صفحات العالم

ماذا يحصل في لبنان إذا سقط نظام الأسد؟


سلاح “حزب الله” أمام امتحان لدوره

اميل خوري

إذا كان لبنان قد نجا من ضربة اقتصادية بتوصل الحكومة إلى توافق على تمويل المحكمة الدولية، فهل ينجو من تداعيات ما يجري في سوريا إذا قرر النظام فيها أخذ لبنان رهينة للمساومة على ثمن فك أسرها؟

الواقع ان سوريا التي حرصت على جعل أمنها من أمن لبنان وإن لم تكن قد جعلت أمنه من أمنها أكثر من مرّة، هل تنجح هذه المرّة في جعل لبنان يدفع فاتورة سقوط نظامها وقيام نظام آخر يتجانس مع النظام في لبنان؟

لقد صار امــتحـــان حلفاء سوريا في لبــــنــان ولا سيـــما منهم “حزب الله” في موضوع تمويل المحكمة، وإذا بالحزب يقدّم مصلحة لبنان وحرصه على بقاء حكومة ميقاتي على مصلحته المتضرّرة من بقاء هذه المحكمة.

فهل يقدم مرّة أخرى مصلحة لبنان على مصلحة حليفه السوري فيرفض أن يكون رأس حربة في زعزعة الاستقرار خصوصاً إذا لم يكن ذلك يضمن إنقاذ النظام السوري فيتحمل الحزب عندئذ مسؤولية تدمير لبنان من دون أي مقابل؟

في معلومات لمصادر ديبلوماسية أن “حزب الله” لن يحرك سلاحه داخل لبنان إلا إذا كان في ذلك مصلحة لإيران أو لسوريا أو لكلتيهما. وهذا يتوقف على نتائج الاتصالات الجارية في شأن الوضع في العراق وما سيسفر عنها كأن يكون لايران نفوذ واسع في العراق يعوضها خسارة موقعها الاستراتيجي في سوريا كجسر عبور الى دول المنطقة. فاذا تم التوصل الى اتفاق على ذلك فلا يعود لـ”حزب الله” مصلحة في أن يضحّي بأمن لبنان من أجل أمن سوريا، ويكون أثبت مرّة أخرى ان سلاحه هو سلاح لمقاومة العدو الاسرائيلي وليس للداخل من أجل إحداث خلل في التوازنات السياسية وهو ما يثير الخلافات الحادة ويجعل هذا الاتفاق مرفوضاً.

أما إذا لم يتم التوصل الى هذا الاتفاق فإن الأمن في لبنان يصبح في خطر مهما حاولت الحكومة العمل على تحصينه، لأن سلاح “حزب الله” يصير له دور اقليمي.

لذلك ينبغي ترقّب نتائج الاتصالات الجارية حول الوضع في العراق بعدما خرجت القوات الأميركية منه، فإما تنتهي الى اتفاق على تقاسم النفوذ في المنطقة بين الدول المعنية في اطار “سايكس – بيكو” جديد أو في اطار أي صيغة أخرى على أن يصبح النظام الديموقراطي هو الذي يأتي بالحكام بارادة الشعب أياً تكن انتماءاتهم وهوياتهم، مسلمين معتدلين أو متشددين ما دامت تأتي بهم الديموقراطية، ذلك أن التخلص من الانظمة الديكتاتورية والشمولية المفروضة على شعوب المنطقة لا يمكن تغييرها إلا بثورات، فيما الأنظمة الديموقراطية تغير الحكام إذا أساءوا بارادة الشعب وبالديموقراطية التي تصحح نفسها بنفسها. فاليوم يحكم المسلمون المتشددون وغداً يحكم المعتدلون او الليبراليون ما دام هذا الحكم هو خيار الشعوب.

وبما أن اللبنانيين منقسمون بين من هم مع النظام السوري ومن هم ضده، فقد يكون من الصعب ان يلتقوا على موقف واحد يحصن الجبهة الداخلية ويحميها من اي تدخل، مثل تحييد لبنان أو ابقائه في منأى عما يجري حوله، وهذا موقف يصعب التوصل الى اتخاذه إذا كان مطلوباً من حلفاء سوريا في لبنان ان يكون لهم موقف آخر حتى لو أدى الى زعزعة الأمن في لبنان وفي كل المنطقة، أو كان ذلك مطلوباً من ايران عملاً بالتحالف الاستراتيجي القائم بين البلدين وعدم تخلّي أحدهما عن الآخر، خصوصاً في الملمات والأزمات.

استناداً الى كل ذلك، لا خلاص للبنان من تداعيات ما يجري في سوريا الا إذا حُسم الوضع فيها بسرعة ووضُع الجميع أمام أمر واقع جديد، أو إذا تخلت إيران عن سوريا بعقد اتفاق ما مع اميركا ودول الغرب توازي قيمته او تفوق ثمن هذا التخلي. وهذا الاتفاق في حال حصوله سيرتد ايجاباً على لبنان ويصير في ألامكان التوصل الى حلّ لموضوع سلاح “حزب الله” خصوصاً عندما يثبت انه يقدّم مصلحة لبنان على مصلحة أي خارج.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى