صفحات سوريةهوشنك بروكا

فلسطين -المدسوسة- في -الفتنة السورية-

 


هوشنك بروكا

لا عدوًّ للفلسطيني المشتت في سوريا، سوى إسمه.

وما أدراك ما الفلسطيني، وما فلسطين ومخيماتها، في سوريا؟

ولمن لا يعرف فلسطين بجهاتها وحدودها السورية، فليقرأ عن فرعها المرقم ب 235 الأمني المخابراتي، المعروف بفرع فلسطين، السيء الصيت، في العاصمة السورية دمشق.

هذا الفرع المعني بملفات “خارجية” كالملف الفلسطيني واللبناني والكردي وملفات “شقيقة” أخرى. الفرع في أساسه، هو “غوانتامو سوري” متخصص بتأديب “الأخوة الأعداء”، ومحوهم عن بكرة أبيهم، لا سيما الفلسطينيين. هو، يعتبر واحداً من أكثر سجون ومعتقلات العالم وحشيةً وفظاعةً وشراسةً وتعذيباً. البعض يشبّهونه بالسجن النازي، من فرط ممارسة جلاديه لأشنع طرق التعذيب وأقسى تقنياته، كالكرسي الألماني المطوّر سورياً الذي بات يسمى بالكرسي السوري، وبساط الريح، والشبح، والدولاب، والحرق وقلع الأظافر، وثقب صدر أو ظهر الضحية بسيخ معدني، وتشريط جسم الضحية لا سيما الوجه بمشرط حاد او سكين، والإغتصاب الجنسي، وسواها من “مبتكرات” التعذيب الأخرى، المسجلة بعلامة سورية.

تاريخ فلسطين، منذ الهروب الأول لأبنائها إلى سوريا، حتى الآن، هو تاريخ قتلٍ مزدوج، كان الفلسطيني فيه، الضحية الأولى والأخيرة، إما قاتلاً أو مقتولاً.

في كلتا الحالين، ليس للفلسطيني، كما شاء النظام السوري له أن يكون، إلا القتل. الفلسطيني، في شتاته السوري، والقتل واحدٌ.

“فلسطين السورية”، هي تاريخٌ واحد بذاكرتين: واحدة قاتلة، وأخرى مقتولة؛ واحدة شقيقة، وأخرى عميلة؛ واحدة يجب أن تَقتل، وأخرى يجب أن تُقتل.

تاريخ الشقاق الفلسطيني، ودعم النظام السوري على الدوام، لفلسطين ضد أخرى، وتقسيم دمشق للفلسطينيين إلى “أخوة أعداء” و”أخوة أصدقاء”، كلّ ذلك يؤكد لنا، سورياً، شيئاً واحداً، ألا وهو: فلسطين ليست غايةً للممانعات السورية بحدّ ذاتها، بقدر ما أنها وسيلة لتبرير غايات أخرى، هي أبعد ما تكون عن مصلحة فلسطين وأهلها.

ما مناسبة هذا الكلام؟

مناسبته، هو حديث مستشارة الرئيس السوري، الدكتورة بثينة شعبان، هذه الأيام، التي يشتعل فيها الغضب السوري، عن “فتنة طائفية”، اتهمت بشكل غير مباشر أطراف فلسطينية بإشعالها لأحداث السبت في اللاذقية. وهو الأمر الذي دفع ببعض المعنيين، كالأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين/ القيادة العامة، إلى نفي إي تورط فلسطيني في ذلك”.

كما هو واضحٌ من الخطاب السوري الرسمي، فإن المسؤولين السوريين مصرّون على أن تكون روايتهم المفبركة ببطولة الأيادي الخارجية المندّسة، هي الصحيحة، على طريقة إصرار عنصر المخابرات في النكتة السورية المشهورة، بأن “يصير الحمار غزالاً”، وذلك عبر إتهام جهات خارجية عدوّة تستهدف “النموذج السوري”، وتريد النيل من ممانعاتها، وسياساتها الخارجية المتصدية للمخططات الصهيونية والإمبريالية العالمية.

في الأول من دم درعا، حاول النظام توجيه أصابع الإتهام، مبطناً، إلى جارتها الأردن، وذلك بنشره لأخبار مفبركة، عن تهريب أسلحة عبر الحدود السورية الأردنية، إلى مدن الجنوب الحدودية مثل درعا، ولكن نفي الأردن بشدة لذلك، وربما أشياء أخرى لا نعرفها، حالت دون نجاح النظام في تمرير هذا الإتهام، أو ركوبه، لإقناع الرأي العام، في الداخل والخارج.

رواية النظام، التي روّج لها أعلامه بعقلية سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، انتهت بعرض التلفزيون السوري مشاهد لأسلحة وذخيرة وأموال، قيل إنها تعود ل”عصابة مسلحة” خزنتها في المسجد العمري بدرعا.

الآن نسمع من مسؤولي النظام إتهاماً من نوعٍ آخر، وذلك بتوجيه أصابعه إلى “فلسطينيي المخيمات”، وتحديداً إلى لاجئين فلسطينيين مقيمين في “مخيم الرملة”، القريب من مدينة اللاذقية.

لم يجد النظام السوري، على ما يبدو، سوى الفلسطينيين اللاجئين إليه، لإتهامهم بإشعال ما يسميها ب”الفتنة الطائفية”. والسبب، هو لأن هؤلاء المقيمين في “القتل الضروري”(قاتلاً أو مقتولاً)، منذ الأول من إقامتهم في المخيمات السورية، هم أسهل وأضعف ضحية، يمكن تقديمهم “كبش فداء”، لتبييض وجه النظام، وتبرير ما ارتكبته أجهزته ومخابراته، من مجازر في درعا والصنمين واللاذقية، كما تقول الأخبار وما بينها من تقارير وصور ولقطات فيديو، فضلاً عما وراءها من عقلٍ ومنطق.

المطلّعون على واقع التشتت الفلسطيني في سوريا، يعلمون جيداً أن الفلسطينيين، هم هناك، اسهل ضحية تحت الطلب، يمكن للنظام استخدامهم ك”قرابين سياسية”، على الدوام، في كلّ جيوبه العلنية والسرية، وزجهم في أية قضيةٍ يريد لها أن تكون.

كلّ من يتحدث بإسم النظام هذه الأيام، من قارئة فنجان السياسة بثينة شعبان إلى مفتي النظام أحمد بدرالدين حسون، كلّهم متأكدون من القبض على “الأيادي الخارجية”، و”المندسين”، الذين تسببوا في إشعال نار الفتنة الطائفية في سوريا، وواثقون من وقوع هؤلاء “العملاء” الوشيك في قبضة العدالة السورية، لتأريخ اعترافاتهم وعمالاتهم، وعرضها على الرأي العام في الداخل والخارج، ونشرها “بكل شفافية”، عبر كل وسائل الإعلام، ليكونوا عبرةً لمن اعتبر.

من المؤكد أنّ الإعلام السوري، سيطبق هذه المرة أيضاً، كما في كلّ مرة مقولة رأس الدعاية النازية جوزيف غوبلز(1897ـ1945) المعروفة: “أكذب أكذب أكذب، حتى يصدقك الناس”، ليخرج علينا في القادم من الأيام، برواية جديدة من روايات الخيال البوليسي المخابراتي المفصّلة تفصيلاً سورياً.

قريباً جداً، ستطلع علينا عصابة “أبو عدس” جديدة، تعترف ب”عمالتها” لصالح جهات خارجية معادية، بهدف ضرب “النموذج السوري الرائع”، حسب تعبير المستشارة قارئة فنجان الرئيس.

والأرجح، أن “أبو عدس” القادم، الذي سيطلع علينا قريباً جداً، حصرياً في سورياً، ب”دزينةٍ عميلة” كاملة مستنسخة من الأب الروحي أحمد تيسير أبو عدس، سيكون “فلسطينياً” على الطريقة السورية، “قاتلاً ومقتولاً” في آن.

هذا هو “العاجل” الأرجح الذي سيزفّه علينا التلفزيون السوري، في القادم القريب من الزمان.

 

ترقبوا الرواية الأحدث ل”أبو عدس الفلسطيني” في القادم من خيال النظام السوري!

لا تفوتكم فرصة الإستماع لإعترافات فلسطين “المدسوسة”، حول إشعال أبنائها “المغرّر بهم” للفتنة الطائفية، في سوريا!

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى