صفحات الناس

بعد اختفاء شبانها… دمشق مدينة النساء والكهول والعسكر/ هبة محمد

 

 

دمشق ـ «القدس العربي»: تسير في شوارع مدينة دمشق لمسافات طويلة، فلا تشاهد سوى العشرات من النساء والفتيات والكهول، لتصادف بينهم رجلا هنا وآخر هناك، ناهيك عن العسكر والشرطة والأمن، وقد ملأوا أرجاء المدينة، أما عن الشباب فحدث عن قلتهم بل وندرتهم ولا حرج في ذلك، فالشام بات بإمكانك وصفها بـ «مدينة النساء والعسكر» بهذه العبارات وصف براء أحد أهالي دمشق، المدينة لـ»القدس العربي».

وأضاف المتحدث، ان للتشتت الأسري الناتج عن الحرب الدائرة منذ ست سنوات، والهجرة والنزوح للشبان خوفا من القتل أو الاعتقال أو السحب إلى الخدمة الإلزامية في صفوف قوات النظام، وما أفرز ذلك من اتساع لرقعة التفكك الحاصل في النسيج الاجتماعي، كلها عوامل غيّرت وجه المدن والقرى الثائرة على وجه الخصوص.

وفي دمشق تقول السيدة «مريم أم عصام» في حديثها لـ»القدس العربي»: لا نرى في الأسواق إلا ازدحام النساء والفتيات وقليلا من الكهول، أو الشبان المقعدين ممن يعانون عاهات دائمة بفعل الحرب والقصف وانفجار القنابل.

وأضافت السيدة الخمسينية، والتي تشكو حالها بعد هجرة ابنها الوحيد إلى أوروبا، عقب اعتقاله من قبل عناصر الفرقة الرابعة في ريف دمشق، أن القارة العجوز استقبلت ثروة الوطن، وكسبت الشبان والرجال ممن عبروا البحر، مهاجرين إليها باحثين عن وطن جديد آمن لا خوف فيه.

بعد أن جند النظام السوري شباب دمشق، محاولا سد النقص الحاصل لديه، على جبهات القتال، وزج من بقي من شبان المحافظة، في الخدمة الاحتياطية التي تستقبل كل من هو قادر على حمل السلاح من فوق الـ 18 عام وحتى 50، أصدر آلاف اللوائح، وعممها على الحواجز التي تقطع أوصال دمشق وغيرها، فأسهمت هي الأخرى بتقليص حركة البقية المتبقية من الشباب، وأجبرت النساء والفتيات على العمل بكل مناحي الحياة.

من جهة ثانية فر غالبية شبان دمشق سابقا إلى الأرياف والقرى التي ثارت على حكم الأسد، وجرت تعبئة قسم منهم في صفوف قوات المعارضة، وكتائب الثوار الذين هجروا أخيرا إلى الشمال السوري، بحكم تعميم المصالحات والهدن في تلك المناطق، فغلب على مدينة دمشق وطوقها العنصر النسائي.

بدورها، قالت الناشطة الإعلامية فادية موصللي، وهي طالبة جامعية، «تعتمد غالبية العائلات الدمشقية أو من نزح إلى العاصمة من قرى وبلدات ريف دمشق والمحافظات الأخرى، على النساء بشكل كبير في تأمين مستلزمات المنازل اليومية، وصولاً لتأمين الإيجارات الشهرية للبيوت، بحكم أن الأخيرة قد بلغت مستويات غير مسبوقة».

وأضافت موصللي «غالبية ربات المنازل يعملن اليوم في المهن اليدوية والأعمال الحرة كـ «الخياطة، والمحال التجارية» وغيرها من الأعمال لتفادي العوز والفقر، مشيرة إلى أن بعض الطالبات يعملن كذلك خارج أوقات الدوام الجامعي لمساندة عوائلهن مالياً، من خلال العمل في بعض المكاتب والمقاهي».

وبيّنت الناشطة الإعلامية إلى أن «العاصمة اليوم، مقسومة إلى شطرين، الأول مرتاح مالياً وذو وفرة اقتصادية، ومهما بلغت الأوضاع الاقتصادية من درجات السوء فإنها قادرة على التماشي معها، وغالبية عائلات هذا القسم، هم من أصحاب النفوذ والسلطة، أو عائلات كبار التجار الدمشقيين.

أما القسم الآخر، فهم السواد الأعظم في دمشق، ومن أصحاب الدخل المحدود، وغالبيتهم يمكن تصنيفهم على إنهم عائلات فقيرة، فشبابهم تعرضوا للاعتقال، والحياة اليومية تستنزف قواهم، جراء الوضع الاقتصادي المتردي».

القدس العربي

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى