صفحات العالم

الفتور الأميركي حيال سوريا يثير استياء


وواشنطن تحْذَر “القاعدة” والسلاح الكيماوي

    روزانا بومنصف

تنقل مصادر سياسية عن مصادر ديبلوماسية غربية تحفظ دول عدة عن الاداء الرسمي الاميركي راهنا ازاء الوضع السوري نظرا الى فتور تلحظه هذه الدول في اسلوب التعامل الاميركي مع التطورات السورية على رغم ادراكها ان الانتخابات الرئاسية الاميركية تشكل عائقا امام اندفاعات ينتظرها كثر على هذا الصعيد. لا بل تخشى ان يساهم التغيير في الرئاسة الاولى في حال حصوله في استمرار حال الفتور اكثر من المتوقع اي حتى استلام الرئيس الجديد مهماته وتشكيل فريقه. وهذا الاستياء هو بنسب متفاوتة تتقاسمه دول عربية واخرى اقليمية واوروبية، ايضا لا ترى التعامل الاميركي على مستوى التطورات التي تحصل في سوريا بل هي بين مد وجزر يقوى حينا ويخفت احيانا اخرى. اذ تنقل هذه المصادر اقتناعا بان المسؤولين الاميركيين يركزون الكثير من اهتمامهم في محادثاتهم حول الشأن السوري على امرين او ثلاثة: الاول هو المخاوف من تعاظم وجود تنظيم “القاعدة ” في سوريا. وقد سبق للمسؤولين الاميركيين ان اشاروا مرارا الى هذه النقطة وحتى انهم عزوا بعض التفجيرات التي حصلت في العاصمة السورية الى تنظيمات تدور في فلك التنظيم الاساس اي “القاعدة”. كما ان بعض هؤلاء يركزون على احتمال ان تتحول سوريا مغناطيسا يجذب عناصر هذا التنظيم من العراق اليها كما يجذبهم ايضا من سائر الدول الاخرى حيث له وجود في انحاء العالم. ومع ان المسؤولين الاميركيين تراجعوا عن العودة الى “القاعدة” منذ بعض الوقت في تفسير بعض ما يحصل في سوريا على ما فعلوا منذ بعض الوقت، فان المصادر المعنية ترى ان الامر يشكل هاجسا لا تراجع فيه لدى الاميركيين كما تخشى ان يكون هناك مبالغة في هذا الاطار تعطي “القاعدة” حجما ووجودا اكبر مما هو في الواقع بحيث قد يكون يستخدم تبريرا لعدم تقديم المساعدة العسكرية للثوار والتأني في دعمهم في الظروف الراهنة.

اما الامر الاخر فهو التركيز على احتمال استخدام النظام السوري الاسلحة الكيماوية الموجودة في حوزته. وقد وجه الرئيس الاميركي باراك اوباما قبل اسابيع قليلة تحذيرا الى النظام من ان استخدام هذه الاسلحة هو خط احمر، وسرعان ما كررت هذا التحذير دول اوروبية اخرى على رغم سعي روسيا الى نقل تأكيدات بان النظام ليس في وارد استخدام هذه الاسلحة. ومصدر القلق وفق ما تنقل هذه المصادر هو احتمال لجوء النظام الى استخدام هذه الاسلحة او افتعال احداث يمكن ان ينسب فيها استخدام هذه الاسلحة الى الثوار الذين لا يزال يطلق عليهم صفة “الارهابيين ” على نحو يحاول ان يلاقي فيه مخاوف الاميركيين في شكل خاص والدول الاخرى من انتشار هؤلاء وبيعهم ضرورة استمراره في السلطة ولو بشروط من اجل منع تحكم هؤلاء بسوريا او سيطرتهم عليها على رغم ان مسألة انتقال السلطة وحتميتها امر لا مفر منه وفق ما تقول هذه المصادر بالنسبة الى الاميركيين وسواهم كون الاسد لن يمكنه البقاء مع مسؤوليته عن العدد الهائل المعروف على الاقل من السوريين الذين قتلوا حتى الان. وتستند المخاوف من استخدام الاسلحة الكيماوية الى تجارب مبنية على مبدأ ان الانظمة الاستبدادية لا تخشى استخدام هذه الاسلحة بمختلف الذرائع كما فعل صدام حسين حين استخدم اسلحة مماثلة في حلبجا مثلا كما على مبدأ ان الانهيار شبه المؤكد للنظام قد يدفعه لخطوات يائسة وانتحارية مماثلة لما يجري في التد مير المنهجي للمدن السورية. الا ان المصادر نفسها تنقل ان الرئيس الاميركي لم يحذر النظام وحده من مغبة استخدام هذه الاسلحة بل ان تحذيره يشمل المعارضة السورية بكل فئاتها في حال استطاعت الاستيلاء على هذه الاسلحة او وقعت هذه بين أيديها. وان التدخل العسكري الخارجي في حال كان واردا على رغم نفي احتمالاته مرارا وتكرارا في الاشهر الاخيرة فهو سيرد في حال استخدام هذا النوع من الاسلحة ليس الا. وهذا الامر فهمه مسؤولون لبنانيون اتيح لهم لقاء مسؤول اميركي عسكري بارز زار لبنان اخيرا.

 وتثير هذه المواقف الاميركية استياء نظرا الى ان دولا معنية عدة واطرافا عدة داعمة للثورة في سوريا تعتبر ان طول الازمة في سوريا ساهم ويساهم في دخول افرقاء كثر على خط الحرب الدائرة فيها وان عدم الحسم هو ما شجع على هجرة عناصر من القاعدة اليها شأنها في ذلك شأن كل الحروب التي تجذب المتطرفين وما شابههم. علما ان تعميم هذه المخاوف من شأنه تقليل فرص دعم الثوار السوريين عسكريا على اساس الخشية من انفلات الوضع في سوريا.

اما الامر الثالث فيتصل باستمرار عجز المعارضة عن تقديم نفسها كقوة واحدة موحدة او شبه موحدة بحيث تقنع الدول المعنية على اعتمادها كبديل مسلم به من النظام. وهو امر تسلم به دول عدة ايضا تدفع المعارضة الى التوحد والاتفاق وعدم التنافس في هذه الظروف ولو ان دولا اقليمية وعربية تعطي المعارضة اسبابا تخفيفية تتصل بجملة امور تتصل بالداخل السوري وبالخارج ايضا.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى