أحداث الجمعة، 14 كانون الأول 2012
موسكو تلتقي مع واشنطن على توقع انتصار المعارضة
واشنطن – جويس كرم
دمشق، بيروت، موسكو، بروكسيل، نيويورك – «الحياة»، ا ف ب، رويترز – اعلنت امس موسكو موقفا هو الاولمن نوعه منذ بدء الازمة السورية لا يستبعد انتصار المعارضة. اذ قال نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف ان النظام يفقد السيطرة على البلاد «اكثر فاكثر». واشار الى ان روسيا تحضر خطة لاجلاء لرعاياها من سورية بعد تحديد اماكن تواجدهم. وذكر ان غالبية الروس المقيمين في سورية هم نساء روسيات متزوجات من رجال سوريين واولادهن.
واوضح بوغدانوف انه حتى لو كان انتصار المعارضة غير مستبعد فان النزاع يمكن ان يستمر شهورا وان يوقع الاف الضحايا.
واكد بوغدانوف، وهو ايضاً مبعوث الرئيس الروسي الخاص الى الشرق الاوسط، في تصريحات نقلتها وكالة الانباء الروسية «ايتار- تاس» ان موسكو ما تزال تصر مع على تطبيق اتفاق جنيف والتوصل الى حل سلمي للنزاع، وتنظيم العميلة الانتقالية في سورية، وفسرته موسكو على انه يعطي دوراً للرئيس بشار الاسد في هذه العملية. واعتبر بوغدانوف ان الاعتراف الدولي بـ «ائتلاف» المعارضة السورية وتدريب المقاتلين والاسلحة التي تأتي من الخارج لم تؤدّ سوى الى تشجيع معارضي النظام. وقال ان رفض «الائتلاف» الحوار مع الاسد يتعارض مع اتفاق جنيف.
في الوقت ذاته اكد رئيس الاركان الروسي الجنرال فاليري غيراسيموف: «نعتقد بشدة ان حل النزاع في سورية ممكن فقط من قبل الطرفين ومن دون تدخل طرف ثالث وبالتأكيد من دون استخدام قوة عسكرية».
ورحبت واشنطن امس بالموقف الروسي، مشيرة الى أن البيت الأبيض والكرملين «يتشاركان في هدف الوصول الى حل سياسي في أسرع وقت ممكن». واعتبرت أن التطورات المتسارعة على الأرض «أوضحت للجميع أن أيام النظام معدودة». وقال مسؤول في الخارجية الأميركية لـ «الحياة»، ردا على سؤال عن الموقف الروسي: «مع الأخذ في الاعتبار التطورات السريعة، ليس من المفاجئ أن يتضح للجميع بأن أيام النظام باتت معدودة…ومع مرور كل يوم، تضعف قبضة النظام على السلطة، ويتراجع نفوذه على الأرض». ولفت المسؤول الى أن «جهود النظام لهزيمة المعارضة المسلحة عسكريا تفشل وان المرحلة الانتقالية آتية بطريقة أو أخرى». واوضح الخطوط العريضة لهذه المرحلة كما تراها واشنطن. وقال «أن السبيل الوحيد هو في تنحي الأسد والافساح لجسم حكومي انتقالي للعمل على سورية شاملة وديموقراطية ما بعد الأسد». واضاف أن واشنطن «تتطلع قدما لتبادل الأفكار مع روسيا حول طريقة دفع هذه العملية الى الأمام».
وترافقت تصريحات نائب وزير الخارجية الروسي مع اعلان الامين العام لحلف شمال الاطلسي (الناتو) اندرس فوغ راسموسن ان النظام السوري «قريب من الانهيار، انها مجرد مسالة وقت». ودعا النظام الى وقف العنف «وان يدرك كيف هو الوضع حاليا ويطلق عملية لتلبية المطالب المشروعة للشعب السوري». ودان اطلاق «عدة صواريخ قصيرة المدى» ضد مواقع المعارضة. وقال ان «استخدام مثل هذه الاسلحة العشوائية يظهر ازدراء النظام بارواح السوريين».
وكانت وزارة الخارجية السورية نفت استخدام الجيش صواريخ «سكود»، وقالت ان «الاشاعات» حول هذا الموضوع تهدف الى «التأثير على صورة سورية ومكانتها في الاسرة الدولية». واضاف بيان للوزارة نقلته وكالة «سانا» الرسمية «ان صواريخ سكود هي صواريخ استراتيجية وبعيدة المدى ولا تستخدم في مواجهة عصابات ارهابية مسلحة». غير ان ضابطاً سورياً منشقاً خدم في كتيبة صواريخ ارض – ارض في ريف دمشق اكد امس لوكالة «فرانس برس» ان قوات النظام اطلقت صواريخ من طراز «سكود» قبل ثلاثة ايام في اتجاه مناطق يسيطر عليها المعارضون. وقال الملازم اول عرابة ادريس ان ضباطا وعناصر في الكتيبة 578 التابع للواء 155 لا يزال على اتصال معهم رغم انشقاقه عن الجيش قبل عشرة اشهر تقريبا، ابلغوه باطلاق خمسة صواريخ من طراز «سكود» للمرة الاولى الاثنين الماضي من موقعهم في الناصرية (على طريق حمص دمشق).
وفي عمان، اعتبر وزير المال العراقي رافع العيساوي، في حديث الى وكالة «فرانس برس» ان سقوط نظام الرئيس الاسد قد لا يكون سوى مسألة «اسابيع».
وقال العيساوي، على هامش اجتماع مع صندوق النقد الدولي في العاصمة الاردنية عمان: «هناك تسارع حقيقي في ما يتعلق بالاهتمام الذي يوليه المجتمع الدولي لسورية… قلق حقيقي في شأن استخدام اسلحة كيماوية».
واضاف: «لدي شخصيا شعور بان التغييرات (في سورية) ستحصل بحلول وقت قصير»، مشيرا الى ان «المعارك تدور الان في محيط مطار دمشق… ولدينا شعور ان هناك تسارعا» في الاحداث.
وفي نيويورك، قال ديبلوماسيون في الأمم المتحدة إن «لجوء النظام السوري الى استخدام الصواريخ البعيدة المدى والتهويل بتحريك الأسلحة الكيماوية يدلان على اعتماد تكتيكات يائسة بسبب الضعف الكبير في تماسكه وقرب انهياره».
وبدأت الأمم المتحدة «الإعداد لخطط نشر قوة حفظ سلام في سورية» التي تحتاج الى قرار من مجلس الأمن لتشكيلها «بعد التوصل الى اتفاق روسي – أميركي على شكل المرحلة الانتقالية وطبيعتها في سورية»، بحسب مصادر ديبلوماسية.
وأجرت دائرة حفظ السلام في الأمم المتحدة ما وصف بأنه «اجتماعات تحضيرية مع عدد من الدول المعنية لإطلاعها على طبيعة التحضيرات القائمة ومتطلبات نشر قوة حفظ سلام في سورية قد يصل قوامها الى ٣٥٠٠ جندي» بمشاركة «دول عربية وعدد من الدول الأساسية في مجموعة أصدقاء الشعب السوري». وكان الممثل الخاص المشترك الى سورية الأخضر الإبراهيمي دعا مجلس الأمن الى تبني قرار يقر خطة جنيف الانتقالية وينص على نشر قوة حفظ سلام «قوية» في سورية.
واعتبرت المصادر أن إعلان بوغدانوف أن النظام يفقد السيطرة على البلاد أكثر فأكثر «يتزامن مع استمرار المحادثات الروسية -الأميركية التي يعلم الروس أن عليهم المسارعة الى التوصل فيها الى اتفاق قبل تغير الشروط الميدانية لصالح المعارضة». وقال ديبلوماسي عربي في الأمم المتحدة إن «كل الدول وبينها روسيا ستعمل على رعاية مصالحها في المنطقة وهي تعلم أن نظام الأسد يعيش أيامه الأخيرة». وأشار الى أن «سيناريوات عدة مطروحة للمرحلة الانتقالية في سورية بينها تشكيل حكومة انتقالية تضم شخصيات من النظام الحالي، ممن لم تتلطخ أيديهم بالدماء، تتولى إعادة كتابة الدستور والإعداد لانتخابات». لكن المصدر نفسه شدد على أن «كل السيناريوات ستتأثر بما يجري ميدانياً والمعارضة السورية لن ترضى بمشاركة الرئيس السوري بشار الأسد في المرحلة الانتقالية بعد الجرائم التي ارتكبها».
وفيما يستمر الجدل بشأن تصنيف «جبهة النصرة» كمنظمة ارهابية من قبل واشنطن، اعلنت هذه الجبهة على حسابها على موقع «تويتر»، تبنيها الهجوم الذي وقع على وزارة الداخلية في منطقة كفرسوسة اول من امس الاربعاء. وقالت ان انتحاريين نفذاه بتفجير حزاميهما في المكان بعد اشتباك في داخل الوزارة، ثم تفجير سيارتين عن بعد. واكد مصدر امني سوري ان وزير الداخلية محمد ابراهيم الشعار اصيب بجروح في الانفجار نتيجة سقوط ركام على كتفه.
وانفجرت امس سيارة مفخخة في بلدة قطنا في ريف دمشق ادت الى مقتل 18 شخصاً على الاقل واصابة عشرين آخرين بجروح. وقالت وكالة «سانا» ان «ارهابيين استهدفوا بسيارة مفخخة بكمية كبيرة من المتفجرات منطقة رأس النبع السكنية امام مدرسة ميخائيل سمعان فى قطنا»، بينما ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان ان الانفجار استهدف مساكن لعائلات العسكريين. وبعد ساعات انفجرت سيارة مفخخة اخرى في بلدة جديدة عرطوز القريبة من قطنا ما تسبب بمقتل ثمانية اشخاص على الاقل.
النظام السوري يستنفد احتياطياته المالية
بريطانيا – يو بي اي
كشفت صحيفة “ديلي تيلغراف” اليوم الجمعة، نقلاً عن مصدر وصفته بأنه وثيق الإطلاع، أن النظام السوري يستنفد احتياطياته المالية بسرعة كبيرة ستجعله يفتقد إلى المال بحلول نيسان (ابريل) المقبل.
واشارت الصحيفة إلى أن نظام الرئيس بشار الأسد “سيواجه خيار الإستسلام أو رمي نفسه تماماً تحت رحمة حليفه الإيراني مع وصول تلك اللحظة”.
وقالت إن “انتشار المتمردين بالأشهر الـ 6 الماضية عبر سورية وتحكمهم بممرات الإمدادادت الحاسمة، لا سيما الطريق السريع بين الشمال والجنوب الذي يربط دمشق مع حلب والطريق بين الساحل والعاصمة السورية، جعل من الصعب على نظام الأسد تزويد قواته بالضروريات الأساسية بدءاً من الوقود”.
واضافت الصحيفة أن إيران “قد تكون لا تزال قادرة على ايصال النفط إلى ميناء طرطوس السوري على البحر الأبيض المتوسط، غير أن نقل الإمدادات إلى المناطق حيث هناك حاجة إليها، أصبح أكثر صعوبة يوماً بعد يوم، وصارت القواعد العسكرية السورية وعلى نحو متزايد تشبه الجزر المحاصرة بعد أن أحاط بها المتمردون وأصبح جنودها غير قادرين على التحرك لافتقادهم للضروريات وخطر تعرضهم لهجوم”.
وقالت ديلي تليغراف، إن رد نظام الرئيس الأسد كان “تجميع قواته في العاصمة دمشق والمدن الرئيسية الأخرى لتسهيل تغذيتهم وتسليحهم، وإجبار المتمردين في الوقت نفسه على توسيع خطوط الإمداد والاتصال الخاصة بهم والتي تبدأ عادة في تركيا ومنطقة الحدود الشمالية، غير أن ثمن هذا التحرك كان باهظ الثمن وجعل النظام يتنازل أيضاً عن معظم الريف السوري لأعدائه، ويمنح المتمردين المزيد من الفرص لتشديد الخناق عليه”.
واضافت أن الوزارات السورية “تعمل بالكاد وهواتف وزارة الخارجية ترن من دون رد، لأن مسؤوليها أخذوا يهجرون مناصبهم بهدوء، وصارت أمام الأسد 3 خيارات صارخة وهو يرى نظامه يتآكل أمام عينيه، أولها الحصول على ملاذ آمن ربما في روسيا أو بمكان ما في اميركا اللاتينية، حيث زار نائب وزير خارجيته فيصل مقداد مؤخراً الإكوادور وفنزويلا ربما لاعداد الأرضية لخروجه، لكن الأسد أصر بأنه سيعيش ويموت في سورية”.
واشارت الصحيفة إلى أن الخيار الثاني أمام الرئيس الأسد هو “مواصلة القتال بأمل أن يسيء اعداؤه الحسابات ويرتبكوا أخطاء فادحة، والخيار الثالث هو التخلي عن دمشق والتراجع إلى المعقل التقليدي للطائفة العلوية في غرب سورية”.
النواب الالمان يوافقون على نشر صواريخ باتريوت في تركيا
برلين – أ ف ب
وافق النواب الالمان الجمعة باغلبية واسعة جدا على ارسال صواريخ باتريوت الى تركيا لحماية هذا البلد من تهديدات سورية محتملة في اطار مهمة لحلف شمال الاطلسي.
ويفتح هذا التصويت الطريق لنشر المانيا بطاريتي صواريخ وحتى 400 جندي الماني في جنوب تركيا، بطلب من انقرة.
العراق: الموقف من سورية يعيد إنتاج الخريطة الشيعية
بغداد – عبدالواحد طعمة
بدأت الخريطة الشيعية في العراق ترسم ملامح جديدة على المستويين السياسي والمرجعي الديني نتيجة تباين الرؤى حيال قضايا سياسية داخلية وخارجية، منها كيفية إدارة البلاد والموقف من الأزمة السورية، فيما نلاحظ التأثير الكبير للصراع الحوزوي بين النجف وقم في توزيع هذه الخريطة وتشكيلها.
منذ أول انتخابات دستورية مطلع عام 2006 انطلق السباق نحو الزعامة بين المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، بزعامة عبدالعزيز الحكيم آنذاك والد عمار، وحزب الدعوة الإسلامية، بقيادة إبراهيم الجعفري، واشتدت المنافسة بينهما، ووصلت الخلافات داخل الائتلاف الشيعي إلى درجة عدم النجاح بالتوافق على تسمية شخصية إلى منصب رئيس الوزراء، على رغم تدخل المرجعيات الشيعية في النجف وقم لحل المسألة في شكل ودي كما جرى عام 2005 عندما جمع السفير الإيراني في بغداد وقتها مرشحي الشيعة إلى المنصب أحمد الجلبي والجعفري وانتهى بتنازل الأول إلى الثاني، ما دفع الجميع إلى الاتجاه نحو مبدأ التصويت، الذي فاز فيه أول مرشح للدعوة، الجعفري، على منافسه عادل عبد المهدي بفارق صوت واحد الذي تحول فيما بعد إلى صدى في وادي التاريخ المشترك للحزبين، وعمق الهوة بين آل الحكيم وزعيم التيار الصدري الذي صوتت كتلته لمصلحة خصمه.
لكن الحكيم الأب نجح لما يمتلكه من «كاريزما»، بأن يجعل من حزبه حليفاً لا تستغني عنه الحكومة الجديدة الذي شكلها الوجه الجديد نوري المالكي بعد رفض الأكراد التجديد للجعفري واتهموه بالعمل على تهميش دورهم ما استدعى تغيير المرشح الأول، لكن هذا التحول الدراماتيكي لم يمر بسلام ودفع «الدعوة» ثمن ذلك انشقاق الأخير عنه وتشكيل حزب «الإصلاح الوطني».
مع تفجر الاقتتال الطائفي ربيع عام 2006 حاول «المجلسيون» تهيئة الساحة السياسية الشيعية مجدداً أمام طموحاتهم من خلال دفعهم المالكي باتجاه تقليم أظافر الصدريين الذين تنامى نفوذهم في المحافظات الجنوبية وتحول ميليشياتهم «جيش المهدي» إلى جماعات تعمل لمصلحة أحزاب من الطائفة نفسها وأخرى مع إيران. وتوجت تلك المرحلة ربيع عام 2008 في حملة عسكرية واسعة بقيادة المالكي شخصياً انطلقت من البصرة لتشمل جميع المحافظات الجنوبية لتنتهي في بغداد.
هذه المرحلة جعلت المالكي بطلاً قومياً فوق أية شبهات طائفية، فاتجه إلى استثمار هذا الإنجاز بدفع عدد من قيادات الصدر على التمرد والانشقاق على زعيمهم وتشكيل حركات سياسية مثل «التيار الرسالي» للنائب الحالي عدنان الشحماني ووزير الصحة في حكومة الجعفري عبد المطلب محمد صالح، وضمها إلى كتلته في الانتخابات السابقة، كما عمل على دعم فصائل مسلحة انشقت عن «جيش المهدي» مثل «عصائب أهل الحق» بقيادة الشيخ قيس الخزعلي، في ما اعتبره حزب الدعوة المسمار الأخير في نعش الصدر، وقرر خوض الانتخابات المحلية في كتلة «دولة القانون» التي اكتسحت الجنوب على حساب آل الحكيم والصدر وانتزعت منهما محافظات الناصرية والسماوة والحلة وواسط والعمارة.
نهاية آب (أغسطس) 2009 اختفى الحكيم الأب عن الساحة، مع اقتراب استحقاق وطني أكبر وهو الانتخابات التشريعية الوطنية، في آذار (مارس) 2010 بقي حزبه بيد الصقور الخمسة الذين اختاروا نجله عمار خليفة له وهم: عبد المهدي، هادي العامري، زعيم منظمة بدر باقر جبر صولاغ وزير المال آنذاك الشيخ همام حمودي والشيخ جلال الدين الصغير، الأكثر غضباً على «دولة القانون»…
قرر المالكي ومساعدوه خوض الانتخابات بقائمة خاصة بهم بعيداً من آل الحكيم والصدر وحزب الفضيلة الإسلامي التابع لرجل الدين الشيخ محمد اليعقوبي والسياسي العراقي المعروف أحمد الجلبي وحزب الدعوة الإسلامية (الداخل) برئاسة وزير الأمن الوطني الأسبق عبدالكريم العنزي، الذي انشق عن جناح الدعوة تنظيم العراق، بزعامة نائب رئيس الجمهورية الحالي خضير الخزاعي، بعد الانتخابات المحلية، في «الائتلاف الوطني العراقي» وفشلت كل محاولاتهم لتوحيد الائتلافين قبل التصويت بما فيها التدخل الإيراني بسبب رفض «دولة القانون».
بعد الانتخابات
لم تجرِ الرياح بما يشتهي ربابنة «دولة القانون» وانتهت الانتخابات بحصولهم على 89 مقعداً، وتخلف كتلتهم عن المركز الأول أو كما يسميها الدستور «الأكثر عدداً» بفارق مقعدين لمصلحة الغريم التقليدي «ائتلاف العراقية» (91 مقعداً)، بزعامة السياسي البارز أياد علاوي الذي يحظى بدعم دول عربية بينها سورية التي حاولت الانتقام من المالكي بعد أن اتهمها بالضلوع في هجمات عنف طاولت وزارات وهيئات حكومية في بغداد راح ضحيتها المئات وطالب وقتها بفتح تحقيق دولي ضد نظام بشار الأسد، ما وضع المالكي وحلفاءه في مأزق كبير وضعهم والشيعة على مفترق طريق مع السلطة وتحول الرفض السابق جهوداً حثيثة للاندماج مع «الائتلاف الوطني» (70 مقعداً)، انتهت بقيام «التحالف الوطني العراقي» على أن يتقاسما النفوذ فيه مناصفة بعيداً من عدد المقاعد، الأمر الذي فتح باب الأمل مجدداً لدى «المجلسيين» بصولة جديدة للمنافسة على منصب رئيس الوزراء.
للضغط على باقي مكونات «التحالف» راح الحكيم الابن يلعب بورقة التحالف مع «العراقية»، لكن التوافق غير المعلن بين الأميركيين والإيرانيين على التجديد للمالكي، دفع هادي العامري، زعيم «منظمة بدر» الجناح العسكري للحكيم، إلى التغريد خارج سرب «المجلسيين» وإعلان دعمه المالكي، متمرداً على حزب الحكيم ليتراجع حجمه الانتخابي من 20 مقعداً إلى 11، كما نجح الجلبي، باستمالة نواب من «العراقية»، وإظهار القائمة ضعيفة أدى إلى تراجع سورية في موقفها الداعم لها، وتحول فيما بعد إلى خصم من الدرجة الأولى لـ «دولة القانون»… كل هذه العناصر مهدت الطريق أمام الحكومة الحالية.
الخريطة الشيعية
الحكيم وجد نفسه رهينة بيد الإيرانيين بعدما دعموا تمرد جناحه العسكري «بدر» وحجبوا معونات مالية كانت تصله منهم، وأعلن عادل عبد المهدي الذي حصل على منصب نائب رئيس الجمهورية استقالته انسجاماً مع موقف «المرجعية» تجاه السلطة التي لم تقدم الخدمات للمواطن محاولاً كسب ود الجمهور من جهة وتهيئة شخصية تحظى بقبول كبير لتحل على رأس الحكومة الجديدة، ما وضع «المجلس الأعلى» في خندق المواجهة مع إيران التي جاهدت من أجل الإبقاء على المالكي.
رافق هذه المرحلة حراك في النجف مفاده أن مرجعية قم تعد آية الله محمود الهاشمي الشهرودي، أحد أبرز مراجعها بعد الخامنئي لخلافة السيستاني والإطباق على الواقع الشيعي بأكمله، فوجد الصقور الأربعة الفرصة مناسبة لكسر طوق مرجعيته السابقة، ولاية الفقيه الخامنئي والاتجاه إلى تقليد المرجع الشيعي آية الله محمد سعيد الحكيم، كنوع من رد الصاع للقميين من جهة واستباق الأمور ليلعبوا دور «أبناء المرجعية» في الشارع السياسي الشيعي في مرحلة ما بعد السيستاني كون آية الله الحكيم هو الأقرب لتزعم الحوزة العلمية في النجف خلال المرحلة المقبلة، في المقابل سارع الشيخ محمد اليعقوبي إلى الانضمام إلى ركب الشهرودي ليقفز بحزب الفضيلة من «الائتلاف الوطني» إلى «دولة القانون» حليفاً جديداً للمالكي.
انضم الحكيم حليفاً سياسياً إلى النجف وغير معلن إلى الصدر في صراعه مع المالكي الذي واجهه النزاع الخفي والأكثر حدة الذي يتمثل بتصديه إلى التدافع التاريخي بين مرجعيات المذهب الشيعي، وفيما إذا كانت الغلبة في مشيخته تنتهي إلى «القميين – نسبة إلى قم» أو «النجفيين – نسبة إلى النجف». وهنا يبرز صراع قومي خفي بين علماء الدين، فالنجف تمثل «الخط العروبي» للطائفة، وقم رمز لهيمنة «الإيرانيين» على مقدرات الشيعة، وفي تصريحات أخيراً أكد النائب حامد الخضري، القيادي في «المجلس الأعلى» أن حزبه لن يتحالف مع «دولة القانون» في انتخابات مجالس المحافظات.
وفي قراءة للاصطفافات التي حصلت أخيراً داخل «التحالف الوطني» الذي يضم القوى الإسلامية الشيعية فإن القوى التي ترتبط بمرجعية آية الله محمود الشهرودي، المرشح لخلافة مرشد الثورة الإيراني علي الخامنئي، هي حزب الدعوة الإسلامية – المقر العام ورئيسه المالكي، وتنظيم العراق، بقيادة هاشم الموسوي، وأبرز قياداته نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي، وتنظيم الداخل، وأمينه العام عبدالكريم العنزي، ومنظمة بدر، التي يرأسها وزير النقل هادي العامري وحزب الفضيلة ومؤسسه آية الله اليعقوبي، و «عصائب أهل الحق» أحد فصائل «جيش المهدي»، و «كتائب حزب الله العراقي» تشكيل عسكري انشق أيضاً عن الصدر.
خلافات «النجف» و «قم» والموقف من سورية
تفيد تسريبات حصلت عليها «الحياة» بأن المرجع الشيعي الأعلى في النجف آية الله علي السيستاني يتحاور حالياً مع أطراف في المعارضة السورية حول فترة ما بعد الأسد، وأشارت المعلومات إلى أن هذا التوجه يحظى بدعم سياسي من رجل الدين مقتدى الصدر والمجلس الأعلى الإسلامي العراقي.
وكشف مصدر من داخل أحزاب عراقية مؤيدة للنظام السوري في تصريح إلى «الحياة» أن آية الله السيستاني وضعنا في موقف محرج عندما فتح حواراً مع معارضين للأسد. ورداً على سؤال حول طبيعة هذه الأطراف والقضايا التي يتم التحاور في شأنها قال: «المشكلة حالياً أن الجميع لا يعرف ماذا يدور وتجرى الاتصالات بسرية تامة ما أربك مخططاتنا مع الإيرانيين في دعم النظام وإلى أي مدى يمكن التنسيق بيننا لتجاوز أية تقاطعات».
وتأتي هذه التسريبات مع إعلان أحد مساعدي السيستاني أحمد الصافي في السادس عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي خلال خطبة الجمعة أن المرجعية قررت تزويد اللاجئين السوريين في العراق بمستلزمات الشتاء وسيتم توزيعها بالتنسيق مع مجلس محافظة الأنبار التي تحتضن مخيماتهم. وتتزامن مع دعوات أطلقها نائب رئيس الجمهورية السابق، عادل عبد المهدي، القيادي في «المجلس الأعلى الإسلامي العراقي»، دعوة الحكومة العراقية إلى الترحيب والتعامل الإيجابي مع المعارضة السورية بعد انتخاب معاذ الخطيب رئيساً لـ «الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة» السورية.
وقال عبد المهدي أخيراً في تعليقات على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك»: «تقتضي مصلحة الشعبين السوري والعراقي، أن نسارع للترحيب والتعامل الإيجابي مع المعارضة التي باتت واقعاً حقيقياً… بصرف النظر عن التحزبات والأيديولوجيات والاصطفافات والكثير من الأخطاء لكل الأطراف… وإذا كانت الحكومة السورية تمثل واقعاً ومساحات، فما تمثله قوى الائتلاف لا يقل عدداً وتمثيلاً، وانفتاحاً للمستقبل، إن لم يكن أكثر. وإن الانقسامات والتباينات داخل المعارضة، لها وليس عليها».
واعتبر عبد المهدي أن «الإرهاب والعنف والطائفية وأعمال مدانة لبعض الفصائل، ليست سبباً لإدانة المعارضة بعنوانها. وأن اتهامها بشبهات خارجية خطاب إعلامي يجب أن لا يغلق أعيننا عن القوى الإسلامية والوطنية الكبيرة التي يضمها المشروع. وإن مواقف التأييد للمعارضة من أميركا وأوروبا ودول الخليج ليست دليلاً لعمالة» وأردف «وطنية القوى يقررها تاريخ ومواقف نعرف جيداً مدى أصالتها لدى الفصائل والشخصيات الأساسية للمعارضة.
تحالفات من نوع آخر
ما كانت الساحة العراقية بعيدة عما يجري على ساحة سورية وأكد سياسي شيعي رفيع أن «بدر والعصائب والكتائب مع حزب الدعوة الإسلامية بجناحيه، المالكي والخزاعي يعملون على تقوية صفوفهم ووضع خطط مشتركة في مواجهة مرحلة ما بعد الأسد» وكشف أن «التحالف الجديد أبعد الصدر والحكيم لعدم انسجامهما مع طروحات هذه القوى».
دمشق تتحول ثكنة عسكرية والخوف يتملك المدنيين مع اقتراب الحرب منها
دمشق – رويترز
تخشى العائلات السورية التي نزحت إلى دمشق من أنحاء البلاد هرباً من الحرب، أن يكون وصول مقاتلي المعارضة المسلحة إلى أطراف العاصمة إيذاناً برحيلهم عن ملاذهم الآمن.
وليس هناك ما يشير إلى أن القوات الموالية للرئيس بشار الأسد تستعيد السيطرة. وتسيطر قوات المعارضة المسلحة في الوقت الحالي على قوس من الأرض يمتد من الشرق إلى الجنوب الغربي للعاصمة.
وفتحت أم حسن، وهي جدة كانت حتى وقت قريب تعيش على اطراف دمشق، بيتها لاسرة ابنتها التي فرت من بلدة ريفية الشهر الماضي بسبب القصف.
لكن المعارضة المسلحة سيطرت على الحي الذي كانت تسكنه أم حسن، وهي خطوة تبعتها بالضرورة موجة عنيفة من القصف شنها الجيش واضطرت الأسرة كلها هذا الأسبوع إلى الانتقال إلى ضاحية أخرى.
ووجدت الأسرة المكونة من الجدة وابنتها وزوج ابنتها وطفلتين، مكانا فيه غرفة نوم واحدة وغرفة معيشة. وتعمل ام حسن في تنظيف المنازل مقابل نحو 15 دولاراً يوميا لتغطي كلفة الايجار المشترك.
وقالت ام حسن لوكالة «رويترز»، «نهرب من مكان لنجد المشاكل في مكان آخر. لا اعرف إلى اين يمكننا الفرار اكثر من ذلك».
وتستضيف كل اسرة في دمشق تقريباً اسرة من الاقارب الذين جاؤوا من أنحاء البلاد هرباً من الحرب لكن سكان دمشق انفسهم اصبحوا يستعدون للأسوأ.
واشتبكت قوات المعارضة المسلحة هذا الاسبوع مع القوات الحكومية وسط العاصمة نفسها وتبادلوا نيران البنادق الآلية والقذائف الصاروخية في شوارع حي الروضة الفاخر بالقرب من البنك المركزي.
وقال شاهد عيان طلب عدم نشر اسمه خوفاً على سلامته الشخصية: «هل تصدق ذلك؟ القذائف الصاروخية تطلق في حارة ضيقة؟ هل يريدون تدمير دمشق بأكملها؟».
كما أعلنت المعارضة المسلحة مطار دمشق الدولي منطقة حرب واصبح من المألوف أن تقع الاشتباكات على الطريق إلى المطار الذي يبعد 25 دقيقة بالسيارة عن وسط العاصمة.
وربما كان الأكثر إزعاجاً لسكان دمشق هو وعد المعارضة المسلحة المتكرر بأن المعركة الحاسمة على العاصمة اقتربت.
ويدعو مقطع مصور نشر على موقع «يوتيوب» بعنوان «مراحل ساعة الصفر: هل انت مستعد؟»، إلى العصيان المدني والإضرابات العامة للضغط على قوات الجيش كي تترك مواقعها وتنضم إلى المعارضة.
ولا يحدد المقطع ساعة الصفر، لكنه يقول إنها ستعلن على شبكات التواصل الاجتماعي وقنوات التلفزيون والمساجد.
وتحولت دمشق، التي كانت قبلة للسائحين الذين يجوبون المدينة القديمة ويترددون على مقاهيها، إلى ما يشبه الثكنة العسكرية التي تستعد لكارثة.
ونصب الجيش الشهر الماضي بطاريات صواريخ جديدة على جبل قاسيون الذي يشرف على دمشق، ويقول نشطاء معارضون إن الجيش ينشر المزيد من بطاريات الصواريخ وسط دمشق، من بينها واحدة في القلعة الأثرية بالمدينة القديمة.
ويسمع سكان دمشق ليل نهار أصوات القصف الذي يستهدف الأحياء التي سيطرت عليها قوات المعارضة أو التي ما زال النزاع يدور بشأنها.
وتحولت الشوارع في العاصمة الآن إلى متاهة من نقاط التفتيش وحواجز الطرق، بينما أغلقت بعض الطرق الرئيسية أمام السيارات بكتل خرسانية.
ويقف رجال بملابس مدنية للحراسة في كل ركن وليس من غير المعتاد أن يفتحوا النار على اقل خطر محتمل وأن يطلقوا بنادقهم روسية الصنع في حين يهرول المارة بحثاً عن ساتر.
وتعزز قوات الاسد التي تحاول طرد قوات المعارضة المسلحة من حصارها للأحياء التي تسيطر عليها المعارضة ما يحول دون دخول الإمدادات الضرورية لمن بقي من المدنيين داخل هذه الأحياء.
وخاضت أم حسن هذه الأزمة قبل أن تضطر للنزوح.
وقالت: «قوات الأمن لا تسمح بدخول شيء. لا فاكهة ولا خضروات ولا حتى طحين من اجل المخابز ولا حليب للاطفال. وعندما وصلت المياه جعلوا السائق يفرغ حمولته بالكامل على الارض».
وقالت في اشارة إلى نقاط التفتيش التي احاطت بالحي الذي كانت تسكن فيه: «في الغالب لم يسمحوا لنا بالخروج ولذلك لم نكن نستطيع الذهاب إلى العمل».
وتشبه حكايات أم حسن ما يرويه كثيرون من بين نحو 2.5 مليون نازح سوري فروا من ديارهم في أنحاء البلاد.
حتى الأثرياء في دمشق لم يسلموا من تدهور مخزونات الخبز وزيت التدفئة ومن الصعوبات بشكل عام.
وفي تجمع لسيدات مجتمع في حي المالكي الثري أخيراً، قالت سيدة إنها الآن تضطر إلى الترشيد في التدفئة وتشغلها لساعة او ساعتين يومياً حتى في جو كانون الاول (ديسمبر) قارس البرودة.
وقالت: «سأرتدي اربع او خمس طبقات من الملابس، ولا مشكلة. ماذا يمكننا أن نفعل؟ نحن لا نجد زيت التدفئة».
وحتى لو وجد زيت التدفئة فهو يُباع بنحو 20 ضعفاً لما كان عليه قبل الأزمة.
وقالت امرأة أخرى، وهي زوجة تاجر متقاعد، إن أسرتها تحاول دون جدوى العثور على الخبز منذ أيام.
وقالت إنها لم تستطع حتى العثور على خبز غير مدعم وهو الخبز الذي يباع بثمن 150 ليرة سورية (نحو دولارين) لكل عشرة أرغفة. أما الخبز المدعم، فثمنه 15 ليرة فقط، لكن ليس هناك ما يضمن حصول الشخص على الخبز حتى لو وقف في الطابور لساعات.
وقالت إحدى الأمهات إن قلقها على السلامة الوجدانية لأبنائها يبقيها بلا نوم طوال الليل.
وقالت في إشارة إلى الوظائف الحكومية التي كانت تعمل بها بناتها اللواتي تعلّمن في الجامعة: «كنّ يحببن عملهن وكنّ يتحدثن عن بدء عمل جديد خاص بهن، الآن هن بلا عمل. يجلسن في البيت بلا عمل، ويحاولن السفر إلى الخارج، لكن لا أحد يعطيهن التأشيرة».
وأضافت: «كل ما أتمناه أن يجدن رجالاً طيبين ويبدأن حياتهن في مكان افضل».
موسكو للمرة الأولى: الأسد يفقد السيطرة
واشنطن: روسيا أفاقت أخيراً وأدركت الواقع
و ص ف، رويترز، أ ب، ي ب أ، أ ش أ
راسموسن أكد أن النظام السوري على وشك الانهيار
عشرات القتلى والجرحى في تفجير سيارتين بريف دمشق
للمرة الاولى منذ نشوب الازمة السورية قبل اكثر من 21 شهراً، بدأت موسكو تعد نفسها لاحتمال سقوط الرئيس بشار الاسد بعدما عملت طوال هذه الفترة على حمايته من اتخاذ قرارات تدينه في مجلس الامن او تهيئ الفرصة لتدخل عسكري خارجي. إذ لم يستبعد نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف احتمال انتصار المعارضة السورية عسكرياً، ملاحظاً ان النظام يفقد سيطرته على الارض. وتلقفت واشنطن الموقف الروسي الجديد، مؤكدة ان ايام الاسد معدودة، وتساءلت هل تنضم روسيا الى الولايات المتحدة والمعارضة السورية في العمل من اجل انتقال السلطة في سوريا؟
في غضون ذلك سقط عشرات الاشخاص بين قتيل وجريح في تفجير سيارتين مفخختين بمدنية قطنا وبلدة جديدة الفضل – عرطوز بريف دمشق. وتبنت “جبهة النصرة” الاسلامية المتطرفة التي تربطها علاقة بتنظيم “القاعدة” في حسابها بموقع “تويتر” الالكتروني الهجوم على وزارة الداخلية في كفرسوسة بدمشق الاربعاء. والذي أدى الى اصابة وزير الداخلية اللواء محمد الشعار. ونفت وزارة الخارجية السورية ان يكون الجيش النظامي قد استخدم صواريخ ارض – ارض من طراز “سكود” ضد مواقع المعارضة، كما افاد مسؤولون اميركيون. ص10
ونقلت وكالة “ايتار – تاس” الروسية الرسمية عن بوغدانوف في كلمة امام الغرفة الاجتماعية الروسية التابعة للكرملين: “علينا ان نواجه الامر. النظام والحكومة يفقدان السيطرة على البلاد اكثر فاكثر… لذا لا يمكننا استبعاد انتصار المعارضة”. لكنه اضاف ان “موسكو ستصر مع ذلك على تطبيق اتفاق جنيف والتوصل الى حل سلمي للنزاع”.
ولاحظ ان برنامج “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” “يثير تساؤلات عدة” في موسكو ورفض الائتلاف “الحوار مع الاسد وهدفه اطاحة النظام” يتعارضان مع اتفاق جنيف. واعتبر ان اعتراف الولايات المتحدة بعد دول أخرى مثل فرنسا وتركيا، هذا الاسبوع بالائتلاف الجديد لم يؤد إلا الى تشجيع معارضي النظام، قائلاً ان “الاعتراف بالمعارضة وتدريب مسلحي المعارضة والاسلحة التي تاتي من الخارج لا تؤدي إلا الى تشجيع المعارضة”.
وفي اشارة اخرى الى اقرار موسكو بخطورة الوضع، اعلن بوغدانوف ان روسيا تعدّ خطة اجلاء لرعاياها من سوريا. وقال: “ننظر حاليا في خطة اجلاء محتملة. لدينا خطط تعبئة ونحاول تحديد اماكن وجود رعايانا”. واوضح ان غالبية الروس المقيمين في سوريا هم نساء روسيات متزوجات من رجال سوريين واولادهن. وأكد انه لم توضع خطط بعد لاجلاء الديبلوماسيين وعائلاتهم.
وأعرب عن اعتقاده انه حتى لو كان انتصار المعارضة السورية غير مستبعد، فان النزاع يمكن ان يستمر أشهراً وان يوقع آلاف الضحايا. وخاطب المعارضين السوريين: “يقولون انهم يسيطرون على 60% من الاراضي السورية، لكننا نقول لهم اذا اردتم المتابعة فلا يزال امامكم 40% من البلاد للسيطرة عليها… اذا سيطرتم على 60% خلال سنتين من الحرب الاهلية، فسيقتضيكم سنة ونصف سنة اضافية. وفيما قتل 40 الف شخص حتى الآن فان النزاع سيشتد وستخسرون عشرات او حتى مئات الآلاف من الاشخاص”. وتساءل: “اذا كان هذا الثمن لاطاحة الرئيس يناسبكم، فماذا يمكننا ان نفعل؟… نحن بالطبع نعتقد ان هذا الامر غير مقبول اطلاقاً”.
ويذكر ان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قال الاربعاء ان الولايات المتحدة “تعول على انتصار بواسطة السلاح” للائتلاف المعارض بعدما اعترفت به ممثلا شرعيا للشعب السوري.
وأكد رئيس الاركان الروسي الجنرال فاليري غيراسيموف مجدداً بعد لقائه رئيس اللجنة العسكرية لحلف شمال الأطلسي كنود بارتيلس في موسكو، ان روسيا تعارض اي حل عسكري للنزاع. وقال: “نعتقد بشدة ان حل النزاع في سوريا ممكن فقط من الطرفين ومن دون تدخل من طرف ثالث وبالتأكيد من دون استخدام قوة عسكرية”.
وأوضح مصدر مقرب من السفارة الروسية في دمشق ان موقف بوغدانوف مرده الى ان موسكو منزعجة من رفض النظام أي تسوية للنزاع.
واشنطن
وفي واشنطن، أكدت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نيولاند أن أيام نظام الأسد باتت معدودة، والمعارضة السورية حققت مكاسب كبيرة في الأيام والأسابيع الأخيرة على أرض الواقع، واستحوذت على منشأة عسكرية كبيرة خارج حلب وقاعدة الشيخ سليمان الكبيرة، وغيرها من المنشآت العسكرية المهمة.
وأكدت استخدام النظام السوري الصواريخ، وليس نشرها فقط، ضد شعبه، كما شوهد ميدانياً، لكنها لم تذكر أنواع الصواريخ المستخدمة، كما أكدت مجددا استخدام النظام القنابل الحارقة التي وصفتها بأنها مروعة.
وعن تصريحات بوغدانوف قالت نيولاند: “إننا نشيد بالحكومة الروسية التي أفاقت أخيرا وأدركت الواقع… وهي تعترف بأن أيام النظام معدودة. والسؤال الآن هو، هل تنضم الحكومة الروسية إلى الولايات المتحدة والمجتمع الدولي اللذين يعملان مع المعارضة في محاولة لتحقيق انتقال ديموقراطي سلس، وتتبنى الخطة المبدئية التي اتفق الجميع عليها في جنيف، وتشكيل حكومة انتقالية لحماية الشعب السوري… إننا ندعو روسيا إلى العمل معنا من خلال قناة الإبراهيمي – بيرنز – بوغدانوف، للنظر في سبل تنفيذ ما اتفقنا عليه في جنيف، والعمل مع مختلف أصحاب المصلحة في سوريا لبدء التحرك نحو تشكيل الهياكل الانتقالية، ونحن نريد مساعدتهم على القيام بذلك”.
راسموسن
بيد ان الامين العام لحلف شمال الاطلسي اندرس فوغ راسموسن، قال عقب لقائه رئيس الوزراء الهولندي مارك روتيفي في بروكسيل: “اعتقد ان النظام في دمشق يقترب من الانهيار، انها مجرد مسألة وقت… أحض النظام على وقف العنف وان يدرك كيف هو الوضع حالياً ويطلق عملية لتلبية المطالب المشروعة للشعب السوري”.
وندد “بقوة” باطلاق ” صواريخ عدة قصيرة المدى” في سوريا في وقت سابق من هذا الاسبوع. واعتبر ان “استخدام مثل هذه الاسلحة العشوائية يظهر ازدراء النظام بارواح السوريين”. واوضح ان “الصواريخ اطلقت داخل سوريا ولم تصب أي دولة مجاورة”.
الخطيب
الى ذلك، صرح رئيس “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” احمد معاذ الخطيب في مقابلة مع “رويترز” بأن شعب سوريا لم يعد في حاجة الى قوات دولية لحمايته. وقال ان المعارضة ستبحث في أي اقتراح من الاسد لتسليم السلطة ومغادرة البلاد، لكنها لن تعطي ضمانات الى ان ترى اقتراحاً محدداً.
وزير عراقي
* في عمان صرح وزير المال العراقي رافع العيساوي على هامش اجتماع مع صندوق النقد الدولي في العاصمة الاردنية بأن سقوط الاسد قد لا يكون سوى مسألة “أسابيع”. وقال: “لدي شخصيا شعور بأن التغييرات (في سوريا) ستحصل بحلول وقت قصير”.
وأضاف الوزير العراقي، وهو من الطائفة السنية على غرار غالبية المعارضين السوريين، ان المعارك في ريف دمشق تدل على ان التغيير يمكن ان يكون قريبا، لافتا الى تسارع الجهود الدولية التي تستهدف نظام الاسد.
واشنطن تراهن على حصانين: مصير الأسد أو معركة الشمال
الإبراهيمي إلى دمشق: أسئلة وتنازلات!
محمد بلوط
المبعوث العربي الأممي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي قريبا في دمشق. القرار بعودة الإبراهيمي إلى دمشق اتخذ بعد مفاوضات جرت الأسبوع الماضي في جنيف بين نائبي وزيري الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف والأميركي وليام بيرنز، بحضور السفير الأميركي في دمشق روبرت فورد، احد أهم المسؤولين الأميركيين العاملين على الملف السوري، ومهندس «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية».
وتقاطعت مصادر ديبلوماسية أوروبية وأميركية في القول لـ«السفير» إن اجتماع جنيف الاخير انعقد كتتمة للقاء دبلن بين الوزيرين سيرغي لافروف وهيلاري كلينتون والإبراهيمي نفسه.
ويذهب الإبراهيمي إلى دمشق لطرح مجموعة من الأسئلة، جرى التوافق عليها أميركيا وروسيا في جنيف، لمعرفة ما إذا كان الرئيس السوري بشار الأسد مستعدا لقبول «خطة جنيف» معدلة، تمهد لوضعه خارج المعادلة بإيلاء صلاحياته كلها إلى حكومة انتقالية تشرف عليها شخصيات من المعارضة وبعض شخصيات النظام ممن لم تتلوث أيديهم بالدماء، ولكنها تضع حدا للقتال.
وبحسب مصدر أوروبي فإن الديبلوماسيين الروس لم يذهبوا بعيدا، خلال اللقاء في جنيف في التعامل مع التفسير الأميركي لاتفاق جنيف المعلن في 30 حزيران الماضي خلال اجتماع «مجموعة العمل الدولية» حول سوريا. لكن تقدما مهما حدث في الموقف الروسي الذي لا يزال يتمسك ببقاء الأسد في منصبه خلال العملية الانتقالية، لكنه لم يعد يعارض المطالبة بتخليه عن كامل صلاحياته.
كما تراجع الروس خلال المفاوضات عن فكرة تمتع الأسد بحقه في التقدم إلى الانتخابات الرئاسية، في منتهى العملية الانتقالية. ويأخذ الروس علما بالمتغيرات السياسية والعسكرية على الأرض واستمرار خسارة الجيش السوري مواقع إستراتيجية في الشمال، وعملية الاستنزاف المنهجية التي يتعرض لها الجيش السوري، واحتمال سقوط منطقة الشمال بيد «الجيش الحر» والجماعات الإسلامية و«الجهادية» التي تؤدي دورا أساسيا في القتال في تلك المنطقة. وكان نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف قال، في اجتماع مغلق مع بعض رجال الأعمال، إن «النظام والحكومة في سوريا يفقدان أكثر فأكثر السيطرة على الأرض».
ويلتقي الإبراهيمي في الإطار ذاته ممثلي المعارضة السورية في «الائتلاف الوطني» لطرح أسئلة مشابهة. وقال مصدر ديبلوماسي أوروبي إن مسؤولا أميركيا قد لوح، خلال الاجتماع في جنيف، باحتمال لجوء بلاده إلى تسليح المعارضة، وهو ما تعلن الولايات المتحدة رفضها الدائم له، إذا لم يتقدم الحل السياسي، وفق الأفكار الجديدة التي وافق عليها الروس.
ولا تعني عودة الإبراهيمي إلى دمشق سوى بدء بلورة أرضية هشة لتفاهم روسي ـ أميركي، بسبب التغييرات المتواصلة في ميزان القوى بين المعارضة المسلحة والجيش السوري. بيد أنها تعبر أيضا عن الرغبة في استغلال ما تراكم للمسلحين من انتصارات عسكرية في الشمال السوري، والبناء عليها في المفاوضات مع الروس.
ولا تعني أحاديث الغرف المغلقة في جنيف على الإطلاق، مغادرة الأميركيين رهانهم على الحسم العسكري، إذا ما تأخر النظام السوري في «القبول» بالتنازلات الروسية على حساب المستقبل السياسي للأسد. ومن الواضح أن الأميركيين يراهنون في الأزمة على حصانين في وقت واحد، ولا يستبعدون أيا منهما: حصان الحل السياسي إذا ما انتزع الروس من الأسد عبر الإبراهيمي تنازلات جوهرية تضع حدا لنظامه، والحسم العسكري الذي يتولى حلفاؤهم القطريون والأتراك والسعوديون أمر تحقيقه، من دون أن تتلوث الأيدي الأميركية بأي أسلحة ترسل إلى المعارضة السورية، خصوصا في ظل مخاوفهم من أن تقع في أيدي جماعة «جبهة النصرة». وهذا الرهان يبدو راجحا، لولا المخاوف، كما قال مسؤول أميركي، من انقضاض الإسلاميين على العملية الانتقالية والسلطة، ومنع السوريين من تحديد ما يريدون بحرية عبر صناديق الاقتراع.
وقال مسؤول أميركي إن الروس وعدوا ثلاث مرات في الماضي بإقناع الأسد بتقديم هذه التنازلات، من دون أن يفوا بوعودهم. وليس مؤكدا أن ينجحوا بذلك، حتى ولو حاولوا إقناعه بالرحيل. ويتقاسم أميركيون وروس العجز في لي ساعد حلفائهم من معارضة ونظام للسير باتجاه حل سياسي وفق خريطة جنيف الثانية، التي يعد لها الإبراهيمي.
وكان ميخائيل بوغدانوف قال، في الماضي، إن «الأسد لا يستمع على الدوام لنصائحنا»، وفي المقابل ليس مؤكدا أن ينجح الأميركيون في إقناع المعارضة بالمشاركة في حكومة واحدة مع أعضاء في النظام.
وشكا مسؤول أميركي لـ«السفير»، «إننا لا نعتقد انه سيكون بإمكاننا إقناعهم بذلك، ولن يوافقوا على المشاركة في أي حكومة انتقالية، مع بقاء الأسد في منصبه ولو من دون أي صلاحيات». كما لا تعير المعارضة أي اهتمام لمخاوف حليفها الأميركي وغيره من الحلفاء الغربيين من أن تقع تلك الأسلحة، بغض النظر عن نوعيتها وخطرها، بيد الجماعات الجهادية لا سيما «جبهة النصرة»، التي تتهمها واشنطن بالعمل كواجهة سورية لتنظيم «القاعدة».
موسكو
الى ذلك، (نوفوستي، ا ف ب، ا ب، رويترز) قال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، خلال اجتماع للمجلس الاجتماعي الروسي الخاص بالتعاون الدولي في موسكو، «علينا أن نواجه الأمر. النظام والحكومة يفقدان السيطرة على البلاد أكثر فأكثر. بالتالي لا يمكننا استبعاد انتصار المعارضة في ظل الدعم الخارجي»، لكنه شدد على أن «موسكو ستصر مع ذلك على تطبيق اتفاق جنيف، والتوصل إلى حل سلمي للنزاع».
وقال السفير السوري لدى روسيا رياض حداد، لإذاعة «صوت روسيا»، إن «بوغدانوف نفى ما نسب إليه من تصريحات حول تغيير الموقف الروسي من الأزمة السورية».
واعلن بوغدانوف ان «برنامج الائتلاف يثير عدة تساؤلات» في موسكو ورفضه «الحوار مع الأسد وهدفه إطاحة النظام يتعارضان مع اتفاق جنيف». واعتبر أن الاعتراف «بالائتلاف» من قبل الولايات المتحدة بعد دول أخرى مثل فرنسا وتركيا، لم يؤد سوى إلى تشجيع معارضي النظام. وقال إن «الاعتراف بالمعارضة وتدريب مسلحي المعارضة والأسلحة التي تأتي من الخارج، لا تؤدي سوى إلى تشجيع المعارضة».
ورأى بوغدانوف أن «هناك عددا من الظروف التي تحول دون تحقيق الأهداف القائمة (أي التسوية السلمية للأزمة السورية)، ومنها سلوكيات بعض شركائنا، مثلا»، موضحا أن «إمدادات الأسلحة الحديثة على نطاق واسع تدفع المتمردين السوريين إلى الرهان على القوة، ما يؤدي فقط إلى تصاعد وتيرة العنف».
وحذر من وقوع مئات الآلاف من القتلى في الصراع. وقال «سيشتد القتال اكثر، وسوريا ستخسر عشرات الآلاف وربما مئات الآلاف من المدنيين». وأضاف «إذا كان مثل هذا الثمن مقبولا لديكم من اجل الإطاحة بالأسد، فماذا يمكننا ان نفعل؟ نحن، بالتأكيد، نعتبر هذا الامر غير مقبول».
وأعلن بوغدانوف أنه تقرر أن يستقبل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اليوم وفدا لمعارضة الداخل السوري، برئاسة عضو «الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير» المعارضة قدري جميل.
وفي الوقت ذاته، أكد رئيس الأركان الروسي الجنرال فاليري غيراسيموف ان موسكو تعارض أي حل عسكري للنزاع. وقال، بعد اجتماعه مع رئيس اللجنة العسكرية لحلف شمال الأطلسي الجنرال كنود بارتيلس، «نعتقد بشدة أن حل النزاع في سوريا ممكن فقط من قبل الطرفين ومن دون تدخل من طرف ثالث وبالتأكيد من دون استخدام قوة عسكرية».
وسارعت واشنطن للترحيب بتصريح بوغدانوف. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند «نريد الإشادة بالحكومة الروسية التي أفاقت أخيرا وأدركت الواقع، وتعترف بأن أيام النظام معدودة». وأضافت «السؤال الآن هو هل ستنضم الحكومة الروسية إلى أولئك في المجتمع الدولي الذين يعملون مع المعارضة في محاولة لتحقيق انتقال ديموقراطي سلس، وتتبنى الخطة المبدئية التي اتفق الجميع عليها في جنيف وتشكيل حكومة انتقالية لحماية الشعب السوري؟».
وأضافت «إننا ندعو روسيا إلى العمل معنا من خلال قناة الإبراهيمي – بيرنز – بوغدانوف للنظر في كيفية تنفيذ ما اتفقنا عليه في جنيف، والعمل مع مختلف أصحاب المصلحة في سوريا لبدء التحرك نحو تشكيل الهياكل الانتقالية، ونحن نريد مساعدتهم على القيام بذلك».
ودعت نولاند موسكو إلى الوقوف خلف الجهود التي تبذل لمنع انتشار العنف الدموي. وقالت «يمكنهم سحب أي دعم متبقي لنظام الأسد، دعم مادي أو اقتصادي. يمكنهم أيضا مساعدتنا لمعرفة الأشخاص، داخل سوريا، الذين يرغبون بالعمل على بنية انتقالية»، معتبرة أن بإمكان الإبراهيمي وضع إطار لعملية انتقالية ما بعد الأسد.
وفي بروكسل، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندرس فوغ راسموسن «أعتقد أن النظام في دمشق يوشك على الانهيار. أعتقد أنها أصبحت الآن مسألة وقت فحسب». وحث الحكومة السورية على «وقف العنف لتدرك حقيقة الوضع وتبدأ عملية تؤدي إلى تحقيق التطلعات المشروعة للشعب السوري».
مئات القتلى في «غزوة دمشق» الثانية واستعدادات لـ«معركة التسوية»
الجيـش السـوري يبدّل استراتيجيته العسكريـة
نادر عز الدين
تضاربت المعلومات الميدانية الواردة من العاصمة السورية منذ بداية «غزوة دمشق» الثانية، فتارة نسمع عن إنجازات ضخمة حققها المسلحون، وتارة أخرى تصل أخبار عن كمين محكم أعدّه الجيش السوري للمسلحين أدى إلى إلحاق أضرار فادحة بهم.
وبعد مرور أكثر من أسبوعين على بداية المعارك في ريف دمشق، بدأت الصورة الضبابية التي طغت على وقائع «الغزوة» تتضح بشكل أكبر. وعلى ما يبدو فإن المعارضة المسلحة أو تحديداً «جبهة النصرة» وحلفاءها، قد منيت بخسائر بشرية جسيمة.
وبحسب المعلومات التي حصلت عليها «السفير» من مصادر مطلعة على وقائع معركة دمشق، فإن النظام السوري كان على علم منذ أسابيع عدة بخطة أعدها المسلحون لاقتحام العاصمة، يشارك فيها عشرات آلاف المقاتلين من الجنسيات كافة. وكانت الخطة تقضي بالسيطرة على حرستا ودوما التي تعتبر العمق الاستراتيجي للهجوم على دمشق، والسيطرة على جرمانا بعد سلسلة تفجيرات استهدفت أحياءها ومحيطها كخطوة لتهجير أهلها.
لكن بناء على نصيحة جهاز استخباري حليف للحكومة السورية، وبالتنسيق مع الجيش السوري، تمّ إعداد خطة استباقية للهجوم الذي كان من المفترض أن يبدأ صباح يوم السبت الأول من كانون الأول الحالي، وكانت النقطة الأساسية في الخطة هي جرّ المسلحين إلى معركة مبكرة وتشتيت صفوفهم حتى تحين اللحظة المناسبة لتوجيه الضربات النوعية.
وكانت صحيفة «أرغومينتي نيديلي» الأسبوعية الروسية، قد كشفت مؤخراً، أن «الجيش السوري قام بتوجيه ضربات مبكرة للمسلحين وتمكن من تشتيتهم بمساعدة الاستخبارات الروسية، التي أعطته المشورة بشأن كيفية القيام بضربة استباقية».
قبل ذلك بأيام، نفذت سوريا مناورة تكتيكية حسب نصيحة الجهاز الاستخباري الصديق وفق السيناريو التالي: إخراج الأسلحة الاستراتيجية من مخابئها والإيحاء بنقلها إلى أماكن أكثر أماناً. أثناء ذلك قامت الأقمار الاصطناعية الأجنبية، والأميركية تحديداً، بتصوير النشاط الاستراتيجي السوري. وبدأ الحديث عن مخاوف دولية من إقدام القوات السورية على استخدام هذا النوع من الأسلحة وتحديداً بعد تسريبات إعلامية أنها أسلحة كيميائية. وساهم أعداء النظام السوري بالترويج لهذا السيناريو، ظناً منهم بأنه سيؤدي إلى التدخل الأجنبي في سوريا أو الضغط على النظام لتحقيق مكاسب سياسية بالحد الأدنى. وبدلا من أن تصب «حملة الكيميائي» لمصلحة المسلحين، أحدثت مفعولاً عكسياً وأثرت في أدائهم القتالي سلبياً.
وتشير المصادر إلى أن الخطة اقتضت ترويج معلومات مضللة عن انشقاقات واسعة في صفوف القوات السورية التي تحمي دمشق، وتصدّعها إلى درجة الانهيار الكامل، فبدأت الأخبار تنتشر عن سقوط مراكز وثكنات في العاصمة وريفها وعمليات فرار في صفوف الجيش.
كل هذا تزامن مع استكمال تجمع المسلحين واستعدادهم للانطلاق نحو قلب العاصمة. فشكلت الشائعات التي بثها النظام حافزاً قوياً للمقاتلين لمهاجمة دمشق فوراً. وما عزّز نظرية انهيار الجيش السوري هو التقدم السريع الذي أحرزه المسلحون في أيام قليلة من دون أي مقاومة تذكر في ظل إخلاء الجيش لعدد من مواقعه العسكرية. هذا التقدم الذي سمحت «الخطة المناورة» بحدوثه، كان الهدف منه إحداث شرخ بين المجموعات المقاتلة وخط إمدادها.
كما كشفت صحيفة «الإندبندنت» البريطانية أن إخلاء القوات السورية لبعض مواقعها هو «تكتيك مبني على استراتيجية جديدة اتبعتها خلال الأسابيع الأخيرة، تقضي بانسحابها من القواعد التي لا يمكن الدفاع عنها من أجل تقوية دفاعاتها في دمشق والمدن الأخرى التي يعتقد بأنها ذات أهمية استراتيجية»، مضيفة أن «العودة للخلف سمحت للجيش السوري بإطلاق هجمات مضادة ناجحة خلال الأسبوع الماضي، ما خفف الضغط العسكري على العاصمة وحسن من موقفها التفاوضي». ونقلت الصحيفة عن مصدر في دمشق قوله إن «الحكومة السورية تبنت خياراً استراتيجياً بعدم الدفاع عن النقاط الصغيرة».
وبالعودة إلى وقائع المعركة، تشير المصادر إلى أن المسلحين ومن يدعمهم اقتنعوا بأن النظام بات قاب قوسين أو أدنى من السقوط، فبدأوا هجومهم قبل يومين من الموعد المقرر، أي صباح الخميس 29 تشرين الثاني الماضي، كما أراد النظام السوري تماماً.
مع بداية الهجوم قطعت الاتصالات بأنواعها كافة عن البلاد، فأصبحت المجموعات المسلحة شبه معزولة ما شكل صدمة أولى لها. كما ضعفت إمكانية التواصل بين المجموعات نفسها، وأصبحت المعلومات حول سير المعارك مجرد شائعات وشبه معلومات عن حقيقة ما يجري.
وبدأت المعركة، التي وصفتها المصادر بأنها الأضخم والأقسى منذ بدء الأزمة السورية، بوقوع المسلحين في فخ محكم أعدّته القوات السورية بعد إجرائها تدريبات مكثفة لأشهر على كيفية مواجهة العصابات المسلحة والقضاء عليها في روسيا وإيران، اللتين تربطهما بسوريا اتفاقيات تعاون استراتيجي وتبادل خبرات تقنية وأمنية. ورافق المعركة قصف عنيف لأماكن تواجد المقاتلين، ما أدى إلى انقسامهم لفرق عدة وتشتتهم على محاور عدة، وأفقدهم قدرة السيطرة على «رأس السهم». كما ساهم انقطاع التواصل بينهم بدفعهم إلى الاشتباك المبكر وفي المناطق المكشوفة.
وقامت القوات السورية بهجوم مضاد من محور شرقي وآخر غربي في الوقت ذاته، بعد استدراج المجموعات باتجاه مناطق تبعد أكثر من 40 كيلومتراً عن العاصمة وأكثر من 20 كيلومتراً عن خط إمدادهم، ما أجبر المسلحين على التوجه إلى حرستا ودوما، حيث جرى إدخالهم بحسب المخطط السوري في عنق الكماشة النارية والعسكرية.
كما كانت المواجهات محتدمة على طول الجبهة في عمق الغوطة الشرقية، وقبل وصول المجموعات إلى مشارف المطار والمعرض كانت قواهم قد استهلكت، وخاصة في حران العواميد والدلبة وسقا ودير العصافير والمليحة وببيلا والضمير والحجيرة وخان الشيخ. واختتمت المعارك بالمواجهات في بلدة داريا التي سقط فيها مئات المسلحين، ومنهم من جنسيات غير سورية. وبحسب المصادر، فإن أعداد القتلى في صفوف المقاتلين تتجاوز بشكل كبير ما تم تداوله في وسائل الإعلام.
أما بالنسبة للأيام المقبلة، فتتحدث المصادر عن مهلة شهر منحتها الولايات المتحدة لمسلحي المعارضة وقيادتهم الجديدة كي يقوموا بـ«غزوة دمشق» الثالثة، علّهم يحققون بعض الانتصارات التي تساهم في تحسين شروط التسوية الروسية ـ الأميركية، التي تدخل حيز التنفيذ الفعلي بعد منتصف كانون الثاني المقبل، وفق شروط اتفاقية «جنيف».
قوات المعارضة تفجر طائرة مدنية في دير الزور وتقتحم كلية عسكرية بحلب
دمشق- بيروت- (د ب أ)- (ا ف ب): قال شهود عيان سوريون الجمعة إن عناصر من الجيش السوري الحر فجروا طائرة مدنية في مطار دير الزور شرقي سورية.
وذكر الشهود لوكالة الأنباء الألمانية أن استهداف الطائرة جاء نتيجة استخدامها من قبل النظام السوري في نقل الضباط والتعزيزات والذخيرة.
وبدأت عناصر من الجيش السوري الحر هجوما على مطار دير الزور في الرابع من الشهر الحالي.
ومن جهة أخرى، تدور اشتباكات عنيفة داخل كلية الشؤون الادارية العسكرية في محافظة حلب في شمال سوريا بعد أن اقتحمتها مجموعات مقاتلة معارضة قبل ظهر الجمعة، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان.
وكانت الاشتباكات بدأت منذ الصباح وقتل فيها مقاتل معارض.
واوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن ان “الكلية تقع في قرية الزربة بين سراقب ومدينة حلب وهي لا تضم عددا كبيرا من العناصر النظامية، بسبب سيطرة المقاتلين المعارضين منذ فترة على المناطق المحيطة بها”.
واشار المرصد الى استمرار مقاتلين من كتائب اخرى مقاتلة ضد النظام في محاصرة مدرسة المشاة شمال مدينة حلب التي تضم حوالى ثلاثة آلاف عنصر من القوات النظامية، وسط استمرار المعارك بين الطرفين.
وفي محافظة ادلب (شمال غرب)، افاد المرصد عن تعرض مدينة معرة النعمان والقرى المحيطة بها لقصف عنيف من القوات النظامية، يترافق مع اشتباكات بين القوات النظامية ومقاتلين معارضين في محيط معسكر وادي الضيف القريب من معرة النعمان.
وذكرت الهيئة العامة للثورة ان الطيران الحربي السوري شن غارات على الحيين الشمالي والجنوبي في معرة النعمان، ما تسبب باضرار بالغة في المباني.
ويسيطر المقاتلون المعارضون على مدينة معرة النعمان الاستراتيجية منذ التاسع من تشرين الاول/ اكتوبر، ويحاولون منذ ذلك الوقت اقتحام معسكر وادي الضيف، الاكبر في المنطقة. فيما تحاول القوات النظامية استعادة معرة النعمان التي تسببت خسارتها باعاقة امدادات القوات النظامية الى مدينة حلب التي تدور فيها منذ تموز/ يوليو معارك يومية بين القوات النظامية والمجموعات المعارضة.
وفي العاصمة ومحيطها حيث قتل الخميس حوالى مئة شخص، تتواصل العمليات العسكرية اليوم الجمعة، وقد تعرضت الاحياء الجنوبية للعاصمة لقصف صباحا من القوات النظامية. وقتل مقاتل معارض في اشتباكات مع القوات النظامية في مدينة المعضمية في ضاحية دمشق، فيما سجل قصف على مناطق اخرى في الريف.
وتأتي هذه الاحداث غداة يوم دام في سوريا قتل فيه 179 شخصا هم 100 مدني و48 مقاتلا معارضا و31 عنصرا من قوات النظام.
واحصى المرصد الجمعة سقوط أكثر من 43 ألف قتيل في اعمال عنف في سوريا في 21 شهرا من النزاع.
الرئيس الفرنسي: مغادرة الأسد لسورية يجب أن تمثل أولوية للإتحاد الأوروبي
بروكسل- (د ب أ): قال الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند الجمعة إن الاتحاد الأوروبي يجب أن يركز على المساعدة على الإسراع من سقوط الرئيس السوري بشار الأسد.
وقال الرئيس الفرنسي للصحفيين في بروكسل قبل محادثاته مع نظرائه من 26 دولة أعضاء في الاتحاد الأوروبي بشأن قضايا السياسة الخارجية : “للأسف هناك حرب على أرض الواقع ، وتتحول لغير صالح بشار الأسد. يجب أن نضع لأنفسنا هدفا بجعل بشار الأسد يغادر بأسرع طريقة ممكنة”.
ويقول زعماء دول الإتحاد الأوروبي في مشروع إعلان القمة: “أنهم يشعرون بالفزع جراء التدهور الكبير في الموقف في سورية” ، ووعدوا بمواصلة معالجة الموقف في سورية كأولوية.
ووصف القادة الأوروبيون ائتلاف المعارضة الجديد “بالممثلين الشرعيين للشعب السوري”، مستخدمين نفس الوصف الذي استخدمه وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في إجتماعهم يوم الإثنين الماضي.
كانت نحو 120 دولة ومنظمة قد اعترفت في بداية الأسبوع الجاري بالتحالف السوري المعارض في مؤتمر مجموعة أصدقاء سورية.
واشار أولاند إلى أن التحالف اليوم أصبح الممثل الشرعي للشعب السوري من معظم الدول.
وكان الاتحاد الأوروبي قد طبق 19 جولة من العقوبات على سورية، من بينها تجميد الأصول وحظر سفر 181 شخصية و54 كيانا في محاولة لوقف نزيف الدماء في البلاد، ولكن دون أن يؤدي ذلك إلى نتائج تذكر.
ويختتم القادة الجمعة محادثات استمرت ليومين حول قضية كيفية تعزيز التكامل في منطقة اليورو التي تعاني من أزمة اقتصادية لحمايتها من الأزمات في السمتقبل.
زيارة سرية لرئيس الاستخبارات الحربية الإسرائيلي لأوروبا لبحث الأسلحة الكيماوية السورية
تل ابيب- (د ب أ): كشف تقرير إسرائيلي أن رئيس الاستخبارات الحربية في الجيش الإسرائيلي قام بزيارة سرية لعدد من الدول الاوروبية لبحث الاوضاع في سورية والاسلحة الكيماوية في البلاد.
وذكرت صحيفة (يديعوت احرونوت) الاسرائيلية أن الميجور جنرال افيف كوخافي قام الاسبوع الماضي بزيارة سرية لعدد من الدول الاوروبية حيث بحث مع نظرائه الاوضاع في سورية، ولا سيما السبل الكفيلة بمنع سقوط الاسلحة الكيماوية النظامية “في أيدي جهات عدائية”، منها منظمة حزب الله، بحسب الاذاعة الاسرائيلية.
وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو صرح الثلاثاء الماضي بأن اسرائيل تتابع عن كثب مع المجتمع الدولي التطورات في سورية الخاصة بمستودعات الاسلحة الكيماوية.
ورفض النائب الأول لرئيس الوزراء الاسرائيلي موشيه يعالون الاحد الماضي التعليق على ما أوردته صحيفة (صندي تايمز) البريطانية حول وجود وحدات عسكرية إسرائيلية، خاصة على الأراضي السورية بحثاً عن مخزونات الأسلحة الكيماوية فيها.
ويشار إلى أن وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك صرح في تموز/ يوليو الماضي بأن تل أبيب مستعدة لتدخل عسكري محتمل في سورية في حال أقدم نظام الأسد على تسليم صواريخ أو أسلحة كيماوية لحزب الله اللبناني.
بانيتا يوقع أمرا بنشر صواريخ باتريوت وقوات في تركيا على الحدود السورية
انجرليك- (ا ف ب): اعلن مسؤول أمريكي ان الولايات المتحدة ستنشر بطاريتي صواريخ باتريوت و400 جندي في تركيا من اجل تعزيز دفاعات هذا البلد الحليف بينما يزداد عنف المواجهات في النزاع الدائر في سوريا.
ووقع وزير الدفاع الامريكي ليون بانيتا الامر الرسمي بالانتشار قبل ان تهبط طائرته الجمعة في قاعدة انجرليك في جنوب تركيا، حسبما اعلن المتحدث باسمه جورج ليتل أمام صحافيين يرافقون الوزير في رحلته، موضحا انه “يتوقع نشرهم في الاسابيع المقبلة”.
واضاف المتحدث ان “بانيتا وقع الامر بينما كنا في الطريق الى تركيا. وينص الامر على نشر بطاريتي صواريخ باتريوت و400 عسكري لدعم القوات التركية”، مشير إلى أن العملية ستتم في الاسابيع المقبل.
وتابع ليتل ان تركيا “حليف مقرب” وان الادارة الامريكية مستعدة للمساهمة في الدفاع عن اراضيها ضمن الحلف الاطلسي.
مقاتلو جبهة النصرة يمنعون الدخول إلى ثكنة كبيرة استولوا عليها في ريف حلب
حلب- (ا ف ب): افاد مراسل وكالة فرانس برس أن مقاتلي جبهة النصرة الاسلامية المتطرفة الذين سيطروا مطلع الاسبوع على قاعدة الشيخ سليمان في ريف حلب الغربي منعوا الخميس ايا كان من الدخول إلى هذه الثكنة الشاسعة والتي تحوي مركز بحوث عسكري.
وكان مقاتلو جبهة النصرة استولوا مطلع الاسبوع على ثكنة الجيش هذه الواقعة على بعد حوالى 20 كلم شمال غرب حلب، وذلك بعد يومين من معارك طاحنة.
وتمتد الثكنة على مساحة كيلومترين مربعين تقريبا، وكانت آخر مقر مهم للقوات النظامية في منطقة على تماس مع محافظتي حلب وادلب وتقع بشكل شبه كامل تحت سيطرة قوات المعارضة.
وافاد صحافي من وكالة فرانس برس كان في موقع الهجوم الاحد ان عددا كبيرا من المقاتلين الذين دخلوا القاعدة هم اسلاميون عرب او من القوقاز وأحد قادتهم رجل اوزبكي يطلق على نفسه اسم ابو طلحة.
والخميس افاد صحافي من وكالة فرانس برس ان مقاتلي النصرة كانوا ما يزالون يتمركزون عند مداخل القاعدة العسكرية ويمنعون ايا كان من الاقتراب منها وقد هددوا بالخصوص الصحافي الذي كان على مقربة من المكان.
ومركز البحوث العلمية التابع للقاعدة العسكرية هو مركز عسكري سري للغاية كان مقاتلو المعارضة يخشون ان يكون بداخله سلاح كيميائي او مواد كيميائية تستخدم في انتاج هذا السلاح.
غير ان قياديا في الجيش السوري الحر اكد لفرانس برس ان مقاتلي النصرة لم يجدوا بعد سيطرتهم على القاعدة العسكرية اية اسلحة كيميائية أو حتى صواريخ مضادة للطائرات بل عثروا فقط على اسحلة وذخيرة ومتفجرات.
وقال القيادي طالبا عدم ذكر اسمه ان “رجال جبهة النصرة يعملون على تفتيش القاعدة تفتيشا دقيقا لكي يأخذوا منها كل ما يمكنهم اخذه”.
ولكن مصدرا آخر في المعارضة المسلحة رأى ان الطوق الامني الذي يفرضه هؤلاء المقاتلون الاسلاميون المتطرفون و”الاجراءات الامنية الشديدة للغاية التي يفرضونها حول القاعدة العسكرية تثير الشبهات”.
وشاركت في الهجوم على القاعدة العسكرية هذه كتيبة واحد من الجيش السوري الحر هي كتيبة احرار دارة عزة، البلدة المجاورة للشيخ سليمان.
والخميس وحدهم مقاتلو هذه الكتيبة سمح لهم بالاقتراب من هذه القاعدة بينما سمح لبعض هؤلاء بدخولها وقد خرجوا منها حاملين معهم اثاثا كان في داخلها، بحسب مراسل فرانس برس.
مقتل العشرات بانفجار سيارتين مفخختين في ريف دمشق.. والنظام ينفي استخدام الجيش ‘سكود‘
موسكو: النظام السوري يفقد السيطرة على البلاد ‘اكثر فاكثر’
المعارضة: الشعب لم يعد بحاجة الى تدخل قوات دولية
بيروت ـ دمشق ـ وكالات: اثارت موسكو، حليفة النظام السوري، للمرة الاولى منذ بدء النزاع في سورية قبل 21 شهرا احتمال انتصار المعارضة على نظام الرئيس بشار الاسد، فيما قتل اكثر من عشرين شخصا الخميس في انفجار سيارتين مفخختين في ريف دمشق غداة تفجير استهدف وزارة الداخلية في العاصمة واصيب فيه الوزير بجروح.
في هذا الوقت، اكد مسؤول امريكي وضابط سوري منشق ان النظام السوري استخدم صواريخ ارض ارض من طراز ‘سكود’ في النزاع الداخلي، الامر الذي سارعت دمشق الى نفيه ‘جملة وتفصيلا’.
واعلن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف الخميس ان النظام السوري يفقد السيطرة على البلاد ‘اكثر فاكثر’، مشيرا الى انه لا يمكن استبعاد انتصار المعارضة في النزاع.
الا انه قال ان ‘موسكو ستصر مع ذلك على تطبيق اتفاق جنيف والتوصل الى حل سلمي للنزاع’.
وكان بوغدانوف يشير الى الاتفاق حول مبادئ عملية انتقالية سياسية في سورية تبنته مجموعة العمل حول سورية في جنيف في 30 حزيران (يونيو).
وحال الموقف الروسي الرافض لادانة النظام السوري او فرض عقوبات عليه دون صدور اي موقف حاسم عن مجلس الامن الدولي في الملف السوري، فيما تواصل موسكو تزويد دمشق بالاسلحة.
ومن جهته قال أمين عام حلف شمال الأطلسي (الناتو) أندرس فوغ راسموسين الخميس إن النظام السوري ‘يقترب من الانهيار’.
وقال راسموسين في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الهولندي مارك روت في مقرّ الحلف في بروكسل ‘اعتقد ان النظام في دمشق يقترب من الانهيار’ وأضاف ‘الآن ما هي إلا مسألة وقت’. كما اعتبر وزير المالية العراقي، الذي تجنبت بلاده حتى الآن اتخاذ اي موقف سياسي من النزاع السوري، الخميس لوكالة فرانس برس ان سقوط نظام الرئيس السوري بشار الاسد قد لا يكون سوى مسألة ‘اسابيع’.
ومن مراكش قال رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض معاذ الخطيب لرويترز إن الشعب السوري لم يعد بحاجة الى تدخل قوات دولية مع تقدم مقاتلي المعارضة نحو وسط العاصمة دمشق في مسعاها للاطاحة بالرئيس بشار الأسد.
وأضاف الخطيب أن المعارضة ستدرس مقترحات من الأسد لتسليم السلطة ومغادرة البلاد إذا أراد ذلك، لكنها لن تعطي أي ضمانات الى أن ترى عرضا جادا.
وتحدث الخطيب لرويترز مساء الأربعاء بينما كان يحيط به حراسه الشخصيون بعد اجتماع للمعارضة مع مجموعة اصدقاء سورية التي تضم دولا غربية وعربية في مدينة مراكش المغربية.
في المقابل، صعد الامريكيون حملتهم على النظام باتهامه باستخدام صواريخ فتاكة ضد المدنيين.
وقال مسؤول امريكي رفض الكشف عن هويته لوكالة فرانس برس، ان النظام اطلق ‘صواريخ سكود’ على الداخل السوري.
واكد ضابط سوري منشق خدم في كتيبة صواريخ ارض ارض في محافظة ريف دمشق لوكالة فرانس برس الخميس ان قوات النظام اطلقت صواريخ من طراز ‘سكود’ قبل ثلاثة ايام في اتجاه مناطق يسيطر عليها المعارضون.
وقال الملازم اول عرابة ادريس، ان ضباطا وعناصر في الكتيبة 578 التابعة للواء 155 لا يزال على اتصال معهم رغم انشقاقه عن الجيش السوري قبل عشرة اشهر تقريبا، ابلغوه باطلاق خمسة صواريخ من طراز ‘سكود’ للمرة الاولى الاثنين الماضي من موقعهم في الناصرية (على طريق حمص دمشق).
ونفت وزارة الخارجية السورية الخميس استخدام الجيش صواريخ سكود.
ونقل التلفزيون عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية ‘نفيه جملة وتفصيلا ما تروج له الاوساط المغرضة والمتآمرة على سورية حول قيام الجيش العربي السوري باستخدام صواريخ سكود في التصدي للمجموعات الارهابية المسلحة’. على الارض، قتل 18 شخصا واصيب اكثر من عشرين آخرين بجروح الخميس في انفجار سيارة مفخخة في بلدة قطنا في ريف دمشق، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان. فيما اشارت وكالة الانباء السورية الرسمية ‘سانا’ الى مقتل 16 شخصا.
وذكرت وكالة الانباء السورية الرسمية ‘سانا’ ان ‘ارهابيين استهدفوا بسيارة مفخخة بكمية كبيرة من المتفجرات منطقة رأس النبع السكنية امام مدرسة ميخائيل سمعان فى قطنا’.
وذكر المرصد ان الانفجار استهدف مساكن عائلات العسكريين.
وبعد ساعات، انفجرت سيارة مفخخة اخرى في بلدة جديدة عرطوز القريبة من قطنا ما تسبب بمقتل اربعة اشخاص، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، وثمانية بحسب التلفزيون السوري الرسمي.
بشار يجوعنا مثلما فعل ستالين ويريد اعادتنا للعصور القديمة.. 9 ساعات في طابور الخبز.. وحدائق حلب للمواقد
نقول للمعارضة لا اجتماعات في فنادق خمس نجوم بعد اليوم… واشنطن تدعم ائتلافا مصطنعا ومن سيحسم المعركة هم المقاتلون
لندن ـ ‘القدس العربي’: بشار الاسد يجوع شعبه، ملايين السوريين يتضورون جوعا بسبب سياسة النظام، المقدسي لم يستقل او ينشق هو في اجازة ‘آمل انه يستمتع بها الان’ يقول فيصل مقداد نائب وزير الخارجية السوري. والاسد ايضا يطلق صواريخ ‘سكود’ على المقاتلين، تقول الولايات المتحدة، هذا بعد ان قالت انه يجهز الرؤوس الكيماوية كي يستخدمها في معركته ضد المقاتلين. وبعد اعتراف الولايات المتحدة ومجموعة اصدقاء سورية بالائتلاف الوطني سيطير رئيس الائتلاف الوطني السوري لواشنطن للمحادثات مع المسؤولين الامريكيين في ترتيب المرحلة القادمة وانشاء ادارة ‘صديقة’ مع ان ائتلافه يعاني من مشاكل على الارض خاصة بعد ان قررت الولايات المتحدة اعتبار فصيل مهم من فصائل المعارضة المسلحة والجهادية منظمة ارهابية.
جوع وقنابل
ولعل مدينة حلب هي المدينة التي تعاني من اثار الحرب خاصة انه لا النظام ولا المقاتلون احكموا سيطرتهم عليها، ويعاني سكانها من جوع وبرد شديد حيث تنزل الامطار عليهم والقنابل التي تسقط على عتبات بيوتهم وهم بدون ماء او كهرباء او مواد غذائية. وظل مراسل صحيفة ‘التايمز’ البريطانية يسمع طوال رحلته في وسط حلب اصوات ‘نحن جوعى اعطونا الخبز’. فقد اصبح التسول امرا عاديا في مدينة تحولت بيوتها وشوارعها الى انقاض. ونقل عن رجل قوله ‘بدأنا نرجع للعصور القديمة’. وفي حي الشعار يعيش معظم السكان فيه على صحن من الباستا يقدمه متطوعون لهم حيث يقول احدهم ان الاسد يريد تجويع الشعب كما فعل ستالين من قبله. وبسبب الشتاء ارتفعت الاسعار بنسب قياسية، ففي شهر ارتفعت بنسبة 75 بالمئة، ومن لا يزالون في وظائفهم فرواتبهم نقصت بنسبة 50 بالمئة، فيما ارتفع سعر الخبز الذي يمثل المادة الرئيسية للطعام 13 ضعفا. ومما يزيد من مصاعب المدينة ان عدد سكانها ارتفع بشكل كبير بسبب هروب سكان الارياف طلبا للجوء فيها، اضافة لمن قدموا من مدن بعيدة عنها مثل حمص، وبحسب التقرير فالوضع بحلب يؤذن بكارثة محتومة. ولقي في شقة داخل حي المعصرانية عائلة عادية مكونة من اب وام وسبعة اولاد كانوا يتجمعون حول موقد يحرقون فيه موادا من البلاستيك والورق نظرا لعدم توفر الخشب، خاصة ان نوافذ الغرفة بدون زجاج. ويقول ان مقاتلي الجيش الحر يحاولون منع اللاجئين من قطع اشجار الحدائق مما يعني ان الاعتداء على الاشجار اصبح عادة معروفة، وفي الغالب ما يتسلل اللاجئون في الليل للحدائق ويقطعون اشجارها حتى لا يطالهم رصاص القناصة.
لم نأكل اللحم منذ 6 اشهر
ويقول ان العائلة لم تتناول اللحم منذ اربعة اشهر، ولم تأكل الخبز منذ ستة ايام بعد ان توقفت عن الذهاب الى فرن من الافران القليلة العاملة في المدينة حيث كانوا ينتظرون تسع ساعات كي يأتيهم الدور. ويعيشون على البرغل والخضار ويكونون محظوظين لو وجدوا علبة سردين تشاركوا فيها. ويقول السكان ان النظام يستهدف الآن البنايات المدنية والعامة، فقد حول دار الشفاء التي تعتبر من اكبر المؤسسات في المناطق التي يسيطر عليها المقاتلون الى انقاض، كما ان طائراته استهدفت المخابز القليلة العاملة في المدينة ومنها مخبز هنانو والذي قتل امامه 25 مواطنا وسبعة من العاملين فيه وذلك بعد قصفه في شهر تشرين الاول (اكتوبر). وينقل عن احد الخبازين فيه واسمه احمد حيث قال انه مضطر للعمل وتحت ظروف الخطر لانه يريد اعالة عائلته على الرغم من رؤيته رجلي شقيقه وهما تتطايران حيث كان من المصابين. ويحرس المخبز الآن عدد من المسلحين الذين يقومون بتنظيم الطابور المستمر على مدار الساعة، وما يدفع السكان للوقوف هو ان سعر الخبز فيه اقل بعشرة اضعاف من سعر السوق السوداء، ويتدافع المواطنون على حجز مكان، واحيانا يندفعون بغضب الى الباب حيث يدفعون جانبا الحراس الذين يلجأون لاطلاق عيارات نارية في الهواء. ويخبز المخبز ما معدله 50 طنا اي 250 الف رغيف خبز، ولكن هناك نقصا دائما في الوقود لتشغيل الالات.
وبسبب زيادة ازمة الخبز فشعبية الجيش الحر في تراجع دائم، فحسب مواطن قال ان السكان وقعوا بين ثلاثة صخور ‘الجيش الحر وغير القادر على مساعدتنا، والنظام الذي يسرق الهواء من صدورنا لو قدر والعالم الذي لا يهتم بنا’. ويقول المراسل ان الازمة لا تطال فقط الفقراء او اللاجئين بل من كان لديهم توفير فالاسعار تؤدي الى نقص ما وفروه وينضمون باعداد كبيرة لطابور الفقراء. ويقول لويد ان حلب ليست محاصرة وهي قريبة من الحدود التركية مما يعني امكانية نقل المواد الاغاثية والانسانية اليها، فبلدة كلس يمكن ان تكون مركز نشاطات المنظمات الانسانية لكنه في زياراته السبع لحلب هذا العام لم يشاهد اية ادلة تقترح هذا. ويدعو الغرب للتحرك سريعا كي يتجنب الكارثة، وحتى لو تحرك فانه سيكون متأخرا ولن يغير موقف السكان من انه غسل يديه منهم.
اين مكان المقدسي؟
منذ اختفائه والشائعات تدور حول مصيره، هل ذهب الى امريكا، عاد الى بريطانيا التي يحمل جنسيتها، انشق ام اعفي من منصبه، فالغموض الذي يغلف مصير جهاد مقدسي المتحدث باسم الخارجية السورية فتح الباب واسعا امام انتشار الشائعات والتكهنات. ولا تزال الحكومة السورية تؤكد انه في اجازة ثلاثة اشهر، وهو ما قاله نائب وزير الخارجية فيصل مقداد لمراسل صحيفة ‘اندبندنت’ الذي يتواجد في سورية. ونقل باتريك كوكبيرن عن المسؤول السوري البارز ان اعتراف مجموعة اصدقاء سورية بالائتلاف الوطني السوري لن يغير شيئا من الواقع على الارض.
وقال مقداد ان الدول الاجنبية تعترف بتنظيم شكلي، تنظيم يعمل على تحقيق اهداف الولايات المتحدة والاوروبيين في سورية. وانكر مقداد ان يكون الائتلاف الوطني قوة حقيقية على الارض داخل سورية. واكد نفس الكلام وزير الاعلام عمران الزعبي الذي قال ساخرا ان ‘اعتراف الولايات المتحدة بالائتلاف مثلما اذا اعترفت سورية بنادي ليفربول كممثل شرعي للبريطانيين’. ونقل كوكبيرن صورة من تصميم الحكومة وتحديها للعالم بانه مهما حدث فالحكومة لن تخسر المعركة، وقال مقداد ‘اؤكد لك ان هذه الخطوة ـ من الولايات المتحدة- لن تضيف شيئا’ وهي ليست سوى حرب دعائية ونفسية موجهة ضد السوريين والحكومة السورية وتهدف الى تشجيع الجماعات المسلحة التي لم تكن قادرة على تحقيق تقدم حقيقي في سورية’.
وعلق كوكبيرن ان التصريحات يبدو مبالغا فيها خاصة ان صوت النار والتفجيرات كانت تسمع في كل انحاء العاصمة دمشق. على كل حال، يقول مقداد ان من يقوم بافعال مسلحة لا تعطيه شرعية وتظل جماعات ارهابية كان يجب على الولايات المتحدة والاوروبيين محاربتها’.
كلهم ارهابيون
وقال مقداد ان وضع واشنطن جبهة النصرة على قائمة المنظمات الارهابية جاء متأخرا وخطوة صغيرةـ حيث قال ان الحكومة السورية ترى انه كان يجب شجب كل الجماعات التي تحمل السلاح ضد الحكومة الشرعية ‘وكان عليهم الطلب من اصدقائهم الامتناع عن دعم الارهاب في سورية’. ويعتقد ان حرص الغرب على التخلص من الحكومة السورية نابع من دعمها للفلسطينيين ومن علاقتها الطويلة مع ايران. واعتبر ما حدث في الربيع العربي بانه انقلاب لكنه عاد وقال انه في الوقت الذي تحترم فيه سورية ما حدث في الدول الاخرى لكن ‘لو لم يقم الجيش في مصر بتغيير المواقف لما حدث ذلك التغيير، ولكننا نريد التغيير ان يحدث بطريقة طبيعية وليس من الخارج’. ويقول مقداد ان السوريين يتصلون يوميا بنظرائهم الروس. وفي نهاية المقابلة قال مقداد ان جهاد مقدسي لم يختف ‘فهو في اجازة لمدة 3 اشهر وآمل ان يستمتع باجازته’، واضاف ان مقدسي لا يزال المتحدث باسم الخارجية ‘لم نتخذ اي قرار’، ولكن هو الان ‘يقال انه في بيروت’، اجاب المسؤول السوري. والسؤال المهم الذي طرحه كوكبيرن على مقداد، هو كيف ستتغلب الحكومة على الازمة الحالية، اجاب ان الدولة قامت باصلاحات دستورية انهت الدور الرئيسي لحزب البعث، وان لم تنجح، فالحوار الوطني، حيث تحدثت الامم المتحدة مع بعض الفصائل المسلحة. وينهي الصحافي تقريره بالقول ان صوت الانفجارات عن بعد يقترح ان الامور تحركت ابعد من الحوار والتنازلات، فمستقبل سورية سيقرر في ساحة المعركة بعد كل هذا.
معاذ يذهب لواشنطن
وخارج ساحة المعركة فالتحضير للمرحلة القادمة يجري على قدم وساق، فادارة باراك اوباما دعت معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني لزيارة واشنطن لاجراء محادثات حول تشكيل ادارة ‘متعاطفة’ مع الغرب واستبعاد العناصر المعادية بعد رحيل الاسد.
وجاءت الدعوة بالنسبة للكثيرين متأخرة نظرا لتردد الادارة بدعم المعارضة وتسليحها، ونقلت صحيفة ‘الغارديان’ عن محلل في معهد بروكينغز قطر قوله ان الخطوة قد تكون الاخيرة والتي يمكن ان تؤثر بشكل ايجابي الادارة الامريكية فيها على الاحداث. كل هذا على الرغم من الحنق على امريكا في داخل سورية وبين فصائل المقاتلين، اضافة الى ان الوضع الميداني معقد ومفكك، مما يعني ان هناك احتمالا لان يخرج الوضع عن السيطرة ويأخذ اتجاها اخر.
ويرى مراقبون ان استراتيجية واشنطن تقوم على تعزيز شرعية الائتلاف على الارض، حيث قام هذا الاخير بفتح بعض المكاتب داخل سورية والتعاون مع لجان التنسيق المحلية. ودافع روبرت دانين، الوزير المساعد في الخارجية الامريكية سابقا والباحث في مجلس العلاقات الخارجية عن موقف اوباما الحذر، ذلك ان حسابات واشنطن قائمة على ان الوضع في سورية المستقبل سيكون مفتوحا على التأثير ولان البلد سيظل بحاجة للدعم الامريكي. وقال دانين ان الخطوة تبدو ‘متأخرة وصغيرة لكنها جزء من دراما طويلة لان نظام الاسد لن ينهار غدا’.
واضاف ان التحدي الاكبر هو القادم، وهناك طريق طويل فالنظام القادم سيكون بحاجة للمساعدة المالية والتقنية ‘وستكون هناك فرص كبيرة امام الولايات المتحدة لتقديم المساعدة’. وترى مارينا اوتاوي المتخصصة في الشرق الاوسط في وقفية كارنيجي ان امريكا مخطئة بدعمها للتحالف السياسي لان ‘السوريين يعرفون ان الفعل يجري في الداخل، فيما تنظر الولايات المتحدة للخارج، ففي التحالف لا توجد اي جماعات مقاتلة ممثلة. وما تقوم واشنطن بعمله هو انشاء ائتلاف مصطنع والذي لن يكون له اي تأثير في مرحلة ما بعد الاسد’.
دمشق تنفي استخدام الجيش صواريخ سكود وحلف الناتو وضابط سوري منشق يؤكدان
بروكسل ـ بيروت ـ وكالات: صرح امين عام حلف شمال الاطلسي (ناتو) الخميس ان المعلومات الاستخباراتية لدى الحلف تشير إلى أنه يتم استخدام صواريخ سكود ضد الثوار السوريين.
وقال راسموسين ‘رصدنا اطلاق عدد من صواريخ قصيرة المدى غير موجهة داخل سورية في مطلع الاسبوع الحالي’. واضاف ‘بعض المعلومات تشير إلى أنها صواريخ من طراز سكود’.
وتابع ‘الصواريخ اطلقت من داخل سورية وسقطت داخل البلاد .بمعنى اخر فإنه لم تصب اي صواريخ الاراضي المجاورة . وبصفة عامة ، اعتقد ان النظام في دمشق يقترب من الانهيار واعتقد ان الامر الآن مسألة وقت فقط’.
اكد ضابط سوري منشق خدم في كتيبة صواريخ ارض ارض في محافظة ريف دمشق لوكالة فرانس برس الخميس ان قوات النظام اطلقت صواريخ من طراز ‘سكود’ قبل ثلاثة ايام في اتجاه مناطق يسيطر عليها المعارضون.
وقال الملازم اول عرابة ادريس ان ضباطا وعناصر في الكتيبة 578 التابع للواء 155 لا يزال على اتصال معهم رغم انشقاقه عن الجيش السوري قبل عشرة اشهر تقريبا، ابلغوه باطلاق خمسة صواريخ من طراز ‘سكود’ للمرة الاولى الاثنين الماضي من موقعهم في الناصرية (على طريق حمص دمشق).
واوضح الضابط الذي يتولى حاليا قيادة كتائب الحسن التابعة لقوات المغاوير في الجيش السوري الحر، ان ‘الصواريخ اطلقت في اتجاه شمال غرب، في الساعات التالية: 10.45 (8.45 تغ)، 12.30 (10.30 تغ)، 13.50 (11.50 تغ)، 15.15 (13.15 تغ)، 17.10 (15,10 تغ)’. واكد عنصر رفض الكشف عن اسمه وقد انشق من هذه الكتيبة غداة اطلاق الصواريخ الخبر.
واوضح الضابط، وهو خبير في صواريخ ارض ارض، ان الصواريخ التي اطلقت من صنع روسي او روسية معدلة، ويطلق عليها اسم ‘جولان-1’، ويصل مداها الى حوالي 300 كلم، مشيرا الى ان الاتجاه الذي اطلقت فيه يشير الى انها سقطت اما في منطقة حلب واما في ادلب.
وكانت لجان التنسيق المحلية ذكرت في بيان لها الاثنين ان ‘قوات النظام اطلقت من منطقة الناصرية صاروخي سكود بعيدي المدى، ولم يتم تحديد وجهة الصواريخ’.
واكد مصدر امني في دمشق استخدام صواريخ ارض ارض قريبة من طراز السكود، الا انه قال انها سورية الصنع ومداها اصغر بقليل من السكود.
وذكر مسؤول امريكي فضل عدم الكشف عن هويته لوكالة فرانس برس الاربعاء ان النظام السوري اطلق صواريخ سكود داخل سوريا ضد معارضيه.
الولايات المتحدة ستنشر بطاريتَي صواريخ باتريوت في تركيا
أعلن مسؤول أميركي أن الولايات المتحدة ستنشر بطاريتي صواريخ باتريوت و400 جندي في تركيا من أجل تعزيز دفاعات هذا البلد الحليف، فيما يزداد عنف المواجهات في النزاع الدائر في سوريا. وقد شددت وزارة الخارجية الروسية على أن روسيا لم ولن تغير موقفها حول سوريا، في تعقيب على تصريحات أدلى بها نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، أمس، وقال فيها إنه لا يمكن استبعاد هزيمة نظام بشار الأسد أمام المعارضة.
ووقّع وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا الأمر الرسمي بالانتشار قبل أن تهبط طائرته، اليوم، في قاعدة انجرليك في جنوب تركيا، حسب ما أعلن المتحدث باسمه جورج ليتل أمام صحافيين يرافقون الوزير في رحلته، موضحاً أنه «يتوقع نشرهم في الأسابيع المقبلة».
وأضاف المتحدث إن «بانيتا وقّع الأمر بينما كنا في الطريق إلى تركيا. وينص الأمر على نشر بطاريتي صواريخ باتريوت و400 عسكري لدعم القوات التركية»، مشيراً إلى أن العملية ستتم في الأسابيع المقبلة.
وتابع ليتل إن تركيا «حليف مقرب» وإن الإدارة الأميركية مستعدة للمساهمة في الدفاع عن أراضيها ضمن الحلف الأطلسي.
من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية ألكسندر لوكاشيفيتش، خلال لقائه الصحافي الأسبوعي «إننا لم ولن نبدّل موقفنا».
وكان لوكاشيفيتش يردّ على الموقف الأميركي من تصريحات نائب وزير الخارجية الروسي المكلف بالملف السوري ميخائيل بوغدانوف.
وكان بوغدانوف قد صرح بأن النظام السوري يفقد السيطرة على البلاد «أكثر فأكثر»، مؤكداً أنه لا يمكن استبعاد انتصار المعارضة في النزاع المسلح الدائر في هذا البلد.
وقال بوغدانوف في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الروسية «ايتار – تاس» «علينا أن نواجه الأمر. النظام والحكومة يفقدان السيطرة على البلاد أكثر فأكثر»، مضيفاً «وبالتالي لا يمكننا استبعاد انتصار المعارضة».
وعلقت الدبلوماسية الأميركية على هذا الاعتراف. وقالت المتحدثة باسمها فيكتوريا نولاند في تعليق ساخر «نريد أن نشيد بالحكومة الروسية لأنها تنبهت أخيراً للحقيقة، واعترفت بأن أيام النظام السوري باتت معدودة».
وقال لوكاشيفيتش «رأيت كيف قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية بحماسة إن موسكو استيقظت أخيراً وتغيّر موقفها»، مضيفاً «لم نكن نائمين ولم نغير يوماً موقفنا».
وأشار إلى أن «بوغدانوف كرر موقفنا المبدئي المؤيد لتطبيق اتفاق جنيف في أسرع وقت ممكن».
(ا ف ب)
عسكر المعارضة السورية: صراعات داخليّة وارتباطات خارجيّة
تسعى الولايات المتحدة لمركزة الجهد العسكري للمعارضة السورية، لعزل المتطرفين التكفيريين، وجعل الجيش السوري الحر بقيادة هيئة أركان جديدة. ولكنّ ثمة عاملين ينذران بفشل الخطة، هما تناقض مصالح الأجنحة داخل بيئة الضباط المنشقين، وغياب مصلحة دول تمويل المعارضة بترك نفوذها على الميدان داخل سوريا
ناصر شرارة
بين اجتماعي الدوحة ومراكش للمعارضة السورية، تم وضع اللمسات الأخيرة على المشروع الدولي لتوحيد المعارضة السورية العسكرية. كان واضحاً منذ اجتماع الدوحة أنّ واشنطن لديها شرط أساسي للاعتراف بالائتلاف الوطني المعارض، وهو إثبات قدرته على إنشاء جسم عسكري موحّد، تنضوي تحت لوائه كتائب الداخل دون القوى المتطرفة إسلامياً. وقدمت الاستخبارات الغربية رؤيتها التفصيلية لهذه المهمة من خلال الإشارة إلى أنّه داخل سوريا يوجد بين مجموع المقاتلين «ثلث» ينتمي إلى فكر تكفيري سلفي و«ثلثان» ينتميان إلى مشارب مختلفة، وكلّها مقبولة من واشنطن. والمطلوب من الائتلاف الوطني إثبات قدرته على توحيد هذين الثلثين تحت لوائه عبر تشكيل قيادة جديدة للجيش السوري الحر، لديها فعالية ووجود على الأرض داخل سوريا.
وخلال الأيام القليلة الماضية، تمّت الاستجابة للوصفة الأميركية، وأُلّف مجلس أعلى جديد للجيش الحر، يضمّ غالبية المجموعات المقاتلة الميدانية، باستثناء التنظيمات المتطرفة، وعلى رأسها «جبهة النصرة» التي يقودها أبو محمد الجولاني. ووضع على رأس المجلس العميد سليم إدريس رئيساً لهيئة الأركان مع مساعدين.
على الورق، يبدو التشكيل الجديد قادراً على حلّ معضلة المعارضة المسلحة التي علق بها طوال المرحلة الماضية أمران مثّلا عائقاً أمام فتح باب تسليحها نوعياً، من قبل دول الاتحاد الأوروبي وواشنطن، وهما، اختراقها من قبل القاعدة، والثانية عدم تنظيمها وارتكابها ممارسات إجرامية.
هل تنجح هذه التركيبة؟
الإجابة عن هذا السؤال تحتّم دراسة واقع المعارضة المسلحة حالياً على الأرض، وملامح مكوّناتها وعلاقاتها البينية. وأول أمر يسترعي الانتباه في هذه الحيثية هو أنّ مشكلة تشتّت المعارضة غير ناتجة، فقط، من قدرتها الذاتية على الانتظام والاصطفاف ضمن تراتبيات واضحة ومتصلة، بل يرقى الأمر إلى وجود مشاكل سياسية وعقائدية وشخصية، حتى داخل صفوف المعارضين العسكريين، الذين تصنفهم واشنطن بأنهم «الثلثان»، الذين لا ينتمون إلى حركات أصولية متطرفة.
الصراع الأول الذي لا تستطيع واشنطن السيطرة عليه، داخل هذا الجزء من المعارضة، يتّصل بوجود افتراق كبير وتنافس شخصي حادّ بين الضباط المنشقين عن الجيش السوري النظامي. وواضح أنّ استبعاد التشكيل الجديد لكلّ من العقيد رياض الأسعد والعميد مصطفى الشيخ، لم يكن إلّا تعبيراً عن استشعار الدوليين المعنيين بملفّ إعادة هيكلة المعارضة المسلحة بهذا الصراع، وضرورة تقليم أظافر طرف فيه لحساب طرف آخر، علّ الأمور تستقيم.
بيئة الضباط المنشقين
كان للضباط الذين بكّروا بالانشقاق عن الجيش السوري دور مهم في جعل الحراك السلمي يدخل مرحلة العسكرة الكاملة في سوريا. وظهرت الإرهاصات الأولى لهذا التحوّل من خلال قيام بعض مجالس الثورة في المحافظات، (خاصة محافظات درعا وحمص وإدلب)، بتأليف مجموعات مسلحة تابعة لها، وأطلقت عليها تسمية الجناح العسكري لقيادة الثورة السورية في هذه المحافظة أو تلك. وكانت المهمة العمليانية لهذه الكتائب محدّدة بحماية التظاهرات السلمية، عن طريق قيامها بالاشتباك مع قوات الأمن عندما تحاول قمعها.
ويُعتبر الملازم عبد الرزاق طلاس من أوائل الضباط الذين أسّسوا هذا النوع من الكتائب في حمص، تحت مسمى كتيبة الفاروق، ثم برزت كتائب أخرى، لم يكن دائماً قادتها ضباطاً منشقين، أمثال كتيبة الأمين في إدلب وكتيبة الصحابة في ريف دمشق. ثم طرأ تطوّر تراكمي لهذه التجارب، تمثّل في انشقاق العقيد رياض الأسعد، وتأسيسه الجيش السوري الحر. ولفترة غير قصيرة، أدى هذا التشكيل دور الواجهة لمعظم النشاط العسكري في الداخل، حيث أخذ يتبنى كل عمليات الكتائب المسلحة التي ازدادت ظاهرة تشكّلها، مع تعاظم تدفق الأموال والسلاح للحراك العسكري في سوريا.
في إطار هذه المرحلة، حدث تطور جوهري آخر، تمثل في انشقاق العميد مصطفى الشيخ، وأسّس المجلس العسكري الأعلى في حمص، ثمّ أبرم تسوية مع الجيش الحر بقيادة الأسعد، أنتجت حالة اندماج بينهما تحت مسمى «المجلس العسكري الأعلى للجيش الحر». ولكن نشاطات هذا المجلس اقتصرت على فعاليات قام بها خارج سوريا، كالدعم الإعلامي للثورة، وتأمين الدعم الدولي والإقليمي لها، وتواصل مع قوى «الثورة» في الخارج.
ونظر كثيرون من ضباط الداخل المنشقين إلى تحالف الأسعد _ الشيخ على أنّه محور داخل بيئة المعارضة المنحدرة من الجيش السوري، يقوم باستغلال جهدهم الصامت في الداخل وعلى أرض المعركة، لمصلحة مراكمة نفوذ سياسي ومالي له في الخارج. وأبرز تعبير عن هذا السخط قاده، آنذاك، ضابط برتبة عقيد يدعى قاسم سعد الدين، الذي أنشأ جسماً عسكرياً داخل سوريا، تحت اسم «المجلس العسكري في مدينة حمص وريفها»، ونجح في أن يوحّد ضمنه الكتائب العسكرية التي ظهرت في هذه المنطقة. وأعلن سعد الدين «عدم انضوائه تحت راية المجلس العسكري الأعلى للجيش الحر في الخارج»، وعزا السبب إلى «أنّ قادة الخارج ليس لهم أيّ ارتباط بالجيش الحر والمجلس العسكري في الداخل».
وكرّت سبحة محاكاة اعتراض العقيد سعد الدين من قبل ضباط منشقين ينتمون إلى محافظات عدة، فتأسّست في كلّ من أدلب وريفها، ودمشق وريفها، وحماة، ودير الزور، مجالس عسكرية. واختير قاسم سعد الدين ليكون رئيس القيادة العسكرية للجيش الحر (في الداخل)، إضافة إلى كونه رئيس المجلس العسكري في حمص وريفها.
ويعتبر الآن إقصاء الشيخ _ الأسعد عن قيادة الجيش الحر بمثابة استكمال لانقلاب قاسم، لكن لمصلحة رموز أخرى، داخل بيئة الضباط المنشقين عن الجيش السوري الرسمي. وسيظلّ من المهم معرفة كيف سيتعامل معها ضباط مثل عبد الرزاق طلاس وقاسم سعد الدين، وخصوصاً أنّ الأول يعتبر أنّه الأحق بأن يكون له موقع داخل هيئة الأركان الجديدة، لدوره المبكر في قيادة الانشقاق عن الجيش والالتزام بالبقاء في الميدان والنضال من الداخل، على عكس سلوك قيادة الجيش الحر التي ذهبت للنضال من عواصم الخارج. أما سعد الدين فيعتبر نفسه الأحقّ بوراثة الأسعد والشيخ في قيادة التركيبة الجديدة للجيش الحر.
وفي كلّ الأحوال، يعتبر التغيير الذي حدث داخل هيئة الأركان العليا للجيش الحر غير كاف لحسم صراع مراكز القوى بين كبار الضباط المنشقين. والمقبل من الأيام سيوضح طبيعة هذه الإشكالية لجهة كيف ستتعامل هذه الأجنحة في ما بينها على الأرض.
خارطة تقاسم النفوذ الدولي
ستواجه مهمة مركزة الجهد المسلّح للمعارضة السورية إشكالية مهمة أخرى، يمكن تلخيصها بالسؤال الآتي: هل ستقوم الدول التي تمارس نفوذاً مباشراً على مناطق معينة في سوريا، من خلال تمويل وتسليح المجموعات والكتائب العسكرية المسيطرة عليها، بالتخلي عن نفوذها فيها، لمصلحة جعل كل مناطق المعارضة، وكل الكتائب فيها، تحت سلطة عسكرية مركزية واحدة، وبالتالي تحت إرادة سياسية واحدة.
باختصار هل ترضى دول تمويل وتسليح الحراك، (خصوصاً السعودية، وقطر، وتركيا، وفرنسا، وألمانيا) ترك حصص نفوذها على الأرض لواشنطن، التي تمارس هيمنة واضحة على هيئة الأركان الجديدة للجيش الحر، أم ستمارس نوعاً من الدعم الشكلي لخطة مركزة المعارضة، من دون ترك أوراقها فيها، التي تضمن مصالحها في أيّ تسوية مقبلة في سوريا.
خلال العامين الماضيين، ارتسمت خارطة اقتسام نفوذ بين الدول الداعمة للحراك المسلح، فوق مناطق سيطرة المعارضة. وصار واضحاً للعين المجردة أنّ الدول التي تموّل وتسلّح القوة النافذة من المعارضة في هذه المنطقة أو تلك، تمتلك حقّ الفيتو السياسي فيها. وبقراءة لوقائع النفوذ الدولي فوق ساحة سيطرة المعارضة العسكرية في سوريا، يتبيّن أنّ هناك دولاً عدة لها سيطرة ونفوذ عسكري غير مباشر (عبر حلفائها المسلحين)، فوق مناطق المعارضة السورية، وهي ألمانيا بشكل خاص من بين كل الأوروبيين، وتليها فرنسا، وأميركا، وتركيا، وقطر، والسعودية.
ومن خلال رصد التفاصيل لتقسيمات النفوذ هذه، يظهر الآتي:
يسيطر عسكرياً على جزء من منطقة الأكراد في الشمال الشرقي لسوريا، إقليم كردستان شمال العراق وجنوب تركيا. وهذا النفوذ العسكري مدعوم من أوروبا، وبخاصة من ألمانيا بشكل شبه حصري، ومن خلفها إسرائيل.
محافظة دير الزور وريفها، وجزء من اللاذقية وغرب القامشلي والحسكة، يسيطر عليها عسكرياً النفوذ السلفي الجهادي، المدعوم من تركيا وليبيا ودول الخليج، وتنظيم القاعدة في الداخل باسم كتائب أحرار الشام وجبهة ثوار سوريا. وهذا الأمر يطرح التباساً حول كيف ستتعامل هذه الدول والجهات مع نفوذها في تلك المنطقة المهمة؟ هل ستتخلى عنها أم أنّها ستستمرّ بإنشاء صلات غير مرئية للحفاظ على مصالح الجميع فيها، كما هو قائم الآن؟
محافظة حلب وريفها، والرقة، وحماة وريفها، يسيطر عليها عسكرياً نفوذ المجلس العسكري في حلب، ونفوذ الإخوان المسلمين المنسّق مع تركيا. وتعتبر هذه المنطقة إلى حدّ كبير مساحة نفوذ جغرافي عسكري وأمني لأنقرة، رغم أنّ جزءاً غير قليل منها يسيطر عليه الفكر السلفي الجهادي (كتائب أحرار الشام وجبهة ثوار سوريا) المدعومين من شبكات تمويل خليجية. وحتى الآن هناك تعايش ونوع من المساكنة بين هذين الخليطين في تلك المنطقة. وليس معروفاً كيف سيقيم الخليجيون والأتراك طريقة تعاملهم مع نفوذهما فيها، وفق الخطة الجديدة.
حمص وريفها وأيضاً تدمر، يسيطر عليها عسكرياً المجلس العسكري في حمص وريفها بقيادة العقيد قاسم سعد الدين. وجزء من هذه المنطقة يسيطر عليه الفكر السلفي الجهادي القادم من لبنان (كتائب أبو زيد)، وجزء تسيطر عليه كتائب الفاروق (الملازم عبد الرزاق طلاس). وكلّ هذه القوى متضرّرة عملياً، لأسباب مختلفة، من تشكيلة هيئة الأركان الجديدة، ومن المتوقّع أن تتضافر هذه الجهات الثلاث بأساليب ملتوية، لمصلحة إفشال سيطرة هيئة أركان الجيش الحر الجديدة على منطقتها.
إدلب وريفها وجزء من ريف حماة، يسيطر عليها عسكرياً المجلس العسكري في إدلب المرتبط بالمجلس العسكري الأعلى في تركيا، والمدعوم من تحالف أنقرة مع الإخوان المسلمين. ومن المستبعد أن يتخلى الإخوان عن هذه المنطقة، والحال مشابهة بالنسبة إلى تركيا التي تعتبرها ورقة استراتيجية لضمان مصالحها في أيّ تسوية حول شكل الحكم في سوريا.
الغوطة الغربية (ريف دمشق) والكسوة، زاكية، داريا، المعضمية، قطنا، كناكر، وعرطوز. يتركّز النفوذ الكبير فيها لمصلحة المجلس العسكري في دمشق وريفها بقيادة المقدم خالد حبوس. ويتجاذب هذا الأخير النفوذ في هذه المنطقة مع نفوذ عسكري كبير لتركيا عبر الرائد السوري ماهر النعيمي المقيم في أنقرة. وكلا الضابطين هما خارج القيادة العليا الجديدة للجيش الحر، رغم فاعلية نفوذهما على الأرض. وولاء النعيمي لتركيا يظلّ أبعد أثراً من أيّ ولاء آخر، كما أن حبوس يستفيد من نفوذه على الأرض لتحسين شروط تلقّيه موازنات العمل من الخارج ومن القوى الداخلية الكبيرة والتجار، بشكل حر. وليس متوقعاً أن يتخلى أيّ منهما عن امتيازاته، تحت اعتبار مركزة العمل العسكري. الغوطة الشرقية، يسيطر عليها خليط متداخل من الجماعات الإسلامية والمنشقة عن الجيش والفلسطينيين. وتتداخل عمليات تمويلها بين أكثر من دولة.
يوجد في درعا وحوران والجنوب نفوذ مهم لبريطانيا، انطلاقاً من الأردن، وبشكل منسق مع جماعة الإخوان المسلمين فرعي سوريا والأردن، وذلك عبر مكتب استخباراتها للتواصل والتنسيق المستحدث في عمان. ومستبعد أن تفكّك لندن هذه المنظومة في تلك المنطقة، لأنّها تمثل سيطرة مهمة على مساحة واسعة واستراتيجية من ديموغرافيا المعارضة السورية.
يؤكد الضابط السابق في سلاح الجوّ الإسباني، لويس مونار، الذي غادر عائلته ليتوجه إلى سوريا ويشارك في تدريب مقاتلي المعارضة، أنه «ليس من المرتزقة». وأوضح هذا المدرب العسكري لوكالة «فرانس برس» أنّه انتقل إلى سوريا لأنّه «لم يحتمل يوماً رؤية أطفال يقتلون بدون ردّ». واعترف، في الوقت نفسه، بأنّها فرصة مهنية «لإغناء سيرتي، وتسمح لي بتأمين العيش لأسرتي». وقد موّل بنفسه رحلته الأولى إلى هذا البلد، متنقّلاً بين محافظتي إدلب وحلب. وأخيراً، موّلته شبكة دولية من المغتربين السوريين الذين فتحوا له قناة اتصال مع كتيبة الفاروق التي تضمّ 12 ألف مقاتل في سوريا، ومع الجيش السوري الحر. وقال مونار «أعتزّ بالقول إنّ كل الذين قمت بتدريبهم ما زالوا على قيد الحياة»، موضحاً أنّ «مقاتلين فقط أصيبا بجروح طفيفة في معارك ضد وحدة من القوات الخاصة» في تشرين الثاني الماضي. وخلال زيارته الأولى، درّب مونار مقاتلين شباناً «معظمهم لم يحملوا مسدساً في حياتهم»، على استخدام الكلاشنيكوف والقتال المباشر.
(أ ف ب)
ضابط إسباني سابق يدرّب مقاتلي المعارضة في سوريا
أ. ف. ب.
أتى لويس مونار الضابط السابق في سلاح الجو الإسباني إلى سوريا مدرّبًا عسكريًا لأنه لم يحتمل قتل الأطفال يوميًا من دون مقاومة أو رد، ولزيادة مدخوله في آن، مؤكدًا أنه ليس من المرتزقة، وأنه لا يدرّب إلا المعارضين السوريين.
باب الهوا (سوريا): يؤكد لويس مونار الضابط السابق في سلاح الجو الإسباني، الذي غادر عائلته والأزمة الاقتصادية في بلده، ليتوجّه إلى سوريا ويشارك في تدريب مقاتلي المعارضة أنه “ليس من المرتزقة”.
أوضح هذا المدرّب العسكري لوكالة فرانس برس أنه انتقل الى سوريا لأنه “لم يحتمل يومًا رؤية أطفال يقتلون من دون رد”. لكنه اعترف في الوقت نفسه بأنها فرصة مهنية “لإغناء سيرتي، وتسمح لي بتأمين العيش لأسرتي”.
وقد موّل بنفسه رحلته الأولى الى هذا البلد، الذي مزقته أشهراً أعمال العنف، متنقلاً بين محافظتي ادلب وحلب في الشمال. لكن هذه المرة موّلته شبكة دولية من المغتربين السوريين، الذين فتحوا له قناة اتصال مع كتيبة الفاروق، التي تضم 12 الف مقاتل في سوريا، ومع الجيش السوري الحر.
قال مونار “اعتزّ بالقول إن كل الذين قمت بتدريبهم ما زالوا على قيد الحياة”، موضحًا أن “مقاتلين فقط أصيبا بجروح طفيفة في معارك ضد وحدة من القوات الخاصة” في تشرين الثاني/نوفمبر.
خلال زيارته الاولى، درّب مونار مقاتلين شبانًا يحاربون نظام الرئيس بشار الاسد “معظمهم لم يحمل مسدسًا في حياته”، على استخدام الكلاشنيكوف والقتال المباشر.
وقد تطور النزاع منذ ذلك الحين، واسقط مقاتلو المعارضة طائرات عدة لسلاح الجو السوري. وقال: “هذه المرة طلبوا مني تدريب المقاتلين على الدفاع عن انفسهم من الدبابات والطائرات”. واضاف “مثل الطيران، ادرّبهم على الاسلحة التي يملكونها مثل صواريخ الدوشكا والرشاشات الثقيلة المثبتة على سيارات البيك آب”.
وتابع مونار “لو كانوا يملكون كمية الاسلحة التي يدعون أنها لديهم لانتهت الحرب”. واضاف أن “اسلحتهم قد تكون قديمة، لكنهم يملكون الشجاعة والايمان”.
وبينما تستعر اعمال العنف حول دمشق، قام مونار ايضاً بتأهيل مقاتلي المعارضة على تكتيك حرب الشوارع في المدن، بايجاد اوضاع وهمية مماثلة.
وقال “نكرر ذلك باستمرار ليصبح ذلك رد فعل طبيعيًا، عندما يصبحون في المعارك فعلاً”، موضحًا أنه أهّلهم تمامًا على انتاج اسلحة بأنفسهم. واكد هذا الرجل أنه يريد أن يعلم هؤلاء “الشباب الذين تبددت احلامهم” على تحويل “النقص الذي يعانونه في الجانب العسكري الى تفوق”.
وبين هؤلاء المقاتلين، الذين تبلغ اعمار بعضهم بالكاد 15 عامًا، “لم ينهِ كثيرون تعليمهم المدرسي، ومعظمهم كانت لديهم اعمال صغيرة”.
وذكر المرصد السوري لحقوق الانسان أن “القليل منهم يحملون شهادات جامعية، لكنهم كلهم يشتركون في امر واحد: إنهم شجعان جداً، واصبحوا الآن من خبراء الحرب” بعد 21 شهرًا من اعمال العنف التي اودت بحياة اكثر من 42 الف شخص.
وخلال محاورتهم، سمع المدرب غضبهم على العالم “وخصوصًا الولايات المتحدة واوروبا”، لأنهم يشعرون بأنهم “بمفردهم وتخلوا عنهم”. وقال مونار “إنهم يسألونني: لماذا لا يساعدوننا؟ لماذا ساعدوا ليبيا، ونحن لا؟ ومعظم الاوقات لا اعرف بماذا اجيبهم”.
ويتدفق المزيد من المقاتلين الاجانب لمحاربة القوات الحكومية السورية، لكن مونار يؤكد أنه لم يدرّب سوى سوريين. وقال: “عشت معهم، ونمت وتألمت، وقاتلت معهم”، معترفًا بكل صراحة بأنه شارك في المواجهات ضد الجيش السوري.
واكد هذا الإسباني “اشعر بالفخر بمشاركتي في الحرب ومتابعة نتائج تدريباتي عندما أراهم يجرون الى ميدان القتال”. واضاف “آمل أن أراهم من جديد قريبًا، لكنني آمل بأنه لن تكون بأيديهم رشاشات للقائنا المقبل”.
http://www.elaph.com/Web/news/2012/12/779888.html
أم ورد: ما ذنب ابني ليقتل بنيران جيش مهمته الدفاع عنه؟
أيمن الزامل
قصص مأساوية كثيرة مخبأة في خيام الزعتري وصدور اللاجئين السوريين في الأردن، تختزن كل ألم فراق منزل تحول بين ليلة وضحاها إلى ركام، وصار سكانه الآمنون لاجئين في خيام بالية.
أيمن الزامل من عمّان: تختلف يوميات اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري القريب من مدينة المفرق عن يوميات الذين لجأوا إلى العيش بين التجمعات السكنية في أنحاء مختلفة من المدن الأردنية، وخصوصًا تلك القريبة من الشريط الحدودي بين الأردن وسوريا.
ففي مدينة المفرق الأردنية، اختلفت مرارة اللجوء بين لاجئ وآخر، بين مرضى يعلو أنينهم، وأطفال مصابين يصرخون، ورجال أشداء أصيبوا بعاهات مستديمة جراء تعرّضهم لشظايا تفجيرات أو طلقات نارية، ووجوه تآكلها الذهول لا يصدقون أنهم تحوّلوا بين ليلة وضحاها من مواطنين آمنين في بيوتهم إلى لاجئين في خيام بالية، فتتنازع ملامحهم آلام الماضي وصعوبة الحاضر وغموض المستقبل.
قتلوا طفلي!
سطرت اللاجئة السورية أم ورد أروع صور الصبر والعزيمة ورباطة الجأش، وهي تتحدث لـ “إيلاف” عن مقتل طفلها ذي الخمسة أعوام، الذي اغتالته الحرب بين الجيشين النظامي والحر بالقرب من الحدود الأردنية. روت: “خلال محاولتي الهرب مع أطفالي إلى مكان أكثر أمانًا، أردت رصاصة ابني الصغير قتيلًا من دون ذنب أو خطيئة، سوى أن وطنه سوريا”.
تحدثت أم ورد ودموع الفراق على خديها، وسط تنهد طويل يجلب معه كل أوجاع السنين. قالت: “خرجت وأطفالي الثلاثة برفقة مجموعة من الأهالي والأسر السورية، الهاربة من القتل والتدمير والمجازر، التي ترتكبها قوات النظام السوري بحق الأبرياء المدنيين العزل، من دون رحمة أو تفريق”.
وتابعت: “لحظات الخروج من الوطن صعبة، فكيف الحال إذا كنت هاربًا من قذائف دمّرت مدنًا، وقتلت رجالًا ونساء وأطفالًا، وحوّلت مسار الحياة إلى مجهول نلهث خلفه، نبحث عن ملجأ نحفظ فيه أرواحنا”.
لأي ذنب قتل
ترتعش أم ورد وهي تروي كيف حاصرتها نيران جيش الأسد: “خلال اقترابنا من الحدود السورية الأردنية، كنا عائلات تضم نساء وشيوخًا وأطفالًا، يرافقنا عدد من أفراد الجيش السوري الحر، فاجأتنا نيران الجيش النظامي بكثافة ومن كل صوب وبشكل عشوائي، ولم ترحم أحدًا، فأصابت طفلي وقضى بعيار ناري في رقبته”.
وتابعت: “لم نستطع المسير ليلتها بسبب كثافة النيران، فتدخل الجيش الأردني لإنقاذنا، وسارعوا في إخلاء طفلي المصاب إلى مستشفى الرمثا الحكومي لعلاجه، لكنه فارق الحياة”.
تسأل والألم يعتصرها: “ما ذنب طفلي لتخطف أيدي الظلم والفجور براءته وتزهق روحه، ما ذنب ابني ليصاب بنيران الجيش السوري، الذي مهمته أصلًا الدفاع عنه ليكبر ويترعرع تحت حمايته، ما ذنب شقيقه الذي يصغره بعام ليراه مضرجًا بدمائه، فتراوده الكوابيس ليصرخ (ماما بدهم يطخّونا.. ماما بدي أموت.. ماما وين ورد)”.
أم ورد واحدة من نحو ربع مليون لاجئ سوري في الأردن منذ اندلاع الأزمة السورية قبل نحو عشرين شهرًا، منهم 47 ألف لاجئ يسكنون في مخيم الزعتري في المفرق، فيما يتوزع الباقون على باقي المحافظات الأردنية. وابنها ورد واحد من 10 لاجئين قتلوا أثناء هربهم من سوريا إلى الأردن، برصاص الجيش السوري النظامي.
http://www.elaph.com/Web/news/2012/12/779884.html
رئيسة منظمة حرائر سوريا: زواج اللاجئات غير المتكافئ لا إحسان فيه
ملهم الحمصي
تصف رئيسة منظمة حرائر سوريا أوضاع لاجئي الداخل بالمتردية على أبواب الشتاء القاسي، وفي ظل تراجع مستوى الإغاثة. وتلفت إلى أن السوريات شاركن في هذه الثورة بفاعلية، وهنّ جاهزات للعمل السياسي.
ملهم الحمصي: في مقابلة خاصة بموقع “إيلاف”، تؤكد تسنيم حمودي، رئيسة منظمة حرائر سوريا أن الوضع في مخيمات اللاجئين السوريين في الداخل السوري متردٍّ، إذ يعيش اللاجئون ظروفًا قاهرة، حيث لا كهرباء ولا تدفئة ولا وقود للطبخ ولا صرف صحي ولا مياه شفة إلا في ما ندر.
وتشكو من تدني مستوى عمليات الإغاثة في مخيمات الداخل، خصوصًا أن الشتاء القارس قد بدأ، وأن الأمراض سارية في المخيم، خصوصًا الجرب والتهاب القصبات الهوائية والاسهال والتهاب الأمعاء.
وتلفت حمودي إلى أن المرأة السورية شاركت في صناعة هذه الثورة “بكل ما تملك، فكانت المعتقلة والشهيدة والإعلامية والجريحة والطبيبة، وكانت أماً وأختاً وزوجة شهيد، وكانت ما لم يستطع الرجل أن يكون فكانت المغتصبة”.
وهنا نص الحوار:
كيف تصفين الأوضاع في مخيمات اللاجئين السوريين؟
سوف أتكلم عن المخيمات الموجودة في الداخل السوري، وخاصة مخيم أطمة، الذي يضم نحو 13 ألف لاجئ حبسهم الجوع والبرد. الوضع المعيشي والصحي هناك متردٍّ. اللاجئون يعيشون ظروفًا قاهرة بكل ما للكلمة من معنى، يسكنون خياماً لا تقيهم حر الصيف ولا برد الشتاء، وتقتلعها الريح متى غضبت. مقومات الحياة الأساسية غير متوافرة. لا كهرباء ولا تدفئة ولا وقود للطبخ ولا صرف صحي، وهذا خطر جدًا. ويعانون من شح المياه التي لا تتوافر إلا من خلال الصهاريج وبكميات قليلة. ويتقاسم أكثر من 300 شخص حمّامًا واحدًا.
الطرق غير معبدة، ملأها المطر بالطمي والطين. القمامة منتشرة، ومعها بعض الأمراض، خصوصًا التي تنتشر في الأماكن المزدحمة، كالقمل والجرب والتهاب القصبات الهوائية والإسهال والتهاب الأمعاء، ولا يتوافر لها علاج مناسب.
المدرسة في المخيم خيمة واحدة، تضم 150 طالبًا، وهي عبارة عن صف تجميعي وغير مجهز للتدريس. ويبقى نحو ألفي طفل بلا تعليم.
ما تقييمك لحجم المساعدات الإنسانية والإغاثية المقدمّة حتى الآن؟
لا أريد أن أتحدث عن جهة إغاثية معينة، لكن مستوى الإغاثة أقل من الوسط وغير كافٍ. هناك بعض الجهات الداعمة، لكن هذا لا يتناسب مع متطلبات اللاجئين، خصوصًا أنهم بحاجة إلى مصدر للتدفئة، وإلى بطانيات وكساء في هذا البرد القارس، ويحتاجون أحذية، فبعض الأطفال يمشون في العراء حفاة القدمين، هم بحاجة ماسة إلى الرعاية الطبية والأدوية. بصراحة، اللاجئون يحتاجون أبسط مقومات الحياة.
أهداف وأنشطة
ما هي أهداف منظمة حرائر سوريا؟
منظمة حرائر سوريا منظمة نسائية سورية مستقلة تأسست في الثاني من آب (أغسطس) 2012، وتتألف من 250 عضوًا، بينهم 35 عضوًا في تركيا. تناضل منظمة حرائر سوريا من أجل التحرر الديمقراطي، وإقامة نظام دستوري، تسود فيه العدالة والمساواة، وبناء دولة المؤسسات والمجتمع المدني وحقوق الإنسان. وتعمل على دعم المرأة لمزاولة دورها في النشاط السياسي وتوعيتها لتصبح عنصرًا إيجابيًا ومبادرًا في الحياة السياسية، بعد دعم حقوقها في العلم والعمل والمساواة من أجل خلق مجتمع متوازن ومتطور.
كما نعمل على مساعدة المرأة للوصول إلى أرقى معايير المواطنة الكاملة ضمن أسس العدالة الاجتماعية والمساواة، والعمل على الارتقاء بها لتحقيق أهدافها وللاستفادة من كامل طاقاتها وقدراتها عن طريق إنشاء مراكز وبرامج لتطوير المرأة سياسيًا واجتماعيًا، وإقامة دورات وندوات ومحاضرات تسارع في توعية المرأة، والتعاون مع المنظمات العربية والدولية لتحقيق أهداف المنظمة، والعمل على بناء جيل قيادي حرّ يعتز بوطنه ويجتهد لإعادة إعمار الإنسان السوري المبدع، وبذل الجهود لتوحيد العمل بين المنظمات والجمعيات الإنسانية التي تعنى برفع مستوى الشعب ليرتقي إلى مستوى التضحيات التي قدمها.
وما أهم نشاطاتها؟
أهم نشاطات منظمة حرائر سوريا هي القيام بأعمال الإغاثة الإنسانية، وخصوصًا الجرحى في مشفى أنطاكيا الحكومي، واللاجئين في الداخل، وعقد لقاءات ثقافية، حيث تم تنفيذ لقاء ثقافي مع أطياف متنوعة من الشعب السوري، والتأكيد على أهمية الوحدة الوطنية، وإقامة ورشات عمل، إذ سيتم تنفيذ ورشتي عمل بالتعاون مع منظمة إيكان في النصف الثاني من كانون الأول (ديسمبر) الحالي.
كما تم القيام بنشاطات ترفيهية مع الأطفال اللاجئين، وتقديم ندوات عن الصحة الإنجابية وندوات عن حقوق المرأة، وإلقاء محاضرات عن الدولة المدنية، وتأهيل المرأة سياسيًا، وتأهيل المجتمع لتقبل المرأة في العمل السياسي. إلى ذلك، قامت المنظمة بتنفيذ دورة عن الإسعافات الأولية ودورة عن الصحة النوعية والأمراض السارية ودورة لغة انكليزية، وأعدت تقارير عن الوضع الصحي والمعيشي في سوريا.
نطاقان وثلاثة وأكثر
ماذا عن دور المرأة وحجم مشاركتها في الحراك الثوري في سوريا؟
تخوض النساء في سوريا معركة العزة والإباء، فتسجن وتعذب وتضرب في الله، وتهان ويمزق حجابها وتنتهك حريتها وكرامتها، فما يزيدها ذلك إلا إيمانًا وجهادًا، فهي حفيدة أسماء ووريثة خولة والخنساء. المرأة السورية شاركت في صناعة هذا الحدث بكل ما تملك، فكانت المعتقلة والشهيدة والإعلامية والجريحة والطبيبة، وكانت أماً وأختاً وزوجة شهيد، وكانت ما لم يستطع الرجل أن يكون فكانت المغتصبة، وكانت ذات النطاقين والثلاثة والأربعة نطاقات، لانها حملت الزاد لكتيبة فلم يكفها النطاقان، فكل الولاء والإجلال لمناضلات سوريا.
تردد في الآونة الأخيرة الحديث عن مشكلة زواج القاصرات السوريات بسبب الأزمة السورية، ما رأيك في حقيقة هذه الظاهرة، وكيف يمكن مواجهتها؟
القاصر هو كل شخص دون سن 18، والزواج سنّة مؤكدة، حثّ عليها القرآن والسنة، ولم يشترط سنًا للزواج، ولكن حثّ على أن يكون الزوجان متكافئين. وهذا ما لم يحصل في ظل هذه الظروف. وللأسف قد تكون ظروف المعيشة السيئة هي التي دفعت ببعض ضعاف النفوس إلى مثل هذا الزواج.
للحدّ من هذه الظاهرة نوجّه نداءً إنسانيًا إلى أهل الثراء الواسع، بالالتفات إلى إخوانهم الفقراء المعدمين للحيلولة دون وقوعهم في براثين الفاقة والتشرد. نوجّه نداءً إلى أهل القلوب الرحيمة من جميع طبقات المجتمع لرفض هذه الظاهرة والوقوف بشدة وبكل الوسائل العقلية والقانونية لمنع حدوثها، ومواجهة الوحوش البشرية التي تستغل الظروف.
فرفقًا بهن، ولا تستغلوا بناتنا في ظل هذه الظروف. ينبغي التوعية بالآثار السلبية للزواج غير المتكافئ وزواج القاصرات من كبار السن، يجب أن يتولاها رجال الدين والأطباء. كما أوجّه نداءً إلى الأهالي للحفاظ على بناتهم، بعيدًا عن القرارات الارتجالية تحت ضغط الظروف. فالبعض يظنّ أنه يُحسن لبناته، لكنه زواج غير متكافئ بعيد كل البعد عن الإحسان.
http://www.elaph.com/Web/news/2012/12/779879.html
الخارجية الأميركية تدين استخدام سوريا لصواريخ سكود وتحذر من «قنبلة البرميل الحارقة»
حلف الناتو يشير إلى قرب سقوط النظام ونواب بالكونغرس يحذرون من استعداد الأسد لاستخدام أسلحته الكيماوية
واشنطن: هبة القدسي بروكسل: عبد الله مصطفى بيروت: ليال أبو رحال
أكد مسؤول أميركي كبير أن الأقمار الصناعية العسكرية الأميركية رصدت قيام القوات السورية الموالية للرئيس السوري بشار الأسد بإطلاق ستة صواريخ سكود قصيرة المدى يوم الاثنين الماضي، من قاعدة الناصرية الجوية في شمال دمشق. وكان الهدف هو ضرب قاعدة الشيخ سليمان شمال حلب التي احتلتها قوات المعارضة. وأوضح أن صواريخ سكود حملت رؤوسا حربية تقليدية ولم تستخدم غاز السارين المميت في تلك الضربات.
وأشار المسؤول الأميركي – الذي رفض نشر اسمه أو منصبه – في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» – إلى أن حكومة الأسد تملك ما يصل إلى 400 صاروخ سكود قصيرة ومتوسطة المدى (طراز D – 700 يصل مداها إلى 440 ميلا) وأوضح أن اللواء السوري الذي يتحكم ويدير تلك الصواريخ هو فريق من العلويين المقربين للرئيس الأسد، وقال «هناك حساسية عالية حول هذا السلاح لذا يحتفظ به الأسد في يد أعوانه الذين يثق فيهم بشكل كبير».
وشدد المسؤول الأميركي على أن «تحركات الحكومة السورية لاستخدام مثل هذه الصواريخ – التي يمكن تحميل أسلحة كيماوية عليها – تدل على تصعيد جديد في الحرب المستمرة منذ عشرين شهرا، وسيكون لها تأثير واسع النطاق على دول الجوار».
من ناحية أخرى، حذر نواب الكونغرس الأميركي من أن الأسلحة الكيماوية في سوريا في وضع يمكن استخدامها بمجرد إشعار فوري، مطالبين المجتمع الدولي بألا يقبل أي تأكيدات من المسؤولين السوريين بأنه لن يتم استخدام هذه الأسلحة.
وقال النائب الجمهوري مايك روجرز رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأميركي «إن أنشطة الحكومة السورية المتعلقة بالأسلحة الكيماوية شهدت تحولا في وضع هذه الأسلحة وهي مبعث قلق بالغ». وأضاف لوكالة رويترز «أعتقد أنهم وضعوا عناصر برنامجهم للأسلحة الكيماوية في حالة يمكن فيها استخدامها بمجرد إشعار فوري وهو ما يختلف كثيرا عما كان عليه الوضع من قبل». وطالب روجرز المجتمع الدولي بألا يقبل تأكيدات المسؤولين السوريين أنهم لن يستخدموا الأسلحة الكيماوية، وقال «هذا نظام يزداد يأسا كل يوم، ومن المؤكد أنهم وضعوا عناصر برنامجهم للأسلحة الكيماوية في وضع مهيأ للاستخدام، وهذا أمر يبعث على قلقنا جميعا».
وأشار النائب الجمهوري إلى تصريحات مسؤولين أميركيين أن قوات الأسد أطلقت صواريخ ذاتية الدفع من طراز سكود سوفياتية الصنع على مقاتلي المعارضة، وقال «الأنباء عن استخدام أسلحة من طراز سكود، وتغيير وضع الأسلحة الكيماوية، تنبئ بأن حكومة الأسد وصلت إلى حالة من اليأس، ولن يكون غريبا على نظام يائس يمتلك بعض أنظمة السلاح المتطورة، أن يستخدم ما لديه».
وقد عاد روجرز قبل وقت قريب من زيارة للبحرين والسعودية حيث ناقش مسألة سوريا وقضايا أمنية أخرى مع المسؤولين. وقال إن مسؤولي الجامعة العربية يريدون أن يروا دورا أكبر للولايات المتحدة في الأزمة السورية واستدرك بقوله إنه لا يشير إلى عمل عسكري. وقال روجرز «الولايات المتحدة لديها قدرات فريدة للتعامل مع هذه الأسلحة» وذلك في إشارة إلى الأسلحة الكيماوية السورية. ولم يسهب في وصف هذه القدرات.
وقال «إني لمست شعورا بخيبة أمل حقيقية لدى شركائنا في الجامعة العربية وخيبة أمل في الولايات المتحدة. وأعتقد أنه يجب علينا أن نعزز دورنا ولا أقصد دورا عسكريا إنما أتحدث عن النفوذ الأميركي والقيادة الأميركية وطرح القدرات الفريدة التي تملكها الولايات المتحدة فحسب على مائدة البحث في هذه المناقشات».
وأضاف «مرة أخرى لا يعني ذلك إرسال جنود على الأرض. لكنه يعني أن لدينا قدرات فريدة يجب على الأقل أن نعرضها في إطار المناقشات بشأن سبل منع استخدام هذا الأسلحة الكيماوية والأزمة الإنسانية في المنطقة التي ستنشأ في اعتقادي عند استخدامها».
وطالب السيناتور الجمهوري جون ماكين إدارة أوباما بالرد على التهديدات والمخاوف من استخدام الأسلحة الكيماوية لدى نظام الأسد بيد من حديد، وقيادة المجتمع الدولي لإنهاء الأزمة السورية. وقال ماكين «الكثير يريدون من الولايات المتحدة أن تتدخل بشكل أكبر، ولا يحصلون على الدعم الكافي من الولايات المتحدة كما يرغبون». وانتقد ماكين ما سماه عجز الولايات المتحدة عن القيادة في مواجهة وحشية الأسد وقال «كل ما تم التحذير منه – إذا لم تتدخل الولايات المتحدة – حدث بالفعل، يتزايد الصراع الطائفي ويتنامى التشدد الديني وتنهار الدولة، والآن نواجه شبح الأسلحة الكيماوية والبيولوجية».
وفي وقت سابق أمس قال مسؤول أميركي كبير إن قوات الرئيس السوري بشار الأسد أطلقت صواريخ سكود على مقاتلي المعارضة في خطوة ينظر إليها على أنها تصعيد في مساعي الأسد للاحتفاظ بالسلطة. وقال مسؤولون أميركيون إنهم لا يعلمون بأي حالات سابقة استخدمت فيها قوات الأسد صواريخ سكود خلال الانتفاضة المستمرة منذ 20 شهرا وقتل فيها أكثر من 40 ألف شخص.
وأدانت وزارة الخارجية الأميركية التحركات التي يقوم بها الأسد واستخدام صواريخ سكود وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند «النظام( السوري) أصبح أكثر يأسا ونرى أنه يلجأ الآن إلى زيادة الفتك واستخدام أسلحة أكثر شراسة»، وأضافت: «المسؤولون الأميركيون يشعرون بالقلق من سلاح آخر معروف باسم (قنبلة برميل) وهي قنبلة حارقة تحتوي على مواد قابلة الاشتعال، بدأ النظام في استخدامها الأسبوع الماضي». وقالت «إنها تحتوي على نوع من المواد مثل النابالم وهي قنابل لا تميز المدنيين وتشكل قلقا شديدا جدا جدا وتدل على يأس النظام ووحشيته».
وفي بروكسل، قال مسؤول بحلف شمال الأطلسي اشترط عدم نشر اسمه إن عددا من الصواريخ الذاتية الدفع القصيرة المدى (من نوع سكود) أطلق داخل سوريا في الأيام الأخيرة. وقال المسؤول «رصدت أجهزة المخابرات والمراقبة والاستطلاع في الحلف إطلاق عدد من الصواريخ القصيرة المدى غير الموجهة داخل سوريا هذا الأسبوع.. وتشير مسارات المقذوفات والمسافات التي قطعتها إلى أنها صواريخ من نوع سكود».
وأوضح المحلل العسكري توماس هولاهان بمركز الأمن والعلوم أن الأسلحة هي على الأرجح صواريخ هواسونج 6 المصنوعة في كوريا الشمالية وهي نسخة محسنة من الصواريخ سكود السوفياتية الأصل.
وأضاف هولاهان في إشارة إلى كوريا الشمالية «فيما يتعلق بالصواريخ الميدانية قصيرة المدى فإنها تنتج صاروخا جيدا بدرجة مقبولة وبسبب حاجة كوريا الشمالية الدائمة للعملة الصعبة فيمكنها أن تبيعها مقابل سعر رخيص إلى حد ما. لذلك فقد نقلوا الكثير من الصواريخ وانتهى الحال بحصول سوريا على عدد كبير منها».
ومضى يقول إن الصاروخ هواسونج 6 أكثر دقة من سكود الأصلي ويمكنه أن يحمل رأسا حربيا زنة نحو 820 كيلوغراما ومداه نحو 700 كيلومتر. لكنه قال إن استخدام هذا السلاح أثار أسئلة فيما يتعلق بالسبب الذي لا يجعل السوريين يستخدمون قواتهم الجوية بدلا من ذلك وهو خيار أفضل.
وتابع هولاهان «إذا كنت أريد إسقاط 1800 رطل من المتفجرات على شخص ما بدقة مقبولة ولدي قوات جوية ثم لا أفعل.. لماذا لا أستخدم طائرة». وأردف قائلا «إذا رأيت بلدا أو جيشا لديه خيارات أفضل كثيرا لا يستخدمها تبدأ تسأل نفسك عن السبب.. هل هي المشكلة القديمة حيث لا يمكن للمستبدين دائما الثقة في قواتهم الجوية».
من جانب آخر، صرح الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندرس راسموسن بأنه يعتقد أن حكومة الرئيس بشار الأسد توشك على الانهيار، وقال للصحافيين الخميس بعد اجتماع مع رئيس الوزراء الهولندي مارك روت في بروكسل «أعتقد أن النظام في دمشق يوشك على الانهيار، وأعتقد أنها أصبحت مسألة وقت فحسب».
وأدان راسموسن إقدام القوات السورية على استخدام صواريخ سكود مؤكدا ما صرح به مسؤولون من حلف الأطلسي ومن الولايات المتحدة، وقال «استخدام صواريخ سكود يوضح التجاهل التام لحياة الشعب السوري». وحث أمين عام حلف الأطلسي الحكومة السورية على وقف العنف والبدء في عملية تؤدي إلى تحقيق التطلعات المشروعة للشعب السوري.
ووافق حلف شمال الأطلسي الأسبوع الماضي على إرسال بطاريات من صواريخ باتريوت المضادة للصواريخ إلى تركيا لتعزيز دفاعاتها الجوية وتهدئة مخاوفها من التعرض لهجوم صاروخي ربما بأسلحة كيماوية من سوريا.
وقال مسؤول حلف الأطلسي إن الصواريخ السورية سقطت في سوريا ولم يصل أي صاروخ إلى الأراضي التركية. وتابع المسؤول قائلا إن الحلف ليس لديه معلومات بشأن الضحايا أو الأضرار التي تسببت فيها تلك الصواريخ.
وردا على سؤال هل يوجد دليل على استخدام سوريا لأسلحة كيماوية؟ قال المسؤول «ليس لدينا معلومات فيما يتعلق بما احتوته رؤوس الصواريخ».
تأتي تلك التطورات في وقت تستعد فيه واشنطن لاستقبال رموز من المعارضة السورية بعد أن أعلن نائب وزيرة الخارجية الأميركية وليام بيرنز – خلال مشاركته بمؤتمر مجموعة أصدقاء سوريا بمراكش – دعوة بلاده لرئيس ائتلاف المعارضة السورية أحمد معاذ الخطيب لزيارة واشنطن. وقالت الخارجية الأميركية إن الزيارة تهدف إلى عقد مشاورات بين المسؤولين الأميركيين وائتلاف المعارضة حول برامج التدريب للشرطة وآليات توفير النظام العام في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية.
كشف منسق الشؤون السياسية والإعلامية في الجيش السوري الحر، لؤي المقداد، لـ«الشرق الأوسط»، عن معلومات، قال إنها «مؤكدة ومن مصادر موثوقة»، أن الرئيس السوري بشار الأسد أعطى «الضوء الأخضر» لاستعمال صواريخ «سكود» متوسطة وبعيدة المدى لقصف المناطق السورية «الخارجة عن السيطرة»، في حين نفى مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية «جملة وتفصيلا الشائعات التي تحدثت عن قيام الجيش السوري باستخدام صواريخ (سكود) في التصدي للمجموعات المسلحة».
وبالتزامن مع تأكيد ضباط منشقين يقاتلون داخل صفوف «الجيش الحر» استخدام القوات النظامية لصواريخ «سكود»، وإشارة «لجان التنسيق المحلية» في سوريا، الاثنين الماضي، إلى أن «قوات النظام أطلقت من منطقة الناصرية صاروخي (سكود) بعيدي المدى، من دون أن يتم تحديد وجهة الصواريخ» – جزم المقداد بأن «النظام السوري أجرى تجارب ناجحة على صواريخ (سكود) متوسطة المدى الأسبوع الماضي».
وأكد المقداد، في معلومات قال إنه استقاها من كبار الضباط في الداخل السوري، أن «وزير الدفاع السوري فهد الفريج عقد مؤخرا اجتماعا مع مدير إدارة المخابرات الجوية جميل الحسن وثلاثين ضابطا من كبار ضباط الدفاع الجوي، أبلغهم خلاله أن القيادة السياسية (الأسد) أعطت الضوء الأخضر لاستعمال صواريخ (سكود) متوسطة وبعيدة المدى». وأكد «صدور أوامر مباشرة بإعادة توجيه منصات الصواريخ في المنطقة الجنوبية (دمشق والسويداء..)، الموجهة في معظمها إلى إسرائيل، باتجاه المناطق الشمالية التي يطلق الأسد عليها تسمية (المناطق الخارجة عن سيطرة النظام)».
وأعلن المقداد، نقلا عن المصادر عينها، أن «إعادة توجيه منصات الصواريخ شملت تلك الموجودة في المناطق الشمالية باتجاه المناطق الجنوبية، انطلاقا من أنها تحتاج لمناطق إطلاق بعيدة، وبالتالي فهو مضطر لاستهداف المناطق الشمالية من الجنوبية واستهداف مناطق الرقة ودير الزور ودرعا من المناطق الشمالية».
وفي موازاة إشارة المقداد إلى أن «وزير الدفاع السوري أكد للمجتمعين حصول الأسد على ضمانات من الدول الحليفة (روسيا وإيران) من أجل إطلاق الصواريخ ولن يكون لذلك أي تبعات» – أشار إلى أن «عددا من الضباط أثاروا خلال الاجتماع نفسه تساؤلات عدة وليس امتعاضا من استخدام الصواريخ نظرا لقدرتها التدميرية، باعتبار أنها قد تبيد مدنا وقرى بأكملها، لكن جميل الحسن (مدير إدارة المخابرات الجوية) كان حازما في إجاباته وإنهاء الحديث بنبرة تهديدية».
دمشق تعيش على إيقاع «السيارات المفخخة».. واشتباكات متواصلة في حلب وإدلب ودرعا
«جبهة النصرة» تتبنى انفجارات وزارة الداخلية.. وضابط إسباني يدرب مقاتلي المعارضة
بيروت: ليال أبو رحال
شهدت العاصمة السورية دمشق ومحيطها، أمس، مزيدا من التفجيرات المتنقلة التي هزت أحياء عدة، على وقع استمرار النظام السوري بقصفه العنيف لمناطق عدة، في حين أعلنت «جبهة النصرة» مسؤوليتها عن الانفجارات التي استهدفت مبنى وزارة الداخلية السورية مساء أول من أمس في حي كفرسوسة «من خلال استشهاديين».
وذكرت، في بيان نشرته على صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، أن «الاستشهاديين قاما بإيقاف إحدى السيارتين أمام مبنى الوزارة والأخرى أمام استراحة وزير الداخلية محمد الشعار، قبل أن يقتحما مبنى الوزارة ويشتبكا مع من بالداخل»، مشيرة إلى أنهما «فجرا حزاميهما بعد الاشتباكات، ثم تم تفجير السيارتين المفخختين عن بعد».
ولقي 60 شخصا حتفهم على الأقل، في مدينة دمشق وريفها، في حين تخطى عدد القتلى المائة عصر أمس، وفق حصيلة أولية للجان التنسيق المحلية في سوريا، التي أفادت بمقتل 7 أشخاص على الأقل وجرح العشرات جراء قصف عنيف بقذائف الهاون استهدف مستشفى الباسل ومحيطه في مخيم اليرموك. وذكر «المرصد السوري» أن اشتباكات وقعت في شارع الثلاثين بين عناصر من الجيش السوري الحر ومقاتلين من اللجان الشعبية الفلسطينية، الموالية للنظام السوري.
وأعلن المركز الإعلامي السوري تحرير كتيبة «معاوية» التابعة لـ«الجيش الحر» كتيبة الإنشاءات العسكرية في منطقة شبعا على طريق المطار بعد أن قتلت كافة العناصر الموجودين في المقر، بينما أعلنت لجان التنسيق عن تدمير دبابتين نظاميتين على طريق المطار بالقرب من بلدة عقربا بعد اشتباكات عنيفة.
وأكد معارضون أن «انفجارا هز حي القابون وسط تحليق للطيران الحربي، بالتزامن مع إطلاق رصاص بالأسلحة الثقيلة»، بينما قصفت المروحيات الحربية أحياء دمشق الجنوبية. وقتل عدد من المدنيين وأصيب العشرات جراء القصف على حي برزة بالتزامن مع استهداف القناصة لكل ما يتحرك، بحسب لجان التنسيق.
وفي ريف دمشق، قتل ثمانية أشخاص على الأقل، معظمهم من النساء والأطفال، في انفجار سيارة مفخخة في حي المستوصف بجديدة الفضل المعروفة باسم جديدة عرطوز. ونقلت وكالة «سانا» عن مصدر في مستشفى المواساة تأكيده وصول جثث 8 أشخاص، واستقبال قسم الإسعاف 33 جريحا إصابة بعضهم خطيرة.
وفي مدينة قطنا بريف دمشق، أدى انفجار سيارة مفخخة إلى مقتل 17 شخصا بالقرب من مساكن لأفراد الجيش السوري، في حين أكدت وكالة «سانا» مقتل 16 شخصا. وقالت إن «إرهابيين استهدفوا بسيارة مفخخة بكمية كبيرة من المتفجرات منطقة رأس النبع السكنية في منطقة قطنا بريف دمشق»، موضحة أن الانفجار أدى إلى سقوط «16 شهيدا بينهم سبعة أطفال وعدد من النساء وأدى إلى وقوع أضرار مادية في السيارات والمحال التجارية والمباني السكنية». ونقلت عن مصدر طبي «إسعاف 23 جريحا معظمهم من الأطفال والنساء إصاباتهم خطيرة».
وفي حرستا، أفادت لجان التنسيق المحلية بقصف الطيران الحربي المدينة بالقنابل الفوسفورية وتصاعد كثيف للدخان الأبيض. كما أظهرت لقطات بثها ناشطون عبر الإنترنت طائرة حربية من طراز «ميغ» وهي تقصف الغوطة الشرقية، بالتزامن مع قصف مدفعي «عنيف» استهدف أحياء سكنية في المعضمية بريف دمشق.
وفي حلب، دارت اشتباكات عنيفة بين الجيشين النظامي و«الحر» في أحياء عدة، وتحديدا عند كلية المشاة وحي الصاخور في حلب، وفي محيط كتيبة للدفاع الجوي ببلدة خناصر، جنوب شرقي حلب. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل سبعة مقاتلين من «الجيش الحر»، أربعة منهم إثر استهداف طائرة حربية لسيارة كانت تقلهم والبقية في اشتباكات في محيط مدرسة المشاة.
وأعلنت لجان التنسيق العثور على جثث 7 أشخاص أعدموا ميدانيا، عليهم آثار التعذيب في حي سليمان الحلبي.
وفي حمص، أفادت لجان التنسيق عن تعرض حي دير بعلبة لقصف نظامي، في حين تجدد القصف العنيف بقذائف المدفعية الثقيلة على مدينة الرستن. وفي إدلب، دارت اشتباكات في محيط معسكر وادي الضيف ومحيط حاجز الحامدية كما تعرضت مدينة معرة النعمان وبلدة جرجناز لقصف نظامي.
وفي درعا، تجدد القصف على بلدة بصرى الشام. كما نفذت القوات النظامية حملة دهم واعتقال طالت عددا من المواطنين في حي المطار بمدينة الحسكة. وفي دير الزور، تجدد القصف بقذائف الهاون على أحياء الجبيلة والشيخ ياسين والموظفين.
إلى ذلك، كشف الضابط السابق في سلاح الجو الإسباني لويس مونار عن مشاركته بتدريب مقاتلي «الجيش الحر» في سوريا، مؤكدا أنه «ليس من المرتزقة». وأوضح لوكالة «فرانس برس» أنه انتقل إلى سوريا لأنه «لم يحتمل يوما رؤية أطفال يقتلون دون رد». لكنه اعترف في الوقت نفسه بأنها فرصة مهنية «لإغناء سيرتي وتسمح لي بتأمين العيش لأسرتي». وأشار مونار إلى أن «شبكة دولية من المغتربين السوريين مولت رحلته وفتحت له قناة اتصال مع كتيبة الفاروق التي تضم 12 ألف مقاتل في سوريا، ومع الجيش السوري الحر». ويقوم مونار بتأهيل مقاتلي المعارضة على تكتيك حرب الشوارع في المدن، كما يدربهم على استخدام الأسلحة الرشاشة المثبتة على عربات «بيك آب»، وعلى إنتاج أسلحتهم بأنفسهم.
مصادر «الإخوان المسلمين» تنفي وساطة يقودها مشعل لـ«التفاهم» مع النظام السوري
قالت لـ «الشرق الأوسط» : الإيرانيون توسلوا لقاءات مع المعارضة وجوبهوا بالرفض
بيروت: نذير رضا
نفت مصادر بارزة في حركة الإخوان المسلمين، أكبر تشكيلات المعارضة السورية، ما تداولته معلومات عن جهود مزعومة لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، بالتنسيق مع إيران، لإقامة حد أدنى من التفاهم بين النظام في سوريا وحركة الإخوان المسلمين. وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن إيران «طرقت باب الإخوان المسلمين وجميع فصائل المعارضة السورية لعقد لقاءات معهم، لكنها جوبهت بالرفض».
وكانت معلومات صحافية تحدثت عن تكليف مشعل من قبل إيران بجهود تنظيم لقاءات بين الإخوان المسلمين والنظام السوري التي رفضت، بحسب المعلومات، «قبول الإخوان المسلمين دون تعديل في مبادئ حزبهم، كي تتناسب والمجتمع السوري التعددي».
وأشارت المعلومات إلى أن إيران حاولت خلال لقاءات مع ممثلين عن المعارضة السورية «التفاوض مع الإخوان المسلمين لإيجاد حل في سوريا».
وإذ أكدت مصادر حركة الإخوان المسلمين أن «لا لقاءات عقدت مع الإيرانيين، في السر أو في العلن»، كشفت أن مسؤولين إيرانيين «توسلوا لقاءات مع المعارضة السورية، ومن ضمنها حركة الإخوان المسلمين، لكننا رفضنا الحديث معهم أو لقاءهم ما لم تغير طهران موقفها من الثورة السورية». وأوضحت أن تغيير الموقف الذي «نشترطه» يتضمن «الإعلان الصريح وعبر وسائل الإعلام شجب ما يقوم به النظام، وإعلان التخلي عن دعمه»، مؤكدة أنه «من غير تنفيذ هذه الشروط نعتبر اللقاء مع مسؤولين إيرانيين مرفوضا».
وسخرت المصادر مما تم تداوله عبر وسائل الإعلام أمس، معتبرة أن «هيئة التنسيق المحلية المعارضة، التي تعد قريبة من موسكو، رفضت أخيرا اللقاء مع الإيرانيين، ولم تقبل الذهاب إلى طهران، فكيف بباقي أطياف المعارضة؟».
وأكدت المصادر أن «وسطاء كثيرين حاولوا التوسط بين المعارضة السورية وطهران، لعقد لقاءات بين الجانبين، لكنها ووجهت بالرفض، إذ لا نية لدينا بلقاء إيرانيين ما لم يغيروا موقفهم الداعم للنظام»، نافية في الوقت نفسه «تفويض مشعل أو غيره»، مشيرة إلى أن «حركة حماس لا علاقة لها بالنظام، وموقفها واضح من الثورة السورية بعد خروج مشعل من دمشق».
وأوضحت المصادر أن قياديي حركة حماس «لا ينسقون الآن مع النظام، ولا تربطهم محادثات ثنائية»، مؤكدة أن موقف حركة المقاومة الفلسطينية «رافض للنظام، ومؤيد للشعب السوري، ويعتبر أنهم كانوا في دمشق ضيوفا لدى الشعب السوري وليس عند آل الأسد».
وأكدت المصادر أن حركة حماس «ليست بوارد اللقاء لا مع النظام السوري ولا الإيرانيين»، مشيرة إلى أن «الهجوم الأخير على حركة حماس يراد به التنديد بحماس أكثر من الدفاع عن الأسد».
عسيري يعلن وصول عشرين ألف بطانية من أصل مئة ألف
و”السعودية لنصرة الأشقاء في سوريا” تواصل إغاثة النازحين
أعلن سفير المملكة العربية السعودية في لبنان علي عواض عسيري، وفي اطار المساعدات التي تقدمها المملكة إلى النازحين السوريين، “وصول عشرين الف بطانية من اصل مئة الف بطانية مقدمة من الحملة الوطنية السعودية لنصرة الأشقاء في سوريا”. وقد سلم السفير عسيري عينات منها الى عدد من العائلات السورية في حضور رئيس الهيئة العليا للاغاثة اللبنانية العميد ابراهيم بشير ومدير مكتب الحملة في لبنان وليد الجلال.
وأكد عسيري ان “الدفعات الأخرى من هذه المساعدة ستصل قريبا وستوزع على النازحين السوريين في مختلف المناطق اللبنانية وهي بمثابة لفتة اخوية رمزية من اشقائهم السعوديين خلال فصل الشتاء”، مشيرا الى ان “الحملة الوطنية السعودية لنصرة الاشقاء في سوريا تقوم بتوزيع المواد الغذائية على النازحين وهي وهيئة الاغاثة الاسلامية تقومان بجهود جبارة لتنفيذ توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله بمساعدة الاشقاء السوريين في كل من لبنان وتركيا والاردن”، مثنيا على “التعاون الذي تقدمه الحكومة اللبنانية ممثلة بالهيئة العليا للاغاثة في تسهيل إيصال المساعدات إلى أصحابها”.
وتوجه المواطنون السوريون الذين تسلموا عينات من البطانيات ، باسم النازحين السوريين، بالدعاء للملك عبد الله بن عبد العزيز بالشفاء العاجل، وعبروا عن شكرهم “لمقامه لاحتضانهم احتضان الوالد لأبنائه ولكونه اول من سارع الى تقديم المساعدات المختلفة لهم”، معتبرين أن “هذه المواقف ليست غريبة على المملكة وقيادتها التي كانت ولا تزال رمزا للخير والعطاء والوقوف الى جانب الشعوب العربية”.
الحملة في عكار
وفي عكار_ “المستقبل”، واصلت الحملة الوطنية السعودية لإغاثة النازحين السوريين وبتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وبإشراف الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية المشرف العام على الحملة توزيع مساعدات على النازحين في المنطقة.
وأشار مدير الحملة في لبنان وليد الجلال الى بدء توزيع المازوت للتدفئة خلال الأيام المقبلة مع مواصلة توزيع الحصص الغذائية على الأشقاء السوريين المتواجدين في كافة المناطق اللبنانية.
وتوجه عضو ائتلاف الجمعيات الخيرية الشيخ لقمان الخضر بالشكر الى المملكة حكومة وشعباً وملكاً وولي عهد، معتبراً أن هذه الخطوة أتت في الوقت المناسب، داعياً الجميع لمد يد العون لهذا الشعب المضطهد والمهجر قسراً من أرضه.
مساعدات كويتية
واستكمل بيت الزكاة الكويتي بالتعاون مع صنوق الزكاة في عكار حملته لدعم النازحين حيث تم توزيع 700 حصة غذائية عبر هيئة الاغاثة والمساعدات الانسانية في دار الفتوى في حضور رئيس صندوق الزكاة في عكار الشيخ عبد القادر الزعبي واشراف رياض عيتاني رئيس هيئة الاغاثة والمساعدات في دار الفتوى.
ونوه عيتاني في تصريح بالمساعدات السخية التي يقدمها بيت الزكاة في دولة الكويت واهل الخير والهيئات والجمعيات الخيرية لدعم واغاثة النازحين السوريين في لبنان.
لواء التوحيد لـ“NOW”: أميركا “الإرهابية” لا “النصرة”
فــرح السـيـد
تعليقاً على إدراج واشنطن “جبهة النصرة” على قائمة الجماعات الارهابية، أعلن “مركز التوحيد الاعلامي” في تصريح خاص لموقع “NOW” أن الخطوة الأميركية “لا تعني لنا شيئاً. فإرهاب أميركا في أفغانستان والعراق والمعتقلات الأميركية في العراق وغوانتانامو لا يخفى على أحد، ودعم أميركا للإرهاب الإسرائيلي على أرض الشعب الفلسطيني أيضاً لا يخفى على أحد. فقد سبق لأميركا أن أدرجت حركة حماس المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي على قائمة المنظمات الإرهابية”. وأوضح المركز، وهو الناطق باسم “لواء التوحيد”، الفصيل المسلح الأكبر في شمال سوريا، أن “جبهة النصرة هم أخوة لنا في السلاح، وقفوا معنا صفاً واحداً في النضال لإسقاط النظام المجرم، ورفع الظلم والاستبداد عن الشعب السوري”، لافتاً الى أن “الذي يحدد ماهية جبهة النصرة سواء أكانت إرهابية أو غير ذلك، إنما هو الشعب السوري”.
ورأى المركز أن “العمليات التي نفذتها جبهة النصرة ضد النظام كانت رداً على إجرام النظام في قصف الأماكن الآمنة وتشريد المدنيين واستهداف المشافي ببراميلTNT (تي أن تي) واستخدام القنابل العنقودية المحرمة دولياً وغيرها الكثير من أدوات الإجرام، ما تسبب في مجازر أزهقت أرواح عشرات آلاف السوريين، في حين اكتفى العالم بمشاهدة هذه المجازر، ولم يحرك ساكناً ولم يدرج فاعلها على لائحة الإرهاب، الأمر الذي يُعتبر وصمة عار في تاريخ العالم الحديث ودرجات قصوى من التخاذل وانعدام الإنسانية”.
وشدد المركز على أن “التعاون بين لواء التوحيد وجبهة النصرة موجود على الأرض طالما يناضل كلا الطرفين في سبيل إسقاط النظام، وإرجاع حقوق سُلبت من الشعب السوري من العصابات الأسدية المجرمة ومن يقفون في صفها”.
وبالنسبة للمرحلة المقبلة ووجود “جبهة النصرة” في التمثيل السياسي للشعب السوري، اعتبر أن “هذا خيار يحدده الشعب السوري أيضاً. فلن يُفرض أي طرف على الشعب السوري من أي فصيل سواء كان عسكرياً أو مدنياً. وفي المقابل لن يستثنى أي طرف ممن يختارهم الشعب السوري”.
“الأخـوان” يسيطـرون علـى “الائتـلاف الوطنـي السـوري”
إختتم “الائتلاف الوطني السوري” اجتماعاته في القاهرة قبل أن يتوجّه عشرة على الأقل من أعضائه لحضور “مؤتمر أصدقاء سوريا” في المغرب غدًا في الثاني عشر من الشهر الجاري، وحيث يتوقع الائتلاف حصوله على اعتراف دولي من قبل مجموعة الأصدقاء قبل البدء بتشكيل حكومة انتقاليّة. وفي هذا الإطار، يقول الدكتور نجيب الغضبان الذي كان حاضراً اجتماع القاهرة وهو أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة أركنساس في الولايات المتحدة الأميركيّة وعضو الائتلاف: “كان من المفترض على الائتلاف أن يقوم بتشكيل الحكومة الانتقالية وتسمية رئيسها قبل الاجتماع في المغرب لكن التحضير لهذا الأمر لم يكن كافياً وبالتالي تم إرجاؤه لما بعد الاجتماع وحصول الائتلاف على الاعتراف الدولي المتوقع”.
وتبدو مشكلة التمويل والحصول على الدعم مشكلة جدية وتحدياً يواجه الائتلاف الوطني. فعلى الرغم من حصوله على ستة اعترافات دولية بكونه الممثل الشرعي للشعب السوري إلا أنه لا يزال يعاني نقصاً حاداً في التمويل لتلبية مطالب الملفات الإغاثيّة والعسكريّة الملحّة.
فوفق الدكتور وليد البني الناطق الرسمي باسم الائتلاف، فإنّ الاعتراف الدولي المنتظر في اجتماع الأصدقاء غداً هو تحد أساسي لأنّه سيسمح بالإفراج عن الأموال السورية المحتجزة في الخارج “إذ يجب أن تكون هناك ميزانيّة لدى الائتلاف قبل تشكيل الحكومة وإلا ما الفائدة من تشكيلها؟”.
مصادر أخرى ضمن الائتلاف امتنعت عن ذكر أسمائها أشارت إلى أنّ مشكلة التمويل الجدية التي يواجهها الائتلاف لا تعود فقط إلى نقص الاعتراف الدولي به وإنما إلى صراع على الأجندات السياسية بين كل من السعودية وقطر وتركيا حيث لم تفِ هذه الدول بالتزاماتها المالية حتى الآن رغبة منها بفرض سيطرتها على بعض الملفات. فالسعودية على سبيل المثال تمتنع عن تزويد الائتلاف بالأموال التي وعدت بها لصالح الملف الإغاثي خوفاً من أن تقع الأموال بيد الأخوان المسلمين الممثلين ضمن الائتلاف.
من جهة أخرى، بدا التوتر واضحاً في كواليس الاجتماع، ليس فقط بسبب قضية التمويل وتسمية رئيس الحكومة الموقّتة، وإنما بسبب الصراع على تولي الملفات الإغاثية والعسكرية والإعلامية بين الأقطاب الرئيسية المُشكَلَة للائتلاف متمثّلة في كل من أعضاء “المجلس الوطني السوري” وكتلة الأمين العام للائتلاف مصطفى الصباغ رئيس “المنتدى السوري للأعمال”. وعلى سبيل المثال، تمّ سحب رئاسة اللجنة الإعلاميّة من المستقلة ريما فليحان والتي كان سبق الاتفاق على توليها الإشراف على اللجنة في اجتماع الائتلاف الأوّل في القاهرة وعرضها من جديد على الانتخاب حيث تنافست مع خالد الصالح مرشّح “المجلس الوطني” وانتهت بفوز الصالح. وقد فسّر بعض الحاضرين ذلك حضور جميع أعضاء المجلس للاجتماع وتصويتهم للصالح إذ يبلغ عدد أعضاء “المجلس الوطني” ضمن الائتلاف 30 عضواً من أصل 71 في نسبة تتجاوز الـ40 % وهو مؤشّر على إمكانيّة تولي أعضاء من المجلس معظم المهام والمناصب المفصليّة ضمن الائتلاف والتي تطرح ضمن الانتخابات.
في هذا السياق، يقول الدكتور كمال اللبواني عضو الائتلاف: “ما يحدث ضمن الائتلاف اليوم هو استنساخ لتجربة وفشل “المجلس الوطني” وهو طريقة جديدة لتسليم السلطة لـ”الإخوان المسلمين” ولن ينتج من هذا الائتلاف سوى الفوضى”. ويضيف: “هناك عوامل عدّة ستعيق سير عمل “الائتلاف” أوّلها خطف صالح رئاسته وعدم المشاورة عند اتخاذ القرارات، وثانيها آليّة التعطيل في اتخاذ القرارات التي تتبعها الكتل المشكّلة له، وثالثها محاولة سيطرة “المجلس الوطني” على الملفات كلّها ولجان الائتلاف ودون استئصال هذه الآليّات لن ينتج من عمل الائتلاف شيء حقيقي”.
إذاً، تُرخي هيمنة “المجلس الوطني” وتنظيم “الإخوان المسلمين” بثقلها على “الائتلاف” حتى اللحظة، ويشير مصدر ضمن أعضاء الائتلاف، امتنع عن التصريح باسمه، إلى أنّ كتلة “المجلس” و”الإخوان” معاً يعملون على تعطيل عمل الائتلاف ليثبتوا أنّ التجربة الجديدة لن تكون ناجحة، مذكّرين طوال الوقت بالوعود الدوليّة التي أعطيت لـ”المجلس الوطني” سابقاً ولم يتم الوفاء بها. كما تشير معلومات داخليّة الى نيّة عدد كبير من أعضاء الائتلاف من خارج “المجلس الوطني” الانسحاب بعد مؤتمر المغرب في حال لم يسفر المؤتمر عن دعم دولي حقيقي على المستويين السياسي والمادي وفي حال لم يستطع الائتلاف حل مشاكله الداخلية أيضاً وتجاوز مسألة التعطيل التي تعيق عمله حتى الآن.
أزمـة سوريـا تهيمـن علـى انتخـاب بطريـرك الأرثوذكـس
إسبر دعا المجمع المقدّس لانتخاب خلف للبطريرك هزيم الاثنين المقبل
تكتسب المناداة ببطريرك جديد للروم الأرثوذكس على كرسي انطاكيا وسائر المشرق خلفًا للبطريرك الراحل إغناطيوس الرابع هزيم أهميّة كبرى على المستويين السوري والاقليمي. فطائفة الروم الأرثوذكس تعتبر الطائفة المشرقيّة الأولى التي تنفتح على سائر المجموعات المذهبيّة والطائفيّة السياسيّة في لبنان وسوريا وكل دول المنطقة ما عدا إسرائيل.
ويقترب عدد الروم الأرثوذكس السوريّين من مليون شخص، وهم المذهب الأكثر عددًا بين المسيحيين والثاني بعد السنّة في سوريا. أما في لبنان فتُعتبر هذه الطائفة المذهب الرابع على مستوى البلد والثاني على المستوى المسيحي بعد الموارنة. ومن صفوف هذه الطائفة خرج مفكّرون عروبيّون وقوميّون طليعيّون وربما يكونون أوّل المسيحيّين الذين رفعوا راية العروبة وقضيّة فلسطين إلى جانب إخوانهم المسلمين. وقد اعتادت الكنيسة الأرثوذكسيّة الاقتراب من الأنظمة والحكّام مع أنّه ليس ضروريًا أن يكون هذا الحاكم أو ذاك راضياً على بطريركها. ومن الأمثلة على ذلك أنّه كان للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد مرشّح لموقع البطريركيّة، إلا أنّ المطارنة الأرثوذكس نادوا بالبطريرك هزيم الذي أمضى فترة في لبنان ثم عاد إلى سوريا ولم يغيّر في نهج كنيسته وطائفته.
واليوم تُطرح أسئلة خطيرة حول مستقبل المسيحيّين في الشرق بعد كل ما تعرّضوا له في العراق، وبعد الخوف الكامن لدى الأقباط في مصر خصوصًا من حكم “الاخوان المسلمين” ومن الطريقة التي عوملوا بها سابقًا بشكل عام. وتتركز الانظار على مصير المسيحيّين في سوريا حيث تتصاعد الترجيحات بقرب سقوط الرئيس بشار الأسد، وحيث يتخوف الكثيرون من أن يدفع الحضور المسيحي السوري ثمن أيَّ تحكّم أصوليّ بالحكم العتيد في دمشق أو أقلّه في خلال فترة انتقاليّة قد تشهد عنفًا أو فوضى هائلين.
ومن المعروف عن شريحة عريضة بين المسيحيّين في سوريا ارتياحها إلى الحكم البعثي القائم، وأنّها ستكون أقل خشيةً إذا ما وصل الى الحكم السوري العتيد معتدلون. من هنا يترقّب الكثيرون الرسالة التي سيحملها البطريرك المقبل للروم الأرثوذكس سواء من حيث سيرته الكهنوتية والعامة أم من حيث مقدرته على مواكبة المرحلة الدقيقة في سوريا ولبنان والمنطقة.
ولهذه الطائفة مقرّان بطريركيّان، شتوي في دمشق وصيفي في البلمند، ولم يكن قد حسم بعد في أي منهما سيُنتخب البطريرك الجديد أو يحدّد موعد ذلك، إلا أنّ “الوكالة الوطنية للاعلام” أوردت خبرًا اليوم مفاده أنّ “قائمقام بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس المطران سابا إسبر دعا المجمع المقدّس لانتخاب خلف البطريرك الراحل إغناطيوس الرابع هزيم في دير البلمند الإثنين المقبل. هذا مع العلم أنّ للكنيسة الأرثوذكسيّة 20 أبرشية، 6 منها في سوريا و6 في لبنان و8 في دول الانتشار، وتتألف الهيئة الناخبة من 20 مطرانًا فيما الوكيل البطريركي في دمشق لا يحق له أن يترشّح أو يَنتخب.
وفي هذا الاطار، تقول شخصيّة أرثوذكسيّة رفيعة، لموقع “NOW”، إنّه قد يتعذّر على مطرانين أن يشاركا في انتخاب بطريركهما الجديد لكونهما موجودَين في دول الانتشار وهما طاعنان في السن، كما أنّ 3 مطارنة عُيّنوا حديثًا ولم يمض على ترؤسهم لأبرشيّاتهم 5 سنوات كي يُسمح لهم بالترشّح. وبناء على ذلك، تُلفت إلى أنّه “يحق لحوالي 15 مطرانًا أن يترشحوا لهذا الموقع الكنسي، وهم بالفعل جميعهم مرشّح”، مشيرة إلى أنّ عددًا من الاجتماعات في الساعات الأخيرة لم تفضِ إلى تكوين مجموعة قادرة على ترجيح الدفة لأيّ من المرشّحين المحتملين. وتوضح هذه الشخصيّة أنّ مطران جبل لبنان (جورج خضر) لم يعبّر عن رغبته بالترشّح إلا إذا ارتأت أكثريّة المطارنة خلاف ذلك.
وتلفت هذه الشخصيّة إلى أنّه لم تَرشَح حتى الساعة إشارات واضحة من كواليس الكنيسة الأرثوذكسيّة عن الانتخابات والمرشّحين، إلا أنّ بعض المعطيات تفيد أنّه قد تُحصر المعركة بين مطران حوران سابا إسبر، ومطران حلب بولس اليازجي، ومطران صيدا وصور الياس الكفوري.
هذا وتجدر الاشارة إلى أنّه يحق لكل مطران في الدورة الانتخابية الأولى أن يرشّح 3 مطارنة لمنصب البطريرك وإذا حظي أحدهم بالثلثين ينادى به بطريركًا وإلا فإنّ الدورة الثانية ستنحصر بالمرشّحين اللذين يكونان نالا أعلى نسبة من الأصوات في الدورة الأولى فيُحسم الانتخاب بالمناداة على من يحوز الرقم الأعلى من الأصوات بأقل من 24 ساعة.
طائرات الأسد تقصف مسرابة بالقنابل الفسفورية
الجيش الحر يقتحم كلية عسكرية بحلب
اقتحم الجيش السوري الحر كلية الشؤون الإدارية العسكرية بحلب، بينما قصف جيش النظام الحاكم بلدة مسرابا في ريف دمشق، في حين دعا ناشطون إلى مظاهرت اليوم في سوريا تحت شعار “لا إرهاب إلا إرهاب الأسد”.
وأظهرت صور مباشرة بثتها الجزيرة لعملية الاقتحام ظهر فيها المسلحون التابعون للجيش الحر وهم يمشطون الكلية التي تبعد حوالي 15 كلم من مدينة حلب. وقال ناطق عسكري باسم لواء صقور الشام للجزيرة إن العملية بدأت مع ساعات الصباح الباكر.
وتكمن أهمية الكلية في أنها كانت تتم فيها كل الأرشفة الخاصة بالجيش بالمنطقة الشمالية، وتمثل منطلقا للعمليات في ريف حلب للنظام الحاكم خلال المرحلة السابقة، وفق ما ذكره مدير المكتب الإعلامي لواء داود حسام السرميني.
من جهة أخرى قال ناشطون إن الجيش الحر يعزز سيطرته على مدرسة المشاة بحلب التي يحاصرها منذ أيام، وذكر عضو الهيئة العامة للثورة محمد سعيد للجزيرة إن “الحر” حقق تقدما ملحوظا بالسيطرة على المدرسة، مشيرا إلى أن قواته أسرت أربعين من جيش الأسد.
قصف مسرابا
في غضون ذلك أفاد ناشطون أن الطائرات الحكومية قصفت بلدة مسرابا في ريف دمشق، وأضاف الناشطون أن الطائرات نفذت خمس غارات جوية ألقت فيها على البلدة قنابل فراغية وفسفورية.
وقد أسفر القصف عن نشوب حرائق كبيرة وانتشار سحب واسعة من الدخان الأبيض، وتشهد كل من مسرابا وحرستا وعربِين ومَديَرا بالغوطة الشرقية قصفا مستمرا منذ أسبوعين أدى إلى دمار واسع ونزوح معظم سكانها.
من جهة أخرى قال ناشطون إن عددا من الأشخاص قتلوا وأصيب آخرون في قصف قوات النظام بلدة صوران بحماة.
وفي تسيل بدرعا سقط عدد آخر من القتلى والجرحى بقصف استهدف وسط البلدة، وحصلت الجزيرة على صور للمجزرة لكنها تمتنع عن بثها لما تتضمنه من مشاهد مروعة.
وكان 159 قتيلا سقطوا أمس بنيران قوات الأسد وفي تفجيرات بسيارات مفخخة، معظمهم قتلوا بدمشق وريفها وحلب وإدلب.
ودارت اشتباكات عنيفة بين الجيش الحر وقوات الحكومة بشارع الثلاثين قرب مخيم اليرموك وحي الحجر الأسود وعدة مناطق جنوب دمشق، كما وقعت اشتباكات بأحياء دف الشوك وبرزة والبساتين المحيطة بالحي، وأيضا في القابون وتشرين وبساتين كفر سوسة.
كما بث الناشطون صورا لما قالوا إنه تجدد القصف الجوي على عدد من مدن وبلدات الريف الدمشقي، بينها كفربطنا وسقبا وحران العواميد، وأفادوا بأن الجيش الحر صد محاولة اقتحام لقوات الأسد في عربين بالغوطة الشرقية.
وأفاد ناشطون بأن سرايا الحسن والحسين سيطرت على حواجز للجيش الحكومي بين بلدتي ببيلا ويلدا بعد حصار استمر أكثر من شهر بريف دمشق.
الائتلاف السوري: لا حاجة لقوات دولية
أكد الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أن الشعب السوري لم يعد بحاجة إلى تدخل قوات دولية للإطاحة بنظام بشار الأسد خاصة مع تقدم مقاتلي المعارضة نحو وسط العاصمة دمشق، يتزامن ذلك مع تصريحات روسية ومن قبل حلف شمال الأطلسي (ناتو) أجمعت على قرب انهيار النظام السوري وأنه يفقد السيطرة على البلاد تدريجيا.
فقد أكد رئيس الائتلاف الوطني السوري أحمد معاذ الخطيب أن الشعب السوري لم يعد بحاجة إلى تدخل قوات دولية بسوريا، خاصة مع تقدم مقاتلي المعارضة نحو وسط دمشق، مشيرا إلى أن المعارضة لن تعطي أي ضمانات للأسد إلى أن ترى عرضا جادا لحل الأزمة.
وقال الخطيب إنه يأمل أن يدرك الأسد أنه ليس له دور في سوريا أو في حياة الشعب السوري وأن الأفضل له أن يتنحى. وحمل قوى عالمية وإقليمية المسؤولية عن صعود من سمّاهم المتشددين الإسلاميين في سوريا، وقال إن تقاعس العالم عن منع قوات الأسد من قتل محتجين مسالمين منذ مارس/آذار 2011 هو السبب الأساسي.
خروج الأسد
ومع احتدام القتال في العاصمة قرب قصر الأسد وتحقيق المعارضة مكاسب سريعة في أنحاء البلاد، قال الخطيب إنه ربما لا يزال من الممكن التفاوض بشأن خروج الأسد. وقال إن هناك وعودا بتقديم مساعدة عسكرية للمعارضة، “لكن الشعب السوري سيقتلع النظام حتى بيديه العاريتين”.
وخص الخطيب روسيا بالذكر قائلا إنه يعتقد أن الروس أفاقوا ويشعرون بأنهم ورطوا أنفسهم مع النظام السوري “لكنهم لا يعلمون كيف يخرجون”.
ورسم الخطيب سيناريوهات لسقوط الأسد، أولها أن يختار القتال حتى النهاية، والثاني هو أن يحدث شيء داخل النظام نفسه، إما انقسام أو تغيير من الداخل. وقال إن هذا يمكن أن يمنع إراقة المزيد من الدماء. والخيار الثالث أن يخرج الأسد من خلال مفاوضات.
في سياق متصل، ذكر نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل باغدانوف أن النظام السوري يفقد السيطرة على البلاد أكثر فأكثر، ولم يستبعد احتمال انتصار المعارضة.
ونقلت قناة روسيا اليوم عن باغدانوف قوله الخميس -في كلمة ألقاها أمام الغرفة الاجتماعية الروسية- “يجب النظر إلى الوقائع، النظام والحكومة يفقدان السيطرة على البلاد أكثر فأكثر”.
وقد رحبت الولايات المتحدة بتصريحات نائب وزير الخارجية الروسي، ودعت موسكو إلى العمل سويا لتحقيق انتقال سياسي سلس في البلاد.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند -في لقاء صحفي- “نريد من روسيا أن تقر أخيرا بأن أيام النظام السوري باتت معدودة”.
الدعم الروسي
وأضافت “بإمكان روسيا أن تسحب دعمها للنظام السوري.. كما أنها تستطيع مساعدتنا للتعرف على مسؤولين داخل سوريا لديهم الرغبة في العمل في إطار مرحلة انتقالية”.
وأكدت المسؤولة الأميركية أن العمل مع موسكو سيكون من خلال قناة الإبراهيمي -بيرنز- بوغدانوف لاستكمال ما وضع في إعلان جنيف.
من جهته، أكد نائب قائد الجيش السوري الحر العقيد مالك الكردي تراجع قوى النظام في دمشق وقال -في تصريح للجزيرة- “إن النظام أصبح يفقد السيطرة تدريجيا على البلاد.. والجيش الحر أصبح بوضع متقدم عما كان عليه سابقا.. ويكاد يحكم السيطرة بشكل كامل على سوريا وعلى دمشق بشكل خاص”.
كما أعرب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندرس فوغ راسموسن الخميس عن اعتقاده بأن حكومة الرئيس السوري بشار الأسد توشك على الانهيار. ودان استخدام القوات السورية لصواريخ سكود في مهاجمة المعارضة المسلحة.
وقال راسموسن للصحفيين -بعد اجتماع مع رئيس الوزراء الهولندي مارك روت في مقر الحلف ببروكسل- “أعتقد أن النظام في دمشق يوشك على الانهيار.. أعتقد أنها أصبحت الآن مسألة وقت فحسب”.
“إلى الأبد”.. دولة الأسد وسخرية التاريخ
حسين جلعاد-حلب
“سوريا الأسد” شعار رفعه الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد منذ تسلمه قيادة البلاد، ثم آل إلى وريثه الرئيس الحالي بشار الأسد، وذلك من جملة ما أورثه إياه: الزعامة، والأجهزة الأمنية في البر والبحر والجو، وكذلك الشعب والدولة.
ولعل أكبر مفارقة ابتلعها “الثوريون الممانعون” و”المقاومون” أن عقيدة حزب البعث العربي الاشتراكي -العلماني بالضرورة- لا تجيز التوريث من حيث هي مبدئيا نظام قائم على الاختيار والانتخاب، لكن مصالح الدول الكبرى، وقبلها توازنات الإقليم -بما فيها إسرائيل- قد أجازت أن “السياسة فن الممكن”، وأن السيادة لمن غلب.
أربعون عاما ونيف قضاها نظام الأسد وهو يسوس السوريين بكل ما أمكن، بدءا من البطش والتشبيح، وانتهاء بمهرجانات الرقص الجماعي الممنهج والتي يحرص التلفزيون السوري على بثها بنفس الجدية التي يبث بها مهرجانات “الصمود والتصدي” وخطب الألف ساعة للزعيم الأوحد.
الشعار كان ولا يزال عماد الأنظمة الشمولية، لكنه في دولة البعث السوري أخذ بعدا شخصيا وعقائديا في الآن ذاته، فسوريا التاريخ والحضارة وأول أبجدية في التاريخ، اختصرت لتصبح “سورية الأسد”.
وكان السوريون يلقنون كل تلك الشعارات في منظمات حزبية مساندة تبدأ من رياض الأطفال وتستمر في المدرسة بجميع مراحلها، وصولا إلى الجامعة. ثم يتولى الإعلام المملوك للدولة -أو الأجهزة الأمنية- تكرار المعزوفة الموحدة ذاتها “إلى الأبد.. إلى الأبد.. يا حافظ الأسد”.
بزة وصورة
وفي عهد الرئيس الوريث ظل الوضع على حاله في التلقين، وظل “الأسد رمز الثورة العربية”، سوى أن الرئيس الابن أضاف لمسة شخصية أعاد فيها تفصيل البزة العسكرية وإطار الصورة المعلقة على الجدار، لتكون مناسبة لقياسه الشخصي.
ويروي العارفون هنا أن الرئيس بشار الأسد كان في بداية عهده يتودد للناس فيُرى متجولا في الأماكن العامة والشعبية، وحسب ما ينقل أحد الناشطين، فقد أبدى الرئيس الشاب في زيارة إلى حلب تهكمه حين رأى بعض المحجبات في مطعم كان يتناول الطعام فيه، وقال “ما هذا؟ هل نحن في قندهار؟”.
وأيا كانت مصداقية هذه الرواية التي تناقلها السوريون، فمن المؤكد أن “حكمة” الشعار لا تقف عند تفاصيل كهذه، ولهذا رأينا أن الشعار الأشهر الذي رفعه نظام بشار الأسد هو “سوريا الله حاميها”، وهو ما توقف عنده كثيرون لجهة علمانية الدولة ورئيسها الجديد. فيما رآه بعض المحللين ذكاء سياسيا خارقا لتأكيد تحالفه الإيراني من جهة، وزواجه السني مع تجار حلب والشام من جهة أخرى.
أما سخرية التاريخ، فقد ظهرت في الشعارات أيضا، فبعد ما يزيد على أربعة عقود من حكم العائلة، كسر الثوار الجدد شعار دولة البعث باللغة ذاتها، ولكن بشعار مناقض تماما، لقد هتفوا في مظاهراتهم السلمية دفعة واحدة وإلى الأبد: “قائدنا للأبد.. سيدنا محمد”.
هنا يضحك التاريخ مقهقها، فالمفارقة الأشد سخرية أن عماد الثورة السورية كان ممن ولدوا في زمن الأسد الأب، ونضجوا وتبلور وعيهم في عهد الابن. ولعل الفشل الأقسى لدولة الحاكم الأوحد أن المتظاهرين السلميين أخذوا الشعار الجديد معهم إلى جبهات القتال، فصاروا يهتفون مع كل طلقة يتلقونها أو يطلقونها: “قائدنا للأبد.. سيدنا محمد”.
وهكذا كان فشل دولة القائد الأوحد مضاعفا، فالحزب الحاكم لم يفشل فقط في صياغة وعي موال له ولرئيسه، بل أنتج نقيضه، وأعطاه سلاحا لا ينكسر: التمرد والإيمان.
آراء الثوار
الثوار أنفسهم لهم آراء متباينة في التاريخ الشخصي والعام، لكنهم متفقون عموما على أن عجلة الزمن لن تعود إلى الوراء، فخلال لقاءاتنا مع ثوار مقاتلين ونشطاء مدنيين سمعناهم يعلنون أن عيدهم الأكبر هو يوم دخول القصر الجمهوري في العاصمة دمشق.
المقاتل طارق عبد القادر، شاب في أوائل الثلاثينيات، يضع على رأسه عصبة مكتوب عليها عبارة التوحيد “لا إله إلا الله”، مع ذلك لا يرى نفسه إنسانا متدينا، بل يقول “أنا ملتزم”.
وحين نسأله عن مظهره الملتحي، يقول إنه يتبع السنة النبوية، ثم يعيد السؤال منتقدا التركيز على أسلمة الثورة السورية بقوله “لماذا يخافون منا؟”. ويستطرد مقدما مقاربة خاصة لمفهوم الالتزام، فهو ابتداء شاب متحضر ومتعلم وخريج قسم التاريخ من إحدى الجامعات السورية.
ويقول إن “الإسلام دين التسامح. لدينا في الجيش الحر مسيحيون وعلويون. الدين المعاملة، أما العبادة فهي أمر مع الله عز وجل. المهم هو المعاملة. كيف يتعامل الناس مع بعضهم، ليس لدينا أي تعصب”.
وفي سياق قريب، يلخص المقاتل الشاب حسن عبد الهادي قضيته بالقول “نحن خارجون للشهادة”. وحين نسأله “ألا تخاف الطائرات وأنت لا تحمل سوى بندقية؟”، يهز رأسه مطرقا، ثم يقول “هناك خوف قليل، لكن حين تدق المعركة، ترتفع المعنويات. الله يعطيك القوة”.
مقاتل آخر هو نعسان مسعود (مواليد 1982) لا تعنيه التنظيرات كثيرا، فقد كان نجار بناء قبل الثورة، ويجيب على سؤالنا بقوله “أنا ما بعرف أحكي. أنا مقاتل. جاهدت في العراق. أنا طالب شهادة”.
من جهته يعتبر القائد الميداني أبو بصير اللاذقاني أن المقاتل يتوقع أن يلقى وجه ربه في كل لحظة، ويقول “لقد عشنا في الحياة جحيم الأسد، فماذا لو قتلنا في المعركة ولم يتقبلنا ربنا كشهداء! تخيل مدى الرعب والخسارة؟”. ويؤكد “لا بد أن تخلص النية والعمل”.
مليون سبب
أما الناشط “أ. س” فله منظور آخر، فهو يرى أن السوريين يحتاجون إلى عشر ثورات كي يتحرروا من إرث “بيت الأسد”، وقبل أن يشرح وجهة نظره يطلب منا أن لا نشير إلى اسمه الحقيقي، لأن له عائلة مكونة من أربع بنات وأمهم، ما زالوا خلف خطوط النار في حلب.
ويعرف هذا الناشط الأربعيني عن نفسه بأنه رسام كاريكاتير لكنه عمل محاسبا ليعيل أسرته، ونفهم منه أنه كان من أوائل المبادرين إلى المشاركة في المظاهرات السلمية في بداية الثورة “حين كانت مدينة حلب صامتة أمام رعب وتشبيح آل بري”.
يقول “أ. س” إنه لم يحمل السلاح وذلك خوفا على بناته من الانتقام، ويعتز بأنه من سكان حي صلاح الدين بحلب، والذي يصفه بأنه “بابا عمرو حلب” في إشارة إلى الحي الشهير بحمص الذي هدمه الجيش النظامي على رؤوس ساكنيه.
يعلل هذا الناشط حاجة الشعب السوري إلى عشر ثورات بكلمة واحدة “الفساد”. ويضيف “لقد زرع حافظ الأسد في كل بيت سوري بذرة الفساد”، ويتابع “لهذا أركز في رسوماتي الآن على سلبيات الثورة، أعري المتسلقين والانتهازيين، وتجار الثورات”. ويقول بحزن “حافظ الأسد نخر ضمائرنا.. هناك مليون سبب لمليون ثورة”.
واشنطن تنشر باتريوت وجنودا بحدود سوريا
أبوظبي – سكاي نيوز عربية
أعلن مسؤول أميركي أن الولايات المتحدة ستنشر بطاريتي صواريخ باتريوت و400 جندي في تركيا من أجل تعزيز دفاعات هذا البلد الحليف بينما يزداد عنف المواجهات في النزاع الدائر في سوريا.
ووقع وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا الأمر الرسمي بالانتشار قبل أن تهبط طائرته الجمعة في قاعدة إنجرليك في جنوب تركيا، حسبما أعلن المتحدث باسمه جورج ليتل أمام صحفيين يرافقون الوزير في رحلته، موضحا أنه “يتوقع نشرهم في الأسابيع المقبلة”.
وتابع ليتل أن تركيا “حليف مقرب” وأن الإدارة الأميركية مستعدة للمساهمة في الدفاع عن أراضيها ضمن الحلف الأطلسي.
سوريا.. 50 قتيلا وقصف جنوبي دمشق
أبوظبي – سكاي نيوز عربية
قتل 50 شخصا باشتباكات في مناطق مختلفة من سوريا الجمعة، في وقت ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان أن الجيش السوري يقصف الأحياء الجنوبية للعاصمة دمشق التي شهدت الخميس تفجيرين بسيارتين مفخختين.
وقال المرصد، الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له، إن “عدة انفجارات دوت في دمشق بسبب عمليات قصف على المناطق الجنوبية لدمشق”.
وشهد مخيم اليرموك في العاصمة اشتباكات عنيفة بين الجيش السوري الحر وأفراد من جبهة تحرير فلسطين- القيادة العامة، التي تدعم الرئيس السوري.
وتعرض حي الليرمون في حلب إلى قصف عنيف براجمات الصواريخ والمدفعية، مثلما تعرضت بلدة صوران في حماة إلى قصف عنيف بعد استهداف الجيش الحر لحاجز للجيش الحكومي.
وتحدث ناشطون من دمشق عن سماع دوي انفجارات ضخمة في أرجاء العاصمة.
كما تعرضت محافظة درعا لحملة عسكرية من قبل الجيش الحكومي.
وقال ناشطون إن أكثر من مائة صاروخ سقطوا على بلدة طفس، ما تسبب بوقوع عدد كبير من الجرحى ودمار كبير في المنازل، كما استهدفت القوات الحكومية بلدة تسيل بالقذائف المدفعية، وسط معلومات عن انقطاع التيار الكهربائي. كما تعرضت منازل مدنيين إلى قصف مركز في بلدة معربة الواقع في ريف درعا.
وبث ناشطون صوراً لما قالوا إنها اشتباكات بين الجيشين الحكومي والحر في حي الوعر في حمص، فيما لم يتسن لنا التأكد من صحة المصدر.
من جهة أخرى تزيد الأوضاع الاقتصادية من الأزمة التي يعاني منها السوريين، إذ يواجه السكان شتاء قارسا مع تفاقم أزمة الوقود، وهي أزمة أدت إلى ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية ومنها الخبز، الذي وصل سعر الكيلوغرام الواحد منه إلى نحو 4 دولارات مقارنة بربع دولار قبل الأزمة، إضافة إلى أزمة أخرى تتمثل في توفير التدفئة ومواجهة انقطاع الكهرباء لساعات طويلة.
وبلغت حصيلة القتلى في سوريا، الخميس، 159 شخصا معظمهم في دمشق وريفها وحلب وإدلب، من بينهم 12 سيدة و19 طفلا، وفق الهيئة العامة للثورة السورية.
مساعدو الأسد يغادرون دمشق
أبوظبي – سكاي نيوز عربية
بدأ كبار داعمي نظام الرئيس السوري بشار الأسد بمغادرة العاصمة دمشق، باتجاه محافظات مطلة على ساحل البحر المتوسط تتميز بالأغلبية العلوية للإقامة بها، حسب موقع بوابة الأهرام الإلكتروني.
وأضافت صحيفة وولد تريبيون الأميركية، الجمعة، إن مصادر دبلوماسية رصدت قيام المئات من مسؤولي النظام السوري، بما في ذلك بعض مساعدي الأسد، بترحيل أسرهم إلى مدن الساحل السوري، بعد أن استشعروا أن العاصمة لم تعد محصنة ضد استحواذ المعارضة المسلحة عليها.
وأفادت المصادر بأن تحرك المدنيين في دمشق أصبح خطرا، وأن مسؤولي النظام السوري وعائلاتهم يشعرون بأنهم مراقبون من قبل المعارضة، مضيفة أن “المغادرة الجماعية” من دمشق بدأت منتصف العام الجاري، إلا أن خروج حلفاء الأسد، تسارعت وتيرته الشهر الماضي أعقاب القتال العنيف بين الجيشين السوري والحر.
ووفقا لمصادر دبلوماسية فإن أفراد عائلة الأسد بعيدون عن الأنظار منذ أشهر، ويسود الاعتقاد بأن قرينته وآخرين من أسرته، إما أن يكونوا خارج سوريا أو أنهم متواجدون بالقرب من ميناء طرطوس الذي تديره البحرية الروسية.
وأوضحت المصادر أن الأسد يعمل حاليا في القصر الرئاسي بجبل قاسيون المطل على العاصمة السورية تحت حماية صفوة من عناصر الحرس الجمهوري، غير أنه لم يعد يدير الحرب يوميا ضد المعارضة المسلحة.
هولاند: الحرب السورية تتحرك ضد مصلحة الأسد
بروكسل (14 كانون الأول/ديسمبر) وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء
عبر الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند عن قناعته بأن الحرب في سورية تتحرك ضد مصلحة الرئيس السوري بشار الأسد
جاء ذلك في تصريحات أدلى بها اليوم على هامش اليوم الثاني من القمة الأوروبية، المنعقدة حالياً في العاصمة البلجيكية ، وأضاف أن “ما يجب فعله حالياً هو العمل على جعل بشار الأسد يرحل بسرعة”، على حد قوله
وأشار هولاند الى أن الإئتلاف الوطني السوري المعارض أصبح الآن يتمتع بإعتراف الكثير من دول العالم بوصفه ممثلاً شرعياً للشعب السوري، لافتاً إلى أن بلاده، فرنسا، كانت أول دولة اعترفت بهذا الكيان المعارض
وتأتي تصريحات الرئيس الفرنسي في ظل الجدل القائم على الصعيد العالمي حالياً بشأن تغيرات محتملة في الموقف الروسي عقب ترجيح نائب رئيس الوزراء ميخائيل بوغدانوف، احتمال انتصار المعارضة السورية في المعركة
وقد بدت المصادر الأوروبية شديدة الحذر في التعامل مع هذا الأمر، “نحن مقتنعون بأن روسيا لن تغيّر موقفها ما لم تر تغيّراً واضحاً على الأرض”، حسب تصريحات أدلت بها مصادر مطلعة لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء الجمعة
وأشارت المصادر إلى أنها إستنتجت عقب التواصل مع بعثة الإتحاد في موسكو، أن الموقف الروسي لم يتغيّر من حيث المضمون
الرئيس الإيطالي: على مجلس الأمن الإتفاق لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية
روما (14 كانون الأول/ديسمبر) وكالة (آكي) الايطالية للأنباء
قال رئيس الجمهورية الايطالية جورجو نابوليتانو “إننا مع الشعب السوري في معاناته، والذي بعد أكثر من عام من القمع الوحشي والصراعات القاسية لم يتحرر بعد من الاضطهاد والخوف” وفق تعبيره
وفي خطابه بمناسبة تقديم التهاني لأعضاء السلك الدبلوماسي ذكّر الرئيس نابوليتانو بـ”بالإعتراف بالائتلاف الوطني للمعارضة السورية ممثلا شرعيا للشعب من قبل إيطاليا وكثير من الدول الأخرى”، كما أعرب عن “الأمل بأن يتعزز الإئتلاف ذاته بشكل أكبر من أجل إعداد سبيل سياسي للخروج من الصراع”، لكن “لأجل السلام والأمن في المنطقة لا غنى عن أن يتفق مجلس الأمن لإعطاء ختم الشرعية” حسب رأيه
وخلص الرئيس الإيطالي الى القول “على أية حال فإن إيطاليا الملتزمة بالفعل في مجال المساعدات الميدانية، لن تفوت فرصة لمساهمتها الملموسة على صعيد الجهود الدولية، من ناحية المساعدات الإنسانية” على حد تعبيره
مصور الحروب دون ماكولين يختتم مسيرته في سوريا
أفصح مصور الحروب البريطاني الشهير دون ماكولين عن الاسباب التي دفعته للسفر الى سوريا وتسجيل معاناتها، وذلك بعد تسعة أعوام من إعلانه اعتزال هذه المهنة.
وقضى ماكولين البالغ من العمر 77 عاما أسبوعا في مدينة حلب، حيث استهدف برصاص القناصة وهو يحاول التقاط بعض الصور لما يحدث من معارك.
وصرح ماكولين لبرنامج “فرونت رو”، الذي يذاع على اذاعة بي بي سي الرابعة أنه لم تكن أمامه أية أدلة على حقيقة ما يحدث في سوريا، ولذا قرر أن يخوض مغامرة اخيرة ويذهب الى هناك.
وأضاف أن هدفه من تلك الرحلة أن يظهر للعالم حجم الخسائر البشرية الناجمة عن هذا الصراع.
وتركز الصور، التي نشرت على صحيفة التايمز اللندنية يوم الخميس، على العائلات التي جرى تهجيرها جراء ما وصفه “بالقصف العنيف المستمر”.
وأظهرت إحدى الصور التي نشرت أعلى الصفحة مجموعة من الأطفال وهم يسعون للحصول على الماء في شوارع المدينة التي دمرتها الحرب.
وقال ماكولين “لسنا بحاجة لمشاهد أكثر من القناصة والثوار ممن يطلقون النار في اتجاه الجدران. كل ما نحتاجه الآن هو أن نبرز الجانب الإنساني من القصة.”
وتابع قائلا “لو أدرك الروس أن ضرائبهم التي يدفعونها تعمل على إنتاج هذه الأسلحة الفتاكة التي تقتل هؤلاء المدنيين الأبرياء هنا، لفكروا أكثر من مرة في انتخابهم هذه القيادة.”
“مشاهد مروعة”
وخلال مشواره المهني الطويل، صور ماكولين مناطق الاقتتال في فنزويلا ولبنان وقبرص، وقضى ما يقرب من 18 عاما من مشواره المهني في جبهات الحروب.
وكان قد أصيب بشظايا قذيفة هاون في كمبوديا، وبعمى مؤقت جراء تعرضه لغاز سي اس خلال تغطيته لأحداث الشغب التي وقعت في مدينة ديري بأيرلندا الشمالية، كما قبض عليه انصار عيدي أمين في أوغندا.
وبعد عودته من تغطية حرب العراق عام 2003، أعلن ماكولين عن نيته اعتزال مهنة تصوير الحروب والاستقرار في مقاطعة سومرست جنوب غرب إنجلترا.
ومن هناك وبعد متابعته للأحداث أسبوعا تلو الآخر، قرر ماكولين أن يذهب إلى سوريا.
وقال ماكولين “كنت أستيقظ كل صباح مع البزوغ الجميل للفجر، إلا أنني أتساءل ما إذا كنت أعيش في العالم الحقيقي نفسه الذي قدر لي أن أعيشه! فبالطبع، لا يسمح لي سني أن أقوم بما كنت أقوم به في شبابي، إلا أنه لا زال لدي فضول لمعرفة ما يدور في العالم.”
ووصف ماكولين المشاهد في حلب بأنها “مروعة”، حيث تصل أشلاء المصابين إلى المستشفيات، كما تلقى العائلات حتفها داخل بيوتها. ولأكثر من مرة، كان ماكولين في الصفوف الأمامية من المعارك.
وأضاف قائلا “عليك أن تأخذ بالاعتبار أنه لا يمكن لرجل في مثل سني أن يركض. فقد كنت وأنا في سن السابعة والسبعين وأنا أرتدي القميص الواقي مثل السلحفاة، لقد كنت هدفا سهلا للغاية.”
إلا أنه قلل من دوره في تغطية الصراع الدائر، وقال “لست إلا بمثابة حمامة زاجلة تنقل الرسالة إلى الوطن مرة أخرى.”
ووجد ماكولين أن المساعدات التي ترسل بها الدول الغربية إلى سوريا قليلة، وقال “لقد كانت الطريق خالية تماما من أية قوافل للمساعدات يمكن أن تكون في طريقها إلى تلك المدينة.”
وتابع “ذلك هو ما يزعجني، حيث إننا تعهدنا بتقديم كل أنواع الدعم والمساعدة، إلا أنه لا توجد مساعدات محسوسة تتجه إلى سوريا، فيما يتعلق بالمعونات الطبية والمساعدات.”
BBC © 2012
فيديو: مقاتلون سوريون سنة يحرقون مسجدا شيعيا
بيروت (رويترز) – أظهر شريط فيديو بث على الانترنت مقاتلو معارضة سوريون سنة يحرقون مسجدا للشيعة في شمال سوريا في اشارة على أن الحرب الأهلية في البلاد تتحول إلى صراع طائفي.
وأظهرت اللقطات عشرات المقاتلين الملتحين يرتدون ملابس مموهة يهنئون ويقبلون بعضهم خارج مسجد الحسينية الشيعية المحترق. كما حرقوا رايات يقولون إنها شيعية.
وقال مقاتل من المعارضة يحمل بندقية إن الجماعة المعارضة تدمر “أوكار الشيعة والرافضة”.
ولم يتسن لرويترز التحقق بشكل مستقل من صحة الشريط الذي بث على موقع يوتيوب يوم الأربعاء وورد انه صور في بلدة جسر الشغور في شمال سوريا.
ويغلب السنة على مقاتلي الانتفاضة السورية كما يشكلون غالبية السكان. وينتمي الرئيس بشار الأسد ووالده الراحل حافظ الأسد للأقلية العلوية الشيعية التي تهيمن على السلطة منذ الستينيات.
وتخشى الأقليات من سيطرة الاسلاميين ويحجم الكثير من المسيحيين والشيعة والأكراد عن مساندة انتفاضة مسلحة ينضوي تحت لوائها الكثير من الجماعات السنية المتشددة.
إعداد سها جادو للنشرة العربية – تحرير أميرة فهمي
القادة المحليين في سوريا
حسن حسن : كارنيغي
منذ انطلاق الانتفاضة ضد النظام في سورية، قبل نحو عامَين، لم تولَ الأهمّية اللازمة لدور القادة المحلّيين في المجتمعات المختلفة داخل البلاد. حالياً، يتألّف قادة المعارضة السياسية في معظمهم من سوريين يعيشون في الخارج أو أشخاص يدّعون أنهم يمثّلون مجتمعاتهم. وحتى الآن، ركّزت الجهود الآيلة إلى تشكيل هيئات مُعارِضة ذات صفة تمثيلية حقيقية، على تمثيل كل المجموعات الدينية والسياسية والاجتماعية. إلا أنّ مقاربة الأمور بحذر أكبر تقتضي مدّ اليد إلى القادة المحلّيين للمساعدة في الحفاظ على القانون والانضباط بعد سقوط النظام. وقد بدأت شخصيات محلّية مؤثِّرة في مجتمعاتها – سواء في المجموعات القبلية أو الإثنية أو الدينية أو في مجتمع التجار – تؤدّي دوراً يزداد أهمّية يوماً بعد يوم في تنظيم المجتمعات التي تنتمي إليها وتعبئتها استعداداً لمرحلة مابعد الانتفاضة. ومثال على ذلك محافظة دير الزور التي يطغى عليها الطابع القَبَلي في شرق سورية.
في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، استولى الثوّار في دير الزور على قاعدة حمدان الجوية، آخر معاقل نظام الأسد في منطقة البوكمال. ثم رصّ الثوّار في المنطقة صفوفهم وهاجموا قوّات النظام في منطقة الميادين. والآن يخضع الجزء الأكبر من المحافظة إلى سيطرتهم. وهم يعملون عن كثب مع القادة المحلّيين لإدارة المناطق هناك. وفي مطلع هذا الشهر، عقد سوريون من دير الزور مقيمون في الدوحة، اجتماعاً موسّعاً لمناقشة سبل تنسيق جهود الإغاثة في المحافظة – التي يموّلها مغتربون سوريون يعيشون في الخليج والأردن وتركيا – عن طريق أشخاص يمثّلون فعلاً المجتمعات التي ينتمون إليها. وكان الهدف تجنّب الخلافات التي غالباً ماتنجم عن المحسوبيات، وغياب التمثيل الصحيح، والخصومات القَبَلية.
وقد قُسِّمت المحافظة إلى أربع نقاط لتوزيع المساعدات: نقطتَين في مدينة دير الزور وريفها، ونقطة في الميادين، ورابعة في البوكمال. في البداية، لم يكن هناك تنسيق بين هذه المناطق، لكن عندما اشتدّت المعارك ضدّ النظام خلال الصيف، بدأ الثوّار على الأرض ينسّقون في مابينهم، وشعروا بالحاجة إلى توسيع هذا التعاون لينسحب على التمثيل السياسي. وقد أُنشِئَت هيكلية تمثيلية في الدوحة، لكن أعضاءها اتّفقوا على تأجيل انتخاب قائد لها من أجل تفادي الحساسيات المحلّية التي يمكن أن تنجم عن الخصومات القَبَلية والمناطقية. وقد نُصِح الأعضاء بالتواصل مع مجموعاتهم الاجتماعية الأصغر كي يؤمّنوا التمثيل المناسب لها. وأُنشِئت لجنة مستقلّة لمراقبة تسليم الموارد وتوزيعها، مع إعطاء الأولوية لعائلات ضحايا النزاع.
العُقيدات هي أكبر مجموعة قَبَلية في منطقة الجزيرة (التي تشكّل نحو 40 في المئة من البلاد وتضمّ محافظات دير الزور والحسكة والرقة)، إذ يزيد عدد أفرادها عن 1.5 مليون نسمة، وترتبط في شكل أساسي بالسعودية والكويت. توجّه عدد كبير من أبناء هذه المنطقة إلى الخليج، وأصبحوا مواطنين مجنَّسين في السعودية وقطر والبحرين والكويت، حتى أن بعضهم يشغل مناصب رفيعة في تلك البلدان. مع استمرار القمع الدموي في سورية، توطّدت أواصر الروابط القَبَلية. ومصدر الدعم الأساسي للثوّار في دير الزور هو من مواطنين خليجيين تجمعهم صلات بالقبائل السورية.
يقول حسين عبد اللطيف، العضور البارز في مجلس دير الزور في الدوحة الذي شهد تغيير جذري في الآونة الأخيرة: “لانتّخذ أي خطوة قبل التأكّد من أن كل المناطق ممثَّلة كما يجب. ينبغي أن يكون أعضاء المجلس ممثِّلين حقيقيين لمجتمعاتهم. نريد تجنّب التجربة السابقة عندما اختطف شخص واحد المجلس ونصّب نفسه ممثّلاً عن المحافظة بكاملها، إذ تسبّب ذلك بالكثير من الانقسام” .
بعد تفعيل التعاون والوساطة بين القادة المحلّيين، تحسّن كثيراً حكم المناطق التي يسيطر عليها الثوّار. لم تقع صدامات بين الفصائل المتناحرة المختلفة. فالمقاتلون يعملون معاً عن كثب في أجواء من الودّ والتعاون، وقد شكّلوا مجموعاتهم الخيرية الخاصة، كما يُمنَع العناصر من حمل السلاح في العلن تفادياً للاستفزازات. يُسيّر عددٌ من المقاتلين دوريّات لفرض الأمن، وغالباً مايستخدمون سيارات يتبرّع بها الناس. وقد احتفظ الثوّار بآليّات الإطفاء والإسعاف التي تركها النظام وراءه. يقول حسين عبد اللطيف إن أسعار المواد الغذائية والمحروقات تراجعت منذ تسلّم الثوّار إدارة المناطق، ولاسيما بفضل التبرّعات من الشبكات الداعمة لهم خارج البلاد وحظر الاحتكارات.
لولا جهود القادة المحلّيين، لما أمكَنَ بلوغ هذه الدرجة من التنسيق والانسجام، فقد أدّوا دوراً بنّاءً في الحفاظ على الانضباط منذ اندلاع الانتفاضة. عندما اندلعت الاحتجاجات المناهضة للنظام في آذار/مارس 2012، نشأت احتكاكات بين القبائل حول طريقة التعاطي مع الأحداث والمستجدّات. اصطف بعض قادة القبائل إلى جانب النظام، وعمدوا إلى تسليح رجالهم، لكن أمكَنَ لاحقاً تفادي الصدامات بفضل الوساطة التي قام بها شيوخ قبائل أخرى. لايزال هناك وجهاء يدعمون النظام، لكنهم يعيشون بسلام ولاسيما بفضل الدور الذي يؤدّيه قادة القبائل الذين يرفضون النزاعات الأهلية والتشنّجات بين المجموعات المختلفة. فالقادة المحلّيون ملتزمون بنشر الاستقرار في مناطقهم. يقول عبد اللطيف: “تتسلّم القبائل زمام الأمور على الأرض الآن [في غياب المؤسّسات الحكومية] للعمل على حلّ المشاكل والحفاظ على الانسجام الاجتماعي. صحيح أن الجيش السوري الحر والناشطين يقودون المعارك ضد النظام، لكنهم يتبعون عموماً القواعد التي تضعها قبائلهم”.
المجتمعات المحلّية في سورية قوية في الإجمال. وخلافاً للمعتقد، الجزء الأكبر من المجتمع السوري قَبَلي. وتتركّز القبائل في شكل خاص في منطقة الجزيرة، وفي الأرياف حول مدن مثل درعا وحمص وحلب، وبدرجة أقل في حماه ودمشق وحتى في معقل الدروز في السويدية. وفي المناطق الأخرى، تعيش أقلّيات دينية وإثنية في مجتمعات داخل السويدية والحسكة وحلب واللاذقية وطرطوس. حتى في مناطق التماس الطائفي حول حمص وحماه وطرطوس، حيث تقع القرى السنّية بمحاذاة القرى العلوية، اضطلع القادة المحليون بدور بنّاء في احتواء العنف في بداية الانتفاضة قبل أن يزيد النظام وميليشياته من حدّة القمع. في حين أن تنظيم المجتمعات الدينية والإثنية يختلف عن تنظيم المجتمعات القبلية، لايزال أعضاؤها يدينون بالولاء للقادة المحليين. لهؤلاء القادة نفوذ على جماعاتهم تماماً كما يمارس زعماء القبائل تأثيراً على قبائلهم. وقد استغلّ نظام الأسد تاريخياً هذه الديناميكيات لفرض سيطرته على هذه المجتمعات.
بقي القادة المحليون حتى الآن بعيدين عن الأضواء في معارضتهم للنظام، خوفاً من تعرّض المجموعات التي ينتمون إليها إلى الانتقام العشوائي. ففي دير الزور، لايزال بعض شيوخ القبائل يرفضون المجاهرة علناً بمعارضتهم للنظام. فهم يعتبرون أن هذا الإعلان لن يُفيد بشيء، كما أن النظام لايزال يمدّ المنطقة بالتيار الكهربائي والمحروقات. لكن عندما يسقط هذا الأخير، لاشك في أن هؤلاء القادة سينخرطون في السياسة بشكل فعال، وهم بدأوا يتنظّمون استعداداً لهذا السيناريو. خلال الاجتماع في الدوحة، كان هناك إجماع بين الحضور بأن المعارضة السياسية الحالية أهملت محافظة دير الزور على صعيدَي الاهتمام الإعلامي وأعمال الإغاثة. وقد جرى تشكيل فريق للتواصل مع الائتلاف الوطني المعارِض الذي أُنشئ حديثاً من أجل الحصول على الموارد، وكذلك مع المجالس السورية المحلية الموجودة في البلدان الأخرى.
التمثيل الحقيقي أساسي لإضفاء المصداقية والشرعية على المعارضة، وبالتالي لتثبيت دعائم الاستقرار في سورية بعد الانتفاضة. لقد انضم العديد من القادة الذين تجمعهم روابط قوية بالسوريين الموجودين داخل البلاد، إلى الائتلاف الوطني، ومنهم رئيسه معاذ الخطيب، الأمر الذي يساهم في الحدّ قليلاً من الاحتكار السابق الذي كانت تمارسه مجموعات ذات تمثيل ضئيل في المجتمع السوري، على المجلس الوطني. لكن لابد من القيام بخطوات إضافية. فعلى المعارضة السورية، والفاعلين في المجتمع المدني، والأسرة الدولية أن يمدّوا أيديهم إلى هؤلاء القادة المحلّيين، ليس بالضرورة من أجل ضمان التمثيل السياسي، بل بهدف تأمين الاستقرار بعد سقوط النظام.
حسن حسن كاتب في صحيفة “ذي ناشونال The National” الصادرة في الإمارات، يتحدّر من منطقة قَبَلية في شرق سوريا، وفي رصيده الكثير من الكتابات عن موضوع القبائل.
*تُرجم هذا المقال من اللغة الإنكليزية.
لبنان والأزمة السورية: تداعيات ومخاطر
مركز كارنيغي
ملخّص
يُعَدّ لبنان الأكثر عرضةً إلى التأثّر بتداعيات الأزمة السورية من بين الدول المجاورة كافة. فالدولة فيه ضعيفة والتوترات الطائفية على أشدّها والتحالفات السياسية الرئيسة اختارت اصفافاتها، فإما أيّدت نظام بشار الأسد وإما عارضته صراحةً. هذا وكان لبنان تأثّر بالمناوشات الطائفية، والاشتباكات الحدودية، والاغتيالات، وعمليات الخطف، وتدفّق اللاجئين إليه بأعداد كبيرة. ومع أن البلاد تفادت الانهيار حتى الآن، تواجه مخاطر على الأمد البعيد، ولذلك لابد من اتّخاذ خطوات طارئة لتعزيز الاستقرار.
الوضع الداخلي في لبنان
انقسمت الأحزاب السياسية حول تأييد نظام الأسد أو معارضته، وذلك منذ اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري في العام 2005.
يدعم حزب الله الأسد ولكنه يحرص على تفادي الصدامات الطائفية في لبنان.
تقدّم بعض المجموعات السنّية المساعدة المباشرة للثوار السوريين، إلا أن الأحزاب السنّية الرئيسة تحرص أيضاً على صون الاستقرار الداخلي.
على الرغم من تجنّب الاضطراب الداخلي، يمكن أن تشعل الأزمة السورية التوترات السنّية-الشيعية والاستياء السنّي من هيمنة حزب الله أكثر فأكثر، الأمر الذي من شأنه زعزعة الاستقرار في لبنان.
أعلنت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي موقفاً رسمياً يقوم على سياسة النأي بالنفس عن الصراع السوري، الأمر الذي مكّن الدولة من الوقوف في موقف وسطي.
يهدّد تدفّق اللاجئين السوريين إلى لبنان (الذي يأوي الآن أكثر من 120 ألف لاجئ مسجَّل وعشرات آلاف اللاجئين غير المعلنين) بزعزعة توازنه الهشّ.
يعتمد مصير حزب الله جزئياً على نتيجة الأزمة السورية. إذا هزم الثوار نظام الأسد، فسيكون على الحزب أن يعيد النظر في خياراته السياسية والاستراتيجية. أما إذا بقي النظام، فستتعزّز قوة الحزب.
توصيات
دعم الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي. هذه القوات تضطلع بدور مهم في ضبط الأزمة ولكنها تحتاج إلى مزيد من الدعم.
تعزيز الاستقرار عبر تشكيل حكومة وحدة وطنية أو حكومة تكنوقراط من غير السياسيين. لابد من توطيد شرعية الحكومة عبر التخفيف من هيمنة تحالف 8 آذار. قد يستمر رئيس الوزراء الحالي في منصبه، لكن يجب أن تشمل حكومة الوحدة الوطنية الجديدة تمثيلاً أوسع لكلٍّ من تحالف 14 آذار وتيار المستقبل. أما الوزراء التكنوقراط، فيكونون من ذوي الاختصاص من المحايدين وغير المتحالفين مع أيّ من الفريقَين.
تلبية احتياجات اللاجئين السوريين ذي الأعداد المتزايدة تلبيةً سريعة وفعّالة بمساعدة المجتمع الدولي. فضلاً عن الأهمية الإنسانية لهذه المسألة، يمكن الحدّ من التداعيات السياسية والاقتصادية والأمنية المحتملة لتدفّق اللاجئين إذا ما اعتُمِدَت استراتيجية أكثر صلابة لمعالجة هذا الموضوع.
إقرار قانون انتخاب عصري وإجراء انتخابات برلمانية في موعدها. ينبغي على الحكومة الحالية أو الحكومة الجديدة أن تقوم بهاتين الخطوتين بغية تجديد المؤسسات الديمقراطية في البلاد.
العلاقات المتداخلة بين سورية ولبنان
من بين جميع البلدان المجاورة لسورية، يعدّ لبنان البلد الأكثر عرضة إلى التداعيات الناجمة عن الصراع هناك. فالدولة ضعيفة، والعلاقات الطائفية مشحونة وقابلة للاشتعال بسهولة، والتحالفات السياسية الرئيسة في البلاد إما تدعم نظام بشار الأسد أو تعارضه. وقد صاحبت عملية الاصطفاف المحلية فترات من التوتّر أو الشلل السياسي. واندلعت جولات قصيرة من الاشتباكات المسلحة، ووقعَت عمليات اغتيال شخصيات مناهضة للنظام في دمشق، كان آخرها اغتيال رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللبناني، اللواء وسام الحسن، في 19 تشرين الأول/أكتوبر 2012.
ارتبط لبنان بسورية منذ العام 1976، ورسمت التحالفات المؤيّدة والمعارضة لنظام الأسد حدود السياسة اللبنانية منذ العام 2005. فاغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في شباط/فبراير 2005 أدّى إلى انتفاضة لبنانية ضد الوجود السوري في لبنان، وانسحاب القوات السورية في 26 نيسان/أبريل 2005. وكان قد برز تحالف مناهض لسورية في لبنان، تحت مسمّى تحالف قوى 14 آذار مكوّن من أحزاب سنيّة ومسيحية ودرزية. وكان التحالف مدعوماً من إدارة بوش وفرنسا والمملكة العربية السعودية ودول أخرى، وكان البعض داخل التحالف يأمل بأن تتّخذ الإدارة الأميركية خطوات لإضعاف نظام الأسد في دمشق، أو حتى إطاحته، كما حدث مع نظام صدام حسين في العراق. وفي الوقت نفسه، شكّل حلفاء سورية في لبنان، بقيادة حزب الله، تحالف قوى 8 آذار الذي يضم حركة أمل الشيعية وأحزاباً سنّية ومسيحية ودرزية وأحزاباً أخرى، والذي أيّد علناً نظام الأسد وحظي بدعم إيران وسورية.
نظراً إلى هذا التاريخ، عندما اندلعت الانتفاضة السورية في آذار/مارس 2011 واشتدّت حمأتها في الأشهر التالية، خشي معظم المراقبين داخل لبنان وخارجه من أن تنجرّ البلاد سريعاً إلى الصراع، بل قد تتمزّق بسببه. كانت الاصطفافات السياسية تعكس بشكل خطير خطوط المعركة بين مؤيّدي الأسد ومناهضيه داخل سورية. وألهبت الطبيعة الطائفية المتزايدة للصراع في سورية التوتّرات الطائفية الشديدة في لبنان بشكل مباشر، إذ تحرّك السنّة في لبنان لدعم الثوار فيما وقف حزب الله إلى جانب نظام الأسد.
وبالفعل، وقعت تداعيات كبيرة للصراع السوري في لبنان، تمثّلت في حدوث صراع طائفي في مدن طرابلس وصيدا وبيروت العاصمة، وبروز حالات من التطرّف، وفي موجة من عمليات الخطف والاشتباكات على طول أجزاء من الحدود اللبنانية-السورية، وتفاقم أزمة اللاجئين السوريين، والاغتيالات. وقد أدّى امتداد الصراع إلى تدهور الأمن والاستقرار في لبنان، وارتفاع حدّة التوتر السياسي، وتباطؤ الاقتصاد.
ولكن على الرغم من كل ذلك، تمكّن لبنان من تجنّب حدوث انهيار كبير. لكن البلاد قريبة من حافّة الهاوية. فالتوتّرات المذهبية (وخاصة بين السنّة والشيعة) في أعلى مستوياتها. كما أن شرعيّة الحكومة موضع تنازع من جانب شريحة واسعة من الشعب، ويتدهور الوضع الأمني في ظل زيادة التعبئة الطائفية وتزايد أعداد اللاجئين السوريين.
ويبقى السؤال مفتوحاً حول ما إذا كان في مقدور لبنان البقاء متماسكاً، إذا ما استمر الصراع السوري في الأشهر وربما السنوات المقبلة. إن مصادر عدم الاستقرار في لبنان كثيرة واحتمال امتداد الصراع السوري إليه وارد بقوة، لكن لدى لبنان أيضاً عناصر وآليّات لاستيعاب التوترات، جعلته ينجح حتى الآن في استيعاب الأزمة وتفادي الانهيار، وقد تساعده في ضبط مخاطر الفترة المضطربة في المستقبل. وعلى رغم احتمال أن تحافظ البلاد على الاستقرار – ولو كان هشّاً – في المدى القصير، لاتزال المخاطر الجديّة على المدى الطويل قائمة. وسيكون لتطوّرات الصراع ونتائجه في سورية تأثير كبير على الدولة اللبنانية وحزب الله والأطراف السياسية الأخرى.
مصادر عدم الاستقرار وامتداد الصراع
يعاني لبنان من مصادره الذاتية من عدم الاستقرار، وأتت الأزمة السورية لتزيد الحالة اللبنانية هشاشة وعرضة إلى التوتر.
الدولة الضعيفة
قد لايكون لبنان دولة فاشلة تماماً، لكن خلافاً للدولتين الجارتين لسورية، تركيا والأردن، الدولة فيه ليست ذات سيادة حقيقية. فهي لاتحتكر القوة داخل أراضيها ولا تسيطر بشكل كامل على حدودها. ويمثّل حزب الله القوة الأقوى في لبنان ولديه سيطرة أكبر على مسائل القوة العسكرية والحرب والسلام والحدود. إضافة إلى ذلك، كانت القوات السورية منتشرة بالكامل في لبنان بين عامي 1976 و2005، وهيمنت طوال معظم تلك الفترة على الشؤون السياسية والأمنية اللبنانية.
ومع ذلك، تلعب أجهزة الأمن التابعة للدولة اللبنانية دوراً مهماً في إدارة الأمن الداخلي، وكانت عنصراً أساسياً في الحفاظ على الاستقرار النسبي. بيد أنها أضعف من حزب الله من حيث إجمالي القوة النارية، ومتشابكة مع حالة الاصطفاف السياسي والطائفي في البلد. وتنظر معظم الطوائف إلى الجيش اللبناني، على سبيل المثال، بصورة إيجابية عموماً، بوصفه مؤسسة وطنية جامعة، بيد أن صورة جهاز مخابرات الجيش مثلاً مسيَّسة في نظر البعض بسبب قرب بعض قادته المزعوم من أحزاب 8 آذار. وينظر البعض أيضاً إلى مديرية الأمن العام، المسؤولة عن المعابر الحدودية والموانئ والمطارات والتأشيرات، بوصفها قريباً سياسياً من تحالف 8 آذار. وتؤدّي قوى الأمن الداخلي دوراً مهماً، لكن البعض يعتبرها قريبة جداً من فريق 14 آذار وتيار المستقبل تحديداً.
استياء الشارع السنّي من هيمنة حزب الله
ترتبط مخاطر عدم الاستقرار في لبنان بالتوتّرات المذهبية بين السنّة والشيعة واستياء السنّة من هيمنة حزب الله وسلاحه. الطائفتان السنية والشيعية متساويتان في الحجم تقريباً في لبنان، وهما متحالفتان مع القوّتين الإقليميتين المتنافستين المملكة العربية السعودية وإيران. وتعود مشاعر الاستياء السنّي الأخيرة إلى العام 2005 مع اغتيال الرئيس رفيق الحريري، إذ وُجِّهَت أصابع اتهام معظم الرأي العام السنّي إلى سورية وحليفها حزب الله، وهي الاتّهامات التي عزّزتها لوائح الاتهام الصادرة عن المحكمة الخاصة بلبنان. وقد أثار حزب الله المزيد من التوترات، في أيار/مايو 2008، عندما ردّ على قرارات اتّخذتها الحكومة، التي كان يترأسها فؤاد السنيورة (وزير المالية السابق والقيادي في تيار المستقبل)، باجتياح بيروت وإذلال مؤيّدي الحكومة والمجموعات السنّية المسلّحة في المدينة. كما جرت مناوشات واشتباكات محدودة في مناطق عدّة من جبل لبنان مع مناصري الزعيم الدرزي وليد جنبلاط. استاء الرأي العام السنّي مجدداً بعد ثلاث سنوات، في كانون الثاني/يناير 2011، عندما استقال كل وزراء حزب الله وحلفاؤه من الحكومة التي كان يترأسها سعد الحريري، نجل الرئيس رفيق الحريري الراحل، الأمر الذي أدّى إلى انهيار حكومته.
ورأى جمهور واسع من سنّة لبنان في الانتفاضة السورية فرصة ليس فقط لدعم أخوانهم السنّة كي ينتفضوا ضدّ النظام الذي همشهم وقمعهم، والذي يهيمن عليه العلويون، بل أيضاً فرصة لإسقاط القوة الإقليمية التي تقف وراء قوة حزب الله في لبنان. كما أدّى انتفاضة الشعوب ذات الأغلبية السنية ضدّ الأنظمة السلطوية في تونس وليبيا ومصر واليمن إلى إشعال طموحات السنّة في لبنان.
تداعيات الأزمة
لم تبدأ الانتفاضة السورية بقوّة مدوّية، بل باحتجاجات معزولة، ولم يتم إدراك أهميتها الكاملة في لبنان على مدى أشهر. وعندما بدأت الاحتجاجات في سورية في آذار/مارس 2011، كان لبنان منكفئاً على نفسه. وعلى الرغم من بعض الاحتجاجات في لبنان التي قامت بها جماعات المجتمع المدني والتي دعت إلى إجراء إصلاح جذري للنظام السياسي الطائفي في لبنان، ركّز معظم الساسة اللبنانيين على القضايا الداخلية، غير عابئين بما يسمى الربيع العربي، أو بالتأثير المحتمل للاحتجاجات التي بدأت في سورية على المدى الطويل.
في أعقاب انهيار حكومة سعد الحريري في الشهر الأول من 2011، وافق النائب ورئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي، الذي كان حليفاً لسعد الحريري في انتخابات 2009، على القيام بمهمة تشكيل حكومة جديدة. قوبل قرار الميقاتي بردود فعل غاضبة من الحريري وشرائح من الشارع السنّي، وبنظرة سلبية من قادة المملكة العربية السعودية.
حكومة ميقاتي وسياسة النأي بالنفس
عندما بدأت الاضطرابات السورية في آذار/مارس 2011، لم يكن ميقاتي قد شكّل حكومته بعد. كان غارقاً في المفاوضات السياسية مع حزب الله وحلفائه على الحقائب الوزارية من دون أن تلوح نهاية قريبة في الأفق. تزايدت ضغوط دمشق لتشكيل حكومة حليفة في لبنان، وحثّ حزب الله حلفائه، ولاسيّما التيار الوطني الحر المسيحي بزعامة ميشال عون، على تسهيل المحادثات مع ميقاتي. وأخيراً تمكّن الرئيس ميقاتي من إعلان تشكيل حكومة جديدة في 13 حزيران/يونيو تتّصف بأكثرية لمجموعة وزراء حزب الله وحلفائه، وثلث زائد واحد لوزراء تابعين لرئيس الحكومة ورئيس الجمهورية والزعيم وليد جنبلاط.
قوبلت الحكومة الجديدة بالترحيب في دمشق وطهران، لكن ليس في منطقة الخليج أو أوروبا أو الولايات المتحدة. ومع ذلك، كانت دول الخليج والدول الغربية في هذه المرحلة مهتمة بالتطورات الجارية في تونس ومصر وليبيا والبحرين واليمن وسورية أكثر من اهتمامها بما يجري في لبنان، فقبلت التغيير باعتباره أمراً واقعاً، وتعاملت مع حكومة ميقاتي الجديدة بوصفها الحكومة الشرعية في لبنان.
وإذا ما أمعنا النظر في ماجرى، ربما كان استبدال حكومة الحريري بأخرى يهيمن عليها تحالف 8 آذار المؤيد لسورية ضربة حظ مؤقّتة بالنسبة إلى استقرار لبنان، لأنها أخرجت الحكومة اللبنانية من مرمى النظام السوري المحاصر. فلو ظهرت الانتفاضة السورية عندما كان الرئيس الحريري لايزال على رأس الحكومة اللبنانية، ربما شجّع عداء النظام السوري للحريري وتحالف 14 آذار دمشق على إطلاق حملة أكثر حدّة لزعزعة الاستقرار في لبنان. وفي ظل وجود حكومتين متعاديتين في بيروت ودمشق، ربما كان وضع لبنان أسوأ كثيراً خلال الانتفاضة السورية. بدلاً من ذلك، لم تتمثّل سياسة دمشق في زعزعة استقرار حكومة تعتبرها في الحدّ الأدنى صديقة، بل في التركيز على استهداف أعدائها تحديداً أكانوا داخل مؤسسات الدولة أو خارجها.
في خلال الأشهر الأولى التي تلت تشكيل حكومته، نجح الرئيس ميقاتي في تخفيف حدّة التوتّر من خلال رفض لقب المؤيّد للنظام السوري واعلان سياسة رسمية تتبنى شعار “النأي بالنفس” عن الصراع السوري. وتمكّن أيضاً من تأمين تمويل لبناني للمحكمة الخاصة بلبنان، وهي القضية التي قسمت حكومة سلفه الحريري وساهمت في إسقاطها. ومع تصاعد الصراع في سورية، فضّل تحالف 14 آذار ومؤيدوه التريّث وانتظار تطور الأوضاع التي تسير في اتجاه إضعاف النظام السوري، وتجنّب تصعيد المواجهة السياسية في لبنان قبل تبلور معالم التغيير في سورية. في الوقت نفسه، كان تحالف 8 آذار حريصاً على إبقاء الحكومة التي كان يهيمن عليها واقفة على قدميها وخفض حدّة التوتّر في لبنان.
الاشتباكات الحدودية
مع ذلك، انتقلت شرارات الصراع في سورية إلى العديد من النواحي اللبنانية. فاندلعت أول اشتباكات في بعض الأجزاء من الحدود السورية اللبنانية في تشرين الأول/أكتوبر 2011. وقد تمثّلت الاشتباكات في الأساس بمطاردة قوات النظام السوري للجماعات المتمرّدة عبر الحدود أو بقصف القرى التي قدّمت الدعم لمقاتلي المعارضة السورية. وقعت هذه الهجمات بشكل رئيس في المنطقتين الحدوديتين في البقاع الشمالي وعكار، حيث الروابط بين الثوار السوريين وعدد من القرى والبلدات السنّية قوية. حاول الجيش اللبناني نشر قواته (التي تعاني بالفعل من تناقض بين الطلب على انتشارها في الجنوب وسائر المناطق اللبنانية من جهة، وبين إمكاناتها المحدودة من جهة أخرى) في هذه المناطق الحدودية لسببين: من أجل وقف تدفّق الأسلحة والدعم من لبنان إلى سورية، ومن أجل تجنّب عدم الاستقرار الذي سينجم عن تصعيد الضربات السورية على لبنان. وقد أيّد حزب الله أيضاً هذه السياسة التي انتهجها الجيش للأسباب نفسها. غير أن الجيش لايملك القدرة على الاضطلاع بهذه المهمة بشكل كامل. وبالتالي فقد تواصلت الحوادث والاشتباكات وازداد تواترها وشدتها.
تتفاعل جغرافيا الحدود اللبنانية مع ديناميكيات الصراع السوري بطرق عديدة. فقد كان نظام الأسد خلال الأحداث الأخيرة حريصاً على الإبقاء على ممرّ برّي بين العاصمة دمشق في جنوب غرب سورية وطرطوس على البحر المتوسط في شمال غرب سورية. وهذا هو السبب في أن كثيراً من المعارك في بداية الانتفاضة وقعت حول مدينة حمص، الواقعة إلى الشرق من طرطوس. وبالنظر إلى الصعوبات التي واجهها النظام السوري على طول هذا الطريق، توارد في أن حزب الله استكشف جسراً برّياً احتياطياً عبر الأراضي اللبنانية. يمتدّ الطريق البديل من سهل البقاع في لبنان عبر منطقتَي البقاع الشمالي والهرمل إلى منطقة غرب حمص، ومنها الى الساحل السوري وطرطوس. ويضمّ سهل البقاع الشمالي أغلبية شيعية كبيرة، وهو يخضع إلى هيمنة حزب الله منذ فترة طويلة.
يمكن للطريق البري الممتدّ من بيروت إلى دمشق أيضاً أن يكون طريق إمدادات استراتيجياً مهماً بالنسبة إلى العاصمة السورية، خصوصاً إذا مافَقَدَ النظام السيطرة على الأوتوسترادات الداخلية الاستراتيجية. وتساعد هيمنة حزب الله على بيروت والبقاع ونفوذه على الحكومة اللبنانية في طمأنة دمشق بأن في وسع بيروت الحفاظ على وظيفتها باعتبارها أقرب ميناء إلى دمشق وطريق إمدادات حيوي في حال كانت هناك حاجة ماسّة إلى ذلك.
تدفّق اللاجئين
حتى قبل الانتفاضة السورية، كان هناك مابين 300 و400 ألف سوري في لبنان يعمل معظمهم في وظائف ذات دخل منخفض في البناء والزراعة وقطاع الخدمات. بقي العديد من أسر هؤلاء العمال في سورية، وكان العمال يعودون إلى ديارهم في عطلة نهاية الأسبوع أو في أيام العطل. من الصعب الحصول على أرقام دقيقة وموثوق بها لأعداد السوريين في لبنان لأن السوريين لايحتاجون إلى تأشيرات دخول إلى لبنان، كما أن مديرية الأمن العام، المسؤولة عن تتبّع هذه الأرقام، لاتعلن عموماً عنها.
شهدت الانتفاضة السورية تدفّقاً من نوع آخر. بدأ أوائل اللاجئين السوريين يعبرون إلى لبنان في أيار/مايو 2011، هرباً من هجمات النظام السوري في بلدة تلكلخ وبحثاً عن ملاذ آمن في منطقة عكار. ازداد تدفّق اللاجئين بصورة مطّردة عندما فرّ السوريون من القتال الدائر في حمص وحماه وإدلب وحلب ودمشق في نهاية المطاف أيضاً. بحلول تشرين الثاني/نوفمبر 2012، كانت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) تساعد بالفعل أكثر من 120 ألف لاجئ حيث يتوقّع أن ترتفع الأرقام بصورة مطّردة. لكن هذه الأرقام تُغفل عشرات آلاف النازحين الآخرين الذين عبروا الحدود وأقاموا مع أصدقائهم أو أقاربهم، أو النازحين الذين يمتلكون الوسائل المالية فاستأجروا غرف الفنادق أو الشقق في جميع أنحاء البلاد وأعدّوا منازل مؤقتة لهم في لبنان. وقد عملت الحكومة اللبنانية بهدوء مع المفوضية العليا للاجئين في محاولة لمساعدة هؤلاء، لكنها كانت بطيئة في رفع هذه القضية على المستويين الوطني والدولي، خوفاً من إحراج النظام السوري. وفي بداية كانون الأول/ديسمبر من العام الجاري، أطلقت الحكومة أخيراً نداء على المستوى الدولي للحصول على مساعدات مالية بقيمة 178 مليون دولار لتلبية احتياجات اللاجئين.
أثّر عدد اللاجئين السوريين بالفعل في المجتمعات المحلية التي يقيمون فيها. ومع تدفق المزيد من اللاجئين إلى لبنان وحلول فصل الشتاء، فإن الوضع قد يشعل توتّرات محلية خطيرة. ففي المناطق ذات الغالبية الشيعية والتي يتم فيها استضافة اللاجئين السنّة أساساً، بقي الوضع حتى الآن هادئاً إلى حد كبير، لكن ثمة خطر في أن يتحوّل إلى نقطة اشتعال مع استمرار تصاعد التوترات الطائفية.
حتى الآن، ليس هناك سوى عدد ضئيل من السوريين النازحين في لبنان يحملون السلاح أو يشاركون مباشرة في التمرد المسلح، والقسم الأكبر منهم موجود في الشمال. الغالبية العظمى من اللاجئين المتبقين هم مدنيون منهكون فارّون من ظروف لاتطاق ويبحثون عن السلامة. ومع ذلك، إذا زاد عدد اللاجئين السوريين بصورة كبيرة، أو أصبحوا مسيّسين ومسلحين على نطاق أوسع، سيصبح وجودهم عامل عدم استقرار مثلما كان وجود اللاجئين الفلسطينيين في لبنان في سبعينيات القرن الماضي.
في الواقع، ثمّة خطر يتمثّل في احتمال أن تنجرّ مخيمات اللاجئين الفلسطينيين ذات الأغلبية السنّية، مثل عين الحلوة قرب صيدا والمخيمات الأخرى في بيروت وحولها، إلى التوتّرات الطائفية المتزايدة. تصرّ الحركتان الفلسطينيتان الرئيستان، فتح وحماس، على عدم التورط في الصراعات اللبنانية أو السورية، غير أن عدداً من الجماعات الإسلامية الموجودة في هذه المخيمات – مثل عصبة الأنصار وجند الشام – لها صلات جهادية متطرفة، ويمكن أن تنخرط بسهولة في القتال الطائفي.
انتفاضة الشمال
في أيار/مايو 2012، اهتزّ الهدوء النسبي الذي تمتّع به لبنان منذ بداية الانتفاضة السورية. ففي يوم 12 أيار/مايو، اعتقل مكتب الأمن العام، الذي يترأسه اللواء عباس إبراهيم، وهو ضابط يُعتبر مقرّب من حزب الله، الناشطَ السنّي الشاب المناهض لسورية، شادي مولوي، في مدينة طرابلس الشمالية. أدّى هذا الاعتقال إلى اندلاع احتجاجات صاخبة في المدينة وأجزاء أخرى من الشمال. أخذت الجماعات السلفية، التي لم يكن لها سوى عدد قليل من الأتباع في المدينة الشمالية لسنوات عديدة والتي تشجّعت بسبب التمويل المتدفّق من الخليج واستنفرت لدعم المتمردين في سورية، زمام المبادرة في النزول إلى الشوارع مسلّحة بالبنادق والشعارات المناهضة لحزب الله والأسد. وقد مثّلت الاحتجاجات الواسعة المسلحة التي تلت اعتقال مولوي تمرّداً سنّياً ضد قوة حزب الله والحكومة التي يهيمن عليها، وإعلاناً صريحاً عن تأييد الثورة السورية.
فشلت محاولة الجيش اللبناني لاستعادة النظام عندما أطلق جنود عند نقطة تفتيش تابعة للجيش في منطقة عكار الشمالية النار على موكب شيخ سنّي من المنطقة، ما أدّى إلى مقتله ومرافقه. أصبح يُنظر إلى الجيش، الذي يُعتبَر عموماً رمزاً للوحدة الوطنية وركيزة لاستقرار لبنان المحفوف بالمخاطر، بوصفه طرفاً غير محايد. ثم امتدّت اضطرابات الشمال إلى بيروت مؤقّتاً حيث قتل وأصيب العديد من الأشخاص في اشتباكات بين الجماعات المناهضة لسورية وتلك المؤيّدة لها. وفي مدينة صيدا في جنوب لبنان، أطلق الشيخ أحمد الأسير حركة احتجاج أيضاً لكنها غير مسلّحة عموماً، ضد هيمنة حزب الله ونظام الأسد.
عمليات الاختطاف والاعتقالات والاغتيالات
مع احتدام الأزمة في الشمال، تعرّض استقرار لبنان إلى ضربة من جهة أخرى يوم 22 أيار/مايو، عندما اختطف المتمردون السوريون في منطقة حلب أحد عشر لبنانياً من الطائفة الشيعية. كان اللبنانيون عائدين على ماقالوا من زيارة دينية في جنوب العراق، لكن المتمردين زعموا أنهم عناصر من حزب الله كانوا يساندون نظام الأسد. اتّسم ردّ فعل حزب الله على عملية الخطف بالهدوء، فعمد إلى سحب المتظاهرين الذين نزلوا في البداية الى الشوارع واعتمد على الحكومة كي تفاوض على إطلاق سراحهم.
تصاعدت عمليات الخطف في منتصف آب/أغسطس، عندما أدّت عملية خطف لبناني شيعي آخر في سورية إلى أن تخطف عشيرة المقداد، التي ينتمي إليها، أكثر من 30 سورياً في لبنان وأن تهدد مواطني البلدان التي تدعم الثوار السوريين. وقد حثّت دول مجلس التعاون الخليجي وتركيا رعاياها على مغادرة لبنان، لكن ليس قبل أن ينجح “الجناح العسكري لعشيرة آل المقداد”، كما أطلق على نفسه، في خطف رجل أعمال تركي شاب.
نأى حزب الله بنفسه عن ممارسات عشيرة المقداد. صحيح أنّه كان مستاءً بسبب استمرار اعتقال اللبنانيين الأحد عشر في سورية، لكنه لم يكن يرغب بالتأكيد في الوقوع في فخّ التصعيد. في أيلول/سبتمبر، حثّ حزب الله بهدوء الجيش اللبناني على ملاحقة مجموعة عشيرة المقداد في أجزاء من الضاحية الجنوبية ووادي البقاع، ما أدّى إلى الإفراج عن رجل الأعمال التركي وغيره من الأشخاص الذين كانت تحتجزهم العشيرة.
تبعت عمليات الخطف التي تمّت بدوافع سياسية موجة من جرائم الخطف بدوافع جنائية للحصول على فدية، فضلاً عن ارتفاع وتيرة عمليات الخطف والسطو والسرقات. ولذا ليس من المستغرب – في ظل استخدام أجهزة أمن الدولة كل قدراتها ومواردها، وتدهور الظروف الاجتماعية والاقتصادية، وارتفاع عدد اللاجئين الفارّين من القتال في سورية، حيث الكثير منهم في حاجة ماسّة، وبعضهم مسلح وخطير – أن ترتفع معدلات الخروج على القانون والإجرام.
اهتزّ النظام السياسي اللبناني أيضاً في آب/أغسطس 2012 بسبب اعتقال وزير الإعلام السابق ميشال سماحة. فقد ضُبِط سماحة، أقرب مستشار لبناني للرئيس بشار الأسد، وهو يهرّب متفجرات التي سلّمه إياها مدير الأمن السياسي، علي مملوك، لاستخدامها في هجمات في شمال لبنان. وبدا اعتقال سماحة مؤشراً على أن النظام السوري كان عازماً على معاقبة الشمال السنّي في لبنان، وأن شبكته الأمنية قد ضعفت إلى درجة اضطر معها لتهريب المتفجرات في سيارة وزير لبناني سابق. كما كان مؤشراً على أن النفوذ السوري في لبنان تراجع كثيراً إلى حدّ يجرؤ معه جهاز أمن لبناني على اعتقال شخص قريب من الأسد مثل سماحة. وكشف اعتقال سماحة أيضاً أن جهاز الأمن موضع السؤال، فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، لديه التكنولوجيا والقدرات والإرادة لتنفيذ العملية.
جاءت أكبر ضربة لاستقرار لبنان في 19 تشرين الأول/أكتوبر – وربما ردّاً على اعتقال سماحة – عندما أدّى انفجار سيارة ملغومة في حي الأشرفية المسيحي في بيروت إلى مقتل رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللبنانية اللواء وسام الحسن، ومرافقه وضحية مدنيّة. جرت عملية الاغتيال الأرفع مستوى منذ سنوات، في أعقاب محاولات اغتيال فاشلة ضد اثنين من قادة تحالف قوى 14 آذار المناهض لسورية سمير جعجع وبطرس حرب. وعلى الرغم من عدم توفّر أي دليل فوري، ألقى التحالف باللائمة في هذه الاغتيالات على النظام السوري.
ألهبت عملية الاغتيال الرأي العام من مؤيّدي تحالف 14 آذار وأوصلت لبنان مرة أخرى إلى حافّة الانهيار. اندلعت احتجاجات في أجزاء عديدة من البلاد، كما اندلعت اشتباكات مسلحة في طرابلس وكذلك في بيروت. طالب تحالف 14 آذار باستقالة رئيس الوزراء وحكومته على الفور، في حين حذّر رئيس الجمهورية وغيره من الزعماء السياسيين في لبنان من الفراغ السياسي الذي يمكن أن ينتج عن استقالة الحكومة. وندّدت القوى الدولية التي تدعم عادة تحالف 14 آذار بعملية الاغتيال، لكنها حذّرت من انهيار سريع للحكومة ومن حالة عدم اليقين وعدم الاستقرار السياسي التي ستعقب ذلك.
انحسرت الأزمة وتراجع لبنان مرة أخرى عن حافة الهاوية، لكن ليس من الواضح ما إذا كان في مقدور البلد النجاة من المزيد من هذه الأزمات.
حزب الله ودمشق
يستمر حزب الله في محاولة الابتعاد عن دائرة الضوء. فعندما أدرك أنه أُلقي القبض على سماحة بالجرم المشهود على مايبدو، اختار ألا يدافع عن حليف الأسد، بل البقاء هادئاً. سعى الحزب في الأشهر الأولى من الأزمة السورية إلى التقليل من شأن ارتباطه الفعلي بما يجري في سورية في سبيل البقاء بعيداً عن الأضواء والإبقاء على الهدوء الداخلي في لبنان. ولكن في تشرين الأول/أكتوبر 2012، بدأت التقارير تتزايد عن تورّط حزب الله في القتال في سورية. ففي القرى الشيعية اللبنانية، أقيمت العديد من الجنازات لمقاتلي حزب الله الذين دفنوا على أنهم “شهداء” من دون الإفصاح عن مزيد من المعلومات. وادّعى الثوار السوريون بأن رجال حزب الله كانوا يقاتلون جنباً إلى جنب مع قوات نظام الأسد.
قدّم زعيم حزب الله، السيد حسن نصر الله، تفسيراً للموقف في كلمة ألقاها في أوائل تشرين الأول/أكتوبر قائلاً إن حوالى عشرين بلدة لبنانية شيعية عبر الحدود في سورية تعرضت إلى هجوم من جانب الجيش السوري الحر. كان بعض السكان أعضاء في حزب الله وكانوا يدافعون عن بلداتهم وعائلاتهم. وتشير مصادر مقرّبة من حزب الله في لبنان إلى أن نظام الأسد طلب بالفعل من حزب الله تقديم دعم واسع له، لكن الحزب أرسل عدداً صغيراً فقط من المقاتلين بسبب حرصه على الابتعاد عن الأضواء في الصراع. ومع أنهما لايزالان حليفين استراتيجيين، يبدو أن هناك خلافاً طفيفاً بين دمشق وحزب الله، حيث كان بوسع الأسد الحصول على دعم أكثر علنية وقوة من حزب الله والحكومة التي نصّبها. رأت معظم قيادات حزب الله أنّ نظام الأسد يملك اليد العليا في القتال في سورية، وأنه ليست ثمة حاجة ملحّة للانخراط في الصراع بشكل أكبر، غير أن هناك بعض التكهنات التي تقول إنه إذا خسر نظام الأسد مدينة حلب، وتبعت ذلك معركة من أجل السيطرة على دمشق، فحزب الله قد يقوم بدور أقوى وأكثر مباشرة.
التباطؤ الاقتصادي
تسبّبت الأزمة السورية في تباطؤ اقتصادي في لبنان، ولكن لا في انهيار شامل، الأمر الذي ستكون له عواقب سياسية وربما أمنية واسعة لو حصل. فقد انخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 1 – 1.5 في المئة انخفاضاً من 4 – 5 في المئة في السنوات السابقة. وتراجعت السياحة بنسبة 50 في المئة في العام 2012، مقارنة مع العام 2011، وانخفضت الصادرات بنسبة 20 في المئة في العام 2012. وتضرّر قطاع السياحة بسبب عدم الاستقرار، وتضرّر أكثر بسبب موجة عمليات الخطف التي أفزعت السياح الخليجيين الذين ينفقون كثيراً وجعلتهم ينصرفون عن لبنان. وقد عوّض تدفّق بعض السوريين الذين يملكون الموارد المالية هذه الخسارة جزئياً. واضطرّت مئات الشركات لإغلاق أبوابها، ما أضاف الآلاف إلى صفوف العاطلين عن العمل. وتضرّرت الصادرات اللبنانية بسبب إغلاق الطرق البرية عبر سورية والتي كانت ذات أهمية خاصة لنقل البضائع إلى تركيا والعراق والأردن، لكن أرباب الصناعة تكيّفوا مع الوضع باستخدام الطرق البحرية، على رغم أنها تزيد في تكاليف النقل.
كما واجه القطاع المصرفي، الذي يعتبر العمود الفقري للاقتصاد اللبناني، تحدّيات خطيرة. فالقطاع لديه ودائع تبلغ نحو 120 مليار دولار، أي مايقرب من 250 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويوفّر حجر الأساس للثقة في الاقتصاد. لكن البنوك لديها 42 مليار دولار في شكل قروض للقطاع الخاص – بعض المستفيدين من هذه الأموال تأخروا في سدادها خلال الأزمة الحالية – ولديها نحو 30 مليار دولار من القروض على القطاع العام. وتشعر المصارف اللبنانية بقلق شديد أيضاً بشأن الإجراءات التي يمكن أن تتّخذها وزارة الخزانة الأميركية نظراً إلى الحملة التي تشنها واشنطن ضد مصادر تمويل حزب الله، وفرض عقوبات دولية على إيران، والعقوبات الأميركية ضد سورية. في شباط/فبراير 2011 اتّهمت وزارة الخزانة الأميركية أحد البنوك اللبنانية الرائدة (البنك اللبناني الكندي) بغسل الأموال والتورط في الاتّجار بالمخدرات وتمويل حزب الله. ويخشى المصرفيون اللبنانيون من أن تُستهدف المصارف اللبنانية مرة أخرى. فأي مساس جدّي بالمصارف اللبنانية قد يكسر العمود الفقري للاقتصاد اللبناني، وسيؤدي إلى أزمة حادّة في إدارة الدين العام وتمويل نمو القطاع الخاص.
ومع ذلك، حالت التحويلات الكبيرة من أكثر من نصف مليون لبناني يعملون في الخارج، وطبيعة القطاع الخاص الذي يجيد استيعاب وتحدّي الصدمات السياسية والأمنية، والقطاع المصرفي المرسمل بشكل كبير، حتى الآن، دون انهيار الاقتصاد.
دور الأطراف الخارجية
من الواضح أن النظام السوري مارس ضغطاً كبيراً على الحكومة اللبنانية. ومع أن دمشق غير راضية عن سياسة “النأي بالنفس” التي اتبعها الرئيس ميقاتي، فقد كانت راضية بمعارضة لبنان، أو على الأقل امتناعه عن التصويت، في مؤتمرات القمة الإقليمية والدولية المتعلقة بسورية. ونجحت الحكومة السورية أيضاً في إقناع القوى الأمنية التابعة للحكومة اللبنانية باتّخاذ إجراءات ضد بعض المتعاطفين مع الثورة السورية والمناهضين للنظام. وحثّت دمشق الحكومة اللبنانية أيضاً على وضع حدّ لعمليات تهريب الأسلحة المحتملة من لبنان إلى سورية، وتحسين مراقبة حدودها. التزمت الحكومة اللبنانية في بعض الأحيان بذلك، حيث جرى اعتراض السفينة “لطف الله 2″، التي كانت ترسو في ميناء طرابلس في نيسان/أبريل 2012 وتحمل على مايبدو أسلحة إلى الثوار السوريين. كما كثّفت الدوريات على طول الحدود.
ومع ذلك، لايزال من السهل اختراق الحدود، حيث استمرت الغارات وعمليات القصف والقنص السورية على البلدات الحدودية اللبنانية. ومن غير المرجح أن تصعّد سورية هذه الغارات عبر الحدود وتحوّلها إلى عمليات أكبر لأنها لاترغب في زعزعة استقرار الحكومة الصديقة في بيروت. بيد أن من المرجح أن تستمر في شنّ هجمات لمعاقبة المدن والقرى التي ترى أنها توفّر العون للثوار.
وبالطبع اعتمد المتمردون السوريون أيضاً على حلفاء في لبنان لمساعدتهم. ومع أن تركيا لاتزال قاعدة الدعم الرئيسة لهم، لجأوا أيضاً إلى لبنان طلباً للإغاثة الإنسانية والدعم اللوجستي. ومن الطبيعي أن جزءاً من هذا حدث بسبب العلاقات العشائرية وصلات القرابة بين المدن والقرى عبر الحدود الشمالية، وأدّت الجماعات الإسلامية المتواجدة في شمال سورية وشمال لبنان دوراً بارزاً في ذلك. ومع هذا، فإن حجم الدعم الفعلي الذي يمكن توفيره من شمال لبنان محدود لأن القوى الأمنية اللبنانية والسورية تتعاون في محاولة للإبقاء على مثل هذه التعاملات في حدودها الدنيا.
يمرّ معظم الدعم السعودي والقطري للثوار السوريين عبر تركيا، وهو يتم بالتعاون مع أنقرة. ولعل دول الخليج تدرك أن الوضع في لبنان غير مستقر بما فيه الكفاية لكي يكون قاعدة دعم رئيسة للثوار، وأن الحكومة اللبنانية وحزب الله على وجه الخصوص يمكن أن يعملا لعرقلة محاولات الدعم. ومع ذلك، ثمّة تقارير تفيد بأن الأموال الخليجية، سواء الخاصة أو العامة، تصل إلى الجماعات الإسلامية والسلفية في لبنان المستعدّة لمساعدة الثوار السوريين.
من المثير للاهتمام أن السيناتور الجمهوري الأميركي جون ماكين والسيناتور المستقل جو ليبرمان قاما بزيارات إلى لبنان ليعلنا بصوت عال دعمهما لمقاتلي المعارضة السورية، وقد تم ذلك في حالة ليبرمان من منطقة وادي خالد اللبنانية الشمالية الحدودية. لكن إدارة أوباما عموماً نصحت بالهدوء، مفضّلة الحفاظ على استقرار لبنان وإبقائه بعيداً عن المواجهة في البلد الجار. وقد دافعت دول الاتحاد الأوروبي أيضاً عن سياسة النأي بالنفس.
في الواقع، وخلافاً لما حدث بين عامي 2005 و2008، نصحت الدول الغربية المؤيدة لتحالف 14 آذار بتسوية الخلافات وليس المواجهة في لبنان. وعلى الرغم من التوترات التي تغلي في لبنان، والموقف السعودي الأكثر حدة، فقد كان الموقف الغربي عنصراً هاماً في الاستقرار الهش الذي صمد أمام التقلّبات حتى الآن. في المستقبل، يمكن أن تتغيّر هذه النصيحة الخارجية لصالح التشجيع على بدء مواجهة سياسية مع حزب الله، يمكن أن تتدهور بسرعة إلى مصادمات خطيرة.
آليات التكيّف في لبنان
لقد كانت مفاجأة للكثيرين، حتى في البلد نفسه، أن بوسع لبنان – الذي خضع إلى هيمنة سورية لأكثر من أربعين عاماً – الحفاظ على استقرار وهدوء نسبيين خلال أول 20 شهراً من الاقتتال في سورية. وهذه ليست مجرّد نتيجة سياسات معيّنة – كسياسة “النأي بالنفس” مثلاً – ولكن بسبب عوامل بنيوية أخرى.
أولاً، على عكس البلدان العربية الأخرى في بداية انتفاضات العام 2011، كان النظام السياسي اللبناني ديموقراطياً أساساً، ويقوم على المشاركة الواسعة في السلطة، ويكفل للمواطنين اللبنانيين هامشاً واسعاً من الحرية والمشاركة والتحرّر من القمع. وعلى الرغم من وجود بعض الاستياء من أوجه القصور الكثيرة في النظام السياسي، والخلاف الكبير حول قضية سلاح حزب الله، والخلاف على تمثيل الحكومات المتعاقبة في لبنان، لم يكن لدى أي جماعة، وليس لديها الآن، التزام ثوري بإسقاط النظام الدستوري الأساسي.
ثانياً، مرّ لبنان بالفعل بحرب أهلية طويلة ودموية. وليست لدى القادة والمواطنين – الذين كانت لدى بعضهم شهية للصراع في العام 1975، عندما بدأت الحرب الأهلية – رغبة للاندفاع في صراع آخر من هذا القبيل. ولكن إذا استمر الصراع السوري لفترة أطول وتصاعدت التوترات الطائفية أكثر مما هي عليه الآن، فهذه المناعة النسبية تجاه الصراع قد تنهار.
ثالثاً، تتحوّل الاشتباكات بين السنّة والعلويين في سورية إلى اشتباكات بين السنّة والعلويين داخل لبنان ولكن ليس إلى اشتباكات مباشرة بين السنة والشيعة. ويشكّل العلويون اللبنانيون، ويُقدَّر عددهم بحوالى مئة وعشرين ألفاً، نسبةً صغيرة جداً من سكان لبنان، وهم موجودون في طرابلس وعكار فقط. ونتيجة لذلك، فقد ظلت هذه الاشتباكات محلية الطابع. وإذا ماتصاعدت الاشتباكات بين السنّة والشيعة، فستكون أوسع نطاقاً بكثير. وعلى الرغم من تحالفهما غير المباشر من خلال نظام الأسد، فإن لدى الطائفتين العلوية والشيعية تاريخاً وهوية متمايزين، والاقتتال الطائفي في أحد المحاور لايتحول تلقائياً إلى محور آخر.
رابعاً، يمتلك حزب الله تفوّقاً مسلحاً ساحقاً في لبنان إلى الحدّ الذي يثني خصومه السياسيين عن تحدّيه مباشرة من خلال قوة السلاح. التمرد السنّي المسلح في الشمال بعيد عن متناول حزب الله في حين كانت الاشتباكات في بيروت، حيث يتواجد حزب الله بشكل كبير، أكثر محدوديّة. في الوقت نفسه، يحرص حزب الله على تفادي اندلاع اشتباكات طائفية في لبنان، كما يتجنّب الدخول في صراع مباشر.
خامساً: تؤدّي الطائفة المسيحية دوراً مهماً بصفتها عازل بين الطائفتين السنّية والشيعية؛ وجزءٌ من هذا الدور يعود إلى العامل الجغرافي. على طول الساحل، تتواجد الجماعات السنّية المسلحة بشكل رئيس في الشمال، في حين أن الجماعات المسلحة الشيعية موجودة في بيروت والجنوب. ولعل مايمنع حدوث مواجهات مباشرة بين الطائفتين هو وجود منطقة مسيحية واسعة تمتد من جنوب طرابلس مباشرة وصولاً إلى شرق بيروت. والعامل الآخر من هذا الدور سياسي، إذ يتولى مسيحيان منصبَي رئيس الجمهورية وقائد الجيش وهما موقعان يتّسمان بأهمية كبيرة في النظام اللبناني، الأمر الذي ساعد الأجهزة السياسية والأمنية للدولة على الحفاظ على موقع وسط في ظل تصاعد التوتر بين السنة والشيعة.
بالإضافة إلى ذلك، يتكشّف العديد من النزاعات السياسية بين السنّة والشيعة من خلال حليفيهما المسيحيين: سمير جعجع المتحالف مع تيار المستقبل، وميشال عون المتحالف مع حزب الله. ففي وسع جعجع وعون أن يتشاجرا علناً، بالنيابة عن حلفائهما الأقوى، القضايا السياسية الشائكة مثل سلاح حزب الله وقانون الانتخابات وتشكيل الحكومة من دون تأجيج التوتّرات بين السنّة والشيعة مباشرة.
أيضاً، وفيما يغرق نظام الأسد في مشاكله الداخلية، تمكّن الرئيس اللبناني ورئيس الوزراء من تأكيد مواقف لبنانية أكثر وطنية، وحتى توجيه نقد مباشر مبطّن إلى الرئيس الأسد وحكومته، وهو الأمر الذي لم يكن بالإمكان تصور حدوثه قبل عامين فقط. والواقع أن إضعاف نظام الأسد يمثّل فرصة تاريخية للدولة اللبنانية لاستعادة بعض استقلالها المفقود منذ زمن طويل.
المخاوف المنظورة
هناك العديد من العوامل الديناميكية في الأزمة السورية خارجة عن سيطرة لبنان. ولكن مع ذلك، ينبغي على القادة اللبنانيين والسلطات البناء على الاستقرار الذي تمكنوا من الحفاظ عليه حتى الآن.
إدارة الأزمة
في الوقت الذي تستمر فيه الأزمة السورية، ستنشغل الحكومة وقوى الأمن بمطاردة الشرر وإخماد الأزمات المتناقلة. وسيشمل هذا التعاطي مع الاشتباكات المتكرّرة بين الأحياء السنّية والعلوية في طرابلس وعكار، وإخماد الصراعات بين السنّة والشيعة حيث تندلع، ومحاولة منع حصول المزيد من الاغتيالات أو السيارات المفخخة، ومكافحة موجة عمليات الخطف والإجرام في جميع أنحاء البلاد، والسيطرة على الحدود اللبنانية بشكل أفضل لتجنّب الانجرار إلى القتال في سورية. بيد أن القدرات الأمنية للدولة تضرّرت بسبب اغتيال اللواء الحسن، الذي كان قد بنى قدرات فعّالة لجهاز مخابرات الأمن الداخلي.
والأهم من ذلك، هو أنه يجب على الحكومة أن تضع وبسرعة استراتيجية منسّقة للتعامل مع التزايد السريع في أعداد اللاجئين السوريين في لبنان. فقد أدّى تدفّق اللاجئين حتى الآن إلى توتر النسيج الاجتماعي للبلد، والذي يقترب من نقطة الانهيار؛ إذ يصل عدد المشرّدين داخلياً في سورية إلى 3 ملايين، ولبنان هو البلد الوحيد المجاور لسورية الذي لايسيطر على حدوده بشكل فعّال. وإذا ما أدّى تفاقم الدمار في سورية إلى تزايد كبير في أعداد اللاجئين السوريين في لبنان، فإن ذلك قد يقلب الوضع السياسي والأمني في البلاد تماما.
يجب على الدولة اللبنانية أن تعمل مع المفوضية العليا للاجئين وغيرها من المنظمات المعنية للاستعداد لحصول زيادة سريعة في أعداد اللاجئين، وضمان أن يقيم اللاجئون في ظروف توفّر الأمن الاجتماعي الكافي لهم ولأطفالهم – خصوصاً مع حلول فصل الشتاء – والعمل مع الأحزاب السياسية في البلد فضلاً عن مجتمعات اللاجئين للتأكد من ألا ينغمس هؤلاء في السياسة الداخلية اللبنانية. ففي الماضي، ساهمت الظروف الاجتماعية الرهيبة في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين فضلاً عن التسييس الداخلي غير المسؤول للوجود الفلسطيني في لبنان إلى انهيار لبنان في العام 1975. ويجب على لبنان أن يتعلّم من تلك الإخفاقات لتجنب حدوث معاناة إنسانية ومخاطر سياسية مماثلة في مايتعلق باللاجئين السوريين القادمين.
وينبغي على الحكومة اللبنانية التوصّل إلى مقاربة استراتيجية للتعامل مع التدفّق الحالي والمحتمل للاجئين السوريين. وقد سمحت حتى الآن لمفوضية اللاجئين ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، والمنظمات غير الحكومية بأن تأخذ زمام المبادرة، في الوقت الذي توفّر لها الدعم الاحتياطي فقط؛ إذ يتطلّب الحجم المحتمل لتدفّق اللاجئين والتداعيات الإنسانية والأمنية التي قد تترتب عليه استراتيجية أقوى من الحكومة.
الحفاظ على العملية السياسية
من المحتمل أن حكومة الرئيس ميقاتي جنبّت لبنان انزلاق أكبر نحو التداخل مع الصراع الدائر في سورية، وأن سياسة النأي بالنفس ساعدت في فتح طريق وَسَطي بين موقفَي التحالفَين الأساسيين، 8 و14 آذار. لكن حكومة الرئيس ميقاتي أصبحت مع الوقت نقطة خلاف بحدّ ذاتها، حيث أصرّ تحالف 14 آذار، وبعد اغتيال اللواء الحسن، على استقالة الحكومة قبل المباشرة بأي حوار وطني أو المضي بإتجاه انتخابات نيابية.
لاتزال حكومة ميقاتي تتمتع بأغلبية ضئيلة في البرلمان، توفّرها لها الكتلة النيابية الصغيرة للزعيم الدرزي وليد جنبلاط. ويبدو أن الأطراف الخارجية الداعمة لتحالف 14 آذار منقسمة حول هذه المسألة، إذ تفضّل المملكة العربية السعودية، على مايبدو، إسقاط حكومة ميقاتي، في حين تنصح الولايات المتحدة وأوروبا باتباع مقاربة أكثر حذراً. وقد طالب تحالف 14 آذار بتشكيل حكومة تكنوقراطية “محايدة”، واقترح البعض الآخر تشكيل حكومة وحدة وطنية. لكن يبدو أنه من الصعب تحقيق كلا الخيارين في ظل المناخ الحالي من الاستقطاب السياسي. وقد حثّ رئيس الجمهورية على إحياء جلسات الحوار الوطني التي استضافها في السابق للعمل على إيجاد أرضية مشتركة، بيد أنّ تحالف 14 آذار يرفض المشاركة فيها إلى أن يتم إسقاط حكومة الرئيس ميقاتي.
تتمثّل إحدى المهمات الرئيسة التي تواجه هذه الحكومة أو أي حكومة في المستقبل في تنظيم الانتخابات البرلمانية المقرّر إجراؤها في ربيع العام 2013. وستكون هذه أول انتخابات بعد اندلاع الثورة السورية، وستحدّد التحالف الذي يتمتّع بأغلبية في البرلمان المقبل، وسيسمّي ذلك البرلمان رئيساً جديداً للحكومة في العام 2013، وينتخب رئيس جمهورية لبنان المقبل في العام 2014.
ثمّة تحديان انتخابيان يلوحان في الأفق. الأول هو ما إذا كان سيتم إجراء الانتخابات بالفعل. فإذا ماتسببت الأحداث في سورية في حدوث أزمات أمنية وتوترات سياسية في لبنان تتجاوز ماحدث حتى الآن، فقد لاتتمكن الحكومة من تنظيم الانتخابات. وبالإضافة إلى ذلك، إذا كان هذا الطرف أو ذاك يعتقد أن التحالف الذي يقوده سيخسر الانتخابات، فقد يستخدم نفوذه لتأجيلها. مايبعث على القلق هو أنه إذا كانت أي جماعة رئيسة تدفع في هذا الاتجاه، فقد تجد العديد من السياسيين والنواب مستعدين للتعاون معها. إذ، في هذه الحالة، سيمدّد النواب ولايتهم (كما فعلوا مرات عديدة خلال الحرب الأهلية اللبنانية 1975-1990)، ويستمر رئيس الوزراء والحكومة في ممارسة سلطتهما، وتُمدَّد على الأرجح ولاية رئيس الجمهورية كما تم تمديد ولاية سلفَيه.
يتمثّل التحدّي الثاني في صياغة قانون جديد للانتخابات. فقد أوضحت العديد من الأحزاب موقفها ممّا يُسَمّى قانون انتخابات العام 1960 المُرتَكِز على اعتماد الأقضية دوائر انتخابية، والذي كان أساساً لانتخابات العام 2009، ولكن ليس هناك حتى اليوم اتفاق على قانون يحلّ محلّه. اقترحت الحكومة، ومن خلفها تحالف الثامن من آذار، نظام الانتخابات النسبي الذي يتكون من ثلاث عشرة دائرة انتخابية، فيما اقترح تحالف 14 آذار نظاماً أكثرياً مكوّناً من حوالى 50 دائرة انتخابية صغيرة، ويختلف المقترحان اختلافاً كبيراً عن قانون العام 1960، ومن شأنهما خلق برلمانات ذات تكوينات سياسية وحزبية مختلفة. ويمكن في نهاية المطاف استخدام الخلاف العالق حول قانون الانتخابات ذريعة لتأجيل الانتخابات.
من هذا المنطلق، يتعيّن على لبنان تشكيل إما حكومة وحدة وطنية جديدة تشمل مشاركة سنّية أكثر تأثيراً وتمثيلاً من أجل نزع فتيل شعور الطائفة السنّية الخطير بالتهميش، وإما حكومة تكنوقراطية أكثر حياداً لايُنظَر إليها على أنها تعطي أفضلية لأي من الجانبين. كما ينبغي أن يجري التوصّل بسرعة إلى اتفاق على قانون جديد للانتخابات وإجراء انتخابات حرة ونزيهة في الربيع. هذا من شأنه أن يطمئن جميع اللبنانيين، وكذلك أصدقاء لبنان، بأنه على الرغم من الأزمة في الجوار، فإن لبنان قادر على الحفاظ على مؤسساته السياسية الديموقراطية وتجديدها.
تعزيز الدولة
يوفّر تراجع قوة نظام الأسد فرصة للبنان لاستعادة بعض سيادته المفقودة وفرض المزيد من أمن الدولة. في الواقع، أظهرت عملية اعتقال الوزير السابق ميشال سماحة أن لدى قوى الأمن الداخلي قدرة وشجاعة جديدتين. وقد تمكّن مسؤولون لبنانيون، بمن فيهم رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء للمرة الأولى خلال أكثر من عقدين، من الإدلاء بتصريحات تنتقد دمشق صراحة. وربما كان اغتيال اللواء حسن تحذيراً من دمشق إلى المسؤولين اللبنانيين من مغبّة تضخيم ضعف سورية والتقليل من شأن قدرتها الدائمة. ومع ذلك، ينبغي على لبنان تعزيز قدرات الجيش وقوى الأمن الداخلي وسائر الأجهزة الأمنية، حتى لو تعرّضت إلى تهديدات مباشرة.
وفي الوقت نفسه، تحتاج الحكومة إلى مراجعة خططها المالية والاقتصادية لدعم اقتصاد لبناني معزول عن الداخل السوري ويعاني من تداعيات الصراع فيه. وهذا يعني اقتصاداً يفتقر إلى وجود طرق التصدير البرية، ويعاني من تراجع القطاع السياحي، ويتحمّل أعباء أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين. وينبغي أن تهتم بشكل خاص بالاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية الملحّة لمدينة طرابلس والشمال، الذي خلق بيئة مؤاتية للتطرّف والعنف.
المخاوف على المدى الطويل
في حين قد يتمكّن القادة اللبنانيون من إدارة التحدّيات المباشرة في الأشهر القليلة المقبلة، قد يواجه لبنان تحدّيات أكثر حجماً وتنوّعاً، إذا ماقُدّر للأزمة السورية أن تستمر بعد لفترة طويلة، واعتماداً على نتائجها النهائية.
التعامل مع نتائج الأزمة السورية
ثمّة مخاوف جديّة تتعلق بكيفية تعاطي لبنان مع السيناريوات المختلفة لتطوّر الصراع السوري وانتهائه. فكل نتيجة تجلب معها مجموعة من المخاوف الخاصة. السيناريو الأكثر تفاؤلاً بالنسبة إلى لبنان يتمثّل في التوصل إلى تسوية للصراع عن طريق المفاوضات وبدء عملية انتقالية موجهة وهادفة تتضمّن رحيل الرئيس الأسد، وتشكيل حكومة انتقالية تتكون من شخصيات من النظام والمعارضة. هذا، إذا حصل، من شأنه أن ينهي الصراع الأساسي ويمضي بسورية قدماً نحو الإصلاح السياسي من دون أن يؤثّر بشدة على التوازنات السياسية الدقيقة في لبنان.
ومع ذلك، فإن مايبدو مرجحاً في الوقت الحالي، هو حرب أهلية طويلة. ربما يتمكّن النظام من الاحتفاظ بسيطرته على دمشق فضلاً عن شمال غرب البلاد، حتى لو فقد شيئاً من السيطرة على حلب وبعض المدن والمناطق الشمالية والشرقية. سيكون حزب الله ضرورياً للحفاظ على طرق الإمداد إلى دمشق وتوفير طريق بري من خلال سهل البقاع الذي يربط دمشق وشمال غرب سورية. ربما أمكن للبنان أن ينجو من ارتدادات هذا السيناريو من خلال إدارة منسَّقة للصراع الداخلي. ولكن إذا أسفرت الحرب الأهلية السورية عن تدفق أعداد أكبر من اللاجئين إلى لبنان، فالتوازن الحالي الدقيق قد ينهار.
في الوقت الحالي، يبدو تحقيق نصر مطلق لأي من طرفي الصراع السوري بعيد المنال، ولكن من شأن ذلك أن يخلق حقائق جديدة وصعبة بالنسبة إلى لبنان. وإذا ماتمكّن نظام الأسد بوسيلة ما من الصمود في وجه الثورة وإضعافها تدريجياً – والتاريخ لايخلو من المفاجآت – فمن المرجح أن تجري تصفية للحسابات في لبنان. سيشعر النظام بأنه قد انتصر، وربما ينتقل إلى معاقبة معارضيه وتأكيد هيمنته الكاملة في لبنان جنباً إلى جنب مع حزب الله. فحتى في الأوقات الطبيعية، تعرّضت الفصائل المناهضة لسورية في لبنان إلى عمليات اغتيال وتخريب، بيد أن تصفية الحساب من جانب نظام سوري جريح لكن عائد بقوة يمكن أن تكون أكثر فظاعة.
بدلاً من ذلك، إذا تمكّن الثوار، بعد فترة طويلة من القتال، من إسقاط النظام في النهاية، فالكثير سيعتمد على تركيبة فصائل الثوار وتوجّهاتها في تلك المرحلة. فإذا ماتمكّنوا من تنظيم أنفسهم في جبهة وطنية موحّدة تطوّق الجماعات المتطرّفة، وتركّز بشكل واضح على العملية الانتقالية والإصلاح في سورية، فعندئذ لاينبغي أن يتسبّب انتقال السلطة بحدوث عدم استقرار كبير في لبنان. أما إذا هيمنت العناصر المتشدّدة المتأثرة بتنظيم القاعدة في الانتفاضة السورية في نهاية المطاف، وقادت الجهود الرامية إلى إسقاط النظام، ففي وسع هذه العناصر – كما قال العديد من قادتهم – نقل المعركة إلى لبنان. ولن يكون سقوط نظام دمشق الذي يهيمن عليه العلويون والمتحالف مع إيران إلا مقدمة، وسيشجع تلك العناصر على ملاحقة حزب الله الشيعي المدعوم من إيران في لبنان. وعندها سيكون لبنان عرضة إلى خطر السقوط في حرب أهلية جديدة ومدمّرة.
مايلوح في أفق هذه المخاوف المتوسطة وطويلة الأجل، هو أنه بينما يضعف نظام الأسد ويصبح حزب الله أكثر انكشافاً من الناحية الاستراتيجية، وتستمر الأزمة بين إسرائيل وإيران، فقد تشنّ إسرائيل في مرحلة ما حرباً جديدة ضد حزب الله. يبدو المنطق الكامن وراء هذه المخاوف منذراً بالسوء. فلا يزال حزب الله حليفاً أساسياً وقوة ردع لإيران ضدّ إسرائيل إذا مافكرت الأخيرة (أو حتى الولايات المتحدة) بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية. وقد تستنتج إسرائيل أن سورية لم تعد قادرة على تسهيل عملية إعادة تسليح حزب الله كما حصل بعد حرب 2006. وربما تستنتج إسرائيل أيضاً أن الاستعدادات التي قامت بها منذ حرب العام 2006 وأنظمة الدفاع الصاروخي الخاصة بها، والتي جرّبتها في حرب غزة الأخيرة، قد تجعل كسب مثل هذه الحرب ضد حزب الله في نهاية المطاف أمراً ممكناً ومقبولاً من حيث التكاليف. فحرب العام 2006 بين إسرائيل وحزب الله أدّت إلى حالة من الردع المتبادل والهدوء على طول حدود البلدين، ويمكن لسقوط نظام الأسد أن يدخل في المعادلة حسابات جديدة قد تقلب هذا التوازن.
التأثير على التحالفات وصيغ الحكم
على المدى الطويل، سيكون لنتيجة الصراع السوري تأثير على التحالفات داخل لبنان، وربما تؤثّر على المواقف بشأن الترتيبات الأساسية للحكم. فقد وُلد تحالف قوى 14 آذار معارضاً لنظام الأسد قبل سبع سنوات، وإذا ماسقط نظام الأسد، فما الذي سيبقي أعضاء التحالف متماسكين؟ وإذا ظهر في دمشق مابعد الأسد نظام ذو مظهر سنّي معتدل، فقد تجدّد الأحزاب المسيحية والدرزية تحالفها مع الأحزاب ذات الأغلبية السنية في لبنان بهدف الاستفادة من الرياح المواتية الآتية من دمشق. أما إذا انتهى الأمر بوقوع دمشق تحت سيطرة العناصر الجهادية المتطرفة، واذا أدّى ذلك إلى صعود تيارات سنّية متطرّفة في لبنان، فقد يتخوّف المسيحيون والدروز من هذا الصعود، وربما يفكّرون بالتقارب مع الأحزاب الشيعية.
وبالمثل، يمكن أن تؤثر نتائج الصراع في دمشق على تحالف 8 آذار المؤيّد لسورية. فقد انضم العديد من الأفرقاء إلى هذا التحالف لأنهم افترضوا، بناءً على معطياتٍ كانت موجودة في الماضي، أن نظام الأسد وحزب الله أكثر اللاعبين قوة في لبنان. وإذا سقط نظام الأسد، فستشعر العديد من هذه الأطراف بالتيتّم، لكنها ستظل تعتمد على حزب الله. وما لم تنشب حرب أخرى بين إسرائيل وحزب الله، سيظل حزب الله أقوى لاعب في لبنان في المستقبل القريب، ويمكنه الحفاظ على تحالف محلي قوي.
من جهة أخرى، قد يثير تغيير السلطة في دمشق المصحوب بتغيير دستوري عميق، قضايا التغيير الدستوري في لبنان أيضاً. وبوجه خاص، إذا شعر حزب الله أن عودة سلطة سنّية في دمشق يقطع الطريق أمام استمرار دوره الاستراتيجي، فقد يقترح دمج سلاحه بصورة تدريجية مع الدولة في مقابل إعادة التفاوض على اتفاق الطائف – اتفاق تقاسم السلطة في العام 1989 الذي ساعد في إنهاء الحرب الأهلية اللبنانية الطويلة – وتأمين حصة أكبر للطائفة الشيعية في البرلمان والسلطة التنفيذية. ربما تشمل إعادة التفاوض مطالب باستبدال نسبة 50 في المئة للمسيحيين ومثلها للمسلمين في البرلمان والحكومة بأخرى يحصل فيها كل من المسيحيين والسنة والشيعة على ثلث المقاعد. وربما تشمل المطالب التناوب على منصب رئيس الوزراء بين السنّة والشيعة، أو بعض الترتيبات البديلة لمنح الشيعة حصة أكبر في السلطة التنفيذية. وقد يؤدّي تفكيك اتفاق الطائف، والذي كان في حد ذاته نتيجة لسنوات عديدة ومؤلمة من الحرب الأهلية والمفاوضات المتقطّعة، إلى انهيار الوضع السياسي الراهن في لبنان وإلى فترة جديدة من الاضطرابات وعدم الاستقرار.
دور الأطراف الدولية
يتعيّن على المجتمع الدولي القيام بدور في تعزيز الاستقرار في لبنان. وتتمثّل أفضل وسيلة للأطراف الفاعلة الإقليمية والدولية لمساعدة لبنان، في المساعدة في حل أو نزع فتيل الصراع السوري. غير ذلك، اتبع العديد من اللاعبين الخارجيين – أنصار تحالفَي 8 و14 آذار – بالفعل سياسة تقوم على تشجيع الاستقرار في لبنان وإبقاء هذا البلد على مسافة من الصراع الدائر في الجوار. وكانت هذه المقاربة حكيمة ومفيدة.
ينبغي على دول الخليج، التي شجّع بعضها أو سمح بتمويل وتسليح الجماعات المتطرفة في شمال لبنان في دعم مباشر للمتمردين السوريين، أن تعيد النظر في سياساتها لجهة أنها تفضي إلى جرّ لبنان نفسه إلى صراع داخلي. ويجب على إيران، التي شجعت أو نسّقت مع حزب الله لإرسال بعض المقاتلين إلى سورية، أن تأخذ بعين الاعتبار أن هذه السياسة يمكن أن تؤدي أيضاً إلى صراع داخلي في لبنان.
بغضّ النظر عن نتائج الانتخابات النيابية في الربيع المقبل – وعلى افتراض أنها ستتم – على الأطراف الخارجية التي تدعم كلا الطرفين المؤيد لسورية والمناهض لها في لبنان الدفع باتجاه تشكيل حكومة تضمّ الأفرقاء كافة بعد الانتخابات. فلبنان يحتاج إلى الاستمرار في أن يُحكم بعناية فائقة وفي ظلّ مشاركة واسعة في السلطة والحوار بين الطوائف والأحزاب الرئيسة. فلا فائدة من استخدام صيغة الغالب والمغلوب في حكم لبنان، ولاسيما في هذه المرحلة الدقيقة.
تمثّل الفترة الحالية أيضاً فرصة لأصدقاء لبنان لتعزيز دعمهم للأجهزة الأمنية اللبنانية. فهذا ضروري لهذه الأجهزة لإدارة الحدود والوضع الأمني الداخلي، والاثنان يشكّلان تحدياً متزايداً، كما أنّه يشكّل إشارةً إلى دعم محاولات الدولة لاستعادة أجزاء من سيادتها المفقودة منذ فترة طويلة.
ستكون قوة وصدقيّة أجهزة الدولة الأمنية مهمة أيضاً على المدى الطويل في التفاوض على العلاقة مع حزب الله. وقد اقترح رئيس الجمهورية صيغة تسمح لحزب الله بالاحتفاظ بسلاحه ولكنها تقتضي أن يكون قرار استخدام هذه الأسلحة في الحرب بيد الدولة. وجادل حزب الله بأنه لايمكنه التنازل عن أي من مهامه الأمنية ما لم تُعزَّز القدرات الأمنية للدولة بشكل كبير وإثبات فعّاليتها.
يتعيّن على المجتمع الدولي أيضاً الاستجابة بسرعة وفعالية للنداءات التي توجهها الحكومة اللبناينة والمفوضية العليا للاجئين ويونيسيف وغيرها من الوكالات للحصول على الأموال بهدف التعاطي مع تدفق اللاجئين السوريين. وما لم تُلَبّى الاحتياجات الإنسانية للاجئين وأسرهم، لن تقتصر التداعيات على المستوى الإنساني وحده، بل يمكن أن تؤثر أيضاً على الأمن الداخلي في لبنان؛ إذ سيكون اللاجئون اليائسون أهدافاً سهلة للتجنيد من جانب الجماعات المتطرفة، ويمكن أن يُستغَلّوا لنقل الصراع السوري إلى لبنان.
وبينما يدخل لبنان في السنة الثالثة من الصراع السوري، فإنه أشبه بزورق لايزال عائماً ولكن تتقاذفه الأمواج ويبقى معرّضاً إلى الغرق في أي وقت. صحيح أن لبنان نجا من العاصفة حتى الآن، لكنه يواجه تحدّيات خطيرة في المستقبل. ولذا يتعيّن على قادة لبنان، وكذلك أصدقائه في جميع أنحاء العالم، الاستمرار في تشجيع إبعاد لبنان عن الصراع السوري، وتجنّب استخدام السياسة أو الأمن اللبناني كإسفين أو ساحة لخوض حروب أخرى.
نبذة عن الكاتب
بول سالم هو مدير مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت، لبنان. تتناول أبحاثه ومنشوراته العلاقات الإقليمية والدولية للشرق الأوسط، إضافة إلى قضايا التطور السياسي والدمقرطة في العالم العربي. وضع عدداً من الكتب والمقالات في شؤون الشرق الأوسط، فضلاً عن دراسات لمؤسسة كارنيغي، منها “تحديات العملية الانتقالية في ليبيا”، و”بناء التعاون في الجزء الشرقي من منطقة الشرق الأوسط”، و”الدولة العربية: هل تمكّن التنمية أم تعرقلها؟”. ويكتب سالم بانتظام مقالات في الصحف العربية والعالمية، وهو غالباً مايشارك في مقابلات تلفزيونية وإذاعية.
Executive magazine, no. 159, October 2012, passim.
على سبيل المثال، ذكرت صحيفة محلية أن قطر كانت تدفع رواتب شهرية لعدد من المسؤولين الدينيين في شمال لبنان، إضافة إلى تمويل محطة إذاعية إسلامية سلفية هناك. صحيفة الأخبار، 8 تشرين الأول/أكتوبر، 2012.
أنظر على سبيل المثال: “Syrian Rebels Warn to Take Battle to Hezbollah Stronghold,” NOW Lebanon, October 9, 2012, http://goo.gl/hgu2M
معتقل يكشف “جحيم” المخابرات الجوية بسوريا
حسين جلعاد-ريف حلب
ترتعد الفرائص بسوريا حين تذكر المخابرات الجوية، فهو الجهاز “الأشد بطشا” بين أجهزة استخبارات نظام الرئيس بشار الأسد وقبله نظام أبيه حافظ الأسد. هنا قصة شاب لم يشارك بالثورة، ومع ذلك دخل “جحيم الرعب”، وهنأه الناس بولادته من جديد بعد خروجه من المعتقل.
حامد الشيخ شاب في نهاية العشرينيات من عمره، ينظر إليك بعينين حمراوين من آثار التعذيب، رغم مرور أسابيع على خروجه من فرع المخابرات الجوية في مدينة حلب. وهو صانع حلوى في واحد من أشهر متاجر المدينة.
يقول الشيخ إن مأساته بدأت يوم 17 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حيث تم اعتقاله من بيته بحي السبيل بحلب قرابة منتصف الليل، وشارك في الاعتقال قوة من 70 عسكريا مدججين بالسلاح من بينها بنادق رشاشة ودوشكا.
كسر العسكر الباب دون استئذان وهجموا على غرفة النوم ثم اقتادوا حامد وزوجته وطفلته (7 أشهر) وأخاه الصغير (14عاما) وطفلا آخر بنفس العمر، وهذان الأخيران يعملان مع حامد في محل الحلويات ويعيشان في البناية.
لست ثائرا
يقول حامد إنه لم يشارك بالثورة ضد نظام الأسد لا من قريب ولا من بعيد، فهو يعمل في متجر مشهور ووقته لا يسمح له بمغادرة عمله مطلقا، علاوة على أنه كان يتحفظ على نشاطات المتظاهرين ومن بعدها عمليات الجيش الحر، رغم أن أهله وأقرباءه يشاركون في الثورة.
ويبرر حامد هذا الاعتقال بسبب كونه ينتمي إلى قرية بيانون بريف حلب التي خرجت ضد النظام، وأن وشاية كشفت عن اسم قريته الأصلية تسببت في اعتقاله.
في تلك الليلة سحبه العسكر إلى الشارع عاريا إلا من ملابسه الداخلية بعد أن أخذوا المال والذهب الموجود في الخزائن، ثم أوقفوه في الشارع العام وبدؤوا يضربونه أمام زوجته والناس، ويؤكد أن العساكر السبعين تناوبوا عليه بالركل والصفع، ثم شرع جزء منهم بدق رأسه بكعوب البنادق، بل إن خمسة من الجنود ضربوه على رأسه بالسكاكين وحراب البنادق.
كل ذلك وسط سباب وشتائم تتعلق بالعرض والشرف وأخرى تطال الذات الإلهية والدين. وبدأ التحقيق معه في السيارة.
قتل الطفلة
حين وصلت القوة إلى فرع المخابرات الجوية، استكمل التحقيق والتعذيب. يقول حامد “أمسك أحد المحققين بطفلتي ووضع السكين على رقبتها، ثم طلبوا مني الاعتراف بتسليم وقتل عناصر من الشبيحة، فقلت لهم سأعترف بما تريدون ولكن أطلقوا سراح زوجتي وطفلتي والولدين الذين يعملان لدي”.
تم إخلاء الزوجة بعد ذلك والأطفال بعد التحقيق معهم إثر تدخل من أهل الزوجة، حيث اتصل الصهر بضابط كبير في الفرع ورشاه بمبلغ كبير من المال.
يقول حامد إن “جحيم الرعب” بعد ذلك فتح على رأسه، حيث شرع المحققون يدقون رأسه ببلاط الغرفة، ويضيف “كانوا يحققون معي وهم يحتسون الخمر ويدخنون، وحين يفرغون من سجائرهم يطفئونها في جسدي، ثم قام المحقق ووضع أصابعه في عينيّ وشد رأسي إلى الخلف، حتى سال من عيني الدم وسائل أبيض”.
ثم جرى نقله بعد ذلك إلى غرفة أخرى، وتولى التحقيق ضباط آخرون، استقبلوه بالفلقة، والركل ودق الرأس بالأرض. ويتابع “الضرب تسبب لي بنزيف في الفم والأنف، كان المحقق يضربني بأخمص مسدسه على فمي، كما استخدم السكاكين بالضرب على الرأس”.
ومما يورد حامد في سير التحقيق قوله “سألوني: من قتل رفيق الحريري؟، فقلت: أبي. وسألوني: من فجر برجي التجارة في نيويورك، فقلت: أنا وأمي. سألني عن صلاتي، وهل أصلي الجمعة، ثم بدأ أحد المحققين بقراءة آيات من القرآن بشكل استفزازي. كان يستهزئ بالآيات ويفسر القرآن بطريقة مهينة”.
كان التحقيق يجري والسجين معصوب العينين ومقيدا للخلف بشدة، وقد ترك أربعة أيام بلا طعام، وسجي في أحد الممرات يتلقى الضرب والرفس من جميع العساكر العابرين في المبنى. وقد نام حامد عاريا على البلاط طوال أيام اعتقاله.
وحين نقل أخيرا إلى الزنزانة حُشر مع 67 شخصا في غرفة مساحتها 20 مترا مربعا، كان المعتقلون يتناوبون الوقوف والجلوس فيها بسبب ضيق المكان ويتفاهمون بالإشارة، لأنه إذا أصدر أحد صوتا، فسوف يسحب المساجين إلى الخارج ويعاقبون جميعا.
التعذيب بالزيت
ومما يروي حامد من قصص المعتقلين حكاية سائق تاكسي أوقعه حظه العاثر في اشتباك بين الجيشين الحر والنظامي، فأصيب، وبعد أن عولج ذهب إلى بيته، وطلب من زميل له أن يحضر أوراقه الثبوتية من المستشفى، فجرى اعتقالهما الاثنين في فرع المخابرات الجوية.
لم يكن يسمح للمعتقلين بالذهاب إلى دورة المياه إلا مرة واحدة كل 12 ساعة، مما كان يتسبب لهذا السائق بمزيد من التعذيب، فهو يبول على نفسه بمعدل مرة في الساعة بسبب إصابته بالسكري، مما يعرضه للضرب من قبل الحرس كل مرة يفعلها.
ومن أوجع القصص التي يرويها المعتقل حامد، قصة أربعة مواطنين اعتقلوا في سيارة عمومية حين وجد جنود بحاجز عسكري قرب المطار مع راكب شاب علم الثورة، فسحب إلى المعتقل جميع الركاب بمن فيهم السائق.
أحضر السائق بعد وجبة الضرب المعتادة، وتم تمديده عاريا على الأرض، ثم صرخ الضابط المحقق بمساعده الرقيب أن يغلي الزيت.
يقول حامد “كنت ممددا قرب السائق وأنا مغمض العينين، لم أصدق ما قاله الضابط، معقول أن يصب الزيت المغلي على أحد؟ أقنعت نفسي أن المحقق يخوف السائق ليجبره على الاعتراف، لكن حين تأخر الرقيب صرخ الضابط مجددا بألفاظ مسبة للذات الإلهية”.
ويضيف “سمعته يصب الزيت في إبريق، صوت الزيت المغلي مخيف. سمعت صرخة مخيفة، كنت أميز تماما صوت احتراق جلد السائق. سمعنا صوت الزيت وهو يدلق على الجسد، كان صراخا اهتزت له السماء”.
بعد ذلك أمر الضابط مساعده أن يحضر المنشار الكهربائي، “وفعلا شغل المنشار بصوته المرعب، وكنا نسمع السائق وهو يصرخ”.
الصلاة الأخيرة
وممن عرفهم حامد داخل الزنزانة رجل كبير تجاوز الثمانين من العمر، تهمته أنه من سكان حي صلاح الدين الثائر ضد النظام، وقد أوصاه أحد المعتقلين همسا “احفظ لسانك، بيننا جواسيس”.
أما أغرب القصص التي لا تخطر ببال أحد، فهي قصة “الكاستيللو” وهو مطعم مشهور بحلب، ويقع قرب منطقة حرجية، وقد تراكمت نفايات كثيرة داخل الحرج، حتى صار مكبا للنفايات.
يقول حامد “يفتح الضابط باب الزنزانة بين الحين والآخر، وينادي: يا فلان جهز نفسك للكاستيللو… وحين يسمع السجين ذلك، يقوم إلى الصلاة، ويؤدي صلاته الأخيرة، لأنه يعرف حينها أنه ذاهب إلى الإعدام الميداني. هناك يقتل ويرمى في الزبالة”.
ويؤكد حامد أن خمسة إلى عشرة أشخاص يقتلون يوميا بهذه الطريقة، وأن قرية بلرمون قرب حلب “يسمعون كل يوم أصوات السجناء الذين يحرقون وهم أحياء حتى الموت. شيء يفوق التصور”.
يذكر أن حامد خرج من المعتقل بتبادل بين الجيش الحر وقوات الجيش النظامي، فقد أفرج الثوار عن عقيد ومساعده مقابل الإفراج عن حامد، وقد قاد عملية التفاوض مع المخابرات الحربية أحد مقاتلي لواء التوحيد وهو الأخ الشقيق لحامد.
بعد أيام من الإفراج عن حامد الشيخ، قصفت طائرات النظام بناية بمحاذاة مستشفى الشفاء بحي الشعار، وذهب ضحية الحادث 35 شخصا بينهم أطفال ونساء، وممن قتل أيضا 11 مقاتلا من لواء التوحيد بينهم محمد قائد عملية الإفراج.