أحداث وتقارير اخبارية

أحداث السبت، 09 تموز 2011

 سورية: مئات الآلاف يتظاهرون… و«عقدة» حماة تتفاقم

دمشق، عمان، باريس، لندن – «الحياة»، أ ف ب، رويترز

تفاقمت «عقدة حماة» في يوم «تحدي إلارادات» بين السلطات السورية، التي تريد إنهاء الحركة الاحتجاجية، والمتظاهرين، الذين يصرّون على مواصلة حركتهم، بعد خروج مئات الآلاف في غالبية المدن السورية في «جمعة لا للحوار» تحت عيون السفيرين الأميركي روبرت فورد، والفرنسي اريك شوفالييه اللذين حضرا أمس في حماة بعض تظاهرات المحتجين والتقيا معارضين سوريين.

وخرج حوالى 450 آلف متظاهر في حماة وحدها ما شكل التحدي الأكبر للسلطات وقوات الجيش التي لا تزال متمركزة على أطراف المدينة.

وأثار وجود السفيرين في حماة رد فعل غاضباً في دمشق التي اتهمت واشنطن بتحريض «مخربين» على التظاهر ورفض الحوار. وقالت دمشق إن هذا «دليل واضح على تورط» واشنطن في الأحداث، لكن وزارة الخارجية الأميركية ردّت بالتعبير عن «استيائها» من رد فعل دمشق. وقالت الناطقة باسم الوزارة فيكتوريا نالاند «إن السفير الأميركي ترك المدينة عائداً الى دمشق أمس بعد لقائه عدداً من المتظاهرين». وجددت التأكيد أن واشنطن أبلغت دمشق مسبقاً بهذه الزيارة.

وقالت: «نحن بصراحة مستاؤون قليلاً لرد الفعل السوري». وشددت على أن قول الحكومة السورية أنها تفاجأت بزيارة السفير فورد الى حماة «لا معنى له».

وكانت المستشارة السياسية والاعلامية في رئاسة الجمهورية السورية بثينة شعبان أكدت «احتجاج واستياء الشعب السوري» على زيارة السفير الأميركي حماة من دون إذن من الحكومة السورية، فيما أفادت وزارة الداخلية السورية أن فورد التقى خلال زيارته المدينة «مخربين» في حماة و «حضهم على التظاهر والعنف ورفض الحوار».

وكانت شعبان قالت رداً على سؤال لقناة «بي بي سي» العربية، إن سورية لا تريد قطع «شعرة معاوية» مع الإدارة الأميركية، قبل أن تجدد تأكيد وجود «احتجاج واستياء شديدين من قبل الشعب السوري حول بيان الخارجية الأميركية بأن (فورد) موجود في حماة ويعتزم البقاء إلى (أمس)، وذلك عشية التوجه إلى الحوار الوطني بين كل شرائح المجتمع السوري». وتابعت: «هذا يعطينا رسالة أن الولايات المتحدة تقول: لا للحوار»، متسائلة: «إذا كانت الولايات المتحدة تريد المسار الديموقراطي والإصلاحي في سورية، فلماذا لم تعبّر عن رأيها بدعم الحوار الذي نتّجه إليه؟».

وفي أجواء وصفها ناشطون سوريون بـالمتوترة والساخنة، تظاهر مئات الآلاف في عدد كبير من المدن، بينها حماة وريف دمشق ودير الزور ودرعا وحمص وحلب والقامشلي وإدلب وبانياس واللاذقية، منددين بالعنف ضد المدنيين، معلنين رفضهم الحوار مع السلطات.

وقال ناشطون إن قوى الأمن انتشرت بكثافة في غالبية المدن، وإن أجواء توتر شديدة سادت خصوصاً بعد قيام المئات من عناصر الأمن بعمليات ليلية في دمشق وحراستا والقابون وإدلب وحمص تمت خلالها الإغارة على محتجين وناشطين، ما أدى إلى عشرات الجرحى والمعتقلين. وقالت منظمات سورية إن 14 متظاهراً على الأقل قتلوا برصاص الأمن أثناء تفريق التظاهرات أمس.

ووفق منظمتين حقوقيتين، قتلت قوات الأمن ستة متظاهرين في مدينة الضمير في ريف دمشق وخمسة متظاهرين في حمص ومتظاهرين في حي الميدان وسط دمشق.

وقالت الرابطة الوطنية لحقوق الانسان إن أكثر من 450 ألف شخص خرجوا للتظاهر في ساحة العاصي والشوارع المؤدية إليها وسط حماة. فيما قال المرصد السوري إن قوات الامن فرّقت حوالى مئة ألف متظاهر في مدينة دير الزور، مشيراً الى «سقوط نحو عشرة جرحى بينهم إصابتان خطرتان اثناء تظاهرة في الميادين (شرق) شارك فيها الآلاف». كما تحدث المرصد عن قيام قوات الأمن «بحملة اعتقالات ومداهمات مستمرة في عدة أحياء في حمص».

إلى ذلك، أثار قتل صاحب الهتافات المدوية في «ساحة العاصى» في حماة، صدمة في أوساط الناشطين السوريين الذين قالوا إن ذبح «صوت الاحتجاجات» في المدينة إبراهيم قاشوش «دليل عجز» السلطات. ونعى موقع «سورية الجديدة من أجل التغيير والديموقراطية» القتيل، موضحاً انه تم العثور على جثته في نهر العاصي بعد فترة من اعتقال قوات الأمن له في حماة.

أهالي حماه نثروا الورود على السفير الأميركي

وواشنطن أزعجها استياء دمشق من زيارته

واشنطن – هشام ملحم

دمشق – الوكالات:

أثارت الزيارة التي قام بها السفير الاميركي لدى دمشق روبرت فورد لمدينة حماه الخميس والجمعة مزيدا من التوتر في العلاقات بين سوريا والولايات المتحدة، وخصوصا بعدما لحق السفير الفرنسي أريك شوفالييه بالسفير الاميركي في خطوة اعتبرت جهدا غربيا منسقا للضغط على النظام السوري ومساندة المعارضة.

وأعربت دمشق عن استيائها من زيارة فورد واتهمته باجراء اتصالات مع “مخربين” في المدينة التي شهدت تظاهرة امس قدر عدد المشاركين فيها بما بين 150 الفا و450 الفا (راجع العرب والعالم). لكن واشنطن استغربت رد الفعل السوري على الزيارة وأكدت ان وزارة الدفاع السورية كانت على علم مسبق بها.

ومع ان زيارة السفيرين الاميركي والفرنسي لحماه اجتذبت الاضواء أمس، فان تظاهرات اخرى نظمت، الى تظاهرة حماه، في عدد من المدن والبلدات. وقال ناشطون معارضون ان قوى الامن قتلت 14 متظاهرا في انحاء متفرقة من البلاد.

واشنطن

ورفضت الناطقة باسم وزارة الخارجية الاميركية فيكتوريا نيولاند بشدة قول الحكومة السورية ان زيارة فورد لحماه من شأنها زيادة التوتر في البلاد. ووصفت الموقف السوري بأنه “هراء في المطلق”.

كما أعربت عن انزعاجها لأن دمشق قالت ان الزيارة كانت مفاجئة. ذلك أن السفارة أعلمت وزارة الدفاع السورية بأن وفدا من السفارة سيزور حماه. وقالت ان فورد التقى الجمعة عددا من المتظاهرين والمواطنين العاديين الذين يطالبون بالتغيير في سوريا، وعاد بعدها الى دمشق. وأضافت: “بصراحة نشعر بالانزعاج” من رد الفعل السوري الرسمي “الذي لا معنى له”. وأوضحت ان السبب الرئيسي لزيارة فورد هو “اظهار التضامن مع حق الشعب السوري في التظاهر السلمي”.

وأفادت ان فورد الذي امضى ليل الخميس في حماه، تجوّل في المدينة الجمعة “وقد تجمع المتظاهرون فوراً حول سيارته في جو ودي ووضعوا الزهور على الزجاج الامامي للسيارة، وكذلك اغصان الزيتون وهم يهتفون بسقوط النظام. لقد كان مشهداً لافتاً”. ولاحظت ان فورد “ادرك عندها اولاً انه اذا خرج من السيارة فسوف يصير هو القصة، وثانياً انها ليست فكرة جيدة ان يبقى الى ما بعد الظهر، لان هدفه هو اظهار الدعم للنشاطات التي يقوم بها السوريون انفسهم للمطالبة بحقوقهم… لذلك قرر مغادرة المدينة في الساعة الاولى والنصف وقت كانت تؤدى فيه الصلاة وقبل بدء التظاهرات، وهذا ما فعله. وهو الآن في دمشق”.

واشارت الى ان لقاء فورد المتظاهرين حول سيارته ووضع الزهور عليها قد صوّره الناشطون السوريون الذين وزعوا شريط اللقاء على موقع “يو تيوب”.

وروت ان فورد التقى الخميس مواطنين سوريين عاديين بينهم اصحاب محال وشباب في الشوارع، وعندما بدأت سيارته تغادر حماه “واكبته الى خارج المدينة مجموعة من الشباب على الدراجات النارية لضمان عدم تعرضه لاي مشاكل امنية لدى خروجه من المدينة، وهو لم يتعرض لاي حادث”.

وفي رفضها الانتقادات السورية ذكرت الناطقة بأن فورد عبر نقطة تفتيش عسكرية وان السلطات العسكرية كانت تعرف بزيارته، و”بصراحة ما نقوله للحكومة السورية هو ان عليهم ان يركزوا اهتمامهم على ما يقوله المواطنون، عوض تضييع وقتهم على انتقاد السفير فورد”. وقالت انها لا تعرف ما اذا كانت الحكومة السورية ستقدم احتجاجاً رسمياً على الزيارة، مشيرة فقط الى بيان الاحتجاج الصادر عن وزارة الخارجية السورية.

وشددت على ان فورد التقى مصادفة مساء الخميس السفير الفرنسي في حماه، وان هدف السفير الفرنسي مماثل لهدف فورد وهو “انها اللحظة المناسبة لان نؤكد وقوفنا مع الشعب السوري وهو يتظاهر سلمياً في مطالبته بالتغيير”. واعتبرت ان زيارة فورد حماه كانت ضرورية “كي يكون شاهداً” على ما يحدث في المدينة بسبب منع السلطات السورية وسائل الاعلام من تغطية ما يحدث في البلاد، اذ ان الوسيلة الوحيدة لمعرفة ما يحدث هو اشرطة الفيديو للهواتف النقالة التي تبث على شبكة “يو تيوب”.

وقالت الناطقة ان السفارة اعلمت وزارة الدفاع السورية بزيارة فورد لحماه، وقد اصطحب فيها الملحق العسكري وضابطاً آخر، لضمان عدم وقوع اي حوادث امنية. وارتأت الناطقة عدم التعليق على القيود التي تضعها الحكومة السورية على السفراء وتحركاتهم، ولاحظت “ان السفير السوري في واشنطن عماد مصطفى يسافر ويتحرك بكل حرية ولا يطلب اي اذن مسبق من الحكومة الاميركية”.

ورفضت الناطقة الادعاء القائل ان زيارة فورد لحماه يمكن ان يستخدمها النظام في اتهامه اميركا بأنها تؤجج التظاهرات، وقالت ان الزيارة اتاحت للسفير فرصة ان يشاهد بنفسه ما يحدث في المدينة ويرفع تقريراً بذلك الى واشنطن، وقد ركّز على الاوضاع السلمية في المدينة، وغياب العناصر الامنية في المدينة باستثناء مركز قيادة حزب البعث. وكررت ان الزيارة ليست تدخلاً، بل تمثل دعماً لحقوق المواطنين السوريين.

ودحضت ادعاءات الحكومة السورية ان عناصر خارجية تقف وراء ما يحدث في البلاد، وان هناك عصابات من الشبان يقومون بأعمال التحريض. “وهذا ما لم يشهده السفير، ما شاهده هو سوريون عاديون يطالبون بالتغيير في بلادهم”. كما نفت ادعاءات مستشارة الرئيس الاسد بثينة شعبان ان للسفير علاقات بعناصر سورية متطرفة، قائلة ان الذين التقاهم فورد في حماه هم مواطنون عاديون مثل اصحاب المحال التجارية والطلاب.

تحذير المصارف

من جهة اخرى، نشرت هيئة مكافحة الجرائم المالية التابعة لوزارة الخزانة الاميركية “توصية” تتعلق بالاجراءات الواجب اتخاذها في مواجهة “زيادة محتملة للاصول المرتبطة بأعمال العنف الدائرة حالياً في سوريا”.

ودعت الهيئة “في هذه الفترة من عدم الاستقرار” المؤسسات المالية الى “ابداء مزيد من الحذر حيال الحسابات المصرفية الخاصة” العائدة الى “شخصيات سياسية اجنبية رفيعة المستوى”.

كما حضت الهيئة المصارف على “مراقبة العمليات التي قد تخص الاموال العامة المكتسبة بطريقة غير شرعية او المهربة والرشى والاشكال الاخرى من المدفوعات غير الشرعية، فضلاً عن الارباح المتأتية من فساد عناصر السلطة”.

«السفير» ترصد مواقف من الزيارة غير المسبوقة

«خصوصية» حماه … السفراء و«لبننة» سوريا !

غدي فرنسيس

حين بدأت الأزمة السورية السياسية، أصبح للبنان رمزية خاصة على الألسنة وفي التصاريح والشاشات. لبنان في السياسة السورية، هو تلك الخاصرة الخاضعة لانتهاكات الخارج. لبنان هو المحاصصة الطائفية السافرة والخطاب التحريضي والفتنة… والسفارات المتآمرة! السفير الأميركي روبرت فورد في حماه، فهل بدأت «لبننة سوريا»؟

في «لبنان المخاوف»، يستطيع السفير الأميركي أن يزور أي منطقة وأي زعيم يريد، ويصرّح ويطلق توجيهات دولته. في «لبنان المخاوف» الرأي العام يهادن التدخّل بينما تتعامل بعض الجهات السياسية مع الخارج بعلانية وقحة إلى حد الاستقواء بأميركا.

هنا في دمشق، السياسة فتحت عهدها الجديد، المعارضة تجتمع وتصرّح، الخارج يبدي رأيه، التغيير الدستوري في طريقه… سوريا مقبلة على جمهورية جديدة. على باب هذه الجمهورية الجديدة في ساحة التظاهر الأكبر. قرع السفير الأميركي جرس الإنذار الأول، حمل نفسه وزميله الفرنسي اريك شوفالييه إلى حماه…

صبيحة رحلة انتهاك السيادة تلك، تباينت المواقف. لؤي حسين، باسم معارضة سميراميس «المستقلّة»، غازل في السياسة ولم يندّد. بدوره، «المعارض المستقل» ميشيل كيلو اعتبر أن النظام يحمّل زيارة السفراء أكثر من حجمها. حسن عبد العظيم متكلّماً باسم الأحزاب المعارضة حافظ على النفس الرافض في مخاطبة التدخّل الخارجي، أما النظام، فأخذها ذريعة أخرى، وقوة مضافة لمحاربة من يريد إسقاطه: «أرأيتم التدخّل سافر… المؤامرة… التواطؤ»….

في السياسة، ماذا فعلت زيارة الأميركي؟

الحموي الذي لا يحق لأحد سواه أن يتكلّم عن حماه ومنها، رفع لافتة في مدينته تقول: «الحرية تبدأ في حماه وتنتهي بتحرير فلسطين»…

كيلو ولؤي حسين:

معارضة غير ممانِعة

منذ أن سطع نجم لؤي حسين في مؤتمر «سميراميس» للمعارضين المسقلّين، سادت دمشق همسات متنوعة وإشاعات، إما عن علاقته بالنظام وإما عن علاقته بالخارج. دكتور الجامعة لم يكتفِ باعتبارها علاقة بل بوضوح قال: لؤي حسين هاتف بثينة شعبان فقالت له إنها مشغولة، ثم اتصل السفير الأميركي بها مستنكراً وطالبها بلقاء حسين.

تلك شائعات، ومثلها شائعات كثيرة وتخوين كثير يطال كل من يقول لا للنظام السوري. لكن وائل السوّاح، موظف في السفارة الأميركية علناً… وصديق لؤي حسين علناً. ربما هذا سبب من أسباب الشائعات. وبالأمس في مكتبه الصغير في شارع العابد، سألت لؤي حسين «من هو أهم مسؤول زارك في هذا المكتب المتواضع؟»، فأجاب سريعاً: «سفراء»…

تعليقاً على زيارة السفير الأميركي وخليله الفرنسي إلى حماه، يرفض لؤي أن يقدم جواباً واضحاً سريعاً بالتنديد أو الترحيب، ويسلّم موقفه نصّاً على ورقة تقول: «كان من الأجدى لو ذهب إلى حماه عدد أكبر من السفراء، وليكن بينهم أكثر من سفير عربي، ليشهدوا على أن تظاهراتنا سلمية وأنها تظاهرات سياسية وليست أعمال شغب. طالبنا دوماً بأن يتاح للصحافيين تغطية ساحات الاحتجاج، وبتواجد مراقبين حياديين لمراقبة ما يجري على الأرض لتأكيد قولنا بأن ما تشهده ساحاتنا هي تظاهرات شعبية، ولتفنيد ادعاءات السلطة بأننا مجموعات شغب قليلة. لكن ربما رغبة الأميركيين والفرنسيين بإبراز دورهم أدت إلى محاولة النظام، كعادته، اتهام انتفاضتنا بالتآمر. وهذا كلام مناف للحقيقة والمنطق، فأهلنا في حماه لن يستجيبوا إطلاقاً لأي دعوة من الولايات المتحدة»… يفسّر لؤي موقفه: «يهمني من كل هذه الزيارة أنها وفّرت شهودا مهمين على سلمية التظاهر في حماه».

وفي اتصال هاتفي، بصم ميشيل كيلو على موقف لؤي حسين مضيفاً: «النظام يحمّل الموضوع اكبر من حجمه، فهؤلاء السفراء ذهبوا إما بصلاحية وإما بموافقة، وإما أنهم زاروا تلك المناطق في السابق من دون أن يستنكر أحد». لا رفض مباشرا في حديثه، إلا أن كيلو يختم: لا نحن ولا الحمويون نريد أن يتدخّل احد في شؤوننا.

رلى ركبي التي سبق لها ان شاركت في تظاهرات حماه، بدورها بَصَمَت على حديث ميشيل كيلو. إبنة البيت الحموي التاريخي علمانية، لا نقاب فوق رأسها، تدخّن سيجارها الثائر وتقول: نحن لا نريد دعماً خارجياً. نريد من الخارج أن يتوقّف عن دعم النظام وربما الزيارة تريهم أرض الواقع.

حسن عبد العظيم والأحزاب

في حماه: ممانعة ممانعة

في حماه حيث إرث السياسة لا يمكن لأحد أن يصبغ الحراك صبغة إخوانية. رغم جرح الثمانينيات الذي لم يغب من ذاكرة الحقد الحموي على النظام، إلا أن الإخوان المسلمين كتنظيم، لا ارض لهم. المستشفى اسمه أكرم الحوراني، والاشتراكيون العرب موجودون على الأرض. لهم حقوق مغيبة وأرض مسلوبة ومعارضة تاريخية مع النظام. هؤلاء لن يقبلوا بالسفير الأميركي.

القوميون السوريون رغم سقوط تنظيمهم، لا يزالون في بيوتهم في جميع الأحياء الحموية… في ليلة ذكرى استشهاد قائدهم أنطون سعاده، هؤلاء لن يقبلوا بالسفير الأميركي. الشيوعيون واليساريون، على أنواعم وتفرّعاتهم المعارضة والموالية يقرأون الصحف ويتغلغلون في المجتمع المتشدد الحموي فنّاً وعلماً ويوميات، هؤلاء لن يقبلوا بالسفير الأميركي… الناصريون رغم ترهّل أحزابهم وغبار السنين فوق هيكلياتهم، لا يزالون يعلقون صورة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في بيوتهم، هؤلاء لن يقبلوا بالسفير الأميركي… لذلك فلا خوف على حماه.

حتى الآن، قيل إن أحداً من الحمويين لم يسمعه كلمة تعجب خاطره. السفير التقى الناس. بعضهم رفع لافتة تقول له إنهم لم ينسوا فلسطين.. وبعضهم الآخر أجاب بوقاحة: «روح ساعد النظام، ما تجي تساعدنا».

ويفيد أحد الناشطين الصامتين في حماه أن السفير الفرنسي زار المدينة ثلاث أو أربع مرّات من قبل… لكن احداً لا يعوّل عليه، لان الحمويين ليسوا نعاجاً.

بدوره، الاشتراكي العربي الأول في سوريا اليوم، قائد ما تبقى من أحزاب معارضة بعد عقود الطمس والسجن، حسن عبد العظيم لا يزال يصرّح، لا بل يقاوم هجمة إعلامية حوله. المعارض السياسي الأبرز على أرض التظاهر يعزف على حماه من دمشق. في اتصال هاتفي مع «السفير» أمس صرّح باسم المعارضة: زيارة السفراء هي نوع من الضغط.. دفع للنظام باتجاه حل سياسي. فهناك شعور بأن أميركا والغرب لا يعطون مواقف حاسمة. لكننا اعلنّا من قبل: نحن ضد التدخل الخارجي ولا نعوّل عليه كثيراً، نعوّل على أن الشعب السوري مصمم على التغيير. هؤلاء السفراء يتصرفون وفق مشاريعهم. مواقفهم ترتبط بمصالحهم الإستراتيجية والسياسية والاقتصادية.

في السياسة:

مدينة نهر العاصي

في السياسة وحديث السياسة يوم أمس، اختلفت تقديرات العقول المعارضة والموالية، اللّماعة والصامتة، لزيارة السفراء إلى حماه. حماه هي نموذج ثورة الريف السوري. وفي زيارة سابقة إلى مناطق الشمال، كان البعض في حمص يرمي رائحة طائفية الخطر المذهبي، والبعض في جسر الشغور يحمل سلاح «الجهاد» ضد النظام هذه المرة، حلب كانت صامتة لأسبابها الخاصة الكثيرة، وبانياس كانت مقسومة «شرقية وغربية»… لكن حماه مختلفة!

حماه، ليست تظاهرات عشرات المندسين في جامع ما من فائض الجوامع التي أثمرها عهد البعث، وليست امتدادا للمشروع السني المسلّح من شمال لبنان، وليست امتدادا لمصالح الأتراك من جنوب تركيا.. حماه هي الذاكرة والجرح، وهي المدينة الكبرى التي ليس فيها احد معجب بالنظام. إذا كان حديث المعارضة في مقاهي اللاذقية يعرّض صاحبه لاضطهاد الأكثرية الموالية، فحديث الموالاة في مقهى حماه ومكاتبها هو الذي سيعرّض صاحبه للاضطهاد. في حماه، حين نزلت مسيرة تأييد، كسّر الأهالي سياراتها. في حماه، حين تنزل تظاهرة لإسقاط النظام، تنزل الآلاف المؤلّفة. ينظّم الأكل والمياه، يفرز الشارع قيادة تنظّمه وتحميه… في حماه، انتفاضة حقيقية يعرفها النظام جيّداً ويدرك طبيعتها… وعلى حماه، وصمة الإخوان المسلمين واغتيالاتهم… لذلك، لا الشارع حمل سلاحه القديم، ولا النظام اعتمد قسوته المعهودة معها. في اللحظة العاطفية الكبرى، قد توضع حماه في أي إطار سياسي، فلا حزب معارض أساسي بعد عليها. الخيار عند النظام. إذا أرادوا تسمية حماه «حزب نهر العاصي» أو «حزب الإخوان المســلمين»، ذاك رهن بذكاء اللاعب والأوراق. حماه هي الساحة.

اليوم، يزورها السفير، فيرى محلل سياسي «من بطن النظام السوري»، أن في ذلك إفادة كبيرة: قدّم بزيارته خدمة كبيرة للنظام وكشف عن دور أميركي ما وبالتالي غذى وضعنا هذا الجزء في سياق الأحداث حيث سنرى أن النظام يستفيد من أخطاء خصومه:

جسر الشغور وسلاحه كرّس صورة «مجرمين قتلة»، وهذه ورقة في يد النظام.

التدخل التركي شد عصب الوطنية السورية، وهذه ورقة في يد النظام.

العرعور كرّس صورة «إسلاميين ظلاميين»، وهذه ورقة في يد النظام.

واليوم، السفير الأميركي كرّس التدخّل الخارجي، وهذه ورقة مضافة في يد النظام.

لهذا السبب، قوة النظام السوري في أخطاء خصومه، وضعفه في أخطاء فريقه.

عشية مؤتمر الحوار الوطني الأول، الذي لن تحضره المعارضة… ذلك كان الحديث السياسي، السفير وزيارته إلى أرض المشكلة. هناك من مانع وهناك من رحّب وهناك من غازل وهناك من رفض… دمشق لا تعرف معالم حلّها بعد، كل ما تعرف أنها باتجاه مرحلة تغيير حزب البعث بالشكل الذي هو عليه.. يحكى عن بعث «البعث» من جديد بحلّة مختلفة، يحكى عن تعيينات جديدة في القصر بدءاً من موقع المستشارة السياسية والإعلامية في الرئاسة السورية بثينة شعبان، يحكى عن تغيير ما.

وتحت صور ذلك التغيير، ما بين صورة تونس ومصر وليبيا واليمن، هناك سفير غربي يتدخّل في ما لا يعنيه. بعين بيروتية في دمشق، الخوف ليس من مشهد ليبي في حماه، الخوف من مشهد سياسي على الطريقة اللبنانية.

واشنطن تستدعي السفير السوري لسؤاله عن تصوير متظاهرين ضد الأسد

واشنطن- (ا ف ب): استدعت الولايات المتحدة السفير السوري بعد ورود تقارير عن قيام موظفين في السفارة السورية في واشنطن بتصوير متظاهرين في الولايات المتحدة ضد القمع في سوريا، على ما افادت وزارة الخارجية الأمريكية الجمعة.

واشار بيان الخارجية الامريكية إلى أن السفير السوري عماد مصطفى استدعي الاربعاء من جانب مسؤول رفيع في الادارة الأمريكية اعرب له عن “قلق” الولايات المتحدة بعد “معرفتها بأن اعضاء في السفارة السورية التقطوا صورا وتسجيلات مصورة لاشخاص شاركوا في تظاهرات سلمية في الولايات المتحدة”.

ويأتي هذا الحادث الجديد في وقت يزداد التدهور في العلاقات بين الولايات المتحدة وسوريا منذ انطلاق القمع الدامي للاحتجاجات ضد نظام بشار الاسد.

واضافت الخارجية الامريكية ان “الحكومة الأمريكية تأخذ على محمل الجد المعلومات التي تفيد عن سعي حكومات اجنبية للتهويل على اشخاص يمارسون على الارض الأمريكية حقهم في التعبير بحرية الذي يكفله الدستور الامريكي”.

واعربت الادارة الامريكية الجمعة عن “استيائها” من انتقاد النظام السوري الزيارة التي قام بها السفير الاميركي روبرت فورد الى مدينة حماة (وسط) التي تشهد احتجاجات واسعة ضد نظام الأسد.

وكانت واشنطن اعلنت الخميس أن سفيرها في سوريا توجه إلى حماة (210 كلم شمال دمشق) وسيمكث فيها حتى الجمعة بهدف “اجراء اتصالات” مع المحتجين في هذه المدينة التي تحاصرها دبابات الجيش.

واثر اعلان واشنطن عن هذه الزيارة الخميس سارعت دمشق إلى اتهام الولايات المتحدة بـ(التورط) في الحركة الاحتجاجية التي تشهدها البلاد منذ اربعة اشهر و”التحريض على التصعيد”.

إلى ذلك حضت السلطات الامريكية الجمعة المصارف الخاضعة لاحكامها على ابداء مزيد من الحذر حيال حركة الاموال المحولة من سوريا وبصورة عامة من الخارج.

وفي مواجهة القمع الدامي الذي يطال السوريين، جمدت الولايات المتحدة منذ ايار/ مايو الارصدة المحتمل وجودها في المصارف الامريكية لعدد من المسؤولين والهيئات العسكرية او السياسية للنظام في دمشق وفي مقدمهم الرئيس بشار الاسد.

الاتحاد الاوروبي: القمع في سوريا يضرب صدقية بشار الأسد

بروكسل- (ا ف ب): نددت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون الجمعة بأعمال العنف ضد المتظاهرين في سوريا واعتبرت أن القمع الممارس يضرب صدقية نظام بشار الأسد.

وقالت في بيان “اندد بشدة بالاستخدام المتواصل للقوة ضد متظاهرين مسالمين وانتشار قوات عسكرية في حماة وسواها”.

واضافت “اعمال العنف والقمع هذه تنزع الصدقية عن العهود التي قطعها النظام السوري والتزامه القيام باصلاحات”.

واشارت إلى أن “أي حوار لا يمكن ان يحصل في ظل الخوف والتهويل. على المعارضة ان تتمكن من لعب دور في هذا الحوار”.

وشددت على وجوب أن “تسمح الحكومة السورية من دون تأخير بمجيء مراقبين مستقلين وممثلين عن وسائل الاعلام الاجنبية والوكالات الانسانية”.

وقتل 14 مدنيا على الاقل الجمعة في سوريا برصاص قوات الامن التي كانت تحاول تفريق تظاهرات مناهضة للنظام اقيمت في مدن ومناطق عدة في البلاد بعد دعوة اطلقها ناشطون مؤيدون للديمقراطية للتظاهر تحت شعار (لا للحوار) مع نظام بشار الأسد.

وفي حماة رابع اكبر المدن السوريين، تظاهر أكثر من 450 الف شخص عند ساحة العاصي وفي الشوارع المتفرعة بحسب ناشطين. وحصلت تجمعات ايضا في دير الزور (شرق) وفي حلب (شمال) والمدن ذات الغالبية الكردية مثل القامشلي (شمال شرق).

ومن جهتها، ذكرت وكالة سانا أن “عشرات الالاف من المواطنين احتشدوا في ساحة الحجاز وباب توما” في وسط العاصمة دمشق “احتجاجا على وجود السفير الأمريكي في حماة مؤكدين أن هذا الوجود دليل على تورط اميركا وسعيها لتصعيد الاحداث في سوريا”.

وقد قتل أكثر من 1300 مدني منذ اندلاع الاحتجاجات في سوريا منتصف اذار/ مارس.

المراقب العام لاخوان سورية رياض الشقفة لـ’القدس العربي‘:

نحن منفتحون على الغرب والشرق ولسنا طلاب سلطة والانظمة الديكتاتورية استخدمت الجماعة كـ’فزاعة’ والخلاف داخل الجماعة تنظيمي وليس سياسيا او فكريا

لندن ـ ‘القدس العربي’ من احمد المصري: قال المراقب العام للاخوان المسلمين رياض الشقفة ان الانظمة الديكتاتورية في العالم العربي كانت تستخدم الاخوان المسلمين كـ’فزاعة’ لتخويف الدول الغربية من الجماعة.

وحول انفتاح الحركة على الحوار مع الغرب اضاف الشقفة في اتصال هاتفي مع ‘القدس العربي’ الجمعة ان اخوان سورية ‘لا يمانعون اجراء حوار مع اي كان، ونحن نريد تعريف الغرب على فكر الاخوان ورؤيتهم ومشروعهم السياسي عن طريق الاخوان انفسهم، ولهذا شاركنا في عدة حوارات عقدت في مركز الحوار الانساني في جنيف بسويسرا، ليعرفوا فكرنا عن طريقنا وليس عن طريق احد اخر’.

ونفى الشقفة ما تردد عن تقديم الحركة ضمانات للولايات المتحدة تتعلق باسرائيل في حال وصول الحركة للحكم في سورية، عقب سقوط النظام السوري وقال ‘هذا لم يحدث ابدا، وهذا الخبر عار من الصحة تماما، نحن طلاب تغيير ولسنا طلاب سلطة اما في حال انتخبنا لحكم البلاد سنتحاور مع الجميع ولن نقصي احدا، وحول السياسة الخارجية فيرسمها مجلس النواب المنتخب’.

وحول الخلافات الداخلية في الجماعة وما اذا كان مجلس شورى الاخوان سيعقد اجتماعه قريبا في العاصمة الاردنية عمان، اجاب الشقفة ‘الخلاف وضع طبيعي، وبالفعل سيجتمع مجلس شورى الاخوان قريبا في الاردن، ولكن لا يوجد خلاف على الانفتاح على الغرب او على ادبيات وفكر الحركة، الخلاف حول شؤون داخلية تنظيمية لا علاقة لها بالتوجه الفكري او السياسي للحركة’.

وتحدثت مصادر وثيقة الاطلاع طلبت عدم الكشف عن هويتها لـ’القدس العربي’ عن تململ في صفوف الجماعة ومطالبات بمحاسبة المراقب العام محمد رياض شقفة، الذي خالف قرار الأغلبية بمقاطعة مؤتمر باريس الذي دعا إليه الفيلسوف الفرنسي الصهيوني المناصر لإسرائيل برنارد هنري ليفي وكلف عضو القيادة ملهم الدروبي بحضور المؤتمر بشكل رسمي.

وكان الدروبي المكلف بالعلاقات الدولية في الجماعة قد صرح بانه ‘لا خط احمر لدينا ونشارك في جميع الأنشطة والندوات المؤيدة للشعب السوري، بغض النظر عمن يقوم بها أو ينظمها’.

وكان الشقفة قد صرح بان ‘البعض داخل الجماعة اعترض على حضور ممثل عن الإخوان بندوة باريس لمشاركة مفكر فرنسي صهيوني بها، ولكن في النهاية القرار بالموافقة جاء عبر تصويت الأكثرية لا بقرار فردي من قبلي. كما أننا لم ندعم تلك الندوة’.

وذكرت المصادر لـ’القدس العربي’ إن أعضاء مجلس الشورى الذين سيتجهون إلى العاصمة الأردنية قريباً لحضور الاجتماع الدوري للمجلس هذا الصيف بدؤوا يضغطون لعزل القيادة الحالية واستبدالها بعد أن اتضح أن مؤتمر باريس لم يكن مجرد خطوة معزولة، وهو الامر الذي نفاه الشقفة جملة وتفصيلا لـ’القدس العربي’.

وكان المراقب العام السابق المحامي علي صدر الدين البيانوني قام قبل سنوات بشكل منفرد بالإعراب عن الاستعداد للتفاوض مع إسرائيل والقبول بالشرعية الدولية، الأمر الذي واجه استهجاناً كبيراً من أعضاء الجماعة.

سفيرا أميركا وفرنسا يقودان المعركة من حماه

شهدت سوريا، أمس، سباقاً حقيقياً بين المعارضين الرافضين لجلسة الحوار الوطني المقررة غداً في دمشق، والساعين إلى إنجاحه. السفيران الأميركي والفرنسي لدى سوريا قضيا يومهما الحافل في حماه، المركز الحالي للاضطرابات، ليظهر كأنهما الزعيمان الفعليان للمعارضة مع حصانتهما الدبلوماسية، ولتتهم دمشق واشنطن بأن سفيرها يتصل بـ«المخربين» ويعمل لعرقلة الحوار

بدت الصورة من سوريا، أمس، شديدة الغموض. من جهة، تظاهرات «جمعة لا للحوار» كانت، وفق تقارير إعلامية متعددة، الأكبر منذ بدء الاحتجاجات في منتصف آذار الماضي، حيث شهدت تظاهرة ضمت نحو 400 ألف شخص. ومن جهة ثانية، بدا أنّ سفيري الولايات المتحدة وفرنسا لدى سوريا، روبرت فورد وإريك شوفالييه، يتصرفان كزعيمين للمعارضة السورية، مع انتقالهما إلى حماه لقيادة المعركة ضد نظام الرئيس بشار الأسد، ما استدعى ردّاً سياسياً سورياً قوياً على التدخل الأجنبي في الأحداث الداخلية.

أعداد القتلى في مختلف المدن، وخصوصاً في حمص وحيّ الضمير في ريف دمشق وحيّ الميدان وسط العاصمة، تفاوتت كالعادة بحسب المصادر، وراوحت بين صفر في صفوف المتظاهرين، بحسب وكالة الأنباء السورية «سانا»، إلى 16 وفق المعارضين وبعض الفضائيات العربية. في المقابل، خرجت تظاهرات لأنصار الرئيس بشار الأسد ونظامه، في عدد من المدن أيضاً.

جميعها تطوّرات تنتزع أهميتها من واقع أنّها تسبق يوم الحوار المنتظر بين النظام والمعارضة المقرر انطلاقه غداً، من دون أن تكون نتائجه مضمونة؛ لأن عدداً من الشخصيات سبق لها أن أعلنت مقاطعتها للجلسات بحجة استمرار الحملات الأمنية في مناطق متعددة من البلاد.

وكان السفيران الأميركي والفرنسي، فورد وشوفالييه، قد تصدّرا مشهد احتجاجات حماه، بعدما انتقلا، كل منهما على حدة، إلى المدينة منذ يوم الخميس، من دون أن تخفي إدارتاهما الهدف الحقيقي من زيارتيهما؛ فقد قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، فيكتوريا نولاند، إن مهمة فورد تمحورت حول «إيضاح على نحو تام، من خلال وجوده الشخصي، أننا نقف مع هؤلاء السوريين الذين يعبرون عن حقهم في الحديث عن التغيير»، بما أن إدارة الرئيس باراك أوباما «قلقة للغاية تجاه الوضع في حماه». كذلك تمثّلت مهمّة فورد بـ«إجراء اتصال» مع المعارضة؛ «لأننا نريد معرفة من هم هؤلاء الناس وإلى أي نوع من العملية السياسية ومستقبل البلاد يتطلعون. ينبغي أن نجري اتصالاً معهم، وهذا ما سيقوم به هناك»، على حد تعبير مسؤول أميركي رفيع المستوى.

كلام نسخة طبق الأصل صدر عن المتحدث باسم وزارة الخارجية في باريس برنارد فاليرو الذي اعترف بأن سفير دولته في سوريا زار حماه «لإظهار وقوف فرنسا إلى جانب الضحايا»، حتى إنه زار أحد مستشفيات المدينة حيث التقى الفرق الطبية وعدداً من الجرحى ومن أهاليهم خلال جولته في المدينة، وليعبّر عن «التزام فرنسا بالوقوف إلى جانب الضحايا»، وهو ما فعله فورد الذي التقى عدداً من الناشطين والمعارضين، إضافة إلى عدد من الجرحى في المشافي.

خطوة ردّت عليها السلطات السورية بهجمة سياسية عنيفة، توزعت على وزارتي الداخلية والخارجية ومستشارة الرئيس السوري بشار الأسد بثنية شعبان. وتمحورت الحملة حول اتهام فورد بالعمل على «تقويض محاولات الحكومة السورية لنزع فتيل الاحتجاجات»، بدليل أنه «متورط بإقامة صلات مع المسلحين».

وقالت المستشارة الرئاسية، في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، إن «الزيارة غير المرخصة التي قام بها فورد لحماه تزامنت مع اجتماع لأئمة مساجد وقادة المجتمع المدني» في المدينة. وأضافت: «إن الزيارة تنتهك الأعراف الدبلوماسية»، و«لا بد من أن تكون للسفير صلات بالمجموعات المسلحة التي تحول دون استئناف الحياة الطبيعية في سوريا». وتساءلت شعبان: «كيف وصل السفير الأميركي إلى حماه في مناطق يقطع طرقها المخربون والمشاغبون وحملة السلاح؟ ومن أوصله إلى جامع السريجة في المدينة في الساعة السادسة من مساء أمس (الخميس) من دون أن يتعرض له أحد من المسلحين الموجودين في الشوارع والذين منعوا الموظفين في المدينة من الوصول إلى وظائفهم لليوم الرابع على التوالي؟». ولفتت إلى أن دمشق «لا تريد قطع شعرة معاوية مع الإدارة الأميركية، ولكن هناك احتجاج واستياء شديدان من الشعب السوري بسبب بيان الخارجية الأميركية عشية التوجه إلى الحوار الوطني بين كل شرائح المجتمع السوري، وهذا يعطينا رسالة أن الولايات المتحدة تقول لا للحوار».

كلام سبق أن أعلنته وزارة الخارجية السورية، في بيان، رأت فيه أن «وجود السفير الأميركي في حماه من دون الحصول على الإذن المسبق من وزارة الخارجية وفق التعليمات المعممة مراراً على جميع السفارات، هو دليل واضح على تورط الولايات المتحدة في الأحداث الجارية في سوريا، ومحاولتها التحريض على تصعيد الأوضاع التي تخلّ بأمن البلاد واستقرارها».

وأضاف البيان أنّ دمشق «تنبه إلى خطورة مثل هذه التصرفات غير المسؤولة وتؤكد تصميمها على مواصلة اتخاذ كل الإجراءات الكفيلة باستعادة الأمن والاستقرار في البلاد». وفي السياق، ذكر مصدر رسمي سوري أن السفير الأميركي التقى «مخربين» في المدينة، وحضّهم على التظاهر. كذلك نقلت وكالة «سانا» بياناً لوزارة الداخلية أكدت فيه أن السفير «التقى بعض المخربين وحضهم على التظاهر والعنف ورفض الحوار»، معربةً عن استغرابها «وصول فورد إلى حماه، بما يتعارض مع الأعراف الدبلوماسية، رغم وجود الحواجز التي يسيطر عليها المخربون وقطع الطرقات ومنع المواطنين من الوصول إلى أعمالهم ووظائفهم». وجزمت وزارة الداخلية بأن السفير «التقى بعض الأشخاص تحت غطاء زيارته بعض المشافي»، واضعة خطوته تلك في خانة «التحريض على استمرار العنف وعدم الاستقرار ومحاولة لتخريب الحوار الوطني». غير أن الإدارة الأميركية عادت لتعرب عن «استيائها» إزاء انتقاد النظام السوري لزيارة فورد، لافتة، على لسان فيكتوريا نالاند نفسها، أن واشنطن أبلغت دمشق مسبقاً بهذه الزيارة. وأقرت المسؤولة الأميركية بأن فورد ترك المدينة عائداً إلى دمشق بعد ظهر أمس، «بعد لقائه عدداً من المتظاهرين»، واصفةً رد الفعل السوري بأنه «بلا معنى».

ميدانياً، كشف موقع «سيريانيوز» عن أن عدد المتظاهرين في حماه ناهز الـ 400 ألف في ساحة العاصي وسط المدينة، إضافة إلى تظاهرات مناهضة للنظام وأخرى مساندة له في حلب ودرعا وباب توما وساحة الحجاز في دمشق، إضافة إلى مدن وأحياء أخرى. ونقل الموقع عن ناشط لـ«سيريانيوز» أن «ما يقارب أربعمئة ألف شخص تجمعوا في ساحة العاصي بالتزامن مع وصول عدة تظاهرات من قرى ريف حماة (حلفايا وخطاب وكفرمبودة وطيبة الإمام)، مرددين هتافات تطالب بالحرية وتحيي الشهيد، بالإضافة إلى العديد من المطالب السياسية التي تطال النظام، من دون أن يلحظ أي وجود أمني»، بالتزامن مع «وجود السفير الأميركي في التظاهرة بمرافقة مجموعة من الأشخاص الذين يلتقطون الصور».

وأوضح أن «أهالي المدينة لا يزالون يقيمون الحواجز الشعبية على مداخل المدينة ويفتشون أي شخص يدخل إليها خوفاً من إدخاله أي قطعة سلاح، ويدققون في هويته»، كاشفاً أنهم «فتّشوا السفير الأميركي نفسه، وعناصر موكبه المرافق ودقّقوا في جوازات سفرهم».

وأوضحت مصادر حقوقية أن «5 متظاهرين قتلوا في حيّ الخالدية بحمص، وقتل اثنان آخران في حيّ الميدان وآخر في بلدة الضمير بريف دمشق»، إضافة إلى مقتل أحد رجال الأمن في مدينة تلبيسة بحمص، على حد تعبير مصادر المعارضة، بينما نقلت فضائية «الجزيرة» عن مصادرها أن 16 قتيلاً على الأقل سقطوا من صفوف المعارضة.

وتمحورت مطالب الحمويين، وفق مصادر منظمي تظاهراتهم الذين تحدثوا لوكالات الأنباء، إضافة إلى رفض الحوار، حول «عودة المحافظ أحمد عبد العزيز الذي أقيل الأسبوع الماضي ورفض عودة رئيس جهاز الأمن العسكري محمد مفلح إلى المدينة، بعد إدانته من لجنة تحقيق مؤلفة من عضو قيادة قطرية».

وبحسب مصادر المعارضة، شهدت أحياء ركن الدين والقابون ومساكن برزة والحجر الأسود والقدم وسقبا والكسوة، وداريا ومعضمية وجديدة عرطوز وقطنا والزبداني ومضايا والضمير تظاهرات تضامنية مع حماه. في المقابل، لفتت وكالة «سانا» إلى مقتل أحد عناصر قوات حفظ النظام برصاص مسلحين في مدينة تلبيسة بمحافظة حمص، وتعرض النادي الرياضي في الرستن لهجوم مسلح وتدمير مركز الشرطة في المدينة وإحراقه. وأضافت أنّ «عنصرين من قوات حفظ النظام أصيبا برصاص مسلحين في الضمير بريف دمشق، واعتُدي على عنصر آخر بالساطور وأُلقي القبض على المهاجم. كذلك أطلق قناصة الرصاص على أحد عناصر حفظ النظام من أحد الأبنية في حيّ الميدان وحالته خطرة»، فيما سقط مدنيان برصاص قناصة وإصابة اثنين آخرين في حي الخالدية بحمص، بحسب «سانا».

وفي محافظة دير الزور، خرج آلاف بتظاهرة قال شهود عيان عنها إنها «كانت أكبر تظاهرة تشهدها المدينة، حيث شارك أبناء المدينة والريف دون أي مواجهات مع قوات الأمن»، إضافة إلى أنباء عن تظاهرات في مدن القامشلي والدرباسية وعامودة بمحافظة الحسكة وإدلب وبانياس واللاذقية ودرعا.

ومن جهة المؤيدين للنظام، شهدت مدينة حلب «محاولات تحرك من العشرات في مناطق مختلفة من المدينة، دامت لفترات قصيرة جداً قبل إيقافها من عناصر الأمن وما بات يعرف باللجان الشعبية»، بحسب «سيريانيوز» التي قالت إن جامع آمنة شهد محاولة عدد من الأشخاص للتجمع، قوبل بتدخل عناصر الأمن، وتوقيف 7 منهم، فيما فتحت مجموعة من الأشخاص علماً طويلاً أمام الجامع فور انتهاء الصلاة، وإطلقت هتافات مؤيدة للرئيس الأسد». كذلك خرج المئات عقب صلاة الجمعة في كل من دوار قاضي عسكر وباب الحديد في مسيرات سيارة رافعين الأعلام السورية وصور الأسد. وفي السياق، شددت «سانا» على تظاهرات وتجمعات مؤيدة للنظام، أشارت إلى أنها حصلت في محافظات الحسكة والسويداء مثلاً.

في هذا الوقت، انخفض عدد اللاجئين إلى تركيا لـ9182 شخصاً.

أجواء من غير المعروف ما ستكون تداعياتها على مؤتمر الحوار المنتظر غداً الأحد. وبالإضافة إلى الأسماء المعارضة التي سبق أن أعلنت مقاطعتها للجلسات قبل توقف الحل الأمني، حذّر الحقوقي أنور البني من أنه «لا جدوى من الحوار الآن، إذا لم يتوقف الحل الأمني وتُسحب القوى العسكرية والأمنية من الشوارع ويجري التخلي عن استخدام الحل الأمني والقوة لقمع الشعب».

بدورها، أشارت بثينة شعبان إلى أن هناك «عدداً كافياً من المعارضين الوطنيين من كل شرائح المجتمع التي ستحضر هذا الحوار، لكن لم نسمع كلمة من الغرب تشجع الحوار بين أبناء الشعب الواحد». ورأت أن «مَن رفض الحوار هم بعض الأشخاص، وهذا شأنهم، لكن هناك الكثير من المعارضين الوطنيين وكل شرائح المجتمع السوري ستحضر». ورداً على سؤال قالت شعبان بأن «الذين وافقوا على المشاركة لهم تمثيل فعلي في الشارع السوري أكثر بكثير ممن رفضوا القدوم إليه، وهذا واقع، والذين رفضوا القدوم إلى الحوار لا ينكرون أنه ليس لديهم تمثيل كبير في الشارع السوري».

(الأخبار، سانا، أ ف ب،

رويترز، يو بي آي، أ ب)

«أمان»: عصابات تهاجم الجيش السوري

قال رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان)، اللواء أفيف كوخافي، إن سوريا تخوض حرباً دموية ضد مجموعات مسلحة، وإن الاقتصاد السوري أخذ يضعف في أعقاب الاحتجاجات ومواجهة المسلحين. ونقل المحلل السياسي في صحيفة «معاريف» بن كسبيت أمس عن كوخافي قوله خلال اجتماعات عدة هيئات إسرائيلية: «تدور في سوريا حرب دموية، والتظاهرات مندلعة في 20 إلى 30 مدينة سورية، وفي قسم منها تجول مجموعات عنيفة ومسلحة، وبينها مجموعات جنائية، تهاجم الجيش».

وأضاف كوخافي قائلاً إنه «منذ بداية الاحتجاجات قُتل 600 جندي سوري، وهذا عدد هائل، ونحو 1600 مدني».

وقال كوخافي: «عندما يصف النظام السوري عصابات تهاجم الجيش، فإنه دقيق في ذلك هذه المرة». وأضاف أن الرئيس السوري بشار الأسد «نفذ إصلاحات مهمة للغاية، لكنه لا ينجح في وقف الاحتجاجات التي تواصل المطالبة برحيله، ويجري التعبير عن الإصلاحات بالأساس من خلال رصد الأموال لمصلحة السكان لخلق أماكن عمل وخفض سعر الوقود ورفع الرواتب في القطاع العام المنتفخ». وتابع قائلاً إن ثمن الإصلاحات غالٍ؛ «فالأسد استخدم حتى الآن ثلث احتياطي العملات الأجنبية وبقي لديه ما بين 12 إلى 14 مليار دولار، والاقتصاد السوري ينهار بوتيرة هائلة من أسبوع إلى آخر، ولا توجد سياحة ولا استثمارات ولا نمو اقتصادياً. لا يوجد أفق». وتوقع كوخافي أنه «لن يكون بالإمكان الاستمرار على هذه الحال لوقت طويل، لكن رغم ذلك في ضوء الولاء الكبير له من جانب الجيش، حتى الآن، الأسد قادر على الاستمرار في هذه الحرب على وجوده لمدة سنتين أو ثلاث».

لكنه أشار إلى أن «الجيش السوري منهك، وهذه المرة الأولى التي يواجه فيها الجيش السوري حالة طوارئ بهذا الحجم، وهو منتشر انتشاراً واسعاً وكأنه في حالة حرب، منذ حرب يوم الغفران» في عام 1973. وخلص كوخافي إلى وجود «حالة تململ حاصلة في الدائرة الداخلية القريبة من الأسد، وهو لا يزال يدير الحدث، لا أي أحد آخر، ولا حتى الشقيق الذي توجه إليه الانتقادات، ماهر. ليس هناك أحد غير الأسد يدير الأمور، حتى الآن».

(يو بي آي)

نقل تمثال للأسد الأب في حمص

أفادت تقارير إعلامية بأن السلطات السورية اقدمت أمس على نقل تمثال كبير للرئيس السوري حافظ الاسد والد الرئيس الحالي بشار الاسد من أحد مداخل مدينة حمص.

وكان المحتجون في منطقة الرستن في حمص قاموا بتدمير تمثال لرأس الأسد الأب في 15 ابريل الماضي، ووزعت المواقع والصفحات الالكترونية المعارضة شريطا مصورا يظهر هذه الحادثة. كما اقدم المحتجون في بداية الانتفاضة الشعبية المطالبة بالحرية والديمقراطية على احراق تمثال عملاق للأسد الاب في مدينة درعا.

وقبل شهر، أنزلت بلدية مدينة حماة تمثالاً للرئيس الراحل في خطوة اعتبر المحتجون ان هدفها تفادي تحطيم “الرمز” من قبل الأهالي الذين لا يزالون يتذكرون المجزرة التي ارتكبت بحق مدينتهم في عام 1982، عندما سويت أحياء في المدينة بالأرض لسحق انتفاضة كان يقودها “الإخوان المسلمون”.

وكان المحتجون لجأوا في بداية الانتفاضة الى احراق صور الأسد الابن العملاقة في أكثر من منطقة، ما أسهم في كسر حاجز الخوف لدى الناس، وساعد على كسر هيبة النظام الحديدي الذي يمسك البلاد منذ 48 عاماً. كما هاجم المحتجون في اكثر من مكان مراكز “حزب البعث العربي الاشتراكي” الحاكم.

دمشق تهاجم زيارة السّفيرين الأميركيّ والفرنسيّ إلى حماة المُنتفضة

“جمعة لا للحوار” في سوريا خلّفت 14 قتيلا و200 معتقل

شهدت عدة مدن سورية الجمعة تظاهرات خلفت 13 قتيلا تلبية لدعوة وجهها ناشطون معارضون تحت شعار “لا للحوار” مع نظام الرئيس بشار الأسد. يأتي ذلك فيما ذكرت الداخليّة السوريّة أنّ السفير الاميركي روبرت فورد التقى ب”مخربين” في مدينة حماة وحضّهم على التظاهر وعدم الحوار مع النظام.

دمشق: اعتقلت السلطات السورية اكثر من 200 شخص خلال التظاهرات التي عمت انحاء البلاد الجمعة تحت شعار “لا للحوار” مع نظام الرئيس بشار الاسد، كما اعلن السبت المرصد السوري لحقوق الانسان.

وقال المرصد الذي يتخذ من لندن مقرا له في بيان ان “السلطات الامنية السورية اعتقلت خلال المظاهرات التي عمت الاراضي السورية يوم امس (الجمعة) اكثر من 200 متظاهر في حمص ودمشق وريفها وبانياس وادلب”.

واضاف انه من بين المعتقلين المخرج المسرحي أسامة غنم الذي اعتقل “لدى مشاركته بمظاهرة حي الميدان بدمشق ولا يزال مصيره مجهولا”، مشيرا الى ان غنم (36 عاما) يحمل شهادة دكتوراه من فرنسا في اختصاص المسرح الفرنسي المعاصر ويعمل في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق استاذا.

واكد المرصد ان الاجهزة الامنية السورية اعتقلت منذ انطلاق الحركة الاحتجاجية ضد الرئيس بشار الاسد “اكثر من 12 ألف مواطن (…) لا يزال الاف منهم قيد الاعتقال”.

ودان المرصد “بشدة استمرار السلطات الامنية السورية في ممارسة سياسة الاعتقال التعسفي بحق المعارضين السياسيين ونشطاء المجتمع المدني وحقوق الإنسان والمتظاهرين السلميين على الرغم من رفع حالة الطوارئ”، مكررا مطالبته للسلطات السورية “بالافراج الفوري عن كافة معتقلي الرأي والضمير في السجون والمعتقلات السورية احتراما لتعهداتها الدولية الخاصة بحقوق الإنسان التي وقعت وصادقت عليها”.

وقتل 14 مدنيا على الاقل الجمعة في سوريا برصاص قوات الامن التي كانت تحاول تفريق تظاهرات مناهضة للنظام اقيمت في مدن ومناطق عدة في البلاد بعد دعوة اطلقها ناشطون مؤيدون للديموقراطية للتظاهر تحت شعار “لا للحوار” مع نظام بشار الاسد.

والجمعة، اعلن ناشطون حقوقيون مقتل 13 متظاهرا في مدن سورية عدة برصاص قوات الامن اثناء تفريقها تظاهرات مناهضة لنظام الرئيس بشار الاسد.

وبحسب منظمتين حقوقيتين فقد قتلت قوات الامن خلال تفريقها التظاهرات التي دعا اليها ناشطون تحت شعار “لا للحوار” مع النظام، ستة متظاهرين في مدينة الضمير في ريف دمشق وخمسة متظاهرين في حمص (وسط) ومتظاهرين في حي الميدان في وسط العاصمة.

واكد رئيس المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس “مقتل 6 اشخاص عندما اطلق رجال الامن النار لتفريق متظاهرين في مدينة الضمير (ريف دمشق)”.

وكان رئيس الرابطة السورية لحقوق الانسان عبد الكريم ريحاوي اعلن في حصيلة سابقة عن مقتل متظاهر واحد في هذه المدينة.

كما اعلن ريحاوي “مقتل خمسة متظاهرين في مدينة حمص (وسط) ومتظاهرين اثنين في حي الميدان وسط العاصمة دمشق بنيران رجال الامن خلال تفريق تظاهرات”.

وكانت حصيلة سابقة اشارت الى مقتل 8 متظاهرين.

وقتل ثمانية مدنيين وجرح عدد آخر الجمعة عندما اطلق رجال الامن النار عليهم اثناء تفريق تظاهرات في عدة مدن سورية دعا اليها ناشطون معارضون للحكم تحت شعار “لا للحوار” مع نظام الرئيس بشار الاسد.

ويأتي ذلك فيما اتهمت دمشق الولايات المتحدة ب”التورط” في الحركة الاحتجاجية التي تشهدها سوريا منذ اربعة اشهر و”التحريض على التصعيد” غداة ذهاب السفير الاميركي في دمشق روبرت فورد الى حماة (وسط) التي تظاهر فيها اليوم الجمعة اكثر من 450 الف شخص.

وصرح رئيس الرابطة السورية لحقوق الانسان عبد الكريم ريحاوي لوكالة فرانس برس “قتل متظاهران في حي الميدان وسط العاصمة دمشق كما قتل شخص واصيب خمسة اخرون بجروح في مدينة الضمير (ريف دمشق) عندما اطلق رجال الامن النار لتفريق متظاهرين”.

وقال ريحاوي “ان اكثر من 450 الف شخص خرجوا للتظاهر في ساحة العاصي والشوارع المؤدية لها وسط مدينة حماة داعين الى رفض الحوار والى اسقاط النظام”، لافتا “الى عدم وجود عناصر تابعة للامن في المنطقة”.

واكد رئيس المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن من جهته لوكالة فرانس برس “ان اكثر من 24 شخصا أصيبوا عندما حاولت قوات الامن تفريق تظاهرات جرت في عدة احياء في حمص (وسط)”، مشيرا الى ان “جروح بعضهم خطرة”.

واشار عبد الرحمن الى قيام قوات الامن “بحملة اعتقالات ومداهمات مستمرة في عدة احياء في حمص”.

واضاف رئيس المرصد ان “قوات الامن قامت بتفريق نحو مئة الف متظاهر في مدينة دير الزور (شرق)”، مشيرا الى “سقوط نحو عشرة جرحى بينهم اصابتان خطرتان اثناء تظاهرة في الميادين (شرق) شارك فيها الالاف”.

كما لفت الى “تظاهرة شارك فيها الالاف في ادلب (شمال غرب) اطلق فيها رجال الامن الرصاص والقنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين”، مشيرا الى “سقوط عدد من الجرحى”.

واضاف عبد الرحمن “اطلقت الاجهزة الامنية الرصاص الحي في محاولة لتفريق تظاهرة كبيرة خرجت من مساجد الاحياء الجنوبية في مدينة بانياس (غرب)”، مشيرا الى “استمرار سماع صوت اطلاق الرصاص في المدينة”.

وقال “فرقت القوات السورية اكثر من الف متظاهر وذلك باطلاق قنابل مسيلة للدموع عليهم في الرقة (شمال)”.

واشار الى “انطلاق تظاهرة في حي الرمل الجنوبي في مدينة اللاذقية (غرب) تهتف لحماه ولإسقاط النظام”، موضحا ان “المتظاهرين حملوا علما سوريا طويلا”.

واضاف ان “نحو سبعة الاف متظاهر خرجوا في كنصفرة (ريف ادلب)” رغم التواجد العسكري منذ ايام في منطقة جبل الزاوية (شمال غرب).

وذكر ريحاوي ان “الالاف خرجوا للتظاهر في مدينة ادلب وقرى ريفها (شمال غرب) كما في بنش وسراقب وخان شيخون وكفر نبل تفتناز”، مشيرا الى “خروج تظاهرة نسائية في مدينة ادلب وتظاهرة في جاسم (ريف درعا)”.

وتابع ان “الاف المتظاهرين هتفوا برفض الحوار وإسقاط النظام ونصرة المدن المحاصرة في سقبا وقطنا وجديدة عرطوز وقارة والقابون والزبداني ومضايا والقدم وداريا ونهر عيشة وبرزة (ريف دمشق)”.

من جهته، ذكر رئيس اللجنة الكردية لحقوق الانسان رديف مصطفى ان “متظاهرين في عين العرب (شمال) تفرقوا في عدة احياء ضيقة بعد ان منعتهم قوات الامن من التظاهر”.

واشار الى “حضور امني كثيف وغير مسبوق في الساحات التي تشهد عادة التظاهرات ما اثار انزعاجا لدى الفئات الاجتماعية والاحزاب الكردية”.

واضاف ان “عامودا (شمال شرق) خرجت بالالاف”، مشيرا الى “مشاركة نسائية غير مسبوقة” في هذه المدينة وقال ان “خروج اكثر من 5 الاف متظاهر في القامشلي (شمال شرق) تضامنا مع حماة”.

وذكر ناشط في اتصال هاتفي من اللاذقية مع وكالة فرانس برس ان “تظاهرة خرجت في حي الطابيات في اللاذقية الا ان قوات الامن هاجمتها واعتقلت مشاركين فيها”، موضحا ان “المتظاهرين فروا نحو حي الصليبة حيث لحقتهم قوات الامن”.

واشار ناشط اخر من حلب الى ان “الاف الاشخاص تظاهروا في عدة احياء في حلب حيث اعتدى عليهم رجال الامن واعتقل العشرات لمطالبتهم بإسقاط النظام”.

من جهة ثانية، اوردت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) بيانا لوزارة الداخلية اكدت فيه ان “السفير الاميركي التقى في حماة بعض المخربين” واتهمته بانه “حضهم على التظاهر والعنف ورفض الحوار”.

واكدت الوزارة انها “تراقب عن كثب اعمال الشغب والعنف التي تقوم بها بعض المجموعات التخريبية في مدينة حماة وتعمل على معالجتها”.

وتتمثل مهمة فورد في حماة في “اجراء اتصال” مع المعارضة، كما اعلن مسؤول اميركي كبير رافضا الكشف عن هويته.

وحماة رمز تاريخي منذ 1982 بعد حملة قمع لتمرد قاده الاخوان المسلمون ضد الرئيس الراحل حافظ الاسد، والد بشار الاسد، اوقعت 20 الف قتيل.

وفر مئات الاشخاص من حماة عشية تظاهرات جديدة متوقعة عبر البلاد تحت شعار “لا للحوار” مع نظام الاسد، بحسب ناشطين.

كما توجه السفير الفرنسي في سوريا اريك شوفالييه الى مدينة حماة التي اصبحت مركزا لحركة الاحتجاج على نظام بشار الاسد وذلك للتعبير عن “التزام فرنسا بالوقوف الى جانب الضحايا”، كما اعلن الجمعة في باريس.

دمشق: زيارة السفير الأميركي لحماة تنتهك الأعراف الدبلوماسية

اتهمت مستشارة الرئيس السوري بثنية شعبان في مقابلة مع بي بي سي سفير الولايات المتحدة لدى دمشق روبرت فورد الذي يزور مدينة حماة حاليا بتقويض محاولات الحكومة السورية لنزع فتيل الاحتجاجات المناوئة للحكومة التي بدأت قبل أربعة أشهر.

وقالت شعبان إن الزيارة غير المرخصة التي قام بها فورد إلى حماة تزامنت مع اجتماع لأئمة مساجد وقادة المجتمع المدني، مضيفة أنها “تنتهك الأعراف الدبلوماسية.”

وتابعت شعبان أن “فورد لا بد وأن تكون له صلات بالمجموعات المسلحة التي تحول دون استئناف الحياة الطبيعية في سوريا.”

ولا يزال السفير الأميركي موجودا في حماة لمراقبة الاحتجاجات التي تشهدها المدينة حاليا بعد انتهاء صلاة الجمعة.

وقال دبلوماسيون إن السفير الفرنسي لدى دمشق إريك شيفالييه يزور بدوره مدينة حماة الجمعة بهدف مراقبة الاحتجاجات وكيفية تعامل السلطات السورية معها وذلك في “إشارة إلى دعم دولي للاحتجاجات”.

وفي الإطار ذاته، قالت وزارة الخارجية السورية في بيان نشرته وكالة الانباء الرسمية سانا إن “وجود السفير الأميركي في مدينة حماة دون الحصول على الاذن المسبق من وزارة الخارجية وفق التعليمات المعممة مرارا على جميع السفارات دليل واضح على تورط الولايات المتحدة في الأحداث الجارية في سورية ومحاولتها التحريض على تصعيد الأوضاع التي تخل بأمن واستقرار البلاد”.

وأضاف البيان أن “سورية تنبه إلى خطورة مثل هذه التصرفات غير المسؤولة وتؤكد تصميمها على مواصلة اتخاذ كل الاجراءات الكفيلة باستعادة الامن والاستقرار في البلاد”.

وكانت وزارة الخارجية الاميركية قد أعلنت في وقت سابق أن السفير الاميركي في سورية روبرت فورد توجه الخميس إلى مدينة حماة لإظهار التضامن مع المتظاهرين.

وكان مئات الأشخاص من سكان حماة قد فروا من المدينة خشية التعرض لقمع القوات السورية وفقا لناشطين سوريين.

وأفادت تقارير بأن دبابات الجيش السوري تحاصر المدينة التي شهدت خلال الأيام الماضية ما وصف بأنها أكبر تظاهرة احتجاج على النظام السوري منذ بدء الاحتجاجات الشعبية قبل أربعة أشهر.

واشنطن “مستاءة” لرد فعل دمشق

اعربت الادارة الاميركية الجمعة عن “استيائها” ازاء انتقاد النظام السوري للزيارة التي قام بها السفير الاميركي روبرت فورد الى مدينة حماة (وسط) التي تشهد احتجاجات واسعة ضد نظام الاسد.

وصرحت فيكتوريا نالاند المتحدثة باسم الخارجية الاميركية ان السفير فورد ترك المدينة عائدا الى دمشق في وقت لاحق الجمعة بعد لقائه عددا من المتظاهرين، مجددة التأكيد ان واشنطن ابلغت دمشق مسبقا بهذه الزيارة.

وقالت “نحن بصراحة مستاؤون قليلا” لرد الفعل السوري، مشددة على ان قول الحكومة السورية انها تفاجأت بالزيارة التي قام بها فورد الى حماة “لا معنى له”.

وكانت واشنطن اعلنت الخميس ان سفيرها في سوريا توجه الى حماة (210 كلم شمال دمشق) وسيمكث فيها حتى الجمعة بهدف “اجراء اتصالات” مع المحتجين في هذه المدينة التي تحاصرها دبابات الجيش.

واضافت المتحدثة ان المتظاهرين في حماة احتشدوا الجمعة لتحية السفير وغطوا الزجاج الامامي لسيارته بالورود التي نثروها عليها، ولكنه رفض الترجل من السيارة لتحيتهم كي لا يحول التظاهرة عن مجراها ويصبح محطا للانظار.

واضافت نالاند ان السفير ولدى مغادرته حماة قرابة الساعة 13,30 بالتوقيت المحلي واكب سيارته متظاهرون على متن دراجات نارية لخشيتهم على سلامته.

واوضحت ان الزيارة التي قام بها السفير الفرنسي في سوريا اريك شوفالييه الى حماة الجمعة لم يجر تنسيقها مع زيارة نظيره الاميركي.

واثر اعلان واشنطن عن هذه الزيارة الخميس سارعت دمشق الى اتهام الولايات المتحدة ب”التورط” في الحركة الاحتجاجية التي تشهدها البلاد منذ اربعة اشهر و”التحريض على التصعيد”.

والجمعة اوردت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) بيانا لوزارة الداخلية اكدت فيه ان “السفير الاميركي التقى في حماة بعض المخربين وحضهم على التظاهر والعنف ورفض الحوار”.

واشنطن لمصارفها: إحذروا الأموال المحولة من سوريا

أ. ف. ب.

واشنطن: حضّت السلطات الأميركية الجمعة المصارف الخاضعة لأحكامها إلى إبداء مزيد من الحذر حيال حركة الأموال المحولة من سوريا وبصورة عامة من الخارج.

ونشرت هيئة مكافحة الجرائم المالية التابعة لوزارة الخزانة الاميركية “توصية” تتعلق بالاجراءات الواجب اتخاذها في مواجهة “زيادة محتملة للاصول المرتبطة بأعمال العنف الدائرة حاليًا في سوريا”.

ودعت الهيئة “في هذه الفترة من عدم الاستقرار” المؤسسات المالية الى “ابداء مزيد من الحذر حيال الحسابات المصرفية الخاصة” العائدة “لشخصيات سياسية اجنبية رفيعة المستوى”.

كما حضّت الهيئة المصارف على “مراقبة العمليات التي قد تخص الاموال العامة المكتسبة بطريقة غير شرعية او المهربة والرشاوى والاشكال الاخرى من المدفوعات غير الشرعية، فضلاً عن الأرباح المتأتية عن فساد عناصر السلطة”.

وفي مواجهة القمع الدامي، الذي يطال السوريين، جمّدت الولايات المتحدة منذ ايار/مايو الارصدة المحتمل وجودها في المصارف الاميركية لعدد من المسؤولين والهيئات العسكرية او السياسية للنظام في دمشق، وفي مقدمهم الرئيس بشار الاسد.

وهذه العقوبات تمنع أيضًا الأشخاص المعنويين والحقيقيين الاميركيين من القيام بأي عملية مالية مع الذين تشملهم العقوبات.

حماه تتحدى.. ومظاهرات حاشدة في سوريا

قتلى وعشرات الجرحى في «جمعة لا للحوار» * مسؤول غربي زار حماه لـ«الشرق الأوسط»: لم نر عصابات مسلحة.. ولست متأكدا من أن هذا الرئيس يستطيع تحقيق الانتقال السلمي

جريدة الشرق الاوسط

تحدى سكان حماه، أمس، الحصار العسكري على مدينتهم، وخرجوا في يوم «جمعة لا للحوار» بمئات الآلاف يطالبون بإسقاط النظام، بعد أيام من التوتر وتصاعد المخاوف من استعداد الجيش لبدء عملية عسكرية على المدينة, فيما خرجت مظاهرات حاشدة في جميع مدن سوريا رافضة للحوار «مع نظام الشبيحة».

وشكلت زيارة السفيرين الأميركي والفرنسي إلى حماه درعا للمتظاهرين, الذين قدر الناشطون عددهم أمس بـ450 ألف متظاهر، بينما خرجت مظاهرات في أكثر من 250 بقعة في سوريا ترفض الحوار مع النظام وتطالب برحيل الرئيس بشار الأسد. وهتف المتظاهرون في عدة مناطق أمس «لا للحوار مع الشبيحة»، علما أنه من المفترض عقد أول لقاء حواري دعت إليه السلطة، على مدى يومين، غدا وبعد غد. إلا أن المظاهرات لم تمر بشكل سلمي، في مناطق أخرى لم تتمتع بحماية دبلوماسيين مثل حماه، إذ سقط أمس 13 قتيلا على الأقل برصاص قوات الأمن، بينهم اثنان في دمشق.

وأثارت زيارتا السفيرين الأميركي، روبرت فورد، والفرنسي إريك شوفالييه إلى حماه، استياء النظام السوري الذي شن حملة اتهامات ضد واشنطن، وتجاهل فرنسا، متهما الولايات المتحدة بالتورط في الأحداث الجارية في سوريا. وقالت دمشق إن فورد التقى «بمخربين وحثهم على التظاهر». ولكن رغم هذا التهجم، أكدت بثينة شعبان، المستشارة الرئاسية والإعلامية، أن دمشق «لا تريد أن تقطع شعرة معاوية» مع الإدارة الأميركية.

واعربت الادارة الاميركية عن «استيائها» من رد فعل دمشق على زيارة فورد الى حماه, مجددة التأكيد على ان واشنطن ابلغت دمشق مسبقا بهذه الزيارة.

وقالت فيكتوريا نالاند المتحدثة باسم الخارجية الاميركية «نحن بصراحة مستاءون قليلا» لرد الفعل السوري, مشددة على ان قول الحكومة السورية انها تفاجأت بالزيارة التي قام بها فورد الى حماه «لا معنى له». واضافت المتحدثة ان المتظاهرين في حماه احتشدوا الجمعة لتحية السفير وغطوا الزجاج الامامي لسيارته بالورود التي نثروها عليها, ولكنه رفض الترجل من السيارة لتحيتهم كي لا يحول التظاهرة عن مجراها ويصبح محطا للانظار. واضافت نالاند ان السفير ولدى مغادرته حماه واكب سيارته متظاهرون على متن دراجات نارية لخشيتهم على سلامته, مشددة من جهة اخرى على ان الزيارة التي قام بها السفير الفرنسي لدى سوريا اريك شوفالييه الى حماه أول من أمس لم يجر تنسيقها مع زيارة نظيره الاميركي. وتحدث دبلوماسي غربي عبر الهاتف مع «الشرق الأوسط» من دمشق، وكان من بين الذين زاروا حماه أمس، قائلا إن «أهالي حماة أرادونا أن نشهد ما يحدث هناك». ونفى الدبلوماسي ما تقوله الحكومة السورية عن وجود عصابات مسلحة تسيطر على حماه، مؤكدا: «لم نر عصابات مسلحة ولم نر أحدا يحمل أية أسلحة». وأضاف: «لست متأكدا أن هذا الرئيس يستطيع تحقيق الانتقال السلمي في البلد، والخطوات التي رأيناها هذا الأسبوع لا تطمئن».

خارطة الأحزاب السياسية الكردية بسوريا

أربيل: شيرزاد شيخاني

تتألف الحركة السياسية الكردية في سوريا من 12 حزبا كرديا، وكذلك من 3 أطر سياسية جامعة، إضافة إلى عدد من الأحزاب الأخرى خارج الأطر المذكورة وهي:

أولا: المجلس السياسي الكردي في سوريا ويضم حاليا 8 أحزاب كردية، ويعتبر الإطار الرئيسي الذي يضم معظم أطراف الحركة الكردية في سوريا؛ حيث تمكنت الحركة لأول مرة في عام 2009 من تأسيس ائتلاف عريض كهذا الذي يتألف من: 1- الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي)، جناح الدكتور عبد الحكيم بشار، وهو قريب من الحزب الديمقراطي الكردستاني، العراق، وحليفه التقليدي في مختلف المراحل.

2- الحزب اليساري الكردي في سوريا: يقوده محمد موسى محمد، وهو حزب علماني تأسس في 5 أغسطس (آب) 1965. ويعتبر المرحوم أوصمان صبري الذي أسس أول حزب سياسي كردي في سوريا عام 1975 رمزا لليسار الكردي في سوريا ولعموم المنحدرين من مدرسة اليسار الكردي في سوريا.

3- حزب اليكيتي الكردي في سوريا: يقوده الآن إسماعيل حمي، ويتميز هذا الحزب بأن الأمين العام أو السكرتير فيه يتبدل بشكل دوري، بحيث يتولى أحد أعضاء المكتب السياسي هذا المنصب لمدة 3 أو 4 سنوات، وينفرد اليكيتي من بين الأحزاب الكردية بهذا التقليد الديمقراطي، وهو حزب يساري التوجه وينحدر من المدرسة اليسارية نفسها.

4- حزب آزادي الكردي في سوريا: يقوده خير الدين مراد، المقيم خارج سوريا، في النرويج تحديدا، ويعتبر هذا الحزب أيضا حزبا علمانيا وذا ميول يسارية وينحدر من المدرسة ذاتها التي انحدر منها كل من اليكيتي واليساري الكردي في سوريا.

5- الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي)، جناح نصر الدين إبراهيم، الذي يعتبر أكثر اعتدالا، لكنه يعتبر بدوره سليل مدرسة اليسار الكردي، وبرز هذا الفصيل على الساحة حينما انقسم البارتي في نهاية ثمانينات القرن الماضي إلى فصيلين، إثر وفاة سكرتيره العام كمال أحمد آغا بحادث سير، ويرتبط جناح البارتي هذا بتحالف مع الحزب اليساري الكردي.

6- الحزب الديمقراطي الكردي السوري، الذي يقوده جمال شيخ باقي: ويعتبر من الأحزاب المعتدلة في الحركة الكردية، ويتميز بموضوعية طرحه وأفكاره السياسية وهدوئه وعدم انجراره إلى المعارك الجانبية الكردية – الكردية.

7- حزب المساواة الديمقراطي الكردي في سوريا: يتزعمه عزيز داود، وانفصل هذا الحزب عن الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا منذ تسعينات القرن الماضي، ويتحالف مع البارتي، جناح الدكتور عبد الحكيم بشار.

8- الحزب الوطني الديمقراطي الكردي في سوريا: يتزعمه طاهر صفوك، الذي انفصل عن حزب المساواة الديمقراطي الكردي في سوريا بعد وقت قصير من انفصاله مع عزيز داود عن حزب عبد الحميد درويش، ويتحالف بدوره مع البارتي، جناح الدكتور عبد الحكيم بشار.

ثانيا: أحزاب المجلس العام للتحالف الديمقراطي الكردي في سوريا ويتألف من حزبين فقط وهما: 1- حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا: ويتزعمه محيي الدين شيخ آلي، الذي انفصل عن «البارتي» حينما كان موحدا منذ ثمانينات القرن الماضي.

2- الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا: ويقوده عبد الحميد درويش، وتربطه علاقة تحالفية مع حزب الوحدة الديمقراطي إلى جانب عدد من المستقلين.

ثالثا: الأحزاب الخارجة عن الإطارين 1- حزب الاتحاد الديمقراطي القريب من حزب العمال الكردستاني، الذي يقوده حاليا صالح مسلم، ويطالب بالإدارة الذاتية لكرد سوريا، وهو حزب جماهيري كبير قياسا بباقي أحزاب الحركة الكردية في سوريا.

2- تيار المستقبل الكردي في سوريا، الذي جمد عضويته في المجلس السياسي الكردي في سوريا، وكذلك في مجموع الأحزاب الكردية ويقوده مشعل التمو.

رابعا: مجموع أحزاب الحركة الكردية في سوريا وهو إطار تشكل بعد انطلاق الثورة السورية الحالية في 15 مارس (آذار) الماضي، ويضم جميع الأحزاب الواردة أسماؤها أعلاه عدا تيار المستقبل الكردي. وأطلقت هذه الأحزاب مجتمعة مبادرتها الشهيرة من مدينة قامشلو بُعيد انطلاق الاحتجاجات في المدن الكردية، التي تنطوي على الرؤية الكردية أو خارطة الطريق الكردية، لحل المسألة السورية عامة والكردية خاصة، على قاعدة الاعتراف الدستوري بالكرد كثاني أكبر قومية في البلاد.

خامسا: أحزاب أخرى خارج الأطر الثلاثة وهي أحزاب كثيرة، لكن لا يوجد إجماع من قبل الأحزاب المذكورة أعلاه بالاعتراف بها، الأمر الذي يبقيها خارج الأطر الكردية، وكذلك أطر المعارضة الوطنية السورية أيضا، وتبقى معزولة عن الحراك بسبب إشهار الفيتو في وجهها من قبل الأحزاب الأخرى؛ إذ يكفي استخدام حق النقض (الفيتو) من قبل أحد الأحزاب الـ12 التي سبق ذكرها بحق هذا الحزب الجديد أو ذاك، ليبقى معزولا حتى ينال رضا الجميع.

الأحزاب الكردية السورية بالعشرات.. وتشتتها يضعف صوتها في المعارضة

معظمها يعاني من ديكتاتورية القرار السياسي والحزبي وافتقاد شبه تام للقرار الجماعي باستثناءات قليلة جدا

أربيل: شيرزاد شيخاني

رغم منع السلطات السورية الأحزاب الكردية من العمل بشكل قانوني، فقد برزت الأحزاب الكردية كطرف أساسي في المعارضة السورية في الأزمة الحالية. إلا أن كثرة الأحزاب الكردية التي تعدّ بالعشرات، والتي يعمل معظمها من دون ترخيص، يجعل الصوت الكردي منقسما. فبينما شاركت مثلا عدة أحزاب كردية في مؤتمر أنطاليا، أول مؤتمر للمعارضة السورية منذ اندلاع الاحتجاجات، قاطعته مجموعة من الأحزاب بسبب انعقاده في تركيا بسبب مواقفها من القضية الكردية.

والملاحظ في الخارطة السياسية للأحزاب والقوى الكردية التي رسمتها «الشرق الأوسط» بالاستناد إلى مصادر متعددة في تلك الأحزاب، أن الكثير من الأحزاب الكردية تتشابه في الأسماء وفي البرامج السياسية التي تطرحها. وقد يكون هذا ناجما عن أن معظم تلك الأحزاب والتي نشأت خلال السنوات الأخيرة، إنما هي أحزاب أو أجنحة منشقة عن الأحزاب الأم، شأنها شأن معظم الأحزاب الكردية الأخرى في المنطقة. ولعل سبب تتابع تلك الانشقاقات، هي مشكلة الزعامات وصيغة اتخاذ القرارات السياسية داخل تلك الأحزاب والتي تتمحور بمجملها حول زعيم الحزب وبشكل صارم في المركزية.

فمعظم الأحزاب الكردية تعاني من ديكتاتورية القرار السياسي والحزبي، وافتقاد شبه تام للقرار الجماعي، باستثناءات قليلة جدا، خصوصا في السنوات الأخيرة حيث تأثرت بعض هذه الأحزاب بأحداث العالم وانفتاح المجتمعات على تطورات العصر.

ففي سوريا، هناك ما يقرب من 20 حزبا سياسيا كرديا معلنا عدا عشرات المنظمات والتجمعات السياسية الصغيرة الأخرى، يجمعها كلها قاسم مشترك، وهو النضال في سبيل الحصول على الحقوق القومية. ولا تكاد تختلف حتى مناهجها وبرامجها ورؤاها السياسية بعضها عن بعض، وهو دليل على أن جميع تلك الأحزاب التي نشأت من تحت عباءة الأحزاب الكبيرة، إنما هي بالأساس أجنحة انشقت عنها بسبب تفرد الزعامات بالقرار السياسي.

تأسس أول حزب سياسي كردي في سوريا تحت اسم «بارتي ديمقراطي كردستان»، أو «الحزب الديمقراطي الكردستاني» عام 1957، على يد نخبة من المثقفين والمناضلين الأكراد، لعل أبرزهم اوصمان صبري الذي يعد رمزا للأكراد السوريين والمؤسس الأول للحزب. وقد شغل منصب السكرتير العام للحزب. يليه الدكتور نور الدين ظاظا الذي انتخب فيما بعد رئيسا للحزب، أما أعضاء الهيئة التأسيسية الآخرون الذين حضروا جلسة التأسيس فهم: محمد علي خوجة ورشيد حمو وحمزة نويران وخليل محمد وشيخ محمد عيسى وحميد درويش وشوكت حنان.

ويعود تاريخ أول انشقاق في صفوف الحركة السياسية الكردية إلى عام 1965 عندما عقد كونفراس الحزب الديمقراطي الكردستاني وتحول الحزب فيه إلى جناحين، حيث خرج اليساريون من الحزب وشكلوا جناحا منشقا عن الحزب الأم. وفي عام 1970 وبمبادرة من الحزب الديمقراطي الكردستاني، بقيادة الزعيم الكردي الكبير الملا مصطفى بارزاني والد رئيس إقليم كردستان الحالي مسعود بارزاني، عقد مؤتمر توحيدي في منطقة ناوبردان معقل بارزاني في تلك الفترة. ولكن المؤتمر بدل أن ينجح في توحيد الحزب واستعادة الجناح اليساري، انقسم إلى ثلاثة أجنحة منشقة، وتشكل بذلك الحزب التقدمي الديمقراطي الذي يقوده حاليا عبد الحميد درويش كجناح يميني، والآخر هو الحزب اليساري الحالي الذي يقوده حاليا محمد موسى.

وانعكست تلك الخلافات الطويلة بين الأحزاب الكردية رغم أنها كلها عارضت نظام الأسد الأب والابن حاليا، على وضعية تلك الأحزاب. وألقت الخلافات بظلالها على توحيد الموقف الكردي مما يجري حاليا في سوريا من انتفاضة شعبية. وفشلت تلك الأحزاب بالخروج بموقف موحد من تشكيل هيئة تنسيق جامعة للأحزاب الكردية، رغم انضواء 11 حزبا كرديا تحت لواء مبادرة القامشلي التي تعتبر خطوة مهمة باتجاه توحيد الموقف الكردي من الأحداث الراهنة.

وفشلت هذه الأحزاب في توحيد موقفها في ما يتعلق بتشكيل هيئة التنسيق الوطنية لتوحيد الصف الكردي السوري وقيادة الدور الكردي في خضم الأحداث الحالية. فمن مجموع 11 حزبا وقعت خمسة أحزاب فقط على وثيقة تشكيل الهيئة وهي: حزب اليسار الكردي بقيادة محمد موسى، وحزب اليكيتي الكردي بزعامة إسماعيل حمي، وحزب الاتحاد الديمقراطي بزعامة صالح مسلم، والحزب الديمقراطي الكردي بقيادة نصر الدين إبراهيم، والحزب الديمقراطي الكردي السوري بقيادة جمال شيخ باقي، فيما امتنعت ستة أحزاب أخرى عن توقيع الوثيقة وهي: حزب الوحدة الديمقراطي الكردي (اليكيتي) في سوريا بزعامة محيي الدين شيخ آلي، والحزب الديمقراطي الكردي في سوريا بقيادة عبد الحكيم بشار، وحزب آزادي الكردي بقيادة خير الدين مراد، وحزب المساواة الكردي بقيادة عزيز داود، والحزب الوطني الديمقراطي الكردي بقيادة طاهر صفوك، والحزب التقدمي الديمقراطي بقيادة عبد الحميد درويش.

وحول أسباب الخلافات بشأن تشكيل هيئة التنسيق الوطنية، كشف سكرتير الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا عبد الحميد درويش في تصريح سابق لـ«الشرق الأوسط» عن أن سبب عدم انضمامنا يعود لعاملين اثنين: الأول هو عدم رغبتنا في تقسيم صفوف المعارضة الوطنية. والثاني هو ضرورة الاعتراف بحقوق الكرد بشكلٍ واضح وتفصيل هذه الحقوق بشكل جلي». ولكن القيادي في الحزب اليساري الكردي المعارض شلال كدو قال في تصريح حول الموضوع ذاته: «رغم أن الأحداث بدأت تتطور بشكل دراماتيكي لافت، وأخذت السيناريوهات المحتملة لمستقبل البلد تتضح أكثر فأكثر، فإن المعارضة السورية ما زالت حبيسة خلافاتها المزمنة وهي في طور التشكل، لا بل إن المعارضة العربية المترامية الأطراف ألقت بظلالها على المعارضة الكردية الموحدة أيضا، وبدأت الأخيرة تتأثر بشكل واضح بخلافات وتباينات شقيقتها الوطنية أو العربية».

لكن علي شمدين القيادي في الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي السوري يرى أن حزبه جزء من إعلان دمشق قبل أن يكون جزءا من أي هيئة جديدة تتشكل في سوريا على خلفية الأحداث الجارية هناك، وأن حزبه حريص على عدم تهميش أطراف إعلان دمشق الذي تأسس منذ عام 2005 ولعب دورا هاما في النضال من أجل التغيير الديمقراطي السلمي في سوريا، إلى جانب كونه إطارا سياسيا لا يستهان به في الساحة الوطنية السورية. وقال: «كنا نسعى ونحاول مع أطراف إعلان دمشق للانضمام إلى هذه الهيئة وكانت وجهات نظرنا متقاربة جدا، لكن الإخوان الآخرين سارعوا بإعلانهم عن تشكيل الهيئة وهذا ما أثر سلبا على المعارضة الكردية».

من الجدير ذكره أن جميع الأحزاب الكردية كانت تتسم بموقف موحد إزاء التعاطي مع الأحداث في بداية انطلاقتها بسوريا، رغم الخلافات التي حصلت بينها حول مسألة الحوار والتفاوض مع نظام الأسد الذي أدى تغليبه الحل الأمني لحسم الأزمة في البلاد، إلى تراجع بعض أطراف المعارضة الكردية عن دعم الحوار مع النظام. وكانت مبادرة القامشلي التي وقعتها الأحزاب الـ11 الحدث الأبرز لتجسيد وحدة الموقف الكردي، ولكن الخلافات التي عصفت بتلك الأحزاب عند تشكيل هيئة التنسيق الوطنية، أضعفت كثيرا ذلك الموقف الكردي الموحد. وقد تكون تلك الخلافات العنوان الأبرز للفترة المقبلة من تعاطي تلك الأحزاب مع الحدث السوري الراهن.

شاهد يروي كيف قتل محققون الفتى تامر.. بعد أن أشبعوه تعذيبا

قال إنهم طلبوا منه أن يقول إنه «يحب» بشار الأسد لكن الفتى ظل يهتف «الله.. حرية.. سوريا وبس»

لندن: «الشرق الأوسط»

داخل مركز اعتقال رث في دمشق، انهال 8 أو 9 محققين ضربا بالهراوات على مراهق نحيف مكبل اليدين، مصاب بجرح في الجانب الأيسر من صدره من جراء تلقي رصاصة. ظلوا يضربونه على رأسه وظهره وقدميه وعضوه الذكري، ثم تركوه ينزف من أذنيه على أرض الزنزانة ويصرخ مستغيثا بأمه وأبيه. سمع إبراهيم الجهماني، أحد زملائه في الزنزانة، الذي قال إنه شاهد ما حدث لهذا الفتى في سوريا في مايو (أيار) الماضي، المحققون يطلبون من الفتى ذي الـ15 عاما، أن يقول إنه «يحب» بشار الأسد. لكن الفتى، الذي عرف في ما بعد أن اسمه تامر محمد الشاري، رفض، بل ظل يهتف بشعار مناهض لنظام الأسد يتردد صداه في شوارع سوريا وهو «الله.. حرية.. سوريا وبس».

يبدو أن رفض تامر كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة للمحققين. وقال الجهماني لوكالة «أسوشييتد برس» بعد إطلاق سراحه: «لقد كسر الحراس معصم يده اليمنى وانهالوا ضربا بالعصي على يديه اللتين كانتا مكبلتين بالقيود وراء ظهره. وقد ضربوه أيضا على وجهه ورأسه وظهره وقدميه وعضوه الذكري حتى نزف من أنفه وفمه وأذنيه وسقط مغشيا عليه. لقد ظل يتوسل طالبا الرحمة وأخذ يصرخ مناديا على أمه وأبيه لإنقاذه». وأضاف بصوت مخنوق من الانفعال: «لقد كان مسجى على الأرض ككلب بثيابه الداخلية وجسده مغطى بالدماء. لكن المحققين لم تأخذهم أي شفقة ولا رحمة به واستمروا في ضرب الفتى بوحشية».

كان تامر والجهماني اثنين من بين آلاف السوريين الذي تم إلقاء القبض عليهم جماعيا على خلفية الاشتباه في معارضتهم للأسد خلال الاحتجاجات التي بدأت في مارس (آذار) الماضي. وشاهد الجهماني هذا التعذيب من ردهة موازية للزنازين، وهو ينتظر لساعتين حتى يقتاده الحراس إلى زنزانته. وقال إن تلك الردهة كانت تفوح منها رائحة الدم والمراحيض القذرة وكانت الأسرّة الموجودة في الزنازين مغطاة بملاءات قذرة.

احتجزت قوات الأمن تامر عاريا تقريبا ومكبلا بالقيود والدماء والكدمات تغطي جسده في السجن الذي تديره استخبارات القوات الجوية السورية، بينما كسر المحققون ساعده وأسنانه. وتم استدعاء طبيب ذات مرة لإفاقته، على حد قول الجهماني. وقال الجهماني الذي تحدث لـ«أسوشييتد برس»: «أعطوه حقنة ثم بدأوا في ضربه مرة أخرى، مركزين على قدميه وعضوه الذكري، ثم بدأ الصبي في النزف من أذنيه».

في اليوم التالي أوقفت صرخات الفتى بوحشية. قال الجهماني إنه لم يسمع صوته مرة أخرى.

وأكد الجهماني، البالغ من العمر 23 عاما، أنه كان معتقلا في نفس مركز الاعتقال مع تامر في مايو وشاهد وسمع ما حدث للصبي على مدار يومين من الضرب. خلال اليوم الأول، قال الجهماني إنه رأى وجه تامر المليء بالكدمات على أرضية الردهة. وفي مساء ذلك اليوم، وضعوهما في زنزانتين مختلفتين قريبتين في نفس الممر، وكان باستطاعة الجهماني سماع صرخات تامر.

وقال «أسوشييتد برس» في تقريرها، إن الجهماني تحدث إلى مراسليها عبر الهاتف، ومرة أخرى في لقاء مباشر. وأشار إلى أنه فر بعد أن أطلقت السلطات السورية سراحه في 31 مايو بعدما قضى قرابة الشهر في الاعتقال. وعرض لمراسلي الوكالة الأوراق الخاصة بإطلاق سراحه، الموقعة والممهورة من قبل السلطات السورية بعد فشلهم في إيجاد أدلة على لائحة الاتهام الموجهة ضده.

تم الكشف عن موت تامر في يونيو (حزيران) الماضي، عندما ظهرت مقاطع فيديو على الهواتف الجوالة لوجه الفتي الذي امتلأ بالرضوض والكدمات والرصاص الذي اخترق الجسد، وقد فقد معظم أسنانه في تابوت من الخشب. وأظهر مقطع آخر سيدة تصرخ «هذا ابني.. أقسم أن هذا ابني». وقال الجهماني إنه شاهد الفيديو بعد الإفراج عنه وتعرف في الحال على القتيل الشاب، وقال إنه الفتى الذي شاهده في مركز الاعتقال.. فقد سمع المحققون ينادونه «تامر».

يقف الفيديو دليلا على وحشية أعمال القمع التي لا تميز حتى الأطفال حيث قتل 72 طفلا منذ بداية الانتفاضة، بحسب لجنة التنسيق المحلية، اللجنة التي تقوم بالتوثيق للمظاهرات. والروايات التي وردت بشأن ضرب تامر وموته تعزز من الدعاوى التي أطلقتها جماعات حقوق الإنسان بأن القوات السورية يجب أن تستجوب بشأن ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وقد حثت منظمة العفو الدولية، ومقرها لندن، مجلس الأمن، هذا الأسبوع، على إحالة سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية لارتكابها مثل هذا الجرم.

كان كل من تامر وصديقه حمزة الخطيب (13 عاما)، من أبناء قرية جيزا بمحافظة درعا، الذي اختفى في 29 أبريل (نيسان). يذكر أن درعا شهدت انطلاقة الثورة عندما ألقت قوات الأمن القبض على بعض طلاب المدرسة الإعدادية الذين كتبوا شعارات مناوئة للحكومة على الحوائط.

اعتقل حمزة في مظاهرة ولم يشاهد مرة أخرى حتى سلمت جثته المشوهة إلى أسرته بعد ذلك بأسبوع. وتحول الخطيب في ما بعد إلى رمز للثورة ضد الأسد قادت الآلاف من المتظاهرين إلى الشوارع. أثارت وفاة حمزة الخطيب وتامر غضب السوريين الذين عاشوا تحت الديكتاتورية الوحشية لعائلة الأسد لأكثر من 4 عقود، ليتسع نطاق المظاهرات ويجذب المزيد من قطاعات المجتمع.

وقال الجهماني إنه كان يمشي في درعا في الثالث من مايو مع صديقه فارس ناصر، عندما طلبت منه قوات الأمن التوقف، لكن ناصر حاول الهرب فقامت قوات الشرطة السرية بإطلاق النار عليه فأردته في الحال. وقال: «أصبت بالذهول من رؤية ما حدث لصديقي أمام عيني، فلم يفعل أي شيء ليكون مصيره القتل». وقال الجهماني، إنه لم يكن خائفا، لكنه كان غاضبا بسبب وفاة صديقه. وأضاف: «كان علي أن أهدأ لأنهم قد يقتلونني إذا ما فعلت أو قلت أي شيء». وقرر الجهماني أن لا يفر.

قام عملاء القوات الأمنية بوضع يديه في الأصفاد، وتغطية عينيه ودفعه إلى داخل السيارة التي سارت لأكثر من ساعة، ثم اكتشف في ما بعد أنه محتجز داخل مركز لاعتقال الاستخبارات القوات الجوية في دمشق. وأشار إلى أنه تعرض للضرب بالهراوات والركل من قبل المحققين، مما ترك آثارا على فخذه بعد الإفراج عنه. وتساءل الجهماني: «ما هو الخطأ الذي ارتكبه؟ كان يريد الحرية.. كان يريد أن يكون مثل أقرانه في كل مكان في الحياة يستمتع بالحياة، وأن يعبر عن نفسه دون أن يضطر إلى الترقب». وأوضح أنه اعتقل 3 مرات على الأقل منذ اجتياح الانتفاضة سوريا.

وقال الجهماني: «اعتقلت مرتين في مارس ومرة في أبريل، التي شهدت فيها عمليات التعذيب. كان يسعون خلفي لأنني كنت ناشطا على الـ(فيس بوك) والإنترنت، أقوم برفع ملفات الفيديو والصور على الإنترنت لعرضها على العالم لإظهار وحشية نظام بشار. كما كنت على اتصال بوسائل الإعلام مثل (أسوشييتد برس) خارج سوريا». وأكد الجهماني أنه لن يعود إلى سوريا حتى يسقط النظام. فقال: «سأعود إلى بلدي، إلى سوريا حرة، حرة من الطاغية بشار الأسد وعصبته الفاسدة».

السوريون رددوا في «جمعة لا للحوار»: لا حوار مع الشبيحة

أهالي ريف دمشق رفعوا يافطة موجهة للشعوب العربية «إننا نذبح فساعدونا»

لندن: «الشرق الأوسط»

تزايد عدد بؤر الاحتجاجات في سوريا يوم «جمعة لا للحوار»، ليصل إلى 256 نقطة حتى الآن، بحسب ما أكد ناشطون على صفحة «الثورة السورية ضد بشار الأسد» على موقع «فيس بوك». وقالوا إن هذا يجعل من «الثورة السورية الثورة العربية الأكبر من حيث الاتساع الجغرافي في طول البلاد وعرضها». ويأتي اتساع بقعة المظاهرات ردا على دعوة الحوار التي وجهها النظام السوري، والتي أعلن عدد كبير من المدعوين إليها رفضهم المشاركة فيها، في وقت لا يزال النظام يلجأ إلى الحل الأمني لقمع المتظاهرين. ويوم أمس، أعلن الشارع في مظاهرات حاشدة رفضه للحوار مع النظام.

وبالإضافة إلى الشعارات التي دأب الشارع على تردادها، «الشعب يريد إسقاط النظام» و«ما منحبك ما منحبك ارحل عنا أنت وحزبك»، ردد المتظاهرون في كل الأنحاء «لا حوار لا حوار ارحل ارحل يا بشار».

وفي حماه، رفعت لافتة طريفة كتب عليها «بلا حوار بلا بطيخ»، وهي عبارة يرددها السوريون في حال الاستخفاف وعدم تصديق الآخر. وفي حمص، ردد المتظاهرون «يا بشار فهام منيح مانك قابل للتصليح»، أي إن هذا النظام غير قابل للإصلاح.

وفي ريف دمشق، تم التركيز على دعوات مقاطعة رجال الأعمال المتهمين بتمويل الشبيحة، ورفع أهالي القابون لافتة كتبوا عليها «القاتل محمد حمشو ممول الشبيحة من أين لك هذا؟». ومحمد حمشو هو أحد رجال المال والأعمال السوريين، وهو معروف بشراكاته مع بعض رموز النظام، ومن الذين جمعوا ثروة طائلة في السنوات العشر الأخيرة. وفي الأحداث الأخيرة، وبسبب مساندته للنظام بقوة، سواء عبر قناة تلفزيون «الدنيا» التي يمتلك فيها الحصة الأكبر، وأيضا الدور الذي مارسه في التفاوض مع المحتجين، زاد الشكوك حوله. فدعا الناشطون إلى مقاطعة منتجات الشركات التي يملكها ضمن قائمة تتضمن أسماء عشرات التجار ممن يدعمون النظام، واعتبارهم شبيحة.

وفي لافتة أخرى رفعت في ريف دمشق، كتب المتظاهرون «ثورتنا سلمية ولا نتحاور مع الشبيحة». كما وجهوا نداء استغاثة للشعوب العربية وحملوا يافطة كتبوا عليها «استغاثة من الشعب السوري إلى كل الشعوب العربية .. إننا نذبح فساعدونا». وفي رسالة إلى الضمير الإنساني في العالم، كتبوا كلمة مختزلة ومعبرة باللغتين العربية والإنجليزية تقول «ابق إنسان».

ومن اللافت في هتافات أمس، ترديد المتظاهرين في حمص ودرعا وقرى حوران إلى جانب هتاف «حماه نحن معاك للموت»، الأغاني الشعبية التي كان يرددها إبراهيم قاشوش في ساحة العاصي في حماه قبل أن يذبح يوم الثلاثاء الماضي وترمى جثته في نهر العاصي. ويوم أمس، رفعت لافتات كتب عليها «كلنا إبراهيم قاشوش». وكانوا يترنمون بكلمات «ما في حوار ارحل ارحل يا بشار». وتفننوا في التنويع عليها، كما كان يتفنن قاشوش، وقالوا «لا حوار لا حوار ارحل ارحل يا بشار سوريا بلد الأحرار حاميها الله الجبار»، و«هي لله هي لله لا للسلطة ولا للجاه».

زيارة السفير الأمريكي لحماة الجمعة تثير جدلا بين رؤيتين أميركية وسورية

دمشق – تتوالى ردود الفعل السورية على الزيارة التي قام بها سفير الولايات المتحدة روبرت فورد إلى مدينة حماة يومي أمس الجمعة وأول أمس الخميس ، حيث تواصل مع محتجين سوريين.

وهاجمت جريدة “الثورة” الحكومية السورية في عددها الصادر اليوم السبت الزيارة ووصفتها بأنها تشكل “استفزازا للشعب السوري الذي عبر عن رفضه لأي تدخل في شئونه الداخلية وخرقا للأعراف الدبلوماسية”.

وقالت الصحيفة،وهي الوحيدة التي صدرت اليوم بسبب عطلة نهاية الأسبوع،إن سورية التي بقيت “على مدى سبعة آلاف عام حرة ولم تستطع قوة في العالم أن تحرف بوصلتها .. سوف تفشل محاولات السفير الأمريكي في دمشق روبرت فورد في ضرب مسيرة الإصلاح التي انطلقت بزخم كبير ولا يمكن لها عرقلة خطوات الحوار التي سترسمها شرائح المجتمع في لقاء غدا الأحد”.ووصفت الجريدة الزيارة بأنها “جرم مشهود بمفهوم العلاقات الدولية وسيثبت السوريون أن لحمتهم الوطنية متينة وإيمانهم بخطوات الإصلاح التي يقودها الرئيس بشار الأسد ماضية إلي الأمام وستكون حالة فريدة على مستوى الإقليم والعالم”.

وكان السفير فورد،الذي زار مدينة حماة يوم الخميس وانضم إليه يوم الجمعة السفير الفرنسي في دمشق إريك شوفالييه،قد أثار موجة عارمة من الانتقاد الحكومي،ولكن شريط فيديو على الإنترنت أظهر أن سكان المدينة قد استقبلوه بالترحاب والورود.

وكان لافتا أن الحملة الإعلامية كانت موجهة ضد سفير الولايات المتحدة واستثنت سفير فرنسا الذي انضم إلى السفير فورد في زيارته للمدينة.

ورفضت وزارة الخارجية الأمريكية الانتقادات التي وجهتها السلطات السورية للزيارة،وأكدت أن الحكومة السورية كانت على علم مسبق بالزيارة وقد مر الموكب الدبلوماسي عبر الحواجز العسكرية بعد إخطار وزارة الدفاع،واعتبرت اتهام دمشق للسفير بتشجيع المظاهرات بأنه “هراء”.

وقالت فيكتوريا نولاند،الناطقة باسم الخارجية الأمريكية،إن السفير فورد وصل حماة الخميس،حيث أجرى لقاءات مع “مواطنين عاديين” في الشارع. وأضافت نولاند أن موكب فورد خرج من حماة “بمواكب ودودة من شبان كانوا على دراجاتهم النارية”.

وكانت المعارضة السورية قد قالت ، في بيان لها ، إن سكان مدينة حماة سلموا رسالة إلى السفيرين الأمريكي والفرنسي،جاء فيها أن الشعب السوري “يقدر لكم اهتمامكم بواقع شعبنا في سورية وفي مدينة حماة،ونقدر زيارتكم لهذه المدينة التاريخية أرضا وشعبا”.

واتهمت الرسالة النظام بأنه “يراوغ أمام المجتمع الدولي لإيهامه بوجود عصابات مسلحة تريد النيل من سلامة سورية والشعب السوري لكي يكسب تأييد المجتمع الدولي له لكي يخفي أعماله القمعية ضد الشعب الأعزل”.

ويصف مراقبون السفير فورد بأنه “باروميتر التحرك الأمريكي المقبل حيال سورية”.

ويرى هؤلاء أن الإدارة الأمريكية تتحرك حاليا في اتجاهين مختلفين ، فهي “تستكشف كل التفاصيل وتستعد لكل الاحتمالات كي لا تنزلق إلى أخطاء مماثلة لتلك التي ارتكبتها في تونس ومصر”.

وقالت الصحيفة إن الشعب السوري لا بد “أن يرد وبصفعة قوية على الذين يريدون تحقيق مصالحهم ومصالح إسرائيل على حساب الوطن” ، مشيرة إلى “رد الشعب السوري العفوي والمباشر على التدخل السافر حيث شهدت مدننا تجمعات بالآلاف تطالب بطرد هذا السفير”.

ونقلت الصحيفة آراء رجال دين مسلمين ومسيحيين انتقدوا الزيارة،وتساءل رجل الدين المعروف سعيد رمضان البوطي :”أي جهاد في سبيل الله يقوده سفير أمريكا؟”.

بينما قال المطران يوحنا إبراهيم رئيس طائفة السريان الأرثوذكس في حلب،إن “هذا التحرك الذي خرج عن البروتوكول يؤكد أن وضعنا الداخلي مرتبط بمؤامرة خارجية تحاك ضد بلدنا ، فذهاب السفير الأمريكي ومن معه إلى محافظة حماة يؤجج النيران ويجب علينا وعلى أبناء حماة أن نعرف أبعاد هذا التحرك كما أنه يجب علينا أن نواصل الاعتماد على موضوع الحوار الذي أصبح الهدف الشامل والأعم للخروج من هذه الأزمة”

السبت 9 يوليوز 2011

د ب أ

                                                                                                              “التنسيقيات” تصعّد قبل حوار دمشق

توعد نشطاء سوريون مناوئون لنظام الرئيس بشار الأسد بتصعيد المظاهرات خلال تشييع جنازات رفاقهم الذين سقطوا أمس في جمعة “لا للحوار” والمقدر عددهم بنحو 16 قتيلا علاوة على جرح أكثر من أربعين آخرين. وأكدت لجان التنسيق المحلية رفض الحوار المنتظر غدا في العاصمة السورية دمشق.

وقال النشطاء في موقع “الثورة السورية” على الإنترنت إن مدينة حمص “ستنتفض غضبا وهي تودع ابنها البطل الشهيد محمد هادي بن ثابت الجندي” (22 عاما)، في إشارة إلى التشييع المتوقع لواحد من ضحايا جمعة “لا للحوار”.

كما نأى النشطاء بأنفسهم عن الزيارة التي قام بها السفير الأميركي أمس لمدينة حماة، وقالوا في الموقع الإلكتروني “لا علاقة لشعبنا من قريب أو بعيد بزيارة سفير أميركا إلى حماة، لم ندعه نحن، وكنا نخرج من قبله، وسنخرج من بعده، لكن الكلام عن التدخل في الشؤون الداخلية من قبل النظام كذبةٌ أخرى”.

وكان خرج مئات الآلاف أمس إلى ميادين رئيسية في عدة مدن من البلاد، كان أبرزها دمشق وحماة التي شهدت مظاهرة قُدر المشاركون فيها بنصف مليون شخص. وفي المقابل خرجت مظاهرة مؤيدة للنظام في دمشق لدعم “الوحدة الوطنية”.

16 قتيلا

ومثل جُمَع سابقة، سقط ضحايا قَدرت لجان التنسيق المحلية عددهم بستّة عشر قتيلا وعشرات الجرحى بنيران الأمن السوري. ورفع المتظاهرون خلال تلك الاحتجاجات شعار لا للحوار مع النظام.

وقالت لجان التنسيق المحلية في سوريا إن القتلى سقطوا في ضاحيتي الدمير والزبداني بمنطقة الميدان وسط العاصمة دمشق، وبمدينة بانياس الساحلية بالإضافة إلى حمص ومناطق أخرى.

وأضافت هذه اللجان -التي توثق للاحتجاجات الشعبية ضد نظام الأسد منذ اندلاعها منتصف مارس/آذار الماضي- أنه جرح أكثر من أربعين سوريا معظمهم في مدن دمشق وإدلب ودوما.

ومن بين المظاهرات التي شهدتها مختلف مناطق البلاد، أظهرت مشاهد بثها ناشطون على الإنترنت -قالوا إنها التقطت عقب صلاة الجمعة في حيي القابون والقدم بدمشق- خروج مظاهرات في شوارع المدينة حيث ردد المحتجون هتافات ترفض الحوار وتدعو لرحيل النظام.

وفي وصفه لما شهدته حمص أمس، قال أبو جعفر -وهو شاهد عيان- إن “قوات أمن بزي مدني أطلقت النار على المدنيين بشكل عشوائي”. وأضاف في تصريح للجزيرة “كنا نطلب الحرية في السابق، وقد أخذناها رغم أنف النظام”، مشيرا إلى أن “بشار الأسد فقد شرعيته منذ أن قتل أكثر من 1500 واعتقل 35 ألف سوري في السجون”.

حوار ورفض

وتكتسب هذه التطورات الميدانية أهميتها من واقع أنها تسبق يوم الحوار المنتظر بين النظام والمعارضة المقرر انطلاقه غدا الأحد، من دون أن تكون نتائجه مضمونة لأن عددا من الشخصيات سبق لها أن أعلنت مقاطعتها للجلسات بحجة استمرار الحملات الأمنية في مناطق متعددة من البلاد.

وأكدت “تنسيقيات الثورة” رفضها دعوات حوار وجهها الرئيس السوري، وقال ممثلها بدمشق للجزيرة إن عائلة بشار الأسد يجب “ألا تُحاوَر بل بحاجة إلى أن تُحاكم”.

والتقى هذا الرفض مع رفضٍ أبداه المنسق العام لقوى التغيير الديمقراطي الذي قال للجزيرة إن الهيئة تلقت الأربعاء دعوة رسمية لحضور الحوار الذي يبدأ الأحد، لكنْ قررت رفضها بسبب استمرار أعمال القتل.

وعبر المعارض هيثم المالح عن دهشته من توجيه السلطات دعوة للحوار في الوقت الذي تنشر فيه الدبابات في أنحاء البلاد ويراق الدم وتكتظ السجون بالسجناء ويطلب السوريون اللجوء إلى دول أخرى. وأضاف المالح -وهو محام وقاض سابق- أنه لا يعتقد أن أي مواطن يحترم بلده سيقبل مثل هذه الدعوة.

ويقول نشطاء إن قوات الأسد قتلت ما لا يقل عن 1400 مدني في الاحتجاجات. وتقول السلطات إن 500 من أفراد الشرطة والجيش قتلوا بيد “عصابات مسلحة” تلقي عليها السلطات باللوم في مقتل مدنيين.

ومنعت سوريا معظم وسائل الإعلام المستقلة من العمل داخل البلاد، الأمر الذي يتعذر معه التحقق من صحة روايات السلطات والنشطاء.

حقوقيون: جرائم إبادة تقع بسوريا

أصدرت مجموعة من الحقوقيين السوريين والدوليين بياناً تناول الانتهاكات التي طالت المتظاهرين السوريين منذ اندلاع الاحتجاجات في 15 مارس/آذار التي قتل فيها 1300 مدني على الأقل حسب جماعات حقوقية.

 وأوضح البيان أن ما ارتكبه النظام السوري بحق المتظاهرين من قمع يعد “جرائم إبادة” بموجب “اتفاقية منع جرائم الإبادة والمعاقبة عليها” الصادرة عام 1948.

 ونادى الموقعون مجلس الأمن بعقد جلسة خاصة لدراسة الحالة السورية وإحالتها إلى المحكمة الجنائية الدولية.

 وطالب البيان بالقبض على كل من يثبت تورطه في انتهاك قوانين حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني من مسؤولين وضباط وجنود سوريين ومن يسمون “الشبيحة” وهم مليشيا تابعة للنظام وتسليمهم إلى القضاء.

 وحذر الحقوقيون من توفير أي دولة ملاذاً للمتهمين بارتكاب انتهاكات جسيمة بحق السوريين.

 وقد وقع على البيان من سوريا هيثم المالح وياسر السليم. وحقوقيون دوليون هم محمود المبارك، وعبد الرحمن محمد علي من لاهاي. ومن بيروت، عبد الرحمن المبشر وسعد الدين شاتيلا. أما من السعودية فوقع على البيان: باسم عالم، ومن اليمن محمد الأحمدي وموسى النمراني، وأخيراً أحمد مفرح من مصر.

 وكانت منظمة العفو الدولية حثت الأمم المتحدة يوم الأربعاء على إحالة ملف سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، وتحدثت عن جرائم ضد الإنسانية ارتكبها النظام السوري، في وقت تحدثت فيه فرنسا عن بوادر تغيير في الموقف الروسي من الأزمة.

تصاعد أزمة حماة بين أميركا وسوريا

تصاعدت الأزمة الدبلوماسية بين سوريا من جهة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى, على خلفية زيارة سفيري الولايات المتحدة وفرنسا لمدينة حماة التي شهدت واحدة من أوسع المظاهرات المطالبة بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد.

وبينما اتهمت سوريا السفيرين الأميركي والفرنسي بتحريض المتظاهرين, استدعت الولايات المتحدة السفير السوري في واشنطن عماد مصطفى لسؤاله عن قيام موظفين في السفارة السورية في واشنطن بتصوير أشخاص شاركوا في مظاهرات سلمية في الولايات المتحدة ضد القمع في سوريا.

وأعربت الخارجية الأميركية للسفير السوري عن قلق الولايات المتحدة من مثل هذا الإجراء, حسب ما جاء في بيان في هذا الخصوص.

كما قالت الخارجية الأميركية إنها تتحرى أيضا عن تقارير قالت إن الحكومة السورية تسعى إلى معاقبة أفراد عائلات سورية بسبب تصرفات ذويهم الذين يحتجون في الولايات المتحدة.

وقال بيان الخارجية الأميركية إن “حكومة الولايات المتحدة تأخذ على محمل الجد التقارير التي تتعلق بأي أعمال لحكومة أجنبية تحاول ترهيب أفراد في الولايات المتحدة”.

وقد رفضت واشنطن أمس الاتهامات السورية بشأن سعي سفيرها لدى دمشق لتحريض المحتجين في مدينة حماة وقالت إن مدنيين مسالمين يطالبون بالتغيير السياسي استقبلوا السفير بالزهور وأغصان الزيتون.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند “عندما دخلنا المدينة أحاط محتجون ودودون بالسيارة على الفور ووضعوا الزهور على الزجاج الأمامي كانوا يضعون أغصان الزيتون على السيارة وكانوا يهتفون يسقط النظام”.

وذكرت المتحدثة أن السفير روبرت فورد قرر عدم البقاء في حماة “حتى لا يصبح هو نفسه القصة وغادر قبل أن تبدأ الاحتجاجات”. ووصفت المتحدثة الاتهامات السورية بأنها “محض هراء”, وقالت “سبب الزيارة هو التضامن مع حق الشعب السوري في التظاهر السلمي”.

إخطار سوريا

وشددت المتحدثة على أن السفارة الأميركية أخطرت وزارة الدفاع السورية قبل زيارة فورد وأنه مر عبر نقاط تفتيش سورية في الطريق. كما نفت أن يكون تزامن الزيارة مع زيارة السفير الفرنسي لحماة منسقا.

من جهة ثانية نقلت يونايتد برس عن مصدر دبلوماسي أميركي أن فورد أراد من خلال زيارته أن يرى المظاهرات التي تشهدها مدينة حماة ويشارك فيها عشرات آلاف، ما إن كانت سلمية أم لا؟

وفي باريس أعلن المتحدث باسم الخارجية الفرنسية أن سفير بلاده توجّه إلى مدينة حماة أيضاً وزار أحد أكبر مستشفياتها وذلك للتعبير عن التزام بلاده بالوقوف إلى جانب الضحايا المدنيين.

وقال برنار فاريرو إن فرنسا تذكر باهتمامها بمصير سكان حماة وتدين العنف الذي تمارسه السلطات السورية ضد المدنيين والمتظاهرين.

وعلى الصعيد الأوروبي أيضا, نددت منسقة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون بشدة بما سمته الاستخدام المتواصل للقوة ضد متظاهرين مسالمين وانتشار قوات عسكرية في حماة وسواها.

وقالت آشتون في بيان إن “أعمال العنف والقمع هذه تنزع المصداقية عن العهود التي قطعها النظام السوري والتزامه بالقيام بإصلاحات”. ولفتت إلى أن “أي حوار لا يمكن أن يحصل في ظل الخوف والتهويل” مشيرة إلى أن على المعارضة أن تتمكن من لعب دور في هذا الحوار.

وشددت المسؤولة الأوروبية على وجوب أن تسمح الحكومة السورية من دون تأخير بحضور مراقبين مستقلين وممثلين عن وسائل الإعلام الأجنبية والوكالات الإنسانية.

الاتهامات السورية

كانت سوريا قد اتهمت السفير الأميركي بالسعي لإثارة الاحتجاجات قائلة إنه لم يحصل على تصريح بالزيارة التي وصفتها بأنها “دليل واضح على تورط الولايات المتحدة بالأحداث الجارية بسوريا ومحاولتها التحريض على تصعيد الأوضاع التي تخل بأمن واستقرار سوريا”.

وكان السفير الأميركي قد تحدث خلال الزيارة مع نحو 12 من سكان حماة وزار مستشفى يعالج مصابين في مواجهات سابقة بين محتجين وقوات الأمن.

وطبقا لوكالة رويترز, فإن زيارة فورد تظل غير عادية لأن السفراء الأجانب عادة يتجنبون مجرد النظر إليهم على أنهم يتدخلون في الشؤون الداخلية للدول التي تستضيفهم.

وتشير الوكالة بهذا السياق إلى أن الزيارة ربما تبعث برسالة إلى الأميركيين الذين ينتقدون سياسة الرئيس باراك أوباما بشأن سوريا والذين شككوا في جدوى الاحتفاظ بسفير في دمشق في الوقت الذي تمضي فيه حكومة الأسد في حملتها ضد المحتجين.

وتقول الخارجية الأميركية إن السفير فورد الذي تولى منصبه بدمشق في يناير/كانون الثاني بعد أكثر من خمس سنوات من الانقطاع في التمثيل الدبلوماسي الأميركي الكامل هناك “يمكن أن ينقل بواعث القلق الأميركية بصورة مباشرة إلى القيادة العليا في سوريا رغم أنه لم يلتق مع الأسد منذ بدء الاحتجاجات”.

تحليل- الصمت العربي ازاء احداث سوريا يكشف الكثير من الخبايا

القاهرة (رويترز) – سارعت الحكومات العربية لادانة الزعيم الليبي معمر القذافي في فبراير شباط حين حاول سحق انتفاضة شعبية بالبنادق الالية والمدفعية الثقيلة.

والان يستخدم الرئيس السوري بشار الاسد الدبابات والذخيرة الحية لقمع موجة من الاحتجاجات في الشوارع وسط صمت نسبي من العواصم العربية يكشف الكثير من الخبايا.

وربما تبدو ردود الفعل المتباينة غير متسقة. فسوريا وليبيا دولتان بوليسيتان. وتهكم القذافي على الانظمة الملكية المحافظة في الخليج بينما أقام الاسد تحالفا مع ايران وساعدها على تمويل جماعة حزب الله الشيعية في لبنان.

ولكن انهيار حكومة الاسد سيوحي بامتداد أثر الانتفاضات التي اطاحت برئيسي تونس ومصر من شمال افريقيا الى قلب الشرق الاوسط مما يزيد من المخاطر بالنسبة لجيران سوريا.

وقال نبيل عبد الفتاح من مركز الدراسات الاستراتيجية بصحيفة الاهرام المصرية في القاهرة “سقوط النظام السوري الى جانب سقوط النظام اليمني سيعني انتقال الثورة لمنطقة قريبة جدا من منطقة الخليج.”

ويبدو التخلي عن القذافي أسهل بعدما احرقت ليبيا جميع الجسور مع الحكومات العربية وحولت اهتمامها للجنوب واطلق الزعيم الليبي على نفسه لقب ملك ملوك افريقيا.

ولجأت سوريا لمزيج من التدخل المباشر والدبلوماسية الهادئة في تعاملها مع جيرانها لمواجهة تهديدات متعددة في منطقة متقلبة.

والنتيجة صعوبة تصور توازن القوي في الشرق الاوسط في المستقبل بدون سوريا يحكمها الاسد.

وقال شادي حامد مدير الابحاث في مركز بروكينجز الدوحة “ربما لا يكون الاسد اكثر الزعماء العرب المحبوبين ولكنه شخص يرتبط بعلاقة عمل مع كثير من الحكومات العربية وفي بعض الحالات تكون العلاقة وثيقة.”

وعلى مدار عقود من الزمن حركت اسرة الاسد الاحداث في المنطقة لصالحها من خلال المزج بين تمويل جماعات متعاطفة معها في الخارج ومعاقبة جماعات اخرى.

وأبرز مثال للعبة النفوذ في لبنان حيث يقول معارضوها انها تتلاعب بسياسة البلاد لتتسق واجندتها الخاصة.

وتتهم السعودية دمشق باصدار امر اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري.

وفي يونيو حزيران اعرب الامين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى عن “قلقه” ازاء الاشتباكات في سوريا المستمرة منذ شهور ولكنه اشار لانقسام اعضاء الجامعة التي تضم 22 دولة بشأن معالجة الوضع.

وقالت لاليه خليلي من معهد الدراسات الشرقية والافريقية في لندن “حتى السعودية التي كانت على خلاف مع سوريا لعقود التزمت الصمت لان الاطاحة بالاسد تعني انتصارا اخر للشعوب العربية قد يمتد الى شبة الجزيرة (العربية).”

ومثلما هو الحال في العديد من الدول المجاورة يقود الاسد نظاما شموليا في بلد يضم مزيجا من طوائف دينية وقبلية تمتد عبر الحدود التي وضعت ابان الحقبة الاستعمارية.

ومعظم سكان سوريا البالغ عددهم 20 مليون نسمة من السنة ولكن الاسد والكثير من العسكريين البارزين من العلويين. وفي سوريا ايضا مسيحيون وعرب واكراد.

ويقول معارضو الاسد انه يعتمد بشكل متزايد على القوات العلوية الموالية له والشبيحة لكبح الاحتجاجات.

وبالنسبة لدول مثل السعودية والكويت والاردن فان ثورة اخرى تطيح بالاسد قد تكون اكثر مما يمكن التغاضي عنه.

وقال عبد الفتاح “قد يعني سقوط النظام السوري انهيارا كاملا للموازين الطائفية والدينية في المنطقة الجنوبية.”

وربما يشجع جيران سوريا على البقاء على الحياد الخوف من ان ينتهي بهم المقام على الجانب الخاسر.

وكان القذافي قد فقد السيطرة على المنطقة الشرقية بالفعل حين ابدت الجامعة العربية تأييدها لقرار الامم المتحدة تكليف الغرب بقيادة عملية عسكرية لحماية المدنيين.

ويتوقع معارضو الاسد انتفاضة وطنية ما لم توقف الحكومة نزيف الدم ولكن يبدو ان بعض المحتجين يريدون اصلاحات وليس ثورة فيما لا تظهر دلائل تذكر على تشكيل حكومة اصلاحية.

وفي ليبيا ظهرت قيادة منظمة للمعارضة خلال ايام من اندلاع الانتفاضة ولكن الجماعات المعارضة في سوريا منقسمة بشان خطواتها في المستقبل.

وادانت حكومات غربية تقودها فرنسا اراقة الدم في سوريا ولكن لم تبد رغبة لتدخل عسكري يقلب الموازين لغير صالح الحكومة.

وقالت خليلي “ترى القوى الغربية ان دور سوريا محوري جدا لاستقرارها وهو في النهاية أهم من الحديث عن التحرر ونشر الديمقراطية. لهذا السبب تلتزم اسرائيل الصمت المطبق.”

جاءت الانتفاضة في ليبيا بعد اسابيع من الثورتين في تونس ومصر ولمحت الى ان مدا ديمقراطيا بدأ يجتاح المنطقة.

ووجهت ضربة لهذا الاحساس بحتمية الامور حين اخمدت البحرين انتفاضة شعبية بمساعدة الجيش السعودي.

وقال حامد من مركز بروكينجز الدوحة “لم يعرف الزعماء العرب يقينا بعد في اي اتجاه تهب الرباح. ربما يجد الاسد سبيلا للبقاء ولا يريدون تقويض العلاقة معه ومن يحيطون به.”

من توم فايفر وشيماء فايد

د. برهان غليون: كيف يمكن لشعب أن يقبل الحوار والمسدس مصوَّب نحو رأسه

لابد للتحضير للحوار من لجنة مشتركة بين الحكومة والمعارضة

دبي – العربية.نت

توقّع مدير مركز دراسات الشرق المعاصر في باريس المعارض السوري الدكتور برهان غليون أن سوريا ستبقى مستقرة في حال ذهاب الرئيس بشار الأسد عن السلطة، مستبعداً الرأي القائل إن سوريا ستشهد حرباً أهلية حال غياب القيادة الحالية.

وأشار في مقابلته مع برنامج “استوديو بيروت” الذي بثته “العربية” إلى أن استقالة الرئيس وانتقال الحكم إلى مجلس انتقالي يضم الجيش كما يحدث في مصر وتونس، إلى جانب المعارضة، سيوفر على سوريا آلاف الضحايا، وسيفتح المجال أمام انتقال ديمقراطي سريع، وهو المطلوب.

ونوَّه غليون إلى أنه قد اتصلت به إحدى شخصيات لجنة التنسيق، وسأله: “هل قمتم بالاتصال باللجان التنسيقية الشبابية كي يحضروا، فقال لي: لا، عندها كان جوابي أنني لن أحضر حواراً بشروط السلطة والشعب مسجون مخابراتياً وحركته بطيئة.

وتابع: “ما عرضه النظام هو التفاف على الحوار بحوار وهمي تُملي جميع شروطه السلطة. لابد للتحضير للحوار من لجنة مشتركة بين الحكومة والمعارضة، ولابد من وضع جدول أعمال، ولابد من التفاهم على الوثائق، فلا يمكن أن تكون الوثائق من طرف واحد. كيف يمكن للشعب أن يقبل الحوار والمسدس على رأسه؟”.

وشدد غليون لـ”العربية” على أنه ليس هناك مجال لأي حديث مع السلطة السورية ما لم تفتح المجال أمام الإعلام الخارجي، وقال: “لو كانت المشكلة بالنسبة للسلطة هي وجود مسلحين، لفتحت هذا المجال، ولسمحت لمنظمات حقوق الإنسان لترى بأم عينيها أن هناك مسلحين يُطلقون النار على الأمن، كما تقول”.

وقال: “إن الرأي العام الدولي يرى الآن أن هذا النظام لم تعد له شرعية، وأنه سقط سياسياً في عيون الشعب، وأنه يعتمد من أجل البقاء في الحكم على الدبابات والقتل والاعتقال، وهذا لا يمكن أن يدوم”.

لقــاء الأحــد: حضــور «فكــري» للمعارضــة

فورد في تظاهرة حماه والعلاقات السورية ـ الأميركية إلى الواجهة

دمشـق تتهم واشـنطن بعرقلة الحـوار و«لـن تقطـع شـعرة معاوية»

زياد حيدر

دخلت العلاقات السورية الأميركية مباشرة على خط الأحداث السورية بعد «الهبوط المظلي» لسفير واشنطن في سوريا روبرت فورد مشاركا في تظاهرة حماه الاسبوعية، على حد تعبير مصادر محلية، ولحق به بعد ساعات السفير الفرنسي إيريك شوفالييه إلى داخل المدينة، وذلك بشكل أثار تساؤلات المستشارة الرئاسية بثينة شعبان «عمن أوصل فورد إلى حماه في وقت يقطع مهربون ومشاغبون وحملة سلاح الطرقات؟»، ولكن لتوضح أن سوريا «لن تقطع شعرة معاوية» مع الإدارة الأميركية في إشارة إلى رغبة في تجنب تصعيد الموقف، ولكن من دون أن تتردد في اعتبار ذلك برهانا «على المؤامرة الخارجية على سوريا»، وفي اتهام واشنطن بـ«عرقلة الحوار الوطني» في سوريا منوهة بأن وصول السفير جاء في الوقت الذي كانت السلطات عبر مندوبيها ومسؤوليها المحليين تحاور أئمة جوامع وممثلين عن الأهالي لاحتواء الأزمة في المدينة، وقبل يومين من انطلاق اللقاء التشاوري بحضور حوالي مئتي شخصية تتوزع بين ممثلين عن الدولة، وعن النقابات ومستقلين بعضهم محسوب على فكر المعارضة السياسية.

فورد في حماه

ولا شك أن زيارة السفير فورد لحماه متظللا بملحقه العسكري خطفت الأضواء باتجاه هذا الدخول المباشر والمعلن للجانب الأميركي على خط أزمة داخلية، خصوصا في ضوء ما نقل عن مصادر إعلامية أميركية من لقاءاته مع معارضين من دون إذن رسمي كما تنص عليه الأعراف الدبلوماسية، والإجراءات السورية. وكان مصدر دبلوماسي أميركي قال لـ«السفير» إن الملحق العسكري الأميركي «أخطر» السلطات المختصة بنيته الزيارة، وذلك من دون إشارة للسفير فورد، الذي سافر مع الملحق من دون افصاح عن هويته، ليدخل المدينة ويلتقي بمعارضين طوال مساء الخميس، ومن ثم يشارك بتظاهرة ما بعد الصلاة ظهرا في ساحة العاصي، حيث رفعت اللافتات المرحبة به بالانكليزية والفرنسية، وفقا لمصادر في المدينة، أكدت ان رحلة فورد من حماه واليها، كانت من طرق قروية فرعية، وبمواكبة عناصر من المحتجين، دخولا وخروجا، ما يوحي بوجود تخطيط مسبق للزيارة.

ولم تكن رحلة الفرنسي بذات التخطيط المسبق، حيث قالت مصادر فرنسية لـ«السفير» أن الكي دورسيه طلبت من شوفالييه بعد علمها بخطوة فورد بقليل «اللحاق به»، والذي بدوره اجتمع مع معارضين في حماه.

وسارعت دمشق إلى اعتبار الزيارتين تصعيدا، ولكن مع تجاهل النشاط الفرنسي والتركيز على نشاط فورد، حيث تساءلت المستشارة شعبان في لقاء مع قناة «بي بي سي» بحدة عن معنى وصول الأخير إلى المدينة «السادسة مساء (توقيت يوم الخميس) في الوقت الذي كان الاجتماع قائما بين أئمة المساجد والأهالي وبين السلطات؟»، وإن كان الغرض «منع حل المشكلة في حماه؟». وتساءلت شعبان «كيف وصل السفير (الأميركي) في مناطق يقطع الطريق فيها مهربون ومشاغبون وحملة سلاح ومن أوصله إلى مسجد سريجة من دون أن يتعرض له أحد من المسلحين الذين منعوا الموظفين من الوصول إلى أعمالهم لأربعة أيام على التوالي؟».

وردا على سؤال عن الخطوة التي ستقدم عليها وزارة الخارجية السورية تجاه تصرف السفير الاميركي قالت شعبان «هذا أمر تقرره القيادة السورية وهذه علاقات بين دول تقررها الدولة بمجملها»، مضيفة أن سوريا لا تريد قطع «شعرة معاوية» مع الإدارة الأميركية و«لكن هناك احتجاجا واستياء شديدا من قبل الشعب السوري حول بيان الخارجية الاميركية بأن السفير موجود في حماه ويعتزم البقاء إلى يوم الجمعة، وذلك عشية التوجه إلى الحوار الوطني بين كل شرائح المجتمع السوري وهذا يعطينا رسالة أن الولايات المتحدة تقول لا للحوار» موضحة «أنه إذا كانت الولايات المتحدة تريد المسار الديموقراطي والإصلاحي في سوريا، فلماذا لم تعبر عن رأيها بدعم الحوار الذي نتجه إليه».

ورداً على سؤال حول تحدث بيان وزارة الخارجية السورية عن تورط الولايات المتحدة بالاحداث في سوريا قالت «أعتقد أن هذه الزيارة دليل على فشل الأساليب التي دعمت من قبل الغرب لإثارة القلاقل في سوريا. لقد توضح الآن للشعب السوري مدى الاستهداف الخارجي سواء في مؤتمر أنتاليا أو في مؤتمر باريس الذي حضره البعض مع الصهاينة وتبين أن الخط الذي يريد خراب سوريا هو الخط الإسرائيلي والصهيوني والخطوط الداعمة له».

وأضافت شعبان «حين توضح للغرب أن الشعب السوري ماض في الإصلاح والتوجه إلى الديموقراطية وعازم على السير في هذا المسار بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد، اضطروا لاتخاذ مثل هذه الإجراءات العلنية بأن يذهب السفير بنفسه لكي يقول للشعب لا للحوار، لكن الشعب السوري قال نعم للحوار والحوار ماض والإصلاحات ماضية». وقالت شعبان «أذكر الغرب أن عمر سوريا هو سبعة آلاف سنة وانه قدم إليها مئات الغزاة وذهبوا وبقي الشعب السوري شامخا مدركا لدوره ولقيمته التاريخية والجغرافية والحضارية والسياسية».

وردا على سؤال حول الحديث في سوريا عن مؤامرة خارجية وتدخل خارجي وتورط اميركي في الاحداث قالت شعبان «إن القصة اصبحت واضحة ووجود السفير الاميركي في حماه ودخوله إلى مناطق لا يستطيع اي مواطن سوري ان يدخلها الا اذا كان مع المسلحين مؤشر على ذلك»، موضحة أن «سوريا تتصرف بالقدر الاقل بالنسبة لاحداث الشغب»، متسائلة «ماذا سيحصل لو قام مسلحون في أي مدينة غربية بوضع حواجز على الطرقات ومنعوا الموظفين من الدخول إلى مكاتبهم؟ الذي سيحصل ان المدينة كانت ستقصف بالطائرات ويتم التعامل معها بالبلدوزرات ونحن نقول للغرب إن الاجراءات التي تتخذها الحكومة السورية ضد المسلحين والمخربين والمشاغبين ومن يدعمهم هي اقل ما يمكن والشعب السوري يطالب بأكثر من ذلك بكثير لانهاء هذه الحالة اللاطبيعية في سوريا».

وأضافت شعبان «أن سوريا أدانت القتل بكل أشكاله»، متسائلة «من هو من الغرب الذي أدان قتل ضباطنا؟ ومن هو من المعارضة السورية أدان هذا الأمر أيضا؟»، مؤكدة انه «لا بد من ادانة القتل في سوريا ولا بد من ادانة العنف والتخريب»، ومشيرة إلى انه «لا توجد دولة في العالم تسمح بحرق وتخريب ممتلكاتها وإثارة الفوضى».

بدوره ذكر بيان لوزارة الداخلية السورية «انها تراقب عن كثب أعمال الشغب والعنف التي تقوم بها بعض المجموعات التخريبية في مدينة حماه وتعمل على معالجتها وقد استغربت وصول السفير الأميركي إلى مدينة حماه بشكل يتعارض مع الاعراف الدبلوماسية رغم وجود الحواجز التي يسيطر عليها المخربون وقطع الطرقات ومنع المواطنين من الوصول إلى أعمالهم ووظائفهم».

وقالت الوزارة في بيانها «إن السفير الأميركي التقى في حماه ببعض هؤلاء المخربين وحضهم على التظاهر والعنف ورفض الحوار. كما التقى بعض الاشخاص تحت غطاء زيارته بعض المشافي في الاطار ذاته ما يعد تحريضا على استمرار العنف وعدم الاستقرار ومحاولة لتخريب الحوار الوطني الجاري بين القوى الوطنية الشريفة وتعميقا للشقاق والفتنة بين ابناء الشعب السوري الواحد الذي يرفض رفضا قاطعا مثل هذا التحريض الأجنبي ويستنكره بشدة».

وركز الإعلام الأميركي على الزيارة باعتبارها «رسالة» ، فيما اعتبرتها «التنسيقيات» ممثلة بمحمد عبد الله من واشنطن، والتي تنادي بالتدخل الخارجي «خطوة نحو حماية المحتجين من الحل العسكري»، رغم وجود تأكيدات محلية بأن دخول الجيش للمدينة ليس مطروحا، من جهته علق منسق الهيئة التنسيقية للتغيير الوطني حسن عبد العظيم على الزيارة، مشيرا في تصريح لـ«السفير» إلى «أن هناك طرقا أخرى للاحتجاج والاستنكار(الدولي)»، معقبا على خطوة فورد بالقول إن «الأعراف الدبلوماسية لا تجيز هذا التدخل المباشر في الشؤون الداخلية لبلد آخر».

إلا أن مصادر محلية تنظر لـ«حشرية « السفير الاميركي كمحاولة لـ«تقوية نفوذه في واشنطن» بعد مطالب الكونغرس التي تواجهها الإدارة الأميركية لتشديد الضغط على دمشق عبر سحب السفير منها، كما أن ثمة من يرى الزيارة في إطار «حسابات المستقبل لتسويق الموقف الأميركي في مجال حقوق الإنسان ودعم الحريات» على الرغم مما ينطوي عليه من «تعزيز الحساسية الموجودة أصلا بين واشنطن ودمشق» وعلى رغم ما ينطوي عليه من «تأكيد ما رددته دمشق طوال الأشهر الماضية من وجود يد أميركية في الأحداث السورية!».

اللقاء التشاوري

من جهة أخرى، ينطلق اللقاء التشاوري غدا الأحد ويبدأ في العاشرة صباحا بالنشيد العربي السوري كما «الوقوف دقيقة صمت على أرواح الشهداء»، تليها كلمة لنائب رئيس الجمهورية فاروق الشرع، ومن ثم اختيار رئيس الجلسة ليفتح المجال بعدها للمداخلات، فيما قالت مصادر معنية باللقاء لـ«السفير» إن رؤساء لجان صياغة قوانين الإعلام والانتخابات والأحزاب سيحضرون اللقاء بهدف الاستماع إلى تعليقات الحضور على مشاريع القوانين المطروحة، والتي توزع مسوداتها قبل اللقاء.

وسينتهي اللقاء في اليوم التالي ببيان ختامي، ومن الممكن أن ترفع المقترحات للقيادة السورية لاتخاذ قرار باعتمادها في حال لم تطرأ عليها تعديلات. من جهة أخرى قارب عدد من أكدوا حضورهم المئتي مدعو، من بينهم 40 بعثيا، وعدد من ممثلي أعضاء الجبهة الوطنية التقدمية والنقابات فيما يشكل المستقلون الغالبية العظمى من الحضور، وبينهم مثقفون وفنانون من قبيل المخرج نبيل المالح والفنانة منى واصف والكاتبة ناديا خوست والكاتب نبيل صالح والأديبة كوليت خوري والمفكر الطيب تيزيني والمؤرخ سامي مبيض والكاتب حسن يوسف والكاتبة ديمة ونوس والفنان بسام كوسا والفنانة جيانا عيد والفنان دريد لحام والباحث إدوارد حشوة والاديب خيري الذهبي والزعيم الشيوعي قدري جميل والناشطة مجد نيازي والاقتصادي نبيل سكر والكاتب نبيل سليمان والمعارض سليم خير بك وآخرين.

وجوابا على سؤال حول اللقاء قالت شعبان إن «من رفض الحوار هم بعض الاشخاص وهذا شأنهم وهذه لحظة وطنية وفي اللحظات الوطنية الحادة يجب أن تكون المعارضة والحكومة وكل شرائح الشعب يدا واحدة لخدمة البلد ولإنقاذه والتوجه به إلى المسار الصحيح»، مشيرة «إلى أن هناك الكثير من المعارضين الوطنيين وكل شرائح المجتمع السوري سوف تحضر هذا الحوار».

وردا على سؤال عما إذا كان من وافق على المشاركة في الحوار له تمثيل فعلي في الشارع السوري قالت شعبان «إن الذين وافقوا على المشاركة في الحوار لهم تمثيل فعلي في الشارع السوري أكثر بكثير ممن رفضوا القدوم إليه وهذا واقع والذين رفضوا القدوم إلى الحوار لا ينكرون أنه ليس لديهم تمثيل كبير في الشارع السوري». وأضافت شعبان ان «القادمين إلى الحوار من كل الشرائح ومن كل الأطياف لهم التمثيل الحقيقي في الشارع السوري وهم الذين سوف يسيرون بهذا الوطن قدما إلى الأمام بالتوجه الديموقراطي والتعددي الذي تحدث عنه السيد الرئيس بشار الأسد بالتفصيل».

وردا على سؤال حول أن الحديث يروج عن جلسة استثنائية لمجلس الشعب السوري لمناقشة كل القرارات التي يفترض أن تتم بخصوص قانون الأحزاب والإعلام وغيرها، قالت شعبان «لا أريد أن أستبق الأحداث بالنسبة لما سيحدث في مجلس الشعب لكن أقول إن كل القوانين التي تحدث عنها الرئيس الأسد ستصدر في الوقت المحدد أي قبل نهاية شهر آب المقبل، وستشكل لجان لمراجعة الدستور والنظر به وإعادة صياغة فقرات منه»، مؤكدة ان كل ما وعد به الأسد سيطبق قبل نهاية أيلول المقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى