أردوغان في النفق
سميح صعب
فيمَ كان يفكر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان عندما قرر الانقلاب على علاقاته مع الرئيس السوري بشار الاسد والمطالبة بتنحيته؟ ربما وجب توجيه هذا السؤال الى وزير خارجيته أحمد داود أوغلو بصفته مهندس السياسة الخارجية لحكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم منذ عام 2002. ذلك انه ثبت ان تطورات الاحداث في سوريا لا تمت الى ما سمي زوراً “الربيع العربي” أو “ثورة” أو حتى “انتفاضة” كما يرد في ادبيات الكثير من السياسيين والمحللين والمثقفين العرب. فماذا يربط ما يقوم به “الجهاديون” القادمون من انحاء مختلفة من العالم عبر تركيا وغيرها من دول الجوار مع سوريا، بعملية الاصلاح في سوريا ونقلها الى بلد تعددي ديموقراطي؟
لعل داود أوغلو هو الذي اقنع أردوغان بأن النظام السوري لن يستطيع الصمود أمام الضغط الداخلي والعربي والاقليمي والدولي وانه سرعان ما سينهار على الطريقة التونسية أو المصرية أو الليبية أو في اسوأ الاحوال على الطريقة اليمنية.
ولم يكن يدور في خلد المسؤولين الاتراك انه بعد سنة ونصف سنة من الازمة السورية، ستكون المناطق الحدودية التركية مرتعاً للمقاتلين القادمين أو المستقدمين من كل انحاء العالم، وان احدا لن يبدي حماسة لفكرة المنطقة العازلة التي قال داود أوغلو إن بلاده ستجد نفسها مضطرة الى اقامتها داخل الاراضي السورية اذا ما وصل عدد اللاجئين السوريين على الاراضي التركية الى 15 الفاً.
وعدد اللاجئين السوريين في تركيا الان يفوق 80 الفاً وثمة استعدادات لاستيعاب 130 الفاً. وهناك تظاهرات للاتراك المقامة على أرضهم مخيمات اللجوء ترفض وجود مسلحين اجانب على اراضيهم. واستطلاعات الرأي تظهر ان شعبية أردوغان وحزبه في تدن مستمر نتيجة السياسة التي انتهجها حيال سوريا. وللتذكير فإن شعبية أردوغان كانت في تصاعد يوم قطع علاقاته مع اسرائيل بعد مهاجمة البحرية الاسرائيلية السفينة التركية “مافي مرمرة” التي كانت تقود “اسطول الحرية” لفك الحصار الاقتصادي عن قطاع غزة.
ولم يكن في وسع أحمد أوغلو في جلسة مجلس الامن على المستوى الوزاري في 30 آب الماضي، ان يقنع حتى فرنسا وبريطانيا بدعمه في المطالبة باقامة المنطقة العازلة داخل سوريا، فوجد نفسه وحيداً في هذا المطلب الذي يعلم ان تركيا وحدها لا تستطيع ان تنفذه وعاد الى بلاده يجر اذيال الخيبة من عدم الاستجابة الغربية له.
واذا اضيفت الى هذا المشهد، الحرب المتجددة مع “حزب العمال الكردستاني”، يصير أردوغان محاصراً بطوق من الازمات التي لا تقل خطورة عن تلك التي تواجه سوريا.
وبعد ذلك لا يفيد عتب أردوغان على الولايات المتحدة لانها لم تطلق أي مبادرة حيال سوريا ربما في انتظار الانتخابات الرئاسية الاميركية.
النهار