صفحات الناس

عيد السوريين: موائد تحلم بفروج/ مروان أبو خالد

 

لا نبالغ إذا قلنا بأن قطاع الدواجن يكاد يكون القطاع الإنتاجي الأبرز في الاقتصاد السوري، كيف لا وعدد المستفيدين والمرتبطين به كان يبلغ قرابة 1.3 مليون سوري، واحتلت سوريا المرتبة الأولى عربياً في تصدير الدواجن والثالثة في إنتاجها.

هذا قبل أن تؤدي الحرب إلى تدهور كبير في إنتاجية هذا القطاع، فالخسائر الحكومية التقديرية تتجاوز 3.5 مليار ليرة، ناهيك عن خسائر منشآت القطاع الخاص والتي يصعب تقديرها بعد توقف أكثر من 8000 مدجنة عن العمل من أصل قرابة 11 ألف مدجنة خاصة في البلاد.

وبعد ثبات نسبي لأسعار الفروج والبيض خلال الفترة الماضية، عادت هذه الأسعار للارتفاع مجدداً قبيل عيد الفطر إذ وصل سعر كيلو الفروج إلى ما بين 580 و600 ليرة بعدما كان 425 ليرة، ووصل سعر كيلو شرحات الدجاج الى ما بين 800 و1000 ليرة بعدما كان الشهر الماضي 700 ليرة، وكيلو الدبوس من 600 إلى 725 ليرة، والأسعار مرشحة للارتفاع أكثر.

يأتي هذا بعد أن صدعت الحكومة رؤوس السوريين خلال الفترة الماضية بأن الانخفاض النسبي في أسعار الفروج مرده لجهود الحكومة في دعم هذا القطاع، من دون أن يلمس السوريون نتائج ذلك فعلياً بعد أن أصبح الفروج والبيض من أحلام موائدهم.

تبريرات المعنيين بقطاع الدواجن جاءت غير مقنعة إطلاقاً، فحسب رئيس لجنة مربي الدواجن في اتحاد غرف الزراعة نزار سعد الدين يعود السبب إلى موجة الحر الشديد وانقطاع الكهرباء، ما أدى لنفوق أعداد كبيرة من الصيصان. أما عضو جمعية اللحامين بسام درويش فاعتبر أن نفوق أعداد كبيرة من الفروج الحي عند نقله في الحر الشديد هو السبب.

فإذا كانت هذه الأسباب الحقيقة وراء ارتفاع الأسعار فأين دعم الحكومة التي تتحمل مسؤولية تقنين الكهرباء وأزمة النقل؟ ألم يكن باستطاعتها تزويد المداجن بالكهرباء وتسهيل مرور ناقلي الدواجن عبر الحواجز من دون الانتظار طويلاً؟ وإذا لم تكن تستطع القيام بذلك، فعن أي دعم حكومي يتم الحديث إذاً؟

فروج لكل 60 شخصاً

لا ندري كيف وصلت بعض الآراء الاقتصادية المقربة من الحكومة للقول إن الفترة المقبلة ستشهد تحسناً في حصة الفرد السوري من لحم الفروج على وقع تحسن ظروف الإنتاج. ولنأخذ أرقام إنتاج المؤسسة العامة للدواجن كدليل على ذلك، فوفقاً للأرقام الصادرة عنها بلغ إنتاجها منذ بدء العام وحتى 10 تموز الجاري 90 مليون بيضة و300 ألف فروج، ولو احتسبنا وجود قرابة 18 مليون سوري في الداخل الآن، فهذا يعني أن حصة كل 60 شخصا فروجا واحدا خلال نحو 6 أشهر من إنتاج المؤسسة، وحال البيض ليس بالأفضل إذ ما عرفنا أن الكمية المنتجة خلال النصف الأول من العام الجاري انخفضت كثيراً عن الكمية المنتجة خلال النصف الأول من العام 2011 والذي بلغ إنتاج المؤسسة العامة للدواجن فيه من بيض المائدة قرابة 322 مليون بيضة.

وحقيقة الأمر بأن الإنتاج في تدهور مستمر، مع وجود عوامل أخرى تقف وراء ارتفاع الأسعار بين حين وآخر لعل أبرزها أن 60% من تكلفة إنتاج الدواجن تعتمد على مواد مستوردة كالأعلاف والأدوية البيطرية والتي تحتكر استيرادها فئة قليلة من التجار تحت مرأى الحكومة التي تمول مستورداتهم بدلاً من أن تتولى هي بنفسها استيراد كامل حاجة المربين ودعمهم لتخفيض التكاليف عليهم. كما أن شائعة ارتفاع أسعار المحروقات وخاصة المازوت قد فعلت فعلها قبل أن تتحول إلى حقيقة واقعة، إذ لا رادع لتجار الدواجن في زيادة أسعار مبيعاتهم تحت أي حجة، إذا كانت الحكومة ذاتها قد رفعت أسعار جميع السلع المدعومة والتي كانت تصنف من ضمن الخطوط الحمراء، كالخبز مثلاً.

يبقى أن نتساءل هل ارتفاع أسعار الفروج قبيل العيد سيشكل ذريعة لمعاودة استيراد الفروج المجمد الإيراني، فاستيراده العام الماضي أمر بررته الحكومة بما أسمته كسر الأسعار المرتفعة للفروج في السوق المحلي، ولعلها تعاود الاستيراد مجدداً تحت الحجة ذاتها، خاصة بعد إعلان الصحف الحكومية بتاريخ 24 تموز الجاري عن موافقة رئيس الحكومة على اقتراح اللجنة الاقتصادية بخصوص المفاوضات مع الجانب الإيراني لزيادة خط التسهيلات الائتمانية لتغطية حاجة وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك من المواد الغذائية المستوردة عبر إيران، والتي بلغت قيمتها ومن ضمنها الفروج المجمد حتى النصف الأول من العام الجاري نحو 7.183 مليار ليرة.

المدن

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى