صفحات العالم

فرصة جديدة أخرى للأسد؟


طارق الحميد

ترتكب آلة القتل الأسدية المجزرة تلو الأخرى، وتمنع وصول المراقبين الدوليين لمكان المجزرة، مثلما حدث في القبير، لمدة يومين، حتى تنظف المشهد، ثم تسمح للمراقبين الدوليين بالدخول هناك، ورغم كل ذلك لا يزال السيد أنان يبحث عن طريقة لتنفيذ بنود خطته في سوريا! أمر عجيب حقا.

فعلى السيد أنان أن يعلن أن خطته قد فشلت، وكما قلنا من قبل، فإن فشل مبادرته ذات الست نقاط ليست فشلا شخصيا له، بل لأن بشار الأسد هو من أفسدها، مثلما أفسد الطاغية كل المبادرات التي طرحت لسوريا، ومنذ اندلاع الثورة، ولذا فإن من واجب السيد أنان أن يعلن عن فشل مبادرته، وليس تطويرها، أو بحث طرق أخرى لتنفيذها، مثل إقحام إيران في المشهد، وهو أمر غير مقبول، فكيف يقال لمساعد القاتل تعال لتكون جزءا من الحل؟ إشكالية عدم إعلان أنان عن فشل مبادرته أنه يعطي الروس والصينيين فرصا للتلاعب بالمجتمع الدولي، وإعاقة أي تحرك فعلي داخل مجلس الأمن، كما أنها تمنح الإدارة الأميركية الحالية فرصة للتهرب من مسؤولياتها تجاه سوريا وذلك من أجل انشغال أوباما بالانتخابات الأميركية القادمة!

هذه هي إشكالية تمسك أنان بمبادرته إلى الآن، وعدم إعلان فشلها، فهي تعطي الجميع فسحة للتهرب من حماية السوريين العزل، كما أنها تعطي الطاغية الأسد فرصة جديدة أخرى ليس للقضاء على الثورة، فهذا أمر بعيد المنال تماما، وإنما تمنح الطاغية فرصة للقيام بقتل المزيد من السوريين، وبالتالي تعريض مستقبل سوريا الدولة ككل للخطر، مثلما أنها تعرّض أمن المنطقة ككل للخطر، وتنذر باندلاع حريق كبير. ومن هنا فإن إعلان أنان فشل مبادرته يعني أن على الجميع تحمل مسؤولياته تجاه ما يحدث بسوريا، حينها سيقطع طريق المتاجرة على الروس والصينيين، كما سيكون على أميركا، وخلفها المجتمع الدولي، مسؤولية حماية المدنيين السوريين، والأهم من كل ذلك أن إعلان فشل الخطة يعني أن الأسد بات بين أمرين لا ثالث لهما؛ وهو إما الفصل السابع من قبل مجلس الأمن، وإما أنه سيواجه تحالف الراغبين، ومن خارج مجلس الأمن كما حدث في يوغوسلافيا، والقصة ليست رغبة في الحروب، وإنما هي مطالبة لإيقاف آلة القتل الأسدية التي حصدت أرواح السوريين بشكل بشع، ومهين، حتى إن واشنطن وصفت المجزرة الأسدية الأخيرة بأنها مهينة للكرامة الإنسانية، وهذا ما يفعله النظام الأسدي وشبيحته بالسوريين كل يوم، فما الذي ينتظره المجتمع الدولي من أجل أن يتحرك ضد من يهين الكرامة الإنسانية للشعب السوري، ويقتل أطفالهم ونساءهم، ورجالهم، بأبشع الطرق؟

المؤكد أن الجميع يتعذر اليوم بوجوب انتظار إجابة السيد أنان على قابلية تنفيذ خطته، ولذا فإن من واجب السيد أنان، وحقنا لدماء السوريين الذين يتعرضون لمجزرة تلو الأخرى على يد طاغية دمشق، أن يعلن فشل خطته ليواجه الأسد مصيره المحتوم، وليس منح الطاغية فرصة جديدة أخرى!

الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى