صفحات سورية

بين حانا ومانا ضيعنا لحانا


الدكتور سمير ابو حامد

تسارعت الاحداث وتصاعدت العمليات العسكرية على كل الجبهات خلال السبعة ايام الماضية ودخل طرف اقليمي هام على خط الصراع على سوريا هي تركية ، وكان هذا الدخول من بوابة  اطلاق نار عبر الحدود ادى لقتل خمسة اتراك الله يرحمهم ويصون  شعب سوريا من  القادم الذي ساحاول ان اتصوره وفق ما جرى على الارض كمقدمات له.

اولا: يبدو ان تركيا بدأت تعي ان طموحات الاكراد السوريين تتجاوز الاعتراف بهم كمكون عرقي من مكونات الشعب السوري او الاكتفاء بحكم ذاتي يصون هذا المكون، بل ان الامر يتجاوزه نحو تشكيل كيان سياسي مستقل او شبه مستقل اسوة بنظرائهم على الجانب العراق ، وهذا يشكل تهديدا للامن القومي وللكيان التركي بحد ذاته، ولهذا كانت حجة الطلقات التائهة التي لفت الكوع لتقتل  ما سيكونون كبش فداء لمبررات تدخل عسكري تركي في مناطق التواجد الكردي في شمال وشمال شرق سوريا ، والرد اليومي التركي على خروقات الحدود ما هو الا وسيلة اعداد جيدة لمبرر مثل هكذا تدخل، وهنا اتساءل : لماذا حرصت  تركيا على تضخيم هكذا حدث يعتبر عابر بين الدول وباستصدار قرار ادانة من مجلس الأمن؟ ولماذا  كان عدم الارتياح الروسي لهكذا توجه الذي عبر عنه بتخفيف لهجة الادانة؟ فالروس يعرفون ان القصة مش قصة رمانة بل قلوب مليانة.

ثانيا: يبدو ان النظام اصبح يشعر بالعجز العسكري واللوجستي على الاستمرار بحرب على مساحة سوريا ، ويبدو ان توقعاته بالحل السياسي  القريب يخرج منه غير مهزوم في اضعف الحالات لم تكن في محلها فبدأ يعيد حساباته مع تراجع الدعم الايراني ماليا ، لذلك بدأ بالتنازل  عن المناطق الشمالية الشرقية لاحكام السيطرة على شريط  يمتد من الجولان جنوبا مرورا بدمشق وحمص او بنصفها الغربي وانتهاء بالساحل السوري, واذا كانت الخاصرة الرخوة لهذه المنطقة هي حمص فنلاحظ انه بادر في الايام القليلة السابقة الى حشد قواته للاستلاء على حمص وفي احسن الاحوال المناطق المتاخمة للبقاع اللبناني وربما يفسر هذا الهجوم على القصير والحديث عن مشاركة حزب الله في هذا الهجوم.

هذه البقعة الجغرافية شديدة الاهمية فهي تحتوي العاصمة دمشق، وتحتوي على خطوط التماس مع اسرائيل وهي امتدا طبيعي للبقاع اللبناني حيث لحزب الله تواجد شعبي ومسلح، وفي هذا السياق  لا بد من ايضال النقاط التالية:

•                    هل كان الهدف من  سياسة هدم الاحياء الشعبية عن بكرة ابيها في حمص ودمشق وريفها حيث يسكن حوالي ثلث عدد سكان سوريا وما ادى الى التهجير القسري لغالبية السكان من هذه الاحياء هو القضاء على الجيش الحر ام تفريغ هذه الاحياء من سكانها المؤيدين للثورة ؟ اعتقد ان ذلك يسير في اطار التغيير الديموغرافي  القسري لخلق حقائق جديدة على الارض.

•                    هذه المنطقة تضمن التواصل الجغرافي مع اماكن تواجد حزب الله  ما يعني بالنهاية استمرار السيطرة السياسية السورية على القرار السياسي اللبناني باعتبار حزب الله اللاعب الاقوى على الساحة اللبنانية وبالتالي يحافظ  النظام  على دوره الضامن لهدوء  الحدود اللبنانية الاسرائيلية . واعتقد ان هذا يستدعي زيادة تهميش دور الجيش اللبناني وزيادة تغول وشراسة حزب الله على الساحة السياسية اللبنانية وهذا ما اثار انزعاج الرئيس اللبناني لدرجة انه شبه حزب الله بالفصائل السلفية .

•                    يظل النظام الضامن  لهدوء جبهة الجولان ، وهذا ما تريده اسرائيل ولسان حالها يقول: عدو بتعرفه  احسن الف مرة من عدو تتعرف عليه، ويعني هذا فيما يعنيه استمرار الضغط الاسرائيلي على الادارة الامريكية للابقاء على سياسة المتفرج .

وهنا يبدو ان الشعب السوري الثائر علق من جديد في فخ  تقاطع المصالح الاقليمية  التركية الايرانية الاسرائيلية في المنطقة ، حيث يعيد النظام  ترتيب اوراقه ومساحة تواجده  ليعود يلعب دور مقدم خدمات لهذه المصالح وكله بحقه كما يقال. اما حال الشعب السوري فيقول: بين حانا ومانا ضيعنا لحانا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى