صفحات الحوار

سلامة كيلة: سأعود إلى سوريا قريبا لأن النظام سيسقط


يروي الكاتب الصحافي الفلسطيني سلامة كيلة رحلته مع الاعتقال والضرب من قبل القوات السورية إلى أن تم ترحيله إلى الأردن.

بقلم فتحي إبراهيم بيوض

رُحِّل الكاتب الصحافي والناشط السياسي الفلسطيني سلامة كيلة إلى العاصمة الأردنية عمان، مبعداً عن العاصمة السورية التي عاش فيها طيلة واحد وثلاثين عاماً. رحل وهو يحمل على جسمه آثار تعذيب تعرض له طيلة فترة اعتقاله من قبل السلطات السورية. تعذيب لم يطل جسده فحسب، بل تخطاه إلى روحه، بعد أن أخرج من المجتمع الذي أحبه ومن بين أصدقائه وأقربائه. ترك أسرته وبيته ومكتبه.

مركز الدوحة لحرية الإعلام التقى كيلة الذي تحدث عن تفاصيل رحلته مع الاعتقال ودخوله المستشفى وصولاً إلى مطار دمشق الدولي ليرحل إلى عمان.

ما هو سبب اعتقالك؟

اعتقلت ليل الثالث والعشرين من نيسان/ أبريل 2012، عندما حضرت إلى بيتي دورية أمن من المخابرات الجوية، على الرغم من أن مسؤول الدورية أبرز هوية قوى الأمن الداخلي.

اقتادني عناصر الدورية إلى فرع أمن، علمت من تلقاء نفسي أنه للمخابرات الجوية وهو يقع أسفل آمرية الطيران في ساحة الأمويين. لم يتم يحقق معي في تلك الليلة، بل في صباح اليوم التالي. ووجه إلي سؤال وحيد عن جريدة (أو نشرة) اسمها “اليساري” تصدر عن ائتلاف “اليسار السوري”. كان صديق اعترف بأنه أخذها مني. والسؤال كان “أين طبعت الجريدة؟”. نفيت علاقتي بطباعتها، وشرحت أن شاباً أوصلها لي بعد أن قرأت عنها عبر الإنترنت. وسرعان ما تعرضت للضرب بالكرباج. ثم أعدت إلى الزنزانة التي وضعت فيها. وأعيد التحقيق بعد ظهر اليوم نفسه، وطرح علي نفس السؤال كما تعرضت للضرب مجددا. بعد ذلك، طلب مني كتابة ما قلت، كتبته ووقعت عليه وبصمت، وأعدت إلى الزنزانة. في اليوم التالي أخذت إلى الطابق الأعلى لمقابلة ضابط وعيني معصوبتين. كرر الضابط نفس السؤاال مع شتم وسب. وأعدت إلى الزنزانة. وبذلك انتهى التحقيق.

ماذا جرى بعد ذلك؟

في الثالث من أيار/ مايو، نقلت من فرع الآمرية إلى فرع آخر في مطار المزة، وفوجئت بطبيب يقابلني ويجري فحوصاً طبية لي. ثم أخذت لمقابلة ضابط طرح بعض الأسئلة من فحوى التحقيق في الفرع السابق، وبعض الأسئلة عن رأيي في الوضع. ثم طلب مني الجلوس مع المحقق الذي كان يكتب أسئلته وأجوبتي لصياغة محضر. وما لبث أن حضر الطبيب مع طبيب آخر، أعاد فحصي، ثم كتب تقريراً عن التعذيب الذي تعرضت له، وعن وضعي الصحي، وأخذه إلى الضابط الذي حقق معي.

قرر الطبيب أنه يجب إجراء فحوص طبية عبارة عن صورة للصدر وفحص الدم والبول وتصوير الأرجل للتأكد من أن الضرب لم يؤد إلى كسور. وشك الطبيبان بأنني أعاني من مرض اليرقان.

أخذت إلى المستشفى العسكري في المزة (اسمه 601)، وجرى تصوير الصدر وأخذ عينة من الدم، ثم حضر طبيب فحصني من جديد، وأكد أن لا كسور في رجلي. لكنه لم يجر فحص اليرقان بحجة أن الوقت تأخر لأن الفحص يجب أن يكون في الصباح.

ثم قرر مسؤول الدورية الأمنية إدخالي المستشفى. وفي 10 أيار/مايو نقلت من المستشفى إلى قسم الهجرة والجوازات لترحيلي تحت متابعة وزير الداخلية. وضعت في مركز للهجرة والجوازات في باب المصلي لترتيب أمر الترحيل بعد أن وقع النائب العام على قرار ترحيلي.

وحضرت دورية من الأمن الجنائي مساء بعد أن تبين أن هناك إشارة بأنني مطلوب. نقلت إلى المديرية العامة للأمن الجنائي، تبين أن فرع التحقيق في الأمن السياسي هو الذي يطلبني، فنقلت صباح اليوم التالي إلى فرع التحقيق. حقق معي حول حوار جرى بيني وبين صديق على “فيسبوك”.

ثم تم نقلي إلى الهجرة والجوازات من جديد حيث جرى ترتيب سفري يوم الاثنين 14 أيار/ مايو.

هل تشرح لنا عن التعذيب الذي تعرضت له خلال فترة الاعتقال؟

اعتقالي انقسم إلى فترتين: الأولى خلال التحقيق أي من 23 نيسان/أبريل إلى 3 أيار/ مايو، وحشرت في غرفة صغيرة مع 35 سجينا. كان الطعام قليلا. لكنني لم أتعرض حينها للضرب.

أما الفترة الثانية، فكانت حين نقلت إلى المستشفى يوم 3 أيار/ مايو. كانت تلك الفترة أشبه بالجحيم. وضعت في غرفة تحوي ستة أسرة متلاصقة، ينام عليها 11 سجينا. ووضعت على سرير ملاصق للحائط. قيدت يدي ورجلي به وعصبت عيناي. كما وضعوا بطانيات على وجوهنا. الوضع هذا استمر أسبوعاً كاملاً. أسوأ ما في الأمر أن الدخول إلى المرحاض ليس سهلا. فعناصر الأمن الذين يشرفون على الغرفة يتحكمون مزاجياً بدخولنا إلى المراحيض. وأصبح التبول في الملابس أمراً طبيعياً لي وللسجناء.

هل تعرضت للضرب والتعنيف الجسدي؟

في البداية لم أتعرض للضرب على الرغم من أن السجناء الآخرين كانوا يتعرضون للضرب ليل نهار. لكن ما لبثت أن تعرضت لضرب أقسى مما تعرضت له في التحقيق. ضرب لم يستثن منطقة في جسدي. فضربت على على يديي ورجلي وجسمي كله. كما تعرضت للضرب بالعصى الكهربائية. العنف الجسدي هذا أسفر عن قلة غذاء وشرب وعدم تناول أدويتي الضرورية.

كيف تلقيت خبر ترحيلك إلى الأردن؟ وما هي الحجة القانونية لترحيلك؟

كان المحقق هددني بالترحيل وتوقعت ذلك. الأمر سيئ جداً. عشت في دمشق لمدة 31 سنة. وبيتي ومكتبتي وأصدقائي في دمشق. وأكثر ما يحزنني ابتعادي الجسدي عن الثورة ونشاطها، على الرغم من أنني سوف أواصل العمل مع كل الشباب الثائرين من أجل إسقاط النظام. ما يريحني هو أنني واثق بأن النظام سيسقط، وسأعود ليس في وقت بعيد بل قريباً.

لم يقدموا لي أي حجة قانونية، لكنني فهمت أن المسألة تتعلق بأنني أكتب مقالات معارضة للنظام وأدعم الثورة السورية.

كيف تمت عملية ترحيلك إلى الأردن؟

أخذت إلى الادارة المركزية للهجرة والجوازات في المرجة الساعة الواحدة من يوم الأحد 13 أيار/ مايو. جرى الاتصال بزوجتي التي حضرت لترتيب حجز تذكرة سفر على الخطوط الملكية الأردنية إلى عمان وإحضار ملابس. أخذت إلى باب المصلى في فرع الترحيل للهجرة والجوازات،  ثم عدت مساءاً إلى الهجرة والجوازات في المرجة حتى أرسلت إلى المطار. وأرسلت مع ستة أشخاص آخرين إلى المطار حيث وضعنا في غرفة حجز. وعند الثامنة والنصف من صباح اليوم التالي، سافرت إلى عمان، ودخلت الأراضي الأردنية بشكل طبيعي، ومن ثم أخذني صديق إلى بيته.

موقع مركز الدوحة لحرية الإعلام

http://www.dc4mf.org/ar/node/1725

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى