد السوري، لأشهر من المعارك في جميع أنحاء شمال سوريا. وتمكن مقاتلو الجيش السوري الحر من السيطرة على المنطقة على طول الطريق من الحدود التركية إلى أطراف حلب؛ من قرية إلى قرية ومن بلدة إلى بلدة.

وثمة بعض الدعم للمقاتلين في هذه المناطق الفقيرة، ومعظمها من المسلمين السنيين. فالعديد من المقاتلين يأتون من قراها.

وقد يعني وجود الجيش السوري الحر أن هناك قوة عسكرية موحدة في المدينة، لكن الواقع هو أنها أصبحت أكثر فوضوية. ففي حين نجح التنسيق بين الوحدات المقاتلة في أنحاء الريف، إلا أن التشتت داخل المدينة لا يقوض قدرة الجيش السوري الحر على محاربة النظام فقط، لكنه يزيد أيضا من جو الفوضى والإضطراب.

وفي قاعدة لمقاتلي الجيش السوري الحر -نحو 200 مقاتل- يستقبل قائد الكتيبة بعض السكان من حي مجاور. ويقولون، “تم القبض على شاب من أقاربنا، أو ربما حتى تم خطفه عند نقطة تفتيش التي يسيطر عليها رجالك”. فيتمنى لهم القائد حظا سعيدا لكنه يعتذر بأن نقطة التفتيش التي يتحدثون عنها هي في منطقة لا تقع تحت سيطرته.. فيغادر الرجال وهم يشعرون بالإحباط.

فيواجه مقاتلو الجيش السوري الحر الآخرون عمليات الإختطاف والإبتزاز والنهب – علي أيدي البلطجية والمجرمين في صفوف المعارضة المسلحة- بالإزدراء. ويقول أبو فارس، المنسق الاعلامي مع الجيش السوري الحر، “هناك بعض الذين يرتكبون هذه الجرائم، ونحن نحاول توقيفهم واحتجازهم ولكن هذه هي حال الثورة.. وهناك الكثير من الفوضى”.

هذا ويحاول الجيش السوري الحر في حلب بناء قيادة موحدة ، خاصة من خلال توحيد أكبر القوات المقاتلة بما في ذلك مجلس الإتحاد العسكري، وكتائب التوحيد، وكتائب الفاتح وكتائب صقور الشهباء تحت لواء المجلس العسكري الثوري. ومع ذلك، هناك عناصر مقاتلة لا تزال مشتتة على أرض الواقع.

ويقول عبد القادر قائد كتيبة بالجيش السوري الحر، إن المشكلة هي أن العديد من المقاتلين يأتون من محافظات مختلفة ولا يعرفون بعضهم البعض.. ولو تمكننا من تحقيق وحدة وطنية حتى بنسبة 50 في المئة فسأكون سعيدا جدا”..

ثم هناك الميول الطائفية الواضحة لبعض القوى. فبينما تمر سيارة شرطة وهي ترفع علما كبيرا لتنظيم القاعدة ويسمع صوت القرآن المرتفع منها، نجد أنه حتى بين مقاتلي الجيش السوري الحر توجد في الخطوط الأمامية مجموعات صغيرة من المجاهدين المتمرسين علي القتال من دول مثل ليبيا مما يرسخ واقع الانقسام.

قد يؤدي الدمار الذي تمطره القوات الجوية السورية على معظم حلب إلى توحيد الشعب ضد نظام الأسد، لكنه لا يوحدهم بالضرورة في دعم الجيش السوري الحر. وكلما طالت المعركة في حلب كلما كثرت مشاكل الجيش السوري الحر في ضمان دعم السكان المحليين له.

/وكالة إنتر بريس سيرفس

(آي بي إس / 2012)

السوريون في ألمانيا والثورة في سوريا:السوريون في المهجر- هل هي ثورة شعبية أم مؤامرة دولية؟

السوريون منقسمون في مواقفهم تجاه نظام الأسد، وذلك ليس في وطنهم فحسب، بل وفي مهجرهم في ألمانيا أيضاً. وبات المهجر أو المنفى يعني للكثيرين منهم عالَماً مصغراً يعكس تنافُس الطوائف ومجموعات المصالح داخل البلاد. الصحافي فابيان شميد مايَر قابَلَ بعض سوريي المهجر في ألمانيا وتبيَّن منهم آراءهم حول ذلك.

كثيراً ما يلوّح السوريون، المقيمون في ألمانيا، بالرفض سريعاً حين يُطلَب منهم الحديث عن الوضع في وطنهم. عدد قليل جداً منهم فقط على استعداد للتحدُّث بحرية – ويعود سبب ذلك في كثير من الأحيان إلى الخوف من المخابرات السورية، التي لديها شبكة عُملاء سِريّة حتى في ألمانيا، ومهمتها التجسس على أعضاء المعارضة في المهجر أو المنفى.

“الرجاء عدَم ذِكْر لقَبي وعدم القيام بتصويري”، هذا ما قالته نادية، البالغة من العمر 53 عاماً والمنحدرة من مدينة حلب، وهي تعيش منذ 23 عاماً في ألمانيا. وحتى خلال إقامتها في هذا البلد الغربي فإنها لا تشعر بالأمان. وحين كانت نادية لا تزال تعيش في سوريا كان حافظ الأسد، والد الرئيس بشار الأسد، لا يزال المُمسِك بمقاليد السلطة آنذاك.

وأيضاً في ذلك الحين لم يكن يستطيع أي أحد التعبير عن رأيه بحرية في سوريا، كما تقول نادية، وتتابع: “ولم يكن هناك حرية للتعبير. وتحت حكم حافظ الأسد، كُنّا نشعر بالخوف. المخابرات كانت موجودة في كل مكان. وإذا عبَّر أي شخص عن رأيه بشكل مناهض للنظام الحاكم فإنه كان يتم اعتقاله على الفور”. والعكس صحيح، فمَن كان يتخلّى عن قول رأيه بصراحة كان يحصل على عمل ويرتقي في حياته الوظيفة. “لكننا، نحنُ أبناء الطائفة السُّنّية، كُنَّا محرومين بشكل مُمَنْهَج من ذلك”، والكلام لنادية.

الصدمة المتكررة في مدينة حماة

مجزرة حماة: عام 1982 دَمَّرَ حافظ الأسد مدينة حماة بعد تمرُّد قامت به جماعة “الإخوان المسلمون”. وتشير التقديرات إلى مَصْرع ما يقارب 30 ألف شخص في تلك الأحداث. بلغَ هذا التمييز والحرمان ذروته إبّان انتفاضة جماعة “الإخوان المسلمون” في حماة. وهو التمرُّد الذي سحَقَه حافظ بدموية عام 1982. وتشير التقديرات إلى مقتل ما يقارب 30 ألف شخص في تلك الأحداث. وبعدها خيَّم ما يشبه هدوء المقابر على البلاد.

ولكن، منذ بدء أحداث انتفاضة تونس تَشَجَّع شعب سوريا من جديد ونزل المواطنون السوريون في مظاهرات احتجاجية إلى الشوارع. شعَرَت نادية بالسُّرور فَوْرَ معرفتها بانتفاضة تونس، وشَرَعَت تناقش الموضوع مع عائلتها قائلةً: “وأخيراً بدأت دولة عربية بالانتفاضة ضد حاكمها الدكتاتور”. وتضيف :”لقد تمنَّينا ذلك لأنفسنا كذلك. ولكن ها هو العُنْف يعود للظهور مُجَدَّداً”. فالكثير مما يحدث حالياً في سوريا يُذكِّر بمذبحة حماة السابقة.

محمد البالغ من العمر 27 عاماً ينحدر أيضاً من مدينة حلب مثل نادية، وهو يدرُس الفن منذ عامين في ألمانيا، ولا يزال يتذكَّر بوضوح الأيام الأولى للاحتجاجات في بلاده. ويقول: “في البداية، كنتُ أعتقد أن ذلك مستحيل في سوريا. لأن الجميع كانوا يشعرون بالخوف”. ولكنْ حدثَت المظاهرات في تونس وبدأ شبيبة درعا وشبابها يكتبون الشعارات المناوئة للنظام بالبخّاخات على الجُدران. لكن سُرعان ما تم اعتقال أولئك من قِبَل قوات الأمن وجرى احتجازهم لعدّة أيام.

تتضارب التقارير في حقيقة ما جرى بعد ذلك. وتوجد روايتان لما حدث. إحداهما رواية النظام والأخرى رواية الناشطين المعارضين. الرواية الرسمية للنظام تتَّهم أولئك الشبيبة، وفي مقدمتهم حمزة الخطيب البالغ من العمر 13 عاماً، بالسعي لاغتصاب نساء جنود الجيش. وترُدّ نادية على ذلك وهي مصدومة بذهول قائلةً: “هؤلاء لم يكونوا إلاّ أطفالاً! ولم يكونوا يريدون إلحاق الضرر بأي أحد. ولم تَصدُر عنهم إلا شعارات الديمقراطية والحرية فقط!”. وتقول إنه من أجل حماية المدنيين تَمّ بالتالي تأسيس الجيش السوري الحر بأعضائه من الجنود المُنْشَقِّين، الذين بدأ جيش النظام بملاحقتهم وإطلاق النار عليهم.

توقعات تتحول إلى خيبة أمل: في البداية، كان المتظاهرون السوريون يأملون في أن تحقق القيادة السورية في دمشق إصلاحات سياسية. ولكنهم تحوّلوا إلى المطالبة بالإطاحة بالنظام بعد مقتل حمزة الخطيب، البالغ من العمر13 عاماً، الذي وصفه النظام بأنه “إرهابي”. لكن وجهة نَظَر محمد لا تتفِق مع الرواية الرسمية للسلطات السورية، فمحمد يقول: “في هذا الحادث كَشَف النظام عن وحشيته. لقد تمّ اعتقال حمزة الخطيب. وبعد أسبوع كان بإمكان أسرته أخذ جثته، بعد أن تمّ قَطْع عُضْوه الذََّكَري وإطلاق النار على رأسه”. وشكَّل قتل حمزة الخطيب نقطة تحول غيّرَت موقف الكثيرين من المتظاهرين.

كان محمّد وأصدقاؤه حينها في انتظار استجابة بشار الأسد لِمَطالب الإصلاح السياسي، ويقول محمد بهذا الشأن: “لو كان بشار الأسد أكَّد على أنْ يتم التحقيق في الحادث، ولو كان أعلنَ إجراء انتخابات جديدة وإلغاء قانون الطوارئ لكانت أيَّدَتْه أغلبية المتظاهرين على الأرجح. ولربما كنتُ أنا أيضاً أيّدتُه كذلك”. ولكن، هل كان الأسد يمتلك القدرة على السماح بالاحتجاجات، بدلاً من قمعها؟ “بالتأكيد، نعم”، يجيب محمد، ويضيف: “لقد كان من غباء وغطرسة الأسد أن يقوم منذ البداية بوصف المحتجين بأنهم إرهابيون”.

ولكن هل كان المتظاهرون يأملون في أن يُحقق الأسد الإصلاح، كما كان الغرْب يفترض في البداية؟ يجيب محمد: “نعم. كُنَّا نأمُل في ذلك. ولكن هل يمكن تصَوُّر قمع المظاهرات الاحتجاجية بهذه الطريقة وبهذا الشكل الدمويّ والعنيف؟”، ويتابع قوله بأن الصراع تصاعدَ بالتالي تدريجياً. وبدأ الجيش السوري الحر يرُدّ بهجمات على إرهاب ميليشيا الشبيحة الموالية للنظام. “وخصوصاً في مدينة إدلِب: كان إرهاب الشبيحة هو الأسوأ”، يضيف محمد مؤكِّداً على عبارته.

“المحور الشيعي”: الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد والرئيس السوري بشار الأسد وزعيم حزب الله حسن نصر الله يرون في الانتفاضة الشعبية السورية مؤامرة تهدف إلى تدمير التحالف القائم بينهم. أما حسَن، الطالب المنحدِر من بلدة علَوية مجاورة، فهو يناقِض هذا الوصف بشِدّة. كما أنه لا يَحمِل أي تعاطُف مع الثورة. ويعبّر عن رأيه قائلاً: “المقاتلون، المُنتَمون إلى ما يسمى بالجيش السوري الحُر، هم بالنسبة لي الإرهابيون الحقيقيون، ولهم صِلات بتنظيم القاعدة”. ويضيف: “هؤلاء السلفيون لا يريدون الديمقراطية!”. ويقول حسن إنه لا يزال من أنصار بشار الأسد، تماماً كما كان في السابق، ويتابع كلامه مُسْتَطرِداً: “كل ما يُنشَر حول ارتكاب أعمال وحشية في سوريا ليس إلاّ مُجرّد أكاذيب، تنشرها وسائل الإعلام الغربية”.

أنصار النظام يرون أن أعضاء الجيش السوري الحر ليسوا مقاتلين من أجل الحرية. كما أنهم يرون أنه ليس هناك أصلاً ثورة ضد الأسد، بل إن هناك “مؤامرة خارجية” لزَعْزَعة استقرار سوريا. ويضيف حسن: “إنهم لا يريدون تحقيق السلام، بل الفوضى فقط، لتدمير المِحوَر الشيعي: إيران وسوريا وحزب الله”. ويتابع قوله: “إنها نكتة بالفعل أن تطالب المملكة العربية السعودية بالديمقراطية لسوريا، في حين أنها تضطهد الشيعة، فيما لا يقول الغرب أي شيء حِيال ذلك”.

الخَطَر السلفي

تدرُس فدوى البالغة من العمر 22 عاماً العلوم الإسلامية في ألمانيا. وهي ترى أن آراء أنصار الأسد، الموجودين في كل جامعة، بما فيها جامعات ألمانيا أيضاً، هي أراء غير قابلة للصمود، وتقول إن “انتفاضة التغيير يدعمها الشعب السوري بأكمله وإن هناك علَويين ومسيحيين مناهضين للأسد أيضاً”. لكنها تُقِرّ بأن السلفيين باتوا نشِطين حالياً في سوريا أيضاً.

وتضرِب نادية حول ذلك مثلاً من مدينتها حلب، وتذكُر اسم وَحْدة قتالية هناك، وتقول: “يوجد في حلب ‘لواء التوحيد’، الذي ينضوي تحته بعض الإسلاميين، لكنهم لا يلعبون إلا دوراً ثانوياً بصورة عامة. أما الدور الرئيسي فتقوم به مجموعات الطلاب وغيرهم من النشطاء الآخرين”. فدوى تعتقد بإمكانية وجود سلفيين ونشطاء من تنظيم القاعدة في أوساط الثوّار المسلحين، وتضيف: “ولكن تم القبول بهم من أجل إسقاط الأسد فقط. أما بعد سقوطه، فلن يرضى بهم أحد، فالسوريون ليسوا بأغبياء”.

الصورة يوتيوب

الانتفاضة الشعبية السورية كحرب مقدسة ضد نظام الأسد المُلْحِد: المنتقدون يتهمون “لواء التوحيد” بتسلل أفراد من السلفيين إليه. وعلى الرغم من أن محمد يُؤَيّد الثورة، غير أنه يرى الأمر بشكل مختلف، ويقول: “السلفيون في حلب نُشَطاء جداً ويسيطرون على لواء التوحيد في حلب”. ويتابع كلامه: “صحيح أنني مع إسقاط النظام، ولكني أيضاً ضد السلفيين، وأعتقد أن غالبية السوريين يفكِّرون كما أُفكِّر أنا”. ويقول بنبرة أكثر تحديداً: “لقد شَنّ الشبيحة والمستفيدون من النظام من خلال أعمالهم القاسية حرباً تَتَلوَّن بلون الطائفية. وفي كثير من الأحيان لا تكون الحرب سوى مواجهة يقوم بها الشيعة والعلَويون ضد السُّنَّة”.

لكن محمد متأكِّد كذلك من أن الكثيرين من الشيعة والمسيحيين لا يدعمون الأسد إلا بدافع الخوف، ويقول: “لي صديق شيعي، وقد قال لي: ‘سيتم إرسالنا، نحن الشيعة، إلى إيران إذا سقط الأسد!’، وحتى معارِفي من المسيحيين يخافون مما قد يحدث”.

حَسَن يخاف من مستقبل لسوريا دون بشار الأسد وحزب البعث، ويقول: “إن الإرهابيين يريدون ارتكاب مجزرة في حق جميع العلويين. بالتأكيد أن هناك أغلبية علَوية داخل الجيش، ولكن يوجد فيه أيضاً مسيحيون وسُنَّة”. صحيح أن حسَن يرغب في “أن يعيش الجميع معاً بسلام من جديد، كما كانوا من قبل”، ولكنه يريد أن يتحقق ذلك في ظِل حكم بشار الأسد، “الذي لم يتمكن من تنفيذ إصلاحاته بسبب الإرهابيين”، على حدّ تعبير حسن.

طريق الديمقراطية المُمتلئ بالعقَبَات

أما بالنسبة للمستقبل، فمعظم السوريين في ألمانيا متَّفقون حوله، ويقول جُلُّهم في هذا الصدد: “نريد الديمقراطية!”. ومن المثير للاهتمام هنا ملاحظة أن الجميع يتحدثون عن الحرية والتعايش السلمي، سواء أكانوا من معارضي الأسد أو من المؤيّدين له. تتفّق فدوى أيضاً مع ذلك، وتقول: “أريد ديمقراطية حقيقية تتمتع بحرية التعبير، بحيث يُمكِن للمرء توجيه انتقاداته دون أن يُعتَقَل ودون أن يتم احتجازه، ولكن الأهم الآن أولاً وقبل كل شيء: هو تَنْحِيَة بشار الأسد”.

ولكن هل من الممكن إقامة الديمقراطية في بلد مثل سوريا؟ ليس من السهل على محمد الإجابة على هذا السؤال، وها هو يقول: “أنا لا أريد دولة الحزب الواحد، ولا دولة السلفيين. بل إنني أريد نموذجاً لسوريا: يعيش فيه السُّنّة والشيعة والدروز والعلويون والمسيحيون جنباً إلى جنب، ويتمتع فيه الجميع بالمساواة في الحقوق. وينبغي أن يكون لكل شخص فيه الحق في أن يصبح رئيساً، بغض النظر عن طائفته التي ينتمي إليها”. ويُتابع مُحمد كلامه: “من الصعب جداً في سوريا أن تتحقق ديمقراطية على النمط الغربي، ولكن من الممكن بالتأكيد إقامة ديمقراطية شبيهة بتلك التي في تونس، أو ربما كتلك التي في تركيا”.

فابيان شميدمايَر

ترجمة: علي المخلافي

مراجعة: هشام العدم

حقوق النشر: قنطرة 2012

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى